المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر محمود سامي البارودي ... شاعر الثورة العرابية و فارس السيف والقلم .



احسـاس انثى
24/08/2012, 12:15 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345799577.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345799577.png)

احسـاس انثى
24/08/2012, 01:04 PM
(http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345801684.png)







http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345801684.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345801684.png)


(http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345801684.png)



نشأته :
ولد في27 رجب (http://go.3roos.com/yst02fhfs9u)1255 هـ (http://go.3roos.com/benfoiuggt8) / 6 أكتوبر (http://go.3roos.com/p2ivyzvxalh)1839 (http://go.3roos.com/tkkb5pt3m8j)م في دمنهور (http://go.3roos.com/8etdy8zpthb)البحيره (http://go.3roos.com/zdalag5upjl) لأبوين من أصل شركسي (http://go.3roos.com/bhmd5bdfia3) من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخيبرسباي). وكان أجداده ملتزمي إقطاعية إيتاي البارود (http://go.3roos.com/sn9kkzwhlyw) بمحافظة البحيرة (http://go.3roos.com/lax6gukq7xx) ويجمع الضرائب من أهلها. يعتبر البارودي رائد الشعر العربي الحديث الذي جدّد في القصيدة العربية شكلاً ومضموناً.
نشأ البارودي في أسرة على شيء من الثراء والسلطان، وكان أبوه حسن حسين بك البارودي من أمراء المدفعية ثم صار مديرا لـ (بربر) و (دنقلة) في عهد محمد علي باشا والي مصر وماتهناك وكان محمود سامي حينئذ في السابعة من عمره. ، وكان جده لأبيه عبد الله بك الجرسكي كشافا في عهد محمد علي مأمورا وكان أحد أجداد الشاعر مراد بن يوسف شاويش ملتزما في العصر العثماني لبلدة (آيتاي البارود) إحدى بلاد محافظة البحيرة ، ومن ثم لقب البارودي نسبة إليها وحمل أبناؤه هذا اللقب .
وكان أجداده يرقون بنسبهم إلى المماليك حكام مصر وكان الشاعر شديد الاعتزاز بهذا النسب في شعره وفي كل أعماله ، الذي كان له فيه اثر قوي في جميع أدوار حياته وفي المصير الذي انتهى أليه .

دراسته :
تلقى البارودي دروسه الأولى فتعلم القراءةوالكتابة، وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ النحو والصرف، ودرس شيئا من الفقه والتاريخ والحساب، حتى أتم دراسته الابتدائية عام1267 هـ (http://go.3roos.com/m3kqikuakm0)/ 1851محيث (http://go.3roos.com/5bigvgheic7)في هذة المرحلة لم يكن سوى مدرسة واحدة لتدريسالرحلة الابتدائية وهى مدرسة المبتديان وكانت خاصة بالأسر المرموقة وأولاد الأكابرومع انه كان من اسرة مرموقة فان والدته قد جلبت له المعلمين لتعليمه في البيت. ثمانضم وهو في الثانية عشرة من عمره بالمدرسة الحربية سنة1268 هـ (http://go.3roos.com/sigm6sqh640) / 1852م (http://go.3roos.com/wldj2qqekww)، فالتحق بالمرحلة التجهيزية من المدرسة الحربية المفروزة وانتظم فيها يدرس فنون الحرب، وعلوم الدين (http://go.3roos.com/udiuqoibnoj) واللغة (http://go.3roos.com/WveM2TV6gog) والحساب (http://go.3roos.com/rvt3h7ot6j9) والجبر (http://go.3roos.com/qpt00aubidw)، بدأ يظهرشغفًا بالشعر العربي وشعرائه الفحول، حتى تخرج من المدرسة المفروزة عام1855 (http://go.3roos.com/p3r9ibfnnw0)م برتبة "باشجاويش" ولم يستطع استكمال دراستهالعليا، والتحق بالجيش السلطاني

حياته العملية:
العمل بالخارجيه :
عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية (http://go.3roos.com/josg5pnpn56) وسافر إلى الأستانة (http://go.3roos.com/jg6k2isghk9) عام1857م (http://go.3roos.com/zvgd274ohdf)، وتمكن في أثناء إقامته هناك من إتقان التركية (http://go.3roos.com/2jlgw2t504m) والفارسية (http://go.3roos.com/gpdo0j0jhb6) ومطالعة آدابهما، وحفظ كثيرًا من أشعارهما، وأعانته إجادته للغة التركية (http://go.3roos.com/ze0v9zfn67w) والفارسية (http://go.3roos.com/hcv993j3ept) على الالتحاق بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية وظل هناك نحو سبع سنوات1857 (http://go.3roos.com/zvgd274ohdf)-1863 (http://go.3roos.com/hhs4gfmhmcx). ولما سافرالخديوي إسماعيل (http://go.3roos.com/la9bgl8okqr) إلى العاصمةالعثمانية بعد توليه العرش ليقدم آيات الشكر للخلافة، ألحق البارودي بحاشيته، فعاد إلى مصر في فبراير (http://go.3roos.com/ijrekulfaxq)1863م (http://go.3roos.com/hhs4gfmhmcx)، عينه الخديوي إسماعيل (http://go.3roos.com/la9bgl8okqr) معيناً لأحمد خيري باشا (http://go.3roos.com/82pybtgqezx)على إدارة المكاتبات بين مصروالأستانة (http://go.3roos.com/jg6k2isghk9).

العودة للعسكرية :
ضاق البارودي برتابة العمل الديواني وحنّ إلى حياة الجندية، فنجح في يوليو (http://go.3roos.com/0tge7zrlofl)عام1863م (http://go.3roos.com/hhs4gfmhmcx) بالانتقال من معية الخديوي إلى الجيش (http://go.3roos.com/mh5bqjl8dix) برتبة بكباشي (http://go.3roos.com/6kb34sisshc) ، وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي وعين قائد الكتيبتين (http://go.3roos.com/zylpswgxk76) من فرسانه، وأثبت كفاءة عالية في عمله. في أثناء ذلك اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (1282 هـ (http://go.3roos.com/r8x2iug5vbq) / 1865م (http://go.3roos.com/04jrn3nvhpw)) لمساندة الجيش العثماني في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة كريت (http://go.3roos.com/shfrof3kbjt)، واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أبلى البارودي بلاء حسنًا .
بعد عودة البارودي من حرب كريت (http://go.3roos.com/bme06k8827c) تم نقله إلى المعية الخديوية ياور (http://go.3roos.com/mo4re2btnt2) خاصًا للخديوي إسماعيل، وقد ظل في هذا المنصب ثمانية أعوام ، ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد "توفيق بن إسماعيل (http://go.3roos.com/6nrafen3xpq)" في (ربيع الآخر (http://go.3roos.com/4omplvtha79)1290 هـ (http://go.3roos.com/4zot29jwcem) = يونيو (http://go.3roos.com/tfsbswykp5y)1873م (http://go.3roos.com/ekmz58dc6if))، ومكث في منصبه سنتين ونصف السنة، عاد بعدها إلى معية الخديوي إسماعيل كاتبًا لسره (سكرتيرًا)، ثم ترك منصبه في القصر وعاد إلى الجيش.
ولما استنجدت الدولة العثمانية بمصر في حربها ضد روسيا ورومانيا وبلغاريا والصرب، كان البارودي ضمن قواد الحملة الضخمة التي بعثتها مصر، ونزلت الحملة في "وارنة" أحد ثغورالبحرالأسود (http://go.3roos.com/k4iuoi0tu7b)، وحاربت في أوكرانيا (http://go.3roos.com/p87cvh64i0d) ببسالة وشجاعة، غير أن الهزيمة لحقت بالعثمانيين، وألجأتهم إلى عقد معاهدة "سان استفانوا" في (ربيع الأول (http://go.3roos.com/vzjsflzn4ms)1295 هـ (http://go.3roos.com/c99k8r646lz) / مارس (http://go.3roos.com/4nyb6ygykpt)1878م (http://go.3roos.com/2zy9urt88f0))، وعادت الحملة إلى مصر، وكان الإنعام على البارودي برتبة "اللواء (http://go.3roos.com/gxe5zrxdbcb)" والوسام المجيدي من الدرجة الثالثة، ونيشان الشرف؛ لِمَا قدمه من ضروب الشجاعة وألوان البطولة.
تم كشف مؤامرة قام بها بعض الضباط الجراكسة لاغتيال البارودي وعرابي، وتم تشكيل محكمة عسكرية لمحاكمة المتهمين، فقضت بتجريدهم من رتبهم ونفيهم إلى أقاصي السودان، ولمّا رفع "البارودي" الحكم إلى الخديوي توفيق للتصديق عليه، رفض بتحريض من قنصلي إنجلترا وفرنسا، فغضب البارودي، وعرض الأمر على مجلس النظار، فقرر أنه ليس من حق الخديوي أن يرفض قرار المحكمة العسكرية العليا وفقًا للدستور .



كان أحد أبطال ثورة عام1881 (http://go.3roos.com/lmkftqahs2k)م الشهيرة ضد الخديوي توفيق (http://go.3roos.com/tchbve9ddqd) بالاشتراك مع أحمدعرابي (http://go.3roos.com/hl4cl7pnj2z)، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في4 فبراير (http://go.3roos.com/87vz75i0q4n)1882 (http://go.3roos.com/xgl4roi9rqv)م حتى26 مايو (http://go.3roos.com/x68tkkgbmd8)1882م (http://go.3roos.com/xgl4roi9rqv). بعد سلسلة من أعمال الكفاح والنضال ضد فسادالحكم وضد الاحتلال الإنجليزي لمصر عام1882 (http://go.3roos.com/xgl4roi9rqv)قررت السلطات الحاكمة نفيه مع زعماء الثورةالعرابية في3 ديسمبر (http://go.3roos.com/l4ffne9s6vz)عام1882 (http://go.3roos.com/xgl4roi9rqv)إلى جزيرة سرنديب (سريلانكا (http://go.3roos.com/g2tvarp4edx)).

حياته في المنفى :
ظل في المنفى بمدينة كولومبو (http://go.3roos.com/na9yg0nviy2) أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة عن وطنه، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه. وفي المنفى شغل البارودي نفسه بتعلم الإنجليزية حتى أتقنها، وانصرف إلى تعليم أهل الجزيرة اللغة العربية ليعرفوا لغة دينهم الحنيف، وإلى اعتلاءالمنابر في مساجد المدينة ليُفقّه أهلها شعائر الإسلام.وطوال هذه الفترة قال قصائده الخالدة، التي يسكب فيها آلامه وحنينه إلى الوطن، ويرثي من مات من أهله وأحبابه وأصدقائه، ويتذكر أيام شبابه ولهوه وما آل إليه حاله، ومضت به أيامه في المنفى ثقيلة واجتمعت عليه علل الأمراض، وفقدان الأهل والأحباب، فساءت صحته، بعد أن بلغ الستين من عمره اشتدت عليه وطأة المرض وضعف بصره فقرر عودته إلى وطنه مصر (http://go.3roos.com/jYw9mBrFODs) للعلاج، فعاد إلى مصر يوم12 سبتمبر (http://go.3roos.com/zgegeab2ci5)1899م (http://go.3roos.com/vg5pvwtckkc) وكانت فرحته غامرة بعودته إلى الوطن وأنشد أنشودة العودة التي قال في مستهلها:
أبابلُ رأي العين أم هذه مصرُ=فإني أرى فيها عيوناً هي السحرُ

احسـاس انثى
24/08/2012, 08:50 PM
وفاته :
بعد عودته إلى القاهرة ترك العمل السياسي، وفتح بيته للأدباء والشعراء، يستمع إليهم، ويسمعون منه، وكان على رأسهم شوقي وحافظ ومطران، وإسماعيل صبري، وقد تأثروا به ونسجوا على منواله ، فخطوا بالشعر خطوات واسعة، وأُطلق عليهم "مدرسة النهضة" أو "مدرسة الأحياء. توفي البارودي في12 ديسمبر (http://go.3roos.com/u0u7ygqo8gu)1904م (http://go.3roos.com/LwK4LmGimew) بعد سلسلة من الكفاح والنضال من أجل استقلال مصر وحريتها وعزتها.


وقد رثاه الشاعر حافظ إبراهيم عند موته قائلاً

رُدّوا عَلَيَّ بَياني بَعدَ مَحمودِ =إِنّي عَييتُ وَأَعيا الشِعرُ مَجهودي
ما لِلبَلاغَةِ غَضبى لا تُطاوِعُني =وَما لِحَبلِ القَوافي غَيرَ مَمدودِ

ظَنَّت سُكوتِيَ صَفحاً عَن مَوَدَّتِهِ =فَأَسلَمَتني إِلى هَمٍّ وَتَسهيدِ
وَلَو دَرَت أَنَّ هَذا الخَطبَ أَفحَمَني =لَأَطلَقَت مِن لِساني كُلَّ مَعقودِ
لَبَّيكَ يا مُؤنِسَ المَوتى وَموحِشَنا =يا فارِسَ الشِعرِ وَالهَيجاءِ وَالجودِ
مُلكُ القُلوبِ وَأَنتَ المُستَقِلُّ بِهِ =أَبقى عَلى الدَهرِ مِن مُلكِ اِبنِ داوودِ
لَقَد نَزَحتَ عَنِ الدُنيا كَما نَزَحَت =عَنها لَياليكَ مِن بيضٍ وَمِن سودِ
أَغمَضتَ عَينَيكَ عَنها وَاِزدَرَيتَ بِها =قَبلَ المَماتِ وَلَم تَحفِل بِمَوجودِ
لَبَّيكَ يا شاعِراً ضَنَّ الزَمانُ بِهِ =عَلى النُهى وَالقَوافي وَالأَناشيدِ
تَجري السَلاسَةُ في أَثناءِ مَنطِقِهِ =تَحتَ الفَصاحَةِ جَريَ الماءِ في العودِ
في كُلِّ بَيتٍ لَهُ ماءٌ يَرِفُّ بِهِ =يَغارُ مِن ذِكرِهِ ماءُ العَناقيدِ
لَو حَنَّطوكَ بِشِعرٍ أَنتَ قائِلُهُ =غَنيتَ عَن نَفَحاتِ المِسكِ وَالعودِ
حَلَّيتَهُ بَعدَ أَن هَذَّبتَهُ بِسَنا =عِقدٍ بِمَدحِ رَسولِ اللَهِ مَنضودِ
كَفاكَ زاداً وَزَيناً أَن تَسيرَ إِلى =يَومِ الحِسابِ وَذاكَ العِقدُ في الجيدِ
لَبَّيكَ يا خَيرَ مَن هَزَّ اليَراعَ وَمَن =هَزَّ الحُسامَ وَمَن لَبّى وَمَن نودي
إِن هُدَّ رُكنُكَ مَنكوباً فَقَد رَفَعَت =لَكَ الفَضيلَةُ رُكناً غَيرَ مَهدودِ
إِنَّ المَناصِبَ في عَزلٍ وَتَولِيَةٍ =غَيرُ المَواهِبِ في ذِكرٍ وَتَخليدِ
أَكرِم بِها زَلَّةً في العُمرِ واحِدَةً =إِن صَحَّ أَنَّكَ فيها غَيرُ مَحمودِ
سَلوا الحِجا هَل قَضَت أَربابُهُ وَطَراً =دونَ المَقاديرِ أَو فازَت بِمَقصودِ
كُنتَ الوَزيرَ وَكُنتَ المُستَعانَ بِهِ =وَكانَ هَمُّكَ هَمَّ القادَةِ الصيدِ
كَم وَقفَةٍ لَكَ وَالأَبطالُ طائِرَةٌ =وَالحَربُ تَضرِبُ صِنديداً بِصِنديدِ
تَقولُ لِلنَفسِ إِن جاشَت إِلَيكَ بِها =هَذا مَجالُكِ سودي فيهِ أَو بيدي
نَسَختَ يَومَ كَريدٍ كُلَّ ما نَقَلوا =في يَومِ ذي قارَ عَن هاني بنِ مَسعودِ
نَظَمتَ أَعداكَ في سِلكِ الفَناءِ بِهِ =عَلى رَوِيٍّ وَلَكِن غَيرُ مَعهودِ
كَأَنَّهُم كَلِمٌ وَالمَوتُ قافِيَةٌ =يَرمي بِهِ عَرَبِيٌّ غَيرُ رِعديدِ
أَودى المَعَرّي تَقِيُّ الشِعرِ مُؤمِنُهُ =فَكادَ صَرحُ المَعالي بَعدَهُ يودي
وَأَوحَشَ الشَرقُ مِن فَضلٍ وَمِن أَدَبٍ =وَأَقفَرَ الرَوضُ مِن شَدوٍ وَتَغريدِ
وَأَصبَحَ الشِعرُ وَالأَسماعُ تَنبِذُهُ =كَأَنَّهُ دَسَمٌ في جَوفِ مَمعودِ
أَلوى بِهِ الضَعفُ وَاِستَرخَت أَعِنَّتُهُ =فَراحَ يَعثُرُ في حَشوٍ وَتَعقيدِ
وَأَنكَرَت نَسَماتُ الشَوقِ مَربَعَهُ =تُثيرُها خَطَراتُ الخُرَّدِ الخودِ
لَو أَنصَفوا أَودَعوهُ جَوفَ لُؤلُؤَةٍ =مِن كَنزِ حِكمَتِهِ لا جَوفَ أُخدودِ
وَكَفَّنوهُ بِدَرجٍ مِن صَحائِفِهِ =أَو واضِحٍ مِن قَميصِ الصُبحِ مَقدودِ
وَأَنزَلوهُ بِأُفقٍ مِن مَطالِعِهِ =فَوقَ الكَواكِبِ لا تَحتَ الجَلاميدِ
وَناشَدوا الشَمسَ أَن تَنعي مَحاسِنَهُ =لِلشَرقِ وَالغَربِ وَالأَمصارِ وَالبيدِ
أَقولُ لِلمَلَإِ الغادي بِمَوكِبِهِ =وَالناسُ ما بَينَ مَكبودٍ وَمَفؤودِ
غُضّوا العُيونَ فَإِنَّ الروحَ يَصحَبُكُم =مَعَ المَلائِكِ تَكريماً لِمَحمودِ
يا وَيحَ لِلقَبرِ قَد أَخفى سَنا قَمَرٍ =مُقَسَّمِ الوَجهِ مَحسودِ التَجاليدِ
يا وَيحَهُ حَلَّ فيهِ ذو قَريحَتُهُ =لَها بِخِدرِ المَعالي أَلفُ مَولودِ
فَرائِدٌ خُرَّدٌ لَو شاءَ أَودَعَها =مُحصي الجَديدِ سِجِلّاتِ المَواليدِ
كَأَنَّها وَهيَ بِالأَلفاظِ كاسِيَةٌ =وَحُسنُها بَينَ مَشهودٍ وَمَحسودِ
لَآلِئٌ خَلفَ بَلّورٍ قَدِ اِتَسَقَت =في بَيتِ دُهقانَ تَستَهوي نُهى الغيدِ
مَحمودُ إِنّي لَأَستَحييكَ في كَلِمي =حَيّاً وَمَيتاً وَإِن أَبدَعتُ تَقصيدي
فَاِعذِر قَريضِيَ وَاِعذِر فيكَ قائِلَهُ =كِلاهُما بَينَ مَضعوفٍ وَمَحدودِ







من آثاره :


ديوان شعر في جزئين

له 321 قصيدة فصحى ( كما ذكرت في موقع أدب و ويكبيديا )

مجموعات شعرية سُميّت مختارات البارودي، جمع فيها مقتطفات لثلاثين شاعرا من الشعرالعبّاسي،

مختارات من النثر تُسمّى قيد الأوابد .

نظم البارودي مطولة في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام، تقع في أربعمائة وسبعة وأربعين بيتا، وقد جارى فيها قصيدة البوصيري (http://go.3roos.com/fkbl23u9ykl) البردة ، قافية ووزنا وسماها، كشف الغمّة في مدح سيّد الأمة .





مؤلفات عن محمود سامي البارودي :



نفوسة زكريا (http://go.3roos.com/2bc74c7thcn) - البارودي حياته وشعره- القاهرة 1992.

السماح عبدالله (http://go.3roos.com/lhp5a4ocqty) – مختارات من شعرمحمود سامي البارودي – مكتبة الأسرة – القاهرة، 2005.

علي الحديدي (http://go.3roos.com/56pv3nldbce) - محمود سامي البارودي شاعر النهضة- مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1969.

شوقي ضيف (http://go.3roos.com/eljgt4z9sof) – البارودي رائد الشعر الحديث – دار المعارف – القاهرة 1988م.

((شعراء النهضة العربية تاليف السيد فالح الحجية \ الشاعرمحمود سامي البارودي))

إسماعيل مزهر (http://go.3roos.com/0igexuutjpp) – بناء الجملة فيشعر البارودي – رسالة ماجستير، 2010م.

احسـاس انثى
24/08/2012, 09:01 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345831272.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345831272.png)




البارودي بدا سامقاً في رائعاته السياسية، وفي شعر الطبيعة والحنين، إذ فيها تطابق بين صدق معاناته، وصدق تعبيره. ويميل الى اعتناق رأي هيكل بأن محاكاته الاقدمين، ومعارضته إياهم، كانت جديدة.

ظهر محمود سامي البارودي في زمن كانت اللغة العربية تحاول جاهدة اثبات ذاتها، واستعادة ألقها، وتخليص وجهها مما علق به من غبار الوهن والركاكة، تلك التي فرضتها قرون من الضعف والتردي وتسلط الأجنبي.
ظهر البارودي في مصر التي كانت التركية لغتها الرسمية، وكان التعليم الحديث قد بدأ يخطو خطواته الأولى، ودراسة الأدب واللغة قاصرة على الأزهر بمناهجه وأساليبه البالية التي لا تعين على تكوين ذوق أدبي، ولا صقل موهبة شعرية يقال انه بدأ نظم الشعر وهو طالب في المدرسة الحربية، في الوقت الذي كان فيه أبناء زمانه من المصريين يتحدثون بالعامية لانهم لا يحسنون الحديث باللغة العربية.
ظهر البارودي في زمن كان فيه جلّ الشعر المصري يرفل في ثياب الصنعة والمحسنات، ويخوض بحر التزلف والنفاق، ادواته المبالغة والتزييف والكذب، ولغته ضعيفة، وأساليبه متهالكة، ومعانيه وصوره سقيمة ومبتذلة.
في هذا الجو ظهر البارودي وتكوّنت شخصيته، ويذكر أن له خالاً اسمه ابراهيم علي آغا البارودي، وكان اديباً وشاعراً، راوية لدواوين الشعر العربي والتركي، وحينما وافته المنية وهو في الخامسة والعشرين من عمره، أمرت اخته فاطمة، والدة الشاعر، بكتابة شعره في الواح زيّنت بها غرف الطابق العلوي من بيتها، واقبل محمود سامي في صباه على هذه الألواح فقرأها ورواها، وانتفع بمكتبة خاله، فكان ذلك فاتحة نبوغه في الشعر، وكانت هذه المادة الشعرية هي نقطة البداية لمسيرته الشعرية وفي ذلك يقول:
أنا في الشعر عريق لم أرثه عن كلالة=كان ابراهيم خالي فيه مشهور المقالةومع أن البارودي لم يدرس اللغة العربية في كتبها المتخصصة، بل أخذها من مصادرها الأصلية، كما كان يفعل الشعراء القدامى عندما كانوا يخرجون الى البادية لأخذ اللغة من أفواه الأعراب. ولم يكتفِ بذلك، بل قد مدّ يده الى مخطوطات دواوين الشعراء الكبار، والشعراء الفرسان في العصور العباسية والأموية والجاهلية، يقرأ فيها بنهم وشغف، ليجد نفسه في عالم أدبي ولغوي وشعري، يختلف عن العالم الذي يعيشه الشعر في مصر آنذاك.. في ذلك الجو تشكّلت شخصيته الأدبية، وتكاملت ادواته الشعرية، فاذا بشعره مختلف كل الاختلاف عن شعر عصره، روحاً ولغة واسلوباً ومعاني وصوراً وأنساقاً بلاغية.. واذاً نحن أمام شاعر يعيدنا الى العصور الذهبية للشعر العربي، ويذكّرنا بفحول الشعراء العرب من المعري الى المتنبي الى الشريف الرضي الى أبي تمام الى البحتري الى ابي نواس الى مسلم بن الوليد الى بشار بن برد.. فهو يعارضهم ويروض القول على منوالهم، ويتمثل قصائدهم وتجاربهم، ويعيد لنا معاجمهم الشعرية، واساليبهم، ومعانيهم، وصورهم، وقوافيهم، وأوزانهم، وكأنه واحد منهم، ينتمي الى القرن الخامس او الرابع الهجري، وليس للقرن التاسع عشر، وكأنه يعيش في صحراء نجد او جنوبي العراق، وليس في القاهرة ذات الماء والخضرة.
بدا البارودي ظاهرة جديدة في عصره حيّرت النقاد والباحثين، في زمنه وبعد زمنه، وما يزال شاغل الناس حتى يومنا هذا: أهو باعث أم مجدد؟ تقليدي ام حديث، كلاسيكي ام رومانسي؟ وجداني أم واقعي؟ وما يزال الدارسون يبحثون عن اجابات حول موقعه في مسيرة الشعر العربي، وحول قيمته الفنية في زمنه، وفي وقتنا الحاضر.
اذا تمحصنا ديوان البارودي فسنجد ان كل بيتا من شعره يعبر عن حياته و هذه هي آية الشاعرية الأولى، لأن الشعر تعبير، والشاعر هو الذي يعبر عن النفوس الانسانية، فاذا كان القائل لا يصف حياته وطبيعته في قوله، فهو بالعجز عن وصف حياة الآخرين أولى. ، فقيمة الشعر واهميته في قدرته على تصوير حياة صاحبه وأحواله وظروفه.

احسـاس انثى
24/08/2012, 09:12 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345831876.png





1/ الوصف :


يعد الوصف جديداً لدى البارودي ، وذلك لما بعث فيه من لمسات تعبر عن سعة ثقافته واستقلال منهجه حيث أفرد ، للوصف قصائد مستقلة ، ولم يأت به ـ أي الوصف ـ عرضا في ثنايا القصائد ، لان شاعريته وحواسه المرهفة وتذوقه للجمال كانت تدفعه إلى قول الشعر ووصف مشاهداته لاكما هي في الطبيعة ، ولكنه يخرجها ملونه بلباس جديد لتمثل شخصيته وشعوره وأفكاره .
وموضوعات الوصف التي عالجها البارودي في شعره عديدة ومتنوعة منها :


أ- وصف الطبيعة .


ب- وصف الأشخاص .


ت- وصف الأشياء الأخرى كالسجن والقطار والخمر .


ث- مجد آبائه المماليك الذين حكموا مصر ، يستحضر هذا المجد في مجد وطنه مصر وما كشفه علم الآثار من أمجاد المصريين القدماء .


ج- وصف المخترعات الحديثة .



2/ الشعر السياسي :
من الأغراض القديمة التي خلع عليها البارودي لباس الجدة ولامستها بوادر التجديد ، وظهرت فيها شخصيه واضحة جلية تعبر عن نفسه الأبية المتمرد على الظلم و الاستبداد ، يدعو شاعرنا إلى حب العدالة والشورى والمساواة بين الناس في شعره السياسي مما دفعه إلى أن يحتل مركز الصدارة بين أبناء شعبه وأمته واصبح زعيما وطنيا محبوبا لذلك زج به في غياهب السجن ، وابعد عن وطنه ولكنه لم يكفْ عن هذا الشعر الوطني والسياسي على الرغم مما لقيه من نفي وتشريد ومرض ، وظل هذا الشعر يحرق الطغاة المتجبرين ، لذلك طالت مدة نفيه عن دياره ولم يسمح له الحكام بالعودة إلى وطنه إلا أن دب إلى جسمه دبيب الفناء وأصابه الضعف والهزال وفقد بصره .
حقق شاعرنا في قصائده السياسية والوطنية حين انتقل بها من عالم الفردية الذاتية التي يعيش فيها إلى عالم ارحب وأوسع هو خدمة الوطن ، وتحوّل من معالجة محور الحياة الخاصة الذي يدور فيه إلى مجال النضال الوطني الكبير ، ثورة يريدها أن تمتد من نفسه إلى أبناء شعبه فتساعدهم ليستأصلوا أسباب ذلهم وعلة ظلمهم .
3/ الهجاء :
الهجاء نوعان : شخصي وهو ما تعارف عليه شعراء العربية ، واجتماعي يراد به التهكم الذي يصور عيبا من عيوب المجتمع وذلك لغرض الإصلاح وقد يتمثل هذا العيب الاجتماعي في شخص من الأشخاص ، والدارس لشعر البارودي يجد نوعين من الهجاء : الشخصي والاجتماعي ، واكثر من الهجاء الاجتماعي لعله يسهم في إصلاح مجتمعه ، نجده يشكو الناس ونفاقهم وظلمهم وغدرهم ويصور قومه ويعدد عيوبهم ، كما يذم زمانه وينعى على معاصريه تلونهم وعدم وفائهم في صداقاتهم لاسيما وانهم خذلوه وآذوه لذا تميز هجاء البارودي بأنه هجاء لاذع وساخر إذ يصب هجاؤه على جماعة أو أفراد يضعهم في لوحة بارعة الأبعاد كثيرة الجزئيات تتفاعل فيما بينها لتنمو في إطار اللوحة العامة وهي اشد ما تكون قسوة وامتهاناً .
4/ الرثاء :
امتازت مراثي البارودي بصدق الإحساس ورقة العاطفة لذا فنه لم يرث صديقا أو قريبا إلا كان رثاؤه صادقا بعيدا عن شعر المناسبات .
4/ الفخر :
أما فخر البارودي فلم يتناوله لغرض تقليد الآخرين ، بل لدواعٍ تتعلق بشخصيته الطموحة ، فلو أنعمنا النظر في أية قصيدة من قصائده في الفخر لوجدنا فيها معاني الإباء والشمم ، والاعتزاز بالنسب ، والتغني بالشجاعة والإشادة بالمواقف الصعبة التي تمثل طموحاته وتجاربه الحياتية .

احسـاس انثى
24/08/2012, 09:19 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345832087.png
مع بداية القرن التاسع عشرالميلادي بدأت تتكون بشائرحركات وإتجاهات في الشعر العربي الحديث ومن أوائل هذه الحركات وأهمها مدرسة الإحياء أوالبعث الكلاسيكي وذلك حفاظاً على اللغة العربية والتراث الشعري العربي من الاندثار والضياع بعد استيلاء التتارعلى بغداد ودمشق مما أدى إلى رمي كثير من كتب التراث في نهر دجلة وإحراق المكتبات العامة ودور العلم, وزاد الضعف بعد استيلاء المماليك وتلاه بعد ذلك استيلاء العثمانين على مصر والشام ونتج عن ذلك انتشار الجهل وازدياد الفقر وفرض اللغة التركية اللغة الرسمية بدلاً من اللغة العربية ، قامت مدرسة الإحياء لحماية الشعر واللغة العربية من الاندثار، وكان رائد هذه المدرسة الشاعر محمود سامي البارودي وانضم إليه عدد كبير من الشعراء منهم حافظ إبراهيم، أحمد شوقي، علي الجندي، أحمد محرم، محمود غنيم ، عزيز أباظة.، شفيق جبري . بشارة الخوري أحمد السقاف، إسماعيل صبري ، محمد عبد المطلب، جميل الزهاوي، معروف الرصافي،

إلا إن هذه المدرسة لم تتجه إلى التجديد الحقيقي في الشعر العربي وإنما كان جل إهتمامها وشغلها الشاغل منكباً على إحياء التراث الشعري وخاصة الشعرفي العصر العباسي إذ نرى في قصائد رواد هذه المدرسة ملامح و محاكاة واصداء لشعرالمتنبي،
و الشريف الرضي وأبوتمام والبحتري وغيرهم من رواد شعراء ذلك العصر. إلا أن رواد هذه المدرسة أثروا المكتبة الأدبية بعطاءات شعرية إبداعية عظيمة بما لديهم من ثقافات شعرية وأدبية ولغوية واسعة.

وكان من أهم مميزات شعراء هذه المدرسة المحافظة على عدم الخروج على وحدة الوزن والقافية في القصيدة. والإلتزام بالتراث القديم وخاصة شعراء العصر العباسي حيث يسود التقليد معظم أشعارهم من ناحية الوزن والموسيقى والرؤيا الشعرية والقافية، وقوة الأسلوب الشعري وبتجنب الأخطاء اللغوية والإبتعاد عن الركا كة في بنية القصيدة, و إعتماد الشعر صناعة لفظية تكتسب بالحفظ والممارسة والثقافة وإعتماد القصيدة على ثقافة الشاعر اللغوية والأدبية والثقافة العامة.

ومن أهم عوالم نجاح هذه المدرسة أنه كان لها الحظ الأوفر في احياء شامل في بعث وإحياء الأدب والثقافة والفكر ومما ساعد على ذلك بداية المطابع في إخراج أمهات الكتب العربية مثل : مجلدات الأغاني للأصفهاني و دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة لعبدالقادر الجرجاني’ ومقامات الحريري وبديع الزمان الهمداني و إصدار الصحف ، يقول أحمد شوقي في ذلك :

لكل زمان مضى آية =وآية هذا الزمان الصحف.

احسـاس انثى
24/08/2012, 11:56 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345841663.png


و اخيراً ::

فإن البارودي من أول المجدين في الشعر العربي الحديث ، وهو تجديد يقوم على نقطتين : بعث الأسلوب القديم في الشعر بحيث تعود إليه جزالته ورصانته وتصوير الشاعر لنفسه وقومه وبيئته وعصره تصويرا مخلصا صادقا .
كما حاول البارودي التجديد في الأوزان فنظم قصيدة على وزن جديد هو مجزوء المتدارك ، ولم يسبق للعرب أن نظموا فيه ، و إنما ورد المتدارك عندهم كاملا أو مشطوراً .
واغلب الظن أن الظروف التي ساعدت على أن يكون البارودي رائدا للشعر العربي الحديث تتمثل في :
1_ حفظ واستظهر البارودي النماذج الرائعة من الشعر العربي القديم .
2_ الثقافة الواسعة التي تتوزع بين العربية والتركية والفارسية .
3_ الجنس التركي الذي ظهر طابعه في شعره الذي يقوم على الاعتداد بالنفس والفخر بالنسب والسعي نحو الطموح ومنه الطموح الأدبي ليعيد مجد آبائه وأجداده .
4_ البيئة المصرية وهي العنصر الأساس الذي أمده بمادة تجاربه وصوره الواقعية الناضجة .
وتأسيساً على ما تقدم تبين لنا أن البارودي يعد حامل لواء الشعر العربي الحديث ، فقد خلصه من أساليبه الركيكة المبتذلة ، وقيوده البديعية وأغراضه الضيقة التي كانت تقتصر على الزلفى والتملق ، ونفخ فيه من روحه وروح قومه وعصره وبيئته ما بعث في شعرنا الحديث الحياة كما نفخ فيه روح العروبة ، فإذا الحاضر يتصل بالماضي اتصالاً خصباً حيّاً وإذا الماضي ينبعث من جديد بعثا تبرز فيه الشخصية العربية وانبعثت في ظل شعره مدرسة البعث أو الإحياء أو النهضة ومن ابرز أعلامها : إسماعيل صبري ، حافظ إبراهيم ، احمد شوقي ، وخليل مطران ، بل استظلت بظله جميع المدارس التجديدية التي تلته في القرن العشرين .

احسـاس انثى
25/08/2012, 09:03 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345868563.png


كما اسردت لكم في سياق الموضوع ان للشاعر 321 قصيدة
قصائد باللغة العربية الفصحى و بشتى المواضيع المختلفة
سأحاول سرد بعضاً من قصائده هنا مع المناسبات التي قيلت بها .

احسـاس انثى
25/08/2012, 11:00 AM
(http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345880763.png)
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345880763.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01345880763.png)




لقد ترك محمود سامي البارودي من إرث شعري، ملحمته الدينية ورائعته الأدبية التي قالها في مدح الرسول الكريم كشف الغمة في مدح سيد الأمة. وقبل أن ندخل في تفاصيلها لابدّ من القول إن المدائح النبوية، ظلت تتطور طيلة سبعة قرون إلى أن أصبحت فنا مستقلا، قائما بذاته. ففي القرن السابع للهجرة توافرت لها تقاليد ناضجة تجاوز لامية كعب ابن زهير، ودالية الأعشى ومدائح حسان بن ثابت.
وهذا الفّن مدين لأبي عبدالله محمد البوصيري الذي توّجهُ بميميته الشهيرة البردة. وفيما بعد، عارض شعراء كثيرون بردة البوصيري واستخدموا في معارضاتهم فنا جديدا آنذاك هو فن البديع.
وظلت بردة البوصيري ومعارضاتها، مصدر تحد لكل من كتب في المدائح النبويّة في العصر الحديث.
وإذا كان البوصيري قد خلّص بردته من قيود وعصر الانحطاط، فإن البارودي قد خلّص الشعر العربي كلّه مما كان فيه من وهن وضعف وبديع متكلّف.
... نظم البوصيري قصيدته، استشفاعا عند الله تعالى ورسوله الكريم كي يشفيه من فالج (شلل) أودى بنصفه. ونظم البارودي ملحمته ذريعة أمت بها يوم المعاد، وسلّما إلى النجاة من هول المحشر.
ويشترك الشاعران في الفخر بمشاركة النبي العربي، اسمه الكريم، إذ يقول البوصيري:


فإنّ لي ذمةً بتسميتـي محمدا= وهو أوفى الخلق بالذمم






ويقول البارودي :

أم كيف تخذلني من بعد تسميتي=باسمٍ له في سماء العرش محترم






لكن ملحمة البارودي تمتاز عن بردة البوصيري في محاكاتها أسلوب القدماء.
من ذلك مثلا: الاستطراد. ففيما يكتفي البوصيري بالإشارة إلى قصة الغار الذي لجأ إليه النبيٌ في المدينة، نجد شاعرنا، يفصّلُ في وصف الحمامتين والعنكبوت وعملهما، ويستغرق في ذلك، مبتعدا عن موضوعه الأصليّ وهو المديح، كما كان يفعل القدماء تماما؛ إذ يستغرقهم وصف الناقة فيما هم يمدحون أو يرثون، أو غير ذلك.
يبدأ البارودي ملحمته بالنسيب في مجاراة لبداية بردة البوصيري لكنه يجنح بها إلى الحكمة التي تخلو منها البردة، وكأنه يرغب في المقارنة بين معاناة النبي الكريم في قومه ومعاناة الشاعر في قومه! يبدو ذلك جلياّ في الأبيات من 96 إلى 116 والتي يذكر فيها نزول الوحي واضطلاع الرسول الكريم بأعباء الرسالة في سن الأربعين.
ومن اللاّفت في ملحمة البارودي عنايته بالوصف عموماً وبوصف جيش النبي وغزواته خصوصا.
ويبدو أن تجربة الشاعر كجندي ومقاتل، فارس، وما تثيره ذكرى الوقائع في نفسه قد جعلته يخوض قصيدته، فارساً لا ناظما! ...

يقول في وصف أصحابه من معاركه:


إذا نحن سرنا، صرّح الشر باسمه=صاح القنا بالموت واستقتل الجندُ

ويقول في صحابة الرسول الكريم:


بيـض أسـاورة، غلْـبُ قسـاورة=شكْسٌ لدى الحرب مطعامون في الأُزمِ

كما سيتضح فيما بعد أن القصيدة تستند أساسا إلى سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك يعني أن معظمها تاريخ منظوم ولكنه في الوقت نفسه يكشف عن مدى حب الشاعر للرسول عليه الصلاة والسلام، حيث لم يكتف بالمدح، بل أراد أن يواكب حياة الرسول الباهرة، وأن يمضي معها من البداية إلى النهاية يتنسم عطرها الإلهي ويهتدي بنورها في شباب الحياة ويستمد منها القوة في مواجهة عاديات الزمن، وهو لا يرجو من ذلك إلا أن تكون قصيدته وسيلته إلى النجاة يوم القيامة.
عدد أبيات هذه القصيدة 447، سأوردها في 9 أجزاء لطولها..

احسـاس انثى
25/08/2012, 11:20 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346050831.png
كشف الغمة في مدح سيد الأمة / الجزء الأول

يا رَائِـدَ البَـرقِ يَمّـمِ دارَةَ العَلَـمِ=وَاحدُ الغَمامَ إِلى حَـيٍّ بِـذِي سَلَـمِ
وَإِن مَرَرتَ عَلى الرَّوحاءِ فَامرِ لَها=أَخـلافَ سارِيَـةٍ هَتّانَـةِ الـدِّيَـمِ
مِنَ الغِزارِ الَّلواتـي فـي حَوالِبِهـا=رِيُّ النَّواهِلِ مِن زَرعٍ وَمِـن نَعَـمِ
إِذا اِستَهَلَّت بِأَرضٍ نَمنَمَـت يَدُهـا=بُرداً مِنَ النَّورِ يَكسُو عارِيَ الأَكَـمِ
تَرى النَّباتَ بِهـا خُضـراً سَنابِلُـهُ=يَختـالُ فـي حُلَّـةٍ مَوشِيَّـةِ العَلَـمِ
أَدعُو إِلى الدَّارِ بِالسُّقيا وَبِـي ظَمَـأ=حَـقُّ بِالـريِّ لَكِنّـي أَخُـو كَـرَمِ
مَنـازِلٌ لِهَواهـا بَيـنَ جانِحَـتـي=وَدِيعَةٌ سِرُّهـا لَـم يَتَّصِـل بِفَمـي
إِذا تَنَسَّمـتُ مِنهـا نَفحَـةً لَعِبَـت=بِيَ الصَبابَةُ لِعـبَ الريـحِ بِالعَلَـمِ
أَدِر عَلى السَّمعِ ذِكراها فَـإِنَّ لَهـا=في القَلـبِ مَنزِلَـةً مَرعِيَّـةَ الذِمَـمِ
عَهدٌ تَوَلّى وَأَبقى فـي الفُـؤادِ لَـهُ=شَوقاً يَفُـلُّ شَبـاةَ الـرَأيِ وَالهِمَـمِ
إِذا تَذَكَّـرتُـهُ لاحَــت مَخائِـلُـهُ=لِلعَينِ حَتّى كَأَنّـي مِنـهُ فـي حُلُـمِ
فَما عَلى الدَهرِ لَـو رَقَّـت شَمائِلُـهُ=فَعادَ بِالوَصل أَو أَلقـى يَـدَ السَلَـمِ
تَكاءَدَتني خُطُوبٌ لَو رَمَيـتُ بِهـا=مَناكِبَ الأَرض لَم تَثبُت عَلـى قَـدَمِ
في بَلدَةٍ مِثلِ جَوفِ العَير لَست=أَرىفيها سِوى أُمَمٍ تَحنُـو عَلـى صَنَـمِ
لا أَستَقِـرُّ بِهـا إِلّا عَلـى قَـلَـقٍ=وَلا أَلَـذُّ بِـهـا إِلّا عَـلَـى أَلَــمِ
إِذا تَلَفَّـتُّ حَولـي لَـم أَجـد أَثَـراً=إِلا خَيالي وَلَم أَسمَع سِـوى كَلِمـي
فَمَـن يَـرُدُّ عَلـى نَفسـي لُبانَتَهـا=أَو مَن يُجيرُ فُؤادِي مِن يَـدِ السَّقَـم
لَيتَ القَطا حِينَ سارَت غُدوَةً حَمَلَت=عَنّي رَسائِلَ أَشواقـي إِلـى إِضَـمِ
مَرَّت عَلَينا خِماصاً وَهـيَ قارِبَـةٌ=مَرَّ العَواصِفِ لا تَلـوي عَلـى إِرَمِ
لا تُدركُ العَينُ مِنها حيـنَ تَلمَحُهـا=إِلا مِثالاً كَلَمعِ البَـرقِ فـي الظُّلَـمِ
كَأَنَّهـا أَحـرُفٌ بَرقِيَّـةٌ نَبَضَـت=بِالسِّلكِ فَانتَشَرَت فِي السَّهل وَالعَلَـمِ
لا شَـيءَ يَسبِقُهـا إِلّا إِذا اِعتَقَلَـت=بَنانَتي في مَديحِ المُصطَفـى قَلَمِـي
مُحَمَّدٌ خاتَمُ الرُسلِ الَّـذي خَضَعَـت=لَهُ البَرِيَّةُ مِن عُـربٍ وَمِـن عَجَـمِ
سَميرُ وَحيٍ وَمَجنى حِكمَـةٍ وَنَـدى=سَماحَةٍ وَقِـرى عـافٍ وَرِيُّ ظَـمِ
قَد أَبلَغَ الوَحـيُ عَنـهُ قَبـلَ بِعثَتِـهِ=مَسامِعَ الرُسلِ قَـولاً غَيـرَ مُنكَتِـمِ
فَـذاكَ دَعـوَةُ إِبراهيـمَ خالِـقَـهُ=وَسِرُّ ما قالَـهُ عِيسـى مِـنَ القِـدَمِ
أَكـرِم بِــهِ وَبِـآبـاءٍ مُحَجَّـلَـةٍ=جاءَت بِهِ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُـمِ
قَد كانَ في مَلَكـوتِ اللَـهِ مُدَّخـر=اًلِدَعوَةٍ كانَ فيهـا صاحِـبَ العَلَـمِ
نُورٌ تَنَقَّلَ فـي الأَكـوانِ ساطِعُـهُ=تَنَقُّلَ البَدرِ مِن صُلـبٍ إِلـى رَحِـمِ
حَتّى اِستَقَرَّ بِعَبـدِ اللَـهِ فَاِنبَلَجَـت=أَنوارُ غُرَّتِـهِ كَالبَـدرِ فـي البُهُـمِ
وَاِختارَ آمِنَـةَ العَـذراءَ صاحِبَـةً=لِفَضلِها بَينَ أَهـلِ الحِـلِّ وَالحَـرَمِ
كِلاهُما فِي العُلا كُـفءٌ لِصاحِبِـه=وَالكُفءُ في المَجدِ لا يُستامُ بِالقِيَـمِ
فَأَصبَحَت عِندَهُ في بَيـتِ مَكرُمَـةٍ=شِيدَت دَعائِمُهُ فـي مَنصِـبٍ سِنـمِ
وَحِينما حَمَلَت بِالمُصطَفى وَضَعَ=ـتيَدُ المَشيئَـةِ عَنهـا كُلفَـةَ الوَجَـمِ
وَلاحَ مِن جِسمِها نُورٌ أَضـاءَ لَهـا=قُصُورَ بُصرى بِأَرضِ الشَّأمِ مِن أمَمِ
وَمُذ أَنى الوَضعُ وَهوَ الرَّفعُ مَنزِلَـةً=جاءَت بِـرُوحٍ بِنُـورِ اللَـهِ مُتَّسِـمِ
ضاءَت بِهِ غُرَّةُ الإِثنَينِ وَاِبتَسَمَـت=عَن حُسنِهِ في رَبيعٍ رَوضَةُ الحَـرَمِ
وَأَرضَعَتهُ وَلَم تَيـأَس حَليمَـةُ مِـنقولِ= المَراضِعِ إِنَّ البُؤسَ في اليَتَـمِ
فَفاضَ بِالدرِّ ثَدياهـا وَقَـد غَنِيَـت=لَيالياً وَهيَ لَـم تطعَـم وَلَـم تَنَـمِ
وَاِنهَلَّ بَعدَ اِنقِطاعٍ رِسـلُ شارِفِهـا=حَتّى غَدَت مِن رَفِيهِ العَيشِ في طُعَمِ
فَيَمَّمَـت أَهلَهـا مَملُـؤَةً فَـرَحـاً=بِما أُتيـحَ لَهـا مِـن أَوفَـرِ النِّعَـمِ
وَقَلَّصَ الجَدبُ عَنها فَهـيَ طاعِمَـةٌ=مِن خَيرِ مـا رَفَدَتهـا ثَلَّـةُ الغَنَـمِ
وَكَيفَ تَمحَلُ أَرضٌ حَـلَّ ساحَتَهـا=مُحَمَّدٌ وَهوَ غَيـثُ الجُـودِ وَالكَـرَمِ
فَلَم يَـزَل عِندَهـا يَنمُـو وَتَكلَـؤُهُ=رِعايَةُ اللَهِ مِن سُوءٍ وَمِـن وَصَـمِ
حَتّى إِذا تَمَّ مِيقـاتُ الرَّضـاعِ لَـهُ=حَولَينِ أَصبَحَ ذا أَيـدٍ عَلَـى الفُطُـمِ
وَجاءَ كَالغُصنِ مَجدُولاً تَرِفُّ عَلـى=جَبِينِـهِ لَمحـاتُ المَجـدِ وَالفَـهَـمِ
فَبَينَما هُوَ يَرعى البَهمَ طـافَ بِـهِ=شَخصانِ مِن مَلَكوتِ اللَهِ ذي العِظَمِ
فَأَضجَعـاهُ وَشَقّـا صَـدرَهُ بِـيَـدٍ=رَفِيقَةٍ لَـم يَبِـت مِنهـا عَلـى أَلَـمِ

وَبَعدَ ما قَضَيا مِـن قَلبِـهِ وَطَـراً=تَوَلَّيـا غَسلَـهُ بِالسَّلسَـلِ الشَّـبِـمِ

احسـاس انثى
26/08/2012, 01:48 AM
كشف الغمة في مدح سيد الأمة / الجزء الثاني

ما عالَجا قَلبَـهُ إِلّا لِيَخلُـصَ مِـن=شَوبِ الهَوى وَيَعِي قُدسِيَّـةَ الحِكَـمِ
فَيا لَهـا نِعمَـةً لِلّـهِ خَـصَّ بِهـا=حَبيبَهُ وَهـوَ طِفـلٌ غَيـرُ مُحتَلِـمِ
وَقالَ عَنهُ بُحَيـرا حِيـنَ أَبصَـرَهُ=بَأَرضِ بُصرى مَقالاً غَيـرَ مُتَّهَـمِ
إِذ ظَلَّلَتهُ الغَمامُ الغُـرُّ وَانهَصَـرَت=عَطفاً عَلَيهِ فُروعُ الضَّـالِ وَالسَّلَـمِ
بِأَنَّهُ خاتَـمُ الرُّسـلِ الكِـرامِ وَمَـن=بِهِ تَزُولُ صُرُوفُ البُـؤسِ وَالنِّقَـمِ
هَذا وَكَم آيَةٍ سـارَت لَـهُ فَمَحَـت=بِنُورِها ظُلمَـةَ الأَهـوالِ وَالقُحَـمِ
مـا مَـرَّ يَـومٌ لَــهُ إِلّا وَقَـلَّـدَهُ=صَنائِعاً لَم تَزَل فِي الدَّهـرِ كَالعَلَـمِ
حَتّى اِستَتَـمَّ وَلا نُقصـانَ يَلحَقُـهُ=خَمساً وَعِشرِينَ سِنُّ البـارِعِ الفَهِـمِ
وَلَقَّبَتـهُ قُرَيـشٌ بِالأَميـنِ عَـلـى=صِدقِ الأَمانَـةِ وَالإِيفـاءِ بِالذِّمَـمِ
وَدَّت خَديجَةُ أَن يَرعـى تِجارَتَهـا=وِدادَ مُنتَـهِـزٍ لِلخَـيـرِ مُغتَـنِـمِ
فَشَـدَّ عَزمَتَهـا مِـنـهُ بِمُقـتَـدِرٍ=ماضِي الجِنانِ إِذا ما هَمَّ لَـم يخـمِ
وَسـارَ مُعتَزِمـاً لِلشَّـأمِ يَصحَبُـهُ=في السَّيرِ مَيسُرَةُ المَرضِيُّ فِي الحَشَمِ
وَكَيفَ يَخسَرُ مَن لَولاهُ ما رَبِحَـت=تِجارَةُ الدِّينِ في سَهـلٍ وَفِـي عَلَـمِ
فَقَـصَّ مَيسُـرَةُ المَأمـونُ قِصَّتَـهُ=عَلَى خَديجَةَ سَـرداً غَيـرَ مُنعَجِـمِ
وَمـا رَواهُ لَـهُ كَهـلٌ بِصَومَعَـةٍ=مِنَ الرَّهابينِ عَـن أَسلافِـهِ القُـدُمِ
في دَوحَةٍ عاجَ خَيرُ المُرسَلينَ بِهـا=مِن قَبـل بعثَتِـهِ لِلعُـربِ وَالعَجَـمِ
هَذا نَبِـيٌّ وَلَـم يَنـزِل بِساحَتِهـا=إِلّا نَبـيٌّ كَريـمُ النَّفـسِ وَالشِّـيَـمِ
وَسِيرَةَ المَلَكَيـنِ الحائِمَيـنِ عَلـى=جَبِينِـهِ لِيُـظِـلّاهُ مِــنَ التّـهَـمِ
فَكانَ ما قَصَّهُ أَصلاً لِمـا وَصَلَـت=بِهِ إِلى الخَيرِ مِن قَصـدٍ وَمُعتَـزَمِ
أَحسِن بِها وصلَةً في اللَّهِ قَد أَخَـذَت=بِها عَلى الدَّهرِ عَقداً غَيـرَ مُنفَصِـمِ
فَأَصبَحا في صَفاءٍ غَيـر مُنقَطِـعٍ=عَلى الزَّمـانِ وَوِدٍّ غَيـر مُنصَـرِمِ
وَحِينَما أَجمَعَت أَمراً قُرَيـشُ عَلـى=بِنايَةِ البَيتِ ذي الحُجّـابِ وَالخَـدَمِ
تَجَمَّعَت فِرَقُ الأَحـلافِ وَاِقتَسَمَـت=بِناءَهُ عَن تَـراضٍ خَيـرَ مُقتَسَـمِ
حَتّـى إِذا بَلَـغَ البُنيـانُ غايَـتَـهُ=مِن مَوضِعِ الرُّكنِ بَعدَ الكَدِّ وَالجشَـمِ
تَسابَقوا طَلَباً لِلأَجـرِ وَاِختَصَمُـوافِي=مَـن يَشُـدُّ بِنـاهُ كُـلَّ مُختَصَـمِ
وَأَقسَمَ القَومُ أَن لا صُلحَ يَعصِمُهُـم=مِـن اقتِحـامِ المَنايـا أَيّمـا قَسَـمِ
وَأَدخَلوا حينَ جَـدَّ الأَمـرُ أَيدِيَهُـم=لِلشَـرِّ فـي جَفنَـةٍ مَملُـوءَةٍ بِـدَمِ
فَقالَ ذُو رَأيِهِم لا تَعجَلُـوا وَخُـذُوا=بِالحَزم فَهوَ الَّذي يَشفِي مِنَ الحَـزَمِ
لِيَرضَ كُلُّ امرِئٍ مِنّا بِـأَوَّلِ مَـن=يَأتي فَيَقسِـطُ فِينـا قِسـطَ مُحتَكِـمِ
فَكـانَ أَوَّلَ آتٍ بَعـدَمـا اِتَّفَـقُـوا=مُحَمَّدٌ وَهوَ في الخَيـراتِ ذُو قَـدَمِ
فَقالَ كُلٌّ رَضينـا بِالأَميـنِ عَلَـى=عِلمٍ فَأَكرِم بِـهِ مِـن عـادِلٍ حَكَـمِ
فَأَعلَمُوهُ بِما قَـد كـانَ وَاِحتَكَمُـوا=إِلَيهِ في حَلِّ هَـذا المُشكِـلِ العَمَـمِ
فَمَدَّ ثَوباً وَحَطَّ الرُّكـنَ فـي وَسَـطٍ=مِنهُ وَقالَ اِرفَعُوهُ جانِـبَ الرَّضَـمِ
فَنالَ كُلُّ امرِئٍ حَظّاً بِمـا حَمَلَـت=يَداهُ مِنهُ وَلَم يَعتِـب عَلـى القِسَـمِ
حَتّى إِذا اِقتَرَبـوا تِلقـاءَ مَوضِعِـهِ=مِن جانب البَيتِ ذي الأَركان وَالدّعمِ
مَدَّ الرَّسُـولُ يَـداً مِنـهُ مُبارَكَـةً=بَنَتهُ في صَدَفٍ مِـن بـاذِخٍ سَنِـمِ
فَليَزدَدِ الرُّكنُ تِيهاً حَيثُ نـالَ بِـهِ=فَخراً أَقامَ لَـهُ الدُّنيـا عَلَـى قَـدَمِ
لَو لَم تَكُن يَدُهُ مَسَّتـهُ حِيـنَ بَنَـى=ما كانَ أَصبَحَ مَلثُومـاً بِكُـلِّ فَـمِ
يا لَيتَنِي وَالأَمانِي رُبَّمـا صَدَقَـت=أَحظـى بِمُعتَنَـقٍ مِنـهُ وَمُلـتَـزَمِ
يا حَبَّذا صِبغَةٌ مِن حُسنِـهِ أَخَـذَت=مِنها الشَّبِيبَةُ لَـونَ العُـذرِ وَاللمَـمِ
كَالخالِ في وَجنَةٍ زِيدَت مَحاسِنُهـا=بِنُقطَةٍ مِنـهُ أَضعافـاً مِـنَ القِيَـمِ
وَكَيفَ لا يَفخَرُ البَيتُ العَتيـقُ بِـهِ=وَقَـد بَنَتـهُ يَـدٌ فَيّاضَـةُ النِّـعَـمِ
أَكرِم بِـهِ وازِعـاً لَـولا هِدايَتُـهُ=لَم يَظهَرِ العَدلُ في أَرضٍ وَلَم يَقُـمِ
هَذا الَّذي عَصَـمَ اللَّـهُ الأَنـامَ بِـهِ=مِن كُلِّ هَولٍ مِنَ الأَهـوالِ مُختَـرِمِ
وَحِينَ أَدرَكَ سِـنَّ الأَربَعيـنَ وَمـا=مِـن قَبلِـهِ مَبلَـغٌ لِلعِلـمِ وَالحِكَـمِ
حَباهُ ذُو العَرشِ بُرهانـاً أَراهُ بِـهِ=آيـات حِكمَتِـهِ فـي عالَـمِ الحُلُـمِ
فَكانَ يَمضي لِيَرعى أُنسَ وَحشَتِـهِ=في شاسِعٍ ما بِـهِ لِلخَلـقِ مِـن أَرَمِ
فَما يمُرُّ عَلـى صَخـرٍ وَلا شَجَـرٍ=إِلّا وَحَيّـاهُ بِالتَّسليـمِ مِـن أَمَــمِ
حَتّى إِذا حانَ أَمرُ الغَيبِ وَاِنحَسَرَت=أَستارُهُ عَن ضَميرِ اللَـوحِ وَالقَلَـمِ

احسـاس انثى
27/08/2012, 12:44 AM
كشف الغمة في مدح سيد الأمة \الجزء الثالث (http://go.3roos.com/icp7je9bh6j)





نـادى بِدَعوَتِـهِ جَهـراً فَأَسمَعَـهـا=في كُلِّ ناحِيةٍ مَـن كـانَ ذا صَمَـمِ
فَكانَ أَوَّلُ مَـن فـي الدِّيـن تابَعَـهُ=خَدِيجَـةٌ وَعَلِـيٌّ ثـابِـتُ الـقَـدَمِ
ثُمَّ اِستَجابَـت رِجـالٌ دُونَ أُسرَتِـهِ=وَفي الأَباعِدِ ما يُغنـي عَـنِ الرَّحِـمِ
وَمَـن أَرادَ بِـهِ الرَّحمـنُ مَكرُمَـةً=هَداهُ لِلرُّشـدِ فـي داجٍ مِـنَ الظُّلَـمِ
ثُمَّ اِستَمَـرَّ رَسُـولُ اللَّـهِ مُعتَزِمـاً=يَدعُو إلـى رَبِّـهِ فـي كُـلِّ مُلتَـأَمِ
وَالنّاسُ مِنهُم رَشيـدٌ يَستَجِيـبُ لَـهُ=طَوعاً وَمِنهُم غَـوِيٌّ غَيـرُ مُحتَشِـمِ
حَتّى اِستَرابَت قُرَيشٌ وَاِستَبَـدَّ بِهـا=جَهلٌ تَرَدَّت بِهِ فـي مـارِجٍ ضَـرِمِ
وَعَذَّبوا أَهـلَ دِيـنِ اللَّـهِ وَاِنتَهَكـوا=مَحارِمـاً أَعقَبَتهُـم لَهـفَـةَ الـنَّـدَمِ
وَقامَ يَدعُـو أَبـو جَهـلٍ عَشِيرَتَـهُ=إِلى الضَّلالِ وَلَم يَجنَـح إِلـى سَلَـمِ
يُبدِي خِدَاعاً ويُخفِـي مـا تَضَمَّنَـهُ=ضَمِيرُهُ مِن غَـراةِ الحِقـد وَالسَّـدَمِ
لا يَسلَمُ القَلـبُ مِـن غِـلٍّ أَلَـمَّ بِـهِ=يَنقى الأَدِيمُ وَيَبقـى مَوضِـعُ الحَلَـمِ
وَالحِقدُ كَالنّـارِ إِن أَخفَيتَـهُ ظَهَـرَت=مِنهُ عَلائِـمُ فَـوقَ الوَجـهِ كَالحُمَـمِ
لا يُبصِرُ الحَقَّ مَن جَهلٌ أَحـاطَ بِـهِ=وَكَيفَ يُبصِرُ نُورَ الحَقِّ وَهـوَ عَـمِ
كُلُّ امرِئٍ وَاجِـدٌ مـا قَدَّمَـت يَـدُهُ=إِذا اِستَـوى قائِمـاً مِـن هُـوَّةِ الأَدَمِ
وَالخَيرُ وَالشَّرُّ فـي الدُّنيـا مُكافَـأَةٌ=وَالنَّفسُ مَسؤولَةٌ عَـن كُـلِّ مُجتَـرَمِ
فَلا يَنَـم ظالِـمٌ عَمّـا جَنَـت يَـدُهُ=عَلى العِبـادِ فَعَيـنُ اللَّـهِ لَـم تَنَـمِ
وَلَم يَزَل أَهلُ دِين اللَّهِ فـي نَصَـبٍ=مِمّا يُلاقُونَ مِـن كَـربٍ وَمِـن زَأَمِ
حَتّى إِذا لَم يَعُد في الأَمـر مَنزَعَـةٌ=وَأَصبَحَ الشَّرُّ جَهـراً غَيـرَ مُنكَتِـمِ
سارُوا إِلى الهِجرَةِ الأُولى وَما قَصَدوا=غَيرَ النَّجاشِيِّ مَلكـاً صـادِقَ الذِّمَـمِ
فَأَصبَحُوا عِنـدَهُ فـي ظِـلِّ مَملَكَـةٍ=حَصِينَـةٍ وذِمـامٍ غَيـرِ مُنـجَـذِمِ
مَن أَنكَرَ الضَّيمَ لَم يَأنَـس بِصُحبَتِـهِ=وَمَن أَحاطَت بِهِ الأَهـوالُ لَـم يُقِـمِ
وَمُذ رَأى المُشرِكون الدّين قَد وضَحَت=سَماؤُهُ وَاِنجَلَت عَن صِمَّـةِ الصِّمَـمِ
تَأَلَّبُوا رَغبَةً فـي الشَّـرِّ وَائتَمَـرُوا=عَلى الصَّحيفَةِ مِن غَيظٍ وَمِـن وَغَـمِ
صَحِيفَةٌ وَسَمَـت بِالغَـدرِ أَوجُهَهُـم=وَالغَدرُ يَعلَـقُ بِالأَعـراضِ كَالدَّسَـمِ
فَكَشَّـفَ اللَّـهُ مِنهـا غُمَّـةً نَزَلَـت=بِالمُؤمِنيـنَ وَرَبِّـي كاشِـفُ الغُمَـمِ
مَن أَضمَرَ السُّوءَ جازاهُ الإِلَـهُ بِـهِ=وَمَن رَعى البَغيَ لَم يَسلَم مِـنَ النِقَـمِ
كَفى الطُّفَيلَ بنَ عَمرٍو لُمعَةٌ ظَهَـرَت=فِي سَوطِـهِ فَأَنـارَت سُدفَـةَ القَتَـمِ
هَدى بِها اللَّهُ دَوسـاً مِـن ضَلالَتِهـا=فَتابَعَـت أَمـرَ داعِيهـا وَلَـم تَهِـمِ
وَفِـي الإِراشِـيِّ لِلأَقـوامِ مُعتَـبَـرٌ=إِذ جاءَ مَكَّـةَ فِـي ذَودٍ مِـنَ النّعَـمِ
فَباعَهـا مِـن أَبـي جَهـلٍ فَماطَلَـهُ=بِحَقِّـهِ وَتَمـادى غَـيـرَ مُحتَـشِـمِ
فَجـاءَ مُنتَصِـراً يَشكُـو ظُلامَتَـهُ=إِلى النَّبِيِّ ونِعـمَ العَـونُ فـي الإِزَمِ
فَقـامَ مُبتَـدِراً يَسعـى لِنُصـرَتِـهِ=وَنُصرَةُ الحَقِّ شَأنُ المَرءِ ذِي الهِمَـمِ
فَدَقَّ بـابَ أَبـي جَهـلٍ فَجـاءَ لَـهُ=طَوعاً يَجُرُّ عِنـانَ الخائِـفِ الـزَّرِمِ
فَحِينَ لاقـى رَسُـولَ اللَّـهِ لاحَ لَـهُ=فَحلٌ يَحُـدُّ إِلَيـهِ النـابَ مِـن أَطَـمِ
فَهالَـهُ مـا رَأى فَاِرتَـدَّ مُنزَعِجـاً=وَعادَ بِالنَّقدِ بَعدَ المَطـلِ عَـن رَغَـمِ
أَتِلكَ أَم حِينَ نـادى سَرحَـةً فَأَتَـت=إِلَيهِ مَنشُـورَةَ الأَغصـانِ كَالجُمَـمِ
حَنَت عَلَيـهِ حُنُـوَّ الأُمِّ مِـن شَفَـقٍ=وَرَفرَفَت فَوقَ ذاكَ الحُسنِ مِن رَخَـمِ
جاءَتهُ طَوعاً وَعادَت حينَ قالَ لَهـا=عُودِي وَلو خُلِّيت لِلشَّـوقِ لَـم تَـرِمِ
وَحَبَّذا لَيلَةُ الإِسـراءِ حِيـنَ سَـرى=لَيلاً إِلى المَسجِدِ الأَقصـى بِـلا أَتَـمِ
رَأَى بِهِ مِن كِـرامِ الرُّسـلِ طائِفَـةً=فَأَمَّهُـم ثُـمَّ صَلَّـى خاشِعـاً بِـهِـمِ
بَل حَبَّذا نَهضَةُ المِعراجِ حيـنَ سَمـا=بِهِ إِلى مَشهَدٍ فـي العـزِّ لَـم يُـرَمِ
سَما إِلى الفَلَـك الأَعلـى فَنـالَ بِـهِ=قَدراً يَجِلُّ عَن التَّشبيـهِ فـي العِظَـمِ
وَسارَ في سُبُحـاتِ النُّـورِ مُرتَقِيـاً=إِلـى مَـدارِجَ أَعيَـت كُـلَّ مُعتَـزِمِ
وَفازَ بِالجَوهَرِ المَكنـونِ مِـن كَلِـمٍ=لَيسَت إِذا قُرِنَت بِالوَصـفِ كَالكَلِـمِ
سِرٌّ تَحـارُ بِـهِ الأَلبـابُ قاصِـرَةً=وَنِعمَةٌ لَم تَكُن فـي الدَّهـرِ كَالنِّعَـمِ
هَيهاتَ يَبلُغُ فَهـمٌ كُنـهَ مـا بَلَغَـت=قُرباهُ مِنـهُ وَقَـد ناجـاهُ مِـن أَمَـمِ
فَيا لَها وصلَـةً نـالَ الحَبيـبُ بِهـا=ما لَم يَنَلـهُ مِـنَ التَّكريـمِ ذُو نَسَـمِ
فاقَت جَميعَ اللَّيالـي فَهـيَ زاهِـرَةٌ=بِحُسنِها كَزُهُـورِ النّـارِ فـي العَلَـمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّهُ الصَّـلاةَ عَلـى=عِبـادِهِ وَهَداهُـم واضِــحَ اللَّـقَـمِ
فَسارَعُوا نَحوَ دِينِ اللَّـهِ وَاِنتَصَبُـوا=إِلى العِبـادَةِ لا يَألُـونَ مِـن سَـأَمِ

احسـاس انثى
27/08/2012, 12:57 AM
(http://go.3roos.com/aptkstjazpi)

(http://go.3roos.com/aptkstjazpi)كشف الغمة في مدح سيد الأمة \الجزء الرابع (http://go.3roos.com/aptkstjazpi)



وَلَم يَـزَل سَيِّـدُ الكَونَيـنِ مُنتَصِبـاً=لِدَعوَةِ الدِّيـن لَـم يَفتـر وَلَـم يَجِـمِ
يَستَقبِلُ النّاسَ في بَدوٍ وَفـي حَضَـرٍ=وَيَنشُرُ الدِّينَ في سَهـلٍ وَفـي عَلَـمِ
حَتّى اِستَجابَت لَهُ الأَنصارُ وَاِعتَصَمُوا=بِحَبلِهِ عَن تَـراضٍ خَيـرَ مُعتَصـمِ
فَاِستَكمَلَـت بِهِـمُ الدُنيـا نَضارَتَهـا=وَأَصبَحَ الدينُ في جَمـعٍ بِهِـم تَمَـمِ
قَومٌ أَقَرُّوا عِمادَ الحَـقِّ وَاِصطَلَمُـوا=بِيَأسِهِـ� � كُـلَّ جَبّـارٍ وَمُصطَـلِـمِ
فَكَم بِهِـم أَشرَقَـت أَستـارُ داجِيَـةٍ=وَكَم بِهِم خَمَـدَت أَنفـاسُ مُختَصِـمِ
فَحينَ وافـى قُرَيشـاً ذِكـرُ بَيعَتِهِـم=ثارُوا إِلى الشَّرِّ فِعلَ الجاهِـلِ العَـرِمِ
وَبادَهُوا أَهلَ دِينِ اللَـهِ وَاِهتَضَمُـوا=حُقُوقَهُـ� � بِالتَّمـادِي شَـرَّ مُهتَضَـمِ
فَكَم تَرى مِن أَسيـرٍ لا حِـراكَ بِـهِ=وَشارِدٍ سـارَ مِـن فَـجٍّ إِلـى أَكَـمِ
فَهاجَرَ الصَّحبُ إِذ قالَ الرَّسُولُ لَهُـم=سيرُوا إِلى طَيبَـةَ المَرعِيَّـةِ الحُـرَمِ
وَظَلَّ فـي مَكَّـةَ المُختـارُ مُنتَظِـراً=إِذناً مِنَ اللَـهِ فـي سَيـرٍ وَمُعتَـزَمِ
فَأَوجَسَت خيفَـةً مِنـهُ قُرَيـشُ وَلَـمتَ=قبَل نَصيحاً وَلَم تَرجـع إِلـى فَهَـمِ
فَاِستَجمَعَت عُصَباً فـي دارِ نَدوَتِهـا=تَبغي بِهِ الشَّرَّ مِن حِقدٍ وَمِـن أَضَـمِ
وَلَـو دَرَت أَنَّهـا فِيمـا تُحـاوِلُـهُ=مَخذولَةٌ لَم تَسُـم فـي مَرتَـعٍ وَخِـمِ
أَولى لَها ثُـمَ أَولـى أَن يَحيـقَ بِهـا=ما أَضمَرَتهُ مِـنَ البَأسـاءِ وَالشَّجَـمِ
إِنّي لَأَعجَبُ مِن قَـومٍ أُولـي فِطَـنٍ=باعُوا النُّهى بِالعَمى وَالسَّمعَ بِالصَّمَـمِ
يَعصُـونَ خالِقَهُـم جَهـلاً بِقُدرَتِـه=وَيَعكُفُونَ عَلى الطاغُـوتِ وَالصَّنَـمِ
فَأَجمَعُـوا أَمرَهُـم أَن يَبغـتُـوهُ إِذا=جَنَّ الظَّـلامُ وَخَفَّـت وَطـأَةُ القَـدَمِ
وَأَقبَلُوا مَوهِنـاً فـي عُصبَـةٍ غُـدُرٍ=مِنَ القَبائِلِ باعُـوا النَّفـسَ بِالزَّعَـمِ
فَجـاءَ جِبريـلُ لِلـهـادِي فَأَنـبـأَهُ=بِمـا أَسَـرُّوهُ بَعـدَ العَهـدِ وَالقَسَـمِ
فَمُـذ رَآهُـم قِيامـاً حَـولَ مَأمَنِـهِ=يَبغُـونَ ساحَتَـهُ بِالشَّـرِّ وَالفَـقَـمِ
نـادى عَلِيّـاً فَأَوصـاهُ وَقـالَ لَـهُ=لا تَخشَ وَالبَس رِدائـي آمِنـاً وَنَـمِ
وَمَرَّ بِالقَومِ يَتلُـوُ وَهـوَ مُنصَـرِفٌ=يَس وَهيَ شِفاءُ النَّفـسِ مِـن وَصَـمِ
فَلَم يَـرَوهُ وَزاغَـت عَنـهُ أَعيُنُهُـم=وَهَل تَرى الشَّمس جَهراً أَعيُنُ الحَنَـمِ
وَجـاءَهُ الوَحـيُ إِيذانـاً بِهِجـرَتِـهِ=فَيَمَّمَ الغـارَ بِالصِّدِّيـقِ فـي الغَسَـمِ
فَمـا اِستَقَـرَّ بِـهِ حَـتّـى تَـبَـوَّأَهُ=مِـنَ الحَمائِـمِ زَوجٌ بـارِعُ الرَّنَـمِ
بَنـى بِـهِ عُشَّـهُ وَاِحتَلَّـهُ سَكـنـاً=يَأوي إِلَيـهِ غَـداةَ الرّيـحِ وَالرّهَـمِ
إِلفـانِ مـا جَمَـعَ المِقـدارُ بَينَهُمـا=إِلّا لِسِـرٍّ بِصَـدرِ الغـارِ مُكتَـتَـمِ
كِلاهُمـا دَيدَبـانٌ فَــوقَ مَـربـأَةٍ=يَرعَى المَسالِكَ مِن بُعـدٍ وَلَـم يَنَـمِ
إِن حَنَّ هَذا غَرامـاً أَو دَعـا طَرَبـاً=بِاسمِ الهَديـلِ أَجابَـت تِلـكَ بِالنَّغَـمِ
يَخالُها مَـن يَراهـا وَهـيَ جاثِمَـةٌ=في وَكرِهـا كُـرَةً مَلسـاءَ مِـن أَدَمِ
إِن رَفرَفَت سَكَنَت ظِـلّاً وَإِن هَبَطَـت=رَوَت غَليلَ الصَّدى مِن حائِـرٍ شَبِـمِ
مَرقُومَةُ الجِيدِ مِـن مِسـكٍ وَغالِيَـةٍ=مَخضُوبَةُ السـاقِ وَالكَفَّيـنِ بِالعَنَـمِ
كَأَنَّما شَرَعَت فـي قانِـيءٍ سـربٍ=مِن أَدمُعِـي فَغَـدَت مُحمَـرَّةَ القَـدَمِ
وَسَجفَ العَنكَبُـوتُ الغـارَ مُحتَفِيـاً=بِخَيمَـةٍ حاكَهـا مِـن أَبـدَعِ الخِيَـمِ
قَد شَدَّ أَطنابَها فَاِستَحكَمَـت وَرَسَـت=بِالأَرضِ لَكِنَّهـا قامَـت بِـلا دِعَـمِ
كَأَنَّهـا سـابِـريٌّ حـاكَـهُ لَـبِـقٌبِ=أَرضِ سابُورَ في بحبُوحَـةِ العَجَـمِ
وَارَت فَمَ الغارِ عَن عَيـنٍ تُلِـمُّ بِـهِ=فَصارَ يَحكـي خَفـاءً وَجـهَ مُلتَثِـمِ
فَيـا لَـهُ مِـن سِتـارٍ دُونَـهُ قَمَـرٌ=يَجلُو البَصائِرَ مِن ظُلـمٍ وَمِـن ظُلَـمِ
فَظَـلَّ فيـهِ رَسـولُ اللَّـهِ مُعتَكِفـاً=كَالدُرِّ في البَحر أَو كَالشَمسِ في الغُسَمِ
حَتّى إِذا سَكَنَ الإِرجـاف وَاِحتَرقَـت=أَكبادُ قَـومٍ بِنـارِ اليَـأسِ وَالوَغَـمِ
أَوحى الرَّسولُ بِإِعدادِ الرَّحيـلِ إِلـى=مَن عِندَهُ السِّرُّ مِن خِلٍّ وَمِـن حَشَـمِ
وَسـارَ بَعـدَ ثَـلاثٍ مِـن مَباءَتِـهِ=يَـؤُمُّ طَيبَـةَ مَـأوى كُـلِّ مُعتَصِـمِ
فَحِيـنَ وَافـى قُدَيـداً حَـلَّ مَوكِبُـهُ=بِـأُمِّ مَعبَـدَ ذاتِ الـشَّـاءِ وَالغَـنَـمِ
فَلَـم تَجِـد لِقِـراهُ غَيـرَ ضائِـنَـةٍ=قَدِ اقشَعَـرَّت مَراعِيهـا فَلَـم تَسُـمِ
فَمـا أَمَـرَّ عَلَيهـا داعِـيـاً يَــدَهُ=حَتّى اِستَهَلَّت بِـذِي شَخبيـنِ كَالدِّيَـمِ
ثُمَّ اِستَقَلَّ وَأَبقـى فـي الزَّمـانِ لَهـا=ذِكراً يَسيـرُ عَلَـى الآفـاق كَالنَّسَـمِ
فَبَينَما هُـوَ يَطـوي البِيـدَ أَدرَكَـهُ=رَكضاً سُراقَةُ مِثلَ القَشعَـمِ الضَّـرِمِ
حَتّى إِذا ما دَنـا سـاخَ الجَـوادُ بِـهِ=فـي بُرقَـةٍ فَهَـوى لِلسَّـاقِ وَالقَـدَمِ
فَصاحَ مُبتَهِلاً يَرجُـو الأَمـانَ وَلَـو=مَضى عَلى عَزمِهِ لانهارَ في رَجَـمِ
(http://go.3roos.com/aptkstjazpi)

احسـاس انثى
27/08/2012, 01:50 AM
(http://go.3roos.com/j6etbo9assi)


(http://go.3roos.com/j6etbo9assi)كشف الغمة في مدح سيد الأمة \الجزء الخامس (http://go.3roos.com/j6etbo9assi)




وَكَيـفَ يَبلُـغُ أَمـراً دُونَــهُ وَزَرٌ=مِـنَ العِنايـةِ لَـم يَبلُغـهُ ذُو نَسَـمِ
فَكَفَّ عَنهُ رَسـولُ اللَّـهِ وَهـوَ بِـهِ=أَدرى وَكَـم نِقَـمٍ تفتَـرُّ عَـن نِعَـمِ
وَلَم يَزَل سائِراً حَتّـى أَنـافَ عَلـى=أَعـلامِ طَيبَـةَ ذاتِ المَنظَـرِ العَمَـمِ
أَعظِـم بِمَقدَمِـهِ فَـخـراً وَمَنقـبَـةً=لِمَعشَرِ الأَوسِ وَالأَحياءِ مِـن جُشَـمِ
فَخـرٌ يَـدُومُ لَهُـم فَضـلٌ بِذِكرَتِـهِ=ما سارَت العِيـسُ بِالـزُّوّارِ لِلحَـرَمِ
يَـومٌ بِـهِ أَرَّخَ الإِسـلامُ غُـرَّتَـهُ=وَأَدرَكَ الدِّيـنُ فيـهِ ذِروَةَ النُّـجُـمِ
ثُمَّ اِبتَنـى سَيِّـدُ الكَونَيـنِ مَسجـدَهُ=بُنيانَ عِـزٍّ فَأَضحـى قائِـمَ الدّعَـمِ
وَاِختَصَّ فيهِ بِـلالاً بِـالأَذانِ وَمـا=يُلفى نَظيـرٌ لَـهُ فـي نَبـرَةِ النَّغَـمِ
حَتّى إِذا تَـمَّ أَمـرُ اللَّـهِ وَاِجتَمَعَـت=لَهُ القبَائِـلُ مِـن بُعـدٍ وَمِـن زَمَـمِ
قـامَ النَّبِـيُّ خَطيبـاً فيهِـمُ فَـأَرى=نَهجَ الهُدى وَنَهى عَن كُـلِّ مُجتَـرَمِ
وَعَمَّهم بِكِتـابٍ حَـضَّ فيـهِ عَلـى=مَحاسِـنِ الفَضـلِ وَالآدابِ وَالشِّيـمِ
فَأَصبَحُوا في إِخاءٍ غَيـرِ مُنصَـدِعٍ=عَلى الزَّمـانِ وَعِـزٍّ غَيـرِ مُنهَـدِمِ
وَحِينَ آخـى رَسُـولُ اللَّـهِ بَينَهُـمُ=آخى عَلِيّاً وَنِعمَ العَـونُ فـي القُحَـمِ
هُوَ الَّـذي هَـزَمَ اللَّـهُ الطُغـاةَ بِـهِ=في كُـلِّ مُعتَـرَكٍ بِالبِيـضِ مُحتَـدِمِ
فَاِستَحكَم الدِّيـنُ وَاِشتَـدَّت دَعائِمُـهُ=حَتّى غَدا واضِحَ العِرنيـنِ ذا شَمَـمِ
وَأَصبَـحَ النـاسُ إِخوانـاً وَعَمَّهُـمُ=فَضلٌ مِنَ اللَّهِ أَحياهُـم مِـنَ العَـدَمِ
هَذا وَقَد فَرَضَ اللَّـهُ الجِهـادَ عَلـى=رَسُولِـهِ لِيَبُـثَّ الدِّيـنَ فـي الأُمَـمِ
فَكانَ أَوَّلُ غَـزوٍ سـارَ فيـهِ إِلـى=وَدّانَ ثُمَّ أَتـى مِـن غَيـرِ مُصطَـدَمِ
ثُمَّ اِستَمَرَّت سَرايـا الدِّيـنِ سابِحَـةً=بِالخَيـلِ جامِحَـةً تَستَـنُّ بِاللُّـجُـمِ
سَرِيَّةٌ كـانَ يَرعاهـا عُبَيـدَةُ فـيصَوبٍ= وَحَمزَةُ في أُخرى إِلى التَّهَـمِ
وَغَزوَةٌ سارَ فيها المُصطَفـى قُدُمـاً=إِلـى بُـواطٍ بِجَمـعٍ ساطِـعِ القَتَـمِ
وَمِثلَهـا يَمَّمَـت ذاتَ العُشيـرَةِ فـي=جَيشٍ لُهـامٍ كَمَـوجِ البَحـرِ مُلتَطِـمِ
وَسارَ سَعـدٌ إِلـى الخَـرّارِ يَقدُمُـهُ=سَعدٌ وَلَم يَلقَ في مَسـراهُ مِـن بَشَـمِ
وَيَمَّمَـت سَفَـوان الخَيـلُ سابِـحَـةً=بِكُـلِّ مُعـتَـزِمٍ لِلـقَـرنِ مُلـتَـزِمِ
وَتابَـعَ السَّيـرَ عَبـدُ اللَّـهِ مُتَّجِهـاً=تِلقاءَ نَخلَـةَ مَصحُوبـاً بِكُـلِّ كَمِـي
وَحُوّلَـت قِبلَـةُ الإِسـلامِ وَقتَـئِـذٍ=عَن وِجهَةِ القُدسِ نَحوَ البَيتِ ذي العِظَمِ
وَيَمَّمَ المُصطَفـى بَـدراً فَـلاحَ لَـهُ=بَدرٌ مِنَ النَّصرِ جَلَّى ظُلمَـةَ الوَخَـمِ
يَـومٌ تَبَسَّـمَ فيـهِ الدِّيـنُ وَاِنهَمَلَـت=عَلَى الضَّلالِ عُيونُ الشِّركِ بِالسَّجَـمِ
أَبلَى عَلِـيٌّ بِـهِ خَيـرَ البَـلاءِ بِمـا=حَباهُ ذُو العَرشِ مِن بَأسٍ وَمِن هِمَـمِ
وَجالَ حَمزَةُ بِالصَّمصـامِ يَكسؤُهُـ=مكَسـأً يُفَـرِّقُ مِنهُـم كُـلَّ مُزدَحَـمِ
وَغادَرَ الصَّحبُ وَالأَنصـارُ جَمعَهُـمُ=وَلَيـسَ فيـهِ كَمِـيٌّ غَيـرُ مَنهَـزِمِ
تَقَسَّمَتهُـم يَـدُ الهَيـجـاءِ عـادِلَـةً=فَالهـامُ لِلبِيـض وَالأَبـدانُ لِلرَّخَـمِ
كَأَنَّما البِيـضُ بِالأَيـدي صَوالِجَـةٌ=يَلعَبنَ فـي ساحَـةِ الهَيجـاءِ بِالقِمَـمِ
لَم يَبقَ مِنهُـم كَمِـيٌّ غَيـرُ مُنجَـدِلٍ=عَلى الرّغامِ وَعُضوٌ غَيـرُ مُنحَطِـمِ
فَما مَضَت ساعَةٌ وَالحَـربُ مُسعَـرَةٌ=حَتّـى غَـدا جَمعُهُـم نَهبـاً لِمُقتَسِـمِ
قَد أَمطَرَتهُم سَماءُ الحَـربِ صائِبَـةً=بِالمَشرَفِيَّـ� �ِ وَالـمُـرّانِ كَالـرُّجُـمِ
فَأَينَ ما كانَ مِن زَهوٍ وَمِـن صَلَـفٍ=وَأَينَ ما كانَ مِن فَخـرٍ وَمِـن شَمَـمِ
جاؤُا وِللشَّرِّ وَسـمٌ فـي مَعاطِسِهِـم=فَأُرغِمُوا وَالرَّدى فـي هَـذِهِ السِّيَـمِ
مَن عارَضَ الحَقَّ لَـم تَسلَـم مَقاتِلُـهُ=وَمَن تَعَـرَّضَ لِلأَخطـارِ لَـم يَنَـمِ
فَما اِنقَضى يَومُ بَدرٍ بِالَّتـي عَظُمَـت=حَتّى مَضى غازِياً بِالخَيلِ في الشُّكُـمِ
فَيَمَّـمَ الكُـدرَ بِالأَبطـالِ مُنتَحِـيـاً=بَنـي سُلَيـمٍ فَوَلَّـت عَنـهُ بِالرَّغَـمِ
وَسارَ في غَزوَةٍ تُدعى السَّويقَ بِمـا=أَلقـاهُ أَعـداؤُهُ مِـن عُظـمِ زادِهِـمِ
ثُمَّ اِنتَحـى بِوُجُـوهِ الخَيـل ذَا=أَمـرٍفَفَـرَّ ساكِنُـهُ رُعبـاً إِلـى الـرَّقَـمِ
وَأَمَّ فرعـاً فَلَـم يَثقَـف بِـهِ أَحَـداً=وَمَن يُقيـمُ أَمـامَ العـارِضِ الهَـزِمِ
وَلَفَّ بِالجَيـشِ حَيَّـي قَينُقـاعَ بِمـا=جَنَوا فَتَعساً لَهُـم مِـن مَعشَـرٍ قَـزَمِ
وَسارَ زَيدٌ بِجَمعٍ نَحـوَ قَـردَةَ مِـن=مِياهِ نَجدٍ فَلَـم يَثقَـف سِـوى النَّعَـمِ
ثُمَّ اِستَدارَت رَحا الهَيجاءِ فـي أُحُـد=بِكُـلِّ مُفتَـرِسٍ لِلـقِـرنِ مُلتَـهِـمِ
يَـومٌ تَبَيَّـنَ فيـهِ الجِـدُّ وَاِتَّضَحَـت=جَلِيَّةُ الأَمـرِ بَعـدَ الجَهـدِ وَالسَّـأَمِ
قَد كانَ خُبـراً وَتَمحيصـاً وَمَغفِـرَةً=لِلمُؤمِنيـن� � وَهَـل بُـرءٌ بِـلا سَقَـمِ
(http://go.3roos.com/j6etbo9assi)

احسـاس انثى
27/08/2012, 02:05 AM
(http://go.3roos.com/vm48pxtyww7)كشف الغمة في مدح سيد الأمة \الجزء السادس (http://go.3roos.com/vm48pxtyww7)




مَضى عَلِـيٌّ بِـهِ قُدمـاً فَزَلزَلَهُـم=بِحَملَـةٍ أَورَدَتهُـم مَـورِدَ الشَّجَـمِ
وَأَظهَرَ الصَّحبُ وَالأَنصارُ بَأسَهـم=وَالبَأسُ في الفِعلِ غَيرُ البَأسِ فِي الكَلِمِ
خاضُوا المَنايا فَنالُوا عِيشَـةً رَغَـداً=وَلَـذَّةُ النَّفـسِ لا تَأتِـي بِـلا أَلَـمِ
مَن يَلزَمِ الصَّبرَ يَستَحسِـن عَواقِبَـهُ=وَالماءُ يَحسُنُ وَقعاً عِنـدَ كُـلِّ ظَـمِ
لَو لَم يَكُن فِي اِحتِمالِ الصَّبرِ مَنقَبـةٌ=لَم يَظهَرِ الفَرقُ بَينَ اللُّـؤمِ وَالكَـرَمِ
فَكانَ يَوماً عَتِيدَ البَـأسِ نـالَ بِـهِ=كِلا الفَريقَيـنِ جَهـداً وَارِيَ الحَـدَمِ
أَودى بِهِ حَمزَةُ الصِّندِيدُ فِـي نَفَـرٍ=نالوا الشَّهادَةَ تَحتَ العارِضِ الـرَّزِمِ
أَحسِن بِها مَيتَةً أَحيَـوا بِهـا شَرَفـاً=وَالمَوتُ في الحَربِ فَخرُ السّادَةِ القُدُمِ
لا عارَ بِالقَومِ مِن مَوتٍ وَمِن سَلَـب=وَهَل رَأَيـتَ حُسامـاً غَيـرَ مُنثَلِـمِ
فَكـانَ يَـوم جَـزاءٍ بَعـدَ مُختَبَـرٍ=لِمَن وَفـا وَجَفـا بِالعِـزِّ وَالرَّغَـمِ
قامَ النَّبِيُّ بِـهِ فـي مَـأزِقٍ حَـرِج=تَرعى المَناصِلُ فيهِ مَنبِـتَ الجُمَـمِ
فَلَم يَزَل صابِراً في الحَربِ يَفثَؤُهـا=بِالبِيضِ حَتّى اِكتَسَت ثَوباً مِنَ العَنَـمِ
وَرَدَّ عَيـنَ اِبـنِ نُعمـان قَتـادَةَ إِذ=سالَت فَعادَت كَما كانَـت بِـلا لَتـمِ
وَقَد أَتى بَعدَ ذا يَـومُ الرَّجِيـعِ بِمـا=فِيهِ مِنَ الغَدرِ بَعـدَ العَهـدِ وَالقَسَـمِ
وَثارَ نَقعُ المَنايا فـي مَعُونَـةَ مِـن=بَني سُلَيمٍ بِأَهـلِ الفَضـلِ وَالحِكَـمِ
ثُمَّ اِشرَأَبَّت لِخَفرِ العَهـدِ مِـن سَفَـهٍ=بَنُو النَّضيرِ فَأَجلاهُـم عَـنِ الأُطُـمِ
وَسـارَ مُنتَحِيـاً ذاتَ الرِّقـاعِ فَلَـم=تَلقَ الكَتائِبُ فيهـا كَيـدَ مُصطَـدَمِ
وَحَلَّ مِن بَعدِها بَـدراً لِوَعـدِ أَبِـي=سُفيـانَ لَكِنَّـهُ وَلّـى وَلَـم يَـحُـمِ
وَأَمَّ دَومَةَ فـي جَمـعٍ وَعـادَ إِلـى=مَكانِـهِ وَسَمـاءُ النَّقـعِ لَـم تَغِـمِ
ثُمَّ اِستَثارَت قُرَيـشٌ وَهـيَ ظالِمَـةٌ=أَحلافَها وَأَتَـت فـي جَحفَـلٍ لَهِـمِ
تَستَمرِئُ البَغيَ مِن جَهلٍ وَما عَلِمَـت=أَنَّ الجَهالَـة مَدعـاةٌ إِلـى الثَّـلَـمِ
وَقامَ فيهم أَبُـو سُفيـانَ مِـن حَنَـقٍ=يَدعُو إِلى الشَّرِّ مثلَ الفَحلِ ذِي القَطَمِ
فَخَندَقَ المُؤمِنُونَ الـدّارَ وَاِنتَصَبُـوا=لِحَربِهِم كَضَواري الأُسدِ في الأَجَـمِ
فَما اِستَطاعَت قُرَيشٌ نَيلَ ما طَلَبَـت=وَهَل تَنـالُ الثُّرَيّـا كَـفُّ مُستَلِـمِ
رامَت بِجَهلَتِها أَمـراً وَلَـو عَلِمَـت=ماذَا أُعِدَّ لَها في الغَيـبِ لَـم تَـرُمِ
فَخَيَّـبَ اللَّـهُ مَسعاهـا وَغادَرَهـا=نَهبَ الرَّدى وَالصَّدى وَالرِّيحِ وَالطَّسَمِ
فَقوَّضَت عُمُدَ التَّرحالِ وَاِنصَرَفَـت=لَيلاً إِلى حَيثُ لَم تَسرَح وَلَـم تَسُـمِ
وَكَيفَ تَحمَدُ عُقبـى ماجَنَـت يَدُهـا=بَغياً وَقَد سَرَحَت في مَرتَـعٍ وَخِـمِ
قَد أَقبَلَت وَهيَ في فَخرٍ وَفـي جَـذَ لٍوَ=أَدبَرَت وَهيَ في خِزيٍ وَفي سَـدَمِ
مَن يَركَبِ الغَيَّ لا يَحمَـد عَواقِبَـهُ=وَمَن يُطِع قَلبُهُ أَمـرَ الهَـوى يَهِـمِ
ثُمَّ اِنتَحى بِوُجُـوهِ الخَيـلِ ساهِمَـةً=بَني قُرَيظَةَ فـي رَجراجَـةٍ حُطَـمِ
خانُوا الرَّسُولَ فَجازاهُم بِما كَسَبُـوا=وَفِي الخِيانَـةِ مَدعـاةٌ إِلـى النِّقَـمِ
وَسارَ يَنحُو بَني لِحيانَ فَاِعتَصَمُـوا=خَوفَ الرَّدى بِالعَوالي كُلَّ مُعتَصَـمِ
وَأَمَّ ذا قَـرَدٍ فـي جَحفَـلٍ لَـجِـبٍيَستَنُّ في لاحِـبٍ بـادٍ وَفـي نَسَـمِ
وَزارَ بِالجَيشِ غَزواً أَرضَ مُصطَلِقٍ=فَما اتَّقُوهُ بِغَيرِ البِيضِ فـي الخَـدَمِ
وَفي الحُدَيبِيَةِ الصُّلحُ اِستَتَـبَّ إِلـى=عَشرٍ وَلَم يَجرِ فيهـا مِـن دَمٍ هَـدَمِ
وَجاءَ خَيبَـرَ فـي جَـأواءَ كَالِحَـةٍ=بِالخَيلِ كَالسَّيلِ وَالأَسيافِ كَالضَّـرَمِ
حَتّى إِذا اِمتَنَعَت شُمُّ الحُصونِ عَلـى=مَن رامَهـا بَعـدَ إِيغـالٍ وَمُقتَحَـمِ
قالَ النَّبِيُّ سَأُعطِـي رايَتِـي رَجُـلاً=يُحِبُّنِـي وَيُحِـبُّ اللَّـهَ ذا الـكَـرَمِ
ذا مرَّةٍ يَفتَحُ اللَّـهُ الحُصـونَ عَلَـى=يَدَيـهِ لَيـسَ بِـفَـرّارٍ وَلا بَــرِمِ
فَما بَدا الفَجـرُ إِلّا وَالزَّعيـمُ عَلـى=جَيشِ القِتـالِ عَلِـيٌّ رافِـعُ العَلَـمِ
وَكـانَ ذا رَمَـدٍ فَاِرتَـدَّ ذا بَصَـرٍ=بِنَفثَـةٍ أَبـرَأَت عَينَيـهِ مِــن وَرَمِ
فَسارَ مُعتَزِماً حَتّـى أَنـافَ عَلـى=حُصُونِ خَيبَـرَ بِالمَسلُولَـةِ الخُـذُمِ
يَمضِـي بِمُنصُلِـهِ قُدمـاً فَيَلحَمُـهُ=مَجرى الوَريدِ مِنَ الأَعنـاقِ وَاللِّمَـمِ
حَتّى إِذا طاحَ مِنهُ التُّرسُ تـاحَ لَـهُ=بابٌ فَكانَ لَـهُ تُرسـاً إِلـى العَتَـمِ
بـابٌ أَبَـت قَلبَـهُ جَهـداً ثَمانِيَـةٌ=مِنَ الصَّحابَةِ أَهـلِ الجِـدِّ وَالعَـزَمِ
فَلَم يَزَل صائِلاً في الحَربِ مُقتَحِمـاً=غَيابَةَ النَّقـعِ مِثـلَ الحَيـدَرِ القَـرِمِ
حَتّى تَبَلَّجَ فَجرُ النَّصـرِ وَاِنتَشَـرَت=بِهِ البَشائِـرُ بَيـنَ السَّهـلِ وَالعَلَـمِ
أَبشِر بِهِ يَومَ فَتحٍ قَـد أَضـاءَ بِـهِ=وَجهُ الزَّمانِ فَأَبـدى بِشـرَ مُبتَسِـمِ
أَتى بِهِ جَعفَـرُ الطَّيّـارُ فَاِبتَهَجَـت=بِعَودِهِ أَنفُـسُ الأَصحـابِ وَالعُـزَمِ
(http://go.3roos.com/vm48pxtyww7)

احسـاس انثى
27/08/2012, 08:09 AM
(http://go.3roos.com/60yyafjzqom)كشف الغمة في مدح سيد الأم ..الجزء السابع (http://go.3roos.com/60yyafjzqom)



فَكانَ يَوماً حَوى عِيدَيـنِ فـي نَسَـقٍ=فَتحاً وَعَـود كَرِيـمٍ طاهِـرِ الشِّيَـمِ
وَعادَ بِالنَّصرِ مَولى الدِّينِ مُنصَرِفـاً=يَؤُمُّ طَيبَـةَ فِـي عِـزٍّ وَفِـي نِعَـمِ
ثُـمَّ اِستَقـامَ لِبَيـتِ اللَّـهِ مُعتَـمِـراً=لِنَيـلِ مـا فاتَـهُ بِالهَـديِ لِلـحَـرَمِ
وَسارَ زَيدٌ أَميراً نَحـوَ مُؤتَـةَ فـيبَعثٍ= فَلاقى بِها الأَعـداءَ مِـن كَثَـمِ
فَعَبَّـأَ المُسلِمُـونَ الجُنـدَ وَاِقتَتَـلُـوا=قِتـالَ مُنتَـصِـرٍ لِلـحَـقِّ مُنتَـقِـمِ
فَطاحَ زَيـدٌ وَأَودى جَعفَـرٌ وَقَضـى=تَحتَ العَجاجَةِ عَبـدُ اللَّـهِ فـي قُـدُمِ
لا عارَ بِالمَوتِ فَالشَّهمُ الجَرِيءُ يَرى=أَنَّ الرَّدى في المَعالـي خَيـرُ مُغتَنَـمِ
وَحِينَ خاسَت قُرَيـشٌ بِالعُهُـودِ وَلَـم=تُنصِف وَسارَت مِن الأَهواءِ في نَقَـمِ
وَظاهَرَت مِن بَنـي بَكـرٍ حَليفَتَهـا=عَلى خُزاعَةَ أَهلِ الصِّدقِ فِـي الذِّمَـمِ
قامَ النَّبِـيُّ لِنَصـرِ الحَـقِّ مُعتَزِمـاً=بِجَحفَـلٍ لِجُمُـوعِ الشِّـركِ مُختَـرِمِ
تَبدُو بِهِ البِيضُ وَالقَسطـالُ مُنتَشِـرٌ=كَالشُّهبِ في اللَّيلِ أَو كَالنّارِ فِي الفَحَـمِ
لَمعُ السُّيُوفِ وَتَصهالُ الخُيـولِ بِـهِ=كَالبَرقِ وَالرَّعدِ في مُغـدَودِقٍ هَـزِمِ
عَرمرَمٌ يَنسِفُ الأَرضَ الفَضـاءَ إِذا=سَرى بِها وَيَدُكُّ الهَضبَ مِـن خِيَـمِ
فِيـهِ الكُمـاةُ الَّتـي ذَلَّـت لِعِزَّتِهـا=مَعاطِـسٌ لَـم تُذَلَّـل قَبـلُ بِالخُطُـمِ
مِن كُـلِّ مُعتَـزِمٍ بِالصَّبـرِ مُحتَـزِمٍ=لِلقِرنِ مُلتَـزِمٍ فـي البَـأسِ مُهتَـزِمِ
طالَت بِهِم هِمَمٌ نالُـوا السِّمـاكَ بِهـا=عَن قُـدرَةٍ وَعُلُـوُّ النَّفـسِ بِالهِمَـمِ
بِيـضٌ أَسـاوِرَةٌ غُلـبٌ قَـسـاوِرَةٌ شُكسٌ= لَدى الحَربِ مِطعامونَ في الأُزُمِ
طابَت نُفُوسُهُـمُ بِالمَـوتِ إِذ عَلِمُـوا=أَنَّ الحَياةَ الَّتـي يَبغُـونَ فـي العَـدَمِ
ساسُوا الجِيـادَ فَظَلَّـت فـي أَعِنَّتِهـا=طَـوعَ البَنانَـةِ فـي كَـرٍّ وَمُقتَحَـمِ
تَكادُ تَفقَـهُ لَحـنَ القَـولِ مِـن أَدَبٍ=وَتَسبِقُ الوَحيَ وَالإِيمـاءَ مِـن فَهَـمِ
كَـأَنَّ أَذنابَهـا فـي الكَـرِّ أَلـوِيَـةٌ=عَلَى سَفِيـنٍ لِأَمـرِ الرِّيـحِ مُرتَسِـمِ
مِن كُـلِّ مُنجَـرِدٍ يَهـوي بِصاحِبِـهِ=بَينَ العَجاجِ هـوِيَّ الأَجـدَلِ اللَّحِـمِ
وَالبِيضُ تَرجُفُ في الأَغمادِ مِن ظَمَأٍ=وَالسُّمرُ تَرعدُ في الأَيمانِ مِـن قَـرَمِ
مِـن كُـلِّ مُطَّـرِدٍ لَـولا عَلائِـقُـهُ=لَسابَقَ المَوتَ نَحوَ القِرنِ مِن ضَـرَمِ
كَأَنَّـهُ أَرقَـمٌ فـي رَأسِـهِ حُـمَـةٌ=يَستَلُّ كَيـدَ الأَعـادي بِابنَـةِ الرَّقَـمِ
فَلَم يَزَل سائِراً حَتّـى أَنـافَ عَلـى=أَربـاضِ مَكّـةَ بِالفُرسـانِ وَالبُهَـمِ
وَلَفَّهـم بِخَمِيـسٍ لَـو يَشُـدُّ عَـلـى=أَركانِ رَضوى لَأَضحى مائِلَ الدِّعَـمِ
فَأَقبَلوا يَسأَلُـونَ الصَّفـحَ حِيـنَ رَأَوا=أَنَّ اللَّجاجَـةَ مَدعـاةٌ إِلـى الـنَّـدَمِ
رِيعُوا فَذَلُّوا وَلَـو طاشُـوا لَوَقَّرَهُـم=ضَربٌ يُفَـرِّقُ مِنهُـم مَجمَـعَ اللِّمَـمِ
ذاقُوا الرَّدى جُرَعاً فَاِستَسلَمُوا جَزَعـاً=لِلصُّلحِ وَالحَربُ مَرقـاةٌ إِلـى السَّلَـمِ
وَأَقبَلَ النَّصـرُ يَتلُـو وَهـوَ مُبتَسِـمٌ=المَجدُ لِلسَّيـفِ لَيـسَ المَجـدُ لِلقَلَـمِ
يا حائِرَ اللُّبِّ هَذا الحَقُّ فَامـضِ لَـهُ=تَسلَم وَهَـذا سَبِيـلُ الرُّشـدِ فَاِستَقِـمِ
لا يَصرَعَنَّـكَ وَهـمٌ بِـتَّ تَرقُـبُـهُ=إِنَّ التَّوَهُّـمَ حَتـفُ العاجِـزِ الوَخِـمِ
هَـذا النَّبـيُّ وَذاكَ الجَيـشُ مُنتَشِـرٌ=مِلءَ الفَضا فَاِستَبـق لِلخَيـرِ تَغتَنِـمِ
فَالزَم حِماهُ تَجِد ما شِئـتَ مِـن أَرَبٍ=وَشِم نَداهُ إِذا مـا البَـرقُ لَـم يُشَـمِ
وَاحلُل رِحالَكَ وَانـزِل نَحـوَ سُدَّتِـهِ=فَإِنَّها عصمَـةٌ مِـن أَوثَـقِ العِصـمِ
أَحيا بِهِ اللَّـهُ أَمـواتَ القُلـوبِ كَمـا=أَحيا النَّباتَ بِفَيـضِ الوابِـلِ الـرَّذِمِ
حَتّى إِذا تَمَّ أَمرُ الصُلـحِ وَاِنتَظَمَـت=بِـهِ عُقـودُ الأَمانـي أَيَّ مُنتَـظَـمِ
قـامَ النَّبِـيُّ بِشُكـرِ اللَّـهِ مُنتَصِبـاً=وَالشُّكرُ فِي كُلِّ حـالٍ كافِـلُ النِّعَـمِ
وَطافَ بِالبَيتِ سبعـاً فَـوقَ راحِلَـةٍ=قَوداءَ ناجِيَـةٍ أَمضـى مِـنَ النَّسَـمِ
فَمـا أَشـارَ إِلـى بُــدٍّ بِمِحجَـنِـهِ=إِلّا هـوَى لِـيَـدٍ مَغلُـولَـةٍ وَفَــمِ
وَفِي حُنَينٍ إِذ اِرتَـدَّت هَـوازِنُ عَـن=قَصدِ السَّبيلِ وَلَم تَرجِع إِلـى الحَكَـمِ
سَـرى إِلَيهـا بِبَحـرٍ مِـن مُلَملَمَـةٍ=طامي السّراة بِمَوجِ البِيـضِ مُلتَطِـمِ
حَتّى اِستَذَلَّت وَعادَت بَعـدَ نَخوَتِهـا=تُلقي إِلـى كُـلِّ مَـن تَلقـاهُ بِالسَّلَـمِ
وَيَمَّمَ الطّائِـفَ الغَنّـاءَ ثُـمَّ مَضـى=عَنها إلى أَجَـلٍ فـي الغَيـبِ مُكتَتَـمِ
وَحِينَ أَوفى عَلى وادِي تَبُوكَ سَعـى=إِلَيـهِ ساكِنُهـا طَوعـاً بِـلا رَغَـمِ
فَصالَحُـوهُ وَأَدَّوا جِزيَـةً وَرَضُـوا=بِحُكمِـهِ وَتَبيـعُ الرُشـد لَـم يَـهِـمِ
أَلفى بِها عَينَ مـاءٍ لا تَبِـضُّ فَمُـذ=دَعا لَها اِنفَجَرَت عَـن سائِـغٍ سَنِـمِ
وَراوَدَ الغَيـثَ فَاِنهَـلَّـت بَــوادِرُهُ=بَعـدَ الجُمـودِ بِمُنهَـلٍّ وَمُنسَـجِـمِ
وَأَمَّ طَيـبَـةَ مَـسـروراً بِعَـودَتِـهِ=يَطوي المَنـازِلَ بِالوَخّـادَةِ الرُّسُـمِ

(http://go.3roos.com/60yyafjzqom)

احسـاس انثى
27/08/2012, 10:48 AM
(http://go.3roos.com/h3c0xvhdoca)

(http://go.3roos.com/h3c0xvhdoca)كشف الغمة في مدح سيد الأمة /الجزء الثامن (http://go.3roos.com/h3c0xvhdoca)








ثُمَّ اِستَهَلَّت وُفُـودُ النـاسِ قاطِبَـةً=إِلى حِمـاهُ فَلاقَـت وافِـرَ الكَـرَمِ
فَكانَ عامَ وُفـودٍ كُلَّمـا اِنصَرَفَـت=عِصابَةٌ أَقبَلَت أُخـرى عَلـى قَـدَمِ
وَأَرسَلَ الرُّسلَ تَترى لِلمُلـوكِ بِمـا=فِيهِ بَـلاغٌ لِأَهـلِ الذِّكـرِ وَالفَهَـمِ
وَأَمَّ غالِـبُ أَكنـافَ الكَديـدِ إِلـى=بَني المُلَوَّحِ فَاِستَولـى عَلـى النَّعَـمِ
وَحِينَ خانَت جُـذامٌ فَـلَّ شَوكَتَهـا=زَيدٌ بِجَمعٍ لِرَهـطِ الشِّـركِ مُقتَثِـمِ
وَسارَ مُنتَحِياً وادي القُـرى فَمَحـا=بَني فَزارَةَ أَصـلَ اللُّـؤمِ وَالقَـزَمِ
وَأَمَّ خَيبَـرَ عَبـدُ اللَّـهِ فـي نَفَـرٍ=إِلـى اليَسِيـر فَـأَرداهُ بِـلا أَتَـمِ
وَيَمَّمَ اِبنُ أُنَيـسٍ عُـرضَ نَخلَـةَ إِذ=طَغا اِبنُ ثَورٍ فَاصمـاهُ وَلَـم يَخِـمِ
ثُمَّ اِستَقَلَّ اِبنُ حِصنٍ فَاِحتَـوَت يَـدُهُ=عَلى بَني العَنبَرِ الطُّـرّارِ وَالشُّجُـمِ
وَسارَ عَمرو إِلى ذاتِ السَّلاسِلِ فـي=جَمعٍ لُهامٍ لِجَيشِ الشِّـركِ مُصطَلِـمِ
وَغَزوَتـانِ لِعَبـدِ اللَّـهِ واجِــدَةٌ=إِلى رِفاعَةَ وَالأُخـرى إِلـى إِضَـمِ
وَسارَ جَمعُ اِبنِ عَوفٍ نَحوَ دَومَةَ كَي=يَفُلَّ سَـورَةَ أَهـلِ الـزُّورِ وَالتُّهَـمِ
وَأَمَّ بِالخَيلِ سيفَ البَحـرِ مُعتَزِمـاً=أَبُـو عُبَيـدَةَ فـي صُيّابَـةٍ حُشُـمِ
وَسارَ عَمرو إِلى أُمِّ القُـرى لِأَبـي=سُفيانَ لَكِـن عَدَتـهُ مُهلَـةُ القِسَـمِ
وَأَمَّ مَديَـنَ زَيـدٌ فَاِستَـوَت يَــدُهُ=عَلى العَدُوِّ وَسـاقَ السَّبـيَ كَالغَنَـمِ
وَقامَ سالِمُ بِالعَضبِ الجُـرازِ إِلـى=أَبـي عُفَيـكٍ فَـأَرداهُ وَلَـم يَجِـمِ
وَاِنقَضَّ لَيلاً عُمَيرٌ بِالحُسـامِ عَلـى=عَصماءَ حَتّى سَقاهـا عَلقَـمَ العَـدَمِ
وَسارَ بَعثٌ فَلَـم يُخطِـئ ثُمامَـةَ إِذ=رَآهُ فَاحتـازَهُ غُنمـاً وَلَـم يُـلَـمِ
ذاكَ الهُمـامُ الَّـذي لَبّـى بِمَكَّـة إِذ=أَتى بِها مُعلِناً في الأَشهُـرِ الحُـرُمِ
وَبَعثُ عَلقَمَةَ اِستَقرى العَدُوَّ ضُحـىً=فَلَم يَجِد في خِلالِ الحَـيِّ مِـن أَرمِ
وَرَدَّ كُرزٌ إِلى العَذراءِ مَن غَـدَرُوا=يَسارَ حَتّى لَقَوا بَرحاً مِـنَ الشَّجَـمِ
وَسارَ بَعثُ اِبنِ زَيـدٍ لِلشَّـآمِ فَلَـم=يَلبَث أَنِ انقَضَّ كَالبازي عَلى اليَمَـمِ
فَهَـذِهِ الغَـزَواتُ الغُـرُّ شامِـلَـةً=جَمعَ البُعُوثِ كَـدُرٍّ لاحَ فـي نُظُـمِ
نَظَمتُها راجِياً نَيـلَ الشَّفاعَـةِ مِـن=خَيرِ البَرايا وَمَولى العُربِ وَالعَجَـمِ
هُوَ النَّبِيُّ الَّـذي لَـولاهُ مـا قُبِلَـت=رَجـاةُ آدمَ لَمّـا زَلَّ فـي الـقِـدَمِ
حَسبِـي بِطَلعَتِـهِ الغَـرّاءِ مَفخَـرَةً=لَمّا اِلتَقَيتُ بِـهِ فـي عالَـمِ الحُلُـمِ
وَقَد حَباني عَصاهُ فَاِعتَصَمتُ بِهـا=في كُلِّ هَولٍ فَلم أَفـزَع وَلَـم أَهِـمِ
فَهيَ الَّتي كانَ يَحبُو مِثلَهـا كَرَمـاً=لِمَـن يَـوَدُّ وَحَسبِـي نسبَـةً بِهِـمِ
كَفـى بِهـا نِعمَـةً تَعلُـو بِقيمَتِهـا=نَفسِي وَإِن كُنتُ مَسلوباً مِـنَ القِيَـمِ
وَما أُبَـرِّئُ نَفسـي وَهـيَ آمِـرَةٌ=بِالسُوءِ ما لَم تَعُقهـا خيفَـةُ النَّـدَمِ
فَيا نَدامَـةَ نَفسـي فـي المَعـادِ إِذا=تَعَوَّذَ المَرءُ خَوفَ النُطـقِ بِالبَكـمِ
لَكِنَّني وَاثِـقٌ بِالعَفـو مِـن مَلِـكٍيَ=عفُو بِرَحمَتِـهِ عَـن كُـلِّ مُجتَـرِمِ
وَسَوفَ أَبلُغُ آمالـي وَإِن عَظُمَـت=جَرائِمي يَومَ أَلقى صاحِـبَ العَلَـمِ
هُوَ الَّذي يَنعَشُ المَكرُوبَ إِذ عَلِقَـت=بِهِ الرَّزايا وَيُغنـي كُـلَّ ذي عَـدَمِ
هَيهـاتَ يَخـذُلُ مَـولاهُ وَشاعِـرَهُ=في الحَشرِ وَهوَ كَريمُ النَّفسِ وَالشِّيَـمِ
فَمَدحُهُ رَأسُ مالـي يَـومَ مُفتَقَـرِي=وَحُبُّهُ عِزُّ نَفسـي عِنـدَ مُهتَضَمِـي
وَهَبتُ نَفسِـي لَـهُ حُبّـا وَتَكرِمَـة=فَهَل تَراني بَلَغتُ السُّؤلَ مِن سَلَمـي
إِنِّي وَإِن مالَ بي دَهري وَبَرَّحَ بـي=ضَيمٌ أَشاطَ عَلى جَمرِ النَّوى أَدَمـي
لثابِتُ العَهدِ لَم يَحلُـل قُـوى أَمَلِـي=يَأسٌ وَلَم تَخطُ بِي في سَلوَةٍ قَدَمـي
لَم يَترُكِ الدَّهرُ لي ما أَستَعِيـنُ بِـهِ=عَلى التَّجَمُّـلِ إِلّا ساعِـدي وَفَمِـي
هَذا يُحَبِّرُ مَدحي فـي الرَّسـولِ وَذا=يَتلُو عَلى الناسِ ما أُوحيهِ مِن كَلِمِي
يا سَيِّدَ الكَونِ عَفواً إِن أَثِمـتُ فَلـي=بِحُبِّكُم صِلَـةٌ تُغنِـي عَـنِ الرَّحِـمِ
كَفى بِسَلمانَ لِي فَخـراً إِذا انتَسَبَـت=نَفسي لَكُم مِثلَهُ في زُمـرَةِ الحَشَـمِ
وَحسنُ ظَنِّي بِكُم إِن مُـتُّ يَكلَؤُنـي=مِن هَولِ ما أَتَّقي فِي ظُلمَةِ الرَّجَـمِ
تَاللَّهِ ما عاقَني عَـن حَيِّكُـم شَجَـنٌ=لَكِنَّنِـي مُوثَـقٌ فـي رِبقَـةِ السَّلَـمِ
فَهَل إِلى زَورَةٍ يَحيـا الفُـؤادُ بِهـا=ذَرِيعَـةٌ أَبتَغيهـا قَبـلَ مُختَرَمِـي
شَكَوتُ بَثِّي إِلـى رَبِّـي لِيُنصِفَنـي=مِن كُلِّ باغٍ عَتِيـدِ الجَـورِ أَوهكـمِ
وَكَيفَ أَرهَبُ حَيفـا وَهـوَ مُنتَقِـمٌيَ=هابُـهُ كُــلُّ جَـبّـارٍ وَمُنتَـقِـمِ
لا غَروَ إِن نِلتُ ما أَمَّلتُ مِنـهُ= فَقَـدأَنزَلتُ مُعظَـمَ آمالـي بِـذي كَـرَمِ
يا مالِكَ المُلكِ هَب لِي مِنكَ مَغفِـرَةً=تَمحُو ذُنُوبي غَداةَ الخَـوفِ وَالنَّـدَمِ
وَاِمنُن عَلَيَّ بِلُطفٍ مِنكَ يَعصِمُنـي=زَيغَ النُّهى يَومَ أَخذِ المَوتِ بِالكَظَـمِ
(http://go.3roos.com/h3c0xvhdoca)

احسـاس انثى
28/08/2012, 01:18 AM
كشف الغمة في مدح سيد الأمة \الجزء التاسع (http://go.3roos.com/k443bvm2mpt)





لَم أَدعُ غَيـرَكَ فِيمـا نابَنـي فَقِنـي=شَرَّ العَواقِبِ وَاِحفَظنِـي مِـنَ التُّهَـمِ
حاشا لِراجيكَ أَن يَخشى العِثارَ وَمـا=بَعدَ الرَّجاءِ سِـوى التَّوفيـقِ لِلسَّلَـمِ
وَكَيفَ أَخشى ضَلالاً بَعدَمـا سَلَكَـت=نَفسِي بِنُورِ الهُدى فـي مَسلَـكٍ قِيَـمِ
وَلِـي بِحُـبِّ رَسُـولِ اللَّـهِ مَنزِلَـةٌأَرجُو= بِها الصَّفحَ يَومَ الدِّينِ عَن جُرُمِي
لا أَدَّعي عِصمَةً لَكِـن يَـدِي عَلِقَـت=بِسَيِّـدٍ مَـن يَـرِد مَرعاتَـهُ يَـسُـمِ
خَدَمتُـهُ بِمَديحـي فَاِعتَلَـوتُ عَلـى=هامِ السِّماكِ وَصارَ السَّعدُ مِن خَدَمِـي
وَكَيفَ أَرهَبُ ضَيمـاً بَعـدَ خِدمَتِـهِ=وَخادِمُ السَّـادَةِ الأَجـوادِ لَـم يُضَـمِ
أَم كَيفَ يَخذُلُنِي مِـن بَعـدِ تَسمِيَتِـي=بِاسمٍ لَهُ في سَمـاءِ العَـرشِ مُحتَـرَمِ
أَبكانِيَ الدَّهـرُ حَتّـى إِذ لَجِئـتُ بِـهِ=حَنـا عَلَـيَّ وَأَبـدى ثَغـرَ مُبتَسِـمِ
فَهوَ الَّذي يَمنَحُ العافِيـنَ مـا سَأَلُـوا=فَضلاً وَيَشفَعُ يَومَ الدِّيـنِ فـي الأُمَـمِ
نُـورٌ لِمُقتَبِـسٍ ذُخــرٌ لِمُلتَـمِـسٍ=حِـرزٌ لِمُبتَئِـسٍ كَهـفٌ لِمُعتَـصِـمِ
بَثَّ الرَّدى وَالنَّدى شَطرَيـنِ فَاِنبَعَثـافِي=مَن غَوى وَهَدى بِالبُـؤسِ وَالنِّعَـمِ
فَالكُفرُ مِن بَأسِهِ المَشهورِ في حَـرَبٍ=وَالدِّينُ مِن عَدلِهِ المَأثُورِ فـي حَـرَمِ
هَذا ثَنائِي وَإِن قَصَّـرتُ فيـهِ فَلـيعُذرٌ= وَأَينَ السُّها مِـن كَـفِّ مُستَلِـمِ
هَيهـاتَ أَبلُـغُ بِالأَشعـارِ مدَحـتَـهُ=وَإِن سَلَكـتُ سَبيـلَ القالَـةِ الـقُـدُمِ
ماذا عَسى أَن يَقُولَ المادِحُـونَ وَقَـد=أَثنـى عَلَيـهِ بِفَضـلٍ مُنـزلُ الكَلِـمِ
فَهاكَهـا يـا رَسُـولَ اللَّـهِ زاهِـرَةً=تُهدِي إِلى النَّفسِ رَيّـا الآسِ وَالبَـرَمِ
وَسمتُهـا بِاسمِـكَ العَالـي فَأَلبَسنَهـا=ثَوباً مِنَ الفَخرِ لا يَبلـى عَلـى القِـدَمِ
غَرِيبَةٌ في إِسارِ البَيـنِ لَـو أَنِسَـت=بِنَظرَةٍ مِنكَ لاستغنَـت عَـنِ النَّسَـمِ
لَم أَلتَزِم نَظـمَ حَبّـاتِ البَديـعِ بِهـاإِذ =كانَ صَوغُ المَعانِي الغُرِّ مُلتَزمِـي
وَإِنَّمـا هِـيَ أَبيـاتٌ رَجَـوتُ بِهـا=نَيلَ المُنى يَـومَ تَحيـا بَـذَّةُ الرِّمَـمِ
نَثَرتُ فِيها فَرِيـدَ المَـدحِ فَاِنتَظَمَـت=أَحسِـن بِمُنتَثِـرٍ مِنـهـا وَمُنتَـظِـمِ
صَدَّرتُهـا بِنَسِيـبٍ شَـفَّ باطِـنُـهُ=عَن عِفَّـةٍ لَـم يَشِنهـا قَـولُ مُتَّهِـمِ
لَم أَتَّخِـذهُ جُزافـاً بَـل سَلَكـتُ بِـهِ=فِي القَـولِ مَسلَـكَ أَقـوامٍ ذَوي قَـدَمِ
تابَعتُ كَعبـاً وَحَسّانـاً وَلِـي بِهِ=مـافي القَولِ أُسـوَةُ بَـرٍّ غَيـرِ مُتَّهَـمِ
وَالشِّعرُ مَعرَضُ أَلبـابٍ يُـروجُ بِـهِ=مـا نَمَّقَتـهُ يَــدُ الآدابِ وَالحِـكَـمِ
فَلا يَلُمنِي عَلـى التَّشبِيـبِ ذُو عَنَـتٍفَ=بُلبُلُ الرَّوضِ مَطبُـوعٌ عَلَـى النَّغَـمِ
وَلَيسَ لِي رَوضَـةٌ أَلهُـو بِزَهرَتِهـا=في مَعرَضِ القَولِ إِلّا رَوضَةُ الحَـرَمِ
فَهيَ الَّتِي تَيَّمَت قَلبـي وَهِمـتُ بِهـا=وَجداً وَإِن كُنتُ عَفَّ النَّفسِ لَـم أَهِـمِ
مَعاهِـدٌ نَقَشَـت فـي وَجنَتـيَّ لَهـا=أَيدِي الهَوى أَسطُراً مِن عَبرَتِـي بِـدَمِ
يا حادِيَ العِيـسِ إِن بَلَّغتَنـي أَمَلـي=مِن قَصدِهِ فَاِقتَرِح ما شِئـتَ وَاِحتَكِـمِ
سِر بِالمَطايا وَلا تَرفَق فَلَيـسَ فَتـىً=أَولى بِهَذا السُّرى مِـن سائِـقٍ حُطَـمِ
وَلا تَخَف ضَلَّةً وَاِنظُر فَسَوفَ تَـرى=نُوراً يُريكَ مَدَبَّ الـذَّرِ فِـي الأَكَـمِ
وَكَيفَ يَخشى ضَلالاً مَن يَؤُمُّ حِمـى=مُحَمَّـدٍ وَهـوَ مِشكـاةٌ عَلَـى عَلَـمِ
هَذِي مُنايَ وَحَسبـي أَن أَفـوزَ بِهـا=بِنِعمَـةِ اللَّـهِ قَبـلَ الشَّيـبِ وَالهَـرَمِ
وَمَن يَكُن راجِيـاً مَـولاهُ نـالَ بِـهِ=ما لَم يَنَلـهُ بِفَضـلِ الجِـدِّ وَالهِمَـمِ
فاسجُد لَـهُ وَاِقتـرِب تَبلُـغ بِطاعَتِـهِما =شِئتَ في الدَّهرِ مِن جاهٍ وَمِن عِظَمِ
هَـوَ المَليـكُ الَّـذي ذَلَّـت لِعِزَّتِـهِأَ=هلُ المَصانِعِ مِـن عـادٍ وَمِـن إِرَمِ
يُحيي البَرايا إِذا حـانَ المَعـادُ كَمـا=يُحيي النَّباتَ بِشُؤبـوبٍ مِـنَ الدِّيَـمِ
يا غافِـرَ الذَّنـبِ وَالأَلبـابُ حائِـرَةٌ=في الحَشرِ وَالنارُ تَرمي الجَوَّ بِالضَّرَمِ
حاشا لِفَضلِـكَ وَهـوَ المُستَعـاذُ بِـهِ=أَن لا تَمُـنَّ عَلـى ذِي خَلَّـةٍ عَــدِمِ
إِنّي لَمُستَشفِـعٌ بِالمُصطَفـى وَكَفـى=بِهِ شَفِيعـاً لَـدى الأَهـوالِ وَالقُحَـمِ
فَاقبَل رَجائِي فَمالي مَـن أَلـوذُ بِـهِ=سِواكَ في كُلِّ ما أَخشـاهُ مِـن فَقَـمِ
وَصَلِّ رَبِّ عَلى المُختارِ مـا طَلَعَـت=شَمسُ النَّهارِ وَلاحَـت أَنجُـمُ الظُّلَـمِ
وَالآلِ وَالصَّحبِ وَالأَنصارِ مَن تَبِعُوا=هُـداهُ وَاِعتَرَفـوا بِالعَهـدِ وَالـذِّمَـمِ
وَامنُن عَلى عَبـدِكَ العانِـي بِمَغفِـرَةٍ=تَمحُو خَطايـاهُ فـي بَـدءٍ وَمُختَتَـمِ

احسـاس انثى
28/08/2012, 03:29 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346112163.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346112163.png)




من أبرز الذين رثوا زوجاتهم في العصر الحديث محمود سامي البارودي، الذي رثى زوجته بقصيدة تعد أطول قصيدة رثيت بها امرأة في الأدب، فقد بلغت أبياتها سبعة وستين بيتاً، وهي لا تمتاز بطولها عن غيرها فحسب بل تمتاز بتعبيرها عن أحزان البارودي ونفسه المحطمة أصدق تعبير.
وقد قال قصيدته بعد أن بلغه وهو في سيلان (سرنديب) نبأ وفاة زوجته(عديلة بنت أحمد يَكَن باشا ) في مصر بعد سنة من نفي السلطات الإنجليزية له الى جزيرة سردنديب مع أحمد عرابي وأربعة من قادة الثورة العرابية بعد إخفاقها في شهر صفر من عام ألفٍ وثلاث مائة من الهجرة (1882م).
حزن البارودي عليها حزناً كبيراً فقد كانت زوجته زهرة حديقته التي كان يفوح شذاها في روضته فيئن لفراقها ويبكي وينوح، و لأنه كان يظن أنها ستكون أول من يلقاه في وطنه بعد طول غيبته وأول من يضمه إلى صدره ويدفنه بحرارة شوقه، فكانت الفجيعة وحرقة الحزن التي اشتعلت في قلبه دافعا وراء مرثيته .
تعد مرثية محمود (http://go.3roos.com/06n0gkcd3e7)سامي (http://go.3roos.com/06n0gkcd3e7)البارودي (http://go.3roos.com/06n0gkcd3e7) الدالية في زوجته
من عيون الشعر العربي الحديث فقد لاقت استحساناً في أوساط الشعراء والنقاد وصادفت شهرةً في الأوساط الأدبية لأنها تدفقت من شعور صادق وعبر بها الشاعر عن معاناةٍ مؤلمة صهرت شعوره وعاطفته .

احسـاس انثى
28/08/2012, 03:48 AM
المرثية الدالية .

أيدَ المنُونِ قدَحتِ أى َّ زِنادِ=وأطرتِ أى َّ شعلة ٍ بفؤادى
أوهَنتِ عزمى وهو حَملة ُ فيلقٍ=وحَطَمتِ عودى وهو رُمحُ طِرادِ
لم أدرِ هَلْ خَطبٌ ألمَّ بِساحتى=فَأَنَاخَ، أَمْ سَهْمٌ أَصابَ سَوَادِي؟
أَقْذَى الْعُيُونَ فَأَسْبَلَتْ بِمَدَامِعٍ=تجرى على الخدَّينِ كالفِرصادِ
ما كُنْتُ أَحْسَبُنِي أُراعُ لِحَادِثٍ=حتَّى مُنيتُ بهِ فأَوهَنَ آدى
أَبلتنى الحسراتُ حتَّى لم يكد=جِسْمِي يَلُوحُ لأَعْيُنِ الْعُوَّادِ
أَسْتَنْجِدُ الزَّفَراتِ وَهْيَ لَوافِحٌ=وَأُسَفِّهُ الْعَبَرَاتِ وَهْيَ بَوَادِي
لا لوعتى تدعُ الفؤادَ ، ولا يدى=تقوَى على ردِّ الحبيبِ الغادى
يا دَهْرُ، فِيمَ فَجَعْتَنِي بِحَلِيْلَة ٍ؟=كانَتْ خَلاصَة َ عُدَّتِي وَعَتَادِي
إِنْ كُنْتَ لَمْ تَرْحَمْ ضَنَايَ لِبُعْدِها=أفلا رحِمتَ منَ الأسى أولادى ؟
أَفْرَدْتَهُنَّ فَلَمْ يَنَمْنَ تَوَجُّعاً=قرحَى العيونِ رواجِفَ الأكباد
أَلْقَيْنَ دُرَّ عُقُودِهِنَّ، وَصُغْنَ مِنْ=دُرِّ الدُّموعِ قلائدَ الأجيادِ
يبكينَ من ولهٍ فراقَ حَفيَّة ٍ=كانتْ لَهنَّ كثيرة َ الإسعادِ
فَخُدُودُهُنَّ مِنَ الدُّمُوعِ نَدِيَّة ٌ=وقًلوبُهنَّ منَ الهمومِ صوادى
أسليلة َ القمرينِ ! أى ُّ فجيعة ٍ=حَلَّتْ لِفَقْدِكَ بَيْنَ هَذَا النَّادِي؟
أعزز على َّ بأن أراكِ رهينة ً=في جَوْفِ أَغْبَرَ قاتِمِ الأَسْدَادِ!
أَوْ أَنْ تَبِينِي عَنْ قَرَارَةِ مَنْزِلٍ =كُنْتِ الضِيَاءَ لَهُ بِكُلِّ سَوَادِ
لَوْ كَانَ هَذَا الدَّهْرُ يَقْبَلُ فِدْيَةً= بِالنَّفْسِ عَنْكِ لَكُنْتُ أَوَّلَ فَادِي
أَوْ كَانَ يَرْهَبُ صَوْلَةً مِنْ فَاتِكٍ= لَفَعَلْتُ فِعْلَ الْحَارِثِ بْنِ عُبَادِ
لَكِنَّهَا الأَقْدَارُ لَيْسَ بِنَاجِعٍ =فِيها سِوَى التَّسْلِيمِ وَالإِخْلادِ
فَبِأَيِّ مَقْدِرَةٍ أَرُدُّ يَدَ الأَسَى= عَنِّي وَقَدْ مَلَكَتْ عِنَانَ رَشَادِي
أَفَأَسْتَعِينُ الصَّبْرَ وَهْوَ قَسَاوَةٌ= أَمْ أَصْحَبُ السُّلْوَانَ وَهْوَ تَعَادِي
جَزَعُ الْفَتَى سِمَةُ الْوَفَاءِ وصَبْرُهُ= غَدْرٌ يَدُلُّ بِهِ عَلَى الأَحْقَادِ
وَمِنَ الْبَلِيَّةِ أَنْ يُسَامَ أَخُو الأَسَى= رَعْيَ التَّجَلُّدِ وَهْوَ غَيْرُ جَمَادِ
هَيْهَاتَ بَعْدَكِ أَنْ تَقَرَّ جَوَانِحِي =أَسَفاً لِبُعْدِكِ أَوْ يَلِينَ مِهَادِي
وَلَهِي عَلَيكِ مُصاحِبٌ لِمَسِيرَتِي= وَالدَّمْعُ فِيكِ مُلازِمٌ لِوِسَادِي
فَإِذَا انْتَبَهْتُ فَأَنْتِ أَوَّلُ ذُكْرَتِي =وَإِذَا أَوَيْتُ فَأَنْتِ آخِرُ زَادِي
أَمْسَيْتُ بَعْدَكِ عِبْرَةً لِذَوِي الأَسَى= فِي يَوْمِ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَحِدَادِ
مُتَخَشِّعَاً أَمْشِي الضَّرَّاءَ كَأَنَّنِي= أَخْشَى الْفُجَاءَةَ مِنْ صِيَالِ أَعَادِي
مَا بَيْنَ حُزْنٍ بَاطنٍ أَكَلَ الْحَشَا= بِلَهِيبِ سَوْرَتِهِ وَسُقْمٍ بَادِي
وَرَدَ الْبَرِيدُ بِغَيْرِ ما أَمَّلْتُهُ =تَعِسَ الْبَرِيدُ وشَاهَ وَجْهُ الْحَادِي
فَسَقَطْتُ مَغْشِيَّاً عَلَيَّ كَأَنَّمَا= نَهَشَتْ صَمِيمَ الْقَلْبِ حَيَّةُ وَادِي
وَيْلُمِّهِ رُزءَاً أَطَارَ نَعِيُّهُ =بِالْقَلْبِ شُعْلَةَ مَارِجٍ وَقَّادِ
قَدْ أَظْلَمَتْ مِنْهُ الْعُيُونُ كَأَنَّما= كَحَل الْبُكَاءُ جُفُونَها بِقَتَادِ
عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيَّ بِقَدْرِ مَا= عَظُمَتْ لَدَيَّ شَمَاتَةُ الْحُسَّادِ
لامُوا عَلَى جَزَعِي وَلَمَّا يَعْلَمُوا =أَنَّ الْمَلامَةَ لا تَرُدُّ قِيَادِي
فَلَئِنْ لَبِيدُ قَضَى بِحَوْلٍ كَامِلٍ =فِي الْحُزْنِ فَهْوَ قَضَاءُ غَيْرِ جَوَادِ
لَبِسَ الزَّمَانَ عَلَى اخْتِلافِ صُرُوفِهِ= دُوَلاً وَفَلَّ عَرَائِكَ الآبَادِ
كَمْ بَيْنَ عَادِيٍّ تَمَلَّى عُمْرَهُ =حِقَباً وَبَيْنَ حَدِيثَةِ الْمِيلادِ
هَذَا قَضَى وَطَرَ الْحَيَاةِ وتِلْكَ لَمْ= تَبْلُغْ شَبِيبَةَ عُمْرِهَا الْمُعْتَادِ
فَعَلامَ أَتْبَعُ مَا يَقُولُ وَحُكْمُهُ= لا يَسْتَوِي لِتَبَايُنِ الأَضْدَادِ
سِرْ يَا نَسِيمُ فَبَلِّغِ الْقَبْرَ الَّذِي= بِحِمَى الإِمَامِ تَحِيَّتِي ووِدَادِي
أَخْبِرْهُ أَنِّي بَعْدَهُ في مَعْشَرٍ =يَسْتَجْلِبُونَ صَلاحَهُمْ بِفَسَادِي
طُبِعُوا على حَسَدٍ فَأَنْتَ تَرَاهُمُ= مَرْضَى الْقُلُوبِ أَصِحَّةَ الأَجْسَادِ
وَلَوَ انَّهُمْ عَلِمُوا خَبِيئَةَ ما طَوَى =لَهُمُ الرَّدَى لَمْ يَقْدَحُوا بِزِنادِ
كُلُّ امْرِئٍ يَوْماً مُلاقٍ رَبَّهُ =والنَّاسُ فِي الدُّنْيَا عَلى مِيعَادِ
وَكَفَى بِعَادِيَةِ الْحَوَادِثِ مُنْذِراً= لِلْغَافِلِينَ لَوِ اكْتَفُوا بِعَوَادِي
فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ نَظْرَةَ عَاقِلٍ =لِمَصَارِعِ الآباءِ وَالأَجْدَادِ
عَصَفَ الزَمَانُ بِهِمْ فَبَدَّدَ شَمْلَهُمْ= فِي الأَرْضِ بَيْنَ تَهَائِمٍ وَنِجَادِ
دَهْرٌ كَأَنَّا مِنْ جَرَائِرِ سِلْمِهِ =فِي حَرِّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ وجِلادِ
أَفْنَى الْجَبَابِرَ مِنْ مَقَاوِلِ حِمْيَرٍ= وأُولِي الزَّعَامَةِ مِنْ ثَمُودَ وَعَادِ
وَرَمَى قُضَاعَةَ فَاسْتَبَاحَ دِيارَهَا =بِالسُّخْطِ مِنْ سابُورَ ذِي الأَجْنَادِ
وَأَصَابَ عَنْ عُرْضٍ إِيادَ فَأَصْبَحَتْ =مَنْكُوسَةَ الأَعْلامِ فِي سِنْدَادِ
فَسَلِ الْمَدَائِنَ فَهْيَ مَنْجَمُ عِبْرَةٍ =عَمَّا رَأَتْ مِنْ حَاضِرٍ أَوْ بَادِي
كَرَّتْ عَلَيْهَا الْحَادِثَاتُ فَلَمْ تَدَعْ= إِلَّا بَقَايَا أَرْسُمٍ وَعِمَادِ
وَاعْكُفْ عَلَى الْهَرَمَيْنِ واسْأَلْ عَنْهُمَا= بَلْهِيبَ فَهْوَ خَطِيبُ ذَاكَ الْوَادِي
تُنْبِئْكَ أَلْسِنَةُ الصُّمُوتِ بِمَا جَرَى= في الدَّهْرِ مِنْ عَدَمٍ ومِنْ إِيْجَادِ
أُمَمٌ خَلَتْ فَاسْتَعْجَمَتْ أَخْبَارُها =حَتَّى غَدَتْ مَجْهُولَةَ الإِسْنَادِ
فَعَلامَ يَخْشَى الْمَرْءُ صَرْعَةَ يَوْمِهِ= أَوَلَيْسَ أَنَّ حَيَاتَهُ لِنَفَادِ
تَعَسَ امْرُؤٌ نَسِيَ الْمَعَادَ وَمَا دَرَى= أَنَّ الْمَنُونَ إِلَيْهِ بِالْمِرْصَادِ
فَاسْتَهْدِ يَا مَحْمُودُ رَبَّكَ وَالْتَمِسْ =مِنْهُ الْمَعُونَةَ فَهْوَ نِعْمَ الْهَادِي
وَاسْأَلْهُ مَغْفِرَةً لِمَنْ حَلَّ الثَّرَى =بِالأَمْسِ فَهْوَ مُجِيبُ كُل مُنَادِي
هِيَ مُهْجَةٌ وَدَّعْتُ يَوْمَ زِيَالِهَا= نَفْسِي وَعِشْتُ بِحَسْرَةٍ وَبِعَادِ
تَاللهِ ما جَفَّتْ دُمُوعي بَعْدَمَا =ذَهَبَ الرَّدَى بِكِ يَا بْنَةَ الأَمْجَادِ
لا تَحْسَبِينِي مِلْتُ عَنْكِ مَعَ الْهَوَى =هَيْهَاتَ مَا تَرْكُ الْوَفاءِ بِعَادِي
قَدْ كِدْتُ أَقْضِي حَسْرَةً لَوْ لَمْ أَكُنْ= مُتَوَقِّعَاً لُقْيَاكِ يَوْمَ مَعَادِي
فَعَلَيْكِ مِنْ قَلْبِي التَّحِيَّةُ كُلَّمَا =نَاحَتْ مُطَوَّقَةٌ عَلَى الأَعْوَادِ

احسـاس انثى
28/08/2012, 03:59 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346115293.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346115293.png)



في سنة 1885م توفيت بمصر زوجة محمود سامي البارودي "عديلة يكن" عن سبعة وثلاثين عاما ،
ونعيت اليه في منفاه، فرثاها بقصيدة دالية من عيون شعره في ستة وسبعين بيتاً .
وبعدها بقليل نعيت إليه ابنته " ستيرة" فلم يزد في رثاها على هذين البيتين من غلبة الحزن عليه
فيقول :


فَزَّعَتْ إِلَى الدُّموعِ فَلَمْ تَجْبُنَّي=وَفَقْدُ الدَّمْعِ عِنْدَ الْحُزْنِ دَاءُ
وَمَا قَصَّرَتْ فِي جَزَعِ ، وَلَكُنَّ=إذاً غلبَ الأسى ذَهَبَ الْبُكاءُ

احسـاس انثى
28/08/2012, 07:27 AM
(http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346124252.png)http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346124252.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346124252.png)
(http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346124252.png)








ميمية محمود سامي في رثاء امه من اروع الشعر على الاطلاق
نثر فيها مشاعره بين فيها خلجات قلبه و نبضات فؤاده اتجاه أمه التي قامت برعايته بعد وفاة والده و هو في السابعة من عمره .
بلغه أمر وفاته و هو في معامع القتال مما أحدث في نفسه لوعةً لا تنطفئ و عرف قدرها حقاً بعد فراقها فأطلق هذه الأبيات :




هوى كانَ لي أنْ ألبسَ المجدَ معلما=فلما ملكتُ السبقَ عفتُ التقدما
وَمَنْ عَرفَ الدُّنْيَا رَأَى مَا يَسُرُّه=منَ العيشِ هماً يتركُ الشهدَ علقما
وَ أيُّ نعيمٍ في حياة ٍ وراءها=مَصَائِبُ لَوْ حَلَّتْ بِنجْمٍ لأَظْلَمَا
إذا كانَ عقبى كلَّ حيًّ منية ٌ=فَسِيَّانِ مَنْ حَلَّ الْوِهَادَ، وَمَنْ سَمَا
وَ منْ عجبٍ أنا نرى الحقَّ جهرة= ٌوَنَلْهُو، كَأَنَّا لاَ نُحَاذِرُ مَنْدَمَا
يودُّ الفتى في كلَّ يومٍ لبانة ً=فإنْ نالها أنحى لأخرى ، وصمما
طماعة ُ نفسٍ توردُ المرءَ مشرعاً=منَ البؤسِ لا يعدوهُ أوْ يتحطما
أَرَى كُلَّ حَيٍّ غَافِلاً عَنْ مَصِيرِهِ=وَلَوْ رَامَ عِرْفَانَ الْحَقِيقَة ِ لانْتَمَى
فَأَيْنَ الأُلَى شَادُوا، وَبَادُوا؟ أَلَمْ نَكُنْ=نحلُّ كما حلوا ، وَ نرحلُ مثلما ؟
مَضَوْا، وَعَفَتْ آثارُهُمْ غَيْرَ ذُكْرَة ٍ=تُشِيدُ لَنَا مِنْهُمْ حَدِيثاً مُرَجَّمَا
سلِ الأورقَ الغريدَ في عذباتهِ=أَنَاحَ عَلَى أَشْجَانِهِ، أَمْ تَرَنَّمَا؟
تَرَجَّحَ فِي مَهْدٍ مِنَ الأَيْكِ، لا يَنِي=يميلُ عليهِ مائلاً وَ مقوا
ينوحُ على َ فقدِ الهديلِ ، وَ لمْ يكنْ=رآهْ ، فيا للهِ ! كيفَ تهكما ؟
وَشَتَّانَ مَنْ يَبْكِي عَلَى غَيْرِ عِرْفَة=جزافاً ، وَ منْ يبكي لعهدٍ تجرما
لَعَمْرِي لَقَدْ غَالَ الرَّدَى مَنْ أُحِبُّهُ=وَ كانَ بودي أنْ أموتَ وَ يسلما
وَ أيُّ حياة ٍ بعدَ أمًّ فقدتها=كَمَا يفْقِدُ الْمَرْءُ الزُّلاَلَ عَلَى الظَّمَا
تَوَلَّتْ، فَوَلَّى الصَّبْرُ عَنِّي، وَعَادَنِي=غرامٌ عليها ، شفَّ جسمي ، وأسقما
وَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ ذُكْرَة ٌ تَبْعَثُ الأَسى=وَطَيْفٌ يُوَافِيني إِذَا الطَّرْفُ هَوَّمَا
وَ كانتْ لعيني قرة ً ، وَ لمهجتي=سروراً ، فخابَ الطرفُ وَ القلبُ منهما
فَلَوْلاَ اعْتِقَادِي بِالْقَضَاءِ وَحُكْمِهِ=لقطعتُ نفسي لهفة ً وَ تندما
فيا خبراً شفَّ الفؤادَ ؛ فأوشكتْ=سويدَاؤهُ أنْ تستحيلَ ، فتسجما
إِلَيْكَ؛ فَقَدْ ثَلَّمْتَ عَرْشاً مُمنَّعاً=وَ فللتَ صمصاماً ، وَ ذللتَ ضيغما
أشادَ بهِ الناعي ، وَ كنتُ محارباً=فألقيتُ منْ كفى الحسامَ المصمما
وَطَارَتْ بِقَلْبِي لَوْعَة ٌ لَوْ أَطَعْتُهَا=لأَوْشَكَ رُكْنُ الْمَجْدِ أَنْ يَتَهَدَّمَا
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، لأَنْثَنِي=عنِ الحربِ محمودَ اللقاءِ مكرما
فَلَمَّا اسْتَرَدَّ الْجُنْدَ صِبْغٌ مِنَ الدُّجَى=وَعَادَ كِلاَ الْجَيْشَيْنِ يَرْتَادُ مَجْثِمَا
صَرَفْتُ عِنَانِي رَاجِعاً، وَمَدَامِعِي=على َ الخدَّ يفضحنَ الضميرَ المكتما
فَيَا أُمَّتَا؛ زَالَ الْعَزَاءُ، وَأَقْبَلَتْ=مَصَائِبُ تَنْهَى الْقَلْبَ أَنْ يَتَلَوَّمَا
وَكُنْتُ أَرَى الصَّبْرَ الْجَمِيلَ مَثُوبَة ً=فَصِرْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَأْثَمَا
وَ كيفَ تلذُّ العيشَ نفسٌ تدرعتْ=منَ الحزنِ ثوباً بالدموعِ منمنما ؟
تألمتُ فقدانَ الأحبة ِ جازعاً=وَ منْ شفهُ فقدُ الحبيبِ تألما
وَ قدْ كنتُ أخشى أنْ أراكِ سقيمة ً=فكيفَ وَ قدْ أصبحتِ في التربِ أعظما ؟
بَلَغْتِ مَدَى تِسْعِينَ فِي خَيْرِ نِعْمَة ٍ=وَ منْ صحبَ الأيامَ دهراً تهدما
إِذَا زَادَ عُمْرُ الْمَرْءِ قَلَّ نَصِيبُهُ=منَ العيش وَ النقصانُ آفة ُ من نما
فيا ليتنا كنا تراباً ، وَ لمْ نكنْ=خلقنا ، وَ لمْ نقدمْ إلى الدهرِ مقدما
أَبَى طَبْعُ هَذَا الدَّهْرِ أَنْ يَتَكَرَّمَا=وَكَيْفَ يَدِي مَنْ كَانَ بِالْبُخْلِ مُغْرَمَا؟
أَصَابَ لَدَيْنَا غِرَّة ً؛ فَأَصَابَنَا=وَأَبْصَرَ فِينَا ذِلَّة ً؛ فَتَحَكَّمَا
وَ كيفَ يصونُ الدهرُ مهجة َ عاقلٍ=وَ قدْ أهلكَ الحيينِ : عاداً ، وَ جرهما
هوَ الأزلمُ الخداعُ ، يحفرُ إنْ رعى=وَيَغْدِرُ إِنْ أَوْفَى ، وَيُصْمِي إِذَا رَمَى
فَكَمْ خَانَ عَهْداً، واسْتَبَاحَ أَمَانَة ً=وَ أخلفَ وعداً ، وَ استحلَّ محرما
فإنْ تكنِ الأيامُ أخنتْ بصرفها=عَلَيَّ، فَأَيُّ النَّاسِ يَبْقَى مُسَلَّمَا؟
وَ إني لأدري أنَّ عاقبة َ الأسى=ـ وإِنْ طَالَ ـ لاَ يُرْوِي غَلِيلاً تَضَرَّمَا
وَلَكِنَّهَا نَفْسٌ تَرَى الصَّبْرَ سُبَّة ً=عَلَيْهَا، وَتَرْضَى بِالتَّلَهُّفِ مَغْنَمَا
وَكَيْفَ أَرَانِي نَاسِياً عَهْدَ خُلَّة ٍ=ألفتُ هواها : ناشئاً ، وَ محكما
وَلَوْلاَ أَلِيمُ الْخَطْبِ لَمْ أَمْرِ مُقْلَة ً=بِدَمْعٍ، وَلَمْ أَفْغَرْ بِقَافِيَة ً فَمَا
فيا ربة َ القبرِ الكريمِ بما حوى=وَقَتْكِ الرَّدَى نَفْسِي وَأَيْنَ؟ وَقَلَّمَا
وَهَلْ يَسْتَطِيعُ الْمَرْءُ فِدْيَة َ رَاحِلٍ=تَخَرَّمَهُ الْمِقْدَارُ فِيمَنْ تَخَرَّمَا؟
سقتكِ يدُ الرضوانِ كأسَ كرامة=منَ الكوثرِ الفياضِ معسولة َ اللمى
وَ لاَ زالَ ريحانُ التحية ِ ناضراً=عليكِ ، وَ هفافُ الرضا متنسما
لِيَبْكِ عَلَيْكِ الْقَلْبُ، لاَ الْعَينُ؛ إِنَّنِي=أرى القلبَ أوفى بالعهودِ وَ أكرما
فواللهِ لاَ أنساكِ ما ذرَّ شارقٌ=وَمَا حَنَّ طَيْرٌ بِالأَرَاكِ مُهَيْنِمَا
عَلَيْكَ سَلاَمٌ لاَ لِقَاءَة َ بَعْدَهُ=إِلَى الْحَشْرِ إِذْ يَلْقى الأَخِيرُ الْمُقَدَّمَا

احسـاس انثى
28/08/2012, 12:20 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346145496.png
مرثية الشاعر محمود سامي البارودي لابنه علي


كيفَ طَوتكَ المنُونُ يا ولدى ؟ = وكيفَ أودعتُكَ الثَّرى بيدى ؟
وَاكَبِدِي يا «عَلِيُّ» بَعْدَكَ! لَوْ = كانَت تبلُّ الغليلَ " واكبدى "
فقدُكَ سلَّ العِظامَ مِنِّى ، ورَ = دَّ الصَّبرَ عنِّى ، وفتَّ فى عضُدى
كَم ليلة ٍ فيكَ لاصباحَ لها = سَهِرْتُهَا بَاكِياً بِلاَ مَدَدِ
دَمعٌ وسهد ، وأى ُّ ناظِرة ٍ = تَبْقَى عَلَى الْمَدْمَعَيْنِ والسَّهَدِ؟
لَهفى علَى لَمحة ِ النَّجابة ِ ! لَو =دامَت إلَى أن تَفُوزَ بالسَّددِ
مَا كُنْتُ أَدْرِي إِذْ كُنْتُ أَخْشَى عَلَيْـ = ـكَ الْعَيْنَ أَنَّ الْحِمَامَ بِالرَّصَدِ
فَاجَأَنِي الدَّهْرُ فِيكَ مِنْ حَيْثُ لا = أَعْلَمُ خَتْلاً، والدَّهْرُ كَالأَسَدِ
لَوْلاَ اتِّقَاءُ الْحَيَاءِ لاعْتَضْتُ بِالْـ = ـحِلمِ هُياماً يحيقُ بالجلَدِ
لكنْ أَبَت نفسى الكريمة ُ أن = أَثْلِمَ حَدَّ الْعَزَاءِ بِالكَمَدِ
فليَبكِ قلبِى عليك ، فالعينُ لا = تَبْلُغُ بالدَّمْعِ رُتْبَة َ الْخَلَدِ
إن يكُ أخنَى الردى علَيكَ ؛ فقَد = أخنى أليمُ الضنَى على جسدِى
عَلَيْكَ مِنِّي السَّلامُ تَوْدِيعَ لا = قالٍ ، ولكن توديعَ مُضطهَدِ

احسـاس انثى
31/08/2012, 11:25 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346228117.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346228117.png)




بعد إخفاق الثورة العرابية واحتلال الإنجليز لمصر سنة 1882،
حُكِم على البارودي وستة من زملائه من قادة الثورة العرابية أمثال قائدها أحمد عرابي بالإعدام، ثم خُفف إلى النفي المؤبد إلى جزيرة سرنديب"سريلانكا حالياً" و استمر في النفي لمدة 17 عام حتى عاد إلى مصر سنة 1900م، بناء على نصيحة الأطباء بعد أن فقد بصره.


اطل شاعرنا على ساحل مصر مع مجموعة من رفاقه الثوار ليلقي عليه نظرة الوداع ، وما تكاد الباخرة تغادر أرض النيل حتى ترتفع عواطف الشاعر الدافقة لتتحول إلى مشهد حزين ينتهي إلي تجربة صادقة تجسدها قصيدته النونية ( وداع وطن ).

احسـاس انثى
01/09/2012, 12:12 AM
وداع وطن

مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي=فشبتُ وَ لمْ أقضِ اللبانة َ منْ سنى
عناءٌ ، وَ بأسٌ ، وَ اشتياقٌ ، وَ غربة ٌ=ألاَ ، شدَّ ما ألقاهُ في الدهرِ منْ غبنِ
فإنْ أكُ فارقتُ الديارَ فلي بها=فؤادٌ أضلتهُ عيونُ المها مني
بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَحْظَة ٍ=فَأَوْقَعُهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْنِ
فَهَلْ مِنْ فَتى ً فِي الدَّهْرِ يجْمَعُ بَيْنَنَا؟=فَلَيْسَ كِلاَنَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْنِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ، وأَسْبَلَتْ=مدامعنا فوقَ الترائبِ كالمزنِ
أهبتُ بصبري أنْ يعودَ ، فعزني=وَ ناديتُ حلمي أنْ يثوبَ ، فلمْ يغنِ
وَ لمْ تمضِ إلاَّ خطرة ٌ ، ثمَّ أقلعتْ=بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَة ُ السُّفْنِ
فَكَمْ مُهْجَة ٍ مِنْ زَفْرَة ِ الْوَجْدِ فِي لَظىً=وَكَمْ مُقْلَة ٍ مِنْ غَزْرَة ِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ
وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هَذِهِ=فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، وَرَدَّنِي=إِلَى الْحَزْمِ رَأْيٌ لا يَحُومُ عَلَى أَفْنِ
وَلَوْلاَ بُنَيَّاتٌ وَشِيبٌ عَوَاطِلٌ=لما قرعتْ نفسي على فائتٍ سنى
فيا قلبُ صبراً إنْ جزعتَ ؛ فربما=جرتْ سنحاً طيرُ الحوادثِ باليمنِ
فقدْ تورقُ الأغصانُ بعدَ ذبولها=وَيَبْدُو ضِيَاءُ الْبَدْرِ فِي ظُلْمَة ِ الْوَهْنِ
وَ أيُّ حسامٍ لمْ تصبهُ كهامة =وَلَهْذَمُ رُمْحٍ لاَ يُفَلُّ مِنَ الطَّعْنِ؟
وَمَنْ شَاغَبَ الأَيَّامَ لانَ مَرِيرُهُ=وَ أسلمهُ طولُ المراس إلى الوهنِ
وَمَا الْمَرْءُ فِي دُنْيَاهُ إِلاَّ كَسَالِكٍ=مناهجَ لا تخلو منَ السهلِ وَ الحزنِ
فإنْ تكنِ الدنيا تولتْ بخيرها=فَأَهْوِنْ بِدُنْيَا لاَ تَدُومُ عَلى فَنِّ!
تحملتُ خوفَ المنَّ كلَّ رزيئة =وَ حملُ رزايا الدهرِ أحلى منَ المنَّ
وَعَاشَرْتُ أَخْدَاناً، فَلَمَّا بَلَوْتُهُمْ=تَمَنَّيْتُ أَنْ أَبْقَى وَحِيداً بِلاَ خِدْنِ
إذا عرفَ المرءُ القلوبَ وَ ما انطوتْ=عليهِ منَ البغضاءِ - عاشَ على ضغنِ
وَأَيُّ حَيَاة ٍ لاِمْرِىء ٍ بَيْنَ بَلْدَة ٍ=وَتَسْمَعُ أُذْنِي مَا تَعَافُ مِنَ اللَّحْنِ
وَكَيْفَ مُقَامِي بَيْنَ أَرْضٍ أَرَى بِهَا=منَ الظلمِ ما أخنى على الدارِ وَ السكنِ
فسمعُ أنينِ الجورِ قدْ شاكَ مسمعي=و رؤية ُ وجهِ الغدرِ حلَّ عرا جفني
وَ صعبٌ على ذي اللبَّ رئمانُ ذلة ٍ=يَظَلُّ بِهَا فِي قَوْمِهِ وَاهِيَ الْمَتْنِ
إذا المرءُ لمْ برمِ الهناة َ بمثلها=تخطى إليهِ الخوفُ منْ جانبِ الأمن
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُلِّ خِيفَة َ نِقْمَة ٍ=فَعَيْشُ الْفَتَى في الذُّلِّ أَدْهَى مِنَ السِّجْنِ
وَكُنْ رَجُلاً، إِنْ سِيمَ خَسْفاً رَمَتْ بِهِ=حَمِيَّتُهُ بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَاللُّدْنِ
فلا خيرَ في الدنيا إذا المرءُ لمْ يعشْ=مهيباً ، تراهُ العينُ كالنارِ في دغن
وَ لا ترهبِ الأخطارَ في طلبِ العلا=فَمَنْ هَابَ شَوْكَ النَّحْلِ عَادَ، وَلَمْ يَجْنِ
وَ لولا معاناة ُ الشدائدِ ما بدتْ=مزايا الورى بينَ الشجاعة ِ وَ الجبنِ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي الْمُدْنِ مَا شِئْتَ مِنْ قِرى ً=فَأَصْحِرْ؛ فَإِنَّ الْبِيدَ خَيْرٌ مِنَ الْمُدْنِ
صَحَارٍ يَعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا بِسَيْفِهِ=شَدِيدَ الْحُمَيَّا غَيْرَ مُغْضٍ عَلَى دَمْنِ
وَ أيُّ حياة ٍ لامرئٍ بينَ بلدة ٍ=يَطَلُّ بِهَا بَيْنَ الْعَوَاثِنِ وَالدَّخْنِ؟
لعمري لكوخٌ منْ ثمامٍ=أَحَبُّ إِلَى قَلْبِي مِنَ الْبَيْتِ ذِي الْكِنِّ
و أطربُ منْ ديكٍ يصيحُ بكوة =أراكية ٌ تدعو هديلاً على غصنِ
وَ أحسنُ منْ دارٍ وَ خيمٍ هواؤها=مَبِيتُكَ مِنْ بُحْبُوحَة ِ الْقَاعِ فِي صَحْنِ
تَرَى كُلَّ شَيْءٍ نُصْبَ عَيْنَيْكَ مَاثِلاً=كأنكَ منْ دنياكَ في جنتيْ عدنِ
تدورُ جيادُ الخيلِ حولكَ شرباً=تجاذبُ أطرافَ الأعنة ِ كالجنَّ
إذا سمعتْ صوتَ الصريخِ تنصبتْ=فتدركُ ما لا تبصرُ العينُ بالأذنِ
فتلكَ - لعمري - عيشة ٌ بدورية =موطأة ُ الأكنافِ ، راسخة ُ الركن
وَمَا قُلْتُ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمٍ أَجَدَّ لِي=يقيناً نفى عني مراجعة َ الظنَّ
فقدْ ذقتُ طعمَ الدهرِ حتى لفظتهُ=وَعَاشَرْتُ حَتَّى قلْتُ لابْنِ أَبِي: دَعْنِي
وَلَوْلاَ أَخٌ أَحْمَدْتُ فِي الْوُدِّ عَهْدَهُ=على حدثانِ الدهرِ - ما كنتُ أستثني
وَرُبَّ بَعِيدِ الدَّارِ يُصْفِيكَ وُدَّهُ=وَمُقْتَرِبٍ يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَمْ تَجْنِ
وَ ما الودُّ في القربى وَ إنْ هيَ أوجبتْ=وَ لكنهُ في الطبعِ ، وَ الشكلِ ، وَ الوزنِ
إذا لمْ يكنْ بينَ الوديدينِ خلة ٌ=فلا أدبٌ يجدى ، وَ لاَ نسبٌ يدنى
فَذَاكَ أَخٌ لَوْلاَهُ أَنْكَرْتُ كُلَّ مَا=سَمِعْتُ بِهِ عَنْ «أَحْنَفِ» الْحِلْمِ، أَوْ «مَعْنِ»
فَإِنْ لَمْ أُصَرِّحْ بِاسْمِهِ خَوْفَ حَاسِدٍ=يَنُمُّ علَيْهِ، فَهْوَ يَعْلَمُ مَنْ أَعْنِي
على َ إنَّ ذكراهُ - وَ إنْ كانَ نائياً =-سَمِيرُ فُؤَادِي في الإِقَامَة وَالظَّعْنِ
أَنُوحُ لِبُعْدِي عَنْهُ حُزْناً وَلَوْعَة ً=كمانا من شوقٍ " جميلٌ " عاى َ " بثنِ "
فَمَنْ لِي بِه خِلاً كَرِيماً نِجَارُهُ؟=فقدْ سئمتْ نفسي معاشرة َ الهجنِ
تجاذبني نفسي إليهِ ، وَ دوننا=أهاويلُ ملتجَّ الغواربِ مستنَّ
لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تَسْخُو بِلُقْيَة ٍ=أَرَاهُ بِهَا بَعْدَ الْكَزَازَة ِ وَالضَّنِّ
وَإِنِّي ـ وَإِنْ طَالَ الْمِطَالُ ـ لَوَاثِقٌ=بِرَحْمَة ِ رَبِّي؛ فَهْوَ ذُو الطَّوْلِ وَالْمَنِّ

احسـاس انثى
01/09/2012, 03:07 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346457878.png
ثورة كريت .
ثورة جزيرة كريت (http://go.3roos.com/shfrof3kbjt) اندلعت لرغبة أهالي الجزيرة وهم في الغالب من اليونان الأرثوذكس (http://go.3roos.com/3u9a8gnzei7) الانضمام إلى مملكة اليونان (http://go.3roos.com/z40ggyf0mzm)، وقد حاولت المملكة المذكورة (http://go.3roos.com/z40ggyf0mzm) دعم الثائرين، إلا أن هذا الدعم ظل محدودًا في إطار تقاعس الدول الأوروبية عن الموافقة على سلخ الجزيرة من أملاك الدولة العثمانية (http://go.3roos.com/c8wka4hct54). أرسل السلطان موفدًا شخصيًا إلى سكان الجزيرة اسمه كريدلي محمد باشا إلا أنه فشل في مهمة تقريب وجهات النظر بين الدولة الثوار، وفي أعقاب استقالة محمد رشدي باشا من الصدارة العظمى وإسنادها إلى محمد أمين عالي باشا ، أنهت الدولة مهام كريدلي باشا وأرسلت عوضًا عنه جيشًا كبيرًا كما أرسل الخديوي إسماعيل (http://go.3roos.com/la9bgl8okqr) بناءً على طلب السلطان عبد العزيزي جيشًا ليساعد في قمع التمرد اشترك في الحملة العسكرية التي خرجت سنة (1282 هـ (http://go.3roos.com/r8x2iug5vbq) / 1865م (http://go.3roos.com/04jrn3nvhpw)) شاعرنا البارودي لمساندة الجيش العثماني في إخماد الفتنة التي نشبت في جزيرة كريت (http://go.3roos.com/shfrof3kbjt)، واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أبلى البارودي بلاء حسنًا، وقد جرى الشعر على لسانه يتغنى ببلده الذي فارقه، ويصف جانبًا من الحرب التي خاض غمارها، في رائعة من روائعه الخالدة .

احسـاس انثى
01/09/2012, 03:09 AM
أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ=وَهَفَا السُّرَى بِأَعِنَّة ِ الْفُرْسَانِ
وَاللَّيْلُ مَنْثُورُ الذَّوَائِبِ ضَارِبٌ=فَوْقَ الْمَتَالِعِ وَالرُّبَا بِجِرَانِ
لاَ تَسْتَبِينُ الْعَيْنُ فِي ظَلْمَائِهِ=إلاَّ اشتعالَ أسنة ِ المرانِ
نَسْرِي بِهِ مَا بَيْنَ لْجَّة ِ فِتْنَة ٍ=تسمو غواربها على الطوفانِ
في كلَّ مربأة ٍ ، وكلَّ ثنية =تهدارُ سامرة ٍ ، وَ عزفُ قيانِ
تسنُّ عادية ٌ ، وَ يصهلُ أجردٌ=و تصيحُ أحراسٌ ، وَ يهتفُ عانى
قومٌ أبى الشيطانُ إلاَّ نزعهمْ=فتسللوا منْ طاعة ِ السلطانِ
مَلأَوا الْفَضَاءَ؛ فَمَا يَبِينُ لِنَاظِرٍ=غَيْرُ الْتِمَاعِ الْبِيضِ وَالْخُرْصَانِ
فالبدرُ أكدرُ ، وَ السماءُ مريضة ٌ=وَالْبَحْرُ أَشْكَلُ، وَالرِّمَاحُ دَوَانِي
وَالْخَيْلُ وَاقِفَة ٌ عَلَى أَرْسَانِهَا=لِطِرَادِ يَوْمِ كَرِيهَة ٍ، وَرِهَانِ
وضعوا السلاحَ إلى الصباحِ ، وَ أقبلوا=يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسُنِ النِّيرانِ
حتى إذا ما الصبحُ أسفرَ ، وَ ارتمتْ=عينايَ بينَ رباً ، وبين محاني
فإذا الجبالُ أسنة ٌ ، وإذا الوها=دُ أعنة ٌ ، والماءُ أحمرُ قاني
فتوجستْ فرطُ الركابِ=لِتَهَابَ؛ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الأَرْسَانِ
فزعتْ ؛ فرجعتِ الحنينَ ، وَ إنما=تحنانهاشجنٌ منَ الأشجانِ
ذَكَرَتْ مَوَارِدَهَا بِمِصْرَ. وَأَيْنَ مِنْ=مَاءٍ بِمِصْرَ مَنَازِلُ الرُّومَانِ؟
وَ النفسُ مولعة ٌ - وَ إنْ هيَ صادفتْ=خَلَفاً ـ بِأَوَّلِ صَاحِبٍ وَمَكَانِ
فَسَقَى السَّمَاكَ مَحَلَّة ً وَمَقَامَة =في مصرَ كلَّ روية ٍ مرنان
حتى تعودَ الأرضُ بعدَ محولها=شَتَّى النَّمَاءِ، كَثِيرَة َ الأَلْوَانِ
بَلَدٌ خَلَعْتُ بِهَا عِذَارَ شَبِيبَتِي=وَطَرَحْتُ فِي يُمْنَى الْغَرَامِ عِنَانِي
فَصَعِيدُهَا أَحْوَى النَّبَاتِ، وَسَرْحُهَا=ألمى طوعُ تقلبِ الأزمانِ
حملَ اتلزمانُ عليَّ ما لمْ أجنهِ=إِنَّ الأَمَاثِلَ عُرْضَة ُ الْحدثَانِ
نقموا عليَّ - وَ قدْ فتكتُ – شجاعتي=إِنَّ الشَّجَاعَة َ حِلْيَة ُ الْفِتْيَانِ
فليهنإِ الدهرُ الغيورُ برحلتي=عَنْ مِصْرَ، وَلْتَهْدَأْ صُرُوفُ زَمَانِي
فَلَئِنْ رَجَعْتُ، وَسَوْفَ أَرْجِعُ وَاثِقاً=باللهِ - أعلمتُ الزمانَ مكاني
صَادَفْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ حَتَّى خَانَنِي=وَحَفِظْتُ مِنْهُ مَغِيبَهُ فَرَمَانِي
زَعَمَ النَّصِيحَة َ ـ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ بِهِ ـ=غِشًّا، وَجَازَى الْحَقَّ بِالْبُهْتَانِ
فليجر بعدُ كما أرادَ بنفسهِ=إن الشقيَّ مطية ُ الشيطانِ
وَ كذا اللئيمُ إذا أصابَ كرامةً=عَادَى الصَّدِيقَ، وَمَالَ بِالإِخْوَانِ
كلُّ امرئٍ يجري على أعراقهِ=والطَّبْعُ لَيْسَ يَحُولُ فِي الإِنْسَانِ
فعلامَ يلتمسُ العدوُّ مساءتي ؟=منْ بعدِ ما عرفَ الخلائقُ شاني
أَنَا لاَ أَذِلُّ، وَإِنَّمَا يَزَعُ الْفَتَى=فقدُ الرجاءِ وقلة ُ الأعوانِ
فَلْيَعْلَمَنَّ أَخُو الْجَهَالَة ِ قَصْرَهُ=عَنِّي وَإِنْ سَبَقَتْ بِهِ قَدَمَانِ
فَلَرُبَّمَا رَجَحَ الْخَسِيسُ مِنَ الْحَصَى=بِالدُّرِّ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْمِيزَانِ
شَرَفٌ خُصِصْتُ بِهِ، وَأَخْطَأَ حَاسِدٌ=مَسْعَاتَهُ، فَهَذَى بِهِ، وَقَلاَنِي

احسـاس انثى
01/09/2012, 11:47 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346532339.png

سرنديب

اشترك البارودي مع قائدهـ عرابي باشا الذي ثار بالجيش ضد طبقة الضباط الأتراك ثم ضد الاستعمار الإنجليزي الذي احتلّ مصر عام 1882 م , فنفوهـ الإنجليز إلى جزيرة سرنديب فقضى فيها سبعة عشر عاما حتى عُفي عنه عام 1900م فقضى في وطنه أربع سنوات وتوفي عام 1904 م بعد أن اشغل الناس ببطولاته وبشعرهـ , وفي هذهـ القصيدة يصف شعورهـ في المنفى , ويفخر بأنه البطل الذي لا تنهزم روحه أبدا مبينا شرف مشاركته في تلك الحركة الوطنية التي ابتغى بها رضا الله ونصرة الحق , مستعيدا ذكرياته في الوطن رافضا للظلم متطلعا إلى المجد و تعمد البارودي ذكر اسم المنفى للدلالة على بعدهـ عن أهله ومدى غربته .

الأفكار التي احتوت عليه القصيدة ::
• شكوى الشاعر من طول غربته وقسوتها ومدى شوقه لوطنه وأهله .
• تصوير الشاعر لمحنته وتجمله بالصبر والقوة .
• افتخار الشاعر بسمو أهدافه وسجاياهـ الكريمة .
• تعريض الشاعر بخصومه وردهـ على لائميه من خلال الفخر بنفسه الأبية التي لاتقبل الذل.
• سخرية الشاعر من الضعفاء والمتكاسلين لعدم قوتهم وثباتهم عند اشتداد الأمور .
• تأكيد الشاعر وافتخارهـ بدورهـ وقوة عزيمته لاشتراكه في تلك الحركة الوطنية.
• استنهاض الشاعر همم أبناء بلادهـ للدفاع عن وطنه ومواجهة العدو بكل عزم .

احسـاس انثى
02/09/2012, 01:22 AM
أسَلَّة ُ سيفٍ ، أم عَقيقة ُ بارِقِ=أضاءت لَنا وهناً سَماوة َ بارِقِ ؟
لَوَى الرَّكْبُ أَعْنَاقاً إِلَيْهَا خَوَاضِعاً=بِزَفْرَة ِ مَحْزُونٍ، وَنَظْرَة ِ وَامِقِ
وفى حَركاتِ البَرقِ لِلشوقِ آيَة ٌ=تَدُلُّ عَلَى مَا جَنَّهُ كُلُّ عَاشِقِ
تَفُضُّ جُفوناً عَن دُموعٍ سوائلٍ=وَتَفْرِي صُدُوراً عَنْ قُلُوبِ خَوَافِقِ
وكيفَ يَعِى سِرَّ الهوى غَيرُ أهلِهِ=وَيَعْرِفُ مَعْنَى الشَّوْقِ مَنْ لَمْ يُفَارِقِ
لَعَمرُ الهوَى إنِّى لَدُن شَفَّنِى النَوى=لَفِى وَلَهٍ من سورة ِ الوَجدِ ماحِقِ
كَفى بِمُقامِى فى "سَرنديبَ " غُربة ً=نَزَعْتُ بِهَا عَنِّي ثِيَابَ الْعَلاَئِقِ
وَمَنْ رَامَ نَيْلَ الْعِزِّ فَلْيَصْطَبِرْ عَلَى=لِقَاءِ الْمَنَايَا، وَاقْتِحَامِ الْمَضَايِقِ
فإن تَكُنِ الأيَّامُ رَنَّقنَ مَشربِى=وثَلَّمنَ حَدِّى بالخطوبِ الطوارقِ
فَمَا غَيَّرَتْنِي مِحْنَة ٌ عَنْ خَلِيقَتِي=ولا حوَّلتنِى خدعَة ٌ عَن طرائقِى
وَلَكِنَّنِي بَاقٍ علَى مَا يَسُرُّنِي=ويُغضِبُ أعدائى ، ويُرضِى أصادِقِى
فَحَسرة ُ بُعدِى عن حَبيبٍ مُصادِقٍ=كَفَرْحَة ِ بُعْدِي عَنْ عَدُوٍّ مُمَاذِقِ
فَتِلكَ بِهَذى ، والنَجاة ُ غَنيمَة ٌ=منَ الناسِ ، والدُنيا مَكيدة ُ حاذِقِ
ألا ، أيُها الزارِى عَلى َّ بِجَهلِهِ=ولَم يَدرِ أنِّى دُرَّة ٌ فى المفارِقِ
تَعزَّ عن العلياءِ باللُّؤمِ ، واعتزِلْ=فَإِنَّ الْعُلاَ لَيْسَتْ بِلَغْوِ الْمَنَاطِقِ
فَما أنا مِمَّن تَقبَلُ الضَيمَ نَفسهُ=ويَرضَى بِما يَرضَى بهِ كلُّ مائقِ
إذا المرءُ لم يَنهَض لِما فيهِ مَجدُهُ=قَضَى وَهْوَ كَلٌّ فِي خُدُورِ الْعَواتِقِ
وأى ُّ حَياة ٍ لامرئٍ إن تنكَّرَت=لَهُ الْحَالُ لَمْ يَعْقِدْ سُيُورَ الْمَنَاطِقِ؟
فَما قُذُفاتُ العِزِّ إلاَّ لِماجدٍ=إذا هَمَّ جَلَّى عَزمهُ كُلَّ غاسقِ
يَقولُ أُناسٌ ، إنِّنى ثُرتُ خالِعاً=وَتِلْكَ هَنَاتٌ لَمْ تَكُنْ مِنْ خَلاَئِقِي
وَلَكِنَّنِي نَادَيْتُ بِالْعَدْلِ طَالِباً=رِضا اللهِ ، واستنهضتُ أهلَ الحقائقِ
أمرتُ بِمعروفٍ ، وأنكرتُ مُنكراً=وذلِكَ حُكْمٌ فِي رِقَابِ الْخَلاَئِقِ
فإن كانَ عِصياناً قِيامِى ، فإنَّنى=أَرَدْتُ بِعِصْيَانِي إِطَاعَة َ خَالِقي
وَهَلْ دَعْوَة ُ الشُّورَى علَيَّ غَضَاضَةٌ=وَفِيهَا لِمَنْ يَبْغِي الْهُدَى كُلُّ فَارِقِ؟
بَلى ، إنَّها فَرضٌ منَ اللهِ واجِبٌ=عَلَى كُلِّ حَيٍّ مِنْ مَسُوقٍ وَسَائِقِ
وكيفَ يَكونُ المرءُ حُرًّا مُهذَّباً=ويَرضَى بِما يأتِى بهِ كلُّ فاسقِ ؟
فإن نافقَ الأقوامُ فى الدينِ غَدرةً=فَإنِّى بِحمدِ اللهِ غيرَ منافقِ
عَلَى أَنَّنِي لَمْ آلُ نُصْحاً لِمَعْشَرٍ=أَبَى غَدْرُهُمْ أَنْ يَقْبَلُوا قَوْلَ صَادِقِ
رأوا أن يسُوسوا الناسَ قَهراً ، فأسرَعوا=إِلَى نَقْضِ مَا شَادَتْهُ أَيْدِي الْوَثائِقِ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الظُّلْمُ قَامَتْ عِصَابَة ٌ=مِنَ الْجُنْدِ تَسْعَى تَحْتَ ظِلِّ الْخَوَافِقِ
وشايَعَهُم أهلُ البِلادِ ، فأقبَلوا=إِلَيْهِمْ سِراعاً بَيْنَ آتٍ وَلاَحِقِ
يَرُومُونَ مِنْ مَوْلَى الْبِلاَدِ نَفَاذَ مَا=تألاَّهُ من وعدٍ إلى الناسِ صادِقِ
فَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ، فَلاَ تَسَلْ=سِوَايَ، فَإِنِّي عَالِمٌ بِالْحقَائِقِ
فَيَا «مِصْرُ» مَدَّ اللَّهُ ظِلَّكِ، وَارْتَوَى=ثَرَاكِ بِسَلْسَالٍ مِنَ النِّيلِ دَافِقِ
ولا بَرِحَت تَمتارُ منكِ يدُ الصَبا=أريجاً يُداوِى عَرفهُ كلَّ ناشِقِ
فَأَنْتِ حِمَى قَوْمِي، وَمَشْعَبُ أُسْرَتِي=ومَلعَبُ أترابِى ، ومَجرى سَوابِقِى
بِلاَدٌ بِهَا حَلَّ الشَّبَابُ تَمَائِمِي=وناطَ نِجادَ المشرِفى ِّ بِعاتِقِى
إِذَا صَاغَهَا بَهْزَارُ فِكْرِي تَصَوَّرَتْ=لِعَيْنِي فِي زِيٍّ مِنَ الْحُسْنِ رَائِقِ
تَرَكتُ بِها أهلاً كِراماً ، وجيرة ً=لَهُم جيرة ٌ تَعتادُنِى كُلَّ شارِقِ
هَجَرْتُ لَذِيذَ الْعَيْشِ بَعْدَ فِراقِهِمْ=وودَّعتُ ريعانَ الشبابِ الغُرانِقِ
فَهَل تَسمَح الأيَّامُ لِى بِلِقائهِم=وَيَسْعَدُ فِي الدُّنْيَا مَشُوقٌ بِشَائِقِ؟
لَعَمرِى لقد طالَ النَوى ، وتَقَطَّعَت=وسَائِلُ كَانَتْ قَبْلُ شَتَّى الْمَوَاثِقِ
فإن تَكُن الأيَّامُ ساءت صُروفُها=فَإنِّى بِفضلِ اللهِ أولُ واثقِ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ=وَيَرْجِعُ لِلأَوْطَانِ كُلُّ مُفَارِقِ

احسـاس انثى
02/09/2012, 01:34 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346460910.png


أنشودة العودة .



بعدَ 17 سنة قضاها شاعرنا البارودي منفيّاً في جزيرة سرنديب صدرَ في حقِّهِ العفوُ،
فعادَ إلى وطنهِ بعدَ أنِ اشتدَّتْ عليهِ وطأةُ المرضِ وَألمُ الغربةِ، وَشدَّ ما كانَ سعيداً مسروراً برجوعهِ إلى بلدهِ، و ما أن رست السفينة في ميناء ( ابي قير )تحرَّكَ ماردُ الشِّعرِ في داخلهِ عازفاً جوقةَ الفرحِ في أعماقهِ مردِّداً لنشيدِ العودةِ .

احسـاس انثى
02/09/2012, 01:37 AM
أبابلُ رَأى َ العينِ أم هذهِ مِصرُ=فإنِّى أرى فيها عيوناً هى َ السِحرُ
نَوَاعِس أَيْقَظْنَ الْهَوَى بِلَوَاحِظٍ=تَدِينُ لَهَا بِالْفَتْكَة ِ الْبِيضُ وَالسُّمْرُ
فليسَ لعقلٍ دونَ سُلطانِها حِمى ً=ولا لفؤادٍ دونَ غِشيانِها سِترُ
فَإِنْ يَكُ مُوسى أَبْطَلَ السِّحْرَ مَرَّة ً=فذلِكَ عصرُ المعجِزاتِ ، وذا عصرُ
فَأَيُّ فُؤادٍ لاَ يَذُوبُ صَبَابَة ً=وَمُزْنَة ٍ عَيْنٍ لاَ يَصُوبُ لَهَا قَطْرُ؟
بِنفسى وإن عَزَّت على َّ ربيبة =مِنَ العينِ فى أجفانِ مُقلتِها فَترُ
فَتَاة ٌ يَرِفُّ الْبَدْرُ تَحْتَ قِناعِها=وَيَخْطِرُ في أَبْرَادِهَا الْغُصُنُ النَّضْرُ
تُرِيكَ جُمانَ الْقَطْرِ في أُقْحُوَانَة ٍ=مُفَلَّجَة ِ الأَطْرَافِ، قِيلَ لَهَا ثَغْرُ
تَدِينُ لِعَيْنَيْهَا سَوَاحِرُ «بَابِلٍ»=وتسكرُ من صَهباءِ ريقتها الخَمرُ
فيا ربَّة َ الخِدرِ الَّذى حالَ دونَهُ=ضَراغِمُ حربٍ ، غابَها الأَسَلُ السُمرُ
أَمَا مِنْ وِصَالٍ أَسْتَعِيدُ بِأُنْسِهِ=نَضَارَة َ عَيْشٍ كَانَ أَفْسَدَهُ الْهَجْرُ؟
رضيتُ منَ الدُّنيا بِحبِّكَ عالماً=بِأنَّ جُنُونِي في هَوَاكِ هُوَ الْفَخْرُ
فلا تَحسبى شوقى فُكاهة َ مازحٍ=فما هُوَ إلاَّ الجمرُ، أو دونهُ الجمرُ
هوى ً كضميرِ الزندِ ، لو أنَّ مَدمعى=تَأَخَّرَ عَنْ سُقْيَاهُ لاَحْتَرَقَ الصَّدْرُ
إِذَا مَا أَتَيْتُ الْحَيَّ فَارَتْ بِغَيْظِها=قُلُوبُ رِجَالٍ حَشْوُ آماقِها الْغَدْرُ
يَظُنُّونَ بِي شَرّاً، وَلَسْتُ بِأَهْلِهِ=وظَنُّ الفتى مِن غيرِ بيِّنة ٍ وِزرُ
وماذا عليهِم إن ترنَّمَ شاعِرٌ=بِقَافِيَة ٍ لاَ عَيْبَ فِيها، وَلاَ نُكْرُ؟
أفى الحقِّ أن تبكِى الحمائمُ شَجوها=ويُبلى فلا يبكِى على نَفسهِ حُرُّ ؟
وأى ُّ نَكيرٍ فى هوًى شبَّ وقدهُ=بِقَلْبِ أَخِي شَوْقٍ فَبَاحَ بِهِ الشِّعْرُ؟
فَلا يَبْتَدِرْنِي بِالْمَلاَمَة ِ عَاذِلٌ=فإنَّ الهوى فيهِ لمُعتذرٍ عُذرُ
إذا لم يَكن لِلحُبِّ فضلٌ على النُّهى=لما ذَلَّ حَى ٌّ لَلهوى ولَهُ قَدرُ
وَكَيْفَ أَسُومُ الْقَلْبَ صَبْراً عَلَى الْهوى=وَلَمْ يَبْقَ لِي فِي الْحُبِّ قلْبٌ وَلا صَبْرُ؟
لِيهنَ الهوى أنِّى خضَعتُ لِحُكمهِ=وَإِنْ كَانَ لِي فِي غَيْرِهِ النَّهْيُ والأَمْرُ
وإنِّى امرؤٌ تأبى لى الضَّيمَ صولة ٌ=مَوَاقِعُهَا فِي كُلِّ مُعْتَرَكٍ حُمْرُ
أَبِيٌّ عَلَى الْحِدْثَانِ، لاَ يَسْتَفِزُّنِي=عَظيمٌ ، ولا يأوى إلى ساحتى ذعرُ
إذا صُلتُ صالَ الموتُ مِن وكراتهِ=وإن قُلتُ أرخى مِن أعنَّتهِ الشِعرُ

احسـاس انثى
02/09/2012, 04:01 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346547537.png
قال البارودي هذه الابيات و هو في منفاه بعد أن زاره طیف إبنته سمیرة فأثارَ
عاطفته، وألهب خیاله، وتذكر وطنه ، وكیف حاول إنقاذه من المحنة والأوضاع
السیاسیة والإجتماعیة المتردیة، ویعجب لهذا الزمن وتقلّبه ، وقلبه ظهر
المجنّ للأناس الصادقین المخلصین ، وهو یمزج تلك المعاني كلّها بالفخر
بنفسه وإبائه وترفّعه عن دنایا الأمور بحیث یمكن اعتبار هذه القصیدة من
جملة شعره في الفخر والحماسة، الذي لا یخلو من المعاني الحكمیّة والوعظیة
، مبیّناً أن العاقبة الحمیدة ستكون في النهایة للمترفّعین عن الدنایا،
الثابتین علی مبادئهم ومثلهم العلیا ، وأن الدنیا ما هي إلّا ساحة یجول
فیها الظالمون والمنافقون والخونة ویصولون لأیام معدودة حتی إذا دهمهم
الموت فحینئذ ستنكشف الحقیقة ویعود الحق إلی نصابه .

احسـاس انثى
02/09/2012, 04:05 AM
تَأَوَّبَ طَيْفٌ مِنْ «سَمِيرَة َ» زَائرُ=وَمَا الطَّيْفُ إلاَّ مَا تُرِيهِ الْخَوَاطِرُ
طَوَى سُدْفَة َ الظَّلْمَاءِ، وَاللَّيْلُ ضَارِبٌ=بِأرواقهِ ، والنَجمُ بِالأفقِ حائرُ
فيا لكَ مِن طيفٍ ألمَّ ودونَهُ=مُحِيطٌ منَ الْبَحْرِ الْجَنُوبِيِّ زَاخِرُ
تَخطَّى إلى َّ الأرضَ وَجداً ، وما لهُ=سِوَى نَزواتِ الشَوقِ حادٍ وزاجرُ
ألمَّ ، ولم يلبَث ، وسارَ ، وليتَهُ=أَقَامَ وَلَوْ طَالَتْ عَلَيَّ الدَّيَاجِرُ
تَحمَّلَ أهوالَ الظلامِ مُخاطِراً=وعَهدى بِمَن جادَت بهِ لا تُخاطِرُ
خُمَاسِيَّة ٌ، لَمْ تَدْرِ مَا اللَّيْلُ والسُّرَى=ولم تَنحَسِر عَن صَفحتيها السَتائرُ
عَقِيلَة ُ أتْرَابٍ تَوَالَيْنَ حَولَهَا=كما دارَ بالبدرِ النُجومُ الزَواهِرُ
غَوَافِلُ لا يَعْرِفْنَ بُؤْسَ مَعِيشَة ٍ=وَلا هُنَّ بالْخَطْبِ الْمُلِمِّ شَوَاعِرُ
تَعوَّدنَ خَفضَ العيشِ فى ظِلِّ والدٍ=رَحِيمٍ وَبَيْتٍ شَيَّدَتْهُ الْعَنَاصِرُ
فَهُنَّ كَعُنْقُودِ الثُّرَيَّا، تَأَلَّقَتْ=كَواكِبُهُ في الأُفْقِ، فهْي سَوَافِرُ
تُمثِلُها الذكرى لعينى ،كأنَّنى=إلَيْهَا علَى بُعْدٍ مِنَ الأَرض نَاظِرُ
فَطَوْراً إخَالُ الظَّنَّ حَقّاً، وَتَارَة ً=أهِيمُ، فَتَغْشَى مُقْلَتَيَّ السَّمَادِرُ
فيا بُعدَ ما بينى وبينَ أحبَّتى !=ويا قُربَ ما التفَّت عليهِ الضَّمائر !
ولَوْلاَ أَمَانِي النَّفْسِ وَهْيَ حَياتُهَا=لما طارَ لى فوقَ البسيطة ِ طائرُ
فإن تَكُنِ الأيامُ فرَّقنَ بيننا=فَكُلُّ امْرِىء ٍ يوْماً إلَى اللَّهِ صَائرُ
هِي الدَّارُ؛ ما الأَنْفَاسُ إلاَّ نَهَائِبٌ=لديها ، وما الأجسامً إلاَّ عقائرُ
إذا أحسَنتَ يوماً أساءت ضُحى غدٍ=فَإِحْسَانُهَا سيْفٌ عَلَى النَّاسِ جَائِرُ
تربُّ الفتى ، حتَّى إذا تمَّ أمرهُ=دَهَتْهُ، كَما رَبَّ الْبَهِيمَة َ جَازِرُ
لها تِرة ٌ فى كلِّ حى ّ ، وما لها=عَلَى طُول مَا تَجْني علَى الْخَلْق وَاتِرُ
كَثِيرة ُ أَلْوانِ الْوِدادِ، ملِيَّة ٌ=بأَنْ يَتَوَقَّاها الْقَرينُ الْمُعَاشِرُ
فَمن نَظرَ الدُنيا بِحكمَة ِ ناقدٍ=دَرَى أنَّها بينَ الأنامِ تُقامِرُ
صَبَرتُ على كُرهٍ لِما قَد أصابَنى=ومَن لم يَجد مندوحة ً فهوَ صابِرُ
وما الحِلمُ عِندَ الخطبِ والمرءُ عاجِزٌ=بِمُسْتَحْسَنٍ كَالْحِلْمِ والْمَرْءُ قَادرُ
ولكِن إذا قلَّ النصيرُ ، وأعوزَت=دواعِى المُنى فالصَبرُ فيهِ المَعاذِرُ
فَلا يَشمتِ الأعداءُ بى ، فلرُبَّما=وصلْتُ لِما أَرْجُوهُ مِمَّا أُحَاذِرُ
فَقَدْ يَسْتَقِيمُ الأَمْرُ بَعْدَ اعْوِجاجِهِ=وتنهَضُ بالمرءِ الجدودُ العواثِرُ
ولى أملٌ فى اللهِ تحيا بهِ المُنى=ويُشرِقُ وَجهُ الظَنِّ والخَطبُ كاشِرُ
وَطِيدٌ، يَزِلُّ الْكَيْدُ عَنْهُ، وتَنْقَضِي=مُجَاهَدَة ُ الأَيَّامِ وَهْوَ مُثَابِرُ
إذا المرءُ لم يَركَن إلى اللهِ فى الَّذى=يُحَاذِرُهُ مِنْ دَهْرِهِ فَهْوَ خَاسِرُ
وإنْ هُوَ لَمْ يصْبِرْ على ما أصَابَهُ=فَلَيْسَ لَهُ فِي مَعْرِضِ الْحَقِّ نَاصِرُ
ومَن لم يّذق حُلوَ الزمانِ وَمرهُ=فما هوَ إلاَّ طائشُ اللُّبِّ نافِرُ
وَلَوْلاَ تَكَالِيفُ السِّيادة ِ لَمْ يَخِبْ=جَبانٌ ، ولَم يَحو الفَضيلة َ ثائرُ
تقلُّ دواعِى النَفسِ وهِى َ ضعيفَة ٌ=وتَقوى همومُ القلبِ وهوَ مُغامِرُ
وكَيفَ يبينُ الفَضلُ والنَّقصُ فى الوَرى=إذا لَم تَكُن سَومَ الرِجالِ المَآثِرُ ؟
وَما حملَ السَّيْفَ الْكَمِيُّ لِزِينَة ٍ=ولكن لأمرٍ أوجبتهُ المفاخرُ
إذا لَم يكُنْ إلاَّ المعيشة َ مَطلبٌ=فكلُّ زهيدٍ يَمسكُ النَّفسَ جابِرُ
فَلَوْلاَ الْعُلاَ ما أَرْسَلَ السَّهْم نَازِعٌ=ولا شهرَ السيفَ اليمانى َّ شاهرُ
منَ العارِ أن يرضى الدنيَّة َ ماجدٌ=ويَقبلَ مَكذوبَ المُنى وهوَ صاغرُ
إذا كُنتَ تخشى كلَّ شئٍ منَ الردى=فَكُلُّ الَّذِي فِي الْكَوْنِ لِلنَّفْسِ ضائِرُ
فمِن صِحَّة ِ الإِنْسَانِ ما فِيهِ سُقْمُهُ=ومن أمنهِ ما فاجأتهُ المَخاطِر
على َّ طِلابُ العزِّ من مُستقرِّهِ=ولا ذَنبَ لى إن عارَضتنى المقادِرُ
فَمَا كُلُّ مَحْلُولِ الْعَرِيكَة ِ خَائِبٌ=ولاَ كُلُّ مَحْبُوكِ التَّرِيكَة ِ ظَافِرُ
فماذا عَسى الأعداءُ أن يتقوَّلوا=على َّ ، وعِرضى ناصِحُ الجيبِ وافِرُ ؟
فَلي فِي مَرَادِ الْفَضْلِ خَيْرُ مَغَبَّة ٍ=إذَا شَانَ حَيّاً بالْخِيَانَة ِ ذَاكِرُ
مَلَكْتُ عُقَابَ الْمُلْكِ وَهْيَ كَسِيرَة ٌ=وغادرتُها فى وَكرِها وهى َ طائرُ
ولو رُمتُ ما رامَ امرؤٌ بِخيانة ٍ=لَصبَّحنِي قِسْطٌ مِنَ الْمال غَامِرُ
ولكِنْ أَبَتْ نَفْسِي الْكَرِيمَة ُ سَوْأَة =تُعابُ بِهَا، والدَّهْرُ فِيهِ الْمعَايرُ
فلا تحسبنَّ المالَ ينفعُ ربَّهُ=إِذَا هُوَ لَمْ تَحْمَدْ قِرَاهُ الْعَشَائِرُ
فَقَدْ يَسْتَجِمُّ الْمَالُ وَالْمَجْدُ غَائِبٌ=وَقَدْ لاَ يَكُونُ الْمَالُ والْمَجْدُ حاضِرُ
ولَو أنَّ أسبابَ السِيادة ِ بالغنى=لكاثرَ ربَّ الفضلِ بالمالِ تاجرُ
فلا غَروَ أن حُزتُ المكارِمَ عارِياً=فَقَدْ يَشْهَدُ السَّيْفُ الْوَغَى وَهْوَ حاسِرُ
أنا المرءُ لا يثنيهِ عن دركِ العُلا=نَعِيمٌ، ولاَ تَعْدُو عَلَيْهِ الْمفَاقِرُ
قَئُولٌ وَأَحْلاَمُ الرِّجالِ عَوَازِبٌ=صَئُولٌ وأَفْوَاهُ الْمَنَايَ فَوَاغِرُ
فَلاَ أَنا إِنْ أَدْنَانِيَ الْوَجْدُ بَاسِمٌ=وَلاَ أَنَا إِنْ أَقْصَانِيَ الْعُدْمُ بَاسِرُ
فَمَا الْفَقْر إِنْ لَمْ يَدْنَسِ الْعِرْضُ فَاضِحٌ=وَلاَ الْمَالُ إِنْ لَمْ يَشْرُفِ الْمَرْءُ ساتِرُ
إذا ما ذُبابُ السَّيفِ لم يكُ ماضِياً=فحيلتهُ وصمٌ لَدى الحربِ ظاهِرُ
فإن كنتُ قد أصبحتُ فلَّ رَزيَّة ٍ=تقاسمها فى الأهلِ بادٍ وحاضِرُ
فكَم بطلٍ فَلَّ الزَّمانُ شباتَهُ=وكَمْ سَيِّدٍ دارتْ علَيْهِ الدَّوائِرُ
وأى ُّ حسامٍ لم تُصبهُ كلالَة ؟=وأى ُّ جوادٍ لم تَخنهُ الحوافِرُ ؟
فَسَوْفَ يَبِينُ الْحقُّ يَوْماً لِنَاظِرٍ=وتنزو بِعوراءِ الحُقودِ السَّرائرُ
وَمَا هِيَ إِلاَّ غَمْرَة ٌ، ثُمَّ تَنْجلِي=غيابتُها ، واللهُ من شاءَ ناصِرُ
فَقَدْ حَاطَني في ظُلْمة ِ الْحَبْسِ، بعْدَمَا=تَرَامَتْ بأَفْلاَذِ الْقُلُوبِ الْحَنَاجِرُ
فَمَهْلاً بَنِي الدُّنْيَا عَلَيْنَا، فَإِنَّنَا=إِلَى غَايَة ٍ تَنْفَتُّ فيهَا الْمَرائرُ
تطولُ بِها الأنفاسُ بُهراً ، وتلتوِى=على فَلكة ِ السَّاقينِ فيها المآزِرُ
هُنالِكَ يَعْلُو الْحَقُّ، وَالْحَقُّ واضِحٌ=ويَسفلُ كَعبُ الزُّورِ ، والزُّورُ عاثِرُ
وَعَمَّا قَلِيلٍ يَنْتَهِي الأَمْرُ كُلُّهُ=فَما أَوَّلٌ إِلاَّ وَيَتْلُوهُ آخِرُ

احسـاس انثى
02/09/2012, 04:13 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346548201.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346548201.png)




قال هذه الأبيات واصفاً فيها أهرامات مصر .


سَلِ الجِیزةَ الفیحاءَ عن هَرَميْ مصرَ = لعلّك تدري غیبَ ما لم تكنْ تدري
بناءانِ رَدَّا صَوْلةَ الدهرِ عنهما = ومِن عَجَبٍ أن یغلِبا صولةَ الدهرِ
أقاما علی رغمِ الخطوبِ لیشهدا = لبانیهما بین البرَِيَّةِ بالفخرِ
فكم أمَمٍ في الدهرِ بادتْ وأعصرٍ = خَلَتْ وهما أعجوبةُ العینِ والفكرِ
تلوحُ لآثارِ العقولِ علیهما = أساطیرُ لا تنفك تُتْلی إلی الحشرِ
رموزٌ لو استطلعتَ مكنونَ سرِّها = لَأبْصرتَ مجموعَ الخلائقِ في سطرِ
فما مِن بناءٍ كانَ أو هو كائنٌ = یُدانیهما عند التأمُّلِ والخُبْرِ

يُقَصِّرُ حُسْناً عَنْهُمَا «صَرْحُ بَابِلٍ»=وَيَعْتَرِفُ «الإِيوَانُ» بِالْعَجْزِ وَالْبَهْرِ
فلو أنَّ "هاروتَ " انتحَى مَرصديهِما=لألقى مَقاليدَ الكَهانة ِ والسِحرِ
كَأَنَّهُمَا ثَدْيَانِ فَاضَا بِدِرَّة ٍ=منَ النيلِ تروى غُلَّة َ الأرضِ إذ تجرِى
وبينَهما " بَلْهيبُ " فى زِى ِّ رابضٍ=أَكَبَّ عَلَى الْكَفَّيْنِ مِنْهُ إِلَى الصَّدْرِ
يُقَلِّبُ نَحْوَ الشَّرْقِ نَظْرَة َ وَامِقٍ=كَأَنَّ لَهُ شَوْقاً إِلَى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
مَصانِعُ فيها للعلومِ غوامِضٌ=تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو قَدْر
رسا أصلُها ، وامتدَّ فى الجَوِّ فَرعُها=فأصبَحَ وكراً للسِماكَينِ والنَسرِ
فقُمْ نَغترِف خَمرَ النُّهى مِن دِنانِها=ونَجنى بِأيدى الجدِّ رَيحانة َ العُمرِ
فَثمَّ علومٌ لم تفَتَّق كِمامُها=وثَمَّ رموزٌ وحيُها غامِضُ السِرِّ
أقمتُ بِها شَهرا ، فأدرَكتُ كُلَّ ما=تَمَنَّيْتُهُ مِنْ نِعْمَة ِ الدَّهْرِ فِي شَهْر
نَروحُ ونَغدو كُلَّ يومٍ لنَجتنى=أزاهيرَ علمٍ لاتجفُّ معَ الزَّهرِ
إذا ما فتحنا قفلَ رمزٍ بَدت لنا=مَعَارِيضُ لمْ تُفْتَحْ بِزِيجٍ وَلاَ جَبْرِ
فَكَمْ نُكَتٍ كَالسِّحْرِ فِي حَرَكَاتِهِ=تُريكَ مدبَّ الرُّوحِ فى مُهجَة ِ الذرِّ
سَكِرْنَا بِما أَهْدَتْ لَنَا مِنْ لُبابِها=فيا لكَ مِن سكرٍ أتيحَ بلا خَمرِ!
وما ساءنى إلاَّ صَنيعُ معاشرٍ=أَلَحُّوا عَلَيْهَا بِالْخِيَانَة ِ وَالْغَدْرِ
أبادوا بِها شَملَ العُلومِ ، وشَوَّهوا=مَحَاسِنَ كَانَتْ زِينَة َ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
فَكم سَمَلوا عَيناً بِها تُبصَرُ العُلا=وَشَلُّوا يَداً كَانَتْ بِها رَايَة ُ النَّصْرِ
تمنَّوا لقاطَ الدُرِّ جَهلاً ، وما درَوا=بِأَنَّ حَصَاهَا لاَ يُقَوَّمُ بِالدُرِّ
وفَلُّوا لِجمعِ التِبرِ صُمَّ صُخورِها=وَأَيْسَرُ مَا فَلُّوهُ أَغْلَى مِنَ التِّبْرِ
وَلَكِنَّهُمْ خَابُوا، فَلَمْ يَصِلُوا إِلى=مُناهُم ، ولاأبقوا علَيها منَ الخَترِ
فَتبًّا لَهُم مِن مَعشرٍ نَزَعَت بِهِم=إلى الغى ِّ أخلاقٌ نَبتنَ على غِمرِ
ألا قبَّحَ اللهُ الجهالة ، إنَّها=عَدوَّة ما شادَتهُ فِينا يدُ الفِكرِ
فلَو رَدَّتِ الأيَّامُ مُهجَة َ " هُرمُسٍ= "لأعولَ من حزنٍ على نوَبِ الدَهرِ
فيا نَسَماتِ الفَجرِ! أدَّى تَحيَّتى=إِلى ذَلِكَ الْبُرْجِ الْمُطلِّ عَلى النَّهْرِ
ويا لَمعاتِ البرق ! إن جُزتِ بالحِمى=فَصُوبِي عَلَيْهَا بِالنِّثَارِ مِنَ الْقَطْرِ
عَليها سَلامٍ من فؤادٍ متيَّمٍ=بِها، لاَ بِرَبَّاتِ الْقَلائِدِ والشَّذْرِ
ولا بَرِحَت فى الدَّهرِ وَهى َ خوالِدٌ=خُلودَ الدَّرارى والأَوابدِ مِن شِعرى

احسـاس انثى
02/09/2012, 04:38 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346549771.png



البارودي يصف البلغار في بلادهم حين رافق الحملة المصرية لحرب الروس .

أَرَاكَ الْحِمَى ! شَوْقِي إِلَيْكَ شَدِيدُ=وصبرى ونومى فى هواكَ شريدُ
مضى زمنٌ لم يأتنى عنكَ قادمٌ=ببشرى ، ولم يعطف على َّ بريدُ
وَحِيْدٌ مِنَ الْخُلاَّنِ في أَرْضِ غُرْبَة =أَلاَ كُلُّ مَنْ يَبْغِي الْوَفَاءَ وَحِيدُ
فهل لغريبٍ طوحتهُ يدُ النَّوى=رجوعٌ ؟ وهل للحائماتِ ورودُ ؟
وهل زمنٌ ولَّى ، وعيشٌ تقيضَت=غَضَارَتُهُ بَعْدَ الذَّهَابِ يَعُودُ؟
أُعَلِّلُ نَفْسِي بالْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا=يَلَذُّ اقْتِبالُ الشَّيءِ وَهْوَ جَدِيدُ
وما ذكرِى َ الأيَّامَ إلاَّ لأنَّها=ذِمامٌ لعرفانِ الصِّبا وعهودُ
فليسَ بمفقودٍ فتى ً ضمَّهُ الثَرى=ولكنَّ من غالَ البِعادُ فقيدُ
ألا أيُّها اليومُ الَّذى لم أكنْ لهُ=ذكوراً ، سِوى أَن قيلَ لى هوَ عيدُ
أَتَسْأَلُنَا لُبْسَ الْجَدِيدِ سَفَاهَة ً=وأثوابنا ما قَدْ علِمْتَ حديدُ ؟
فَحَظُّ أُناسٍ مِنْهُ كَأْسٌ وقَيْنَة ٌ=وحظُّ رجالٍ ذُكرَة ٌ ونشيدُ
لِيهنَ بهِ منْ باتَ جذْلانَ ناعماً=أَخَا نَشَوَاتٍ ما عَلَيْهِ حَقُودُ
ترى أَهلَهُ مستَبشرينَ بِقربِهِ=فَهُمْ حَوْلَهُ لا يَبْرَحُونَ شُهُودُ
إذا سارَ عنهُمْ سارَ وهو مكرَّمٌ=وإن عادَ فيهِمْ عادَ وهوَ سعيدُ
يُخَاطِبُ كُلاًّ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ=فمُبدئُ شُكرٍ تارة ً ومعيدُ
فَمَنْ لِغَرِيبٍ «سَرْنَسُوفُ» مُقَامُهُ=رَمَتْ شَمْلَهُ الأَيَّامُ، فَهْوَ لَهِيدُ
بِلاَدٌ بِهَا ما بِالجَحِيمِ، وإِنَّمَا=مكانَ اللَّظى ثلجٌ بها وجليدُ
تجمَّعتِ البُلغارُ والرُّومُ بينَها=وزَاحَمَهَا التَّاتَارُ، فَهْيَ حُشُودُ
إِذا رَاطَنُوا بَعْضاً سَمِعْتَ لِصَوْتِهِمْ=هَديداً تكادُ الأَرضَ منهُ تميدُ
قِباحُ النَّوَاصِي والْوُجُوهِ، كَأَنَّهُمْ=لِغَيْرِ أَبِي هَذَا الأَنَامِ جُنُودُ
سَواسِيَة ٌ، لَيْسُوا بِنَسْلِ قَبيلَة ٍ=فَتُعرفَ آباءٌ لهُم وجدودُ
لَهُم صُوَرٌ ليسَتْ وجُوهاً ، وإنَّما=تُناطُ إليها أعيُنٌ وخُدودُ
يَخُورُونَ حَوْلِي كَالعُجُولِ، وبَعْضُهُمْ=يُهَجِّنُ لحنَ القولِ حينَ يُجيدُ
أَدورُ بِعَينى لا أرى بينَهُمْ فتى ً=يَرودُ معِى فى القولِ حَيثُ أَرودُ
فَلاَ أَنَا مِنْهُمْ مُسْتَفِيدٌ غَريبَة ً=وَلاَ أَنَا فِيهمْ ما أَقَمْتُ مُفِيدُ
فَمَنْ لِي بِأَيَّامٍ مَضَتْ قَبْلَ هَذِهِ=بمِصْرَ ؟ وعيشى لو يدومُ حَميدُ
عسى اللهُ يَقضى قُربَة ً بعدَ غُربَةٍ=فَيَفْرَحَ باللُّقْيَا أَبٌ وَوَلِيدُ

احسـاس انثى
06/09/2012, 12:14 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346878226.png
ما قاله البارودي في الزهد قليل ولم نلمس فيه ما يدل على التجديد
وإنما كان مقلدا لسابقيه وتخلل هذا الشعر بعض المواعظ والحكم التي استمدها
من خلال تعامله مع الناس وتبدو على زهدياته لمسات من التشاؤم المنبعث من
المصائب التي تعرض لها في حياته .


كلُّ حى ٍّ سيموتُ=لَيْسَ في الدُّنيا ثُبُوتُ
حَرَكَاتٌ سَوْفَ تَفْنَى=ثُمَّ يَتْلُوها خُفُوتُ
وكَلامٌ لَيْسَ يَحْلُو=بَعْدَهُ إِلاَّ السُّكُوتُ
أيُّها السادِرُ قُلْ لى=أَيْنَ ذاكَ الجَبَرُوتُ؟
كُنتَ مطبوعاً على النُطْ=ـقِ، فَمَا هَذَا الصُّمُوتُ؟
ليت شِعرى ، أَهُمودٌ=ما أراهُ ، أَم قنوتُ ؟
أَيْنَ أَمْلاكٌ لَهُمْ في=كُلِّ أُفْقٍ مَلَكُوتُ
زالَت التيجانُ عنهم=وخَلَتْ تلْكَ التُّخُوتُ
أَصْبَحَتْ أَوْطَانُهُمْ مِنْ=بَعْدِهِمْ وَهْيَ خُبُوتُ
لا سَمِيعٌ يَفْقَهُ الْقَوْ=لَ، ولا حَيٌّ يَصُوتُ
عمرَت منهُم قبورٌ=وخلَت منهم بيوتٌ
لم تَذُدْ عَنْهُمْ نُحُوسَ الدَّ=هْرِ إِذْ حانَتْ بُخُوتُ
خَمَدَتْ تِلْكَ الْمَسَاعِي=وانْقَضَتْ تلكَ النُّعُوتُ
إِنَّما الدُّنْيا خَيَالٌ=باطِلٌ سَوْفَ يَفُوتُ
ليسَ للإنسانِ فيها=غيرَ تقوى اللهِ قوتُ

احسـاس انثى
09/09/2012, 10:27 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01346991545.png
لاَ تَحْسَبِ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا عَلَى= ثِقَة ٍ مِنْ أَمْرِهِمْ، بَلْ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْيِيلِ
حُبُّ الْحَيَاة ِ، وَبُغْضُ الْمَوْتِ أَوْرَثَهُمْ= جُبْنَ الطِّبَاعِ، وَتَصْدِيقَ الأَبَاطِيلِ

http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347158442.png
ألا ، إنَّ أخلاقَ الرجالِ وَ إنْ نمتْ= فأربعة ٌ منها تفوقُ على الكلَّ
وَقَارٌ بِلاَ كِبْرٍ، وَصَفْحٌ بِلاَ أَذى ً= وَجُودٌ بِلاَ مَنٍّ، وَحِلْمٌ بِلاَ ذُلِّ

http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347217613.png
تسابقْ في المكارمِ تعلُ قدراً = فَسَبْقُ النَّاسِ لِلْخَيْرَاتِ نَضْلُ
إذا ذهبَ الكرامُ ، فلا رجاءٌ =وً إنْ ذهبَ الرجاءُ ، فليسَ فضلُ

http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347218529.png
طهرْ لسانكَ ما استطعتَ ، وَ لا =تكنْ خَبّاً يُقَرِّبُ لِلنُّفُوسِ ضَلاَلَهَا
إِنَّ الْوَقِيعَة َ لاَ تَعُودُ بِخِزْيَة ٍ أوْ =سبة ٍ إلاَّ على منْ قالها

http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347218587.png
منْ ظنني موضعاً يوماً لحاجتهِ= كنتُ الحريَّ بأنْ أعطيهِ ما سألاَ
لَهُ عَلَيَّ بِحُسْنِ الظَّنِّ مَأْثُرَة ٌ= لاَ يَسْتَقِلُّ بِهَا شُكْري وَإِنْ جَمُلاَ

احسـاس انثى
09/09/2012, 11:02 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347220237.png





هو البينُ حتَّى لاسلامٌ ولا ردُّ= ولا نظرة ٌ يقضى بها حقَّهُ الوجدُ
لقد نعبَ الوابور بالبينِ بينهم= فساروا ، ولازمُّوا جمالاً ، ولا شدُّوا
سَرَى بِهِمُ سَيْرَ الْغَمَامِ، كَأَنَّمَا= لهُ في تنائى كلِّ ذى خلَّة ٍ قصدِ
فلا عينَ إلاَّ وهى عينٌ منَ البكى= وَلاَ خَدَّ إِلاَّ لِلدُّمُوعِ بِهِ خَدُّ
فَيَا سَعْدُ، حَدِّثْنِي بِأَخْبَارِ مَنْ مَضَى= فَأَنْتَ خَبِيرٌ بِالأَحَادِيثِ يَا سَعْدُ
لعلَّ حديثَ الشوقِ يطفئُ لوعة ً= مِنَ الْوَجْدِ، أَوْ يَقْضِي بِصَاحِبهِ الْفَقْدُ
هُوَ النَّارُ في الأَحْشَاءِ، لَكِنْ لِوَقْعِها= على كبدى ممَّا ألذُّ بهِ بردُ
لعمرُ المغانى وهى عندِى عزيزة ٌ= بِسَاكِنِهَا مَا شَاقَنِي بَعْدَهَا عَهْدُ
لَكَانَتْ وَفِيهَا مَا تَرَى عَيْنُ نَاظِرٍ= وَأَمْسَتْ وَمَا فِيهَا لِغَيْرِ الأَسَى وَفْدُ
خلاءٌ منَ الأُلاَّفِ إلاَّعصابة ً= حداهم إلى عرفانها أملٌ فردُ
دعتهم إليها نفحة ٌ عنبريَّة ٌ= وبالنَّفحة ِ الحسناءِ قد يُعرَفُ الوردُ
وَقَفْنَا فَسَلَّمْنَا، فَرَدَّتْ بِأَلْسُنٍ= صوامتَ ، إلاَّ أنَّها أَلسنٌ لُدُّ
فمن مقلة ٍ عبرى ، ومن لفحِ زفرة ٍ= لها شررٌ بينَ الحشا ما لهُ زندُ
فيا قلبُ صبراً إن ألمَّ بكَ النَّوى= فَكُلُّ فِراقٍ أَوْ تَلاقٍ لَهُ حَدُّ
فَقَدْ يُشْعَبُ الإِلْفَانِ أَدْنَاهُمَا الْهَوَى= ويَلْتَئِمُ الضِّدَّانِ أَقْصَاهُمَا الْحِقْدُ
عَلَى هَذِهِ تَجْرِي اللَّيَالِي بِحُكْمِهَا= فَآوِنَة ً قُرْبٌ، وَآوِنَة ً بُعْدُ
وما كُنْتُ لَوْلاَ الْحُبُّ أَخْضَعُ لِلَّتِي= تسئُ ، ولكنَّ الفتى للهوى عبدُ
فَعُودِيَ صُلْبٌ لاَ يَلِينُ لغَامِزٍ= وقَلْبِيَ سَيْفٌ لاَ يُفَلُّ لَهُ حَدُّ
إِباءٌ كَمَا شَاءَ الْفَخَارُ وَصَبْوَة ٌ= يذِلُّ لها فى خيسهِ الأسدُ الوردُ
وَإِنَّا أُنَاسٌ لَيْسَ فِينَا مَعَابَة ٌ= سِوَى أَنَّ وادِينَا بِحُكْمِ الْهَوَى نَجْدُ
نلينُ-وإن كنَّا أشدَّاءَ-للهوى= وَنَغْضَبُ في شَرْوَى نَقِيرٍ فَنَشْتَدُّ
وحسبكَ منَّا شيمة ٌ عربيَّة ٌ= هِيَ الخَمْرُ مَا لَمْ يَأْتِ مِنْ دُونِها حَرْدُ
وبى ظمأٌ لم يبلغِ الماءُ رِيَّهُ= وفى النَّفسِ أمرٌ ليسَ يدركهُ الجهدُ
أَوَدُّ وما وُدُّ امْرِىء ٍ نافِعاً لَهُ= وإن كانَ ذا عقلٍ إذا لم يكن جدُّ
وَمَا بِيَ مِنْ فَقْرٍ لِدُنْيَا، وإِنَّمَا= طِلاَبُ الْعُلاَ مَجْدٌ، وإِنْ كَانَ لِي مَجْدُ
وَكَمْ مِنْ يَدٍ للَّهِ عِنْدِي ونِعْمَة ٍ= يَعَضُّ عَلَيْهَا كَفَّهُ الْحَاسِدُ الْوَغْدُ
أنا المرءُ لا يطغيهِ عزٌّ لثروة ٌ= أَصَابَ، وَلاَ يُلْوِي بِأَخْلاقِهِ الْكَدُّ
أصدُّ عنِ الموفورِ يدركهُ الخنا= وأقنعُ بالميسورِ يعقبهُ الحمدُ
وَمَنْ كَانَ ذَا نَفسٍ كَنَفْسِي تَصَدَّعَتْ= لعزَّتهِ الدنيا ، وذلَّت لهُ الأُسدُ
ومن شيمى حبُّ الوفاءِ سجيَّة ً= وما خَيْرُ قَلْبٍ لاَ يَدُومُ لَهُ عَهْدُ؟
ولكنَّ إخواناً بمصرَ ورفقة ً= نسونا ، فلا عهدٌ لديهم ، ولا وعدُ
أَحِنُّ لَهُمْ شَوْقاً، عَلَى أَنَّ دُونَنَا= مهامهَ تعيا دونَ أقربها الربدُ
فَيا ساكِنِي الْفُسْطَاطِ! ما بالُ كُتْبِنَا= ثوت عندكم شهراً وليسَ لها ردُّ ؟
أفى الحقِّ أنَّا ذاكرونَ لعهدكم= وأَنْتُمْ عَلَيْنَا لَيْسَ يَعْطِفُكُمْ وُدُّ؟
فلا ضَيْرَ، إِنَّ اللَّه يُعْقِبُ عَوْدَة ً= يَهُونُ لَهَا بَعْدَ الْمُوَاصَلَة ِ الصَّدُّ
جَزَى اللَّهُ خَيْراً مَنْ جَزانِي بِمِثْلِهِ= عَلَى شُقَّة ٍ غَزْرُ الْحَيَاة ِ بها ثَمْدُ
أَبِيْتُ لذِكْرَاكُمْ بها مُتَمَلْمِلاً= كَأَنِّي سَلِيمٌ، أَوْ مَشَتْ نَحْوَهُ الْوِرْدُ
فلا تحسبونى غافلاً عن ودادكم= رويداً ، فما فى مهجتى حجرٌ صلدُ
هُوَ الْحُبُّ لا يَثْنِيهِ نَأْيٌ، ورُبَّمَا= تَأَرَّجَ مِنْ مَسِّ الضِّرامِ لَهُ النَّدُّ
نَأَتْ بِيَ عَنْكُمْ غُرْبَة ٌ وتَجَهَّمَتْ = بِوَجْهِيَ أَيَّامٌ خَلائِقُهَا نُكْدُ
أدورُ بعينى لا أرى غيرَ أُمَّة ٍ = مِنَ الرُّوسِ بِالْبَلْقَانِ يُخْطِئُهَا الْعَدُّ
جواثٍ على هام الجبالِ لغارة ٍ = يطير بها ضوءُ الصَّباحِ إذا يبدو
إذا نحنُ سرنا صرَّحَ الشَّرُّ باسمهِ = وَصَاحَ الْقَنَا بالْمَوْتِ، واسْتَقْتَلَ الجندُ
فَأَنْتَ تَرَى بيْنَ الْفَرِيقَيْنِ كَبَّة ً = يُحَدِّثُ فيها نَفْسَهُ الْبَطَلُ الْجَعْدُ
عَلَى الأَرْضِ مِنْها بالدِّماءِ جَدَاوِلٌ = وَفَوْقَ سَرَاة ِ النَّجْمِ مِنْ نَقْعِهَا لِبْدُ
إِذَا اشْتَبَكُوا، أَوْ راجَعُوا الزَّحْفَ خِلْتَهُمْ = بُحُوراً تَوَالَى بَيْنَها الْجَزْرُ والْمَدُّ
نشلُّهمُ شلَّ العطاشِ ونت بها = مُرَاغَمَة ُ السُّقْيَا، وَمَاطَلَهَا الْوِرْدُ
فَهُمْ بَيْنَ مَقْتُولٍ طَرِيحٍ، وهَارِبٍ = طليح ٍ، ومأسورٍ يجاذبهُ القدُّ
نروحُ إلى الشُّورى إذا أقبلَ الدُّجى = ونَغْدُو عَلَيْهِمْ بالْمَنَايَا إِذَا نَغْدُو
ونقعٍ كلجِّ البحرِ خضتُ غمارهُ = ولا مَعْقِلٌ إِلاَّ الْمَنَاصِلُ والْجُرْدُ
صَبَرْتُ لَهُ والْمَوْتُ يَحْمَرُّ تَارَة ً = وَيَنْغَلُّ طَوْراً في الْعَجَاجِ فَيَسْوَدُّ
فَمَا كُنْتُ إِلاَّ اللَّيْثَ أَنْهَضَهُ الطَّوَى = ومَا كُنْتُ إِلاَّ السَّيْفَ فَارَقَهُ الْغِمْدُ
صَئُولٌ ولِلأَبْطَالِ هَمْسٌ مِنَ الْوَنَى = ضروبٌ وقلبُ القرنِ فى صدرهِ يعدو
فما مُهْجَة ٌ إِلاَّ وَرُمْحِي ضَمِيرُهَا = ولا لَبَّة ٌ إِلاَّ وسَيْفِي لَهَا عِقْدُ
وَمَا كُلُّ ساعٍ بَالِغٌ سُؤْلَ نَفْسِهِ = ولا كلُّ طلاَّبٍ يصاحبهُ الرشدُ
إِذَا الْقَلْبُ لَمْ يَنْصُرْكِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ = فَمَا السَّيْفُ إِلاَّ آلَة ٌ حَمْلُهَا إِدُّ
إذا كانَ عقبى كلِّ شئٍ وإن زكا = فناء ، فمكروهُ الفناءِ هو الخلدُ
وتخليدُ ذكرِ المرءِ بعدَ وفاتهِ = حَيَاة ٌ لَهُ، لا مَوْتَ يَلْحَقُها بَعْدُ
فَفِيمَ يَخَافُ الْمَرْءُ سَوْرَة َ يَوْمِهِ = وفى غدهِ ما ليسَ من وقعهِ بدُّ
لِيَضْنَ بِيَ الْحُسَّادُ غَيْظاً، فَإِنَّنِي = لآنافهم رغمٌ وأكبادهِم وقدُ
أَنَا القَائِلُ الْمَحْمُودُ مِنْ غَيْرِ سُبَّة ٍ = ومن شيمة الفضلِ العداوة ُ والضدُّ
فَقَدْ يَحْسُدُ الْمَرْءُ ابْنَهُ وَهْوَ نَفْسُهُ = وربَّ سوارٍ ضاقَ عن حملهِ العضدُ
فلا زلتُ محسوداً على المجدِ والعلا = فليسَ بمحسودٍ فتى ً ولهُ ندُّ

احسـاس انثى
09/09/2012, 11:17 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347221743.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347221743.png)



بعد الضغط الفرنسي والبريطاني على السلطان العثماني في عزل إسماعيل، تم اعتلاء أبنه توفيق (1853-1892) منصب العرش. وكان البارودي شأنه شأن الكثير من المصلحين الذين رحبوا بهذا التغيير وأعتبره فاتحة خير. وتم تعين البارودي وزيراً للمعارف والأوقاف، فأنشد قصيدته المطولة التي يقول في مطلعها:
أبنى ِ الكنانة َ أبشِروا بمحمَّدٍ = وثِقوا براعٍ فى المكارم أوحدِ
فَهُوَ الزَّعِيمُ لَكُمْ بِكُلِّ فَضيلة ٍ = تَبْقَى مَآثِرُهَا، وَعَيْشٍ أَرْغَدِ
مَلِكٌ نَمَتْهُ أَرُومَة ٌ عَلَوِيَّة ٌ = ملكَت بسؤدُدِها عنانَ الفرقدِ
يَقِظُ الْبَصِيرَة ِ لَوْ سَرَتْ في عَيْنِهِ = سِنَة ُ الرُّقَادِ، فَقَلْبُهُ لَمْ يَرْقُدِ
بدهاتهُ قيدُ الصوابِ ، وعَزمهُ = شرُكُ الفوارسِ فى العجاجُ الأربدِ
فإذا تنمَّرَ فهو,, زيدٌ ،، فى الوغى = وإِذَا تَكَلَّمَ فَهْوَ «قَيْسٌ» في النَّدِي
مُتَقَسَّمٌ مَا بَيْنَ حُنْكَة ِ أَشْيَبٍ = صَدَقَتْ مَخِيلَتُهُ، وَحِلْيَة ِ أَمْرَدِ
لا يستريحُ إلى الفراغِ ، ولا يرى = عيشاً يلذُّ بهِ إذا لم يجهدِ
فنهارهُ غيثُ اللَّهيفِ ، وليلهُ = في طَاعَة ِ الرَّحْمنِ لَيْلُ الْعُبَّدِ
لهجٌ بحبِّ الصالحاتِ ، فكلما = بَلَغَ النِّهَايَة َ مِنْ صَنِيعٍ يَبْتَدِي
خُلُقٌ تميَّزَ عن سواهُ بفضلهِ = والْفَضْلُ في الأَخْلاقِ إِرْثُ الْمَحْتِدِ
إقليدٌ معضلة ٍ ، ومعقِلُ عائذٍ = وسماءُ منتجعٍ ، وقبلة ُ مهتدِ
حَسُنَتْ بِهِ الأَيَّامُ حَتَّى أَسْفَرَتْ = عن وجهِ معشوقِ الشَّمائلِ أغيَد
وَصَفَتْ مَوَارِدُ مِصْرَ حَتَّى أَصْبَحَتْ = بعدَ الكدورة ِ شرعة ً للورَّدِ
فَالْعَدْلُ يَرْعَاهَا بِرَأْفَة ِ وَالِدٍ = والبأسُ يحميها بصولة ِ أصيَدِ
بَلَغَتْ بِفَضْلِ «مُحَمَّدٍ» مَا أَمَّلَتْ = مِنْ عِيشَة ٍ رَغَدٍ وَجَدٍّ أَسْعَدِ
هُوَ ذَلِكَ الْمَلِكُ الذي أَوْصَافُهُ = فى الشعر حلية ُ راجزٍ ومقصِّدِ
فبنورهِ فى كلِّ جنحٍ نهتدى = وبِهَدْيِهِ في كُلِّ خَطْبٍ نَفْتَدِي
سنَّ المشورة َ ، وهى أكرمُ خطَّة ٍ = يجرى عليها كل راعٍ مرشدِ
هِيَ عِصْمَة ُ الدِّينِ التي أَوْحَى بهَا = رَبُّ الْعِبَادِ إِلى النَّبِيِّ «مُحَمَّدِ»
فَمَنِ اسْتَعَانَ بِهَا تَأَيَّدَ مُلْكُهُ = ومن استهانَ بأمرها لم يرشُدِ
أَمْرَانِ ما اجْتَمَعَا لِقَائِدِ أُمَّة ٍ = إلاَّ جنى بهما ثمارَ السؤددِ
جَمْعٌ يَكُونُ الأَمْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ = شورى ، وجندٌ للعدو بمرصدِ
هيهاتَ يحيا الملكَ دونَ مشورة ٍ = ويَعِزُّ رُكْنُ الْمَجْدِ مَا لَمْ يُعْمَدِ
فالسَّيْفُ لا يَمْضِي بِدُونِ رَوِيَّة ٍ = وَالرَّأْيُ لا يَمْضِي بغَيْرِ مُهَنَّدِ
فاعكفْ على الشورى تجد فى طيِّها = من بينات الحكمِ مالم يوجدِ
لا غَرْوَ أَن أَبْصَرْتَ في صَفَحَاتِهَا = صُوَرَ الْحَوَادِثِ، فَهْيَ مِرْآة ُ الْغَدِ
فَالْعَقْلُ كَالْمِنْظَارِ يُبْصِرُ ما نَأَى = عنه قريباً ، دونَ لمسٍ باليدِ
وكفاكَ علمُكِ بالأمورِ، وليسَ من = سَلَكَ السَّبيلَ كَحَائِرٍ لَمْ يَهْتَدِ
فلأنتَ أولَ من أفادَ بعدلهِ = حُرِّيَّة َ الأَخْلاَقِ بَعْدَ تَعَبُّدِ
أَطْلَقْتَ كُلَّ مُقَيَّدٍ، وَحَلَلْتَ كُـ = ـلَّ مُعَقَّدٍ، وَجَمَعْتَ كُلَّ مُبَدَّدِ
وتمتَّعتْ بالعدلِ منكَ رعيَّة ٌ = كانت فريسة َ كلِّ باغٍ معتدِ
فاسلم لخير ولا ية ٍ عزَّت بها = نفسُ النصيحِ ، وذلَّ كلُّ مفنَّدِ
ضَرَحَتْ قَذَاة َ الْغَيِّ عَنْ جَفْنِ الْهُدَى = وَسَرَتْ قِنَاعَ الْيَأْسِ عَنْ أَمَلٍ نَدِ
ضَمَّتْ إِلَيْكَ زِمامَ كُلِّ مُثَلِّثٍ = وَثَنَتْ إِلَيْكَ عِنَانَ كُلِّ مُوَحِّدِ
وَتَأَلَّفَتْ بَعْدَ الْعَدَاوَة ِ أَنْفُسٌ = سكنت بعدلكَ في نعيمٍ سرمدِ
فحباكَ ربُّكَ بالجميلِ كرامة ً = لِجَزِيلِ مَا أَوْلَيْتَ أُمَّة َ «أَحْمَدِ»
وَتَهَنَّ بِالْمُلْكِ الَّذِي أَلْبَسْتَهُ = شرفاً بمثلِ ردائهِ لم يرتدِ
بَزَغَتْ بِهِ شَمْسُ الْهِدَايَة ِ بَعْدَ مَا = أفلَت ، وأبصرَ كلُّ طرفٍ أرمدِ
لم يبقَ من ذى خلة ٍ إلاَّ اغتدى = بجميلِ صنعِكَ مصدراً للوفَّدِ
بَلَغَتْ بِكَ الآمَالُ أَبْعَدَ غَايَة ٍ = قَصَرَتْ عَلى الإِغْضَاءِ طَرْفَ الْحُسَّدِ
فاسعد ودم واغنم وجُدْ وانعمْ وسُد = وابْدَأْ وَعُدْ وَتَهَنَّ واسْلَمْ وازْدَدِ
لا زالَ عدلكَ فى الأنامِ مخلداً = فَالعَدْلُ في الأَيَّامِ خَيْرُ مُخَلَّدِ

احسـاس انثى
09/09/2012, 11:28 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347222338.png

الجارة و عيالها

قال البارودي في جارة له و عيالها الذين يقلقون راحته:

إِلى اللَّهِ أَشْكُو طُولَ لَيْلِي، وَجَارَة ً = تَبِيتُ إِلَى وَقْتِ الصَّبَاحِ بِإِعْوَالِ
لها صبية ٌ لاَ باركَ اللهُ فيهمُ = قِبَاحُ النَّوَاصِي، لاَ يَنَمْنَ عَلَى حَالِ
صوارخُ ، لاَ يهدأنَ إلاَّ معَ الضحا = مِنَ الشَّرِّ، في بَيْتٍ مِنَ الْخَيْرِ مِمْحَالِ
تَرَى بَيْنَهُمْ ـ يَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ ـ = لَهِيبَ صِيَاحٍ يَصْعَدُ الْفَلَكَ الْعَالِي
كَأَنَّهُمُ ـ مِمَّا تَنَازَعْنَ ـ أَكْلُبٌ = طُرِقْنَ ـ عَلَى حِينِ الْمَسَاءِ ـ برِئْبَالِ
فهجنَ جميعاً هيجة ً فزعتْ لها = كِلاَبُ الْقُرَى ، مَا بَيْنَ سَهْلٍ وَأَجْبَالِ
فلمْ يبقَ منْ كلبٍ عقورٍ وَ كلبة ٍ = مِنَ الْحَيِّ إِلاَّ جَاءَ بِالْعَمِّ وَالْخَالِ
وَفزِّعَتِ الأَنْعَامُ وَالْخَيْلُ؛ فَانْبَرَتْ = تُجَاوِبُ بَعْضاً فِي رُغَاءٍ وَتَصْهَالِ
فقامتْ رجالُ الحيَّ تحسبُ أنها = أصيبتْ بجيشٍ ذي غواربَ ذيالِ
فَمِنْ حَامِلٍ رُمْحاً، وَمِنْ قَابِضٍ عَصاً = وَمِنْ فَزِعٍ يَتْلُو الْكِتَابَ بِإِهْلاَلِ
وَ منْ صبية ٍ ريعتْ لذاكَ ، وَ نسوة ٍ = قَوَائِمَ دُونَ الْبَابِ يَهْتِفْنَ بِالْوَالِي
فَيَا رَبُّ، هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ تَصَبُّراً = عَلَى مَا أُقَاسِيهِ، وَخُذْهُمْ بِزَلْزَالِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 12:07 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347222636.png

قالها البارودي متحسرا على الايام الجميلة التي قضاها في مصر في شبابه ورجولته وكهولته في «سرنديب».

ردوا عليَّ الصبا منْ عصريَ الخالي = وَهَلْ يَعُودُ سَوَادُ اللِّمَة ِ الْبَالِي؟
ماضٍ منَ العيش ، ما لاحتْ مخايلهُ = في صفحة ِ الفكرْ إلاَّ هاجَ بلبالي ؟
سلتْ قلوبٌ ؛ فقرتْ في مضاجعها = بَعْدَ الْحَنِينِ، وَقَلْبِي لَيْسَ بِالسَّالِي
لمْ يدرِ منْ باتَ مسروراً بلذتهِ = أني بنارِ الأسى منْ هجرهِ صالي
يا غاضبينَ علينا ! هلْ إلى عدة ٍ = بالوصلِ يومٌ أناغي فيهِ إقبالي
غِبْتُمْ؛ فَأَظْلَمَ يَوْمِي بَعْدَ فُرْقَتِكُمْ = وَ ساءَ صنعُ الليالي بعدَ إجمالِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُني مِنْكُمْ عَلى ثِقَة ٍ = حتى منيتُ بما لمْ يجرِ في بالي
لَمْ أَجْنِ فِي الْحُبِّ ذَنْباً أَسْتَحِقُّ بِهِ = عتباً ، ولكنها تحريفُ أقوالِ
وَ منْ أطاعَ رواة َ السوءِ - نفرهُ = عَنِ الصَّدِيقِ سَمَاعُ الْقِيلِ وَالْقَالِ
أدهى المصائبِ غدرٌ قبلهُ ثقة ٌ = وَأَقْبَحُ الظُّلْمِ صَدٌّ بَعْدَ إِقْبَالِ
لا عيبَ فيَّ سوى حرية ٍ ملكتْ = أعتني عنْ قبولِ الذلَّ بالمالِ
تبعتُ خطة َ آبائي ؛ فسرتُ بها = عَلى وَتِيرَة ِ آدَابٍ وَآسَالِ
فَمَا يَمُرُّ خَيَالُ الْغَدْرِ فِي خَلَدِي = وَلاَ تَلُوحُ سِمَاتُ الشَّرِّ فِي خَالِي
قلبي سليمٌ ، ونفسي حرة ٌ وَ يدي = مأمونة ٌ ، وَ لساني غيرُ ختالِ
لَكِنَّني فِي زَمَانٍ عِشْتُ مُغْتَرِباً = في أهلهِ حينَ قلتْ فيهِ أمثالي
بَلَوْتُ دَهْرِي؛ فَمَا أَحْمَدْتُ سِيرتَهُ = في سابقٍ من لياليهِ ، وَ لاَ تالي
حَلَبْتُ شَطْرَيْهِ: مِنْ يُسْرٍ، وَمَعْسُرَة ٍ = وَذُقْتُ طَعْمَيْهِ: مِنْ خِصْبٍ، وَإِمْحَالِ
فَمَا أَسِفْتُ لِبُؤْسٍ بَعْدَ مَقْدُرَة ٍ = وَ لاَ فرحتُ بوفرٍ بعدَ إقلالِ
عَفَافَة ٌ نَزَّهَتْ نَفْسِي؛ فَمَا عَلِقَتْ = بلوثة ٍ منْ غبارِ الذمَّ أذيالي
فاليومَ لا رسني طوعُ القيادِ ، ولاَ = قَلْبِي إِلَى زَهْرَة ِ الدُّنْيَا بِمَيَّالِ
لَمْ يَبْقَ لِي أَرَبٌ فِي الدَّهْرِ أَطْلُبُهُ = إلاَّ صحابة ُ حرًّ صادقِ الخالِ
وَأَيْنَ أُدْرِكُ مَا أَبْغِيهِ مِنْ وَطَرٍ = وَ الصدقُ في الدهرِ أعيا كلَّ محتالِ ؟
لا في " سرنديبَ " لي إلفٌ أجاذبهُ = فضلَ الحديثِ ، وَ لاَ خلٌّ ؛ فيرعى لي
أبيتُ منفرداً في رأس شاهقة ٍ = مثلَ القطاميَّ فوقَ المربإِ العالي
إذا تلفتُّ لمْ أبصرْ سوى صورٍ = فِي الذِّهْنِ، يَرْسُمُها نَقَّاشُ آمالِي
تهفو بيَ الريحُ أحياناً ، ويلحفني = بردُ الطلالِ ببردٍ منهُ أسمالِ
فَفِي السَّمَاءِ غُيُومٌ ذَاتُ أَرْوِقَة ٍ = وَ في الفضاءِ سيولٌ ذاتُ أوْ شالِ
كَأَنَّ قَوْسَ الْغَمَامِ الْغُرِّ قَنْطَرَة ٌ = معقودة ٌ فوقَ طامي الماءِ سيالِ
إذا الشعاعُ تراءى خلفها نشرتْ = بَدَائِعاً ذَاتَ أَلْوَانٍ وَأَشْكَالِ
فَلَوْ تَرَانِي وَبُرْدِي بِالنَّدَى لَثِقٌ = لخلتني فرخَ طيرٍ بينَ أدغالِ
غَالَ الرَّدَى أَبَوَيْهِ؛ فَهْوَ مُنْقَطِعٌ = فِي جَوْفِ غَيْنَاءَ، لاَ رَاعٍ، وَلاَ وَالِي
أزيغبَ الرأس ، لمْ يبدُ الشكيرُ بهِ = وَ لمْ يصنْ نفسهُ منْ كيدِ مغتالِ
كَأَنَّهُ كُرَة ٌ مَلْسَاءُ مِنْ أَدَمٍ = خَفِيَّة ُ الدَّرْزِ، قَدْ عُلَّتْ بِجِرْيالِ
يظلُّ في نصبٍ ، حرانَ ، مرتقباً = نَقْعَ الصَّدَى بَيْنَ أَسْحَارٍ وآصَالِ
يكادُ صوتُ البزاة ِ القمرِ يقذفه = مِنْ وَكْرِهِ بَيْنَ هَابِي التُّرْبِ جَوَّالِ
لا يستطيعُ انطلاقاً منْ غيابتهِ = كأنما هوَ معقولٌ بعقالِ
فذاكَ مثلي ، وَ لمْ أظلمْ ، وربتما = فضلتهُ بجوى حزنٍ ، وإعوالِ
شَوْقٌ، وَنَأْيٌ، وَتَبْرِيحٌ، وَمَعْتَبَة ٌ = يا للحمية ِ منْ غذري وإهمالي
أصبحتُ لا أستطيعُ الثوبَ أسحبهُ = وَقَدْ أَكُونُ وَضَافِي الدِرْعِ سِرْبَالِي
وَ لاَ تكادُ يدي شبا قلمي = وَكَانَ طَوْعَ بَنَانِي كُلُّ عَسَّالِ
فَإِنْ يَكُنْ جَفَّ عُودِي بَعْدَ نَضْرَتِهِ = فَالدَّهْرُ مَصْدَرُ إِدْبَارٍ وَإِقْبَالِ
وَإِنْ غَدَوْتُ كَرِيمَ الْعَمِّ وَالْخَالِ = بصدقِ ما كانَ منْ وسمي وَ إغفالي
راجعتُ قهرسَ آثاري ، فما لمحتْ = بصيرتي فيهِ ما يزري بأعمالي
فَكَيْفَ يُنْكِرُ قَوْمِي فَضْلَ بَادِرَتِي = وَقَدْ سَرَتْ حِكَمي فِيهِمْ، وَأَمْثَالِي؟
أنا ابن قولي ؛ وحسبي في الفخارِ بهِ = وَ إنْ غدوتُ كريمَ العممَّ وَ الخالِ
وَلِي مِنَ الشِّعْرِ آيَاتٌ مُفَصَّلَة ٌ = تلوحُ في وجنة ِ الأيامِ كالخالِ
ينسى لها الفاقدُ المحزونُ لوعتهُ = و يهتدى بسناها كلُّ قوالِ
فانظرْ لقولي تجدْ نفسي مصورة ً = فِي صَفْحَتَيْهِ؛ فَقَوْلِي خَطُّ تِمْثَالِي
وَ لاَ تغرنكَ في الدنيا مشاكلة ٌ = بينَ الأنامِ ؛ فليسَ النبعُ كالضالِ
إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَوْلاَ عَقْلُهُ شَبَحٌ = مُرَكَّبٌ مِنْ عِظَامٍ ذَاتِ أَوْصَالِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 12:17 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347222705.png

فتح شاعرنا محمود سامي البارودي عينيه على نغمات ربة الشعر حيث عاش ونما وترعرع في بيئة تعتز باللفظ الرشيق، وتميل إلى ترديد الفخم الجزل من الأبيات التي تعلم الفروسية والبطولة والنخوة والشهامة وكراهية الضيم.وما إن بلغ السابعة من عمره إلا وعانقته ربة الشعر والتحمت بكيانه.. فقد وجد متسعاً من الوقت في بيته ليطالع أمهات الدواوين من الشعر القديم حفظاً وتذوقاً ومعايشة كما وجد في أعمامه وأخواله وأسرته خير معين على تغذية شاعريته المتفجرة.


أَهِلاَلٌ بَيْنَ هَالَهْ؟= أَمْ غَزَالٌ في غِلاَلَهْ؟
صَادَ بِالَّلحظِ فُؤَادِي= أَتَرى الْهُدْبَ حِبَالَهْ؟
غرني ، ثمَّ تولى= لَيْتَ شِعْرِي، مَا بَدَا لَهْ؟
أَنَا مِنْ شَوْقِي إِلَيْهِ= واقعٌ بينَ ضلالهْ
أيها الظالمُ ! هبْ لي= مَرَّة ً مِنْكَ الْعَدَالَهْ
وَارْعَ لِي حَقَّ وِدَادٍ= فيكَ ، لمْ أقطعْ حبالهْ
منطقٌ عذبٌ ، وَ معنى= يبسمُ السحرُ خلالهْ
كُلُّ بَيْتٍ كَنَسِيجِ الرْ= رَوْضِ حُسْناً وَطَلاَلَهْ
أنا في الشعرِ عريقٌ= لمْ أرثهُ عنْ كلالهْ
كَانَ «إِبْرَاهِيمُ» خَالِي= فيهِ مشهورَ المقالهْ
وَ سما جدي " عليٌّ "= يطلبُ النجمَ ، فنالهْ
فَهْوَ لِي إِرْثٌ كَرِيمٌ= سَوْفَ يَبْقَى في السُّلاَلَهْ

احسـاس انثى
10/09/2012, 08:31 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/91347241178.png

حث محمود البارودي الناس على طلب العدل في الأحكام ،وذم المسئولين المتسلطين الذين أضروا بمصر وشعبها ،فكتب قصيدة بها قافية اللام وهي أول قصيدة في لاميات البارودي.


قَلَّدْتُ جِيدَ الْمَعَالِي حِلْيَةَ الْغَزَلِ= وَقُلْتُ فِي الْجِدِّ مَا أَغْنَى عَنِ الْهَزَلِ
يأبى لى َ الغى َّ قلب لا يميلُ بهِ= عَنْ شِرْعَة ٍ الْمَجْدِ سِحْرُ الأَعْيُنِ النُّجُلِ
أَهِيمُ بِالْبِيضِ فِي الأَغْمَادِ بَاسِمَة ً= عنْ غرة ِ النصرِ ، لا بالبيضِ في الكللِ
لَمْ تُلْهِنِي عَنْ طِلابِ الْمَجْدِ غَانِيَةٌ= فِي لَذَّةِ الصَّحْوِ مَا يُغْنِي عَنِ الثَّمَلِ
كمْ بينَ منتدبٍ يدعو لمكرمة ٍ= وَبَيْنَ مُعْتَكِفٍ يَبْكِي عَلَى طَلَلِ
لَوَلا التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْخَلْقِ مَا ظَهَرَتْ= مَزِيَّةُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَلْيِ وَالْعَطَلِ
فانهض إلى صهواتِ المجدِ معتلياً= فالبازُ لمْ يأوِ إلاَّ عاليَ القللِ
ودعْ منَ الأمرِ أدناهُ لأبعدهِ= في لجة ِ البحرِ ما يغنى عنِ الوشلِ
قدْ يظفرُ الفاتكُ الألوى بحاجتهِ= وَيَقْعُدُ الْعَجْزُ بِالْهَيَّابَة ِ الْوَكَلِ
وَكُنْ عَلَى حَذَرٍ تَسْلَمْ، فَرُبَّ فَتى ً= ألقى بهِ الأمنُ بينَ اليأسِ وَ الوجلِ
وَ لا يغرنكَ بشرٌ منْ أخى ملقٍ= فرونقُ الآلِ لا يشفى منَ الغللِ
لوْ يعلمُ ما في الناس منْ دخنٍ= لَبَاتَ مِنْ وُدِّ ذِي الْقُرْبَى عَلَى دَخَلِ
فَلا تَثِقْ بِوَدَادٍ قَبْلَ مَعْرِفَةٍ= فَالْكُحْلُ أَشْبَهُ فِي الْعَيْنَيْنِ بِالْكَحَلِ
وَاخْشَ النَّمِيمَة َ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَائِلَهَا= يصليكَ منْ حرهاَ ناراً بلاَ شعلِ
كمْ فرية ٍ صدعتْ أركانَ مملكة ٍ= وَمَزَّقَتْ شَمْلَ وُدٍّ غَيْرِ مُنْفَصِلِ
فاقبلْ وصاتي ، وَ لا تصرفكَ لاغية ٌ= عنى ؛ فما كلُّ رامٍ منْ بنى ثعل
إني امرؤٌ كفنى حلمي ، وأدبني= كرُّ الجديدينِ منْ ماضٍ وَ مقتبلِ
فَمَا سَرَيْتُ قِنَاعَ الْحِلْمِ عَنْ سَفَهٍ= وَلاَ مَسَحْتُ جَبِينَ الْعِزِّ مِنْ خَجَلِ
حلبتُ أشطرَ هذا الدهرِ تجربة ً= وَذُقْتُ مَافِيهِ مِن صَابٍ، وَمِنْ عَسَلِ
فَمَا وَجَدْتُ عَلَى الأَيَّامِ بَاقِيَة ً= أَشْهَى إِلَى النَّفْسِ مِنْ حُرِّيَّة ِ الْعَمَلِ
لكننا غرضٌ للشرَّ في زمنٍ= أَهْلُ الْعُقُولِ بِهِ فِي طَاعَة ِ الْخَمَلِ
قامتْ بهِ منْ رجالِ السوءِ طائفة ٌ= أدهى على النفسْ منْ بؤسٍ على ثكلِ
منْ كلَّ وغدٍ يكادُ الدستُ يدفعهُ= بُغْضاً، وَيَلْفِظُهُ الدِّيوانُ مِنْ مَلَلِ
ذَلَّتْ بِهِمْ مِصْرُ بَعْدَ الْعِزِّ، واضْطَرَبَتْ= قواعدُ الملكِ ، حتى ظلَّ في خللِ
وَأَصْبَحَتْ دَوْلَة ُ «الْفُسْطَاطِ» خَاضِعَة ً= بَعْدَ الإِباءِ، وَكَانَتْ زَهْرَة َ الدُّوَلِ
قومٌ إذا أبصروني مقبلاً وجموا= غَيْظاً، وَأَكْبَادُهُمْ تَنْقَدُّ مِنْ دَغَلِ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَهُمْ فَضْلِي فَلا عَجَبٌ= فَالشَّمْسُ وَهيَ ضِيَاءٌ آفَةُ الْمُقَلِ
نزهتُ نفسيَ عما يدنيونَ بهِ= وَ نخلة ُ الروضِ تأبى شيمة َ الجعلِ
بئسَ العشيرُ ، وبئستْ مصرُ منْ بلدٍ= أضحتْ مناخاً لأهلِ الزورِ وَ الخطلِ
أرضٌ تأثلَ فيها الظلمُ ، وانقذفتْ= صواعقُ الغدرِ بينَ السهلِ وَ الجبلِ
وَأَصْبَحَ النَّاسُ فِي عَمْيَاءَ مُظْلِمَةٍ= لَمْ يَخْطُ فِيهَا امْرُؤٌ إِلَّا عَلَى زَلَلِ
لَمْ أَدْرِ مَا حَلَّ بِالأَبْطَالِ مِنْ خَوَرٍ= بَعْدَ الْمِراسِ، وَبِالأَسْيَافِ مِنْ فَلَلِ
أَصَوَّحَتْ شَجَرَاتُ الْمَجْدِ، أَمْ نَضَبَتْ= غدرُ الحمية ِ حتى ليسَ منْ رجلِ ؟
لاَ يدفعونَ يداعنهمْ ، وَ لوْ بلغتْ = مسَّ العفافة ِ منْ جبنٍ ، وَ منْ خزلِ
خَافُوا الْمَنِيَّة َ، فَاحْتَالُوا، وَمَا عَلِمُوا = أنَّ المنية َ لاَ ترتدُّ بالحيلِ
فَفِيمَ يَتَّهِمُ الإِنْسَانُ خالِقَهُ = وَ كلُّ نفسٍ لها قيدٌ منَ الأجلِ ؟
هيهاتَ يلقى الفتى أمناً يلدُّ بهِ = مَا لَمْ يَخُضْ نَحْوَهُ بَحْراً مِنَ الْوَهَلِ
فَمَا لَكُمْ لاَ تَعَافُ الضَّيْمَ أَنْفُسُكُمْ = وَلاَ تَزُولُ غَوَاشِيكُمْ مِنَ الْكَسَلِ؟
وَتِلْكَ مِصْرُ الَّتِي أَفْنَى الْجِلاَدُ بِهَا = لَفِيفَ أَسْلافِكُمْ فِي الأَعْصُرِ الأُوَلِ
قومٌ أقروا عمادَ الحقَّ وامتلكوا = أَزِمَّة َ الْخَلْقِ مِنْ حَافٍ وَمُنْتَعِلِ
جَنَوْا ثِمَارَ الْعُلاَ بِالْبِيضِ، وَاقْتَطَفُوا = منْ بينِ شوكِ العوالي زهرة َ الأملِ
فَأَصْبَحَتْ مِصْرُ تَزْهُو بَعْدَ كُدْرَتِهَا = فِي يَانِعٍ مِنْ أَسَاكِيبِ النَّدَى خَضِلِ
لَمْ تَنْبُتِ الأَرْضُ إِلاَّ بَعْدَمَا اخْتَمَرَتْ = أقطارها بدمِ الأعناقِ وَ القللِ
شَنُّوا بِهَا غَارَة ً أَلْقَتْ بِرَوْعَتِهَا = أمناً يولفُ بينَ الذئبِ وَ الحملِ
حَتَّى إِذَا أَصْبَحَتْ فِي مَعْقِلٍ أَشِبٍ = يردُّ عنها يدَ العادي منَ المللِ
أخنى الزمانُ على فرسانها ، فغدتْ = منْ بعدِ منعتها مطروقة َ السبلِ
فأيَّ عارٍ جلبتمْ بالخمولِ على = ما شادهُ السيفُ منْ فخرٍ على زحلِ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ بِهِ = فَإِنَّمَا هُوَ مَعْدُودٌ مِنَ الْهَمَلِ
فبادروا الأمرَ قبلَ الفوتِ ، وانتزعوا = شِكَالَة َ الرَّيْثِ، فَالدُّنْيَا مَعَ الْعَجَلِ
وَ قلدوا أمركمْ شهماً أخا ثقة ٍ = يكونُ رداءً لكمْ في الحادثِ الجللِ
ماضي البصيرة ِ ، غلابٌ ، إذا اشتبهتْ = مسالكُ الرأي صادَ البازَ بالحجلِ
إنْ قالَ برَّ ، وَ إنْ ناداهُ منتصرٌ = لَبَّى ، وإِنْ هَمَّ لَمْ يَرْجِعْ بِلا نَفَلِ
يجلو البديهة َ باللفظِ الوجيزِ إذا = عزَّ الخطابُ ، وَ طاشتْ أسهمُ الجدلِ
وَلاَ تَلَجُّوا إِذَا مَا الرَّأْيُ لاَحَ لَكُمْ = إنَّ اللجاجة َ مدعاة ٌ إلى الفشلِ
قدْ يدركُ المرءُ بالتدبيرِ ما عجزتْ = عَنْهُ الْكُمَاة ُ، وَلَمْ يَحْمِلْ عَلَى بَطَلِ
هَيْهَاتَ، مَا النَّصْرُ فِي حَدِّ الأَسِنَّة ِ، بَلْ = بقوة ِ الرأي تمضي شوكة ُ الأسلِ
وَطَالِبُوا بِحُقُوقٍ أَصْبَحَتْ غَرَضاً = لِكُلِّ مُنْتَزِعٍ سَهْماً، وَمُخْتَتِلِ
وَ لاَ تخافوا نكالاً فيهٍ منشوكمْ = فالحوتُ في اليمَّ لا يخشى منَ البللِ
عيشُ الفتى في فناءِ الذلَّ منقصة ٌ = وَ الموتُ في العز فخرُ السادة ِ النبلِ
لا تتركوا الجدَّ أوْ يبدو اليقينُ لكمْ = فالجدُّ مفتاحُ بابِ المطلبِ العضلِ
طوراً عراكاً ، وأحيانا مياسرة ً = رياضة ُ المهرِ بينَ العنفِ وَ المهلِ
حتى تعودَ سماءُ الأمنِ ضاحية ً = وَيَرْفُلَ الْعَدْلُ فِي ضَافٍ مِنَ الْحُلَلِ
هذِي نَصِيحَة ُ مَنْ لاَ يَبْتَغِي بَدَلاً = بِكُمْ، وهَلْ بَعْدَ قَوْمِ الْمَرْءِ مِنْ بَدَلِ؟
أَسْهَرْتُ جَفْنِي لَكُمْ فِي نَظْمِ قَافِيَة ٍ = مَا إِنْ لَهَا فِي قَدِيمِ الشِّعْرِ مِنْ مَثَلِ
كالبرقِ في عجلٍ ، والرعدِ في زجلٍ = وَالْغَيثِ فِي هَلَلٍ، وَالسَّيْلِ في هَمَلِ
غَرَّاءُ، تَعْلَقُهَا الأَسْمَاع مِنْ طَرَبٍ = وَتَسْتَطِيرُ بِهَا الأَلْبَابُ مِنْ جَذَلِ
حَوْلِيَّة ٌ، صَاغَهَا فكْرٌ أَقَرَّ لهُ = بِالْمُعْجِزَاتِ قَبِيلُ الإِنْسِ وَالْخَبَلِ
تلوحُ أبياتها شطرينِ في نسقٍ = كالمرفية ِ قدْ سلتْ منَ الخللِ
إِنْ أَخْلَقَتْ جِدَّة ُ الأَشْعَارِ أَثَّلَهَا = لَفْظٌ أَصِيلٌ، ومَعْنى ً غَيْرُ مُنْتَحَلِ
تفنى النفوسُ ، وَ تبقى وَ هيَ ناضرة ٌ = على الدُّهُورِ بَقَاءَ السَّبْعَة ِ الطُوَلِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 08:43 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347298943.png



في هذه القصيدة يصف البارودي أيام الربيع ويذكر مواسم اللهو في عصر الشباب .


رَمَتْ بِخُيُوطِ النُّورِ كَهْرَبَة ُ الْفَجْرِ= ونمَّت بأسرار النَّدى شفة ُ الزهرِ
وسارت بأنفاسِ الخمائلِ نسمَة ٌ= بليلة ُ مهوى الذيلِ ،عاطرة ُ النشرِ
فقم نغتنِم صفوَ البكورِ، فإنَّها= غداة ُ زهرُها باسِمُ الثغرِ
تَرَى بَيْنَ سَطْحِ الأَرْضِ والْجَوِّ نِسْبَة ً= تُشَاكِلُ مَا بَيْنَ السَّحائِب والْغُدْر
ففى الجوِّ هتَّان يسيلُ ، وفى الثرى= سيولٌ ترامى بينَ أودية ٍ غزرِ
غَمَامَانِ فَيَّاضَانِ: هَذَا بِأُفْقِهِ= يَسِيرُ، وهَذَا فِي طِبَاقِ الثَّرَى يَسْرِي
وقد ماجتِ الأغصانُ بينَ يدِ الصبا= كَمَا رَفْرَفَتْ طَيْرٌ بِأَجْنِحَة ٍ خُضْرِ
كَأَنَّ النَّدَى فَوْقَ الشَّقِيقِ مَدَامِعٌ= تَجولُ بخدٍّ ، أو جُمانٌ على تبر
إذا غازَلتها لمعَة ٌ ذهبيَّة ٌ= مِنَ الشَّمْسِ رَفَّتْ كالشَّرارِ عَلى الْجَمْرِ
ففى كلِّ مَرعى لحظة ٍ وَشى ُ ديمَة ٍ= وفى كلِّ مرمى خطوة ٍ أجرعٌ مثرى
مروجٌ جلاها الزهرُ ، حتَّى كأنَّها= سماءٌ تروقُ العينَ بالأنجمِ الزهرِ
كأنَّ صِحافَ النورِ والطلُّ جامدٌ= مَبَاسِمُ أَصْدَافٍ تَبَسَّمْنَ عَنْ دُرِّ
وقَد شاقنى والصُبحُ فى خدرِ أمِّهِ= حَنِينُ حَمَامَاتٍ تَجَاوَبْنَ فِي وَكْرِ
هَتَفْنَ فَأَطرَبْنَ الْقُلُوبَ، كَأَنَّمَا= تعلَّمنَ ألحانَ الصَّبابة ِ من شعرى
وقامَ على الجدرانِ أَعرفُ لم يزَل= يبدِّدُ أحلامَ النِّيامِ ولا يدرى
تخايلَ فى موشيَّة ٍ عبقريَّة ٍ= مُهدَّلة ِ الأردانِ سابِغة ِ الأُزرِ
لَهُ كِبْرَة ٌ تَبْدُو عَلَيْهِ، كَأَنَّهُ= مليكٌ عليهِ التَّاجُ ينظرُ عن شزر
فَسَارِعْ إِلى دَاعِي الصَّبُوحِ مَعَ النَّدَى= لنجمِ بأيدى الَّلهوِ باكورة َ العمرِ
فقد نسَمَت ريحُ الشَّمالِ ، فنبَّهت= عيونَ القمارى وهى فى سنة ِ الفجرِ
وَنَادَى الْمُنَادِي للصَّلاة ِ بِسُحْرَة ٍ= فَأَحْيَا الْوَرَى مِنْ بَعْدِ طَيٍّ إلى نَشْرِ
فبادِر لميقاتِ الصَّلاة ِ ، ومِل بنا= إلى القصفِ ما بينَ الجزيرة ِ والنَّهرِ
إذا ما قضينا واجِبَ الدِّين حقَّهُ= فَلَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْخَلاَعَة ِ مِنْ وِزْرِ
ألا ربَّ يومٍ كانَ تاريخَ صبوة ٍ= مضى غيرَ إثرٍ فى المخيلة ِ أو ذكرِ
عَصَيْتُ بِهِ سُلْطَانَ حِلْمِي، وَقَادَنِي= إِلى اللَّهْوِ شَيْطَانُ الْخَلاعَة ِ والسُّكْرِ
لَدَى رَوْضَة ٍ رَيَّا الْغُصُون، تَرَنَّحَتْ= مَعَاطِفُهَا رَقْصاً عَلى نَغْمَة ِ الْقُمْري
تَدُورُ عَلَيْنَا بِالْمُدَامَة ِ بَيْنَها= تماثيلُ ، إلاَّ أنَّها بيننا تجرى
تَرَى كُلَّ مَيْلاءِ الْخِمارِ مِنَ الصِّبَا= هَضِيمَة ِ مَجْرَى الْبَنْدِ، نَاهِدَة ِ الصَّدْرِ
إِذَا انْفَتَلَتْ فِي حَاجَة ٍ خِلْتَ جُؤْذُراً= أحسَّ بصيَّادٍ فأتلعَ من ذعرِ
لَوَى قَدَّهَا سُكْرُ الْخَلاَعَة ِ والصِّبَا= فمالت بشطرٍ ، واستقامت على شطرِ
وعلَّمها وحى ُ الدلالِ كهانة ً= فإن نطقَت جاءت بشئٍ منَ السحرِ
أحسَّت بما فى نفسِها من ملاحة ٍ= فَتَاهَتْ عَلَيْنَا، وَالْمَلاَحَة ُ قَدْ تُغْرِي
وَأَعْجَبَها وَجْدِي بِها، فَتَكَبَّرَتْ= عَليَّ دَلالاً، وَهْيَ تَصْدُرُ عَنْ أَمْرِي
فَتَاة ٌ يَجُولُ السِّحْرُ فِي لَحَظَاتِهَا= مَجَالَ الْمَنَايَا فِي الْمُهَنَّدَة ِ الْبُتْرِ
إذا نظَرَت ، أو أقبَلت ، أو تهلَّلت= فويلُ مهاة ِ الرملِ ، والغُصن ، والبَدرِ
فَمَا زِلْنَ يُغْرِينَ الطِّلاَ بِعُقُولِنا= إلى أن سقطنا لليدينِ وللنَّحرِ
فَمِنْ واقِعٍ يَهْذِي، وآخَرَ ذاهِلٍ= لَهُ جَسَدٌ ما فِيهِ رُوحٌ سِوَى الْخَمْر
صَرِيعٌ يَظُنُّ الشُّهْبَ مِنْهُ قَرِيبَة ً= فيَسْدُو بِكَفَّيْهِ إِلى مَطْلَعِ النَّسْر
إذا ما دعوتَ المرءَ دارَ بلحظهِ= إِلَيْكَ، وَغَشَّاهُ الذُّهُولُ عَنِ الْجَهْرِ
بعيدُ عنِ الداعِى وإن كانَ حاضِراً= كَأَنَّ بِهِ بَعْضَ الْهَنَاتِ مِنَ الْوَقْرِ
تحكَّمتِ الصهباءِ فيهِم ، فغيَّرت= شمائلَ ما يأتى بهِ الجدُّ بالهذرِ
فَيَا سَامَحَ اللَّهُ الشَّبَابَ وَإِنْ جَنَى= على َّ ، وحيَّا عهدَهُ سَبلُ القطرِ
ملَكتُ بهِ أمرى ، وجاريتُ صبوتى= وَأَصْبَحْتُ مَرْهُوبَ الْحَمِيَّة ِ وَالْكِبْرِ
إِذَا أَبْصَرُونِي فِي النَّدِيِّ تَحَاجَزُوا= عنِ القولِ ، واستغنوا عنِ العرفِ بالنكر
وقالوا فتى ً مالَت بهِ نشوة ُ الصبا= وليسَ على الفتيانِ فى الَّلهوِ من حجرِ
يخافونَ منِّى أن تثورَ حميَّتى= فيبغونَ عطفى بالخديعة ِ والمكرِ
أَلا لَيْتَ هَاتِيكَ اللَّيَالِي وَقَدْ مَضَتْ= تعودُ ، وذاكَ العيشُ يأتى على قدرِ
مواسِمُ لذَّاتٍ تقضَّت ، ولم يَزَل= لها أثرٌ يطوى الفؤادَ على أثرِ
إذا اعتورتها ذُكرة ُ النَّفسِ أبصَرَت= لها صُورة ً تختالُ فى صفحة ِ الفكرِ
فذلِكَ عصرٌ قد مَضى لسبيلهِ= وخلفنى أرعى الكواكِبَ فى عصرِ
لَعَمْرُكَ مَا في الدَّهْرِ أَطْيَبُ لَذَّة ً= مِنَ اللَّهْوِ فِي ظِلِّ الشَّبِيبَة ِ والْيُسْرِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 08:50 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347299285.png
مهما كانت قوة الإنسان العلمية، ونياته الصالحة - فلن ينهض بنفسه إلا إذا انتهز الفرص السانحة له .



بادرِ الفرصة َ ، واحذر فوتَها = فَبُلُوغُ الْعِزِّ في نَيْلِ الْفُرَصْ
واغْتَنِمْ عُمْرَكَ إِبَّانَ الصِّبَا = فهو إن زادَ مع الشيبِ نقَص
إِنَّمَا الدُّنْيَا خَيَالٌ عَارِضٌ = قلَّما يبقى ، وأخبارٌ تُقصْ
تارة ً تَدجو ، وطوراً تنجلِى = عادة ُ الظِلِّ سجا ، ثمَّ قلص
فَابْتَدِرْ مَسْعَاكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ = بادرَ الصيدَ معَ الفجرِ قنصْ
لَنْ يَنَالَ الْمَرْءُ بِالْعَجْزِ الْمُنَى = إنَّما الفوزُ لمنْ هَمَّ فنَصْ
يَكدحُ العاقلُ فى مأمنهِ = فإذا ضاقَ بهِ الأمرُ شخَصْ
إِنَّ ذَا الْحَاجَة ِ مَا لَمْ يَغْتَرِبْ = عن حماهُ مثلُ طيرٍ فى قفصْ
وليكن سَعيَكَ مجداً كلُّهُ = إنَّ مرعَى الشرِّ مكروهٌ أحص
وَاتْرُكِ الْحِرْصَ تَعِشْ في رَاحَة ٍ = قلَّما نالَ مُناهُ من حرَصْ
قد يضرُّ الشئُ ترجو نَفعهُ = رُبَّ ظَمْآنَ بِصَفْوِ الْمَاءِ غَصْ
ميِّزِ الأشياءَ تَعرفْ قدرها = لَيْسَتِ الْغُرَّة ُ مِنْ جِنْسِ الْبَرَصْ
واجتنب كُلَّ غبِّى ٍ مائقٍ = فَهْوَ كَالْعَيْرِ، إِذَا جَدَّ قَمَصْ
إِنَّمَا الْجَاهِلُ في الْعَيْنِ قَذًى = حيثُما كانَ ، وفى الصدرِ غصَصْ
واحْذَرِ النَّمَّامَ تَأْمَنْ كَيْدَهُ = فَهْوَ كَالْبُرْغُوثِ إِنْ دَبَّ قَرَصْ
يَرْقُبُ الشَّرَّ، فَإِنْ لاَحَتْ لَهُ = فُرْصَة ٌ تَصْلُحُ لِلْخَتْلِ فَرَصْ
سَاكِنُ الأَطْرَافِ، إِلاَّ أَنَّهُ = إن رأى منشبَ أُظفورٍ رقَص
وَاخْتَبِرْ مَنْ شِئْتَ تَعْرِفْهُ، فَمَا = يَعْرِفُ الأَخْلاَقَ إِلاَّ مَنْ فَحصْ
هذه حكمة ُ كهلٍ خابرٍ = فاقتنصها ، فهى َ نِعمَ المقتنصْ

احسـاس انثى
10/09/2012, 09:13 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347300119.png
عندما تم تجريد البارودي من جميع القابه و مناصبه و أمواله و أملاكه لم يشعر بالوطأة أكثر من شعوره المؤلم من بعض الرفاق الذين بسببهم وصل به الأمر الى هذا الحال . فهم بين منافق و أحمق و فاسق و ليس فيهم بحق من صادق .
و هذا ما كان يرهق البارودي و غيره من زعماء الثورة .

لأَيِّ خَلِيلٍ فِي الزَّمَانِ أُرَافِقُ= وأكثرُ من لاقيتُ خبٌّ مُنافِقٌ ؟
بَلَوْتُ بَنِي الدُّنْيَا، فَلَمْ أَرَ صَادِقاً= فَأَيْنَ لَعَمْرِي الأَكْرَمُونَ الأَصَادِقُ؟
أُحاوِلُ أمراً قَصَّرت دونَهُ النُهى= وشابَت ولَم تَبلُغُ مَداهُ المَفارِقُ
وأعظَمُ ما تَرجوهُ ما لا تَنالُهُ= وأكثرُ مَنْ تَلقاهُ مَنْ لا يوافِقُ
وَمَا كُلُّ مَنْ حَدَّ الرَّوِيَّة َ حَازِمٌ= وَلاَ كُلُّ مَنْ رَامَ السَّوِيَّة َ فَارِقُ
أَضَعْتُ زَمَانِي بَيْنَ قَوْمٍ لَوَ انَّ لِي= بِهِم غَيرَهُم ما أرهَقَتنى البَوائقُ
فإن أكُ مُلقَى الرَحلِ فيهِم فإنَّنى= لَهُمْ بِالْخِلالِ الصَّالِحاتِ مُفَارِقُ
مَعَاشِرُ سادُوا بِالنِّفَاقِ، وَمَا لَهُمْ= أُصُولٌ أَظَلَّتْهَا فُرُوعٌ بَوَاسِقُ
فَأَعْلَمُهُمْ عِنْدَ الْخُصُومَة ِ جاهِلٌ= وأَتْقَاهُمُ عِنْد الْعَفَافَة ِ فَاسِقُ
طَلاَقَة ُ وَجْهٍ تَحْتَهَا الْغَيْظُ كَاشِرٌ= وَنَغْمَة ُ وُدٍّ بيْنَهَا الْغَدْرُ نَاعِقُ
وأخلاقُ صِبيانٍ إذا ما بَلوتَهُم= عَلِمْتَ بِأَنَّ الْجَهْلَ فِي النَّاسِ نَافِقُ
تَعَلَّمتُ كَظمَ الغيظِ فيهِم ، وإنَّهُ= لَحِلمٌ ، ولَكِن لِلحَفيظة ِ ماحِقُ
دَعونِى إلى الجُلَّى ، فَقُمتُ مُبادِراً= وإنِّى إلى أمثالِ تِلكَ لَسابِقُ
فَلَمَّا اسْتَمَرَّ الْجِدُّ سَاقُوا حُمُولَهُمْ= إلى حيثُ لو يَبلُغهُ حادٍ وسائقُ
فَلا رَحِمَ اللهُ امرأً باعَ دِينَهُ= بِدُنيا سِواهُ وهوَ لِلحقِّ رامِقُ
عَلَى أَنَّنِي حَذَّرْتُهُمْ غِبَّ أَمْرِهِمْ= وأنذرتهم لو كان يفقهُ مائقُ
وَقُلْتُ لَهُمْ: كُفُّوا عَنِ الشَّرِّ تَغْنَمُوا= فَلِلشرِّ يومٌ-لامَحالة َ-ماحِقُ
فَظَنُّوا بِقولِى غَيرَ ما فى يَقينهِ= عَلَى أَنَّنِي فِي كُلِّ مَا قُلْتُ صَادِقُ
فَهَلْ عَلِمُوا أَنِّي صَدَعْتُ بِحُجَّتِي= وَقَدْ ظَهَرَتْ بَعْدَ الْخَفَاءِ الْحَقَائِقُ؟
فتبَّا لَهُم مِن مَعشَرٍ ليسَ فيهمً= رَشِيدٌ، وَلاَ مِنْهُمْ خَلِيلٌ مُصَادِقُ
ظَنَنْتُ بِهِمْ خَيْراً، فَأُبْتُ بِحَسْرَة ٍ= لَها شجنٌ بينَ الجوانِحِ لاصِقُ
فياليتنِى راجَعتُ حِلمِى ، ولم أكن= زعيماً ، وعاقَتنِى لِذَاكَ العوائقُ
وَيَا لَيْتَنِي أَصْبَحْتُ فِي رَأْسِ شَاهِقٍ= ولم أرى ما آلت إليهِ الوثائقُ
هُمُ عَرَّضُونِي لِلْقَنَا، ثُمَّ أَعْرَضُوا= سِراعاً ولم يَطرُق منِ الشرِّ طارِقُ
وَقَدْ أَقْسَمُوا أَلاَّ يَزُولُوا، فَمَا بَدَا= سنا الفجرِ إلاَّ والنِساءُ طَوالِقُ
مَضَوْا غَيْرَ مَعْذُورِينَ، لاَ النَّقْعُ سَاطِعٌ= وَلاَ الْبيضُ فِي أَيْدِي الْكُمَاة ِ دَوَالِقُ
وَلَكِنْ دَعَتْهُمْ نَبْأَة ٌ، فَتَفَرَّقُوا= كَمَا انْقَضَّ فِي سِرْبٍ مِنَ الطَّيْرِ بَاشِقُ
فَكَمْ آبِقٍ تَلْقَاهُ مِنْ غَيْرِ طَارِدٍ= وكَم واقِفٍ تَلقاهُ والعقلُ آبِقُ
إِذَا أَبْصَرُوا شَخْصاً يَقُولُونَ جَحْفَلٌ= وَجُبْنُ الْفَتَى سَيْفٌ لِعَيْنَيْهِ بَارِقُ
أُسودٌ لَدى الأبياتِ بينَ نِسائهِمْ= وَلَكِنَّهُمْ عِنْدَ الْهِيَاجِ نَقَانِقُ
إذا المرءُ لم يَنهَض بِقائمِ سَيفهِ= فيا ليتَ شِعرِى ، كيفَ تُحمَى الحقائقُ ؟

احسـاس انثى
10/09/2012, 09:47 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347302435.png
عندما طالت سنوات النفي و بدأت الأخبار المفجعة تغدو إليه مثل : وفاة زوجته ثم بعض من ابناءه و اصدقاءه ، فكان يرثيهم بقصائد تخص كل واحد منهم و منها قصيدته التي نظمها في صديقه الأديب اللغوي أحمد فارس الشدياق ( 1804-1888 ) .


مَتَى يَشْتَفِي هَذَا الْفُؤَادُ الْمُفَجَّعُ = وفى كلِّ يومٍ راحلٌ ليسَ يَرجِعُ ؟
نَمِيلُ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى ظِلِّ مُزْنَة ٍ = لَهَا بَارِقٌ فِيهِ الْمَنِيَّة ُ تَلْمَعُ
وكيفَ يَطيبُ العيشُ والمرءُ قائمٌ = على حذَرٍ مِنْ هَولِ ما يتَوقَّعُ ؟
بِنَا كُلَّ يَوْمٍ لِلْحَوَادِثِ وَقْعَة ٌ = تَسيلُ لَها مِنَّا نُفوسٌ وأدمعُ
فَأَجْسَادُنَا فِي مَطْرَحِ الأَرْضِ هُمَّدٌ = وأرواحُنا فى مَسرحِ الجَوِّ رُتَّعُ
ومِنْ عَجَبٍ أنَّا نُساءُ ونَرتضِى = ونُدرِكُ أسبابَ الفَناءِ ونَطمَعُ
وَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ عُقْبانَ أَمْرِهِ = لَهانَ عليهِ ما يَسُرُّ ويَفجَعُ
تَسِيرُ بِنَا الأَيَّامُ، وَالْمَوْتُ مَوْعِدٌ = وَتَدْفَعُنَا الأَرْحَامُ، والأَرْضُ تَبْلَعُ
عفاءٌ على الدُّنيا ، فما لِعِداتِها = وَفَاءٌ، وَلاَ في عَيْشِهَا مُتَمَتَّعُ
أبَعدَ سميرِ الفضلِ " أحمدَ فارسٍ " = تَقِرُّ جُنُوبٌ، أَوْ يُلائِمُ مَضْجعُ؟
كَفى حَزناً أنَّ النَوى َ صَدَعَتْ بهِ = فؤاداً مِنَ الحِدثانِ لا يَتَصدَّعُ
وَمَا كُنْتُ مِجْزَاعاً، وَلَكِنَّ ذَا الأَسَى = إِذَا لَمْ يُسَاعِدْهُ التَّصبُّرُ يَجْزَعُ
فَقدناهُ فِقدانَ الشَّرابِ على الظما = فَفى كُلِّ قَلبٍ غُلَّة ٌ ليسَ تُنقَعُ
وأى ُّ فُؤادٍ لمْ يَبِتْ لِمُصابهِ = عَلَى لَوْعَة ٍ، أَوْ مُقْلَة ٍ لَيْسَ تَدْمَعُ؟
إذا لَم يَكنْ لِلدَمعِ فى الخَدِّ مَسربٌ = رَوِيٌّ فَمَا لِلْحُزْنِ فِي الْقَلْبِ مَوْضِعُ
مَضَى ، وَوَرِثْنَاهُ عُلُوماً غَزِيرَة ً = تَظلُّ بِها هِيمُ الخَواطِرِ تَشرَعُ
إذا تُليَتْ آياتُها فى مَقامة = تَنافَسَ قَلبٌ فى هَواها ومِسمَعُ
سَقى جَدَثاً فى أرضِ " لُبنانَ " عارِضٌ = مِنَ الْمُزْنِ فَيَّاضُ الْجَدَاوِلِ مُتْرَعُ
فَإِنَّ بهِ لِلْمَكْرُمَاتِ حُشَاشَة ً = طَوَاهَا الرَّدَى ، فَالْقَلْبُ حَرَّانُ مُوجَعُ
فَإِنْ يَكُنِ «الشِّدْيَاقُ» خَلَّى مَكَانَهُ = فَإِنَّ ابْنَهُ عَنْ حَوْزَة ِ الْمَجْدِ يَدْفَعُ
وما ماتَ مَن أبقى عَلى الدَهرِ فاضِلاً = يُؤَلِّفُ أَشْتَاتَ الْمَعَالِي وَيَجْمَعُ
رَزينُ حَصاة ِ الحِلمِ ، لا يَستخِفهُ = إِلَى اللَّهْوِ طَبْعٌ، فَهْوَ بالْجِدِّ مُولَعُ
تَلوحُ عَليهِ من أبيهِ شَمائلٌ = تَدُلُّ عَلَى طِيبِ الْخِلاَلِ، وَتَنْزِعُ
فَصبراً جَميلاً " يا سليمُ " فإنَّما = يُسِيغُ الْفَتَى بِالصَّبْرِ مَا يَتَجَرَّعُ
إذا المرءُ لَمْ يَصبِر على ما أصابهُ = فماذا تُراهُ فى المُقَدَّرِ يَصنَعُ ؟
وَمِثْلُكَ مَنْ رَازَ الأُمُورَ بِعَقْلِهِ = وَأَدْرَكَ مِنْهَا مَا يَضُرُّ وَيَنْفَعُ
فَلاَ تُعْطِيَنَّ الْحُزْنَ قَلْبَكَ، وَاسْتَعِنْ = عَليهِ بِصبرٍ ، فَهوَ فى الحُزنِ أنجَعُ
وَهَاكَ عَلَى بُعْدِ الْمَزَارِ قَرِيبَة ً = إِلَى النَّفْسِ، يَدْعُوهَا الْوَفَاءُ فَتَتْبَعُ
رَعَيْتُ بِهَا حَقَّ الْوِدَادِ عَلى النَّوَى = ولِلحَقِّ فى حُكمِ البَصيرة ِ مَقطَعُ

احسـاس انثى
10/09/2012, 10:22 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347304719.png

بدأت قصائد البارودي السياسية وهو على وشك الثلاثين من العمر. عندما كانت مصر تعاني من ثقل الديون الأجنبية التي كبلها بها الخديوي إسماعيل (1830-1895) أثناء فترة كمه ما بين (1863-1879) مما أدى إلى خلعه عن العرش. حيث كانت كل من فرنسا وبريطانيا تضغطان على مصر وتتدخلان في شؤونها. وفي هذه الفترة السافرة من التدخل جعلت البارودي أن يترك حياة الدعة واللهو وما يتعلق بذلك من شعر الغزل والخمر والجيد الحسان، لينظم شعراً يجابه به مشاكل الواقع، وفي هذا الصدد يقول:


متى أنتَ عَن أحموقة ِ الغى ِّ نازِعُ= وفى الشَّيبِ للنَّفسِ الأبيَّة ِ وازِعُ ؟
أَلاَ إِنَّ فِي تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِجَّة ً= لِكُلِّ أَخِي لَهْوٍ عَنِ اللَّهْوِ رَادِعُ
فحتامُ تصبيكَ الغوانى بِدلِّها= وتَهْفُ وبِلِيتَيْكَ الْحَمَامُ السَّوَاجِعُ؟
أما لكَ فى الماضينَ قبلكَ زاجرٌ= يَكفُّكَ عن هذا ؟ بلى ، أنتَ طامِعُ
وَهَلْ يَسْتَفِيقُ الْمَرْءُ مِنْ سَكْرَة ِ الصِّبَا= إذا لم تُهذِّب جانبيهِ الوقائعُ ؟
يَرَى الْمَرْءُ عُنْوَانَ الْمَنُونِ بِرَأْسِهِ= ويذهبُ يُلهى نفسَهُ ويصانِعُ
أَلا إِنَّمَا هَذِي اللَّيَالِي عَقَارِبٌ= تَدِبُّ، وَهَذَا الدَّهْرُ ذِئْبٌ مُخَادِعُ
فلا تحسبنَّ الدَّهرَ لعبَة َ هازلٍ= فما هوَ إلاَّ صرفهُ والفجائعُ
فَيَا رُبَّمَا بَاتَ الْفَتَى وَهْوَ آمِنٌ= وأصبحَ قَد سُدَّت عليهِ المطالِعُ
ففيمَ اقتناءُ الدِّرعِ والسَّهمُ نافِذٌ ؟= وَفِيمَ ادِّخَارُ الْمَالِ وَالْعُمْرُ ضَائعُ؟
يَودُّ الفتى أن يَجمعَ الأرضَ كُلَّها= إليهِ ، ولمَّا يدرِ ما اللهُ صانِعُ
فَقَدْ يَسْتَحِيلُ الْمَالُ حَتْفاً لِرَبِّهِ= وَتَأْتِي عَلَى أَعْقَابِهِنَّ المَطَامِعُ
أَلا إِنَّمَا الأَيَّامُ تَجْرِي بِحُكْمِها= فَيُحْرَمُ ذُو كَدٍّ، وَيُرْزَقُ وَادِعُ
فلا تقعدَن للدهر تنظر غِبَّهُ= على حَسرة ٍ ، فاللهُ مُعطٍ ومانعُ
فلو أنَّ ما يُعطى الفتى قدرُ نفسهِ= لما باتَ رِئبالُ الشَّرى وهوَ جائعُ
ودَع كًلَّ ذى عقلٍ يسيرُ بعقلهِ= يُنازِعُ من أهوائهِ ما ينازعُ
فما النَّاسُ إلاَّ كالَّذى أنا عالمٌ= قَدِيماً، وَعِلْمُ الْمَرْءِ بِالشَّيءِ نَافِعُ
ولستُ بِعلاَّمِ الغيوبِ ، وإنَّما= أَرَى بِلِحَاظِ الرَّأْيِ مَا هُوَ وَاقِعُ
وَذَرْهُمْ يَخُوضُوا، إِنَّمَا هِيَ فِتْنَة ٌ= لَهُمْ بَيْنَهَا عَمَّا قَلِيلٍ مَصَارِعُ
فَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ مَا هُوَ كَائِنٌ= لما نامَ سُمَّارٌ ، ولا هبَّ هاجِعُ
وما هذِهِ الأجسامُ إلاَّ هياكلٌ= مُصوَّرة ٌ ، فيها النُّفوسُ ودائعُ
فَأَيْنَ الْمُلُوكُ الأَقْدَمُونَ تَسَنَّمُوا= قِلاَل الْعُلاَ؟ فَالأرْضُ مِنْهُمْ بَلاقِعُ
مَضَوْا، وَأَقَامَ الدَّهْرُ، وَانْتَابَ بَعْدَهُمْ= مُلُوكٌ، وَبَادُوا، وَاسْتَهَلَّتْ طَلاَئِعُ
أَرَى كُلَّ حَيٍّ ذَاهِباً بِيَدِ الرَّدى= فهل أحدٌ ممَّن ترحَّلَ راجِعُ ؟
أنادى بِأعلى الصوتِ ، أسأل عنهمُ= فهل أنتَ يا دهرَ الأعاجيبِ سامِعُ ؟
فإن كنتَ لم تَسمع نِداءً ، ولم تُحرْ= جَوَاباً، فَأَيُّ الشَّيْءِ أَنْتَ أُنَازِعُ؟
خيالٌ لَعمرى ، ليسَ يُجدى طِلابهُ= وَمَأْسَفَة ٌ تُدْمَى عَلَيْهَا الأَصَابعُ
فَمَنْ لِي وَرَوْعَاتُ الْمُنَى طَيْفُ حَالِمٍ= بِذِي خُلَّة ٍ تَزْكُو لَديْهِ الصَّنَائعُ؟
أشاطِرهُ ودِّى ، وأُفضى لِسمعهِ= بِسرِّى ، وأُمليهِ المُنى وهو رابِعُ
لَعلِّى إذا صادفتُ فى القولِ راحة ً= نَضَحْتُ غَلِيلاً مَا رَوَتْهُ الْمَشَارِعُ
لَعَمْرُ أَبِي، وهْو الَّذِي لَوْ ذَكَرْتُهُ= لما اختالَ فخَّارٌ ، ولا احتالَ خادِعُ
لما نازَعتنى النَّفسُ فى غيرِ حَقِّها= وَلاَ ذَلَّلَتْنِي لِلرِّجَال الْمطَامِعُ
ومَا أَنَا وَالدُّنْيَا نَعِيمٌ وَلَذَّة ٌ= بِذِي تَرَفٍ تَحْنُو عَلَيْهِ الْمَضَاجِعُ
فلا السيفُ مَفلولٌ ، ولا الرَّأى ُ عازبٌ= وَلاَ الزَّنْدُ مَغْلُولٌ، وَلاَ السَّاقُ ظَالِعُ
وَلَكِنَّنِي فِي مَعْشَرٍ لَمْ يَقُمْ بِهِمْ= كَرِيمٌ، وَلَمْ يَرْكَبْ شَبَا السَّيْفِ خَالِعُ
لواعبُ بالأسماءِ يبتدِرونها= سَفاهاً ، وبالألقابِ ، فهى بضائعُ
وهلْ فِي التَّحَلِّي بِالْكُنَى مِنْ فَضِيلَة ٍ= إذا لم تزيَّن بِالفعالِ الطبائعُ ؟
أُعاشِرُهُمْ رَغْماً، وَوُدِّي لَوَ انَّ لِي= بِهِمْ نَعَماً أَدْعُو بِهِ فَيُسَارعُ
فيا قومُ ، هبُّوا ، إنَّما العُمرُ فرصة ً= وفى الدهرِ طُرقٌ جَمَّة ٌ ومنافِعُ
أَصَبْراً عَلَى مَسِّ الْهَوَانِ وَأَنْتُمُ= عديدُ الحصى ؟ إنِّى إلى اللهِ راجِعُ
وَكَيْفَ تَرَوْنَ الذُّلَّ دَارَ إِقَامَة ٍ= وذلكَ فضلُ اللهِ فى الأرضِ واسِعُ
أرى أرؤساً قَد أينعتْ لِحصادِها= فَأَيْنَ وَلاَ أَيْنَ السُّيُوفُ الْقَوَاطِعُ؟
فكونوا حصيداً خامدينَ ، أوِ افزعوا= إِلَى الْحَرْبِ حَتَّى يَدْفَعَ الضَّيْمَ دَافِعُ
أهبتُ ، فعادَ الصَوتُ لم يَقضِ حاجة ً= إلى َّ ، ولبَّانى الصَدى وهوَ طائعُ
فَلَمْ أَدْرِ أَنَّ اللَّه صوَّرَ قَبْلَكُمْ= تماثيلَ لم يُخلَقْ لَهُنَّ مسامِعُ
فلا تَدعوا هَذى القلوبَ ، فإنَّها= قواريرُ مَحنى ٌّ عليها الأضالِعُ
وَدُونَكُمُوهَا صَعْدَة ً مَنْطِقِيَّة ً= تَفُلُّ شَبَا الأَرْمَاحِ وَهْيَ شَوَارِعُ
تَسِيرُ بهَا الرُّكْبَانُ فِي كُلِّ مَنْزِلٍ= وتلتفُّ من شوقٍ إليها المجامعُ
فَمِنْهَا لِقَوْم أَوْشُحٌ وَقَلائِدٌ= ومنها لِقومٍ آخرينَ جوامعُ
ألا إنَّها تِلكَ الَّتى لو تنزَّلت= على جبلٍ أهوت بهِ ، فهو خاشِعُ

احسـاس انثى
10/09/2012, 10:33 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347305478.png
بعدما أصاب البارودي اليأس والقنوط تجاه ما وصلت وآلت إليه حياته، حيث لم يحقق ما كان يرنو ويتمناه في الحكم من الحرية والديموقراطية وبسط العدل والمساواة؛ كما وأنه قد دفع ثمن كبيراً جراء اشتراكه في الثورة العرابية. لذلك قرر هجر السياسة تماماً، لاسيما وأن توسلاته المتكررة بالعودة إلى الوطن قد خابت وتلاشت. وهكذا اعتكف على كتابة الأشعار التي جعلها مسرحاً يعرض فيها أمجاده الماضية تارة. وهجومه الهجائي الحاد على رجال السلطة تارة أخرى. وما بين هذا وذاك فقد كان البارودي يترنح حزناً وألماً وضيقاً:

ِلاَمَ يَهْفُو بِحِلْمِكَ الطَّرَبُ؟ = أبعد خمسين فى الصبا أربُ ؟
هيهات ولى الشبابُ ، واقتربتْ = سَاعَة ُ وِرْدٍ دَنَا بِها الْقَرَبُ
فليس دون الحِمامِ مبتعدٌ = ولَيْسَ نَحْوَ الْحَياة ِ مُقْتَرَبُ
كلُّ امرئٍ سائرٌ لمنزلة ٍ = لَيْسَ لَهُ عَنْ فِنائِها هَرَبُ
وساكنٌ بينَ جيرة ٍ قذَفٍ = لا نَسَبٌ بَيْنَهُمْ، ولا قُرَبُ
فِي قَفْرَة ٍ لِلصِّلالِ مُزْدَحَفٌ = فِيها، ولِلضّارِياتِ مُضْطَرَبُ
وشاهدٌ موقفاً يُدانُ بهِ = فَالوَيْلُ لِلظَّالِمِينَ والْحَرَبُ
فاربأ يفاعاً ، أو اتَّخذ سرباً = إنْ كانَ يُغْنِي الْيَفَاعُ والسَّرَبُ
لا الْبَازُ يَنْجُو مِنَ الْحِمامِ، ولاَ = يخلُصُ منهُ الحمامُ والخربُ
مسلَّطٌ فى الورى َ : فلا عجمٌ = يَبْقَى عَلَى فَتْكِهِ، وَلاَ عَرَبُ
فَكَمْ قُصُورٍ خَلَتْ، وَكَمْ أُمَمٍ = بادت ، فغصَّت بجمعها التُّربُ
فمنزلٌ عامرٌ بقاطنهِ = ومنزلٌ بعدَ أهلهِ خرِبُ
يغدو الفتى َ لاهياً بعيشتهِ = وليسَ يدرى ما الصَّابُ والضرَبُ
ويقتنى نبعة ً يصيدُ بها = ونبعُ من حاربَ الرَّدى غربُ
لا يَبْلُغُ الرِّبْحَ أَوْ يُفارِقَهُ = كماتحٍ خانَ كفَّهُ الكربُ
يا وارِداً لا يَمَلُّ مَوْرِدَهُ = حذارِ من أن يصيبكَ الشَّربُ
تَصْبُو إِلَى اللَّهْوِ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ = والَّلهوُ فيهِ البوارُ والتَّرَبُ
وتتركُ البرَّ غيرَ محتسبٍ = أجراً ، وبالبرِّ تُفتَحُ الأربُ
دَعِ الحُمَيَّا، فَلاِبْنِ حانَتِهَا = من صدمَة ِ الكأسِ لهذمٌ ذرِبُ
تَرَاهُ نُصْبَ الْعُيُونِ مُتَّكِئاً = وعقلهُ فى الضلال مغتربُ
فبئستِ الخمرُمن مخادعة ٍ = لسلمها فى ِ القلوبِ محتربُ
إِذا تَفَشَّتْ بِمُهْجَة ٍ قَتَلَتْ = كما تفشِّى فى المبركِ الجرَبُ
فتب إلى الله قبلَ مندَمَة ٍ = تَكْثُرُ فيها الْهُمُومُ والْكُرَبُ
واعْتَدْ عَلَى الْخَيْرِ، فَالْمُوَفَّقُ مَنْ = هذَّبهُ الاعتيادُ والدَّربُ
وجد بما قَدْ حوَتْ يداكَ ، فمَا = ينفَعُ ثَمَّ اللُّجينُ والغرَبُ
فَإِنَّ لِلدَّهْرِ لَوْ فَطَنْتَ لَهُ = قَوْساً مِنَ الْمَوْتِ سَهْمُهَا غَرَبُ

احسـاس انثى
10/09/2012, 10:46 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347306186.png


إطربتْ ، وَ لولاَ الحلمُ أدركني الجهلُ= وَعَاوَدَنِي مَا كَانَ مِنْ شِرَّتِي قَبْلُ
فَرُحْتُ، كَأَنِّي خَامَرَتْنِي سَبِيئَة ٌ= منَ الراحِ ، منْ يعلقْ بها الدهرَ لا يسلو
سَلِيلَة ُ كَرْمٍ، شَابَ فِي المَهْدِ رَأْسُهَا= وَ دبَّ لها نسلٌ ، وَ ما مسها بعلُ
إِذَا وَلَجَتْ بَيْتَ الضَّمِيرِ، رَأَيْتَهَا= وراءَ بناتِ الصدرِ ، تسفلُ ، أو تعلو
كَأَنَّ لَهَا ضِغْناً عَلَى الْعَقْلِ كَامِناً= فَإِنْ هِيَ حَلَّتْ مَنْزِلاً رَحَلَ الْعَقْلُ
تعبرُ عنْ سرَّ الضميرِ بألسنٍ= منَ السكرِ مقرونٍ بصحتها النقلُ
مُحَبَّبَة ٌ لِلنَّفْسِ، وَهْيَ بَلاَؤُها= كَمَا حُبِّبَتْ فِي فَتْكِهَا الأَعْيُنُ النُجْلُ
يَكَادُ يَذُودُ اللَّيْثَ عَنْ مُسْتَقَرِّهِ= إِذَا ما تَحَسَّى كَأْسَهَا الْعَاجِزُ الْوَغْلُ
تَرَى لِخَوَابِيهَا أَزِيزاً، كَأنَّهَا= خَلاَيَا تَغَنَّتْ فِي جَوَانِبِهَا النَّحْلُ
سَوَاكِنُ آطَامٍ، زَفَتْهَا مَعَ الضُّحَى= يدا عاسلٍ يشتارُ ، أوْ خابطٍ يفلو
دنا ، ثمَّ ألقى النارَ بينَ بيوتها= فطارتْ شعاعاً ، لا يقرُّ لها رحلُ
مروعة ٌ ، هيجتْ ، فضلتْ سبيلها= فَسَارَتْ عَلَى الدُّنْيَا، كَمَا انْتَشَرَ الرِّجْلُ
فبتُّ أداري القلبَ بعضَ شجونهِ= وأَزْجُرُ نَفْسِي أَنْ يُلِمَّ بِهَا الْهَزْلُ
وَ ما كنتُ أدري - وَ الشبابُ مطية ٌ= إلى الجهلِ - أنَّ العشقَ يعقبهُ الخبلُ
رمى اللهُ هاتيكَ العيونَ بما رمتْ= وَ حاسبها حسبانَ منْ حكمهُ العدلُ
فَقَدْ تَرَكْتَنِي سَاهِي الْعَقَلِ، سَادِراً= إلى الغيَّ ، لاَ عقدٌ لديَّ ، وَ لاَ حلٌّ
أَسِيرُ، وَمَا أَدْرِي إِلى أَيْنَ يَنْتَهِي= بِيَ السَّيْرُ، لكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ
فَلاَ تَسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ؛ فَإِنَّنِي= وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ؟
فَمَا هِيَ إِلاَّ أَنْ نَظَرْتُ فُجَاءَة ً= بحلوانَ حيثُ انهارَ ، وَ انعقدَ الرملُ
إِلَى نِسْوَة ٍ مِثْلِ الْجُمَانِ، تَنَاسَقَتْ= فرائدهُ حسناً ، وَ ألفهُ الشملُ
منَ الماطلاتِ المرءَ ما قدْ وعدنهُ= كذاباً ؛ فلا عهدٌ لهنَّ ، وَ لاَ إلٌّ
تكنفنَ تمثالاً منَ الحسنِ رائعاً= يُجَنُّ جُنُوناً عِنْدَ رُؤْيَتِهِ الْعَقْلُ
فكانَ الذي لولاهُ ما درتُ هائماً= أَرُودُ الْفَيَافِي، لاَ صَدِيقٌ، وَلاَ خِلُّ
فويلمها منْ نظرة ٍ مضرجية ٍ= رُمِيتُ بِهَا مِنْ حَيْثُ وَاجَهَنِي الأَثْلُ
رُمِيتُ بِهَا وَالْقَلْبُ خِلْوٌ مِنَ الْهَوَى= فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى اسْتَقَلَّ بِهِ شُغْلُ
لقدْ علقتْ ما ليسَ للنفس دونها= غَنَاءٌ، وَلاَ مِنْهَا لِذِي صَبْوَة ٍ وَصْلُ
فَتَاة ٌ يَحَارُ الطَّرْفُ في قَسَمَاتِهَا= لها منظرٌ منْ رائدِ العينِ لا يخلو
لَطِيفَة ُ مَجْرَى الرُّوحِ، لَوْ أَنَّهَا مَشَتْ= عَلَى سَارِبَاتِ الذَّرِّ مَا آدَهُ الْحِمْلُ
لها نظرة ٌ سكرى ، إذا أرسلتْ بها= إلى كبدٍ ؛ فالويلُ منْ ذاكَ وَ الثكلُ
تُريقُ دِمَاءً حَرَّمَ اللهُ سَفْكَهَا= وَتَخْرُجُ مِنْهَا، لاَ قِصَاصٌ، ولا عَقْلُ
لنا كلَّ يومٍ في هواها مصارعٌ= يهيجُ الردى فيها ، وَ يلتهبُ القتلُ
مصارعُ شوقٍ ، ليس يجري بها دمٌ= وَ مرمى نفوسٍ لا يطيرُ بهِ نبلُ
هنيئاً لها نفسي ، على أنَّ دونها= فوارسَ ، لا خرسُ الصفاحِ ، وَ لاَ عزلُ
مِنَ الْقَوْمِ ضَرَّابِي الْعَرَاقِيبِ وَالطُّلَى= إِذَا اسْتَنَّتِ الْغَارَاتُ، أَوْ فَغَرَ الْمَحْلُ
إِذَا نَامَتِ الأَضْغَانُ عَنْ وَتَرَاتِهَا= فَقَوْمِيَ قَوْمٌ لاَ يَنَامُ لَهُمْ ذَحْلُ
رجالٌ أولو بأسٍ شديدٍ ونجدة ٍ= فَقَوْلُهُمُ قَوْلٌ، وَفِعْلُهُمُ فِعْلُ
إِذَا غَضِبُوا رَدُّوا إِلَى الأُفْقِ شَمْسَهُ= وَ سالَ بدفاعِ القنا الحزنُ والسهلُ
مساعيرُ حربٍ ، لا يخافونَ ذلة ً= ألا إنَّ تهيابَ الحروبِ هوَ الذلُّ
إذا أطرقوا أبصرتَ ، بالقومِ خيفة َ= لإطراقهمْ ، أوْ بينوا ركدَ الحفلُ
وَ إنْ زلتِ الأقدامُ في دركِ غاية ٍ= تَحَارُ بِهَا الأَلْبَابُ كَانَ لَهَا الْخَصْلُ
أولئكَ قومي ، أيَّ قومٍ وعدة ٍ= فلا ربعهمْ محلٌ ، وَ لاَ ماؤهمْ ضحلُ
يَفِيضُونَ بِالْمَعْرُوفِ فَيْضاً، فَلَيْسَ فِي= عطائهمُ وعدٌ ، وَ لاَ بعدهُ مطلُ
فزرهمْ تجدْ معروفهمْ دانيَ الجنى= عَلَيْكَ، وَبابَ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ قُفْلُ
تَرَى كُلَّ مَشْبُوبِ الْحَمِيَّة ِ، لمْ يَسِرْ= إِلَى فِئَة ٍ إِلاَّ وَطَائِرُهُ يَعْلُو
بَعِيدُ الْهَوَى ، لاَ يَغْلِبُ الظَّنُّ رَأْيَهُ= وَ لاَ يتهادى بينَ تسراعهِ المهلُ
تصيحُ القنا مما يدقُّ صدورها= طِعَاناً، وَيَشْكُو فِعْلَ سَاعِدِهِ النَّصْلُ
إِذَا صَالَ رَوَّى السَّيْفُ حَرَّ غَلِيلِهِ= وَإِنْ قَالَ أَورَى زَنْدَهُ الْمَنْطِقُ الْفَصْلُ
لهُ بينَ مجرى القولِ آياتُ حكمة ٍ= يَدُورُ عَلَى آدَابِهَا الْجِدُّ وَالْهَزْلُ
تلوحُ عليهِ منْ أبيهِ وجدهِ= مَخَايِلُ سَاوَى بَيْنَهَا الْفَرْعُ وَالأَصْلُ
فَأَشْيَبُنَا فِي مُلْتَقَى الْخَيْلِ أَمْرَدٌ= وَ أمردنا في كلَّ معضلة ٍ كهلُ
لَنَا الْفَصْلُ فِيمَا قَدْ مَضَى ، وَهْوَ قَائِمٌ= لَدَيْنَا، وَفِيمَا بَعْدَ ذَاكَ لَنَا الْفَضْلُ

احسـاس انثى
10/09/2012, 10:55 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347306630.png



مَضَى اللَّهْوُ، إِلاَّ أَنْ يُخَبَّرَ سَائِلُ = وَوَلَّى الصِّبَا إِلاَّ بَوَاقٍ قَلاَئِلُ
بواقٍ تماريها أفانينُ لوعة ٍ = يورثها فكرٌ على النأي شاغلُ
فللشوقِ منى عبرة ٌ مهراقة ٌ = وَخَبْلٌ إِذَا نَامَ الْخَلِيُّونَ خَابِلُ
أَلِفْتُ الضَّنَى إِلْفَ السُّهَادِ، فَلَوْ سَرَى = بِيَ الْبُرْءُ غَالَتْنِي لِذَاكَ الْغَوَائِلُ
فللهِ هذا الشوقُ ! أيَّ جراحة ٍ = أسالَ بنا ؟ حتى كأنا نقاتلُ
رضينا بحكمِ الحبَّ فينا ، وَ إننا = للدٌّ إذا التفتْ علينا الجحافلُ
وَإِنّا رِجَالٌ تَعْلَمُ الْحَرْبُ أَنَّنَا = بنوها ، وَ يدري المجدُ ماذا نحاولُ
إذا ما ابتنى الناسُ الحصونَ ، فمالنا = سِوَى الْبِيضِ وَالسُّمْرِ اللِّدَانِ مَعَاقِلُ
فما للهوى يقوى عليَّ بحكمهِ ؟ = أَلَمْ يَدْرِ أَنِّي الشَّمَّرِيُّ الْحُلاَحِلُ؟
وَ إني لثبتُ الجأشِ ، مستحصدُ القوى = إذا أخذتْ أيدي الكماة ِ الأفاكلُ
إِذَا مَا اعْتَقَلْتُ الرُّمْحُ وَالرُّمْحُ صاحِبِي = عَلَى الشَّرِّ قَالَ الْقِرْنُ: إِنِّي هَازِلُ
لَطَاعَنْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مِنْ مُطَاعِنٍ = وَنَازَلْتُ حَتَّى لَمْ أَجِدْ مَنْ يُنَازِلُ
وَشَاغَبْتُ هَذَا الدَّهْرَ مِنِّي بِعَزْمَة ٍ = أَرَتْنِي سَبِيلَ الرُّشْدِ وَالْغَيُّ حَائِلُ
إذا أنتَ أعطتكَ المقاديرُ حكمها = فأضيعُ شيءٍ ما تقولُ العواذلُ
وَمَا الْمَرْءُ إِلاَّ أَنْ يَعِيشَ مُحَسَّداً = تَنَازَعُ فِيهِ النَّاجِذَيْنِ اْلأَنَامِلُ
لَعَمْرُكَ مَا الأَخْلاَقُ إِلاَّ مَوَاهِبٌ = مقسمة ٌ بينَ الورى ، وفواضلُ
وَ ما الناسُ إلاَّ كادحانِ : فعالمٌ = يسيرُ على قصدٍ ، وَ آخرُ جاهلُ
فذو العلمِ مأخوذٌ بأسبابِ علمهِ = وَذُو الْجَهْلِ مَقْطُوعُ الْقَرِينَة ِ جَافِلُ
فلا تطلبنْ في الناس مثقالَ ذرة ٍ = مِنَ الْوُدِّ؛ أُمُّ الْوُدِّ فِي النَّاسِ هابِلُ
منَ العارِ أن يرضى الفتى غيرَ طبعهِ = وَأَنْ يَصْحَبَ الإِنْسَانُ مَنْ لاَ يُشَاكِلُ
بَلَوْتُ ضُرُوبَ النَّاسِ طُرّاً، فَلمْ يَكُنْ = سوى " المرصفى َّ " الحبرِ في الناس كاملُ
همامٌ أراني الدهرَ في طيَّ برده = وَفَقَّهَنِي حَتَّى اتَّقَتْنِي الأَمَاثِلُ
أخٌ حينَ لا يبقى أخٌ ، ومجاملٌ = إذا قلَّ عندَ النائباتِ المجاملُ
بعيدُ مجالِ الفكرِ ، لوْ خالَ خيلة ً = أَرَاكَ بِظْهَرِ الْغَيْبِ مَا الدَّهْرُ فَاعِلُ
طَرَحْتُ بَنِي الأَيَّامِ لَمَّا عَرَفْتُهُ = وَ ما الناسُ عندَ البحثِ إلاَّ مخايلُ
فلوْ سامني ما يوردُ النفسَ حتفها = لأَوْرَدْتُهَا؛ وَالْحُبُّ لِلنَّفْسِ قَاتِلُ
فَلاَ بَرِحَتْ منِّي إِلَيْهِ تَحِيَّة ٌ = تناقلها عني الضحى والأصائلُ
وَ لا زالَ غض العمرِ ، ممتنعَ الذرا = مَرِيعَ الْفِنَا، تُطْوَى إِلَيْهِ الْمَرَاحِلُ

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:00 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347307094.png

قال البارودي هذه القصيدة يصف روضة المقياس بالروضة بمصر ويشتاق لها:



هَل فى الخلاعة ِ والصِبا من باسِ = بيْنَ الْخَلِيجِ وَروْضَة ِ الْمِقْيَاسِ؟
أرضٌ كساها النيلُ مِن إبداعهِ = وَلِباسِهِ الْمَوْشِيِّ أَيَّ لِباسِ
فَكَأَنَّمَا هَوَتِ الْمَجَرَّة ُ بَيْنَهَا = فتشكلت فى جُملة ِ الأغراسِ
يَتَلَهَّبُ النُّوَّارُ في أَطْرَافِها = فَتَخَالُهُ قَبَساً مِنَ الأَقْبَاسِ
لَوْلاَ مِسَاسُ الطَّلِّ أَحْرَقَ ضَوْؤُهُ = ديلَ الخمائلِ : رَطبِها والعاسى
تَصْبُو الْعُيُونُ إِلَى سَنَاهُ، فَتَرْتَمِي = مَهوى الفراشة ِ لامِعُ النبراسِ !
نَو شامَ بَهجتها وحُسنَ رُوائها = فيما أظنُّ لحارَ عقلُ إياسِ
مَلْهَى أَخِي طَرَبٍ، وَمَلْعَبُ صَبْوَة ٍ = وَثَرَى بُلَهْنِيَة ٍ، وَدَارُ أُناسِ
مَا كُنْتُ في عُمْرِي لأَغْدُوَ نَحْوهَا = حَتى أَبِيتَ بِها صَرِيعَ الْكَاِس
يا ساقى ّ ، تنَبّها ، فَلَقَدْ بَدَا = فَلَقُ الصَّبَاحِ، وَلاَتَ حِينَ نُعَاسِ
طُوفَا عَلَيَّ بِها، فَقَدْ نَمَّ الصَّبَا = أَثْنَاءَ رَوْحَتِهِ بِسِرِّ الآسِ
مِنْ خَمْرَة ٍ أَفْنَى الزَّمَانُ شَبَابَهَا = فِى مُخْدَعٍ بِقَرَارَة الدّيمَاس
حُبِسَتْ عَنِ الأَبْصَارِ، حَتَّى إِنَّهَا = لَمْ تَدْرِ غَيْرَ الدّيْرِ والشّماس
يَنْزُو لِوَقْعِ الْمَاءِ دُرُّ حَبَابِها = نَزْوَ المَعَابِلِ طِرنَ عَنْ أَقواس
فَإِذَا تَعَاوَرَهَا الْمِزَاجُ تَوَجَّسَتْ = حَذَرَ الْمَهَانَة ِ أَيَّمَا إِيجاسِ
تشْتفُّ من تحْتِ الحبَاب ، كَأنّها = ياقُوتَة ٌ قَدْ رُصِّعَتْ بِالْمَاسِ
مَا حُل بَينَ القَوم عَقْدُ وِكائها = لِلشرْب إِلاَّ آدبت بِعُطاسِ
لاَ يَخْدَعَنَّكَ في الْمُدَامَة ِ جَاهِلٌ = إِنَّ الْمُدَامَة َ نُهْزَة ُ الأَكْيَاسِ
إِنَّ الْمُدَامَ أَسَاسُ كُلِّ طَرِيفَة ٍ = فاجْعَلْ بِناءَ اللَّهْوِ فَوْقَ أَساسِ
لاَ تجمَعُ الأَيامُ كيْفَ تَصَرَّفتْ = فى القَلب بَينَ الخَمْرِ والوَسواس
فَاسْتَوْثِقَا أَخَوَيَّ مِنْ شَأَنَيْكُمَا = وَذَرَا الْمَطِيَّ تَمُورُ بِالإِحْلاَسِ
إِنَّ الْفَلاَة َ لَهَا رِجَالٌ غَيْرُنَا = يبغونَ نيلَ اليُسرِ بالإفلاسِ
إنَّ الغنى والفَقرَ فى هَذا الورى = لمُقَدَّرٌ ، واللهُ ذو قِسطاسِ
فَعلامَ يُبلى المرءُ جدَّة عُمرهِ = مُتَقَلِّباً بَيْنَ الرَّجَا وَالْيَاسِ؟
أَوَ لَيْسَ أَنَّ الْعَيْشَ لُبْسُ عَبَاءَة ٍ = وَسِدَادُ مَسْغَبَة ٍ، وَنَغْبَة ُ حَاسِي؟
تاللهِ لو علِمَ الرِجالُ بِمكرِها = عِلمى لباعوها بِغيرِ مِكاسِ
هِيَ سَاعَة ٌ تَمْضِي، وَتَأْتِي سَاعَة ٌ = والدَّهْرُ ذُو غِيَرٍ بِهَذَا النَّاسِ
فَخُذَا مِنَ الأَيَّامِ مَا سَمَحَتْ بِهِ = لِلنَفْسِ قَبْلَ تَعَذُّرٍ وَشِماسِ
وَإِذَا أَرَابَكُمَا الزَّمَانُ بِوَحْشَة ٍ = فاستمخِضاهُ اليُسرَ بالإيناسِ
إنَّ الروائمَ لا تدرُّ لَبونُها = إلاَّ بلينِ المسحِ والإبساسِ
فَلَرُبَّ صَعْبٍ عَادَ سَهْلاً بَعْدَمَا = قُطِعَتْ عَلَيْهِ مَرَائِرُ الأَنْفَاسِ
ما كُلُّ ما طلبَ الفتى هوَ مُدرَكٌ = إِنَّ الأُمُورَ بِحِكْمَة ٍ وَقِياسِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:10 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347307747.png

في هذه الأبيات ، يريد البارودي ان يقول بأنه عصى عقله الذي يحذره بشيء مخيف حقا ، وهو إطاعة الجهل وإتباع الهوى .... ويردف بأن فعله هذا قد أغضب عقله المتزن ولكنه يظن بأنه قد يرضي من هو اهم من عقله وهي المحبوبة.

عَصَيْتُ نَذِيرَ الْحِلْمِ فِي طَاعَة ِ الْجَهْلِ= وَأَغْضَبْتُ فِي مَرْضَاة ِ حُبِّ الْمَهَا عَقْلِي
وَنَازَعْتُ أَرْسَانَ الْبَطَالَة َ وَالصِّبَا= إِلَى غَايَة ٍ لَمْ يَأْتِهَا أَحَدٌ قَبْلِي
فخذْ في حديثٍ غيرِ لومي ، فإنني= بجبَّ الغواني عنْ ملامكَ في شغلِ
إذا كانَ سمعُ المرءِ عرضة َ ألسنٍ= فما هوَ إلاَّ للخديعة ِ وَ الختلِ
رُوَيْدَكَ، لاَ تَعْجَلْ بِلَوْمٍ عَلَى امْرِىء ٍ= أَصَابَ هَوَى نَفْسٍ؛ فَفِي الدَّهْرِ مَا يُسْلِي
فليستْ بعارٍ صبوة ُ المرءِ ذي الحجا= إذا سلمتْ أخلاقهُ من أذى الخبلِ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ ابْنَ كَأْسٍ وَلَذَّة ٍ= لَذُو تُدْرَإٍ يَوْمَ الْكَرِيهَة ِ وَاْلأَزْلِ
وَقُورٌ، وَأَحْلاَمُ الرِّجَالِ خَفِيفَة ٌ= صبورٌ ، وَ نارُ الحربِ مرجلها يغلي
إِذَا رَاعَتِ الظَّلْمَاءُ غَيْرِي، فَإِنَّمَا= هلالُ الدجى قوسي ، وأنجمهُ نبلي
أنا ابنُ الوغى ، والخيلِ ، والليلِ ، والظبا= وَسُمْرِ الْقَنَا، وَالرَّأْيِ، وَالْعَقْدِ، والْحَلِّ
فَقُلْ لِلَّذِي ظَنَّ الْمَعَالي قَريبَة ً= رويداً ؛ فليسَ الجدُّ يدركُ بالهزلِ
فَمَا تَصْدُقُ الآمَالُ إِلاَّ لِفَاتِكٍ= إذا همَّ لمْ تعطفهُ قارعة ُ العذلِ
لَهُ بِالْفَلا شُغْلٌ عَنِ الْمُدْنِ وَالْقُرَى= و في رائداتِ الخيلِ شغلٌ عنِ الأهلِ
إذا ارتابَ أمراً ألهبتهُ حفيظة ٌ= تميتُ الرضا بالسخطِ ، والحلمَ بالجهلِ
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُّلِّ خَوْفَ مَنِيَّة ٍ= فَإِنَّ احْتِمَالَ الذُّلِّ شَرٌّ مِنَ الْقَتْلِ
وَلاَ تَلْتَمِسْ نَيْلَ الْمُنَى مِنْ خَلِيقَة ٍ= فَتَجْنِي ثِمَارَ الْيَأْسِ مِنْ شَجَرِ الْبُخْلِ
فما الناسُ إلاَّ حاسدٌ ذو مكيدة ٍ= وَ آخرُ محنيُّ الضلوعِ على دخلِ
تِبَاعُ هَوًى ، يَمْشُونَ فِيهِ كَمَا مَشَى= و سماعُ لغوٍ ، يكتبونَ كما يملى
وَمَا أَنَا وَالأَيَّامُ شَتَّى صُرُوفُهَا= بِمُهْتَضِمٍ جَارِي، وَلاَ خَاذِلٍ خِلِّي
أَسِيرُ عَلى نَهْجِ الْوَفَاءِ سَجِيَّة ً= و كلُّ امرئً في الناسِ يجري على الأصلِ
تَرَكْتُ ضَغِينَاتِ النُّفُوسِ لأَهْلِهَا= وَأَكْبَرْتُ نَفْسِي أَنْ أَبِيتَ عَلَى ذَحْلِ
كذلكَ دأبي منذُ أبصرتُ حجتي= وليداً ؛ وَ حبُّ الخيرِ منْ سمة ِ النبلِ
وَ ربَّ صديقٍ كشفَ الخبرُ نفسهُ= فعاينتُ منهُ الجورَ في صورة ِ العدلِ
وَهَبْتُ لَهُ مَا قَدْ جَنَى مِنْ إسَاءَة ٍ= وَلَوْ شِئْتُ، كَانَ السَّيْفُ أَدْنَى إِلَى الْفَصْلِ
وَ مستخبرٍ عني ، وما كانَ جاهلاً= بشأني ، وَ لكنْ عادة ُ البغضِ للفضلِ
أَتَى سَادِراً، حَتَّى إِذا قَرَّ أَوَجَسَتْ= سويداؤهُ شراً ؛ فأغضى على ذلَّ
وَمَنْ حَدَّثَتْهُ النَّفْسُ بِالْغَيِّ بَعْدَ مَا= تَنَاهَى إِلَيْهِ الرُّشْدُ سَارَ عَلى بُطْلِ
وَإِنِّي لأَسْتَحْيِي مِنَ الْمَجْدِ أَنْ أُرَى= صَرِيعَ مَرَامٍ لا يَفُوزُ بِهَا خَصْلِي
أقولُ وأتلو القولَ بالفعلِ كلما= أَرَدْتُ؛ وَبِئْسَ الْقَوْلُ كَانَ بِلا فِعْلِ
أَرَى السَّهْلَ مَقْرُوناً بِصَعْبٍ، وَلا أَرَى= بغيرِ اقتحامِ الصعبِ مدركَ السهلِ
و يومٍ كأنَّ النقعَ فيهِ غمامة ٌ= لها أثرٌ منْ سائلِ الطعنِ كالوبلِ
تَقَحَّمْتُهُ فَرْداً سِوَى النَّصْلِ وَحْدَهُ= وَحَسْبُ الْفَتَى أَنْ يَطْلُبَ النَّصْرَ بِالنَّصْلِ
لَوَيْتُ بِهِ كَفِّي، وَأَطْلَقْتُ سَاعِدِي= وَقُلْتُ لِدَهْرِي: وَيْكَ! فَامْضِ عَلى رِسْلِ
فما يبعثُ الغاراتِ إلاَّ مهندى= وَ لا يركبُ الأخطارَ إلاَّ فتى ً مثلي

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:16 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347308097.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347308097.png)



يَا نَاصِرَ الْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ! = خذْ لي بحقي منْ يديْ ماصلي
جَارَ عَلَى ضَعْفِي بِسُلْطَانِهِ = وَمَا رَثَى لِلْمَدْمَعِ الْهَاطِلِ
أجرجني عما حوتهُ يدي = مِنْ كَسْبِيَ الْحُرِّ بِلا نَاطِلِ
مِنْ غَيْرِ مَا ذَنْبٍ، سِوَى مَنْطِقٍ = ذي رونقٍ ، كالصارمِ القاطلِ
أتلو بهِ الحقَّ ، وأرمي بهِ = نَحْرَ الْعِدَا فِي الرَّهَجِ السَّاطِلِ
فإنْ أكنْ جردتُ منْ ثروتي = فَفَضْلُ رَبِّي حَلْيَة ُ الْعَاطِلِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:25 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347308478.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347308478.png)


القصيدة فيها رسم جوّ التوق والحنين إلى الوطن والأهل ، أهاج مشاعر الشاعر هو الشوق والحنين إلى الوطن.
يتمنّى الشّاعر العودة إلى الوطن وذلك بعيد المنال لأنّ الشّاعر في منفاه.
و فيها يصّور الشاعر حاله قبل المنفى ( النعيم)، وفي المنفى بسرنديب ( البؤس والشّقاء)
َلبَّيْكَ يَا دَاعِيَ الأَشْواقِ مِنْ داعِي = أَسْمَعْتَ قَلْبِي وَإِنْ أَخْطَأْتَ أَسْمَاعِي
مُرنِى بِما شئتَ أبلُغْ كلَّ ما وَصَلتْ = يَدِي إِلَيْهِ، فَإِنِّي سَامِعٌ وَاعِي
فلا ورَبِّكَ ما أُصغِى إلى عَذَلٍ = وَلاَ أُبِيحُ حِمَى قَلْبِي لِخَدَّاعِ
إِنِّي امْرُؤٌ لاَ يَرُدُّ الْعَذْلُ بَادِرَتِي = وَلاَ تَفُلُّ شَبَاة ُ الْخَطْبِ إِزْمَاعِي
أجرِى عَلى شِيمة ٍ فى الحُبِّ صادِقة ٍ = لَيْسَتْ تَهُمُّ إِذَا رِيعَتْ بِإِقْلاَعِ
لِلْحُبِّ مِنْ مُهْجَتِي كَهْفٌ يَلُوذُ بِهِ = مِن غَدرِ كلِّ امرئٍ بالشَرِّ وقَّاعِ
بَذَلتُ فى الحبِّ نَفسى وهى غالية ٌ = لِبَاخِلٍ بِصَفَاءِ الْوُدِّ مَنَّاعِ
أَشْكُو إِلَيْهِ، وَلاَ يُصْغِي لِمَعْذِرَتي = مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَتْهُ النَّفْسُ أَوْ دَاعِي
وَيْلاَهُ مِنْ حَاجَة ٍ فِي النَّفْسِ هَامَ بِهَا = قَلْبي، وَقَصَّرَ عَنْ إِدْرَاكِهَا بَاعِي
أسعى لَها وهى َ مِنِّى غَيرُ دانِية ٍ = وكيفَ يَبلغُ شأوَ الكوكبِ الساعِى ؟
يا حبَّذا جُرعَة ٌ مِن ماءِ مَحنية ٍ = وَضَجْعَة ٌ فَوْقَ بَرْدِ الرَّمْلِ بِالْقَاعِ!
وَنَسْمَة ٌ كَشَمِيمِ الْخُلْدِ قَدْ حَمَلَتْ = رَيَّا الأَزَاهِيرِ مِنْ مِيثٍ وَأَجْرَاعِ
يا هَل أرانِى بِذاكَ الحى ِّ مُجتَمِعاً = بأهلِ وُدِّى من قومى وأشياعِى ؟
وهَل أسوقُ جَوادِى لِلطرادِ إلى = صَيْدٍ الْجَآذِرِ فِي خَضْرَاءَ مِمْرَاعِ؟
مَنَازِلٌ كُنْتُ مِنْهَا فِي بُلَهْنِيَة ٍ = مُمَتَّعاً بَيْنَ غِلْمَانِي وَأَتْبَاعِي
إِذَا أَشَرْتُ لَهُمْ فِي حَاجَة ٍ بَدَرُوا = قَضَاءَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلْمَاعِي
يَخْشَى الْبَلِيغُ لِسَانِي قَبْلَ بَادِرَتِي = ويُرعَدُ الجيشُ باسمِى قَبلَ إيقاعِى
فَالْيَوْمَ أَصْبَحْتُ لاَ سَهْمِي بِذِي صَرَدٍ = إِذَا رَمَيْتُ، وَلاَ سَيْفِي بقَطَّاعِ
أَبِيتُ فِي قُنَّة ٍ قَنْوَاءَ قَدْ بَلَغَتْ = هامَ السِماكِ ، وفاتَتهُ بِأبواعِ
يَستقبِلُ المُزنَ ليتيها بِوابِلهِ = وتصدِم الرِيحُ جَنبيها بِزعزاعِ
يَظَلُّ شِمْرَاخُهَا يَبْساً، وَأَسْفَلُهَا = مكلَّلاً بالنَدى يَرعى بهِ الراعِى
إِذَا الْبُرُوقُ ازْمهَرَّتْ خِلْتَ ذِرْوَتَهَا = شَهماً تدرَّعَ من تبرٍ بِأدراعِ
تَكَادُ تَلْمِسُ مِنْهَا الشَّمْسَ دَانِيَة ً = وَتَحْبِسُ الْبَدْرَ عَنْ سَيْرٍ وَإقْلاَعِ
أَظَلُّ فِيهَا غَرِيبَ الدَّارِ مُبْتَئِساً = نابِى المضاجعِ من همٍّ وأوجاعِ
لا فى " سرنديبَ " خِلٌّ أستعينُ بهِ = عَلَى الْهُمُومِ إِذَا هَاجَتْ، وَلاَ رَاعِي
يَظنُّنى من يرانِى ضاحِكاً جَذِلاً = أنِّى خَلى ُّ ، وهَمِّى بينَ أضلاعِى
ولا، ورِبِّكَ ما وَجدِى بِمُندرِسٍ = على البِعادِ ولا صَبرِى بِمِطواعِ
لَكنَّنِى مالِكٌ حَزمِى ، ومُنتَظِرٌ = أَمْراً مِنَ اللَّهِ يَشْفِي برْحَ أَوْجَاعِي
أَكُفُّ غَرْبَ دُمُوعِي وَهْيَ جَارِيَة ٌ = خَوْفَ الرَّقِيبِ وَقَلْبِي جِدُّ مُلْتَاعِ
فَإِنْ يَكُنْ سَاءَنِي دَهْرِي، وَغَادَرَنِي = رَهْنَ الأَسَى بَيْنَ جَدْبٍ بَعْدَ إِمْرَاعِ
فَإنَّ فى مِصرَ إخواناً يَسُرُّهمُ = قُرْبِي، وَيُعْجِبُهُمْ نَظْمِي وَإِبْدَاعِي

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:46 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347309793.png


إِنَّ ابْنَ آدَمَ ذُو طَبَائعَ أَرْبَعٍ= مَجموعَة ِ الأجزاءِ فى أخلاقِهِ
تَبْدُو فَوَاعِلُهَا علَى حرَكَاتِهِ= فى بَطشِهِ وسُكونهِ ونِزاقِهِ
فَإِذَا تَغَلَّبَ وَاحِدٌ مِنْهَا عَلَى= أَقْرَانِهِ أَدَّى إِلى إِقْلاَقِهِ
بَيْنَا تَرَاهُ كَالزُلاَلِ لَطَافَهً= أَلْفَيْتَهُ كَالنَّارِ فِي إِحْراقِهِ
أَوْ كَالتُّرَابِ يَهِيلُ مِنْ عَقَدَاتِهِ= أَوْ كَالْهَوَاءِ يَجُولُ فِي آفاقِهِ
فَإِذَا تَعَادَلَ جَمْعُها، وَتَوَازَنَتْ= حَرَكَاتُهَا كَانَتْ دَلِيلَ وِفَاقِهِ
وَالْمَرْءُ مَهْمَا كَانَ فِي أَفْعَالِهِ= لاَ يَنْتَهِي إِلاَّ إِلَى أَعْرَاقِهِ

احسـاس انثى
10/09/2012, 11:58 PM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347310237.png

لاَ تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ؛ فَرُبَّمَا= خدعتْ مخيلتهُ الفؤادَ الغافلا
وَ اصبرْ على ما كانَ منهُ ؛ فكلما= ذهبَ الغداة َ أتى العشية َ قافلا
كفلَ الشقاءَ لمنْ أناخَ بربعهِ= وَ كفى ابنَ آدمَ بالمصائبِ كافلا
يَمْشِي الضَّرَاءَ إِلَى النُّفُوسِ، وَتَارَة ً= يسعى لها بينَ الأسنة ِ رافلا
لاَ يَرْهَبُ الضِّرْغَامَ بَيْنَ عَرِيِنِهِ= بَأْسَاً، وَلاَ يَدَعُ الظِّبَاءَ مَطَافِلاَ
بينا ترى نجمَ السعادة ِ طالعا= فوقَ الأهلة ِ إذْ تراهُ آفلا
فَإِذَا سَأَلْتَ الدَّهْرَ مَعْرِفَة ً بِهِ= فاسألْ لتعرفهُ النعامَ الجافلا
فَالدَّهْرُ كَالدُّولاَبِ، يَخْفِضُ عَالِياً= مِنْ غَيْرِ مَا قَصْدٍ، وَيَرْفَعُ سَافِلاَ

احسـاس انثى
11/09/2012, 12:00 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347309865.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347309865.png)




لكَ الحَمدُ ، إنَّ الخيرَ مِنكَ ، وإنَّنى= لِصُنعِكَ يا ربَّ السَمواتِ شاكِرُ
فأنتَ الَّذى أوليتنى كُلَّ نِعمَة ٍ= وَهَذَّبْتَنِي حَتَّى اصَطَفَتْنِي الْعَشَائِرُ
فقرِّب لى الخيرَ الَّذى أنا راغِبٌ= وبَاعِدْنِيَ الشَّرَّ الَّذِي أَنَا حَاذِرُ
فليسَ لِمَن تُقصيهِ فى النَّاس نافِعٌ= ولَيْسَ لِمَنْ تُدْنِيهِ في النَّاسِ ضائِرُ
وَلاَ لاِمْرِىء ٍ أَلْهَمْتَهُ الرُّشْدَ خَاذِلٌ= وَلاَ لامْرِى ٍء أَورَدْتَهُ الْغَيَّ نَاصِرُ
فَإِنْ أَدْرَكَتْ نَفْسِي الْمَرَامَ، وَلَمْ أَقُمْ= مقامَ ضليعٍ بِالَّذى أنتَ آمرُ
فلا لاحَ لِى فى ذُروة المجدِ كَوكَبٌ= وَلاَ طَارَ لِي في قُنَّة ِ الْعِزِّ طائِرُ

احسـاس انثى
11/09/2012, 12:08 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347311207.png

كَمْ غادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ= وَلَرُبَّ تَالٍ بَزَّ شَأْوَ مُقَدَّمِ
فِي كُلِّ عَصْرٍ عبْقَرِيٌّ، لاَ يَنِي= يفرى الفرَّ بكلَّ قولِ محكمِ
وَ كفاكَ بي رجلا إذا اعتقلَ النهى= بِالصَّمْتِ، أَوْ رَعَفَ السِّنَانُ بِعَنْدَمِ
أَحْيَيْتُ أَنْفَاسَ الْقَرِيضِ بِمنْطِقِي= وَ صرعتُ فرسان العجاجِ بلهذمي
وَ فرغتُ ناصية َ العلا بفضائلٍ= هُنَّ الْكَوَاكِبُ فِي النَّهَارِ الْمُظْلِمِ
سَلْ مِصْرَ عَنِّي إِنْ جَهِلْتَ مَكَانَتِي= تُخْبِرْكَ عَنْ شَرَفٍ وَعِزٍّ أَقْدَمِ
بَلِهٌ، نَشَأْتُ مَعَ النَّبَاتِ بِأَرْضِهَا= وَلَثَمْتُ ثَغْرَ غَدِيرِهِ الْمُتَبَسِّمِ
فنسيمها روحي ، ومعدنُ تربها= جِسْمِي، وَكَوْثَرُ نِيلِهَا مَحْيا دَمِي
فإذا نطقتُ فبالثناءِ على الذي= أَوْلَتْهُ مِنْ فَضْلٍ عَلَيَّ وَأَنْعُمِ
أَهْلِي بِها، وأَحِبَّتِي، وَكَفى بِهِمْ= إِنْ كَانَتِ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ
وَأَحَقُّ دَارٍ بِالْكَرَامَة ِ مَنْزِلٌ= للقلبِ فيهِ علاقةق لمْ تصرمِ
هِيَ جنَّة ُ الْحُسْنِ الَّتِي زَهَرَاتُهَا= حورُ المها ، وهزارُ أيكتها فمي
ما إنْ خلعتُ بها سيورَ تمائمي= حتى لبستُ بها حمائلَ مخذمي
وَغَنِيتُ عَنْ قُلَّتِي بعَامِلِ أَسْمَرٍ= وَسَلَوْتُ عَنْ مَهْدِي بِصَهْوَة ِ أَدْهَمِ
وَ فجرتُ ينبوع البيانِ بمنطقٍ= عذبٍ ، رويتُ بهِ غليلَ الحرمِ
وَ لكمْ أثرتُ غيابة ً منْ قسطلٍ= بمهندي ، وَ حللتُ عقدة َ مبرمِ
أختالُ طوراً فوقَ ذروة ِ منبر= و أكرُّ طوراً فوقَ نهدٍ شيظمِ
حتى ربأتُ منَ المعالي هضبة ً= شماءَ تزلقُ أخمص المتسنمِ
نشأتْ بطبعي للقريضِ بدائعٌ= لَيْسَتْ بِنِحْلَة ِ شَاعِرٍ مُتَقَدِّمِ
يصبو بها " الحكميُّ " صبوة َ عاشقٍ= وَ تخفُّ منْ طربٍ عريكة ُ " مسلمِ "
قَوَّمْتُهُ بَعْدَ اعْوِجَاجِ قَنَاتِهِ= وَ الرمحُ ليسَ يروقُ غيرَ مقومِ
فقرٌ يكادُ السحرُ يبلغُ بعضَ ما= فِي طَيِّهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ
مُتَشَابِهُ الطَّرَفَينِ، يُنبِىء ُ صَدْرُهُ= عما تلاحقَ ؛ فهوَ بادي المعلمِ
أحكمتُ منطقهُ بلهجة ِ مفلقٍ= يَقِظِ الْبَدِيهَة ِ، فِي الْقَرِيضِ مُحَكَّمِ
يبتذُّ أهبة َ كلَّ فارسِ بهمة ٍ= وَيَزُمُّ شِقْشِقَة َ الْفَتِيقِ الْمُقْرَمِ
ذللتُ منهُ غوارباً لا تمتطى= وَخَطمْتُ مِنْهُ مَوَارِناً لَمْ تُخْطَمِ
شعرٌ جمعتُ بهِ ضروبَ محاسنٍ= لَمْ تَجْتَمِعْ قبْلِي لِحَيٍّ مُلْهَمِ
فإذا نسبتُ فتنتُ كلَّ مقنعٍ= وَإِذَا نَأَمْتُ ذَعَرْتُ كُلَّ مُلَثَّمِ
كَالرَّوْضِ تَسْمعُ مِنْهُ نَغْمة َ بُلْبُلٍ= وَالْغِيلِ تَسْمَعُ مِنْهُ زَأْرَة َ ضَيْغَمِ
أَدْرَكْتُ قَاصِية َ الْمَحَامِدِ وَالْعُلاَ= وَ شأوتُ فيها كلَّ أصيدَ مسنمِ
فأنا ابنُ نفسي إنْ فخرتُ ، وَ إنْ أكنْ= لأغرَّمنْ سلفِ الأكارمِ أنتمى
وَالْفَخْرُ بِالآبَاءِ لَيْسَ بِنَافِعٍ= إِنْ كَانَتْ الأَبْنَاءُ خُورَ الأَعْظُمِ
هَذَا، وَرُبَّتَ لَذَّة ٍ بَاشَرْتُهَا= فِي ظِلِّ أَخْضَرَ بِالْعَرَارِ مُنَمْنَمِ
طفقَ النسيمُ يحوكُ برودهِ= بأناملٍ تمرى خيوطَ المرزمِ
فَبِكُلِّ أُفْقٍ مُزْنَة ٌ فَيَّاضَة ٌ= وَبِكُلِّ أَرْضٍ جَدْوَلٌ كَالأَرْقَمِ
هَاتِيكَ تَجْرِي فِي السَّماءِ كَأَنَّهَا= سُفُنٌ، وَهَذَا فِي الْخَمَائِلِ يَرْتَمِي
فالروضُ بينَ موشحٍ وَ مؤزرٍ= وَ الزهرُ بينَ مدنرٍ وَ مدرهمِ
طَلْقُ الْجَبِينِ، تَبَسَّمَتْ أَزْهَارُهُ= عنْ درَّ قطرٍ كالعقودِ منظمِ
عبقُ الإزارِ ، كأنما جرتِ الصبا= فِيهِ بِجُؤْنَة ِ عَنْبَرٍ لَمْ تُخْتَمِ
صبح الغمامُ غصونهُ ؛ فترنحتْ= طَرَباً لِرَجْعِ الطَّائِرِ الْمُتَرَنِّمِ
فنسيمهُ أرجٌ ، وطائرُ أيكهِ= هَزِجٌ، وَجَدْوَلُهُ بَرُودُ الْمَبْسِمِ
يَسْتَوْقِفُ الأَلْبَابَ حُسْنُ رُوَائِهِ= وَ يصيدُ عينَ الناظرِ المتوسمِ
وَ المرءُ طوعُ يدِ الزمانِ ، يقودهُ= قَوْدَ الْجَنِيبِ لِغَايَة ٍ لَمْ تُعْلَمِ
فلكٌ يدورُ ، وَ أنجمٌ لا تأتلي= تَبْدُو وَتَغْرُبُ فِي فَضَاءٍ أَقْتَمِ
صُوَرٌ إِذَا نَادَيْتها لمْ تَسْتَجبْ= أَوْ رُمْتَ مِنْهَا النُّطْقَ لَمْ تتكَلَّمِ
فدعِ الخفيَّ ، وخذْ لنفسكَ حظها= مِمَّا بَدَا لَكَ؛ فَهْوَ أَهْنَأُ مَغْنَمِ
لاَ يستطيعُ المرءُ يبلغَ ما نأى= عَنْهُ، وَلَوْ صَعِدَ السَّمَاءَ بِسُلَّمِ
بينا يشقُّ بهِ الجواءَ ترفعا= أهوى بهِ في كسرِ بيتٍ مظلمِ
إِنَّ الْحَيَاة َ شَهِيَّة ٌ مَا لَمْ تَكُنْ= غَرَضاً لإِمْرَة ِ ظَالِمٍ لَمْ يَرْحَمِ
لاَ أَرْتَضِي عَيْشَ الْجَبَانِ، وَلا أَرَى= فضلاً لذي حسبٍ إذا لمْ يقدمِ
وَلرُبَّ مَلْحَمَة ٍ سَرَيْتُ قِنَاعَهَا= عنْ وجهِ نصرٍ بالغبارِ ملثمِ
لَوْ كَانَ لِلإِنْسانِ عِلْمٌ بِالَّذِي= فِي الْغَيْبِ لَمْ يَفْرَحْ، وَلمْ يَتنَدمِ
فدعِ الأمورَ إلى مدبرِ شأنها= وَارْغَبْ عَنِ الدُّنْيَا بنفْسِكَ تَسْلَمِ

احسـاس انثى
11/09/2012, 12:15 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347311659.png

ماذَا عَلى قُرَّة ِ العَيْنَيْنِ لَوْ صَفَحَتْ= وعَاوَدَتْ بِوِصالٍ بَعْدَ ما صَفَحَتْ
بايَعْتُها الْقَلْبَ إِيجاباً بِما وَعَدَتْ= فيالَها صفقة ً فى الحبِّ ما ربِحَت
قد يزعمُ النَّاسَ أنَّ البخلَ مقطعة ٌ= فما لقلبى ِ يهواها وماسَمحَتْ ؟
خوطيَّة ُ القدِّ ، لو مرَّ الحمامُ بها= لم يَشْتَبِهْ أَنَّها مِنْ أَيْكِهِ انْتَزَحَتْ
خفَّت معاطفها ، لَكن روادفُها= بِمِثْلِ ما حَمَّلَتْنِي في الهَوَى رَجَحَتْ
وَيْلاهُ مِنْ لَحْظِها الْفَتَّاكِ إِنْ نَظَرَتْ= وَآهِ مِنْ قَدِّها الْعَسَّالِ إِنْ سَنَحَتْ
يَمُوتُ قَلْبِي وَيَحْيَا حَيْرَة ً وهُدى ً= في عالَمِ الْوَجْدِ إِنْ صَدَّتْ وإِنْ جَنَحَتْ
كَالْبَدْرِ إِنْ سَفَرَتْ، والظَّبْيِ إِنْ نَظَرَتْ= والْغُصْن إِنْ خَطَرَتْ، والزَّهْرِ إِنْ نَفَحَتْ
واخَجْلَة َ الْبَدْرِ إِنْ لاحَتْ أَسِرَّتُهَا= وحيرة َ الرشإِ الوسنانِ إن لمحَت
لها رَوابِطُ لا تَنْفَكُّ آخِذَة ً= بعُروة ِ القلبِ إن جدَّت ، وإن مزحَتْ
يا سَرْحَة َ الأَمَلِ الْمَمْنُوعِ جَانِبُهُ= ويا غَزَالَة َ وادِي الْحُسْنِ إِنْ سَرَحَتْ
ترفَّقى بفؤادٍ أنتِ منيَته= ومقلة ٍ لسوى مرآكِ ما طمحَتْ
حاشاكِ أن تسمعى قولَ الوشاة ِ بنا= فإِنَّها رُبَّمَا غَشَّتْ إِذَا نَصَحَتْ
أفسدتُ في حبَّكُم نفسى جوى ً وأسى ً= والنفسُ فى الحبِّ مهما أُفسِدَت صلَحَتْ
ما زِلتُ أسحرُها بالشعرِ تسمعهُ= مِن ذاتِ فهمٍ ، تُجيدُ القولَ إن شرَحتْ
حتَّى إذا علِمَت ما حلَّ بى ، ورأّت= سُقْمِي، وخَافَتْ عَلى نَفْسٍ بها افْتَضَحَتْ
حنَّت رثَت عطفَت مالَت صبَت عزَمتْ= همَّت سرَتْ وصلَتْ عادَت دنَتْ منَحَتْ
فبتُّ فى وصلِها فى نعمَة ٍ عَظُمَت= ما شِئْتُ، أَوْ جَنَّة ٍ أَبْوَابُهَا فُتِحَتْ
أنالُ من ثغرِها الدُّرِّى ِّ ما سألَتْ= نَفْسِي، وَمِنْ خَدِّهَا الْوَرْدِيِّ ما اقْتَرَحَتْ
في رَوْضَة ٍ بَسَمَتْ أَزْهارُهَا، ونَمَتْ= أَفْنَانُهَا، وَسَجَتْ أَظْلاَلُهَا، وَضَحَتْ
تَكَلَّلَتْ بِجُمَانِ الْقَطْرِ، وَاتَّزَرَتْ= بسُنْدُسِ النبتِ والريحانِ ، واتَشحَتْ
ترنحَّ الغصنُ مِن أشواقهِ طرباً= لمَّا رأى الطَّيرَ فى أوكارِها صدَحَتْ
صَحَّ النَّسِيمُ بها وَهْوَ الْعَلِيلُ، وَقَدْ= مَالَتْ بِخَمْرِ النَّدَى أغْصَانُها، وَصَحَتْ
وَلَيْلَة ٍ سالَ في أَعْقَابِهَا شَفَقٌ= كَأَنَّهَا بِحُسَامِ الْفَجْرِ قَدْ ذُبِحَتْ
طَالَتْ، وَقَصَّرَهَا لَهْوِي بِغَانِيَة ٍ= إن أعرضَتْ قتَلَتْ ، أو أقبلَتْ فضَحَتْ
هيفاء ُ، إن نطقَت غنَّتْ ، وإن خطَرَتْ= رنَّتْ ، وإن فوَّقَت ألحاظها جرَحَتْ
دارت علينا بها الكاساتُ مُترعة ً= بخمرة ٍ لو بدَت فى ظلمة ِ قدحتْ
حَمْرَاءَ سَلْسَلَهَا الإِبْرِيقُ في قَدَحٍ= كَشُعْلَة ٍ لَفَحَتْ في ثَلْجَة ٍ نَصَحَتْ
رُوحٌ إِذَا سَلَكَتْ في هَامِدٍ نَبَضَتْ= عروقهُ ، أو دنتْ من صخرة ٍ رشحَتْ
طارتْ بألبابنا سُكراً ، ولا عجَبٌ= وهى الكُميتُ إذا فى حلبَة ٍ جمَحَتْ
حتَّى بدا الفجرُ مِن أطرافِ ظلمتِها= كغرة ٍ فى جوادٍ أدهمٍ وضحِتْ
فيا لَها ليلة ً ما كانَ أَحسنَها= لو أنها لبِثَت حَولاً وما برِحَتْ

احسـاس انثى
14/09/2012, 12:39 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561215.png
سَلِ الفَلكَ الدوَّارَ إن كانَ يَنطِقُ = وكيفَ يُحيرُ الهوى أخرَسُ مُطرِقُ ؟
نُسائِلُهُ عَنْ شَأْنِهِ وَهْوَ صَامِتٌ = وَنَخْبُرُ مَا فِي نَفْسِهِ وهْو مُطْبَقُ
فلا سِرُّهُ يَبدو ، ولا نحنُ نَرعَوِى = وَلاَ شَأْوُهُ يَدْنُو، وَلاَ نَحْنُ نَلْحَقُ
وكَيفَ تنالُ النفسُ مِنهُ لُبانة ً = وَأَقْرَبُ مَا فِيهِ عَنِ الظَّنِ أَسْحَقُ؟
فَضاءٌ يَرُدُّ العينَ حَسرى ، ومَسرحٌ = يَقُصَّ جَنَاحَ الْفِكْرِ وَهْوَ مُحَلِّقُ
أقامَ على رَغمِ الفَناءِ ، وكلُّ ما = تَرَاهُ عَلَى وَجْهِ الْبَسِيطَة ِ يَنْفُقُ
فَكَمْ ثَلَّ عَرْشاً، وَاسْتَبَاحَ قَبِيلَة ً = وفَرَّقَ جَمعاً وهوَ لا يتفرَّقُ
تَحسَّى مراراتِ الكُبودِ ، فَلم تَزلْ = بهِ صِبغَة ٌ من لَونِها ، فهو أزرقُ
نَهارٌ وليلٌ يَدأبانِ ، وأنجمٌ = تَغيبُ إلى مِيقاتِها ، ثُمَّ تَشرقُ
تَرِفُّ كَزَهرٍ طَوَّحتهُ عواصِفٌ = بِلجَّة ِ ماءٍ ، فَهو يَطفو ويَغرقُ
سوابِحُ لا تَنفَكُّ تَجرِى لِغاية ٍ = يُقَصِّرُ عَنْهَا الْكَاهِنُ الْمُتَعَمِّقُ
فَيَأَيُّهَا السَّارِي عَلَى غَيْرٍ هُدْيَة ٍ = رُويداً ، فإنَّ البابَ دُونَكَ مُغلَقُ
أتَحسِبُ أنَّ الظَنَّ يُدرِكُ بَعضَ ما = تُحَاوِلُهُ وَالظَّنُّ لِلْمَرْءِ مُوبِقُ؟
وَكَيْفَ يَنَالُ الْحِسُّ وَهْوَ مُحَدَّدٌ = سَرِيرَة َ غَيْبٍ دُونَهَا الْحِسُّ يَصْعَقُ؟
فَلا تَتَّبِع ريبَ الظنونِ ، فَكلُّ ما = تَصَوَّرهُ الإنسانُ وَهمٌ مُلفَّقُ
ولا تَحسبنَّ الحَدسَ يُدرِكُ ما نأى = فَمَا كُلَّ حينٍ قَائِفُ الْحَدْسِ يَصْدُقُ
وَأَيْنَ مِنَ الْمَخْلُوقِ إِدْرَاكُ حِكْمَة ٍ = بِهَا يُنْشِيءُ اللَّهُ الْقُرُونَ وَيَمْحَقُ؟
فَلَوْ عَلِمَ الإِنْسَانُ حَالَة َ نَفْسِهِ = كَفاهُ ، ولَكِنَّ ابنَ آدَمَ أخرَقُ
إذا المرءُ لم يَملك بوادرَ وَهمهِ = عنِ القولِ فيما لم يُفِد فَهوَ أحمَقُ
فَإِيَّاكَ وَالدُّنْيَا، فَإِنَّ نَعِيمَهَا = يَزُولُ، وَمَلْبُوسُ الْجَدِيدَيْنِ يَخْلُقُ
فَإِنْ هِيَ أَعْطَتْكَ اللِّيَانَ فَإِنَّهَا = سَتَخشنُ من بَعدِ اللَّيانِ وتَخرقُ
فلا وُدُّها يَبقَى ، ولا صَفوُ عَيشِها = يَدُومُ، وَلاَ مَوْعُودُهَا يَتَحَقَّقُ
فَكم أخلَفَت وعداً ، ومَلَّت صَحابة ً = وخانت وَفِيًّا ، فَهى َ بَلهاءُ تَنزَقُ
وكيفَ يعيشُ الدَهرَ خِلواً منَ الأسى = سَقيمٌ يُغادِى بالهمومِ ويُطرَقُ ؟
لَعَمْرُ أَبِي إِنَّ الْحَيَاة َ وَإِنْ صَفَتْ = مَسافة َ يومٍ-فَهوَ صَفوٌ مُرنَّقُ
فَفِيمَ يَوَدُّ الْمَرْءُ طُولَ حَيَاتِهِ = وفى طُولِها شَملُ الهناءِ مُفرَّقُ ؟
وما الدهرِ إلاَّ مُستَعِدٌّ لِوثبَة ٍ = فَحِذْرَكَ، مِنْهُ، فَهْوَ غَضْبَانُ مُطْرِقُ
كَأَنَّ هِلاَلَ الأُفْقِ سَيْفٌ مُجَرَّدٌ = عَلَيْنَا بِهِ، وَالنَّجْمَ سَهْمٌ مُفَوَّقُ
أبادَ بنيهِ ظَالِماً غَيرَ راحمٍ = فَيَا عَجَبَا مِنْ وَالِدٍ لَيْسَ يُشْفِقُ
فَلا تبتئس بالأمرِ تَخشَى وُقوعَهُ = فَقَدْ يَأْمَنُ الإنْسَانُ مِنْ حَيْثُ يَفْرَقُ
فَمَا كُلُّ مَا تَهْوَاهُ يَأْتِيكَ بِالْمُنَى = وَلاَ كُلُّ مَا تَخْشَاهُ فِي الدَّهْرِ يَطْرُقُ
وكُن واثِقاً باللهِ فى كلِّ مِحنَة ٍ = فَلَلَّهُ أَوْلَى بِالْعِبادِ وَأَرْفَقُ

احسـاس انثى
14/09/2012, 12:43 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561496.png

ما الدهرُ إلاَّ ضوءُ شمس علا = وَ كوكبٌ غامَ ، وَ نبتٌ بقلْ
وَ راحلٌ أعقبهُ نازلٌ = مَا قِيلَ قَدْ خَيَمَ حَتَّى اسْتَقَلْ
عَمَايَة ٌ يَخْبِطُ فِيهَا النُّهَى = عَجْزاً، وَلاَ تُبْصِرُ فِيهَا الْمُقَلْ
فبادرِ النقلة َ ، وَ اعملْ لها = ما شئتَ ؛ فالدهرُ سريعُ النقلْ
وَاصْمُتْ عَنِ الشَّرِّ إِذَا لَمْ تُطِقْ = دَفْعاً، وَإِنْ صَادَفْتَ خَيْراً فَقُلْ
وَ سرْ إذا ما عرضتْ فرصة ٌ = فالبدرُ قدْ ينمو إذا ما انتقلْ
منْ طلبَ الأمرَ بأسبابهِ = ساعدهُ المقدورُ إما عقلْ
قَدْ يَجْبُنُ الأعْزَلُ وَهْوَ الْفَتَى = وَيَشْجُعُ النِّكْسُ إِذَا مَا اعْتَقَلْ

احسـاس انثى
14/09/2012, 12:46 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561581.png


لأمرٍ ما تحيرتِ العقولُ= فهلْ تدري الخلائقُ ما تقولُ ؟
تغيبُ الشمسُ ، ثمَّ تعودُ فينا= وَتَذْوي، ثُمَّ تَخْضَرُّ الْبُقُولُ
طَبَائِعُ لاَ تُغِبُّ، مُرَدَّدَاتٍ= كَمَا تَعْرَى وَتَشْتَمِلُ الْحُقُولُ
فَسِيَّانِ الْجَهُولُ إِذَا تَنَاهَتْ= بهِ الأيامُ ، وَ الفطنُ العقولُ
يَزُولُ الْخَلْقُ طَوْراً بَعْدَ طَوْرٍ= وَتَخْتَلِفُ الْحَقَائِقُ وَالنُّقُولُ
فَمَا جَرَتِ الظُّنُونُ عَلَى يَقِينٍ= تفيءُ بهِ ، وَ لاَ صحَّ المقلُ

احسـاس انثى
14/09/2012, 01:00 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561660.png


رَأَيْتُ بِصَحْرَاءِ الْقَرافَة ِ نِسْوَة ً= نوازِعَ ، لا يأوينَ حزناً إلى بيتِ
يَنُحْنَ عَلى مَيْتٍ سَيَتْبَعْنَ إِثْرَهُ= وَمِنْ عَجَبٍ مَيْتٌ يَنُوحُ عَلى مَيْتِ

احسـاس انثى
14/09/2012, 01:04 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561836.png


أليلَى !ما لِقلبِكِ ليسَ يَرثِى= لِما ألقاهُ مِنْ ألَمِ الفِراقِ؟
كَتَمْتُ هَوَاكِ حَتَّى نَمَّ دَمْعِي= وَذَابَتْ مُهْجَتِي مِمَّا أُلاقِي
وَرَقَّتْ لِي قُلُوبُ النَّاسِ حَتَّى= بَكى لِى كلُّ ساقٍ فَوقَ ساقِ
تَلُومِيني عَلَى عَبَراتِ عَيْنِي؟= وَلَوْلاَ الْحُبُّ لَمْ تَجْرِ الْمَآقِي
وَمِنْ عَجَبِ الْهَوَى يَا لَيْلُ أَنِّي= فَنِيتُ صَبَابَة ً وَهَوَاكِ بَاقِي
وَمَا إِنْ عِشْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاَّ= لِما أرجوهُ مِن وشكِ التَلاقِى
ولَولا أنَّنى فى قَيدِ سُقمٍ= لَطِرْتُ إِلَيْكِ مِنْ فَرْطِ اشْتِيَاقِي

احسـاس انثى
14/09/2012, 01:11 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347561957.png


ظل في المنفى أكثر من سبعة عشر عاماً يعاني الوحدة والمرض والغربة أنقلها لكم ،، لتعرفوا حال المغترب


عن وطنه ، فسجّل كل ذلك في شعره النابع من ألمه وحنينه .

النازح عن أهله وأصحابه ،، أقرانه وأترابه



هَل مِن طبيبٍ لِداءِ الحُبِّ ، أوراقِى ؟= يَشفِى عَليلاً أخا حُزنٍ وإيراقِ
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً= حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي
حُزنٌ بَرانِى ، وأشواقٌ رَعَت كَبِدِى= يا ويحَ نَفسِى مِن حُزنٍ وأشواقِ
أُكلِّفُ النَفسَ صَبراً وهى جازِعة ٌ= والصَّبْرُ فِي الْحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتاقِ
لافى "سَرنديبَ" لِى خِلٌّ ألوذُ بِهِ= ولا أنيسٌ سِوَى هَمِّى وإطراقِى
أبيتُ أرعَى نَجومَ الَّليلِ مُرتَفِقاً= فِي قُنَّة ٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي
تَقَلَّدَت مِنْ جُمانِ الشُهبِ مِنطَقَة ً= مَعقودة ً بِوشاحٍ غَيرِ مِقلاقِ
كأنَّ نَجمَ الثُريَّا وهوَ مضطرِبٌ= دُونَ الْهِلاَلِ سِرَاجٌ لاَحَ فِي طَاقِ
ولا بَرِحتِ مِنَ الأوراقِ فى حُلَلٍ= مِن سُندُسٍ عَبقَرِى ِّ الوَشى ِ بَرَّاقِ
يا حَبَّذا نَسَمٌ مِنْ جَوِّها عَبِقٌ= يَسرِى عَلى جَدولٍ بِالماءِ دَفَّاقِ
بَل حَبَّذا دَوحَة ٌ تَدعو الهَديلَ بِها= عِندَ الصَّباحِ قَمارِى ٌّ بِأطواقِ
مَرعَى جِيادِى ، ومَأوى جِيرتِى ، وَحِمى= قَوْمِي، وَمَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي
أصبو إليها عَلى بُعدٍ ، ويُعجِبُنِى= أنِّى أعيشُ بِها فى ثَوبِ إملاقِ
وكيفَ أنسى دِياراً قد تَركتُ بِها= أَهْلاً كِراماً لَهُمْ وُدِّي وَإِشْفَاقِي؟
إذا تَذكَّرتُ أيَّاماً بِهِم سَلَفتْ= تَحَدَّرت بِغروبِ الدَّمعِ آماقِى
فَيا بريدَ الصَّبا بَلِّغ ذَوى رَحمِى= أنِّى مُقيمٌ على عَهدِى ومِيثاقِى
وَإِنْ مَرَرْتَ عَلى «الْمِقْيَاسِ» فَاهْدِ لَهُ= مِنِّى تَحِيَّة َ نَفسٍ ذاتِ أعلاقِ
وأنتَ يا طائراً يَبكِى على فَننٍ= نَفْسِي فَدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ عَلَى سَاقِ
أذكرتني ما مضى والشملُ مجتمعٌ= "بمصر" زالحربُ لم تنهضْ على ساقِ
أَيَّامَ أَسْحَبُ أَذْيَالَ الصِّبَا مَرِحاً= فِي فِتْيَة ٍ لِطَرِيقِ الْخَيْرِ سُبَّاقِ
فيا لَها ذُكرة ً ! شَبَّ الغرامُ بِها= ناراً سَرَتْ بينَ أردَانِى وأطواقِى
عَصرٌ تَولَّى ، وأبقَى فى الفؤادِ هَوًى= يَكَادُ يَشْمَلُ أَحْشَائِي بِإِحْرَاقِ
والمَرءُ طَوعُ اللَّيالِى فى تَصَرُّفِها= لاَ يَمْلِكُ الأَمْرَ مِنْ نُجْحٍ وَإِخْفَاقِ
عَلَيَّ شَيْمُ الْغَوَادِي كُلَّمَا بَرَقَتْ= وما عَلى َّ إذا ضَنَّت بِرَقراقِ
فَلا يَعِبنِى حَسودٌ أن جَرى قَدَرٌ= فَلَيْسَ لِي غَيْرُ مَا يَقْضِيهِ خَلاَّقِي
أسلَمتُ نَفسِى لِمولًى لا يخيبُ لَهُ= راجٍ عَلى الدَهرِ ، والمولى هو الواقى
وهوَّن الخطبَ عندى أنَّني رجلٌ= لاَقٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا كُلُّ امْرِىء ٍ لاَقِي
يا قَلبُ صَبراً جَميلاً ، إنَّهُ قَدَرٌ= يَجرِى عَلى المَرءُ مِنْ أسرٍ وإطلاقِ
لا بُدَّ لِلضيقِ بَعدَ اليأسِ من فَرَجٍ= وكُلُّ داجِية ٍ يَوماً لإشراقِ

احسـاس انثى
14/09/2012, 01:14 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347562439.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347562439.png)

إِذَا افْتَقَرَ الْمَرْءُ اسْتَهَانَ بِفَضْلِهِ = ذَوُو قُرْبِهِ، وَاسْتَهْجَنَتْهُ الأَبَاعِدُ
فإن قالَ حقَّا كَذَّبوهُ ، وإن أبَى = مُجاراتَهُم فى الغى ِّ ؛ قالوا مُعانِدُ
فحُجَّتهُ مَطلولة ٌ ؛ وهى حقَّة ٌ = وَمَنْطِقُهُ مُسْتَكْرَهٌ، وَهْوَ قَاصِدُ
فحَافِظْ عَلَى ما نِلْتَ بِالسَّعْيِ مِنْ غِنًى = فَبِالْمَالِ لا بِالْفَضْلِ تَعْنُو الْمَقَاصِدُ

احسـاس انثى
14/09/2012, 01:25 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347575863.png



أتُرى الحمامَ ينوحُ من طربٍ معى = وَنَدَى الْغَمَامَة ِ يَسْتَهِلُّ لِمَدْمَعِي؟
مَا لِلنَّسِيمِ بَلِيلَة ٍ أَذْيَالُهُ؟ = أَتُرَاهُ مَرَّ عَلَى جَدَاوِلِ أَدْمُعِي؟
بل ما لِهذا البرقِ مُلتهِبَ الحشا ؟ = أَسَمَتْ إِلَيْهِ شَرَارَة ٌ مِنْ أَضْلُعِي؟
لم أدرِ هل شعرَ الزمانُ بِلوعتى = فرثى لَها ، أم هاجتِ الدُنيا مَعى ؟
فالغيثُ يَهمى رِقَّة ً لِصبابتى = وَالطَّيْرُ تَبْكِي رَحْمَة ً لِتَوَجُّعِي
خَطَرَاتُ شَوْقٍ، أَلْهَبَتْ بَجَوَانِحِي = نَاراً يَدِبُّ أَزِيزُهَا فِي مِسْمَعِي
وَجَوًى كَأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ، لَمْ يَدَعْ = لِلصَّبْرِ بَيْنَ مَقِيلِهِ مِنْ مَفْزَعِ
يأهلَ ذا النادى ! أليسَ بكم فتى ً = يَرثى لويلاتِ المشوقِ المولعِ ؟
أَبْكِي، فَيَرْحَمُنِي الْجَمَادُ، وَلاَ أَرَى = خِلاًّ يَرِقُّ إِلَى شَكَاتِي، أَوْ يَعِي
فإذا دَعوتَ بِصاحبٍ لم يَلتفِتْ = وإذا لجأتَ إلى أخٍ لم ينفَعِ
وَمِنَ الْعَجَائِبِ أَنَّنِي أَشْكُوُ الْهَوَى = والذنبُ لى فى كُلِّ ما أنا مُدَّعِى
قَدْ طَالَمَا يَا قَلْبُ قُلْتُ لَكَ احْتَرِسْ = أَرَأَيْتَ كَيْفَ يَخِيبُ مَنْ لَمْ يَسْمَعِ؟
أوقعتَ نَفسكَ فى حبائلِ خُدعة ٍ = لاَ تُسْتَقَالُ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ أَوْ دَعِ
يا ظبية المقياس ! هذا مَدمعى = فرِدِى ، وهذا روضُ قلبى فارتعى
إن كانَ لا يرضيكِ إلاَّ شِقوتى = فلقد بلغتِ مُناكِ مِنها ، فاقنَعى
أنا منكِ بينَ صبابة ٍ لاتنقضِى = أيَّامها ، وغواية ٍ لم تُقلعِ
فثِقى بِما تمليهِ ألسنة َ الهوى = وَهْيَ الدُّمُوعُ، فَحَقُّهَا لَمْ يُدْفَعِ
لاتحسبى قولى خديعة َ ماكرٍ = إِنَّ الْوَفِيَّ بعَهْدِهِ لَمْ يَخْدَعِ
إِنِّي لأَقْنَعُ مِنْ هَوَاكِ بنَظْرَة ٍ = وَأَعُدُّهَا صِلَة ً إِذَا لَمْ تَمْنَعِي
هَذِي مُنَايَ، وَحَبَّذَا لَوْ نلْتُهَا = عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَهْيَ أَكْبَرُ مُقْنِعِ

احسـاس انثى
14/09/2012, 02:50 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347574796.png



اجمل ماقيل في رثاء الأم الشاعر محمود سامي البارودي



D2XwJow2I8g

F:

أترى الحمام ينوح في طربا
V_Qn00SAick

F:

سردنيب
q4U4dBxrgLA

F:


محمود سامى البارودى فى النصيحة


4pHM5a2oRSU

F:


أبي أسحاق الحويني _ محمود سامي البارودي _ كل حي سيموت



0AVw0M2m72M

F:


هي الدار ما الانفاس الا نهائب لديها جديد.


kcaKzZdRSOk

احسـاس انثى
14/09/2012, 03:08 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/11345801684.png
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347580686.pnghttp://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/11347580686.pnghttp://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/41347580686.pnghttp://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/21347580686.pnghttp://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/31347580686.pnghttp://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/51347580686.png

احسـاس انثى
14/09/2012, 05:16 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347586980.png


http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347583441.jpg

الجزء الأول :
مختارات البارودى (http://go.3roos.com/4ltia9229nw)

الجزء الثاني :
ديوان البارودى (http://go.3roos.com/vo7qsm03bmq)

الجزء الثالث :
مختارات البارودى (http://go.3roos.com/9rrlc90zg3o)

الجزء الرابع :
مختارات البارودى (http://go.3roos.com/znoaer9rf7i)



بطاقة الكتاب
العنوان : مختارات البارودي .
المؤلف : محمود سامي البرودي .
تحقيق : مجموعة من الباحثين بإشراف د. محمد مصطفى هدارة .
دار النشر : مؤسسة جائز عبد العزيز سعود البابطين للإبداع الشاعري .
سنة الطبع : الطبعة الأولى (1992م - 1994م) .
نوع التغليف : أربعة مجلدات

احسـاس انثى
14/09/2012, 05:18 AM
F:



http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/31347581751.gif



كشف الغمة فى مدح سيد الامة (http://go.3roos.com/nn2zy6dbxb7)



بطاقة الكتاب



العنوان : كشف الغمة فى مدح سيد الامة

المؤلف : محمود سامي البارودي
دار النشر : مطبعة الجريدة ـ بسراي البارودي


سنة الطبع : مصر ١٣٢٧ هـ

احسـاس انثى
14/09/2012, 05:23 AM
F:









http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/41347581751.jpg (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/41347581751.jpg)















مختارات من شعر محمود سامى البارودى (http://go.3roos.com/sywb0fs7z7v)







بطاقة الكتاب :

العنوان : مختارات من شعر محمود سامي البارودي


المؤلف : محمود البارودي ، السماح عبدالله (http://go.3roos.com/59kybyzouhe)

دار النشر : الهيئة المصرية للكتاب

احسـاس انثى
14/09/2012, 05:31 AM
F:



http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/71347581751.jpg




ديوان البارودى (http://go.3roos.com/hx4uwwyx4iy)



بطاقة الكتاب :


عنوان الكتاب : ديوان البارودي .
المؤلف : محمود سامي البارودي
دار النشر : دار العودة
سنة الطبع : 1992

احسـاس انثى
14/09/2012, 05:35 AM
F:



ديوان البارودى (http://go.3roos.com/rzkqynwq3yg)




بطاقة الكتاب




العنوان : ديوان البارودي
المؤلف : محمود سامي البارودي
دار النشر : دار المعارف بمصر
سنة الطبع : 1972


(http://go.3roos.com/rzkqynwq3yg#)
F: (http://go.3roos.com/rzkqynwq3yg#)






المختار من شعر محمود سامى البارودى (http://go.3roos.com/yt4xjr5rgwd)





بطاقة الكتاب :




عنوان الكتاب : المختار من شعر محمود سامي البارودي
المؤلف : محمود سامي البارودي
دار النشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب
سنة الطبع :1996





F:





و للمزيد من الكتب و المؤلفات





:082: (http://go.3roos.com/swv8co4bu6u) موقع دار للكتب الإلكترونية . (http://go.3roos.com/pjq7xgegsfq) :082: (http://go.3roos.com/swv8co4bu6u)

احسـاس انثى
14/09/2012, 06:00 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347587034.png (http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347587034.png)







موقع أدب .. الموسوعة العالمية للشعر العربي محمود سامي البارودي

محمود سامي البارودي - ويكبيديا ، الموسوعة الحرة .
الثورة العرابية - ويكبيديا - الموسوعة الحرة .
كشف الغمة في مدح سيد الأمة - روح المساء .
كشف الغمة في مدح سيد الأمة - محمود سامي البارودي nwf.com
قلعة صلاح الدين ( المتحف الحربي ) الجزء الثاني - فتكات
صحيفة 26 سبتمبر - محمود سامي البارودي في ميزان النقد .
يحث في شعر محمود البارودي - شبكة الفصيح .
البارودي .. فارس السيف و القلم - mexat .
رثاء الزوجات في الشعر العربي قديما و حديثا - منتدى ازياء

شرح كشف الغمة في مدح سيد الامة .. الكاتب محمد فوزي حمزة

محمود سامي البارودي - ديوان العرب .
القصة السورية .. البارودي .بوابة الشعراء - بوابتك لعالم الشعر

الموسوعة العربية .

يوتيوب .
Rtbot .
موقع دار للكتب الإلكترونية .

احسـاس انثى
14/09/2012, 06:03 AM
http://www.3roos.com/files/ups/2012/392526/01347587447.png

yma a7tajk
07/10/2012, 08:09 PM
مشاركـة مميزة احساس أنثى ..
أشكرك المشاركة
وأتمنى لكِ التوفيق ..
وألف مبارك حصولك على الوسام ..
تم التقيم

• :032::f: