المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محمود سامي البارودي



~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:06 AM
محمود سامي البارودي
*****

ولد محمود سامي البارودي في 6 أكتوبر عام 1839 في حي باب الخلق بالقاهرة .
- بعد أن أتم دراسته الإبتدائية عام 1851 إلتحق بالمرحلة التجهيزية من " المدرسة الحربية المفروزة " وانتظم فيها يدرس فنون الحرب ، وعلوم الدين واللغة والحساب والجبر .
- تخرج في " المدرسة المفروزة " عام 1855 ولم يستطع إستكمال دراسته العليا ، والتحق بالجيش السلطاني .
- عمل بعد ذلك بوزارة الخارجية وذهب إلى الأستانة عام 1857 وأعانته إجادته للغة التركية ومعرفته اللغة الفارسية على الإلتحاق " بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية " وظل هناك نحو سبع سنوات (1857-1863 ) .
- بعد عودته إلى مصر في فبراير عام 1863 عينه الخديوي إسماعيل " معيناً " لأحمد خيري باشا على إدارة المكاتبات بين مصر والآستانة .
- ضاق البارودي بروتين العمل الديواني ونزعت نفسه إلى تحقيق آماله في حياة الفروسية والجهاد ، فنجح في يوليو عام 1863 في الإنتقال إلى الجيش حيث عمل برتبة " البكباشي " العسكرية وأُلحقَ بآلاي الحرس الخديوي وعين قائداً لكتيبتين من فرسانه ، وأثبت كفاءة عالية في عمله .
- تجلت مواهبه الشعرية في سن مبكرة بعد أن استوعب التراث العربي وقرأ روائع الشعر العربي والفارسي والتركي ، فكان ذلك من عوامل التجديد في شعره الأصيل .
- اشترك الفارس الشاعر في إخماد ثورة جزيرة كريد عام 1865 واستمر في تلك المهمة لمدة عامين أثبت فيهما شجاعة عالية وبطولة نادرة .
- كان أحد أبطال ثورة عام 1881 الشهيرة ضد الخديوي توفيق بالاشتراك مع أحمد عرابي ، وقد أسندت إليه رئاسة الوزارة الوطنية في فبراير عام 1882 .

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:07 AM
هَلْ لِسَلامِ الْعَلِيلِ رَدُّ؟
أَمْ لِصَبَاحِ اللِّقَاءِ وَعْدُ؟
أبيتُ أرعَى الدُّجى بعينٍ
غِذَاؤُهَا مَدْمَعٌ وسُهْدُ
لا صاحبٌ إن شَكوتُ حالى
يَرثِى ، ولا سامِعٌ يَردُّ
بينَ قنانٍ على ثَراها
من سُتراتِ الغَمامِ بُردُ
أَظَلُّ فيها أَنُوحُ فَرْداً
وَكُلُّ نَائِي الدِّيَارِ فَرْدُ
فَمَنْ لِقَلْبِي بِظَبْيِ وَادٍ
بَيْنَ وَشِيجِ الرِّمَاحِ يَعْدُو؟
صارَ بِحكمِ الهوى مَليكِى
وَمَا لِحُكْمِ الْهَوَى مَرَدُّ
يَا سَعْدُ، قُلْ لِي، فَأَنْتَ أَدْرَى
متَى رِعانُ العقيقِ تبدو؟
أشتاقُ نجداً وساكنيهِ
وَأيْنَ مِنِّي الْغَدَاة َ نَجْدُ؟
ذابَ فؤادى بِحُبِّ ليلى
يَا لِفُؤَادٍ بَرَاهُ وَجْدُ!
فَكَيْفَ أُمْسِي بِغَيْرِ قَلْبٍ؟
يا نُورَ عَيْنِي، وَكَيْفَ أغْدُو؟
لِكُلِّ شئ وإن تمادَى
حدٌّ ، وما للغرامِ حدُّ
فَلَيْسَ قَبْلَ الْغَرَامِ قَبْلٌ
وَلَيْسَ بَعْدَ الْغَرَامِ بَعْدُ
فهَل لِنيلِ الوِصالِ يوماً
بعدَ مديدِ الصُّدُودِ عهدُ ؟
وهل أرآنى رَفيقَ حادٍ
بِمَدْحِ خَيْرِ الأَنَامِ يَحْدُو؟
عَسى إلَهى يفُكُّ أسرى
فهوَ فعولٌ لما يودُّ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:08 AM
أعدْ على َ السمعِ ذكرْ البانِ وَ العلمِ
وَاعْذِرْ شَآبِيبَ دَمْعِي إِنْ جَرَتْ بِدَمِ
ملاعبٌ للصبا أقوتْ ، وَ ما برحتْ
ملاعباً للأسى وَ الأعينِ السجمُ
كانتْ لنا سكناً ، حتى إذا قويتْ
منا ، غدتْ سكناً للريحِ وَ الديمِ
لَمْ أَتَخِذْ بَعدَهَا دَاراً أُقِيمُ بِهَا
إِلاَّ تَذَكَّرْتُ أَيَّامِي بِذِي سَلَمِ
وَ كيفَ أنسى دياراً قدْ نشأتُ بها
في منبتِ العزَّ بينَ الأهلِ وَ الحشمِ
يَا مَنْزِلاً، لَمْ يَدَعْ وَشْكُ الْفِرَاقِ بِهِ
إِلاَّ رُسُوماً كَوَحْيِ الْخَطِّ بِالْقَلَمِ
أَيْنَ الَّذِينَ بِهِمْ كَانَتْ نَوَاظِرُنَا
تَرْعَى الْمَحَاسِنَ مِنْ فَرْعٍ إِلَى قَدَمِ
وَدَّعْتُ شَطْرَ حَيَاتِي يوْمَ فُرْقَتِهِمْ
وَ صافحتني يدُ الأحزانِ وَ الهرمِ
فَيَا أَخَا الْعَذْلِ! لاَ تَعْجَلْ بِلائِمَة ٍ
عَلَيَّ؛ فَالْحُبُّ مَعْدُودٌ مِنَ الْقِسَمِ
أسرفتَ في اللومِ ، حتى لوْ أصبتَ بهِ
مَقَاطِعَ الْحَقِّ لَمْ تَسْلَمْ مِنَ التُّهَمِ
فَارْحَمْ شَبَابَ فَتًى أَلْوَتْ بِنَضْرَتِهِ
أَيْدِي الضَّنَى ، فَغَدَا لَحْماً عَلَى وَضَمِ
تاللهِ ما غدرة ُ الخلانِ منْ أربى
وَلاَ التَّلوُّنُ فِي الأَخْلاَقِ مِنْ شِيَمِي
فَكيْفَ أُنْكِرُ وُدّاً قدْ أَخَذْتُ بِهِ
عَلَى الْوَفاءِ عُهُوداً بَرَّة َ الْقَسَمِ؟
إِنْ لَمْ يكُنْ لِلْفَتَى عقْلٌ يَصُونُ بِهِ
علائقُ الودَّ ضاعتْ ذمة ُ الحرمِ
وَأَيْنَ مَنْ تَمْلِكُ الأَحْرَارَ شِيمَتُهُ
وَ الغدرُ في الناسِ داءق غيرُ منحسمِ ؟
فانفضْ يديك منَ الدنيا ؛ فلستَ ترى
خِلاًّ وَفِيّاً، وَعَهْداً غَيْرَ مُنْصَرِم
هَيْهَاتَ، لَمْ يَبْقَ فِي الدُّنْيَا أَخُو ثِقَة ٍ
يرعى المودة َ ، أوْ يلقى يدَ السلمِ
فلا يغرنكَ منْ وجهٍ بشاشتهُ
فَالنَّارُ كَامِنَة ٌ فِي نَاخِرِ السَّلَمِ
تغيرَ الناسُ عما كنتُ أسمعهُ
وَاسْتَحْكَمَ الْغَدْرُ فِي السَّادَاتِ وَالْحَشَمِ
وَ ظلَّ أعدلُ منْ تلقاهُ منْ رجلٍ
أَعْدَى عَلَى الْخَلْقِ مِنْ ذِئْبٍ عَلَى غَنَمِ
مِنْ كُلِّ أَشْوَهَ فِي عِرْنِينِهِ فطَسٌ
خالٍ منَ الفضلِ ، مملوءٍ منَ النهمِ
سودُ الخلائقِ ، دلاجونَ ، ما طبعوا
عَلَى الْمَحَارِمِ هَدَّاجُونَ فِي الظُّلَمِ
لا يحسنونَ التقاضي في الحقوقِ ، وَ لاَ
يُوفُونَ بِالْعَهْدِ إِلاَّ خِيفَة َ النِّقَمِ
صُفْرُ الْوُجُوهِ مِنَ الأَحْقَادِ، تَحْسَبُهُمْ
وَ همْ أصحاءُ - في درعٍ منَ السقمِ
فلا ذمامة َ في قولٍ وَ لاَ عملٍ
وَ لاَ أمانة َ في عهدٍ وَ لاَ قسمِ
بَلَوْتُ مِنْهُمْ خِلاَلاً لَوْ وَسَمَتْ بِهَا
وَجْهَ الغَزَالَة ِ لَمْ تُشْرِقْ عَلَى عَلَمِ
لمْ أدرِ ، هلْ نبغتْ في الأرضِ نابغة ٌ
أمْ هذهِ شيمة ُ الدنيا منَ القدمِ ؟
لاَ يُدْرِكُ الْمَجْدَ إِلاَّ مَنْ إِذَا نَهَضَتْ
بِهِ الْحَمِيَّة ُ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَغَمِ
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَسَاعِي مَا يَبِينُ بِهِ
فضلُ الرجالِ تساوى الناسِ في القيمِ
فأيُّ غامضة ٍ لمْ تجلها فطني ؟
وَأَيُّ بَاذِخَة ٍ لَمْ تَعْلُهَا قَدَمِي؟
وَكَيْفَ لاَ تَسْبِقُ الْمَاضِينَ بَادِرَتِي؟
وَ السمهرية ُ تخشى الفتكَ منْ قلمي ؟
لكلَّ عصرٍ رجالٌ يذكرونَ بهِ
وَالْفَضْلُ بِالنَّفْسِ لَيْسَ الْفَضْلُ بِالْقِدَمِ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:11 AM
أنسيمٌ سرَى بنفحة ِ رَندِ ؟
أَم رسولٌ أدَّى تَحيَّة هِند ؟
أطربتنى أنفاسُهُ ، فكَأنِّى
مِلْتُ سُكْراً مِنْ جُرْعَة ٍ مِنْ بِرَنْدِي
وَأَخُو الْوَجْدِ لا يَزَالُ طَرُوباً
يتبَعُ الشَّوقَ بينَ سهلٍ وفندِ
طَالَ شَوْقِي إِلى الدِّيَارِ، وَلَكِنْ
أينَ مِن مصرَ من أقامَ بكندى ؟
حَبَّذَا النِّيلُ حِينَ يَجْرِي فَيُبْدِي
رَوْنَقَ السَّيْفِ، وَاهْتِزَازَ الْفِرِنْدِ
تَتَثَنَّى الْغُصُونُ في حَافَتَيْهِ
كَالعَذَارَى يَسْحَبْنَ وَشْيَ الْفِرِنْدِ
قلَّدتها يدُ الغمامِ عقوداً
هِيَ أَبْهَى مِنْ كُلِّ عِقْدٍ وَبَنْدِ
كيفَ لاتهتِفُ الحَمامُ علَيهِ ؟
وهِى َ تُسقى بهِ سُلافة َ قَندِ
هوَ مرمى نَبلِى ، وملعبُ خيلى
وحِمى أسرَتى ، ومَركزُ بَندِى
كلَّما صوَّرتهُ نفسِى لِعينِى
قدحَ الشَّوقُ فى الفؤادِ بِزَندِ
لِي بِهِ صَاحِبٌ عَلَيَّ عَزِيزٌ
مِثلُ ما عِندَهُ منَ الشَّوقِ عندى
أَتَمَنَّاهُ غَيْرَ أَنَّ فُؤَادِي
مِن إسارِ النَّوى مُحاطٌ بِجندِ
فَاهْدِ مِنِّي لَهُ تَحِيَّة َ صِدْقٍ
وَتَلَطَّفْ بِحَالَتِي يَا أَفَنْدِي !
أَنا واللهِ مُغرَمٌ بِهَواهُ
حيثُما دُرتُ بينَ هِندٍ وسندِ
إِنَّ شَوْقِي إِلَيْهِ أَسْرَعُ شَأْواً
مِنْ سُلَيْكٍ وَالْوَصْلُ في بُطْءِ فِنْدِ
أَسألُ الدَّهرَ نعمَة َ القربِ منهُ
وَهْوَ كَرٌّ بِنِعْمَة ٍ، لَيْسَ يُنْدِي
لَو سِوَى الدَّهرِ رامَ غَبنِى ؛ لأَصحَر
تُ مُشِيحاً بِالنَّصْلِ فَوْقَ سَمَنْدِ
لستُ أقوى على الزَّمانِ ؛ وإن كنـ
تُ أَفُلُّ العِدا بِقوة ِ زندِى

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:12 AM
مَنْ لِعَيْنٍ إِنْسَانُهَا لاَ يَنَامُ
وَ فؤادٍ قضى عليهِ الغرامُ
أقطعُ الليلَ بينَ حزنٍ وَ دمعٍ
وَسُهَادٍ، وَالنَّاسُ عَنِّي نِيَامُ
لا صديقٌ يرثي لما بتُّ ألقا
هُ ، وَ لاَ مسعدٌ - فأينَ الكرامُ ؟
لمْ تدعْ لوعة ُ الصبابة ِ مني
غيرَ نفس غذاؤها الآلامُ
رَقَّ طَبْعُ النَّسِيمِ رِفْقاً بِحَالِي
وَبَكَى ـ رَحْمَة ً ـ عَلَيَّ الْحَمَامُ
وَ بنفسي - لوْ كنتُ أملكُ نفسي -
قَمَرٌ نُورُهُ عَلَيَّ ظَلاَمُ
تَسْتَطِيبُ الْقُلُوبُ فِيهِ الرَّزَايَا
وَ تلذُّ الضنى بهِ الأجسامُ
غَيَّرَتْهُ الْوُشَاة ُ؛ فَازْوَرَّ عَنِّي
وَ هوَ منى بنجوة لاَ ترامُ
زعموني أتيتُ ذنباً ، وَ ما لي -
يعلمُ اللهُ - في هواهُ أثامُ
سَوْفَ يَلْقَى كُلُّ امْرِىء ٍ مَا جَنَاهُ
وَ إلى اللهِ ترجعُ الأحكامُ
يا نديميَّ ! علالاني ، فلنْ تهـ
ـلِكَ نَفْسٌ قَدْ عَلَّلَتْهَا النِّدَامُ
ربَّ قول يردُّ لهفة َ قلب
وَ كلامٍ تجفُّ منهُ الكلامُ
وَ منَ الماسِ منْ تراهُ سليماً
وَ هوَ داءٌ تدوى بهِ الأفهامُ
قدْ - لعمري - بلوتُ دهري ، فما أحـ
ـمَدْتُ مِنْهُ مَا تَحْمَدُ الأَقْوَامُ
صَلَفٌ لاَ يَبُلُّ غُلَّة َ صَادٍ
وَ مراعٍ هشيمها لا يشامُ
أطلبُ الصدثَ في الوداد
يصدقُ الودُّ وَ العهودُ رمامُ ؟
كلما قلتُ قدْ أصبتُ خليلاً
فَانْظُرُوا: كَيْفَ تُعْبَدُ الأَصْنَامُ؟
فَتَفَرَّدْ تَعِشْ بِنَفْسِكَ حُرّاً
ربَّ فردِ يخشاهُ جيشٌ لهامُ
وَاحْذَرِ الضَّيْمَ أَنْ يَمَسَّكَ؛ فَالضَّيْـ
ـمُ حِمَامٌ يَفِرُّ مِنْهُ الْحِمَامُ
ضلَّ قومٌ توهموا الصبرَ حاماً
وَ هوَ - إلاَّ لدى الكريهوِ - ذامُ
يَحْسَبُونَ الْحَيَاة َ في الذُّلِ عَيْشاً
وَ هوَ موتٌ يعيشٌ فيهِ اللئامُ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:12 AM
خَليلى َّ هَل طالَ الدُّجى ؟ أم تقيَّدَت
كَوَاكِبُهُ، أَمْ ضَلَّ عَنْ نَهْجِهِ الْغَدُ
أَبِيتُ حَزِيناً فِي «سَرَنْدِيبَ» سَاهِراً
طَوال اللَّيالى ، والخليُّونَ هُجَّدِ
أحاولُ مالا أستطيعُ طِلابَهُ
كَذا النَّفسُ تَهوى غيرَ ما تملِكُ اليَدُ
إذا خَطرتْ من نَحوِ حُلوانَ نسمَة ٌ
نَزَتْ بَيْنَ قَلْبِي شُعْلَة ٌ تَتَوَقَّدُ
وهَيهاتَ ، ما بعدَ الشبيبة ِ مَوسمٌ
يَطيبُ ، ولا بعدَ الجزيرة ِ مَعهدُ
شبابٌ وإخوانٌ رزِئتُ وِدادهُم
وكلُّ امرئٍ فى الدهرِ يشقَى ويسعَدُ
وما كنتُ أخشى أَن أعيشَ بِغربة ٍ
يُعَلِّلُنِي فِيهَا خُوَيْدِمُ أَسْوَدُ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:13 AM
أَرى نَفحة ً دَلَّت على كَبِدى الوَجدا
فمَن كانَ " بالمقياسِ " أقرَبكُم عَهدا ؟
مَلاعبُ آرامٍ ، ومجرَى جَداوِلٍ
ومُلتفُّ أفنانٍ تَقى الحرَّ والبردَا
إذا انبعَثتْ فيهِ النسائِمُ خِلتَها
تُنيرُ على متنِ الغديرِ بهِ بردا
كَأَنَّ الصَّبَا تُلْقِي عَلَيْهِ إِذَا جَرَتْ
مَسَائِلَ في الأَرْقَامِ، أَوْ تَلْعَبُ النَّرْدَا
أَقَامَ الرَّبِيعُ الطَّلْقُ في حَجَرَاتِهَا
وأسدى لها مِن نِعمة النيلِ ما أسدى
فللَّهِ كَم مِن صَبوة ٍ كانَ لى بِها
رَواحٌ إلى حُسَّانَة ِ الجيدِ أَو مغدَى
إذِ الدهرُ لم يُخفِر ذِماماً ، ولم يخُن
نِظاماً ، ولم يحمِل على ذى هوى ً حِقدا
تَدُورُ عَلَيْنَا بِالأَحَاظِي شُمُوسُهُ
وَتُمْسِي علَيْنَا طَيْرُ أَنْجُمِهِ سَعْدَا
وَيا رُبَّ لَيْلٍ لَفَّنَا بِرِدَائِهِ
عِنَاقاً، كَمَا لَفَّ الصَّبَا الْبَانَ والرَّنْدَا
وَلَثْمٍ تَوَالَى إِثْرَ لَثْمٍ بِثَغْرِهَا
كما شافهَ البازِى على ظمأ وردا
فَتَاة ٌ كَأَنَّ اللَّه صَوَّرَ لَحْظَهَا
لِيَهتِكَ أسرارَ القُلوبِ بهِ عَمدا
لها عبثاتٌ عندَ كُلِّ تَحِيَّة ٍ
تَسوقُ إليهَا عَن فرائسِها الأُسدا
إِذَا انْفَتَلَتْ بِالْكَأْسِ خِلْتَ بَنَانَها
تُدِيرُ عَلَيْنَا مِنْ جَنَى خَدِّهَا وَرْدَا
وما أنسهُ لا أنسَ يوماً تسابقَت
بهِ عبرتاها ، والنوى تصدَعُ الصَلدا
فلَم أَرَ لحظاً كانَ أَقتلَ باكِياً
وأمضى الظُبا فى الفتكِ ما سالَ إفرندا
حرامٌ على العينينِ إن لم تسِل دماً
عَلَى بَيْنِهَا وَالْقَلْبِ إِنْ لَمْ يَذُبْ وَقْدَا
فيا قلبُ ماأشجى إذا الدارُ باعدَت !
وَيَا دَمْعُ مَا أَجْرَى ، وَيَا بَيْنُ مَا أَرْدَى !
ويا صاحبى المذخورَ للسرِّ� � ! إنَّنى
ضَلَلتُ ، فهل من وثبة ٍ تُكسبُ الحمدَا ؟
حَلَفْتُ بِمَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ نِقَابُهَا
ويا لكَ حَلفاً ! ما أرَقَّ وماأندى !
بألاَّ تَفئَ العينَ عن سُنَّة ِ البُكى
وألا تريعَ النفسُ إن لم تمُت وجدا
وكيفَ يفيقُ القلبُ من سورة ِ الهوى
وَقَدْ مَدَّهُ سِحْرُ الْعُيُونِ بِمَا مَدَّا؟
وَمَا كُنْتُ لَوْلاَ الْعَذْلُ أُبْدِي خَفِيَّة ً
ولكن تَوالى القدحِ يسترعِفُ الزندا
ومَنْ لِي بَأَنَّ الْقَلْبَ يَكْتُمُ وَجْدَهُ؟
وَكَيْفَ تُسَامُ النَارُ أَنْ تَكْتُمَ النَّدَّا؟
فلا وصلَ إلاَّ ذُكرَة ٌ تَبعَثُ الأسى
عَلَى النَّفْسِ حَتَّى لا تُطِيقَ لَهُ رَدَّا
أَبِيتُ قَرِيحَ الْجَفْنِ، لا أَعْرِفُ الْكَرَى
طَوالَ اللَّيالى ، والجوانِحُ لا تهدا
فَيَأَيُّهَا النُّوَّامُ! والشَّوْقُ عَازِرٌ
ألا أحدٌ يَشرِى بغفوتهِ السُهدا ؟
لَقَدْ ذَلَّ مَنْ يَبْغِي مِنَ النَّاسِ نَاصِراً
وقَد خابَ من يجنى منَ الأَرقَمِ الشَهدا
فَإِيَّاكَ أَنْ تُخْدَعَ بِشِيْمَة ِ صاحِبٍ
فَمَنْ ظَنَّ خيْراً بِالزَّمَانِ فَقَدْ أَكْدَى
فقد طالما جرَّبت خِلاًّ فما رعَى
وَحِلْفاً فَمَا أَوْفَى ، وَعَوْناً فَمَا أَجْدَى
وما النَّاسُ إلا طالبٌ غيرُ واجدٍ
لِما يَبْتَغِي، أَوْ وَاجِدٌ أَخْطَأَ الْقَصْدَا
فلا تحسبنَّ الناسَ أبناءَ شيمَة ٍ
فَمَا كُلُّ مَمْدُودِ الْخُطَا بَطَلاً جَعْدَا

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:14 AM
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
فشبتُ وَ لمْ أقضِ اللبانة َ منْ سنى
عناءٌ ، وَ بأسٌ ، وَ اشتياقٌ ، وَ غربة ٌ
ألاَ ، شدَّ ما ألقاهُ في الدهرِ منْ غبنِ
فإنْ أكُ فارقتُ الديارَ فلي بها
فؤادٌ أضلتهُ عيونُ المها مني
بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَحْظَة ٍ
فَأَوْقَعُهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْنِ
فَهَلْ مِنْ فَتى ً فِي الدَّهْرِ يجْمَعُ بَيْنَنَا؟
فَلَيْسَ كِلاَنَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْنِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ، وأَسْبَلَتْ
مدامعنا فوقَ الترائبِ كالمزنِ
أهبتُ بصبري أنْ يعودَ ، فعزني
وَ ناديتُ حلمي أنْ يثوبَ ، فلمْ يغنِ
وَ لمْ تمضِ إلاَّ خطرة ٌ ، ثمَّ أقلعتْ
بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَة ُ السُّفْنِ
فَكَمْ مُهْجَة ٍ مِنْ زَفْرَة ِ الْوَجْدِ فِي لَظى ً
وَكَمْ مُقْلَة ٍ مِنْ غَزْرَة ِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ
وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هَذِهِ
فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي، وَرَدَّنِي
إِلَى الْحَزْمِ رَأْيٌ لا يَحُومُ عَلَى أَفْنِ
وَلَوْلاَ بُنَيَّاتٌ وَشِيبٌ عَوَاطِلٌ
لما قرعتْ نفسي على فائتٍ سنى
فيا قلبُ صبراً إنْ جزعتَ ؛ فربما
جرتْ سنحاً طيرُ الحوادثِ باليمنِ
فقدْ تورقُ الأغصانُ بعدَ ذبولها
وَيَبْدُو ضِيَاءُ الْبَدْرِ فِي ظُلْمَة ِ الْوَهْنِ
وَ أيُّ حسامٍ لمْ تصبهُ كهامة ٌ
وَلَهْذَمُ رُمْحٍ لاَ يُفَلُّ مِنَ الطَّعْنِ؟
وَمَنْ شَاغَبَ الأَيَّامَ لانَ مَرِيرُهُ
وَ أسلمهُ طولُ المراس إلى الوهنِ
وَمَا الْمَرْءُ فِي دُنْيَاهُ إِلاَّ كَسَالِكٍ
مناهجَ لا تخلو منَ السهلِ وَ الحزنِ
فإنْ تكنِ الدنيا تولتْ بخيرها
فَأَهْوِنْ بِدُنْيَا لاَ تَدُومُ عَلى فَنِّ!
تحملتُ خوفَ المنَّ كلَّ رزيئة ٍ
وَ حملُ رزايا الدهرِ أحلى منَ المنَّ
وَعَاشَرْتُ أَخْدَاناً، فَلَمَّا بَلَوْتُهُمْ
تَمَنَّيْتُ أَنْ أَبْقَى وَحِيداً بِلاَ خِدْنِ
إذا عرفَ المرءُ القلوبَ وَ ما انطوتْ
عليهِ منَ البغضاءِ - عاشَ على ضغنِ
وَأَيُّ حَيَاة ٍ لاِمْرِىء ٍ بَيْنَ بَلْدَة ٍ
وَتَسْمَعُ أُذْنِي مَا تَعَافُ مِنَ اللَّحْنِ
وَكَيْفَ مُقَامِي بَيْنَ أَرْضٍ أَرَى بِهَا
منَ الظلمِ ما أخنى على الدارِ وَ السكنِ
فسمعُ أنينِ الجورِ قدْ شاكَ مسمعي
و رؤية ُ وجهِ الغدرِ حلَّ عرا جفني
وَ صعبٌ على ذي اللبَّ رئمانُ ذلة ٍ
يَظَلُّ بِهَا فِي قَوْمِهِ وَاهِيَ الْمَتْنِ
إذا المرءُ لمْ برمِ الهناة َ بمثلها
تخطى إليهِ الخوفُ منْ جانبِ الأمن
فَلاَ تَعْتَرِفْ بِالذُلِّ خِيفَة َ نِقْمَة ٍ
فَعَيْشُ الْفَتَى في الذُّلِّ أَدْهَى مِنَ السِّجْنِ
وَكُنْ رَجُلاً، إِنْ سِيمَ خَسْفاً رَمَتْ بِهِ
حَمِيَّتُهُ بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَاللُّدْنِ
فلا خيرَ في الدنيا إذا المرءُ لمْ يعشْ
مهيباً ، تراهُ العينُ كالنارِ في دغن
وَ لا ترهبِ الأخطارَ في طلبِ العلا
فَمَنْ هَابَ شَوْكَ النَّحْلِ عَادَ، وَلَمْ يَجْنِ
وَ لولا معاناة ُ الشدائدِ ما بدتْ
مزايا الورى بينَ الشجاعة ِ وَ الجبنِ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي الْمُدْنِ مَا شِئْتَ مِنْ قِرى ً
فَأَصْحِرْ؛ فَإِنَّ الْبِيدَ خَيْرٌ مِنَ الْمُدْنِ
صَحَارٍ يَعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا بِسَيْفِهِ
شَدِيدَ الْحُمَيَّا غَيْرَ مُغْضٍ عَلَى دَمْنِ
وَ أيُّ حياة ٍ لامرئٍ بينَ بلدة ٍ
يَطَلُّ بِهَا بَيْنَ الْعَوَاثِنِ وَالدَّخْنِ؟
لعمري لكوخٌ منْ ثمامٍ
أَحَبُّ إِلَى قَلْبِي مِنَ الْبَيْتِ ذِي الْكِنِّ
و أطربُ منْ ديكٍ يصيحُ بكوة ٍ
أراكية ٌ تدعو هديلاً على غصنِ
وَ أحسنُ منْ دارٍ وَ خيمٍ هواؤها
مَبِيتُكَ مِنْ بُحْبُوحَة ِ الْقَاعِ فِي صَحْنِ
تَرَى كُلَّ شَيْءٍ نُصْبَ عَيْنَيْكَ مَاثِلاً
كأنكَ منْ دنياكَ في جنتيْ عدنِ
تدورُ جيادُ الخيلِ حولكَ شرباً
تجاذبُ أطرافَ الأعنة ِ كالجنَّ
إذا سمعتْ صوتَ الصريخِ تنصبتْ
فتدركُ ما لا تبصرُ العينُ بالأذنِ
فتلكَ - لعمري - عيشة ٌ بدورية ٌ
موطأة ُ الأكنافِ ، راسخة ُ الركن
وَمَا قُلْتُ إِلاَّ بَعْدَ عِلْمٍ أَجَدَّ لِي
يقيناً نفى عني مراجعة َ الظنَّ
فقدْ ذقتُ طعمَ الدهرِ حتى لفظتهُ
وَعَاشَرْتُ حَتَّى قلْتُ لابْنِ أَبِي: دَعْنِي
وَلَوْلاَ أَخٌ أَحْمَدْتُ فِي الْوُدِّ عَهْدَهُ
على حدثانِ الدهرِ - ما كنتُ أستثني
وَرُبَّ بَعِيدِ الدَّارِ يُصْفِيكَ وُدَّهُ
وَمُقْتَرِبٍ يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَمْ تَجْنِ
وَ ما الودُّ في القربى وَ إنْ هيَ أوجبتْ
وَ لكنهُ في الطبعِ ، وَ الشكلِ ، وَ الوزنِ
إذا لمْ يكنْ بينَ الوديدينِ خلة ٌ
فلا أدبٌ يجدى ، وَ لاَ نسبٌ يدنى
فَذَاكَ أَخٌ لَوْلاَهُ أَنْكَرْتُ كُلَّ مَا
سَمِعْتُ بِهِ عَنْ «أَحْنَفِ» الْحِلْمِ، أَوْ «مَعْنِ»
فَإِنْ لَمْ أُصَرِّحْ بِاسْمِهِ خَوْفَ حَاسِدٍ
يَنُمُّ علَيْهِ، فَهْوَ يَعْلَمُ مَنْ أَعْنِي
على َ إنَّ ذكراهُ - وَ إنْ كانَ نائياً -
سَمِيرُ فُؤَادِي في الإِقَامَة ِ وَالظَّعْنِ
أَنُوحُ لِبُعْدِي عَنْهُ حُزْناً وَلَوْعَة ً
كمانا من شوقٍ " جميلٌ " عاى َ " بثنِ "
فَمَنْ لِي بِه خِلاً كَرِيماً نِجَارُهُ؟
فقدْ سئمتْ نفسي معاشرة َ الهجنِ
تجاذبني نفسي إليهِ ، وَ دوننا
أهاويلُ ملتجَّ الغواربِ مستنَّ
لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تَسْخُو بِلُقْيَة ٍ
أَرَاهُ بِهَا بَعْدَ الْكَزَازَة ِ وَالضَّنِّ
وَإِنِّي ـ وَإِنْ طَالَ الْمِطَالُ ـ لَوَاثِقٌ
بِرَحْمَة ِ رَبِّي؛ فَهْوَ ذُو الطَّوْلِ وَالْمَنِّ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:16 AM
وَصَاحِبٍ رَعَيْتُ دَهْراً وُدَّهُ
وَلَمْ أُبَايِنْ نَهْجَهُ وقَصْدَهُ
وَكُنْتُ أَرْعَى بِالمَغِيبِ عَهْدَهُ
بَلْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَعِيشَ بَعْدَهُ
وَطَالَمَا أَرْغَمْتُ فِيهِ ضِدَّهُ
وَذُدْتُ عَنْهُ مَا يَعُوقُ وَكْدَهُ
حتََى إذا ما الدَّهرُ أروى زندهُ
صعَّرَ لى بعدَ الصفاءِ خدَّهُ
وَجَازَ في بَعْضِ الأُمُورِ حَدَّهُ
فَلَمْ أُحَاوِلْ رَدْعَهُ وَرَدَّهُ
وَلَمْ أُكَدِّرْ بَالعِتَابِ وِرْدَهُ
وَلَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَفُلَّ حَدَّهُ
لَقُلْتُ فِيْهِ مَا يَحُزُّ جِلْدَهُ
لكِنَّنى تركتهُ وحقدهُ
شَأْنُ امْرِىء ٍ في الْمَجْدِ يَرْعَى مَجْدَهُ
كلُّ امرئٍ يُنفقُ ممَّا عندهُ
والْمَرْءُ مَجْزِيٌّ بِمَا أَعَدَّهُ

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:17 AM
أعائدٌ بكِ - يا ريحانة ُ - الزمنُ ؟
فيلتقي الجفنُ - بعدا البينِ - وَ الوسنُ
أشتاقُ رجعة َ أيامي لكاظمة ٍ
وَمَا بِيَ الدَّارُ لَوْلاَ الأَهْلُ وَالسَّكَنُ
فهلْ تردُّ الليالي بعضَ ما سلبتْ ؟
أمْ هلْ تعودُ إلى أوطانها الظعنُ ؟
أَهَنْتُ لِلْحُبِّ نفْسِي بَعْدَ عِزَّتِهَا
وَأَيُّ ذِي عِزَّة ٍ لِلْحُبِّ لاَ يَهِنُ؟
لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْهَوَى سِرٌّ لَمَا ظَهَرَتْ
بِوَحْيِ قُدْرَتِهِ فِي الْعَالَمِ الْفِتَنُ
فَكَيْفَ أَمْلِكُ نَفْسِي بَعْدَمَا عَلِقَتْ
بِيَ الصِّبَابَة ُ حَتَّى شَفَّنِي الْوَهَنُ
لولا جريرة ُ عيني ما سمحتُ بها
للدمعِ تسفحهُ الأطلالُ وَ الدمنُ
دَعَتْ إِلَى الْغَيِّ قَلْبِي؛ فَاسْتَبَدَّ بِهِ
شَوْقٌ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَمُّ وَالشَّجَنُ
وَ دونَ ما تبغيهِ النفسُ منْ أربٍ
بَيْدَاءُ تَصْهَلُ فِي أَرْجَائِهَا الْحُصُنُ
وَ في الأكلة ِ آرامٌ تطيفُ
أسدٌ براثنها الخطية ُ اللدنُ
منْ كلَّ حوراءَ مثلِ الظبي ، لوْ نظرتْ
لِعَابِدٍ لَشَجَاهُ اللَّهْوُ وَالدَّدَنُ
في نشوة ِ الراحِ منْ ألحاظها أثرٌ
وفِي الْجَآذِرِ مِنْ أَلْفَاظِهَا غُنَنُ
دَقَّتْ، وَجَلَّتْ، وَلاَنَتْ، وَهْيَ قَاسِيَة ٌ
كَذَاكَ حَدُّ الْمَوَاضِي لَيِّنٌ خَشِنُ
طوتْ بهنَّ النوى عني بدورَ دجى
لا يستبينُ لعيني بعدها سننُ
أتبعتهمْ نظراتٍ كلما بلغتْ
أخرى الحمولِ ثناها مدمعٌ هتنُ
يَا رَاحِلِينَ وَفي أَحْدَاجِهِمْ قَمَرٌ
يَكَادُ يَعْبُدُهُ مِنْ حُسْنِهِ الْوَثَنُ
منوا عليَّ بوصلٍ أستعيدُ بهِ
منْ مهجتي رمقاً يحيا به البدنُ
أوْ فاسمحوا لي بوعدٍ إنْ ونتْ صلة ٌ
فَالْوَعْدُ مِنْكُمْ بِطِيبِ الْعَيْشِ مُقْتَرِنُ
لمْ ألقَ منْ بعدكمْ يوماً أسرُّ بهِ
كَأَنَّ كُلَّ سُرُورٍ بَعْدَكُمْ حَزَنُ
يَا جِيرَة َ الْحَيِّ! مَا لِي لاَ أَنَالُ بِكُمْ
معونة ً ؛ وَ بكمْ في الناس يعتونُ ؟
مَاذَا عَلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ أَهْلُ بَادِرَة ٍ
إذا ترنمَ فيكمْ شاعرٌ فطنُ ؟
أَفِي السَّوِيَّة ِ أَنْ يَبْكِي الْحَمَامُ، وَلاَ
يبكي على إلفهِ ذو لوعة ٍ ضمنُ ؟
يا حبذا مصرُ لوْ دامتْ مودتها
وَ هلْ يدومُ لحيًّ في الورى سكنُ ؟
تاللهِ ما فارقتها النفسُ عنْ مللٍ
وَإِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ لَهَا إِحَنُ
فلا يسرَّ عداتي ما بليتُ بهِ
فَسَوْفَ تَفْنَى ، وَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْحَسَنُ
ظَنُّوا ابْتِعادِيَ إِغْفَالاً لِمَنْقَبَتِي
وَذَاكَ عِز لَهَا لَوْ أَنَّهُمْ فَطَنُوا
فإنْ أكنْ سرتُ عنْ أهلي وَ عنْ وطني
فَالنَّاسُ أَهْلِي، وَكُلُّ الأَرْضِ لِي وَطَنُ
لاَ يَطْمِسُ الْجَهْلُ مَا أَثْقَبْتُ مِنْ شَرَفٍ
وَ كيفَ يحجبُ نورَ الجونة ِ الدخنُ ؟
قدْ يرفعُ العلمُ أقواماً وَ إنْ تربوا
وَيَخْفِضُ الْجَهْلُ أَقْوَاماً وَإِنْ خَزَنُوا
فَرُبَّ مَيْتٍ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ نَسَمٌ
وَ ربَّ حيًّ لهُ منْ جهلهِ كفنُ
فلا تغرنكَ أشباهٌ تمرُّ بها
هَيْهَاتَ، مَا كُلُّ طِرْفٍ سابِقٌ أَرِنُ
فلا ملامَ على ما كانَ منْ حدثٍ
فكُلُّنَا بِيَدِ الأَقْدَارِ مُرْتَهَنُ
لَوْ كَانَ لِلْمَرْءِ حُكْمٌ فِي تَصَرُّفِهِ
لعاشَ حراً ، وَ لمْ تعلقْ بهِ المحنُ
وَ أيُّ حيًّ - وَ إنْ طالتْ سلامتهُ -
يَبْقَى ؟ وَأَيُّ عَزِيزٍ لَيْسَ يُمْتَهَنُ؟
كلُّ امريءٍ غرضٌ للدهرِ يرشقهُ
بأسهمٍ لا تقي أمثالها الجننُ
فَلْيَشْغَبِ الدَّهْرُ، أَوْ تَسْكُنْ نَوَافِرُهُ
فَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى مَا فَاتَ أَحْتَزِنُ
غنيتُ عما يهينُ النفسَ منْ عرضٍ
فما عليَّ لحيًّ في الورى مننُ
لَكِنَّنِي بَيْنَ قَوْمٍ لاَ خلاَقَ لَهُمْ
إِنْ عَاقَدُوا غَدَرُوا، أَوْ عَاشَروا دَهَنُوا
يخفونَ منْ حسدٍ ما في نفوسهمُ
وَيُظْهِرُونَ خِدَاعاً غَيْرَ مَا بَطنوا
يا للحماة ِ ! أما في الناسِ منْ رجلٍ
وارى الضميرِ ، لهُ عقلٌ بهِ يزنُ ؟
أكلَّ خلًّ أراهُ لا وفاءَ لهُ ؟
وَ كلَّ قلبٍ عليَّ اليومَ مضطغنُ ؟
تغيرَ الناسُ عما كنتُ أعهدهُ
فاليومَ لاَ أدبٌ يغنى ، وَ لاَ فطنُ
فالخيرُ منقبضٌ ، وَ الشرُّ منبسطٌ
وَ الجهلُ منتشرٌ ، وَ العلمُ مندفنُ
لَمْ تَلْقَ مِنْهُمْ سَلِيماً فِي مَوَدَّتِهِ
كَأَنَّ كُلَّ امْرِىء ٍ فِي قَلْبِهِ دَخَنُ
طَوَاهُمُ الْغِلُّ طَيَّ الْقِدِّ، وَانْتَشَرَتْ
بالغدرِ بينهمُ الأحقادُ وَ الدمنُ
فَلاَ صَدِيقَ يُرَاعِي غَيْبَ صَاحِبِهِ
وَلاَ رَفِيقَ عَلَى الأَسْرَارِ يُؤْتَمَنُ
بَلَوْتُهُمْ؛ فَسَئِمْتُ الْعَيْشَ، وَانْصَرَفَتْ
نفسي عنِ الناس حتى ليسَ لي شجنُ
فَإِنْ يَكُنْ فَاتَنِي مَا كُنْتُ أَمْلِكُهُ
فَالْبُعْدُ عَنْهُمْ لِمَا أَتْلَفْتُهُ ثَمَنُ
كَفَى بِحَرْبِ النَّوَى سَلماً نَجَوْتُ بِهِ
وَ ربَّ مخشية ٍ في طيها أمن
لعلَّ مزنة خيرٍ تستهلُّ على
رَوْضِ الأَمَانِي؛ فَيَحْيَا الأَصْلُ
وَ كلُّ شيءٍ لهُ بدءٌ وَ عاقبة ٌ
وَ كيفَ يبقى على حدثانهِ الزمنُ ؟

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:18 AM
مَنْ قَلَّدَ الزَّهْرَ جُمَانَ النَّدَى
وألهمَ القمرى َّ حتَّى شدا ؟
وَزَيَّنَ الأَرْضَ بِأَلْواَنِهَا
وصوَّرَ الأبيضَ والأسودا ؟
سُبْحَانَ مَنْ أَبْدَعَ في مُلْكِهِ
حَتَّى بَدَا مِنْ صُنْعِهِ مَا بَدَا
تنَزَّهت عن صفة ٍ ذاتهُ
وقامَ فى لاهوتهِ أوحدَا
فَاسْجُدْ لَهُ، وَاقْصِدْ حِمَاهُ تَجِدْ
ربَّاً كريماً ، ومليكاً هدى
فَقُمْ بِنَا يَا صَاحِ نَرْعَ النَّدَى
ونسألِ الله عميمَ النَّدى
أما ترى كيفَ استحارَ الدُّجى ؟
وكيفَ ضَلَّ النَّجمُ حتَّى اهتَدى ؟
وَلاَحَ خَيْطُ الْفَجْرِ فِي سُحْرَة ٍ
كصارمٍ فى قسطلٍ جُرِّدا
فالجوُّ قد باحَ بِمكنونهِ
وَالأَرْضُ قَدْ أَنْجَزَتِ الْمَوْعِدَا
غَمَامَة ٌ أَلْقَتْ بِأَفْلاَذِهَا
وَجَدْوَلٌ مَدَّ إِلَيْنَا يَدَا
فانهَض ، وسِر، وانظُر، ومِل ، وابتهِجْ
وَامْرَحْ، وَطِبْ، واشْربْ لِتُرْوِي الصَّدَى
ولا تسَل عَن خبَرٍ لم يَحِن
ميقاتهُ ، وانظُر إلى المُبتدا
وَلاَ تَلُمْ خِلاًّ عَلَى هَفْوَة ٍ
فقلَّما تَلقى فتى ً أَمجدا
لو علِمَ الإنسانُ ما أضمرَت
أَحْبَابُهُ، هَانَتْ عَلَيْهِ الْعِدَا
فَدَعْ بَنِي الدُّنْيَا لأَهْوَائِهِمْ
وَلاَ تُطِعْ مَنْ لاَمَ، أَوْ فَنَّدَا
ما لِي وَلِلنَّاسِ وَأَعْمَالِهِمْ؟
كُلُّ امرئٍ رَهنُ حِسابٍ غَدا
هَلْ هِيَ إِلاَّ مُدَّة ٌ تَنْقَضِي؟
وكُلُّ نَفسٍ خُلِقَت للرَّدى
فاستعمِل الرِفقَ تَعش راشداً
واعْطِفْ عَلَى الأَدْنَى تَكُنْ سَيِّدَا
واسعَ لما أنتَ لَهُ ، فالفتى
إِنْ هَجَرَ الرَّاحَة َ حَازَ الْمَدَى
ما خلقَ اللهُ الورَى باطلاً
لِيَرْتَعُوا بَيْنَ الْبَوَادِي سُدَى
فَاقبَل وصاتى ، واستمِع حِكمتى
فَلَيْسَ مَنْ أَغْوَى كَمَنْ أَرْشَدَا
إِنِّي وَإِنْ كُنْتُ أَخَا صَبْوَة ٍ
ومَسمَعٍ يُطربُنى من شدا
فقَدْ أزُورُ اللَّيثَ فى غابِهِ
وأهبِطُ الأرضَ عليها النَّدى
وأَصْدَعُ الْخَصْمَ، وَما خِلْتُنِي
أصدعُ إلاَّ البَطلَ الأصيدا
بِلَهْذَمٍ لَيْسَتْ لَهُ صَعْدَة ٌ
لَكِنَّهُ يَمْضِي إِذَا سُدِّدَا
أَوْ صَارِمٍ يَفْرِي نِيَاطَ الْكُلَى
وَلَمْ يزَلْ في جَفْنِهِ مُغْمَدَا
ماضِى الغرارينِ ، ولَكِنَّهُ
لا يعرِفُ الصَّيقلَ والمبَردا
أَوْ مِشْقَصٍ إِنْ فَوَّقَتْ نَصْلَهُ
إلى امرئٍ غيرُ يدٍ أقصدا
أَو طائرٍ فى وكرهِ جاثِمٍ
يشوقُ إن هينَمَ أو غرَّدَا
لم يعدُ كِنَّاً لم يزَلْ ساكِناً
فيهِ ، وباباً دونهُ مؤصَدَا
قَدْ لاَنَ، إِلاَّ أَنَّهُ إِنْ قَسَا
يومَ نِضالٍ ؛ صَدَعَ الجَلمدَا
مُعتَقلٌ ، لكنَّه مُطلقٌ
يَجولُ فى مَسكَنهِ سَرمَدا
يَحْكُمُ بِالذَّوْقِ علَى ما يَرَى
وَيَعْرِفُ الأَصْلَحَ وَالأَفْسَدَا
لهُ صِحابٌ قد أحاطَت بهِ
تنقُلُ عَنهُ نبَراتِ الصَدَى
فَهْوَ بِهَا مُجْتَمِعٌ شَمْلُهُ
إِنْ أَصْدَرَ الْقَوْلَ بِهَا أَوْرَدَا
مُشتَبِهاتُ الرَصفِ فى جودة ٍ
تَبَارَكَ اللَّهُ الَّذِي جَوَّدَا
يبيتُ مِنها وَهوَ ذو مِرَّة ٍ
في رَصَفٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ نُضِّدَا
ذَاكَ لِسَانِي، وَهْوَ حَسْبِي إِذَا
ما أبرَقَ الحاسدُ أو أرعدا

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:19 AM
أَخَذَ الْكَرَى بِمَعَاقِدِ الأَجْفَانِ
وَهَفَا السُّرَى بِأَعِنَّة ِ الْفُرْسَانِ
وَاللَّيْلُ مَنْثُورُ الذَّوَائِبِ ضَارِبٌ
فَوْقَ الْمَتَالِعِ وَالرُّبَا بِجِرَانِ
لاَ تَسْتَبِينُ الْعَيْنُ فِي ظَلْمَائِهِ
إلاَّ اشتعالَ أسنة ِ المرانِ
نَسْرِي بِهِ مَا بَيْنَ لْجَّة ِ فِتْنَة ٍ
تسمو غواربها على الطوفانِ
في كلَّ مربأة ٍ ، وكلَّ ثنية ٍ
تهدارُ سامرة ٍ ، وَ عزفُ قيانِ
تسنُّ عادية ٌ ، وَ يصهلُ أجردٌ
و تصيحُ أحراسٌ ، وَ يهتفُ عانى
قومٌ أبى الشيطانُ إلاَّ نزعهمْ
فتسللوا منْ طاعة ِ السلطانِ
مَلأَوا الْفَضَاءَ؛ فَمَا يَبِينُ لِنَاظِرٍ
غَيْرُ الْتِمَاعِ الْبِيضِ وَالْخُرْصَانِ
فالبدرُ أكدرُ ، وَ السماءُ مريضة ٌ
وَالْبَحْرُ أَشْكَلُ، وَالرِّمَاحُ دَوَانِي
وَالْخَيْلُ وَاقِفَة ٌ عَلَى أَرْسَانِهَا
لِطِرَادِ يَوْمِ كَرِيهَة ٍ، وَرِهَانِ
وضعوا السلاحَ إلى الصباحِ ، وَ أقبلوا
يَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسُنِ النِّيرانِ
حتى إذا ما الصبحُ أسفرَ ، وَ ارتمتْ
عينايَ بينَ رباً ، وبين محاني
فإذا الجبالُ أسنة ٌ ، وإذا الوها
دُ أعنة ٌ ، والماءُ أحمرُ قاني
فتوجستْ فرطُ الركابِ
لِتَهَابَ؛ فَامْتَنَعَتْ عَلَى الأَرْسَانِ
فزعتْ ؛ فرجعتِ الحنينَ ، وَ إنما
تحنانهاشجنٌ منَ الأشجانِ
ذَكَرَتْ مَوَارِدَهَا بِمِصْرَ. وَأَيْنَ مِنْ
مَاءٍ بِمِصْرَ مَنَازِلُ الرُّومَانِ؟
وَ النفسُ مولعة ٌ - وَ إنْ هيَ صادفتْ
خَلَفاً ـ بِأَوَّلِ صَاحِبٍ وَمَكَانِ
فَسَقَى السَّمَاكَ مَحَلَّة ً وَمَقَامَة ً
في مصرَ كلَّ روية ٍ مرنان
حتى تعودَ الأرضُ بعدَ محولها
شَتَّى النَّمَاءِ، كَثِيرَة َ الأَلْوَانِ
بَلَدٌ خَلَعْتُ بِهَا عِذَارَ شَبِيبَتِي
وَطَرَحْتُ فِي يُمْنَى الْغَرَامِ عِنَانِي
فَصَعِيدُهَا أَحْوَى النَّبَاتِ، وَسَرْحُهَا
ألمى طوعُ تقلبِ الأزمانِ
حملَ اتلزمانُ عليَّ ما لمْ أجنهِ
إِنَّ الأَمَاثِلَ عُرْضَة ُ الْحدثَانِ
نقموا عليَّ - وَ قدْ فتكتُ - شجاعتي
إِنَّ الشَّجَاعَة َ حِلْيَة ُ الْفِتْيَانِ
فليهنإِ الدهرُ الغيورُ برحلتي
عَنْ مِصْرَ، وَلْتَهْدَأْ صُرُوفُ زَمَانِي
فَلَئِنْ رَجَعْتُ، وَسَوْفَ أَرْجِعُ وَاثِقاً
باللهِ - أعلمتُ الزمانَ مكاني
صَادَفْتُ بَعْضَ الْقَوْمِ حَتَّى خَانَنِي
وَحَفِظْتُ مِنْهُ مَغِيبَهُ فَرَمَانِي
زَعَمَ النَّصِيحَة َ ـ بَعْدَ أَنْ بَلَغَتْ بِهِ ـ
غِشًّا، وَجَازَى الْحَقَّ بِالْبُهْتَانِ
فليجر بعدُ كما أرادَ بنفسهِ
إن الشقيَّ مطية ُ الشيطانِ
وَ كذا اللئيمُ إذا أصابَ كرامة ً
عَادَى الصَّدِيقَ، وَمَالَ بِالإِخْوَانِ
كلُّ امرئٍ يجري على أعراقهِ
والطَّبْعُ لَيْسَ يَحُولُ فِي الإِنْسَانِ
فعلامَ يلتمسُ العدوُّ مساءتي ؟
منْ بعدِ ما عرفَ الخلائقُ شاني
أَنَا لاَ أَذِلُّ، وَإِنَّمَا يَزَعُ الْفَتَى
فقدُ الرجاءِ وقلة ُ الأعوانِ
فَلْيَعْلَمَنَّ أَخُو الْجَهَالَة ِ قَصْرَهُ
عَنِّي وَإِنْ سَبَقَتْ بِهِ قَدَمَانِ
فَلَرُبَّمَا رَجَحَ الْخَسِيسُ مِنَ الْحَصَى
بِالدُّرِّ عِنْدَ تَمَاثُلِ الْمِيزَانِ
شَرَفٌ خُصِصْتُ بِهِ، وَأَخْطَأَ حَاسِدٌ
مَسْعَاتَهُ، فَهَذَى بِهِ، وَقَلاَنِي

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:20 AM
ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟
أو لم يكفِ أنَّهُ ذابَ وَجدا ؟
وَسَمَتْنِي بِنَارِهَا الْغِيدُ حَتَّى
تَركتنى فى عالَمِ الحُبِّ فَردا
فَضُلُوعِي مِنْ قَدْحَة ِ الزَّنْدِ أَوْرَى
ودُموعى مِن صَفحَة الغَيمِ أَندى
مَا عَلَى الْبَرْقِ لَوْ تَحَمَّلَ عَنِّي
بَعضَ ما خفَّ من سلامٍ فأدَّى ؟
أيُّها الساهِرونَ حَولَ وسَادى
لَسْتُ مِنْكُمْ أَوْ تَذْكُرُوا لِيَ نَجْدَا
وَعُهُوداً لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ مِنْهَا
لأَخى صَبوة ٍ ذِماماً وَعهدا
ونسيماً إذا سَرى ضَوَّعَ الآ
فَاقَ مِسْكاً، وَعَطَّرَ الْجَوَّ نَدَّا
لا تخوضوا فى غيرهِ من حَديثٍ
فهوَ حسبى ، وأى ُّ ماءٍ كصدَّا ؟
هِيَ أُحْدُوثَة ٌ تُسَاقُ وَلَكِنْ
رُبَّمَا اسْتَوْجَبَتْ ثَنَاءً وَحَمْدَا
آهِ من لوعة ٍ أطارت بقلبى
شُعلة ً شفَّتِ الجوانِحَ وَقدَا
كُلَّما قلتُ قد تناهى غرامى
عَادَ مِنْهُ ما كَانَ أَصْمَى وَأَرْدَى
يَا رَفِيْقِي إِذَا عَرَانِي خَطْبٌ
ونصيرى إذا خَصيمٍ تَصَدَّى
أَصْبَحَتْ حَاجَتِي إِلَيْكَ، فَخُذْ لِي
بِحُقُوقِي مِنْ ظَالِمٍ قَدْ تَعَدَّى
وجدَ القلبَ خالياً فاحتواهُ
وَرَأَى النَّفْسَ طَوْعَهُ فاستَبَدَّا
وَكَذَاكَ السُّلْطَانُ إِنْ ظَنَّ بِالأُمَّـ
ة ِ عَجزاً سَطا عليهَا وشدَّا
فَأَقِلْنِي مِنْ عَثْرَة ِ الْحُبِّ إِنْ أُو
تيتَ حُكماً ، أو قُل لقلبى يهدَا
فَمِنَ الْعَارِ غَضُّ طَرْفِكَ عَنِّي
إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَنْفَعُ وُدَّا
وبنفسى حلوُ الشمائلِ ، مُرُّ الـ
ـهَجْرِ، يُحيِي وَصْلاً، وَيَقْتُلُ صَدَّا
ذو قوامٍ أعدى منَ الرُمحِ ليناً
وَلِحَاظٍ أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ حَدَّا
كانَ قلبى وديعة ً عِندَ عينيـ
ـهِ، فَآلَى بِالسِّحْرِ أَلاَّ يُرَدَّا
مَا عَلَى قَوْمِهِ وَإِنْ كُنْتُ حُرًّا
أَن دعتنى لهُ المحبَّة ُ عَبدا ؟
غُصنُ بانٍ ، قَد أطلعَ الحُسنُ فيه
بِيَدِ السِّحْرِ جُلَّناراً وَوَرْدَا
مَا هِلاَلُ السَّماءِ؟ مَا الظَّبْيُ؟ ما الْوَرْ
دُ جَنِيًّا ما الغُصْنُ إِذْ يَتَهَدَّى ؟
هُوَ أَبْهَى وَجْهاً، وَأَقْتَلُ أَلْحا
ظاً، وَأَنْدَى خَدًّا، وَأَلْيَنُ قَدَّا
فَدَعِ اللَّوْمَ يَا عَذُولُ، فَإِنِّي
لَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْعَوَاذِلِ رُشْدَا
لا تخَلنى على غراتِكَ سهلاً
أَنَا أَدْرَى بِلَوْعَتِي مِنْكَ جِدَّا
لَستُ أقوى على الصُّدودِ ، وإن كُنـ
تُ على سورة الحوادثِ جَلدا
إِنْ تَكُنْ رَحْمَة ٌ فَنَفْسِيَ أَوْلَى
أو تَكن ضَلَّة ٌ فَربِّى أهدى

~الفراشة الجميلة~
07/08/2010, 10:21 AM
صبوتٌ إلى المدامة ِ وَ الغواني
وَحَكَّمْتُ الْغَوَايَة َ فِي عِنَانِي
و قلتُ لعفتي - بعدَ امتناعِ -
إِلَيْكِ؛ فَقَدْ عَنَانِي مَا عَنَانِي
فَمَا لِي عَنْ هَوَى الْحَسْنَاءِ صَبْرٌ
يُوَقِّرُ عِنْدَ سَوْرَتِهِ جَنَانِي
وَ كيفَ يضيقُ منْ دارتْ عليهِ
كئوسُ هوى من الحدقِ الحسان؟
أعاذلُ ، خلت=ني وَ شئونَ قلبي
و خذْ ما شئتهُ في أيَّ شانِ
فَقَدْ شَبَّ الْهَوَى مَنْ رَامَ نُصْحِي
وَأَغْرَى فِي الْمَحَبَّة ِ مَنْ نَهَانِي
رضيتُ منَ الهوى بنحولِ جسمي
وَمِنْ صِلَة ِ الْبَخِيلَة ِ بِالأَمَانِي
وَ لستُ بطالبٍ في الناسِ خلاَّ
يناصحني ؛ فعقلي قدْ كفاني
بَلَوْتُ النَّاسَ، وَاسْتَخْبَرْتُ عَنْهُم
صروفَ الدهرِ آناً بعدَ آنِ
فَمَا أَبْصَرْتُ غَيْرَ أَخِي كِذَابٍ
خلوبِ الودَّ ، مصنوعِ الحنان
يُصَرِّحُ بِالْعَدَاوَة ِ وَهْوَ نَاءٍ
وَ يمذقُ في المحية ِ وَ هوَ داني
لَهُ فِي كُلِّ جَارِحَة ٍ لِسَانٌ
وَمَا شُرْبِي الْمُدَامَ هِوى ً، وَلَكِنْ
فلا تأمنْ على نجواكَ صدراً
فَرُبَّ خَدِيعَة ٍ تَحْتَ الأَمَانِ
وَ لاَ يغرركَ قولٌ دونَ فعلٍ
فإنَّ الحسنَ قبحٌ في الجبانِ
وَمَا أَنَا ـ وَالطِّبَاعُ لَهَا انْخِدَاعٌ ـ
بِذِي تَرَفٍ يُرَوَّعُ بِالشِّنَانِ
رغبتُ بشيمتي ، وَ عرفتُ نفسي
وَ لمْ أدخلْ - لعمركَ - في قرانِ
عَقَدْتُ بِحَدِّ سَوْرَتِهَا لِسَانِي
مخافة َ أنْ تهيجَ بناتِ صدري
فيظهرَ بعضُ سرى للعيانِ
وَ فيمَ - وَ قدْ بلوتُ الدهرَ - أبغي -
صَدِيقاً، أَوْ أَحِنُّ إِلَى مَكَانِ؟
وَ لستُ َى سوى صبحٍ وَ جنحٍ
إلينا بالردى يتسابقانِ
فَيَا مَنْ ظَنَّ بِالأَيَّامِ خَيْراً
رويدكَ ؛ فهي أقربُ للحرانِ
أترغبُ في السلامة ِ وَ هيَ داءٌ ؟
وَ تجمعُ للبقاءِ وأنتَ فاني ؟
دَعِ الدُّنْيَا، وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْهَا
إذا اعتكرتْ - بصافية ِ الدنانِ
فإنَّ الراحَ راحة ُ كلَّ نفسٍ
إِذَا دَارَتْ عَلَى نَغَمِ الْقِيَانِ
مِنَ الْخَمْرِ الَّتِي دَرَجَتْ عَلَيْهَا
أفانينٌ منَ العصرِ الفواني
تخالُ وَ مسضها في الكأسِ ناراً
فَتَلْمِسُهَا بِأَطْرَافِ الْبَنَانِ
فخذها غيرَ مدخرٍ نفيساً
فَلَيْسَ الْعُمْرُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ
وَخَلِّ النَّاسَ عَنْكَ؛ فَلَيْسَ فِيهِمْ
سَلِيمُ الْقَلْبِ عِندَ الإِمْتِحَانِ
تماثيلٌ تدورُ بلا عقولٍ
وَ ألفاظٌ تمرُّ بلا معاني
تشابهتِ الأسافلُ بالأعالي
فما يدرى الهجينُ منَ الهجانِ
تَرَى كُلَّ ابْنِ أُنْثَى لاَ يُبَالِي
بما جرتْ عليهِ منَ الهوانِ
يُدِلُّ بِنَفْسِهِ إِنْ غِبْتُ عَنْهُ
وَ يشرقُ بالزلالِ إذا رآني
فمنْ لي - وَ الأماني كاذباتٌ -
بِيَوْمٍ فِي الْكَرِيهَة ِ أَرْوَنَانِ
أُلاَعِبُ فِيهِ أَطْرَافَ الْعَوالِي
وَأُطْلِقُ بَيْنَ هَبْوَتِهِ حِصَانِي
تراني فيهِ أولَ كلَّ داعٍ
وَيَرْتَفِعُ الْغُبَارُ، فَلاَ تَرَانِي
إِلَى أَنْ تَنْجَلِي الْغَمَرَاتُ عَنْهُ
وَيَعْرِفَنِي بِفَتْكِي مَنْ بَلاَنِي
أنا ابنُ الليل وَ الخيلِ المذاكى
وَ بيضِ الهندِ ، وَ السمرِ اللدانِ
إذا عينٌ أجدَّ بها طماحٌ
جعلتُ مكانَ حبتها سناني

أحلى رومنسية
10/09/2010, 09:02 PM
رائعـــــــــــــــــ تسلم اناملك عزيزتي

أم نجود الأحساء
04/01/2011, 10:56 PM
تسلمي يا عسل