مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر عنتره بن شداد ♥
فوح الخزامى
27/05/2012, 04:58 PM
عنترة بن شدّاد العبسي
http://upload.wikimedia.org/wikipedia/commons/5/5b/Antarah_ibn_Shaddad_%26_Abla.jpg (http://go.3roos.com/qw3ek8pmjqn)
هو عنترة بن عمرو بن شدّاد بن عمرو... بن عبسي بن بغيض، وأمّا شدّاد فجدّه لأبيه في رواية لابن الكلبي، غلب على اسم أبيه فنسب إليه، وقال غيره: شدّاد عمّه، وكان عنترة نشأ في حجره فنسب إليه دون أبيه، وكان يلقّب بـ (عنترة الفلحاء) لتشقّق شفتيه. وانّما ادّعاه أبوه بعد الكبر، وذلك لأنّه كان لأمة سوداء يقال لها زبيبة، وكانت العرب في الجاهلية إذا كان للرجل منهم ولد من اُمّه استعبده.
وكان سبب ادّعاء أبي عنترة إيّاه أنّ بعض أحياء العرب أغاروا على قوم من بني عبس، فتبعهم العبسيّون فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم، وعنترة فيهم، فقال له أبوه أو عمّه في رواية اُخرى: كرّ يا عنترة، فقال عنترة: العبد لا يحسِن الكرّ، إنّما يحسن الحلاب والصرّ، فقال: كرّ وأنت حرّ، فكرّ وقاتل يومئذ حتّى استنقذ ما بأيدي عدوّهم من الغنيمة، فادّعاه أبوه بعد ذلك، وألحق به نسبه.
كان شاعرنا من أشدّ أهل زمانه وأجودهم بما ملكت يده، وكان لا يقول من الشعر إلاّ البيتين والثلاثة حتّى سابّه رجل بني عبس فذكر سواده وسواد اُمّه وسواد اُخوته، وعيّره بذلك، فقال عنترة قصيدته المعلّقة التي تسمّى بالمذهّبة وكانت من أجود شعره: هل غادر الشعراء من متردّمِ .
وكان قدشهد حرب داحس والغبراء فحسن فيها بلاؤه وحمد مشاهده.
أحبّ ابنة عمّه عبلة حبّاً شديداً، ولكنّ عمّه منعه من التزويج بها. وقد ذكرها في شعره مراراً وذكر بطولاتها أمامها، وفي معلّقته نماذج من ذلك.
وقد ذكر الأعلم الشنتمري في اختياراته من أشعار الشعراء الستة الجاهليين أنّ النبي(صلى الله عليه وآله) حينما أنشد هذا البيت :
ولقدابيتُ على الطوى وأظله حتى أنال به كريمالمأكلِ
قال(صلى الله عليه وآله): ما وصف لي أعرابي قط، فأحببتُ أن أراه إلاّ عنترة .
فوح الخزامى
28/05/2012, 07:59 AM
http://www.alhoussainy.net/alhoussainy/ctrl/pics/241ANTAR-Document-4A.jpg (http://go.3roos.com/9d232xkjqig)
قيل إن أباه شدّاد نفاه مرّة ثم اعترف به فألحق بنسبه. قال أبو الفرج: كانت العرب تفعل ذلك، تستبعد بني الإماء، فإن أنجب اعترفت به وإلا بقي عبداً. أما كيف ادّعاه أبوه وألحقه بنسبه، فقد ذكره ابن الكلبي فقال: وكان سبب ادّعاء أبي عنترة إياه أنّ بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فأصابوا منهم واستاقوا إبلاً، فتبعهم العبسيّون فلحقوهم فقاتلوهم عمّا معهم وعنترة يومئذ بينهم. فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال عنترة: العبد لا يحسن الكرّ، إنما يحسن الحلابَ والصرّ. فقال: كرّ وأنت حرّ فكرّ عنترة وهو يقول:
أنا الهجينُ عنتَرَه- كلُّ امرئ يحمي حِرَهْ
أسودَه وأحمرَهْ- والشّعَراتِ المشعَرَهْ
الواردات مشفَرَه
ففي ذلك اليوم أبلى عنترة بلاءً حسناً فادّعاه أبوه بعد ذلك والحق به نسبه. وروى غير ابن الكلبي سبباً آخر يقول: إن العبسيين أغاروا على طيء فأصابوا نَعَماً، فلما أرادوا القسمة قالوا لعنترة: لا نقسم لك نصيباً مثل أنصبائنا لأنك عبد. فلما طال الخطب بينهم كرّت عليهم طيء فاعتزلهم عنترة وقال: دونكم القوم، فإنكم عددهم. واستنقذت طيء الإبل فقال له أبوه: كرّ يا عنترة. فقال: أو يحسن العبدُ الكرّ فقال له أبوه: العبد غيرك، فاعترف به، فكرّ واستنقذ النعم.
وهكذا استحق عنترة حرّيته بفروسيته وشجاعته وقوة ساعده، حتى غدا باعتراف المؤرخين حامي لواء بني عبس، على نحو ما ذكر أبو عمرو الشيباني حين قال: غَزَت بنو عبس بني تميم وعليهم قيس بن زيهر، فانهزمت بنو عبس وطلبتهم بنو تميم فوقف لهم عنترة ولحقتهم كبكبة من الخيل فحامى عنترة عن الناس فلم يُصَب مدبرٌ. وكان قيس بن زهير سيّدهم، فساءه ما صنع عنترة يومئذ، فقال حين رجع: والله ما حمى الناس إلا ابن السّوداء. فعرّض به عنترة، مفتخراً بشجاعته ومروءته:
إنيّ امرؤٌ من خيرِ عَبْسِ منصِباً- شطْرِي وأَحمي سائري بالمُنْصُلِ
وإذا الكتيبة أحجمت وتلاحظتْ- ألفيت خيراً من مُعٍِّم مُخْوَلِ
والخيلُ تعلمُ والفوارسُ أنّني- فرّقتُ جمعَهُم بضربةِ فيصلِ
إن يُلْحَقوا أكرُرْ وإن يُسْتَلْحموا- أشدُد وإن يُلْفوا بضنْكٍ أنزلِ
حين النزولُ يكون غايةَ مثلنا- ويفرّ كل مضلّل مُسْتوْهِلِ
وعنترة- كما جاء في الأغاني- أحد أغربة العرب، وهم ثلاثة: عنترة وأمه زبيبة، وخُفاف بن عُميْر الشّريدي وأمّه نُدْبة، والسّليك بن عمير السّعْدي وأمه السليكة.
ومن أخبار عنترة التي تناولت شجاعته ما جاء على لسان النضر بن عمرو عن الهيثم بن عدي، وهو قوله: "قيل لعنترة: أنت أشجعُ العرب وأشدّه قال: لا. قيل: فبماذا شاع لك في هذا الناس قال: كنت أقدمُ إذا رأيت الإقدام عزْماً، وأحجم إذا رأيت الإحجام حزماً ولا أدخل إلا موضعاً أرى لي منه مخرجاً، وكنت أعتمد الضعيف الجبان فأضربه الضربة الهائلة يطيرُ لها قلب الشجاع فأثنّي عليه فأقتله".
وعن عمر بن الخطاب أنه قال للحطيئة: كيف كنتم في حربكم قال: كنا ألف فارس حازم. وقال: وكيف يكون ذلك قال: كان قيس بن زهير فينا وكان حازماً فكنّا لا نعصيه. وكان فارسنا عنترة فكنا نحمل إذا حمل ونحجم إذا أحجم. وكان فينا الربيع بن زياد وكان ذا رأي فكنا نستشيره ولا نخالفه. وكان فينا عروة بن الورد، فكنا نأتمّ بشعره. فكنا كما وصفت لك. قال عمر: صدقت
فوح الخزامى
31/05/2012, 08:01 AM
http://30.media.tumblr.com/tumblr_lzf5ww39Je1qbjbzho1_500.jpg (http://go.3roos.com/bzgwgkagpq5)
معلقته الشهيره
هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاءُ مِنْ مُتَـرَدَّمِ أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ
أَعْيَاكَ رَسْمُ الدَّارِ لَمْ يَتَكَلَّـمِ حَتَّى تَكَلَّمَ كَالأَصَـمِّ الأَعْجَـمِ
وَلَقَدْ حَبَسْتُ بِهَا طَوِيلاً نَاقَتِي أَشْكُو إلى سُفْعٍ رَوَاكِدِ جثَّـمِ
يَا دَارَ عَبْلَـةَ بِالجَوَاءِ تَكَلَّمِي وَعِمِّي صَبَاحَاً دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي
دَارٌ لآنِسَةٍ غَضِيْضٍ طَرْفُـهَا طَوْعَ العِناقِ لذيـذةِ المُتَبَسَّـمِ
فَوَقَفْتُ فِيهَا نَاقَتِي وَكَأنَّـهَا فَدَنٌ لأَقْضِي حَاجَـةَ المُتَلَـوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبْلَـةُ بِالجَـوَاءِ وَأَهْلُنَـا بِالْحَـزْنِ فَالصَّمَـانِ فَالمُتَثَلَّـمِ
حُيِّيْتَ مِنْ طَلَلٍ تَقادَمَ عَهْدُهُ أَقْوَى وَأَقْفَـرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَـمِ
حَلَّتْ بِأَرْضِ الزَّائِرِينَ فَأَصْبَحَتْ عَسِرَاً عَلَيَّ طِلاَبُكِ ابْنَـةَ مَخْرَمِ
عُلِّقْتُهَا عَرَضَاً وَاقْتُـلُ قَوْمَهَا زَعْمَاً لَعَمْرُ أَبِيكَ لَيْسَ بِمَزْعَـمِ
وَلَقَدْ نَزَلْتِ فَلا تَظُنِّـي غَيْرَهُ مِنِّي بِمَنْزِلَـةِ المُحِبِّ المُكْـرَمِ
كَيْفَ المَزَارُ وَقَدْ تَرَبَّعَ أَهْلُهَـا بِعُنَيْـزَتَيْـنِ وَأَهْلُنَـا بِالغَيْلَـمِ
إِنْ كُنْتِ أزْمَعْتِ الفِرَاقَ فَإِنَّمَا زُمَّتْ رِكَابُكُم بِلَيْـلٍ مُظْلِـمِ
مَا رَاعَني إلاَّ حَمُولَـةُ أَهْلِهَـا وَسْطَ الدِّيَارِ تَسَفُّ حَبَّ الخِمْخِمِ
فِيهَا اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُـونَ حَلُوبَـةً سُودَاً كَخَافِيَـةِ الغُرَابِ الأَسْحَمِ
إذْ تَسْتَبِيْكَ بِذِي غُرُوبٍ وَاضِحٍ عَذْبٍ مُقَبَّلُـهُ لَذِيـذِ المَطْعَـمِ
وَكَأَنَّمَا نَظَرَتْ بِعَيْنَيْ شَـادِنٍ رَشَـأٍ مِنَ الْغِزْلانِ لَيْسَ بِتَـوْأَمِ
وَكَأَنَّ فَأْرَةَ تَاجِـرٍ بِقَسِيْمَـةٍ سَبَقَتْ عوَارِضَهَا إِلَيْكَ مِنَ الْفَـمِ
أَوْ رَوْضَةً أُنُفَاً تَضَمَّنَ نَبْتَهَـا غَيْثٌ قَلِيلُ الدِّمْنِ لَيْسَ بِمُعْلَـمِ
جَادَتْ عَلَيْـهِ كُلُّ عَيْـنٍ ثَـرَّةٍ فَتَرَكْنَ كُـلَّ حَدِيقَةٍ كَالدِّرْهَـمِ
سَحَّاً وَتَسْكَابَاً فَكُلُّ عَشِيَّـةٍ يَجْرِي عَلَيْهَا المَاءُ لَمْ يَتَصَـرَّمِ
وَخَلاَ الذُّبَابَ بِـهَا فَلَيْسَ بِبَارِحٍ غَرِدَاً كَفِعْلِ الشَّـارِبِ المُتَرَنِّـمِ
هَزِجَاً يَحُكُّ ذِرَاعَـهُ بِذِرَاعِـهِ قَدْحَ المُكِبِّ عَلَى الزِّنَادِ الأَجْـذَمِ
تُمْسِي وَتُصْبِحُ فَوْقَ ظَهْرِ حَشِيَّةٍ وَأََبِيتُ فَوْقَ سَرَاةِ أدْهَمَ مُلْجَـمِ
وَحَشِيَّتِي سَرْجٌ عَلَى عَبْلِ الشَّوَى نَهْدٍ مَرَاكِلُـهُ نَبِيـلِ المَحْـزِمِ
هَلْ تُبْلِغَنِّي دَارَهَـا شَدَنِيَّـةٌ لُعِنَتْ بِمَحْرُومِ الشَّرَابِ مُصَـرَّمِ
خَطَّارَةٌ غِبَّ السُّـرَى مَـوَّارَةٌٌ تَطِسُ الإِكَامَ بِذَاتِ خُـفٍّ مِيْثَـمِ
وَكَأَنَّمَا أَقِصَ الإِكَامَ عَشِيَّـةً بِقَرِيبِ بَيْنَ المَنْسِمَيْـنِ مُصَلَّـمِ
تَأْوِي لَـهُ قُلُصُ النَّعَامِ كَمَا أَوَتْ حِزَقٌ يَمَانِيَـةٌ لأَعْجَمَ طِمْطِـمِ
يَتْبَعْنَ قُلَّـةَ رَأْسِـهِ وَكَأَنَّـهُ حِدْجٌ عَلَى نَعْشٍ لَهُنَّ مُخَيَّـمِ
صَعْلٍ يَعُودُ بِذِي العُشَيرَةِ بَيْضَهُ كَالعَبْدِ ذِي الفَرْوِ الطَّوِيلِ الأَصْلَمِ
شَرِبَتْ بِمَاءِ الدُّحْرُضَيْنِ فَأَصْبَحَتْ زَوْرَاءَ تَنْفِرُ عَنْ حِيَاضِ الدَّيْلَـمِ
وَكَأَنَّمَا تَنْأَى بِجَانِبِ دَفِّهَا الـ وَحْشِيِّ مِنْ هَزِجِ العَشِيِّ مُـؤَوَّمِ
هِرٍّ جَنِيبٍ كُلَّمَا عَطَفَتْ لَـهُ غَضَبْى اتَّقَاهَا بِاليَدَيْـنِ وَبِالفَـمِ
أَبْقَى لَهَا طُولُ السِّفَارِ مُقَرْمَدَاً سَنَـدَاً وَمِثْلَ دَعَائِـمِ المُتَخَيِّـمِ
بَرَكَتْ عَلَى مَاءِ الرِّدَاعِ كَأَنَّمَا بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وَكَأَنَّ رُبَّـاً أَوْ كُحَيْلاً مُعْقَدَاً حَشَّ الوَقُـودُ بِـهِ جَوَانِبَ قُمْقُمِ
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ زَيَّافَـةٍ مِثْلَ الفَنِيـقِ المُكْـدَمِ
إِنْ تُغْدِفِي دُونِي القِنَاعَ فإِنَّنِي طِبٌّ بأخذِ الفَـارسِ الْمُسْتَلْئِـمِ
أَثْنِي عَلَيَّ بِمَا عَلِمْتِ فَإِنَّنِـي سَمْحٌ مُخَالَقَتِي إِذَا لَمْ أُظْلَـمِ
فَإِذَا ظُلِمْتُ فَإِنَّ ظُلْمِي بَاسِـلٌ مُـرٌّ مَذَاقَتُـهُ كَطَعْمِ العَلْقَـمِ
وَلَقَدْ شَرِبْتُ مِنَ المُدَامَةِ بَعْدَمَـا رَكَدَ الهَوَاجِرُ بِالمَشُوفِ المُعْلَـمِ
بِزُجَاجَةٍ صَفْرَاءَ ذَاتِ أَسِـرَّةٍ قُرِنَتْ بِأَزْهَرَ في الشِّمَالِ مُفَـدَّمِ
فَإِذَا شَرِبْتُ فإِنَّنِـي مُسْتَهْلِـكٌ مَالِي وَعِرْضِي وَافِرٌ لَمْ يُكْلَمِ
وَإِذَا صَحَوْتُ فَمَا أُقَصِّرُ عَنْ نَدَىً وَكَمَا عَلِمْتِ شَمَائِلِي وَتَكَرُّمِـي
وَحَلِيلِ غَانِيَةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً تَمْكُو فَريصَتُهُ كَشِدْقِ الأَعْلَـمِ
سَبَقَتْ يَدايَ لَـهُ بِعَاجِلِ طَعْنَـةٍ وَرَشَاشِ نَافِـذَةٍ كَلَوْنِ العَنْـدَمِ
هَلاَّ سَأَلْتِ الخَيْلَ يَا ابْنَةَ مَالِكٍ إِنْ كُنْتِ جَاهِلَـةً بِمَا لَمْ تَعْلَمِي
إِذْ لا أَزَالُ عَلَى رِحَالةِ سَابِحٍ نَهْـدٍ تَعَاوَرُهُ الكُمَاةُ مُكَلَّـمِ
طَوْرَاً يُجَـرَّدُ لِلطِّعَانِ وَتَـارَةً يَأْوِي إلى حَصِدِ القِسِيِّ عَرَمْرِمِ
يُخْبِرْكِ مَنْ شَهِدَ الوَقِيعَةَ أَنَّنِـي أَغْشَى الوَغَى وَأَعِفُّ عِنْدَ المَغْنَمِ
وَلَقَدْ ذَكَرْتُكِ وَالرِّمَاحُ نَوَاهِلٌ مِنِّي وَبِيضُ الْهِنْدِ تَقْطُرُ مِنْ دَمِي
فَوَدِدْتُ تَقْبِيلَ السُّيُـوفِ لأَنَّهَا لَمَعَتْ كَبَارِقِ ثَغْرِكِ الْمُتَبَسِّـمِ
وَمُدَّجِـجٍ كَرِهَ الكُمَاةُ نِزَالَـهُ لا مُمْعِنٍ هَرَبَاً وَلاَ مُسْتَسْلِـمِ
جَادَتْ لَـهُ كَفِّي بِعَاجِلِ طَعْنَـةٍ بِمُثَقَّفٍ صَدْقِ الكُعُوبِ مُقَـوَّمِ
بِرَحِيبَةِ الفَرْغَيْنِ يَهْدِي جَرْسُهَـا باللَّيْلِ مُعْتَسَّ الذِّئَـابِ الضُّـرَّمِ
فَشَكَكْتُ بِالرُّمْحِ الأَصَمِّ ثِيَابَـهُ لَيْسَ الكَرِيمُ عَلَى القَنَا بِمُحَـرَّمِ
فَتَرَكْتُـهُ جَزَرَ السِّبَاعِ يَنُشْنَـهُ يَقْضِمْنَ حُسْنَ بَنَانِـهِ وَالمِعْصَـمِ
ومِشَكِّ سَابِغَةٍ هَتَكْتُ فُرُوجَهَا بِالسَّيْفِ عَنْ حَامِي الحَقِيقَةِ مُعْلِمِ
رَبِذٍ يَدَاهُ بِالقِـدَاحِ إِذَا شَتَـا هَتَّـاكِ غَايَاتِ التِّجَـارِ مُلَـوَّمِ
لَمَّا رَآنِي قَـدْ نَزَلْتُ أُرِيـدُهُ أَبْدَى نَواجِـذَهُ لِغَيرِ تَبَسُّـمِ
فَطَعَنْتُـهُ بِالرُّمْحِ ثُمَّ عَلَوْتُـهُ بِمُهَنَّدٍ صَافِي الحَدِيدَةِ مِخْـذَمِ
عَهْدِي بِـهِ مَـدَّ النَّهَارِ كَأَنَّمَا خُضِبَ البَنَانُ وَرَأُسُـهُ بِالعِظْلِـمِ
بَطَلٍ كَأَنَّ ثِيَابَـهُ في سَرْحَـةٍ يُحْذَى نِعَالَ السِّبْتِ ليْسَ بِتَوْأَمِ
يَا شَاةَ قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَـهُ حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَهَا لَمْ تَحْـرُمِ
فَبَعَثْتُ جَارِيَتي فَقُلْتُ لَهَا اذْهَبِي فَتَجَسَّسِي أَخْبَارَهَا لِيَ واعْلَمِي
قَالَتْ : رَأَيْتُ مِنَ الأَعَادِي غِرَّةً وَالشَّاةُ مُمْكِنَـةٌ لِمَنْ هُو مُرْتَمِ
وَكَأَنَّمَا التَفَتَتْ بِجِيدِ جَدَايَـةٍ رَشَأٍٍ مِنَ الغِزْلانِ حُـرٍّ أَرْثَـمِ
نُبِّئْتُ عَمْرَاً غَيْرَ شَاكِرِ نِعْمَتِي وَالكُفْرُ مَخْبَثَـةٌ لِنَفْسِ المُنْعِـمِ
وَلَقَدْ حَفِظْتُ وَصَاةَ عَمِّي بِالضُّحَى إِذْ تَقْلِصُ الشَّفَتَانِ عَنْ وَضَحِ الفَمِ
في حَوْمَةِ الْمَوْتِ التي لا تَشْتَكِي غَمَرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ
إِذْ يَتَّقُونَ بِيَ الأَسِنَّةَ لَمْ أَخِـمْ عَنْهَا وَلَكنِّي تَضَايَـقَ مُقْدَمي
ولقَدْ هَمَمْتُ بِغَارَةٍ في لَيْلَـةٍ سَوْدَاءَ حَالِكَـةٍ كَلَوْنِ الأَدْلَـمِ
لَمَّا سَمِعْتُ نِدَاءَ مُـرَّةَ قَدْ عَلاَ وَابْنَيْ رَبِيعَةَ في الغُبَارِ الأَقْتَـمِ
وَمُحَلِّمٌ يَسْعَـوْنَ تَحْتَ لِوَائِهِمْ وَالْمَوْتُ تَحْتَ لِوَاءِ آلِ مُحَلِّمِ
أَيْقَنْتُ أَنْ سَيَكُون عِنْدَ لِقَائِهِمْ ضَرْبٌ يُطِيرُ عَنِ الفِرَاخِ الجُثَّـمِ
لَمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ يَتَذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ
يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّـهَا أَشْطَانُ بِئْـرٍ في لَبَانِ الأَدْهَـمِ
مَا زِلْتُ أَرْمِيهُمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ وَلَبَانِـهِ حَتَّى تَسَرْبَـلَ بِالـدَّمِ
فَازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنَا بِلَبَانِـهِ وَشَكَا إِلَيَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ
لَوْ كَانَ يَدْرِي مَا المُحَاوَرَةُ اشْتَكَى وَلَكانَ لَوْ عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي
وَلَقَدْ شَفَى نَفْسِي وَأَبْرَأَ سُقْمَهَا قِيْلُ الفَوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ
وَالخَيْلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِـسَاً مِنْ بَيْنِ شَيْظَمَـةٍ وَأَجْرَدَ شَيْظَمِ
ذُلَلٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي لُبِّـي وَأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ
إِنِّي عَدَاني أَنْ أَزوَركِ فَاعْلَمِي مَا قَدْ عَلِمْتُ وبَعْضُ مَا لَمْ تَعْلَمِي
حَالَتْ رِماحُ ابْنَي بغيضٍ دُونَكُمْ وَزَوَتْ جَوَانِي الحَرْبِ مَنْ لم يُجْرِمِ
وَلَقَدْ خَشَيْتُ بِأَنْ أَمُوتَ وَلَمْ تَدُرْ لِلْحَرْبِ دَائِرَةٌ عَلَى ابْنَي ضَمْضَمِ
الشَّاتِمَيْ عِرْضِي وَلَمْ أَشْتِمْهُمَا وَالنَّاذِرِيْنَ إِذْا لَقَيْتُهُمَـا دَمـِي
إِنْ يَفْعَلا فَلَقَدْ تَرَكْتُ أَبَاهُمَـا جَزَرَ السِّباعِ وَكُلِّ نَسْرٍ قَشْعَـمِ
فوح الخزامى
31/05/2012, 08:33 AM
ومن قصائده الرائعة
1- إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبَى العَلَمَ
إِذا الريحُ هَبَّت مِن رُبَى العَلَمَ السَّعدي *
* طَفا بَردُها حَـرَّ الصَّبَابَـةِ وَالوَجـدِ
وَذَكَّرَنِـي قَومـاً حَفِظـتُ عُهودَهُـم*
* فَما عَرِفوا قَدري وَلا حَفِظوا عَهـدي
وَلَـولا فَتـاةٌ فِـي الخِيـامِ مُقيمَـةٌ*
* لَمَا اختَرتُ قُربَ الدَّارِ يَوماً عَلى البُعدِ
مُهَفهَفَـةٌ وَالسِّحـرُ مِـن لَحَظاتِهـا*
* إِذا كَلَّمَت مَيتـاً يَقـومُ مِـنَ اللَّحـدِ
أَشارَت إِلَيها الشَّمسُ عِندَ غُروبِهـا*
* تَقولُ إِذا اِسوَدَّ الدُّجَى فَاطلِعِي بَعـدي
وَقالَ لَها البَدرُ المُنيـرُ أَلا اسفِـري*
* فَإِنَّكِ مِثلِي فِي الكَمالِ وَفِـي السَّعـدِ
فَوَلَّـت حَيـاءً ثُـمَّ أَرخَـت لِثامَهـا*
*وَقَد نَثَرَت مِن خَدِّها رَطِـبَ الـوَردِ
وَسَلَّت حُساماً مِن سَواجي جُفونِهـا*
*كَسَيفِ أَبيها القاطِعِ المُرهَـفِ الحَـدِّ
تُقاتِلُ عَيناها بِهِ وَهوَ مُغمَـدٌ وَمِـن*
*عَجَبٍ أَن يَقطَعَ السيفُ فِـي الغِمـدِ
مُرَنَّحَةُ الأَعطافِ مَهضومَـةُ الحَشـا*
*مُنَعَّمَـةُ الأَطـرافِ مائِسَـةُ الـقَـدِّ
يَبيتُ فُتاتُ المِسـكِ تَحـتَ لِثامِهـا*
*فَيَـزدادُ مِـن أَنفاسِهـا أَرَجُ الـنَـدِّ
وَيَطلَعُ ضَوءُ الصُبحِ تَحـتَ جَبينِهـا*
* فَيَغشاهُ لَيلٌ مِن دُجَى شَعرِها الجَعـدِ
وَبَيـنَ ثَناياهـا إِذا مـا تَبَسَّـمَـت*
* مُديرُ مُدامٍ يَمـزُجُ الـرَّاحَ بِالشَّهـدِ
شَكا نَحرُهـا مِـن عَقدِهـا مُتَظَلِّمـاً*
* فَواحَرَبا مِـن ذَلِـكَ النَّحـرِ وَالعِقـدِ
فَهَل تَسمَحُ الأَيّـامُ يـا ابنَـةَ مالِـكٍ*
* بِوَصلٍ يُدَاوي القَلبَ مِن أَلَـمِ الصَّـدِّ
سَأَحلُمُ عَن قَومي وَلَو سَفَكوا دَمـي*
*وَأَجرَعُ فيكِ الصَّبرَ دونَ المَلا وَحدي
وَحَقِّـكِ أَشجانِـي التَباعُـدُ بَعدَكُـم*
*فَهَل أَنتُمُ أَشجاكُمُ البُعدُ مِـن بَعـدي
حَذِرتُ مِـنَ البَيـنِ المُفَـرِّقِ بَينَنـا*
* وَقَد كانَ ظَنِّـي لا أُفارِقُكُـم جَهـدي
فَإِن عايَنَت عَينِي المَطايـا وَرَكبُهـا*
*فَرَشتُ لَدى أَخفافِها صَفحَـةَ الخَـدِّ
2- رَمَت الفُـؤَادَ مَلِيحَـةٌ
رَمَت الفُـؤَادَ مَلِيحَـةٌ عَـذْرَاءُ
بِسِهَـامِ لَحْـظٍ مَالَـهُـنَّ دَوَاءُ
مَرَّتْ أَوَانَ العِيدِ بَيْـنَ نَوَاهِـدٍ
مِثْلَ الشُّمُوسِ لِحَاظُهُنَّ ظِبَـاءُ
فَاغْتَالَنِي سَقَمِي الَّذِي فِي بَاطِنِي
أَخْفَيْتُـهُ فَـأَذَاعَـهُ الإِخْـفَـاءُ
خَطَرَتْ فَقُلْتُ قَضِيبُ بَانٍ حَرَّكَتْ
أَعْطَافَهُ بَعْدَ الجَنُـوبِ صَبَـاءُ
وَرَنَتْ فَقُلْتُ غَزَالَـةٌ مَذْعُـوَرةٌ
قَدْ رَاعَهَا وَسْطَ الفَـلاةِ بَـلاءُ
وَبَدَتْ فَقُلْتُ البَدْرُ لَيْلَـةَ تِمِّـهِ
قَدْ قَلَّدَتْـهُ نُجُومَهَـا الجَـوْزَاءُ
بَسَمَتْ فَلاحَ ضِيَاءُ لُؤْلُؤِ ثَغْرِهَا
فِيْهِ لِـدَاءِ العَاشِقِيـنَ شِفَـاءُ
سَجَدَتْ تُعَظِّمُ رَبَّهَـا فَتَمَايَلَـتْ
لِجَلالِهَـا أَرْبَابُنَـا العُظَـمَـاءُ
يَاعَبْلَ مِثْلُ هَوَاكِ أَوْ أَضْعَافُـهُ
عِنْدِي إِذَا وَقَعَ الإيَاسُ رَجَـاءُ
إِنْ كَانَ يُسْعِدُنِي الزَّمَانُ فَإِنَّنِـي
فِـي هِمَّتِـي لِصُرُوفِـهِ إِزْرَاءُ
3- دُمُوعٌ فِي الخُدُودِ لَهَا
دُمُوعٌ فِي الخُدُودِ لَهَا مَسِيـلُ
وَعَيـنٌ نَوْمُهَـا أَبَـداً قَلِيـلُ
وَصَـبٌّ لا يَقِـرُّ لَـهُ قَـرَارٌ
وَلا يَسْلُو وَلَوْ طَـالَ الرَّحِيـلُ
فَكَـمْ أَبْكِـي بِإبْعَـادٍ وَبَيْـنٍ
وَتَشْجِينِي المَنَازِلُ وَالطُّلُـولُ
وَكَمْ أَبْكِي عَلَى إلْفٍ شَجَانِـي
وَمَا يُغَنِّي البُكَاءُ وَلا العَوِيـلُ
تَلاقَيْنَا فَمَـا أَطْفَـى التَّلاقِـي
لَهِيبـاً لا وَلا بَـرَدَ الغَلِـيـلُ
طَلَبْتُ مِنَ الزَّمَانِ صَفَاءَ عَيْشٍ
وَحَسْبُكَ قَدْرُ مَا يُعْطِي البَخِيلُ
4- سَلا القَلبَ عَمَّا كَانَ يَهْوَى
سَلا القَلبَ عَمَّا كَانَ يَهْوَى وَيَطْلُبُ
وَأَصْبَـحَ لا يَشْكَـو وَلا يَتَعَـتَّـبُ
صَحَا بَعْدَ سُكْرٍ وَانْتَخَى بَعْـدَ ذِلَّـةٍ
وَقَلْبُ الَّذِي يَهْوَى العُلَـى يَتَقَلَّـبُ
إِلَى كَمْ أُدَرِاي مَـنْ تَرِيـدُ مَذَلَّتِـي
وَأَبْذِلُ جَهْدِي فِي رِضَاهَا وَتَغْضَـبُ
عُبَيْلَـةُ أَيَّـامُ الجَـمَـالِ قَلِيـلَـةٌ
لَهَـا دَوْلَـةٌ مَعْلُومَـةٌ ثُـمَّ تَذْهَـبُ
فَلا تَحْسَبِي أَنِّي عَلَى البُعْـدِ نَـادِمٌ
وَلا القَلْبُ فِي نَارِ الغَـرَامِ مُعَـذَّبُ
وَقَدْ قُلْتُ أَنِّي سَلَوتُ عَـن الهَـوَى
وَمَن كَانَ مِثْلِي لا يَقُـولُ وَيَكْـذِبُ
هَجَرْتُكِ فَامْضِي حَيْثُ شِئتِ وَجَرِّبِي
مِنَ النَّاسِ غَيْرِي فَاللَّبِيبُ يُجَـرِّبُ
لَقَدْ ذَلَّ مَنْ أَمْسَى عَلَى رَبْعِ مَنْـزِلٍ
يَنُوحُ عَلَى رَسْـمِ الدِّيَـارِ وَيَنْـدبُ
وَقَدْ فَازَ مَنْ فِي الحَرْبِ أَصْبَحَ جَائِلاً
يُطَاعِـنُ قِرْنـاً وَالغبَـارُ مُطَنِّـبُ
نَدِيمِي رَعَاكَ اللهُ قُمْ غَنِّ لِي عَلَـى
كُؤُوسِ المَنَايَا مِنْ دَمٍ حِيْنَ أَشْـرَبُ
وَلا تَسْقِنِي كَـأْسَ المُـدَامِ فَإِنَّهَـا
يَضَلُّ بِهَا عَقْلُ الشُّجَـاعُ وَيَذْهَـبُ
5- أُعَاتِـبُ دَهـراً لايَلِـيـنُ لِنَـاصِـحٍ
أُعَاتِـبُ دَهــراً لايَلِـيـنُ لِنَـاصِـحٍ
وَأُخْفِي الجَوَى فِي القَلْبِ وَالدَّمْعُ فَاضِحِي
وَقَومِي مَعَ الأيَّامِ عَـوْنٌ عَلَـى دَمِـي
وَقَـدْ طَلَبونِـي بِالقَـنَـا والصَّفَـائِـحِ
وَقَـدْ أَبْعَدونِـي عَـنْ حَبِيـبٍ أُحِبُّـهُ
فَأَصْبَحْتُ فِي قَفْرٍ عَـن الإنْـسِ نَـازِحِ
وَقَدْ هَانَ عنْدِي بَـذْلُ نَفْـسٍ عَزِيـزَةٍ
وَلَـوْ فَارَقَتْنِـي مَـا بَكَتْهَـا جَوَارِحِـي
وَأَيسَـرُ مِــنْ كَـفِّـي إِذَا مَدَدْتُـهَـا
لِنَيْـلِ عَطَـاءٍ مَـدُّ عُنْـقِـي لِـذَابِـحِ
فَيَـا رَبُّ لاتَجْعَـلْ حَيَـاتِـي مَـذَمَّـةً
وَلا مَوْتِـي بَيْـنَ النِّسَـاءِ النَّـوَائِـحِ
وَلكـنْ قَتِيـلاً يَـدْرُجُ الطَّيـرُ حَوْلَـهُ
وَتَشْرَبُ غِرْبَانُ الفَـلا مـنْ جَوَانحِـي
6- إِذا خَصمِي تَقاضانِـي بِدَيـنِ
إِذا خَصمِي تَقاضانِـي بِدَيـنِ
قَضَيتُ الدَّينَ بِالرُّمحِ الرُّدَينِي
وَحَدُّ السَّيفِ يُرضينا جَميعـاً
وَيَحكُمُ بَينَكُـم عَـدلاً وَبَينِـي
جَهِلتُم يا بَنِي الأَنذالِ قَـدري
وَقَد عَرَفَتـهُ أَهـلُ الخافِقيـنِ
وَما هَدَمَت يَدُ الحِدثانِ رُكنِـي
وَلا اِمتَدَّت إِلَيَّ بَنـانُ حَينِـي
عَلَوتُ بِصارِمي وَسِنانِ رُمْحِي
عَلى أُفقِ السُهـا وَالفَرقَدَيـنِ
وَغادَرتُ المُبارِزَ وَسطَ قَفـرٍ
يُعَفِّـرُ خَـدَّهُ وَالعارِضـيـنَ
وَكَم مِن فارِسٍ أَضحَى بِسَيفي
هَشيمَ الرَأسِ مَخضوبَ اليَدَينِ
يَحومُ عَلَيهِ عِقبـانُ المَنايـا
وَتَحجُلُ حَولَهُ غِربـانُ بَيـنِ
وَآخَرُ هارِبٌ مِن هَولِ شَخصي
وَقَد أَجرى دُمـوعَ المُقلَتَيـنِ
وَسَوفَ أُبيدُ جَمعَكُمُ بِصَبـري
وَيَطفا لاعِجي وَتَقَـرُّ عَينِـي
7- إِذا جَحَدَ الجَميلَ
إِذا جَحَدَ الجَميـلَ بَنـو قُـرادٍ
وَجازى بِالقَبيـحِ بَنـو زِيـادِ
فَهُم ساداتُ عَبسٍ أَيـنَ حَلّـوا
كَما زَعَموا وَفُرسـانُ البِـلادِ
وَلا عَيـبٌ عَلَـيَّ وَلا مَــلامٌ
إِذا أَصلَحـتُ حالِـي بِالفَسـادِ
فَإِنَّ النَّارَ تُضـرَمُ فِـي جَمـادِ
إِذا ما الصَّخرُ كَرَّ عَلى الزِّنـادِ
وَيُرجَى الوَصلُ بَعدَ الهَجرِ حيناً
كَما يُرجَى الدُّنُـوُّ مِـنَ البِعـادِ
حَلُمتُ فَما عَرَفتُم حَـقَّ حِلمـي
وَلا ذَكَـرَت عَشيرَتُكُـم وِدادي
سَأَجهَلُ بَعدَ هَذا الحِلـمِ حَتَّـى
أُريقُ دَمَ الحَواضِرِ وَالبَـوادي
وَيَشكو السَّيفُ مِن كَفِّي مَـلالاً
وَيَسأَمُ عَاتِقـي حَمـلَ النِّجـادِ
وَقَد شاهَدتُمُ فِـي يَـومِ طَـيٍّ
فِعالِـي بِالمُهَـنَّـدَةِ الـحِـدادِ
رَدَدتُ الخَيلَ خالِيَـةً حَيَـارَى
وَسُقتُ جِيادَها وَالسَّيفُ حـادي
وَلَو أَنَّ السِّنَـانَ لَـهُ لِسـانٌ
حَكى كَم شَكَّ دِرعـاً بِالفُـؤادِ
وَكَم دَاعٍ دَعا فِي الحَربِ بِاِسمي
وَنادانِي فَخُضتُ حَشَا المُنـادي
لَقَد عادَيتَ يا ابنَ العَـمِّ لَيثـاً
شُجاعاً لا يَمَـلُّ مِـنَ الطِّـرادِ
يَـرُدُّ جَوابَـهُ قَـولاً وَفِـعـلاً
ِبيضِ الهِندِ وَالسُّمـرِ الصِّعـادِ
فَكُن يا عَمروُ مِنهُ عَلى حِـذارٍ
وَلا تَمـلأ جُفونَـكَ بِالـرُّقـادِ
وَلَـولا سَيِّـدٌ فِينَـا مُـطـاعٌ
عَظيمُ القَـدرِ مُرتَفِـعُ العِمـادِ
أَقَمتُ الحَقَّ بِالهِنـدِيِّ رَغمـاً
وَأَظهَرتُ الضَّلالَ مِنَ الرَّشـادِ
فوح الخزامى
31/05/2012, 09:12 AM
8- أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُّيـوفِ
أَحِنُّ إِلى ضَربِ السُّيوفِ القَواضِبِ
وَأَصبو إِلى طَعنِ الرِّماحِ اللَّواعِـبِ
وَأَشتاقُ كَاسَاتِ المَنونِ إِذا صَفَـت
وَدارَت عَلى رَأسي سِهامُ المَصائِبِ
وَيُطرِبُنِـي وَالخَيـلُ تَعثُـرُ بِالقَنـا
حُداةُ المَنايـا وَاِرتِعـاجُ المَواكِـبِ
وَضَربٌ وَطَعنٌ تَحتَ ظِـلِّ عَجاجَـةٍ
كَجُنحِ الدُّجى مِن وَقعِ أَيدي السَّلاهِبِ
تَطيرُ رُؤوسُ القَومِ تَحـتَ ظَلامِهـا
وَتَنقَضُّ فيهـا كَالنُّجـومُ الثَّواقِـب
وَتَلمَعُ فِيهِا البِيضُ مِن كُـلِّ جانِـبٍ
كَلَمعِ بُروقٍ فِـي ظَـلامِ الغَياهِـبِ
لَعَمرُكَ إِنَّ المَجـدَ وَالفَخـرَ وَالعُـلا
وَنَيلَ الأَمانِـي وَارتِفـاعَ المَراتِـبِ
لِمَـن يَلتَقـي أَبطالَهـا وَسَراتَهـا
بِقَلبٍ صَبورٍ عِندَ وَقـعِ المَضـارِبِ
وَيَبنِي بِحَدِّ السَّيـفِ مَجـداً مُشَيَّـداً
عَلى فَلَكِ العَليـاءِ فَـوقَ الكَواكِـبِ
وَمَن لَم يُرَوِّ رُمْحَهُ مِـن دَمِ العِـدا
إِذا اشتَبَكَت سُمرُ القَنا بِالقَواضِـبِ
وَيُعطي القَنا الخَطِّيَّ فِي الحَربِ حَقَّهُ
وَيَبري بِحَدِّ السَّيفِ عُرضَ المَناكِبِ
يَعيشُ كَما عـاشَ الذَّليـلُ بِغُصَّـةٍ
وَإِن ماتَ لا يُجري دُموعَ النَّـوادِبِ
فَضائِـلُ عَـزمٍ لا تُبـاعُ لِضـارِعٍ
وَأَسـرارُ حَـزمٍ لا تُـذاعُ لِعائِـبِ
بَرَزتُ بِها دَهراً عَلى كُـلِّ حـادِثٍ
وَلا كُحلَ إِلاَّ مِـن غُبـارِ الكَتائِـبِ
إِذا كَـذَبَ البَـرقُ اللَّمـوعُ لِشَائِـمٍ
فَبَرقُ حُسَامِي صَادِقٌ غَيـرُ كـاذِبِ
9- إِذا لَعِـبَ الغَـرامُ بِكُـلِّ حُـرٍّ
إِذا لَعِـبَ الغَـرامُ بِكُـلِّ حُــرٍّ
حَمِدتُ تَجَلُّدي وَشكَرتُ صَبـري
وَفَضَّلتُ البِعـادَ عَلـى التَّدانِـي
وَأَخفَيتُ الهَوَى وَكَتَمـتُ سِـرِّي
وَلا أُبـقِـي لِعُـذَّالِـي مَـجـالاً
وَلا أُشفِي العَدُوَّ بِهَتـكِ سِتـري
عَرَكـتُ نَوائِـبَ الأَيّـامِ حَتَّـى
عَرَفتُ خَيالَها مِن حَيثُ يَسـري
وَذَلَّ الدَّهـرُ لَـمّـا أَن رَآنِــي
أُلاقِـي كُـلَّ نائِبَـةٍ بِـصَـدري
وَمَا عَابَ الزَّمـانُ عَلَـيَّ لَونِـي
وَلا حَطَّ السَّـوادُ رَفيـعُ قَـدري
إِذا ذُكِـرَ الفَخـارُ بِـأَرضِ قَـومٍ
فَضَربُ السَّيفِ فِي الهَيجاءِ فَخري
سَمَوتُ إِلى العُلا وَعَلـوتُ حَتَّـى
رَأَيتُ النَجمَ تَحتِي وَهـوَ يَجـري
وَقوماً آخَريـنَ سَعَـوا وَعَـادوا
حَيَارَى مَـا رَأوا أَثَـراً لأَثـري
10- أَحرَقَتنِي نارُ الجَـوى وَالبُعـادِ
أَحرَقَتنِي نارُ الجَـوى وَالبُعـادِ
بَعـدَ فَقـدِ الأَوطـانِ وَالأَولادِ
شَابَ رَأسِي فَصارَ أَبيَضَ لَوناً
بَعدَمـا كـانَ حالِكـاً بِالسَّـوادِ
وَتَذَكَّرتُ عَبلَـةً يَـومَ جَـاءَت
لِوَداعِي وَالهَمُّ وَالوَجـدُ بَـادي
وَهيَ تُذري مِن خيفَةِ البُعدِ دَمعاً
مُستَهِـلاًّ بِلَـوعَـةٍ وَسُـهـادِ
قُلتُ كُفّي الدُموعَ عَنكِ فَقَلبِـي
ذَابَ حُزناً وَلَوعَتِي فِي ازدِيـادِ
وَيحَ هَذا الزَّمانِ كَيفَ رَمانِـي
بِسِهامٍ صَابَت صَميـمَ فُـؤَادي
غَيرَ أَنّي مِثلُ الحُسـامِ إِذا مـا
زادَ صَقـلاً جـادَ يَـومَ جِـلادِ
حَنَّكَتنِي نَوائِـبُ الدَّهـرِ حَتَّـى
أَوقَفَتنِي عَلى طَريـقِ الرَّشـادِ
وَلَقيتُ الأَبطالَ فِي كُـلِّ حَـربٍ
وَهَزَمتُ الرِّجالَ فِي كُـلِّ وادي
وَتَرَكتُ الفُرسانَ صَرعَى بِطَعنٍ
مِن سِنانٍ يَحكي رُؤوسَ المَزادِ
وَحُسامٍ قَد كُنتُ مِن عَهدِ شَدّادٍ
قَديماً وَكانَ مِـن عَهـدِ عـادِ
وَقَهَرتُ المُلوكَ شَرقاً وَغَربـاً
وَأَبَدتُ الأَقرانَ يَـومَ الطِّـرادِ
قَلَّ صَبري عَلى فِراقِ غَصوبٍ
وَهوَ قَد كانَ عُدَّتِي وَاعتِمَـادي
وَكَذا عُروَةٌ وَمَيسَـرَةٌ حَامِـي
حِمَانَا عِنـدَ اِصطِـدامِ الجِيـادِ
لأَفُكَّـنَّ أَسرَهُـم عَـن قَريـبٍ
مِن أَيَادِي الأَعـداءِ وَالحُسَّـادِ
11- إِذا قَنِعَ الفَتَى بِذَميمِ عَيـشٍ
إِذا قَنِعَ الفَتَى بِذَميـمِ عَيـشٍ
وَكانَ وَراءَ سَجـفٍ كَالبَنـاتِ
وَلَم يَهجِم عَلى أُسـدِ المَنايـا
وَلَم يَطعَن صُدورَ الصَّافِنـاتِ
وَلَم يَقرِ الضُّيـوفَ إِذا أَتَـوهُ
وَلَم يُروِ السُّيوفَ مِنَ الكُمـاةِ
وَلَم يَبلُغ بِضَربِ الهَامِ مَجـداً
وَلَم يَكُ صابِراً فِـي النَّائِبـاتِ
فَقُـل لِلنَّاعِيـاتِ إِذا نَعَـتـهُ
أَلا فَاِقصِرنَ نَـدبَ النَّادِبـاتِ
وَلا تَندُبـنَ إِلاَّ لَيـثَ غـابٍ
شُجاعاً فِي الحُروبِ الثَّائِـراتِ
دَعونِي فِي القِتالِ أَمُت عَزيـزً
فَمَوتُ العِزِّ خَيـرٌ مِـن حَيـاةِ
لَعَمري ما الفَخارُ بِكَسبِ مـالٍ
وَلا يُدعَى الغَنِيُّ مِنَ السَّـراةِ
سَتَذكُرُنِي المَعامِعُ كُـلَّ وَقـتٍ
عَلى طُولِ الحَياةِ إِلى المَمَـاتِ
فَذاكَ الذِّكرُ يَبقَى لَيسَ يَفنَـى
مَدَى الأَيّامِ فِي مَـاضٍ وَآتِـي
وَإِنِّي اليَومَ أَحمِي عِرضَ قَومِي
وَأَنصُرُ آلَ عَبسَ عَلى العُـداةِ
وَآخُـذُ مالَنـا مِنهُـم بِحَـربٍ
تَخِرُّ لَهـا مُتـونُ الرَّاسِيـاتِ
وَأَتـرُكُ كُـلَّ نائِحَـةٍ تُنـادي
عَلَيهِـم بِالتَفَـرُّقِ وَالشَّتـاتِ
12- أَتانِي طَيفُ عَبلَةَ فِـي المَنـامِ
أَتانِي طَيفُ عَبلَةَ فِـي المَنـامِ
فَقَبَّلَنِـي ثَلاثـاً فِـي اللِّـثـامِ
وَوَدَّعَنِـي فَأَودَعَنِـي لَهيـبـاً
أُسَتِّرُهُ وَيَشعُـلُ فِـي عِظامـي
وَلَـولا أَنَّنِـي أَخلـو بِنَفسـي
وَأُطفِئُ بِالدُّموعِ جَوَى غَرامـي
لَمُتُّ أَسىً وَكَـم أَشكـو لأَنِّـي
أَغارُ عَلَيكِ يـا بَـدرَ التَّمـامِ
أَيا ابنَةَ مالِكٍ كَيـفَ التَّسَلِّـي
وَعَهدُ هَواكِ مِن عَهدِ الفِطـامِ
وَكَيفَ أَرومُ مِنكِ القُربَ يَومـاً
وَحَولَ خِبـاكِ آسـادُ الأَجـامِ
وَحَقِّ هَواكِ لا داوَيـتُ قَلبِـي
بِغَيرِ الصَّبرِ يا بِنـتَ الكِـرامِ
إِلى أَن أَرتَقـي دَرَجَ المَعالِـي
بِطَعنِ الرُّمحِ أَو ضَربِ الحُسامِ
أَنا العَبدُ الَّـذي خُبِّـرتِ عَنـهُ
رَعَيتُ جِمالَ قَومي مِن فِطامي
أَروحُ مِنَ الصَّبَاحِ إِلى مَغيـبٍ
وَأَرقُدُ بَيـنَ أَطنـابِ الخِيـامِ
أَذِلُّ لِعَبلَةٍ مِـن فَـرطِ وَجـدي
وَأَجعَلُها مِنَ الدُّنيـا اهتِمَامـي
وَأَمتَثِلُ الأَوامِـرَ مِـن أَبِيهَـا
وَقَد مَلَكَ الهَوَى مِنِّي زِمامـي
رَضيتُ بِحُبِّها طَوعـاً وَكَرهـاً
فَهَل أَحظَى بِهَا قَبـلَ الحِمـامِ
وَإِن عَابَت سَوادِي فَهوَ فَخري
لأَنِّي فَارِسٌ مِـن نَسـلِ حَـامِ
وَلِي قَلبٌ أَشَدُّ مِـنَ الرَّوَاسِـي
وَذِكرِي مِثلُ عَرفِ المِسكِ نَامي
وَمِن عَجَبِي أَصِيدُ الأُسدَ قَهـراً
وَأَفتَرِسُ الضَّـوارِي كَالهَـوامِ
وَتَقنُصُنِي ظِبا السَّعدِي وَتَسطُو
عَلَيَّ مَهـا الشَرَبَّـةِ وَالخُـزامِ
لَعَمرُ أَبِيـكَ لا أَسلُـو هَوَاهَـا
وَلَو طَحَنَت مَحَبَّتُهـا عِظامـي
عَلَيكِ أَيـا عُبَيلَـةُ كُـلَّ يَـومٍ
سَلامٌ فِي سَـلامٍ فِـي سَـلامِ
13- إِذا فاضَ دَمعِي وَاستَهَلَّ
إِذا فاضَ دَمعِي وَاستَهَلَّ عَلى خَدِّي
وَجاذَبَنِي شَوقي إِلى العَلَمِ السَّعـدي
أُذَكِّرُ قَومي ظُلمَهُـم لِـي وَبَغيَهُـم
وَقِلَّةَ إِنصافِي عَلى القُـربِ وَالبُعـدِ
بَنَيتُ لَهُم بِالسَّيـفِ مَجـداً مُشَيَّـداً
فَلَمَّا تَناهَى مَجدُهُم هَدَمـوا مَجـدي
يَعيبـونَ لَونِـي بِالسَّـوادِ وَإِنَّمـا
فِعالُهُمُ بِالخُبثِ أَسـوَدُ مِـن جِلـدي
فَوا ذُلَّ جِيرانِـي إِذا غِبـتُ عَنهُـمُ
وَطالَ المَدَى ماذَا يُلاقونَ مِن بَعدي
أَتَحسِبُ قَيسٌ أَنَّنِـي بَعـدَ طَردِهِـم
أَخَافُ الأَعَادِي أَو أَذِلُّ مِـنَ الطَّـردِ
وَكَيفَ يَحُلُّ الذُلُّ قَلبِـي وَصارِمـي
إِذا اهتَزَّ قَلبُ الضِّدِّ يَخفُقُ كَالرَّعـدِ
مَتَى سُلَّ فِي كَفّـي بِيَـومِ كَريهَـةٍ
فَلا فَرقَ ما بَينَ المَشايِـخِ وَالمُـردِ
وَما الفَخرُ إِلاَّ أَن تَكـونَ عِمامَتِـي
مُكَوَّرَةَ الأَطرافِ بِالصَّارِمِ الهِنـدي
نَديْمَـيَّ إِمَّـا غِبتُمـا بَعـدَ سَكـرَةٍ
فَلا تَذكُرا أَطـلالَ سَلمَـى وَلا هِنـدِ
وَلا تَذكُرا لِي غَيـرَ خَيـلٍ مُغيـرَةٍ
وَنَقعَ غُبارٍ حالِـكِ اللَّـونِ مُسـوَدِّ
فَـإِنَّ غُبـارَ الصَّافِنـاتِ إِذا عَـلا
نَشِقتُ لَـهُ ريحـاً أَلَـذَّ مِـنَ النَـدِّ
وَرَيحانَتِي رُمحِي وَكاساتُ مَجلِسـي
جَماجِمُ ساداتٍ حِراصٍ عَلى المَجـدِ
وَلِي مِن حُسَامي كُلَّ يَومٍ عَلى الثَّرى
نُقوشُ دَمٍ تُغنِي النَّدامَى عَنِ الـوَردِ
وَلَيسَ يَعيبُ السَّيفَ إِخلاقُ غِمـدِهِ
إِذا كانَ فِي يَومِ الوَغَى قاطِعَ الحَـدِّ
فَلِلَّـهِ دَرّي كَـم غُبـارٍ قَطَعـتُـهُ
عَلى ضَامِرِ الجَنبَينِ مُعتَـدِلِ القَـدِّ
وَطاعَنتُ عَنهُ الخَيلَ حَتّـى تَبَـدَّدَت
هِزاماً كَأَسرابِ القَطاءِ إِلـى الـوِردِ
فَـزارَةُ قَـد هَيَّجتُـمُ لَيـثَ غابَـةٍ
وَلَم تُفرِقوا بَينَ الضَّلالَـةِ وَالرُّشـدِ
فَقولوا لِحِصنٍ إِن تَعانِـى عَداوَتِـي
يَبيتُ عَلى نارٍ مِنَ الحُزنِ وَالوَجـدِ
فوح الخزامى
31/05/2012, 09:17 AM
14-إِذا رِيحُ الصَّبَا هَبَّـت
إِذا رِيحُ الصَّبَا هَبَّـت أَصِيـلا
شَفَت بِهُبوبِهـا قَلبـاً عَلِيـلا
وَجاءَتنِـي تُخَبِّـرُ أَنَّ قَومـي
بِمَن أَهوَاهُ قَد جَدُّوا الرَّحِيـلا
وَما حَنّوا عَلى مَـن خَلَّفـوهُ
بِوادي الرَّملِ مُنطَرِحاً جَديـلا
يَحِنُّ صَبَابَـةً وَيَهيـمُ وَجـداً
إِلَيهِمُ كُلَّمـا سَاقُـوا الحُمـولا
أَلا يا عَبلَ إِن خَانوا عُهُـودي
وَكانَ أَبوكِ لا يَرعَى الجَمِيـلا
حَمَلتُ الضَّيمَ وَالهِجرانَ جُهدي
عَلى رَغمي وَخالَفتُ العَـذولا
عَرَكتُ نَوائِـبَ الأَيَّـامِ حَتَّـى
رَأَيتُ كَثيرَهـا عِنـدي قَلِيـلا
وَعَادانِي غُرابُ البَيـنِ حَتَّـى
كَأَنِّي قَـد قَتَلـتُ لَـهُ قَتِيـلا
وَقَد غَنَّى عَلى الأَغصَانِ طَيرٌ
بِصَوتِ حَنينِهِ يَشفِي الغَلِيـلا
بَكَى فَأَعَرتُـهُ أَجفَـانَ عَينِـي
وَناحَ فَـزادَ إِعوَالِـي عَوِيـلا
فَقُلتُ لَهُ جَرَحتَ صَميمَ قَلبِـي
وَأَبدَى نَوحُكَ الـدَّاءَ الدَّخِيـلا
وَما أَبقَيتَ فِي جَفنِي دُموعـاً
وَلا جِسماً أَعيشُ بِـهِ نَحِيـلا
وَلا أَبقَى لِيَ الهِجرانُ صَبـراً
لِكَي أَلقَى المَنـازِلَ وَالطُّلـولا
أَلِفتُ السُّقمَ حَتَّى صَارَ جِسمِي
إِذا فَقَدَ الضَنَى أَمسَى عَلِيـلا
وَلَو أَنِّي كَشَفتُ الدِّرعَ عَنِّـي
رَأَيتَ وَرائَـهُ رَسمـاً مُحِيـلا
وَفِي الرَّسمِ المُحيلِ حُسَامُ نَفسٍ
يُقَلِّلُ حَدُّهُ السَّيـفَ الصَّقيـلا
15- يا عَبلَ قَرِّي بِوَادِي
يا عَبلَ قَرِّي بِوَادِي الرَّمـلِ آمِنَـةً
مِنَ العُـداةِ وَإِن خُوِّفـتِ لا تَخَفـي
فَـدونَ بَيتِـكِ أُسـدٌ فِـي أَنامِلِهـا
بيضٌ تَقُدُّ أَعالِي البِيضِ وَالحَجَـفِ
للهِ دَرُّ بَنِـي عَبـسٍ لَقَـد بَلَـغـوا
كُلَّ الفَخارِ وَنالـوا غايَـةَ الشَّـرَفِ
خَافُوا مِنَ الحَربِ لَمَّا أَبصَروا فَرَسِي
تَحتَ العَجاجَةِ يَهوي بِي إِلى التَّلَفِ
ثُمَّ اقتَفوا أَثَري مِن بَعدِ ما عَلِمـوا
أَنَّ المَنِيَّةَ سَهـمٌ غَيـرُ مُنصَـرِفِ
خُضتُ الغُبارَ وَمُهري أَدهَـمٌ حَلِـكٌ
فَعـادَ مُختَضِبـاً بِالـدَّمِّ وَالجِيَـفِ
مَا زِلتُ أُنصِفُ خَصمِي وَهوَ يَظلُمُنِي
حَتَّى غَدا مِن حُسَامي غَيرَ مُنتَصِفِ
وَإِن يَعيبوا سَواداً قَد كُسيـتُ بِـهِ
فَالدُّرُّ يَستُرُهُ ثَـوبٌ مِـنَ الصَّـدَفِ
16- إِذا اشتَغَلَت أَهلُ البَطالَةِ
إِذا اشتَغَلَت أَهلُ البَطالَةِ فِي الكَاسِ
أَوِ اِغتَبَقوها بَينَ قَـسٍّ وَشَمَّـاسِ
جَعَلتُ مَنامِي تَحتَ ظِـلِّ عَجاجَـةٍ
وَكَأسَ مُدامِي قِحفَ جُمجُمَةِ الرَّاسِ
وَصَوتُ حُسَامِي مُطرِبِـي وَبَريقُـهُ
إِذا اسوَدَّ وَجهُ الأُفقِ بِالنَقعِ مِقباسي
وَإِن دَمدَمَت أُسدُ الشَّرى وَتَلاحَمَت
أُفَرِّقُها وَالطَّعـنُ يَسبُـقُ أَنفَاسـي
وَمَن قَـالَ إِنِّـي أَسـوَدٌ لِيَعيبَنِـي
أُريهِ بِفِعلـي أَنَّـهُ أَكـذَبُ النَّـاسِ
فَسيري مَسيرَ الأَمنِ يا بِنتَ مالِـكٍ
وَلا تَجنَحي بَعدَ الرَّجاءِ إِلى اليَـاسِ
فَلَو لاحَ لِي شَخصُ الحِمامِ لَقيتُـهُ
بِقَلبٍ شَديدِ البَأسِ كَالجَبَلِ الرَّاسـي