مشاهدة النسخة كاملة : أسامة بن منقذ
سرونة
14/08/2012, 06:04 PM
يا دهرُ، كم هذَا التَّفرُّ
يا دهرُ، كم هذَا التَّفرُّ ***** ق والتغرب والشتات
أبداً على سيرٍ كأَ ***** نِّي الشّمسُ، لَيس لها ثَباتُ
متقلقل العزمات كالـ ***** ـمطلوب أفرقه البيات
ناءٍ عن الأهلِينَ والأَ ***** ـأوطان والأتراب ماتوا
ولَبِئْسَ عيشُ المرءِ فَا ***** رقه الأحبة واللدات
فالإم أشقى بالبقا ***** ءِ، وكَمْ تُعذّبُني الحياة ُ
سرونة
14/08/2012, 06:04 PM
إلى الله أشكو روعتي ورزيتي
إلى الله أشكو روعتي ورزيتي ***** وحُرقة َ أحشائي لفقد أبي بَكرِ
خَلا نَاظِرِي مِنه، وكان سوادَه ***** ولم يخل من حزني ووجدي به صدري
خشيت عليه اليتم لكن ثكله ***** ولوعَتَه لم يخطُرا لي على فِكْرِ
فيا ليته لاقى الذي كنت أختشي ***** عليه وأني دونه صاحب القبر
فما في حياتِي بعدَه لِيَ رَاحة ٌ ***** فيا طول حزني إن تطاول بي عمري
ولم تُسْلِنِي الأيامُ عنه، وإنَّما ***** سلوي بما أرجو من الأجر في الصبر
سرونة
14/08/2012, 06:05 PM
أُعاتِبُ فيكَ الدّهرَ، لو أعتبَ الدّهرُ
أُعاتِبُ فيكَ الدّهرَ، لو أعتبَ الدّهرُ ***** وأستَنجِدُ الصَّبرَ الجميلَ، ولا صَبرُ
وأسأل عن نهج السلو وقد بدا ***** لَعينَيَّ، إلاَّ أنَّ مسلَكه وعرُ
وكيف التسلي والحوادث جمة ***** إذا ما انقضى أمر يسوء أتى أمر
رمَتِنيَ في عشْرِ الثَّمانِينَ نكبة ٌ ***** من الثكل يوهي حملها من له عشر
على حينَ أفْنَى الدَّهرُ قَومي، ولم تَزَلْ ***** لهم ذروة العلياء والعدد الدثر
إذا حاربُوا فالأُسدُ تحمي عرينها ***** وإن سالموا كان التبتل والذكر
تُبيحُ وتَحمِي منذ كَانت سيُوفُهم: ***** يُباحُ بها ثَغْرٌ، ويُحمى بها ثَغرُ
مَضَوْا، وانطَوَتْ دُنياهُمُ، وتَصَرَّمتْ ***** كأنَّهمُ ما عَمُروا، ولهَا نَشرُ
فلم يبق إلا ذكرهم وتأسفي ***** عليهم، ولَن يبقى التأسُّفُ، والذِّكرُ
وأصبحتُ لا آلُ يُلبُّون دعوتي ***** ولا وطنٌ آوِي إليه، ولا وفْرُ
كأني من غير التراب فليس لي ***** من الأرض ذات العرض دون الورى شبر
رُزئتُ أبَا بكرٍ، على شَغَفِي به ***** فيا لهفتا ماذا جني الحادث البكر
لِسبعٍ مَضتْ من عُمرِه، غالَه الرَّدى َ ***** وكنتُ أُرجّي أن يطولَ به العُمْرُ
وقلتُ: عتيقٌ من خُطوبِ زِمانِه ***** عتيقٌ بهذا يُخبرُ الفأْلُ والزّجْرُ
فعاجله قبل التمام حمامه ***** ولا عجبٌ، قد يُخْضَدُ الغُصُنُ النَّضْرُ
ويأمرني فيه الأخلاء بالأسى ***** وهيهات مالي بالأسى بعده خبر
يَقولون: كَم هَذا البكاءُ، ولو بَدَا ***** ضَميرُ الَّذي بي، رَقَّ لي، وبكَى الصّخرُ
وكنتُ أظنّ الدّمعَ يُبْرِدُ غُلَّتِي ***** إلى أن بَدا لي أنّ دمعَ الأسى جَمرُ
أبا بكر ما وجدي عليك بمنقض ***** طوال الليالي ما انقضى اليوم والشهر
أطلت علي الليل حتى كأنما ***** زماني ليل كله ماله فجر
وإنِّي لأسْتَدعِي الكَرى ، وهو نافرٌ ***** به من جُفوني أن يُلَّمِ بها ذُعر
لعل خيالاً منك يطرق مضجعي ***** فأشكو إليه ما رماني به الدهر
تمثلك الأفكار لي كل ليلة ***** وتؤنسني أشباهك الأنجم الزهر
إذا لج بي شوق أتيتك زائراً ***** فأرجعُ كالمخبولِ دلَّهَه السِّحرُ
وماالقُربُ من قبرٍ أجَنَّكَ نَافعي ***** إذا كان فيما بيننا للثرى ستر
أقولُ لنفسي، حينَ جدَّ نِزاعُها ***** عليك بحسن الصبر إن أمكن الصبر
ألسَنا بني الموتَى ، إليهم مآلُنا ***** بلا مِرْية ٍ، والفرعُ يَجذبُه النَّجْرُ
فنحن كسفر عرسوا ووراءهم ***** رِفاقٌ، إذا وافَوْهُمُ رحَل السَّفْرُ
من الأرض أنشئنا وفيها معادنا ***** ومنها يكون النشر والبعث والحشر
هي الأم لا بر لديها وردنا ***** إلى بطنها بعد الولاد هو البر
ثكول ولا دمع لها إثر هالك ***** وكلُّ رَقوبٍ ثاكلٍ دمعُها هَمْرُ
أضلَّ الورى حبُّ الحياة ِ، فحازِمٌ ***** خبيرٌ سواءٌ في الضَّلالة ِ والغِرُّ
فلا يأمنَنْ غَدْرَ الليالِيَ کمنٌ ***** وإن أمهلته إن إمهالها ختر
تُعيرُ، وبالقَسرِ العنيفِ ارتجاعُها ***** ولا خير في عاربة ردها القسر
ونحنُ عليها عاكِفُون، وليسَ في ***** مواهبها عقبى تسر ولا يسر
فما بالنا في سكرة من طلابها ***** ومنْ نَالها منَّا يَزِيْدُ به السُّكرُ
مضَى مَن مضَى مِمَّن حَبته، فأكثَرتْ ***** وراحته من كل ما جمعت صفر
وما نال أيام الحياة من الغنى ***** عن الفقر في يوم المعاد هو الفقر
يحاسب عن قطميره ونقيره ***** ولم يتبعه منه كثر ولا نزر
وهذا هو الخُسرُ المبينُ، فما لنا ***** حراص على أمر عواقبه خسر
وقد كان في آبائِنا زاجرٌ لنا ***** يبصرنا لو كان يردعنا الزجر
تفانَوْا، فبطنُ الأرضِ مِن بعدِ وحشَة ٍ ***** بهم آهِلٌ مَستأنِسٌ، وخلاَ الظَّهرُ
وقد دَرَستْ آثارُهم وقبورُهم ***** كما درسوا فيها فليس لها أثر
فهل ليَ في هَذِي المواعِط وَاعِظٌ ***** يُبرَدُ ما يُخفي من الكَمَدِ الصَّدرُ
يَحُثُّ على الصَّبرِ الجميلِ، فإنَّه ***** يُنالُ به حُسنُ المعُوضَة ِ والآجرُ
ومَن نَزعَت أيدي المنية ِ مِن يَدي ***** هو الذّخرُ لي، في يومِ يَنْفَعُنِي الذُّخْرُ
سرونة
14/08/2012, 06:05 PM
أزور قبرك مشتاقاً فيحجبني
أزور قبرك مشتاقاً فيحجبني ***** ماهيلَ فوقَك من تُربٍ وأحْجَارِ
فأثْنَيَ، ودُموعي مِن جَوَى كَبِدي ***** تَفيضُ، فاعجب لماءٍ فاضَ من نَارِ
سرونة
14/08/2012, 06:06 PM
تخرَّمَتِ الأيامُ أهلَ مودَّتِي
تخرَّمَتِ الأيامُ أهلَ مودَّتِي ***** فنَفْسِيَ عَن أُنْسِ المسَّراتِ ناشِزُ
وأُفرِدْتُ منهم، فارتياعِي لِفَقْدِهِم ***** كروعة ثكلى أوجعتها الجنائز
بَرَتْهُم كبَارى القوسِ، جَذّ الذي انحنى ***** عليها، إلى أَن نَالها وهي بَارِزُ
فقد أبرزتني للحوادث ليس لي ***** إذا مارَمَتْنِي حاجزٌ أو مُحاجِزُ
سرونة
14/08/2012, 06:06 PM
صَبرِي على فَقدِ إخواني وفُرْقَتِهمْ
صَبرِي على فَقدِ إخواني وفُرْقَتِهمْ ***** غدر وأجمل بي من صبري الجزع
تقاسمتهم نوى ً شطت بهم وردى ***** فالحي كالميت ما في قربه طمع
وأصبَحَتْ وحشَة ُ الغبراءِ دونَهمُ ***** من بعد أنسي بهم والشمل مجتمع
وعشت منفرداً منهم وأقسم ما ***** يكاد مُنفردٌ بالعيشِ يَنتفِعُ
سرونة
14/08/2012, 06:06 PM
وقفت على رسم ببيداء بلقع
وقفت على رسم ببيداء بلقع ***** خلي من النادي صموت إذا دعي
نَبتْ عنه عَيني، ثم قال لَها الهَوى : ***** هي الدَّارُ، فاستمرِي شئونَكِ، وادمَعي
ولا تنكري للدهر إخلاق جدة ***** وتشتيت ألاف وإيحاش مجمع
فللموتِ سُكَّانُ الديارِ، ولِلبلَى ***** منَازِلهُم، وشَملُهم للتَّصَدُّعِ
فصبراً فإن عزت نوائب دهرنا ***** وأحداثه حسن التصبر فاجزع
سرونة
14/08/2012, 06:07 PM
أزور قبرك والأشجان تمنعني
أزور قبرك والأشجان تمنعني ***** أن اهتَدي لطريقِي حينَ أنصرفُ
فما أرى غيرَ أحجارٍ مُنضَّدَّة ٍ ***** قَد احتوتْك، ومأْوَى الدُّرَّة الصدفُ
فأنثني لست أدري أين منقلبي ***** كأنني حَائرٌ في اللّيلِ مُعتَسِفُ
إن قصَّر العمرُ بي عن أَرى خَلفَاً ***** له، ففي الأَجرِ عند الله لي خَلَفُ
أقولُ للنّفِس إذ جد النِّزاعُ بِها ***** يا نفسُ ويْحِك ، أين الاهل والسلفُ
أليس هذا سبيل الخلق أجمعهم ***** وكلهم بورود الموت معترف
كم ذا التأسف أم كم ذا الحنين وهل ***** يرد من قد حواه قبره الأسف
سرونة
14/08/2012, 06:07 PM
أصبحت لا أشكو الخطوب وإنما
أصبحت لا أشكو الخطوب وإنما ***** أشكو زماناً لم يدع لي مشتكى
أفني أخلائي وأهل مودتي ***** وأباد إخوان الصفاء وأهلكا
عاشُوا براحَتِهم، ومِتُّ لِفقدهم ***** فعلَّي يَبكِي، لا عَلَيهم، من بَكَى
بقيتُ بعدَهُمُ كأَنِيّ حَائِرٌ ***** بمفَازَة ٍ، لم يلق فيها مَسْلَكَا
سرونة
14/08/2012, 06:07 PM
وسع صبري عن عتيق الأسى
وسع صبري عن عتيق الأسى ***** من بَعدِ ما ضاقَ بيَ المَسلَكُ
أسلمته إذ لم أجد لي يداً ***** بدفع من يطلب ما يملك
عاريَّة ً كان، وما كلُّ مَا ***** يُعارُ، يُستَقْنَى ، ويُستَمْلَكُ
أعارَه مُشترِطاً ردَّه ***** والشرط ما بين الورى أملك
سرونة
14/08/2012, 06:08 PM
كيف أنساك يا أبا بكر أم كي
كيف أنساك يا أبا بكر أم كيـ ***** ـف اصطباري ما عنك صبري جميل
أنت حيث اتجهت في أسودي عيـ ***** ـني وقلبي ممثل لا تزول
وعلامَ الأَسَى ؟ ونحن كَسَفْرٍ ***** بعضنا سائر وبعض نزول
عرَّس الأوَّلُون، والآخر التَّا ***** لِي إليهِمْ عما قليلٍ يئُولُ
وإلى حيثُ عرَّس السَّلفُ الأوَّ ***** ل ميعادنا ومنه القفول
سرونة
14/08/2012, 06:08 PM
أحدث عنك بالسلوان نفسي
أحدث عنك بالسلوان نفسي ***** وهل تسلو مولهة ثكول
إذا نَاجيتُها بالصَّبرِ حنَّتْ ***** كَما حنَّتْ إلى بَوٍّ عَجولُ
إذا نَظَرتْ إليه أنكرَتْهُ ***** وتَعطُفُها الصّبابة ُ والغَليلُ
ولي في الموتِ يأسٌ مُستبينٌ ***** ولكن حال وجدي لا تحول
أَحِنُّ إلى أبي بكرٍ، ومَا لِي ***** إلى رؤياه في الدنيا سبيل
فيا لله من يأسٍ مُبينٍ ***** يخالف حاله الصبر الجميل
يغالِبُنِي على عَقلِي حنينٌ ***** إليه، لا تُغَالِبُه العقولُ
فيُنِسينِي يقينَ اليأسِ منه ***** كما تنسي معاقرها الشمول
ويَلحَانِي العَذولُ، ولَيس يدري ***** بما أُخفِي من الكَمَدِ العَذولُ
إذا نامَ الخليُّ أراحَ همِّي ***** وأسهرَ ليلِيَ الحزنُ الدّخيلُ
كأن نجوم ليلي موثقات ***** فليست من أماكنها تزول
وما في الصُّبحِ لي رَوحٌ، ولكن ***** به يتعلل الدنف العليل
نهاري لا يلائمني سول ***** وليلي لا يفارقني العويل
سرونة
14/08/2012, 06:08 PM
لعمرك ما ينسيني الدهر روعتي
لعمرك ما ينسيني الدهر روعتي ***** بِفَقد أبي بكرٍ حَياتي، ولا يُسلِي
خَشيتُ عليه اليُتم بعدي، فَليتَنِي ***** رُميتُ بما أَخْشَى ، ولم أُرْمَ بالثُّكِل
فكل بعيد يرتجى جمع شمله ***** وبُعدُ المنايا غير مُجتَمِعِ الشَّمْل
سرونة
14/08/2012, 06:11 PM
حيا ربوعك من ربى ومنازل
حيا ربوعك من ربى ومنازل ***** ***** سَارِي الغَمامِ بكلِّ هامٍ هَامِل
وسقتك يا دار الهوى بعد النوى ***** وطَفاء تَسفَحُ باهتُون الهاطل
حتَّى تُروِّضَ كلَّ ماحٍ مَاحِلٍ ***** عاف وتروي كل ذاو ذابل
أبكِيك، أم أبِكى زماني فِيك، أم ***** أهلِيكِ، أم شَرخَ الشبابِ الرَّاحِل
ما قدرُ دَمعي أن يقسِّمَه الأسَى ***** والوجدُ بين أحبّة ٍ ومنازِل
أنفقته سرفاً وها أنا ماثل ***** في ماحلٍ، أبكي بجفَنٍ مَاحِل
وإذا فَزعتُ إلى العَزاءِ دعوتُ مَن ***** لا يستجيب ورمت نصرة خاذل
أين الظِّباءُ عهدتُهُنَّ كوَانِساً ***** بك في ظلال السمهري الذابل
النافرات من الأنيس تكرماً ***** والآنسات بكل ليث باسل
من كل مكروه اللقاء منازل ***** رحب الفناء لطارق أو نازل
متمنِّعٍ صعبٍ على أعدائه ***** سهل المقادة للخليل الواصل
عزوا على الدنيا وخالف فعلهم ***** أفعالَها، فبَغَتْهمُ بغَوائِلِ
حتَّى إذا اغتالَتْهُم بخطوبِها ***** ورمتهمُ بحوادِثٍ وزَلازِلِ
دَرَست منازِلُهم وأوْحَش مِنهُم ***** مأنوس أندية وعز محافل
واهاً لهم من عالم ومعالم ***** وَمُمنَّعاتِ عَقائِلٍ ومَعاقِل
كانوا شجى ً في صدر كل معاند ***** وقذى ً يجول بعين كل محاول
غوثاً لملهوف وملجا لاجيء ***** وجوارَ رَبّ جَرائرٍ وطَوائِل
ذهبُوا ذهابَ الأمسِ ما من مُخبرٍ ***** عنهم وزالوا كالظلال الزائل
وبقيتُ بعدهُمُ حليفَ كآبة ٍ ***** مستورة بتجمل وتحامل
سعدُوا براحَتِهم، وها أنَا بعدهم ***** في شَقوة ٍ تُضنِي، وهمٍّ دَاخِل
فاعجب لشقوة متعب بمقامه ***** من بعد أسرته وراحة راحل
دع ذا فأنت على الحوادث مروة ***** تلقَى الرّزايا عالماً كالجاهل
واصبر فما فيما أصابك وصمة ***** كل الورى غرض لسهم النابل
سرونة
14/08/2012, 06:12 PM
حمائم الأيك هيجتن أشجانا
حمائم الأيك هيجتن أشجانا ***** فليبك أصدقنا بثا وأشجانا
كم ذا الحنين على مر السنين أما ***** أفادكُنَّ قدِيمُ العهدِ نِسياناً
هل ذا العويل على غير الهديل وهل ***** فقيدكُن أعزُّ الخلقِ فقدانا
ما وجدُ صادحة ٍ في كلّ شارقة ٍ ***** تُرجّعُ النَّوحِ في الأفنان ألحانَا
كما وجدتُ على قَومي تخوَّنَهم ***** ريبُ المَنونِ ودهرٌ طَال ما خَانَا
إذا نهى الصبر دمعي عند ذكرهم ***** قال الأسى : فض وجد سحا وتهتانا
قالوا: تأس وما قالوا بمن وإذا ***** أفردتُ بالرزء ما أنفك أسوانا
ما حدثتني بالسلوان بعدهم ***** نَفسي، ولا حانَ سُلوانِي ولا کنَا
ما استدرج الموت قومي في هلاكهم ***** ولا تخرَّمَهمْ مَثْنى ووُحدانَا
فكنت أصبر عنهم صبر محتسب ***** وأحمل الخطب فيهم عز أو هانا
وأقتدي بالورى قبلي فكم فقدوا ***** أخاً، وكم فارقُو أهلاً وجيرانَا
لكن سقب المنايا وسط جمعهم ***** رغا فخروا على الأذقان إذعانا
وفاجأتهم من الأيام قارعة ***** سقتهم بكؤوس الموت ذيفانا
ماتُوا جميعاً كَرجعِ الطَّرِف، وانقرضُوا ***** هل ما ترى تارك للعين إنسانا
أعزز علي بهم من معشر صبر ***** عند الحفيظة إن ذو لوثة لانا
لم يترك الدهرُ لي من بعدِ فقدِهمُ ***** قلباً أُجشِّمُه صبراً وسُلوانَا
فلو رأوني لقالوا: مات أسعدنا ***** وعاشَ للهمِّ والأحزانِ أشقانَا
لم يترك الموتُ منهم من يُخبرِّني ***** عنهم فيوضح ما لاقوه تبيانا
بادُوا جميعاً، وما شَادُوا، فوا عجباً ***** للخطب أهلك عماراً وعمرانا
هذي قصورهم أمست قبورهم ***** كذاكَ كانوا بها من قبلُ سُكَّانَا
ويح الزلازل أفنت معشري فإذا ***** ذكرتُهم، خِلتُنِي في القوم سَكرانَا
بَنِي أبِي، إن تَبيدُوا، أن عَدا زَمنٌ ***** عليكم دون هذا الخلق عدوانا
فلن يَبيدَ جوَى قَلبي ولا كَمَدِي ***** عليكم أو يبيد الدهر ثهلانا
أفسدتم عمري الباقي علي فما ***** أنفك فيه كئيب القلب ولهانا
أُفردتُ منكمُ، وما يَصفُو لمنفردٍ ***** عيش ولو نال من رضوان رضوانا
فليتني معهم أوليت أنهم ***** بقوا وما بيننا باق كما كانا
لقيتُ منهم تبَاريحَ العُقوقِ، كَما ***** لقيتُ من بَعدهِم همّاً وأحزَانَا
لولا شَماتُ الأَعادي عند ذكرِهِمُ ***** لغادرت أدمعي في الأرض غدرانا
أَرُدُّ فَيضَ دُموعي في مَسالِكِها ***** فتستحيل مياه الدمع نيرانا
لا ألتقي الدهر من بعد الزلازل ما ***** بقيت إلا كسير القلب حيرانا
أخنت على معشري الأدنين فاصطلمت ***** منهم كهولاً، وشبّانا، ووِلدانَا
كم رامَ ما أدركتْهُ منهمُ مَلِكٌ ***** فعاد باليأس مما رام لهفانا
لم يحمهم حصنهم منها ولا رهبت ***** بأساً تَناذَرَه الأقرانُ أزمانَا
أتَاهُم قَدرٌ لم يُنْجِهم حذرٌ ***** منه، وهل حَذرٌ مُنجٍ لمن حَانَا
إن أقفرت شيزر منهم فهم جعلوا ***** منيعَ أسوارِهَا بيضاً وخُرصاناً
هم حموها فلو شاهدتها وهم ***** بها، لشاهدتَ آساداً وخَفَّانَا
كانوا لمن خاف ظلماً أو سطا ملك ***** كهَفاً، وللجانِي المطلوبِ جِيرانَا
عَلَوْا بمجدِهمُ سيفَ بنَ ذي يَزَنٍ ***** كما علت شيزر في العز غمدانا
كانوا ملاذاً لأيتام وأرملة ***** وبائس فاقد أهلاً وأوطانا
إذا أتيتَهمُ ألفيتَ شطرَهُم ***** مسترفدين وزواراً وضيفانا
تراهُمُ في الوغَى أُسداً، ويومَ نَدى ً ***** غيثاً هتوناً، وفي الظلماء رهبانَا
حاولت كتمان بثي بعد فقدهم ***** فلم يطق قلبي المحزون كتمانا
لعل من يعرف الأمر الذي بعدت ***** بَعدَ التَّصاقُبِ من جرَّاهُ دَارانَا
يقولُ بالظَّنِّ، إذ لم يَدر ما خُلقِي ***** ولا محافظتي من حان أو بانا
أسامة لم يسؤه فقد معشره ***** كم أوغرُوا صَدرَه غيظاً وأضغاناً
وما درَى أنَّ في قلبِي لفقدِهمُ ***** ناراً تلظى وفي الأجفان طوفانا
بنو أبي وبنو عمي دمي دمهم ***** وإن أروني مناواة ً وشنآنا
كانوا جناحي فحصته الخطوب وإخـ ***** ـي، فلم تُبقِ لِي الأيّامُ إخوانَا
كانوا سيوفي إذا نازلت حادثة ***** وجنتي حين ألقى الخطب عريانا
بهم أصولُ على الأمرِ المهولِ، إذَا ***** عرا وألقى عبوس الدهر جذلانا
فكيف بالصبر لي عنهم وقد نظموا ***** دمعي على فقدهم درا ومرجانا
يطيب النفس عنهم أنهم رحلوا ***** وخلَّفونِي على الآثارِ عَجلانَا
سقى ثرى أودعوه رحمة ً ملأت ***** مثوى قبورهم روحا وريحانا
وألبس الله هاتيك العظام وإن ***** بلين تحت الثرى عفواً وغفرانا
سرونة
14/08/2012, 06:12 PM
حسبي من العيش كم لاقيت فيه أذى
حسبي من العيش كم لاقيت فيه أذى ً ***** أَقَلُّه فقدُ أترابِي وخُلاَّنِي
لم يَبقَ لي مُشتكَى بثٍّ أحملُه ***** همِّي، ولا مَنْ إذا استصرختُ لبَّانِي
وصُمَّ عنِّي صدَى صوتي، وأفردَنِي ***** ظلِّي، وملَّ الكَرَى والطيفُ غِشيانِي
وما نظرت إلى ما كان يبهجني ***** إلا شجاني وآساني وأبكاني
سرونة
14/08/2012, 06:13 PM
ناحت فباحت في فروع البان
ناحت فباحت في فروع البان ***** عن لوعتي وعن جَوَى أحْزانِي
بخيلة العينين بالدمع ولي ***** عين تجود بالنجيع القاني
إذا دعت أجبتها بروعة ***** وُرقٌ تداعت في ذُرا الأغصانِ
أحببت قوماً وإفراط الهوى ندم
وحسرتي أن الزمان غال من ***** كنت إذا دعوته لباني
يزَيدُ هوى َ ليلَى رضَاها، وعتبُها
وللشَّوقِ منهَا، ما دعاها إجابة ٌ
هيَ اليومَ شَتَّى ، وهيَ أَمْسِ جَميعُ
وإنَّ مُروري، لا أكّلمُ أهله
وكم أضاعوا مواثيق الهوى ورعت
أسائقَهَا للبينِ وهوَ عَجُولُ
ألا قلما تصفو مع البين عيشة
حرمت ما كنت أرجو: من ودادهم ***** ما الرزق إلا الذي تجري به القسم
هَوًى في عَفَافٍ لم تُدنِّسْهُ ريبة ُ
وما كل أسباب الغرام تقوده
كأن على أنيابها الخمر شابها ***** عن البلدِ النّائِي المخوفِ نَزِيعُ
حملْنَ وُجُوهاً في الخدورِ أَعِزَّة ً
فَهُنَّ عَلَى جَوْر الغَرامِ وعَدْلِهِ
لبانة نفس مستمر عناؤها
بلغ أميري معين الدين مألكة ً ***** من نازح الدار لكن وده أمم
مَلِلْتِ، فَمَا تُدُنِي إليك شَفَاعَة ٌ
أَهلَّة ُ بيدٍ، والأَهِلَّة ُ فَوْقَها
أَلاَ قَلَّما تصفُو مع البينِ عيشة ٌ
هل في القضية يا من فضل دولته ***** لِمَنْ طالعاتٌ في السَّرابِ أُفولُ
أُقَلِّبُ في عِرفَانِها النّاظرَ القذِي
وأقنع منها بالخيال إذا سرى ***** كمَا شِيمُ مِنْ أعْلَى السُّحابة ِ بَارِق
ويعجبني منها بزخرفها الكرى
فلم أرق ولم أفرق لبغيهم
لكن ثقاتك ما زالوا بغشهم ***** حتى استوت عندك الأنوار والظلم
وما كلُّ أسبابِ الغَرامِ تقوده
والنقص في دينهم أو في عبارتهم
عياءٌ على مرِّ الليالِي دواؤها
ولم تمر بفكري خجلة الندم
يأوي إلى حسن عهد منك ما ابتذلا
وباكٍ بما جرَّ الفراقُ جَهُولُ
عذر فماذا جنى الأطفال والحرم
وقد تُعْرَفُ الآثارُ، وهي محُوُلُ ***** رضا عداً يسخط الرحمن فعلهم
وفي الخِدرِ بدرٌ آفلٌ، لا يَريمُه
وتَرغُو، وفي طُولِ الرُّغاءِ غَلِيلُ
وما أنتِ يا ظمياءُ إلا بَرَاعَة ٌ
أخفوا من الغل ما أخفوه ثم علن
دعانَا الهوى َ واستوقَفَتْنَا المَعَارفُ
يزيدُ إذا هبَّ النَّسيمُ وَقُودُه
هل فيهم رجل يغني غناي إذا
لكن رأيك أدناهم وأبعدني ***** فليت أنا بقدر الحب نقتسم
لما خلطت يقين الود بالشبه
ورَوْعَة َ شَوْقٍ للحشَا مُسْتَفِزّة ً
فهنَّ صَحيحاتُ النّواظر حولُ
asma_59
04/11/2012, 06:38 PM
الف مبروك اختي سرونه واختيار موفق وتستاهلي الفوز