مشاهدة النسخة كاملة : محمد مهدي الجواهري
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:47 PM
محمد مهدي الجواهري
ولد الشاعر محمد مهدي الجواهري في النجف في السادس والعشرين من تموز عام 1899م ، والنجف مركز ديني وأدبي ، وللشعر فيها أسواق تتمثل في مجالسها ومحافلها ، وكان أبوه عبد الحسين عالماً من علماء النجف ، أراد لابنه الذي بدت عليه ميزات الذكاء والمقدرة على الحفظ أن يكون عالماً، لذلك ألبسه عباءة العلماء وعمامتهم وهو في سن العاشرة.
- تحدّر من أسرة نجفية محافظة عريقة في العلم والأدب والشعر تُعرف بآل الجواهر ، نسبة إلى أحد أجداد الأسرة والذي يدعى الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر ، والذي ألّف كتاباً في الفقه واسم الكتاب "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام " . وكان لهذه الأسرة ، كما لباقي الأسر الكبيرة في النجف مجلس عامر بالأدب والأدباء يرتاده كبار الشخصيات الأدبية والعلمية .
- قرأ القرآن الكريم وهو في هذه السن المبكرة وتم له ذلك بين أقرباء والده وأصدقائه، ثم أرسله والده إلى مُدرّسين كبار ليعلموه الكتابة والقراءة، فأخذ عن شيوخه النحو والصرف والبلاغة والفقه وما إلى ذلك مما هو معروف في منهج الدراسة آنذاك . وخطط له والده وآخرون أن يحفظ في كل يوم خطبة من نهج البلاغة وقصيدة من ديوان المتنبي ليبدأ الفتى بالحفظ طوال نهاره منتظراً ساعة الامتحان بفارغ الصبر ، وبعد أن ينجح في الامتحان يسمح له بالخروج فيحس انه خُلق من جديد ، وفي المساء يصاحب والده إلى مجالس الكبار .
- أظهر ميلاً منذ الطفولة إلى الأدب فأخذ يقرأ في كتاب البيان والتبيين ومقدمة ابن خلدون ودواوين الشعر ، ونظم الشعر في سن مبكرة ، تأثراً ببيئته ، واستجابة لموهبة كامنة فيه .
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:48 PM
ما سَمِع السامعونَ آسى
من شاعرٍ ضَيمَ في العراقِ
ألوى على عوده شَجيّاً
يبُثُه فَرْطَ ما يُلاقي
إذا بكى ارتدَّ يبكي
شَجْواً لألحانه الرِقاق
في ذمةِ الله ما تُلاقي
يا عودُ منّي وما أُلاقي
روحانِ مني ومنكَ باتا
من وَطأة الهمِّ في الترَاقي
ما ضاق منك الخِناقُ يوماً
لو نفَّسَ الدهرُ عن خِناقي
يا دهرُ خُذني واحلُلْ وَثاقاً
أرهَقَ عُودي واحلُلْ وَثاقي
أو لا فحِّولْ أنّةَ أسري
عنه إلى نغمةِ انطلاق
فَغَمْغَمَ العودُ واستجاشَت
أشجانُهُ خطرةً الفِراق
اِسْلَمْ رفيقَ الصِّبا ، ألوفٌ
تفدِّيك مثلي وأنتَ باق
قبلكَ واسيتَ ألفَ شاكٍ
والفَ حاسٍ وألفَ ساق
من فضلِ ما أوحت الرزايا
إليَّ مُيِّزت عن رفاقي
أقول لما انبرتْ غُصونٌ
أعوادَها تبتَغي لَحاقي
أحْملْنَ مثل الذي أُلاقي
من اصطباحي أو اغتباقي
طارِحنَ مثلي أخا شجونٍ
شاركنَ مثلي اخا اشتياق
ربَّ نهارٍ كنتُنَّ فيه
جنباً إلى جنب في اعتناق
قضيته جنبَ ذي شجونٍ
أخافُ من بثِّه احتراقي
وربَّ ليلٍ سهِرتُ فيه
أشدو حزيناً مع السواقي
اصبْر قليلاً يا عودُ إنّا
عما قريبٍ إلى افتراق
حملتَ عني ماضي همُومي
فاحمل قليلاً من البواقي
وَلَّى شبابي إّلا بقايا
ضحيةَ القلب والمآقي
والنفسُ تأبى إّلا انطلاقاً
والدهرُ يأبى إّلا ارتهاقي
والحزنُ لم يدخر صُباباً
يُبقه في كأسِه الدِهاق
اَلانِطفائي كان اشتعالي
اَلاحِتراقي كانَ ائتلاقي
وحين جاء الظلامُ يُرخي
سِتراً على الأوجه الصِّفاق
ورفَّ روحُ السلامِ يُخفي
غريزةَ الحِقْدِ والنِفاق
باتَ بطيّاته فؤادٌ
يشكُرُ لُطفَ الموت الذعاق
وجنبَه عودُهُ يُناغي
حَشرجةَ الصدرِ في السياق
الى التلاقي " عودي" وداعاً
وكيف بعدَ الموتِ التلاقي
اقرأْ سلامي على الرزايا
أعني سلامي على الرفاق
ذاك أديبٌ مات اضطهاداً
ذاك هو الشاعرُ العراقي
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:48 PM
سألَ شِعري بالرَغم عَنيَّ حزناً
أبتغي فَرحةً فما تَتَسَنَّى
كلُّ صَحْبي يشكون شكوايَ لكنْ
ربّما يضحكونِ خُسْراً وغَبنْا
لو لـ" جوتٍ " تبد وتعاسةُ هذا الشعبِ
يوماً لكانَ أجملَ فنّا
لتناسَى " الآمَ فَرترّ " طرّاً
رُبَّ حزنٍ يُنسِي أخا البؤسِ حزنا
من شبابِ العراق تعلو الكآباتُ
وُجوهاً تفيضُ طُهراً وُحسْْنا
لو تَراها عجبتَ ان لا يَهُزَّ الشرخُ
قلباً او يُضحِكَ الزهوُ سِنا
أعلى هذه النُّفوسِ – من اليأس
استماتت – مستقبلُ الشعب يُبنى
يَتَغَذَّى دمَ القُلوب شبابٌ
لا يُريدُ الحياةَ ذُلاًّ ووَهْنا
خُدْعةٌ هذه المظاهرُ ما في القوم
فردٌ يعيشُ عَيشاً مُهَنْا
الثياب الفَرْهاء رفَّتْ عليهم
كضمادٍ غطَّ جِراحاً وطَعْنا
والاحاديثُ كلُّها تشتكي " البؤسَ "
وفصلُ الخطاب أنّا " يَئِسْنا "
إيهِ أُمّاهُ ما أرابَ شقيقَ النفسِ
منّا حتى تَبعَّدَ عنّا
منذ يومينِ ليسَ يَعرِف عمّا
نحنُ فيه شيئاً ولا كيفَ بِتْنا
جائيا ذاهبا يقسِّم في الأوجه
لحظَيهِ من هُناكَ وهَنْا
إيه أُمّاهُ إن نفسي أحسَّت
ما يُُقذِّي عينا ويُوقِرُ أُذْنا
فانبرت دمعةٌ تُترجم عما
في ضمير الأُمِّ الحنونِ استَكَنّا
اِسمَعي يا عزيزّتي أنَا أوفى
منكِ خُبْراً إذْ كنتُ أكبر سِنا
ولدي مُذْ عَرَفتُه يملأ البيتَ
بتفكيرِهِ ارتهاباً وحُزناً
ولدي طامحٌ تُعنَيه آمالٌ كِثارٌ
إن الطَّموحَ مُعَنَّى
يَتَمنَّى كلَّ السُرور ولا يسطيعُ
نيلاً لبعض ما يَتَمنّى
لو بكفِّي مَنْعتُ جُلَّ القوانينِ
على الحقِ نِقْمةً أن تُسَنَّا
لا نظامٌ حرُّ فيرْعى الكفاءاتِ
ولا مَن يُقيمُ للحر وزْنا
عُكِسَتْ آيةُ الفضائلِ فالأعلى
مَقاماً من كانَ في النفس أدْنى
ساكنُ القصر لو إلى ذِمة ِ الحقِ
احتكمنا لكانَ يسكُنُ سِجنا
ولكانَ الحريَّ أن تتحاشاهُ البرايا
لا أن يُبَرَّ ويُدْنى
إنَّ ما يجتنيه من مُنكَرات العيشِ
من شَقْوةٍ البريئينَ يُجْنَى
وقناني الخمرِ التي عَصَرُها
من دُموعي ومن دُموعِكِ تُقْنَى
ولدي اختَشي عليه من الموتِ
انتحاراً وختشِي انْ يُجَنّا
أسمعتيه بالأمس ِ اذ يَتحدَّى الناسَ
إني عَرَفتُ مَرْمَاهُ ضِمنا
هوَ يشكوُ من النَّذالةِ خَصْماً
وهو يشكو من الخيانةِ خِدنْا
ولدي لم يكنْ ليحملَ – لولا
ان يُلِحُّوا به – على الناسِ ضِغْنا
ما لزَوجي إذا ذَكَرتُ له الأنسَ
وما أرتجي من العيشِ أنا
انَّّةٌ سرُّها عميقٌ وفيها
ألف معنَّى من القُنوط ومعنى
كاسراً جفنَه يخالِسُني اللحظَ
لأمرٍ في النفسِ يكسِرُ جَفْنا
اتُرى من اشفاقةٍ هذه النظرةُ
أم ساءَ بي ، وحاشايَ ، ظنّا
خَلَتِ الغُرفةُ الصغيرةُ من توقيعِ
زوجي فلستُ اسْمعُ لَحنا
أنا واللهِ كنتُ أستشعرُ
معنَى الحياةِ إذْ يَتَغَنى
في سوادِ الدُجى وعاصفةِ الأقدارِ
هبَّت تَجتَثُّ بالعُنفِ غُصنا
من على دجلةٍ تِكَشَّفُ للضيف
عزيزاً على الطبيعة – حِضنا
شَبَحٌ لاح من بعيدٍ يَحُثُّ
الخطوَ طوراً وتارة يتأنَّى
يا لَه موقفاً يمثِّلُ مذهولاً
يُعانِي حالَين خَوفاً وأمْنا
زوجتي سوفَ تستفيقُ من النومَ
صَباحاً فما تَرانيَ وَهْنا
سوف تجتاحُها الظُنونُ ولهفي
اذ تُنبَّي عن صدق ما تَتَظَنّى
زوجتي ما اقترفتُ إثماً ولكنْ
كيفما شاءتِ النواميسُ كُنّا
زوجتي أوسِعي النزاهةَ ما اسطعتِ
سِباباً وأوسعى الحقَ لَعْنا
أُقتلي بنْتَكِ الصغيرةَ لُبنى
لا تكابدْ ما كابدت أمُّ لبنى
وعجوزٌ هنا لِكُمْ حسبُها من رحمةِ
الدهرِ أنْ ستفقِد إبْنا
لو تخيرتُ لي الهاً لما ألَّهْتُ
إلاّ من هيكل الأم بطنا
و"ربابٌ " شقيقتي بعد موتي
أبداً بالحياة لا تَتَهنّا
وسأقِضي فيوسع الناسُ تاريخي
بعد المماتِ سّباً وطَعنا
يا لها من نذالةٍ في أحاديثَ
تُسمِّي شجاعةَ الموتِ جُنبا
اشهَدي دجلةٌ بأني – كما كنتُ -
قوياً جسماً وعزماً وذِهنا
شاعرٌ بالوجود أُغمِضُ عما
فيه من هذه المناظِرِ جَفنا
كلُّ هذا وسوف أنتحرُ اليوم
لأنيّ أرى المعيشةَ غَبنا!
احملي " دجلةٌ " سلامي الى الأهل
وقولي : قد استراحَ المعنّى
حَمَلوا – بعد أربعٍ – جُثةً لم
تتميز منها النواظرُ رُكنا
وانحنَتْ فوقها الأمومةُ خرساءَ
تُزجّى يُسرى وتَرفع يُمنَى
لم تُطِق أنةٍ فماتت – وقد يدفع -
موتاً عن ثاكلٍ أن تئنّا
واستخفَّ الشقيقةَ " الصْرعُ " فهي اليومَ
نِضوٌ يعالج الموتَ مُضنَى
وحديثُ الأخرى اتركوهُ فقد
يُغنيكُمُ عن صراحةٍ أن يُكَنّى
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:49 PM
وَداعا ما أردت لكَ الوَداعا
ولكنْ كانَ لي أملٌ فضاعا
وكمْ في الشرقِ مثلي من مُرَجٍّ
أرادَ لكَ النجاحَ فما استطاعا
وإنَّ يداً طوتكَ طوتْ قلوباً
مرفرفِةً وأحلاماً وِساعا
وقد كانت متى تذكَرْكَ نفسي
تَطِرْ –إذْ تمتلي فرحاً – شَعاعاً
فها هيَ بينَ تأميلٍ ويأسٍ
تُصبَّرُ ساعةً وتجيشُ ساعا
أمان الله والدُّنيا "هَلوكٌ "
أبتْ إلَّا التحوُّلَ والخِداعا
بغيرِ رويَّةٍ حُبّاً وكُرهاً
إذا كالتْ تُوفّي المرءَ صاعا
تثَّبتْ لا ترعُكَ فليس عدلاً
ولا عَّودتَ نفسكَ أنْ تُراعا
إلهُ الشرِّ جبارٌ عنيدٌ
يحبُّ معَ الجبابرةِ الصراعا
وأحكامُ القضاءِ مغفَّلاتٌ
يُسئنَ إذا انتخبنَ الإِقتراعا
أرى رأسَ " ابنَ سقاءٍ " محالاً
يُطيق بتاجكَ الألِقِ اضطلاعا
بلى وأظنّه عمَّا قريبٍ
سيشكو من تحمّله الصدداعا
لقد أودى بعاطفتي ركودٌ
فها أنا سوفَ أندفعُ اندفاعا
تقدَّمْ أيها الشرقيُّ وامددْ
يديكَ وصارعِ الدُّنيا صِراعا
فقد حلَفوا بأنَّك ما استطاعوا
ستبقى أقصرَ الأقوامِ باعا
وأنَّك ما تُشيِّدْ من بِناءٍ
تَجِدْ فيه انثلاماً وانصداعا
وليس بأوَّلِ التيجانِ تاجٌ
أرْدنَ له مطامعُهم ضياعا
فيا لِشقاء شعبٍ مَشرقيٌٍّ
إذا وجدوا به ملِكاً مُطاعا
وهبْ أوفى بـ " أنقرة " وأنعمْ
رُواءُ المُلك يَزدهرُ التماعا
فلمْ تكنِ " البَنيَّةُ " وهيَ فردٌ
لتعدِلَ ألفَ بنيانٍ تداعى
سأقذِفُها وإنْ حُسِبَتْ شذوذاً
وإن ثقُلتْ على الأذنِ استماعا
فما للحرِّ بدٌّ من مَقالٍ
يرى لضميرِهِ فيه اقتناعا
إذا لم يشْمَلِ الاصلاحُ دِيناً
فلا رُشْداً أفادَ ولا انتفاعا
وأوفقُ منه أنظمةٌ تُماشي
حياةَ الناسِ تُبتدَعُ ابتداعا
أتتْ " مدنيَّةُ الاسلام " لمّاً
لشعثٍ لا انشقاقاً وانصداعا
ولا لُترى مواطِنُها خراباً
ولا ليبيتَ أهلوها جِياعاً
ولا لتكونَ للغربيِّ عوناً
يهدَّدُ فيه للشرقِ اجتماعا
وإلَّا ما يُريدُ القومُ منَّا
إذا ألقتْ محَّجبةٌ قِناعا
أعندَ نسائنا منهمْ عهودٌ
بأنَّهُمُ يجيدونَ الدِّفاعا
أإنْ حُلِقتْ لحىً مُلئتْ نِفاقاً
تَخِذْتُمْ شَعرها دِرْعاً مَناعا
رفعتمْ رايةً سوداءَ منها
وثوَّرتمْ بها ناساً وِداعا
عَفتْ مدنيَّةٌ لدمارِ شعبٍ
وديعٍ تخدُمُ الهمجَ الرَّعاعا
همُ نفخوا التمرُّدَ في خِرافٍ
وأغرَوهنَّ فانقلبت سِباعا
ومن خُططِ السياسةِ إنْ أرادتْ
فساد المُلك أفسدَتَ الطّباعا
على أني وإنْ أدمى فؤادي
ليومك ما أضيقُ به ذراعا
أُحمِّلكَ الملامةَ في أُموراٍ
بِطاءٍ قد مشيِتَ بها سِراعا
وقد كانت أناةٌ منكَ أولى
وإنْ كنتَ المجرِّبَ والشجاعا
" وخيرُ الأمرِ ما استقبلتَ منه
وليسَ بأنْ تتبَعهُ اتباعا"
" ولكنَّ الأديمَ إذا تفرَّى
بلىً وتعيُّباً غلبَ الصَّناعا"
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:50 PM
علَّموها فقد كفاكُمْ شَنارا
وكفاها أنّ تحسَبَ العلمَ عارا
وكفانا من التّقهقُرِ أنّا
لم نعالج حتى الأمورَ الصغارا
هذه حالُنا على حينَ كادتْ
أممُ الغربِ تسبِقُ الأقدارا
أنجب الشرقُ جامداً يحسبُ المرأةَ
عاراً وأنجبت طيارا
تحكم البرلمانَ من أمم الدنيا
نساءٌ تمثلُ الأقطارا
ونساء العراقِ تُمنعُ أن ترسمَ خطّاً
أَوْ تَقْرأَ الأسفارا
علِّموها وأوْسِعوها من التّهذيب
ما يجعلُ النّفوسَ كبارا
ولكي تُحسنوا سياسةَ شعبٍ
بَرهنوا أنّكم تسوسون دارا
أنَّكُمْ باحتقاركُمْ للنساء اليومَ
أوسعتُمُ الرّجالَ احتقارا
أفَمِنْ أجلِ أنْ تعيشوا تُريدونَ
لثلْثّيْ أهلِ البلادِ الدّمارا
إنَّ خيراً من أن تعيشَ فتاةٌ
قبضةَ الجهلِ أن تموتَ انتحارا
أيُّ نفعٍ من عيشةٍ بين زوجينِ
بعيدين نزعةً واختبارا
وخلال البيوتِ لا تجدون اليومَ
إلاّ خصومةً وشِجارا
اختياراً بالبنت سيروا إلى صالحها
قبل أن تسيروا اضطرارا
فعلى قدر ما تزيدون في الضغط
عليها ستُوجدونَ انفجارا
وَهَبوا مرةً نجحتم فلا تنخدعوا ،
سوف تُخْذلون مرارا
ولدى الأمرِ لا محالةَ مغلوبٌ
ضعيفٌ يقاومُ التّيارا
وأرى جامداً يصارعُ تجديداً
كَقَزْمٍ مصارعٍ جبّارا
أينَ ، عن حرمة الأمومةِ داستْها
وحوشٌ ، المصلحونَ الغَيارى
قادة للجمودِ والجهلٍ في الشرق
على الشعب تنصُرُ استعمارا
لو بكفي ملأت دور المحامين
عن المرأة الجْهولةِ نارا
ازدراءً بالدينِ أن يُحسَبَ الدّينُ
بجهلٍ وخزيةٍ أمّارا
وبلاءُ الأديانِ في الشرق هُوجٌ
باسمه سامَوا النفوسَ احتكار
تُزدَرى رغبةُ الجماهيرِ في الشرقِ
وتُنْسى إنْ خالفت أنفارا
أسلَموا أمرهم إلى " الشيخ " عُمياناً
وساروا يَقفونه حيثُ سارا
وامتطاهم حتى إذا نالَ بغياً
خَلَعَ اللُّجْمَ عنهُمُ والعِذارا
نَبذَ القِشْرَ نحوهم باحتقار
وَحوَى اللبَّ وحدَهُ والخِيارا
دفعوا غُنْمَهمُ إليه وراحواً
يحمِلون الأثقالَ والأوزارا
عاطلاتٍ نساؤهم ونساء " الشيخ "
حُلِّينَ لؤلؤاً ونُضارا
وإذا جاءت الشدائدُ تَترى
قدَّموهم وولَّوا الأدبار
حالةٌ تُلهب الغيَارى وتستصرخ
غُلبَ الرجالِ والأحرارا
ان بينَ الضُلوعِ ، مما استغلوه
بتضليلهم ، قلوباً حِرارا
يُعوزُ الشعبَ كي يسيرَ إلى المجد
حثيثاً وكي يُوَقَّى العِثارا
حاكمٌ مطَلَقٌ يكون بما يعرف
من خير شعبه مختارا
يتحرَّى هذى الشنائعَ في الشرق بنفس
لا تَرهَب الأخطارا
إن يُطَعْ كان مشفقاً ، واذا ما
أحوجوا كان فاتكا جزارا
أو فلا يُرتَجى نهوضٌ لشعبٍ
ان يُقدِّمْ شبراً يُعيَقْ أشبارا
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:51 PM
ستَبقى طويلاً هذه الأزماتُ
إذا لم تُقصِّرْ عُمرَها الصدَّمَاتُ
إذا لم يَنَلْها مُصلحونَ بواسلٌ
جريئونَ فيما يَدَّعونَ كُفاة
سَيبقى طويلاً يَحمِلُ الشعبُ مُكْرَهاً
مَساوئَ مَنْ قد أبْقَتِ الفَتَرات
قُيوداً من الارهاقِ في الشرقِ أُحكِمَتْ
لتسخير أهليه ، لها حَلَقات
ألمْ ترَ أنَّ الشْعبَ جُلُّ حقوقهِ
هي اليومَ للأفرادِ مُمتلَكات؟
مشتْ كلُّ جاراتِ العراقِ طموحةٍ
سِراعاً، وقامتْ دونهُ العَقَبات
ومِنْ عَجَبٍ أن الذينَ تكفَّلوا
بانقاذِ أهليهِ همُ العَثَرات
غداً يُمْنَعُ الفتيانَ أنْ يتعلَّموا
كما اليومَ ظُلماً تُمنَعُ الفتيات
أقولُ لقومٍ يَحْمَدونَ أناتهم
وما حُمِدتْ في الواجباتِ أناة :
بأسرعَ مِن هذي الخُطَى تُدرَكُ المُنى
بِطاءٌ لَعَمْري مِنكمُ الخُطُوات
وما أدَّعي أنَّ التهوُّرَ صالحٌ
متى صَلُحَتْ للناهضِ النزوات؟!
ولكنْ أُرَجي أنَّ تقوم جريئةً
لصدِّ أكُفِّ الهادمين بُناة
أُريدُ أكُفّاً مُوجِعاتٍ خفيفةً
عليها – متى شاءتِ – الَّلَطمات
فانْ ينعَ أقوامٌ علىَّ مقالتي
وما هي إلَّا لوعةٌ وشَكاة
فقد أيقَنتْ نفسي ، وليسَ بضائري
بأنّيَ في تلكَ العُيونِ قَذاة
وما النقدُ بالمُرضي نفوساً ضعيفةً
تهدُّ قُواها هذهِ الحَمَلات
وَهَبْني ما صلَّتْ علىَّ معاشرٌ
تُباعُ وتُشرى منهمُ الصَّلَوات
فلو كنتُ مِمَّنْ يطعمونَ بمالهِ
لعادَتْ قِداساً تلكمُ اللعنات
دَعُوها لغيري عَلَّكُمْ تحِلُبونها
ستُغنيكمُ عن مِثليَ البَقَرات
وما هيَ إلاَّ جمرةٌ تُنكرونَها
ستأتيكُمُ من بَعدِها جَمَرات
قوارصُ قولٍ تقتضيها فِعالُكُمْ
وتدعوا " الهَناتِ " القارصاتِ " هَنات "
وإنْ يُغضِبِ الغاوينَ فضحٌ معاشرٍ
همُ اليومَ فيه قادةٌ وهُداة
فما كان هذا الدينُ ، لولا ادّعاؤهم
لِتمتازَ في أحكامهِ الطَّبَقات
أتُجبى ملايينٌ لفردٍ ، وحوَلُه
أُلوفٌٌ عليهمْ حَلَّتِ الصَّدقات؟!
وأعجبُ منها أنَّهم يُنكرِِونَها
عليهم ، وهمْ لو يُنصِفونَ جُباة
قذىً في عيونِ المصلحينَ شواهقٌ
بدتْ حولَها مغمورةً خَرِبات
وفي تلك مِبطانونَ صُغْرٌ نُفوُسُهم
وفي هذه غرثى البطونِ أُباة
ولو كانَ حُكْمٌ عادلٌ لتهَّدَمتْ
على أهلِها هاتيكمُ الشُرُفات
على باب " شيخِ المسلمين " تكدَّسَتْ
جِياعٌ عَلَتْهم ذِلَّةٌ وعُراة
همُ القومُ أحياءٌ تقولُ كأنَّهم
على بابِ " شيخِ المسلمين" موات
يُلَمُّ فتاتُ الخُبزِ في التربِ ضائعاً
هُناك، وأحياناً تُمَصُّ نواة
بيوتٌ على أبوابها البؤسُ طافحٌ
وداخِلَهُنَّ الأنسُ والشَّهَوات
تحكَّمَ باسمِ الدّينِ كلُّ مذَمَّمٍ
ومُرتكِبٍ حفَّتْ به الشُبُهات
وما الدينُ إلا آلةٌ يَشهَرونها
إلى غرضٍ يقضُونه ، وأداة
وخلفَهُمُ الأسباطُ تترى ، ومِنهُمُ
لُصوصٌ ، ومنهمْ لاطةٌ وزُناة
فهَلْ قَضتِ الأديان أن لا تُذيعَها
على الناسِ إلَّا هذه النَّكِرات
يدي بيدِ المستضعَفِينَ أُريهمُ
من الظُلْمِ ما تعيا به الكَلِمات
أُريهمْ على قلبِ " الفُراتِ" شواهقاً
ثِقالاً تَشَكَّى وطأُهنَّ " فُرات"
بنتْهُنَّ أموالُ اليتامى ، وحولَها
يكادُ يَبينُ الدمعُ والحسَرات
بقايا أُناسٍ خلَّفوها موارداً
تسدِّدُ لهوَ الوارِثِينَ ، وماتوا
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:52 PM
لو استطعتُ نشرتُ الحزنَ والألما
على فِلسْطينَ مسودّاً لها علما
ساءت نهاريَّ يقظاناً فجائعُها
وسئن ليليَ إذ صُوِّرْنَ لي حلما
رمتُ السكوتَ حداداً يوم مَصْرَعِها
فلو تُرِكتُ وشاني ما فتحت فم
أكلما عصفت بالشعب عاصفةٌ
هوجاءُ نستصرخُ القرطاسَ والقلما ؟
هل أنقَذ الشام كُتابٌ بما كتبوا
أو شاعرٌ صانَ بغداداً بما نظما
فما لقلبيَ جياشاً بعاطفةٍ
لو كان يصدقُ فيها لاستفاضَ دما
حسب العواطف تعبيراً ومنقصةً
أنْ ليس تضمنُ لا بُرءاً ولا سقما
ما سرني ومَضاءُ السيفِ يُعوزوني
أني ملكتُ لساناً نافثاً ضَرما
دم يفور على الأعقاب فائرُهُ
مهانةٌ ارتضي كفواً له الكلما
فاضت جروحُ فِلَسْطينٍ مذكرةً
جرحاً بأنْدَلُسٍ للآن ما التأما
وما يقصِّر عن حزن به جدة
حزن تجدده الذكرى إذا قَدُما
يا أُمةً غرها الإِقبالُ ناسيةً
أن الزمانَ طوى من قبلها أمما
ماشت عواطفَها في الحكم فارتطمت
مثلَ الزجاجِ بحد الصخرة ارتطما
وأسرعت في خطاها فوق طاقتها
فأصبحت وهي تشكو الأيْنَ والسأما
وغرَّها رونقٌ الزهراء مكبرة
أن الليالي عليها تخلع الظُّلَما
كانت كحالمةٍ حتى اذا انتبهتْ
عضّتْ نواجذَها من حرقةٍ ندما
سيُلحقون فلسطيناً بأندلسٍ
ويَعْطفون عليها البيتَ والحرما
ويسلبونَك بغداداً وجلقةً
ويتركونِك لا لحماً ولا وضما
جزاء ما اصطنعت كفاك من نعمٍ
بيضاء عند أناسٍ تجحد النعما
يا أمةً لخصوم ضدها احتكمت
كيف ارتضيتِ خصيماً ظالماً حكما
بالمِدفع استشهدي إن كنت ناطقةً
أو رُمْتِ أن تسمعي من يشتكي الصمما
وبالمظالمِ رُدي عنك مظلمةً
أولا فأحقر ما في الكون مَنْ ظُلِما
سلي الحوادثَ والتأريخَ هل عرفا
حقا ورأياً بغير القوةِ احتُرما
لا تطلُبي من يد الجبار مرحمةً
ضعي على هامةٍ جبارةٍ قدما
باسم النظامات لاقت حتفَها أممٌ
للفوضوية تشكو تلْكم النظما
لا تجمع العدلَ والتسليحَ أنظمةٌ
الا كما جمعوا الجزارَ والغنما
من حيث دارتْ قلوبُ الثائرين رأتْ
من السياسةِ قلباً بارداً شبما
أقسمتُ بالقوة المعتزِّ جانبُها
ولست أعظمَ منها واجداً قسماً
إن التسامح في الاسلام ما حصدت
منه العروبة الا الشوكَ والألما
حلتْ لها نجدة الأغيار فاندفعت
لهم تزجي حقوقاً جمةً ودما
في حين لم تعرف الأقوامُ قاطبةً
عند التزاحم الا الصارمَ الخذما
أعطت يداً لغريبٍ بات يقطعُها
وكان يلثَمُها لو أنه لُطِما
أفنيتِ نفسَكِ فيما ازددتِ مِن كرم
ألا تكفّين عن أعدائك الكرما
لابَّد من شيمٍ غُرٍّ فان جلبت
هلكاً فلابد أن تستأصلي الشيما
فيا فِلَسْطينُ إن نَعْدمْكِ زاهرةً
فلستِ أولَّ حقٍ غيلةً هُضِما
سُورٌ من الوَحْدةِ العصماءِ راعَهُمُ
فاستحدثوا ثُغْرَةً جوفاءَ فانثلما
هزّت رزاياكِ أوتاراً لناهضةٍ
في الشرق فاهتَجْنَ منها الشجوَ لا النغما
ثار الشبابُ ومن مثلُ الشباب اذا
ريعَ الحمى وشُواظُ الغَيْرَةِ احتدما
يأبى دمٌ عربيٌ في عروقِهِمُ
أنْ يُصبِحَ العربيُّ الحرُّ مهتضما
في كل ضاحيةٍ منهم مظاهرةٌ
موحدين بها الأعلامَ والكلما
أفدي الذينَ إذا ما أزمةٌ أزَمَتْ
في الشرق حُزناً عليها قصَّروا اللِمَما
ووحدَّتْ منهُمُ الأديانَ فارقةً
والأمرَ مختلفاً والرأيَ مُقتَسمَا
لا يأبهون بارهابٍ إذا احتدَموا
ولا بِمَصْرَعِهِمْ إن شعبُهم سَلِما
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:52 PM
كم نفوسٍ شريفةٍ حسَّاسه
سحقوهنَّ عن طريقِ الخساسه
وطباعٍ رقيقةٍ قابَلتهنَّ
الليالي بغِلْظَةٍ وشراسه
ما لضعفٍ شكوايَ دهري
فما أنكرُ بأسي وإن تحاميتُ باسه
غيرَ أني أردتُ للنجحِ مقياساً
صحيحاً فلم أجدْ مقياسه!
وقديماً مسَّتْ شكوكٌ عقولاً
وأطالتْ من نابهٍ وَسواسه
اِِِستغلَّتْ شعورَها شعراءٌ
لم تُنشني ظرافةً وكيَاسه
وارتمت ْ بيْ لإلى المَطاوحِ نفسٌ
غمرتها انقباضةٌ واحتراسه
عدَّتِ النُبلَ رابحاً واستهانتْ
من نعيمٍ ولذَّةٍ إفلاسه
كلَّما أوشكتْ تبلُّ .. من الاخلاصِ
والصدقِ عاودتْها انتكاسه
تَعِسَ المرءُ حارِماً نفسَه كلَّ
اللذاذاتِ قانعاً بالقداسه
اِستفيقي لا بدَّ أنْ تُشبهي الدَّهرَ
انقلابا .. وأنْ تُحاكي أُناسه
لكِ في هذه الحياةِ نصيبٌ
اِغنميهِ انتهازةً وافتراسه
فالليالي بلهاءُ فيها لمن يُحسن
إبساسةً لها ، إسلاسه
مُخلَفاتٍ حلبتِها .. وأُناسٌ
حلَبوها درّارةً بسَّاسه
كلُّ هذا ولستُ أُنكرُ أنّي
من لذاذاتها اختلستُ اختلاسه
ألفُ إيحاشةٍ من الدَّهر قد
غطَّتْ عليها في ليلةٍ إيناسه
ليلةٌ تُغضبُ التقاليدَ في الناس
وتُرضي مشاعراً حسَّاسه
من ليالي الشبابِ بسَّامةٌ ، إنَّ
لياليَّ جُلّها عبَّاسه
ومعي صاحبٌ تفرَّستُ فيه
كلَّ خيرٍ فلمْ تخني الفَراسه
أريحيُّ ملء الطبيعةِ منه
عزَّةٌ وانتباهةٌ وسلاسه
خِدْنُ لَهوٍ ..إني أُحبّ من الشاعر
في هذه الحياةِ انغماسه
عرَّقتْ فيه طيّباتٌ ويأبى
المرءُ إلاَّ عروقَه الدسَّاسه
ولقد رُزْتُه على كلّ حالاتِ
الليالي فما ذممتُ مَساسه
كان مقهى " رشيد " موعدنا عصراً
وكنَّا من سابقٍ أحلاسه
مجلسٌ زانَهُ الشبابُ ، وأخلوا
" للزهاويِّ" صدرَه والرياسه
هو إنْ شئتَ مجمعٌ للدُّعاباتِ
وإن شتتَ معهدٌ للدراسه
ثمَّ كلن العِشاءُ فانصرف الشيخُ
كسيحاً موِّدعاً جُلاّسه
وافترقنا نُريد" مَهَرانَ" نبغي
وَرطة ًفي لذاذةٍ وارتكاسه
تارةً صاحبي يُصفِّقُ كأسي
وأنا تارةً أُصفِّق كاسه
وجديرٌ أنْ يُمتِعَ المرءُ بالخمرةِ
نفساً . وأنْ يُثقِّلَ راسه
قبلَ أن تَهجُمَ الليالي عليه
فتُعري من الصِّبا أفراسه
أتُراه على حياةٍ قديراً
بعدَ ما يُودِعونه أرماسه
فاحتسبنا كأساً وأُخرى فدبَّتْ
سَورةٌ لم تدعْ بنا إحساسه
وهَذينْا بما استكنَّت به النفسُ
وجاشتْ غريزةٌ خنَّاسه
لا " الحسينُ الخليعُ " يبلغُ شأوينا
ولا " مسلمٌ " ولا ذو " النُواسه"
قال لي صاحبي الظريفُ وفي الكفّ
ارتعاشٌ وفي اللسانِ انحباسه :
أين غادرتَ " عِمَّةً " واحتفاظاً
قلتُ : إني طرحتُها في الكُناسه
ثم عُجنا لمسرحٍ أسرجته
كلُّ رَودٍ وضَّاءةٍ كالماسه
حدَّدوةُ بكلّ فينانةٍ خضراءَ
بالزهرِ عطرتْ أنفاسه
ولقد زادتِ الوجوهَ به حُسناً
ولُطفاً للكهرباء انعكاسه
ثمَّ جَسُّوا أوتارَهم فأثرنَ
اللهوَ أيدٍ قديرةٌ جسَّاسه
وتنادَوا بالرقصِ فيه فأهوى
كلُّ لدنٍ للدنةٍ ميَّاسه
خُطةٌ للعواطف الهُوج فاقَتْ
خُطّةَ الحربَ جذوةً وحماسه
أُغرمَ الجمعُ واستجاب نفوساً
تتقاضاهُ حاجة مسَّاسة
ناقِلاً خطوَةُ على نغمةِ العودِ
وطوراً مرَّجفاً أعجاسه
وتلاقى الصدرانِ .. واصطكَّتِ
الأفخاذُ .. حتى لم تبقَ إلا لُماسه!!
حرَّكوا ساكناً فهبَّ رفيقي
لامساً باليدينِ منه لباسه!!
ثمَّ نادى مُعربداً لُيحيِّ
الله مغناكَ وليُدِمْ أعراسه
وخرَجْنا منه وقد نصلَ الليلُ
وهدَّتْ إغفاءَةٌ حُرّاسه
ما لبغدادَ بعدَ هاتيكمُ الضجَّةِ
تشكو أحياؤها إخراسه
واقتحمنا بيتاً تعوَّد أنْ نطرق
في الليلِ خُلسةً أحلاسه
وأخذنا بكفِّ كلِّ مَهاةٍ
رنَّقَتْ في الجفونِ منها نُعاسه
لم أُطِلْ سومَها وكنتُ متى يعجبني
الشئُ لا أُطيلُ مِكاسه!
قلتُ إذ عيَّرتنيَ الضعفَ لمَّا
خذلتني عنها يدٌ فرّاسه:
لستُ أعيا إنْ فاتني أخذيَ الشيء
بعنفٍ ، عن أخذهِ بالسياسه
ثمَّ كانتْ دعابةٌ فَمُجونٌ
فارتخاءٌ . فلذةٌ .! فانغماسه !!
وعلى اسمِ الشيطانِ دُستُ عَضوضاً !
ناتئَ الجنبتَينِ .! حلوَ المداسه!
لبَداً .. تنهلُ اللُبانةُ منه !
لا بحزْنٍ ضَرسٍ .. ولاذي دَهاسه!
وكأنّ العبيرَ في ضرَمِ اللذَّةِ
يُذكي بنفحةٍ أنفاسه..!
وكأنّ الثِقْل المرجّحَ بين الصدرِ
والصدرِ .. يستطيبُ مراسه
وكأنّ " البديعَ " في روعة الأسلوب !
يُملي " طِباقه ! " و" جِناسه"
واستجدَّتْ من بعدِ تلك أمورٌ
كلّهنَّ ارتيابةٌ والتباسه
عرَّفتنا معنى السعادةِ لمّا
أنْ وضعنا حدّاً بها للتعاسه
بسَمَ الدهرُ وتجافى
بعدَها كاشِراً لنا أضراسه
صاحبي لا ترُعكَ خِسَّةُ دهر
" كم نفوسٍ حسَّاسه"
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:53 PM
أسْدَى إليَّ بكَ الزَّمانُ صنيعا
فحمِدْتُ صيفاً طَيَّباً وربيعا
أجللتُ منظرَكِ البديع ومنظرٌ
أجللته لِمْ لا يكونُ بديعا
دَرَجَ الزمانُ بها سريعاً بعد ما
ناشدتُه ألا يمرَّ سريعا
قرَّتْ بمرآها العُيونُ وقرحةٌ
للعينِ ألا تُبصرَ المسموعا
ونعمتُ أُسبوعاً بها وسعيدةٌ
سَنَةٌ نعمتُ خلالهَا أسبوعا
ألفيتُ حسن الشاطئَيْنِ مرقرقاً
غضّاً وخِصْبَ الشاطئينِ مَريعا
وأضعتُ أحلامي وشرخَ شبيبتي
وطَلاقتي فوجدتُهُنَّ جميعا
صبحٌ أغرُّ وليلةٌ جذلانةٌ
بيضاءُ تهزأُ بالصباحِ سُطوعا
والبدرُ بالأنوارِ يملأُ دجلةً
زَهْواً ويبعثُ في النفوسِ خُشوعا
وترى ارتياحاً في الضِّفافِ وهِزَّةً
تعلو الرّمالَ إذا أجدَّ طُلوعا
وجرتْ على الحصباءِ دجلةُ فِضَّةً
صُهِرَتْ هناكَ فمُُوِّعتْ تمويعا
وكأنَّما سبكوا قواريراً بها
مضَّ السَّنا فتصدَّعتْ تصديعا
وترى الصخورَ على الجبالِ كأنَّما
لَبِسَتْ بهنَّ من الهجير دُروعا
دُورُ الخلائفِ عافها سُمَّارُها
وتقطَّعَتْ أسبابُها تقطيعا
درجتْ بساحتها الحوادثُ وانبرى
خَطْبُ الزمانِ لها فكان فظيعا
حتى شواطئُ دجلةٍ منسابةً
تأبى تُشاهد منظراً مفجوعا
أبَّنتُها مرئيَّةً ولطالما
غازلتُ منها حسنَها المسموعا
ولقد تُذَمُّ جلادةٌ في موقفٍ
للنفس أجملُ أن تكونَ جزوعا
قصرُ الخليفةِ جعفرٍ كيف اغتذى
بيد الحوادثِ فظَّةً مصفوعا
وكَمِ استقَرَّ على احتقار طبيعةٍ
لم تألُه التحطيمَ والتصديعا
ولقد بَكْيتُ وما البكاءُ بِمُرجِعٍ
مُلكاً بشهوةِ مالكيهِ بيعا
زُرْ ساحةَ السجنِ الفظيعِ تجدْ بهِ
ما يستثيرُ اللومَ والتقريعا
إن الَّذينَ على حساب سواهُمُ
حلبوا ملّذاتِ الحياةِ ضروعا
رفعوا القصورَ على كواهلِ شعبهِمْ
وتجاهلوا حقّاً له مشروعا
ساسوا الرعيةَ بالغرورِ سياسةً
لا يرتضيها من يسوسُ قطيعا
حتى إذا ما الشعبُ حرَّركَ باعه
فاذا همُ أدنى وأقصرُ بوعا
ووقفتُ حيثُ البحتريُّ ترقرقت
أنفاسُه فشفعتُهُنَّ دُموعا
أكبرتُ شاعرَ جعفرٍ ، وشعورُهُ
يستوجبُ الاكبارَ والترفيعا
ولَمَستُ في أبياتِه دَعةَ الصِّبا
ولداتهِ والخاطرَ المجموعا
ولئن تشابهتِ المنَاسبُ ، أو حكى
مطبوعُ شعري شعرَهُ المطبوعا
فلكَمْ تَخالَفُ في المسيلِ جداولٌ
فاضَتْ معاً وتفجرَّتْ ينبوعا
عَبثَ " الوليد " بشرخِ دهرٍ عابثٍ
وصَبا فنالَ من الصِّبا ما اسطيعا
ونما رفيعاً في ظلالٍ خلائفٍ
في ظلِّهمْ عاش القريضُ رفيعا
لا عن بيوت المال كان إذا انتمى
يُقصَى ولا عن بابهم مدفوعا
قَدَرُوا له قَدْرَ الشعورِ وأسرجوا
أبياتَهُ وسْطَ البيوتِ شموعا
ضيفَ العراق نعمتَ من خيراتهِ
وحَمِدْتَ فيه قرارةً وهجوعا
إنْ تُعْقَدِ الحَفلاتُ كنتَ مقدَّماً
أو تُنبرِ الأمراءُ كنتَ قريعا
وأظُنُ أنَّكَ لو نمتْكَ ربوعُهُ
لشكوتَ منه فؤادَكَ المصدوعا
ولكنتَ كالشعراءِ من أبنائه
ممَّنْ تُجوهلَ قدرُهُمْ فأُضيعا
لك في " الَّتي " راشَتْ جناحك رِفقةٌ
لولا جلادتُهم لماتوا جوعا
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:54 PM
جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني
وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ
من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني
لا تقيسي على ملامحِ وجهي
وتقاطيعِه جميعَ شؤوني
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ
يتنافى ولونَ وجهي الحزين
فبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني
من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين
وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ
طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين
فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ
وشكٌّ مخامرٌ لليقين
فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ
خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني
وعدوى وراثةٍ تَزويني
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ
والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين
كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ
ومن لذَّةٍ بها يزدهيني
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ
عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين
أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ "
لحمي فيه .. ولا تُسلِميني
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي
إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين
إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي ، وإنْ كانتْ
حياةً مليئةً بالشُّجون
أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ
الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني
إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر
رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين
أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً
أدركيني ومن يديها خذيني
ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً
بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون
حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني
ولا الفجرُ باسماً يُغريني
حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها
ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون
حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي
بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني
مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ
ما بعدَه وما يُدريني
وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً
يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون
فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ
إذا ما طلَبتِني تجديني
فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً
فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين
وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ
غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني
أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم
ازدَدْتُ بَلةً في الطين
بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ
مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين
ودعيني مُستعرضاً في جحيمي
كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون
وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ
القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون
عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ "
الزهاويُّ مقعداً عن يميني
إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ
عذْباً كقطرةٍ من مَعين
وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ
رُوحي وتستطيبي مُجوني
تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ
فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني
مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ
جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون
إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني
ودعي لي الخَيارَ في التعيين
قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها
أريني بداعةَ التكوين
إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ
أو فوقَ ربوةٍ فضعيني
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ
عن وصولي إليكِ لا يَثنيني
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ
احتضاناً ومثلَه دَّلليني
وإذا ما سُئلتِ عني فقولي
ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين
لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا "
شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني
أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما
ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون
غيرَ أني أرجو إذا ازدهتِ النفسُ
وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني
" اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً
أتحرَّى المجونَ كي تَلْطمِيني
وإذا ما يدي استطالتْ فمِنْ شَعركِ
لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني
ما أشدَّ احتياجةِ الشاعر الحسَّاسِ
يوماً لساعةٍ مِن جنون
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:54 PM
فيم الوجومُ؟ وجومُكم لا ينفعُ
نَفَذَ القضاءُ وُحمَّ ما لا يُدفَعُ
فيم الوجومُ؟ أبو عليٍّ قد مضَى
وقد انقضىَ الخيرُ الذي يُتوقَّع
وقد اختفى رمزُ البطولة ، وانطوتْ
تلكَ المحاسنُ والشمائلُ أجمَع
الشعبُ محتشِدٌ هنا يتسمَّعُ
ماذا يقولُ الشاعرُ المتفجِّع
احذرْ لساني أن تكونَ مقالةً
ليست تَليقُ به فانكَ تُقطَع
يا سادتي أما اللسانُ فواهنٌ
متلجلجٌ فَلْتُلْهِبَنْكُمْ أدمُع
يعتاقُ إبدعي ارتباكُ عواطفي
فاذا مَلكتُ عواطفي فسأُبدِع
وستَحمَدون قصائداً مهما عَلَتْ
قَدْراً فَقدْر أبى عليٍّ أرفَعَ
أُمُّوا ضريحَ أبي عليٍّ واكشِفوا
فيه الرؤوسَ وفي الشدائد فافزَعوا
وإذا ألمَّتْ بالبلاد مُصيبةٌ
فتوَّسلوا بزعيمها وتضرعَّوا
قولوا له يا مَن لأجل بلادِه
هَدْراً مضى : ان البلادَ تُروَّع
هذا الضريحُ ضريحُ أمةِ يَعرُبٍ
فيه خِيار خِصالِها مُتجَمِّع
أن كنتُ لم أسْجُدْ ولم أركَع فما
قَدْري ركعتُ عليكَ أولا أركَع
فسَيركعُ التاريخُ فوقَك كلُّه
وسيركَعُ الوَطنُ الذي بك يُمنَع
وسَيركعُ الجيلُ الذي شرَّفتَه
وتمرُّ أجيالٌ عليكَ وتَركَع
ولسوف تركَع نخوةٌ ورويَّةٌ
وشهامةٌ وصراحةٌ وتَمنُّع
للموتِ فلسفةٌ وَقفتُ ازاءَها
مُتخشِّعا وبرغم أنفي أخشَع
أيموتُ شَهْمٌ تستظل بخيره
دنيا ، ويبقى خاملٌ لا ينفع
ناشدتُهُمْ وقد اعْتْلَيتُ حَفيره
أأبو علي وَسْطَ هذا مُودَع
أو تهزأون بقدرِه ما هذه الاحجارُ
ما هذي الصخورُ الاربَع؟
أهُنا ينامُ فتىً يُهابُ ويرتَجَى
أهُنا يعاف فَتىً يَضرُّ وينفَع
إنهضْ فُدِيتَ " أبا عليٍّ " وارتجلْ
بين الجمُوعِ قد استَتَمَّ المَجْمَع
واسمعْ تُشَرِّفْ باستماعِكَ قِيلَتيِ
أسفاً وأنكَ مَيِّتٌ لا تَسَمع
ماذا فَعَلتَ لقد أتَيتَ عظيمةً
ينبو الأريبُ بها ويَعيَا المِصقَع
وافتْ مروِّعةٌ فهوَّنَ خطبَها
وأتت أناساً هادئينَ فرُوِّعوا
أعلِمتَ إذ اطلقتَها نارّيةً
ما أنتَ بالوطن المفدَّى تصنَع
وإذ انتزَعْتَ زنادَهُ مُستَوريا
عن أيِ ثُكلٍ للمُواطِنِ تُنزَع
با مِدفعَ الأبطالِ أنَّك حاملٌ
من كانَ ينهضُ حينَ يعجَزُ مِدفَع
من خاصَ أمواجَ السياسةِ رافعاً
رأساً ورُبَّ مخاضةٍ لا تُرفَع
يمشي إليها بالرؤيةِ مدركاً
بالشِبرِ ما لا تَستطيعُ الأذرُع
يكفيك من أبناء شعبِك غَيرَةٌ
حمراءُ ان صنَعوا الذي لم يصنَعوا
نِصفانِ بَغدادٌ فنِصفٌ مَحشَرٌ
ساحاتهُ اكتضَّتْ ونصفٌ بَلقع
متماوجُ الأشباحِ حزناً ما به
الا حشاً دامٍ ووجهٌ أسفَع
مَرصودةٌ ستُّ الجهات لساعةٍ
نكراءَ محسودٌ بها المتطلِّع
وتوجَّعَ الملكُ الهمامُ ولم يكُنْ
إلا لأعظمِ حادثٍ يَتَوَجَّع
وانقضَّ فوقَك كالعُقابِ وأنَّه
لسواكَ عن المامةٍ يترَففَّع
وهفا فؤادٌ كالحديدِ على وأسبَلَت
عينٌ تُفاخر أنها لا تدمَع
ولقد يَعِزُّ على المليك وشعبِهِ
والمشرقينِ نجيعُك المتدَفِّع
لا يرتضي الوطنَ الذي فَدَّيتهَ
بالنفس أن تَدمَى لكفك اِصبَع
هِبَه العروبة للبلادِ أهكذا
مُستدمياً متظلِّماً تُستَرجع
تأريخُ شَعبٍ سُوِّدَت صفحاتُهُ
فاتى فبيَّضَهنَّ هذا المَصرعَ
هذي الرجولةُ ضُيِّعَتْ ممنوحةً
واليوم يُعرَفُ قدرُها إذ تُرفَع
حصَدَت خصومُك حسرةً وخجالةً
حتى لودّوا أَنهم لم يزْرَعوا
كانت حياتُك للبلاد منافعاً
جُلََّّى وأنك في مماتك أنفَع
غيرتَّ راهنةَ الأمور بطلقةٍ
مستقبلُ الأوطان منها يَلمَع
يُنسى دويُّ مدافعٍ وعواصفٍ
وأزيزُها حتى القيامةِ يُسمَع
ووقَفتَ أقطابَ السياسة موقفاً
يرتدُّ حيراناً به المتضلِّع
يتساءلون بأي عُذرٍ نختفي؟
عن شعبنا وبأيِ وجهٍ نَطلُع
واسترجعوا أحكامَهم مرفوضَةً
ناسٌ بحكمهمُ عليكَ تسرَّعوا
غَطَّى على المتبرعينَ مُبجِّل
بحياتِه لبلادِه يتبَّرع
قولوا لأشباه الرجالِ تصنعاً
إلّا تكونوا مثلهُ فتقنَّعوا
لا تُزعجونا بالتشدُّقِ اننا
بسوى التخلص منكمُ لا نقنع
قد يدفع الدمُ ما يحيق بأهله
فاذا صدقتُم بادعاءٍ فادفَعوا
أما كتابُك فهو أفَضلُ ما وَعى
واعٍ وخزيُ معاشرٍ إن لم يَعُوا
طِرْسٌ على التاريخ يَفخَر أنه
من كلّ ما يَحوي أجلُّ وأرفَع
دستورُ شَعبٍ لا يُمَسُّ وشِرعةٌ
هي فوقَ ما سنَّ الرجال وشرَّعوا
هذي الوصيةُ ذخرُهُ ان أعوزَتْ
طيارةٌ وبنادقٌ ومُدرَّع
مَشَتِ الأناملُ هادئاتٍ فوقَها
والموتُ يمشي بينَهنَّ ويُسْرِع
قرَّعت شعبَك ان يَعُقَّك ، مرحباً
بأبي البلاد على العُقوق يُقرِّع
وشكوتَه أن ليسَ يسمعَ ناصحاً
نمْ هادئاً ان البلادَ ستسمَع
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:55 PM
يبكي عليكَ وكلُّهُ أوصابُ
شَعبٌ يمثِّلُ حزنَه النُواب
غطَّت على سُود الليالي ليلةٌ
وعلى المصائبِ كلِّهِنَّ مُصاب
المجلِسُ المفجوعُ رُوِّع أهلُهُ
وبكتْكَ أروقةٌ له وقِباب
قد جلَّلتْه وجلَّلتهُمْ رَهبةٌ
فهل البلادُ يسودُها إِرهاب
كادت تحِنُّ لفقدِ وجهِك ساحةٌ
فيه ويُسألُ عن دخولِك باب
عبءٌ على الأوطانِ ذكرى ليلةٍ
عن مثلِ مَصرع " مُحسنٍ " تَنجاب
عن مصرعٍ في المجلِسَين لأجلهِ
وهما البلادُ بأسرِها إِضراب
بالدمع يَسألُ عن غيابك سائلٌ
في المجلسَين وبالدموعِ يُجاب
هذي الثمانونَ التي هي جُلُ ما ارتضَتِ
البلادُ وضمَّتِ الاحزاب
مُتجلببونَ سكِينةً وكآبة
ومن السواد عليهم جِلباب
متشنجون يخالَهم من راءهُم
للحزن – أنَهمُ عليه غِضاب
ناجي لسانَ النثر قمْ واخطُب بهم
وأعِنْ لسان الشعر يا ميرابو
هَدِّأْْ بنطقِك رَوعَهم قد أوشكت
للحُزنِ ان تتمزقَ الأعصاب
ولقد أقولُ لرافعين أصابعاً
ليست تُحِسُّ كأنَّها أحطاب
رهنَ الاشارة تختفي أو تعتَلي
وينالُ منها السَلْبُ والإيجاب
ماذا نَوَيتمْ سادتي : هل أنتُمُ
بعد الرئيس – كعهده – أخشاب
هل تنهضونَ إذا استُثيرتْ نخوةٌ
أو تجمُدون كأنكم انصاب
هل أنتُمُ – ان جدَّ أمرٌ ينبغي
توحيدَ شملِكُمُ به – أحزاب
يا أيها " النوابُ " حسبُكُمُ عُلا
قولي لكم يا أيها " النواب "
روحُ الرئيس ترفٌ فوقَ رؤسِكم
ارَعوا لها ما تقتضي الآداب
سترى حضوراً غائبينَ بفكرهم
سترى الذين بلا أعتذارٍ غابوا
سترى الذين له أساءوا تُهمة
وإلى البلاد جميِعها ، هل تابوا
سيقولُ ان خَبُثَت نواياً منكُمُ
اخشَوا رفاقي أنْ يحِلَّ عذاب
لتكنْ محاكمةُ الخصومِِ بريئةً
في قاعِكم وليحسُنِ استجواب
تأبى المروءةُ ان يُقدَّسَ خائنٌ
أو أن يطولَ على البريءِ حساب
من أجل أن ترعَوا مبادئَ " مُحسنٍ "
لتَكنْ أمامَكُمُ له أثواب
متضرّجاتٌ بالدماء زكيةٌ
فيهنَّ للجرحِ البليغِ خطاب
فيهنَّ من تلك " الرَّصاصة " فَتحْةٌ
هي للتفادِي ان وَعَيتُمْ باب
ليكُنْ أمامَكُمُ كتابٌ صارخٌ
فيه ثوابٌ يُرتَجى وعِقاب
فيه الوصيةُ : سوف َتحنوا رأسَها
عَجَباً بها الأجيالُ والأحقاب
أوحى " الزعيمُ " إلى الجزيرةِ كلَّها
أنْ ليسَ يُدركُ بالكلام طِلاب
يا هذهِ الأممُ الضِعافُ تَروّ ياً
لا تنهضي صُعُداً وأنت زِغاب
لا تقطعي سبباً ولا تتهَّوري
نزقاً إذا لم تكمُلِ الأسباب
لا تقرَبي ظُفرَ القويِّ ونابَه
ان لم يكنْ ظُفْرٌ لديك وناب
وإذا عتبتِ على القويِ فلا يكنْ
إلا بأطرافِ الحرابِ عتاب
فاذا تركَتِ له الخيارَ فانه
أشهى إليه أن يكونَ خراب
هذا القصيدُ " أبا عليٍ " كلُّه
حزنٌ وكل سطوره أوصاب
ثق أنَّ أبياتي لسانُ عواطفي
ثقْ أنَّ قلبي بينَهن مُذاب
الحزن يملؤُها أسىً ومهابةً
ويُمدُّها بالروح منه شباب
منسابةً لطفاً وبين سطورها
حزناً عليك مدامعي تنساب
ماذا عسى تََقوىَ على تمثيله
بمصابِك الشعراءُ والكتاب
ضُمّوا القلوبَ إلى القلوبِ دوامياً
ستكونُ أحسنَ ما يكونُ كتاب
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:55 PM
أرى الشعبَ في أشواقه كالمعلَّقِ
لَما حدَّثُوه عنكَ يرجو ويتَّقي
يغالط نفساً فيكَ إن قيلَ لابثٌ
يكذِّبُ أنْ قالوا سيأتي يصدِّق
صبَتْ لك أنحاءُ العراق وفتِّحَت
للُقياكَ صَدرَ الوالِهِ المتشوِّق
وأجدرْ بأن يشتاق مثلُك مثلها
وأنعِمْ بأن تحنو عليها وأخلِق
سَرَت بُردُ الأشواقِ تحمِلُ طَيَّها
تحياتِ خُلصانٍ شديدي التعلّق
ر|طاباً كأنفاس النسائم سَحرةً
عِذاباً كماء الرافدين المصفقَّ
وقد سَمَتْ الزَوراءُ ترفَعُ رأسَها
على الأرض تِيهاً مثلَ نَسر مُحلِّق
وتفخَرُ أن نالَتْ بتفضيل أرضِها
على سائر الجاراتِ حظَّ الموَّفق
فقد نافسَتْ بغدادُ بطحاء مكّةٍ
وقد غبرَّت بغدادُ في وجهِ جِلَّق
وقد حَسَدَت بغدادُ شَتى عواصمٍ
من الشرق لم تنعُمْ بهذا التفوُّق
ولو نَطَقتْ قالتْ هَلمَّ لمَصبحٍ
جميلٍ على الشطَّينِ مني ومَغْبِق
هلمَّ فعندي مُشتهى كلَّ ماجدٍ
ومن كلِّ ذوق طيّبٍ فتذَّوق
فحقِّقْ لها أمنيةً فيكَ تَستَعضْ
بها عن أمانٍ جمةٍ لم تُحقَّق
وأدخلْ عليها فرحةً فهي بَلْدةَ
بها ثارت الأتراحُ ثورةَ مُحنَق
تمشَّت بها تعتاقُها عن نُهوضِها
خطوبُ الليالي زَردَقاً بعد زَرْدَق
أبغدادُ وهي القحمةُ السِنِّ خِبرةً
تَلَهَّى بألعابٍ كطفلٍ مُحمَّق
توقِّعُ باليمنى صكوك انعتاقِها
وتُومي لها اليسرى بأن لا تصدِقي
وتَفشلُ اسبابٌ لترقيع وحدةٍ
تمزِّقُها الأضغانُ شرَّ مُمزَّق
وشعبٍ تُمشيِّه السياسةُ مُكرهاً
على زَلَقٍ من حُكمها كيفَ يَرتقي
سلامٌ على شيخ الجزيرة كلِّها
سلامٌ على تأريخِه المتألِّق
سلامٌ عليه يوم شطَّت رِكابُهُ
سلامٌ عليه يومَ نحظَى فنلتقي
سلامٌ على عُمرٍ تَقَضَّى بصالحٍ
سلامٌ على ما فات منه وما بَقى
أبا فيصلٍ بعضَ التعزي فكم رَمَت
شهامةُ قومٍ شملَهمْ بالتفرّق
وقبلَك غمّت عزةٌ رَبَّ كندةٍ
وشرَّد صونُ العرض رَبَّ الخَورَنق
وما قَدْرُ عُمرِ المرءِ إن لم يُرَعْ به
وما طيبُ عيشِ المرء إن لم يُرَنَّق
أبا فيصلٍ إن الحياةَ ثقيلةٌ
على غير مذمومينَ وغدٍ وأحمق
سلِ القومَ ما معنى المرونةِ تختبرْ
تُستِّرهم عن خِسّةٍ وتَملُّق
وعن ذمِّ محمودٍ لفرط مَنَاعةٍ
وعن حَمد مذمومٍ لفرطِ التحذلُق
يسفُّون بالأخلاقِ إذ يُطلقونها
على كلِّ ما يَزري بحُرٍ مخلَّق
أبا فيصل أشجى التحايا تحيةٌ
تمازجها الذكرى بدمعٍ مُرقرٌق
تحيةُ مشتاقٍ لو اسطاع نُهزةً
تلقّاكَ من غر القوافي بفيلَق
أخي عاطفات لم يَشُنها تكلُّفٌ
وذي خُلُقٍ لم يُمتَهنْ بتخلُّق
لقد هزّت الأشواقُ قلباً عهِدتُهُ
إلى غيرِ أربابِ العُلى غير شيِّق
ونفساً على أن لا تزالَ أمينةً
أخذتُ عليها كلَّ عهدٍ وموثَّق
ولي فيك قبل اليوم غُرُّ قصائدٍ
كفاها سموّا أنها بعضُ منطقي
من اللاء غذّاها " جرير " بروحه
ولاءَمَ شَطرَيها نسيج " الفرزدق"
شربنَ بماء الرافدين وطارَحَت
بأسجاعِها سجعَ الحمام المطوَّق
ومن قبل كانوا إن أرادوا انتقاصةً
من الشِعر قالوا عنه لم يتعرَّق
فان لا تبذَّ المفلقينَ فانّها
يقصِّرُ عنها شاعرٌ غير مُفلِق
سهرتُ لها الليلَ التّمام اجيدُها
أغوصُ على غُرِّ المعاني فأنتقي
وأحبِبْ بها من مُورقاتٍ عزيزةٍ
عليّ وبي من مُستهامٍ مؤرَّق
فجئتُ بها مبغى أديبٍ مقدّرِ
ومنعى حسودٍ موَغرِ الصدرِ أخرق
وجاءوا بمرذولِ القوافي كأنما
" مركبةٌ أبياتها فوق زِئبق"
وحسبكَ من خمس وعشرين حجةً
بها الشيخ ذو السبعين من حَنَقٍ شَقِي
يقول وقد غطَّى شُعاعي بصيصَه
ترّفقْ وهل لي طاقةٌ بالترفّق
فيا أيها الشعرُ الجميل انحطاطةً
بغيضٌ إلى قلب الحسود تفوُّقي
مكانَك قِفْ بي حيثُ أنتَ فحسبُه
وحسبُك من شَوط تقدَّمتُ مالقي
إذا قال شرِّقْ لا تغرَّبْ إطاعة
وإن قال غرّبْ فاحترس لا تشرّق
وإن قال رِّفةْ عن حياتي فرأفةٌ
وإن قال دع لي فرجةً لا تضيِّق
وعنديَ من لفظٍ جزيلٍ وصنعةٍ
لبابٌ وطبعٌ كالُمدام المعتَّق
خوافٍ بشعري حلَّقت وقوادمٌّ
وما خيرُ شعرٍ لم يَطرِ فيُحلِّق
إذا ما تبارَى والقوافي بَحلْبْة
صَرختُ به إن كنتَ شعري فأسِبق
ولم لا يسيل الشعرُ لُطفاً ورقةً
إذا كان من فَيض القريحة يستقي
يجيء به النسجُ الرقيقُ مُهَلْهَلاً
كمُوشِيِّ روضٍ أو كثوبٍ منَمَّق
ويُردفهُ صوبُ المعاني فيزدَهي
زَها الروضُ عن صوب الحيا المتدِّفق
وإن ضاعفتَه مسحةُ الحزن رَونقاً
فمن فضلِ أشجان أخذْن بمخنِقي
فمن يَتنَكَّرْ من همومٍ فإنني
لأنكِر أن أعتادَ غيرَ التحرُّق
وأنكرُ نفسي أن تُرى في انبساطةٍ
وأُنكر صدري أن يُرى غيرَ ضيق
أخِفُّ إلى المرآة كلَّ صبيحةٍ
أرى هل أشابَ الهمُّ بالأمس مفرِقي
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:56 PM
زانَ العروبةَ هذا المُفرَدُ العَلَمُ
وقد تُخلِّدُ في أفرادِها الأُمَمُ
وقد تَسيلُ دماء جَمَّة هَدَراً
وقد يُقَدَّرُ من دون الدماءِ دَم
حَظٌّ من الموتِ محسودٌ خُصِصتَ به
والموتُ كالعيش مابين الورى قَسَم
لولا سموُّ مفاداةٍ لما احتَفَلتْ
هذي المحافلُ فياضاً بها الألم
لو كانَ غُنْمٌ لها ما هكذا ازدَحَمتْ
هذي الجموعُ التي للغُرْمِ تَزدَحِم
إن تَنْتَفِضْ لا تجد كفٌّ لها سَعَةٌ
أو تَنقلْ لا تجِدْ أرضاً لها قَدَم
يا أيُّها السادةُ الأحرارُ كلُّكم
للشَعب ان أعوزَتْه خِدمةٌ خَدَم
هذي الضحيةُ في تبجيلها عِظَةٌ
ان الذي خَدَمَ الأوطانَ محتشِم
ان البلادَ بمرصاد ومن سَفهٍ
ان تحسبوا الناسَ طراً لعبةً لكُم
إن تنصُروها فان الشَعبَ منتصرٌ
أو تخذلِوها فان الشعبَ منتقم
أو تُحتَقَرْ " وسيوف الهند مُغمَدةٌ
فقد نَظَرتُم إليها والسيوفُ دَم"
حسبُ الظنينِ بوجدانٍ محاكمةٌ
بها تُزيَّفُ أو تُستَوضحُ التُهم
حسب الفتى بيد التاريخِ مُحصيةً
ماقد جَنَتهُ يدٌ أو ما ادعاه فَم
فاستغنِموا اللذَّةَ العُظمى مُخلَّدةً
في السعي فاللذةُ الدنيا هي الألَم
تبقى من الشهوة العمياء سوأتُها
للمشتهينَ ويفنَى الحرصُ والنَهَم
هل ابنُ سَعدونَ يُعفيني ويَعذِرُني
وهو الكريم نَماه مَعشَرٌ كَرُموا
لم تأتِني من بليغِ القولِ قافيةٌ
إلا وأبلغُ منها عندَه شِيمَ
من كل مرهوبةٍ صَعْبٌ تَقَحمَّها
كأنها البَحْرُ هَوْلاً حين يَقتَحم
عبءٌ على الشعر ان تحصى بساحتِه
على الرجالِ مَساعيهم إذا عَظُموا
وفي المفُاداةِ للأوطان مُعجِزةٌ
بها البَيانُ وان جوَّدتُ يصطدم
عسى مُعَلَّقةٌ غرّاءُ ثامنةٌ
تُحصي مآثَركَ الغَرّا وتَنتظِم
يا منظراً يَشتهِي فيه العَمى بَصَرٌ
ويانَعِيّاً عليه ُ يُحمَدُ الصَمَم
بات العراقُ عليه وهو مُرتجفٌ
بأسره لأمانٍ وهي تنهدِم
في ذمة الله حزنُ الشعب حينَ رأى
وديعةَ الله عند الشعب تُستَلم
مألومةٌ غيرُ مشكورٍ لها سَهرٌ
على الحقوقِ ولا مَرعيّةٌ ذِمَم
هل رايةُ الوطنِ المفجوعِ عالمةٌ
على مَن اشتملتْ والمِدفَع الضَخِم
ان الذي فيكَ شعبٌّ هدَّ جانبَه
وأمةٌ قد أُضيعَتْ أيُّها العَلَم
ان الذي فيك مرهوبٌ إذا احترَبوا
يومَ الخصامِ ومرضيُّ اذا احتكَمُوا
أن الذي فيكَ حتى خصمهُ شغِفٌ
به وحتى من الأعداء مُحترم
غُرُّ الفِعال إلى العَلْيا دلائلُه
حتى المماتِ عليه دلهُ الكَرَم
مُستَأثِر بخِيار الخَصلتينِ إذا
خَيَّرتَه بين ما يُردى وما يَصيم
زَها الوجودُ بذاك الوجهِ مفتخراً
واليوم يفخَر إذ يحظَى به العَدَم
يا نبعةً عولجتْ دهراً فما انحطَمَتْ
ما كنتَ لولا يدُ الاقدار تَنحطِم
ما ناشَ كفَّك من تياره بللٌ
لّما تحدّاك موجُ الموت يلتَطِم
أبقيتَها حُرَّةً تمشي أناملها
يَمدُّهنَّ النُهى والنُبْلُ والهِمَم
حتى اذا ما انتهت من حَشدِها جُمَلاً
أخفُّ من وقعهنَّ الصارمُ الخذِم
فيهنَّ يشكو إلى الأملاكِ طاهرةً
روحٌ من البَشَر الأدنَينَ مُهتضَم
رميتَ نفسَك في احضانِه فَرحاً
وجلَّلَ الشعبَ يومٌ حزنُه عَمَم
براءةٌ لكَ عندَ الموسِعِيك أذىً
تُبينُ مالك من حقٍّ وما لَهُم
نَمْ هادئاً غيرَ مأسوفٍ على زَمنٍ
يشقى بريءٌ ويَهنَا فيه متَّهَم
قد أخجلَ الظالمينَ الناسَ مُحتشِمٌ
من نفسِه في سبيلِ الناسِ ينتقم
أبا عليٍ سلامٌ كيف أنتَ؟ وهلْ
علِمتَ من بعدِك الأقوامُ كيفَ هم ؟
تَولَّتِ الأربعونَ السودُ تاركةً
جَفناً قريحاً وقلباً شفَّه الوَرَم
ولو تقضَّتْ عليهم مثلها عَدَدا
من السنين لما مَلّوُا وما سَئِموا
يُسلي التقادمُ عن ثُكْلٍ وعندهُمُ
ثُكْل عليه يُعينُ الجِدَّةَ القِدَم
جُرْحٌ تَذُرُّ عليه غيرَ راحمةٍ
كفُّ السياسةِ مِلْحاً كيفَ يلتئم
تأبَى ليومِكَ ان تنسَى ظَلامتَه
مظالِمٌ خَصمُنا فيها هو الحَكَم
يُغري بتهييجه نقضٌ يجدُّ إذا
ما كاد حبلٌ من الآمال ينبرِم
باسم ابنِ سَعدونَ فَاضتْ حرقةٌ طُويَتْ
دَهْراً وأعلَنَ شجوٌ كانَ يكتَتِم
بالحزنِ يَفتتحُ الأقوالَ قائلُها
وبالسياسةِ والأجحافِ يَختَتم
للثُكلِ ثُمَّ لأسبابٍ له اجتَمَعتْ
ملءَ النواظر دمعٌ والقلوبُ دَم
وحسبُ ابناءِ هذا الشَعبِ موجدةٌ
أن يَستَغِلّوا به البَلوْى ويَغتَنِموا
ماذا أقولُ فؤادي ملؤُه ضَرَمٌ
وهل تُوفِّي شُعوري حفَّه الكَلِم
حراجةٌ بالأديبِ الحرِّ موقفُه
حيثُ الصراحةُ بالارهابِ تَصطدم
بين الشعورِ وخَنقٌ مُسكِتٌ رَحِمٌ
في الرافدين فلا كُنّا ولا الرَحِم
هذي المناصبُ ان كانتْ بها نِعَمٌ
للناس فهْيَ على آدابِنا نِقَم
للشاعرينَ قُلوبٌ في تململها
هي البَراكينُ إذ تَهتاجُها الحِمَم
لواعجٌ هي إنْ أبديتَها شَرَرٌ
يُصلي اللسانَ وانْ اخفيتَها سَقَم
رسائلٌ لي مع الآهاتِ أبعثها
إذ لا اللسانُ يؤدّيها ولا القَلَم
فليشهَدِ الناسُ طراً إنني خَجِلٌ
وليشهَدِ الناسُ طراً إنني بَرِم
وليسمعِ الناسُ شكوىَ من له اجتمعتْ
غضاضةُ العيشِ والأرهاقُ والبِكَم
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:57 PM
عِنادٌ من الأيَّامِ هذا التعَّسفُ
تحاول منّي أنْ أُضامَ وآنفُ
وتطلبُ أن يُستَّل في غير طائلٍ
لسانٌ فراتيُّ المضاربِ مُرهف
وللنفسُ مِنْ أنْ تألفَ الذلَّ خُطَّةَ
أجلُّ . ومن أن تُرخص القول أشرف
فكان جزائي شرَّ ما جُوزي امرؤ
عن العيشِ ملتاثِ المواردِ يعزف
تعرَّفْ إلى العيش الذي أنا مُرهقٌ
به . وإلى الحال التي أتكلَّف
تجِد صورةً لا يشتهي الحرُّ مثلَها
يسوءُ وقوفٌ عندَها وتَعرُّف
تجد حَنقاً كالأرقم الصلِّ نافخاً
وذا لَبدٍ غضبانَ في القيد يرسف
أُنغَصُّ في الزاد الذي أنا آكلٌ
وأشْرَق بالماءِ الذي أترَّشف
كما قذفَ المسلولُ من لُبَّة الحشا
دماً ، أستثيرُ الشعرَ جمر وأقذف
وإنّي وإنْ مارستُ شَّتى كوارثٍ
إذا راحَ منها مُتْلِفٌ جاء متلف
فما حزُّ في نفسي كغدرةِ غادرٍ
له ظاهرٌ بالمُغرِيات مُغلَّف
وفرحةِ أقوام شجاهم تفوُّقي
بأني عنهم في الغنى متخلِّف
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:57 PM
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا
وتراكضُوا شِيباً ومُرْدا
وتحاشَدوا خَيرُ التسابق
للعُلى ما كانَ حَشْدا
صولوا بعزم ليس يصدأُ
حدُّه والسيفُ يصدأ
لا تَقعُدوا عن شحنِها
هِمَماً تَئِدُّ الدهرَ أدَّا
أوَلستُمُ خيرَ المواطنِ
موطناً وأعزَّ جُنْدا
فاز امرؤٌ عرف التقلُّبَ
في الليالي فاستعَدَّا
في لَوح ربِّك "آيةٌ "
خُطَّت على من كانَ جلْدا
لا ييأسَنْ من خاب ممسىً
أن ينالَ الأمر مَغدى
ذَلَّ امرؤٌ قعَدَت به
آمالهُ قَيْداً وَشدّا
بَينْا يُمَنِّي المرء خيراً
نفسَه اذ قيلَ أودَى
أينَ الذين اذا انحتْهم
شِدَّةٌ كانوا الأشَدّا
واذا الخطوبُ عَرَتْهُمُ
لم يضْرَعوا للخطب حَدّا
تَخذِوا الثباتَ سلاحَهُمْ
وتدَّرعوا حَزْماً وجِدّا
أبني مَعدَّ بلادُكم
لا تُغضِبوا فيها مَعَدا
وطنٌ مُفَدىً خيرُ ما
حَضَن الفَتى وطنٌ مُفدَّى
" الرافدان " بجانبيه
تجارَيا خمراً وشُهْدا
والزاهراتُ من الرياض
تضوَّعت أرَجاً ونَدّا
وكِسِتْ رُباه يد الطبيعة
من بديعِ الحُسْن بُردا
فَرْدُ الجمال وفي الغُلُّوِ بحبِّه
أصبحتُ فَرْدا
صبّاً نشأتُ وكلَّما
زادتْ سنيني زدتُ وَجْدا
وَطَنٌ اذا ذكروه لي
وبيَ الغليلُ وَجَدت بَرْدا
ولو استَفْفتُ ترابه
لوجدْتُ عيشي فيه رَغْدا
أعزِزْ بأني لا أطيقُ
لما دَهَى وطني مَرَدَّا
" الله " يَشهَد أنني
لم آلُهُ في النصح جُهْدا
لا تأسفَنْ وطني وكُنْ
ثَبْتاً على الأيام صَلْدا
ظُلمْ تَعدَّى حدَّه
والظلم يُردى إن تَعَدّى
" الله " يَجِزي خيرَ ما
جازَى به مولىً وَعبْدا
صِيداً " ليعرب " شَيِّدوا
عزاً وللأوطان مجدا
في ذمةِ الوطنِ الذي
بَذلوا له نَفْساً وَوُلْدا
رُوح بظلمٍ أُزِهقَت
وَدمٌ جَرَى ظُلْماً وَعَمدا
أفَكان عُقْبى مالَقوا
أن زادتِ النفقاتُ عَدّا
ويلي لغلِمة " يَعرُبٍ "
هدَّتْهم الأيامُ هَدّا
الجَور ألحَمَ بُردَة البَلوى
لَهم والضَيمُ سَدَّى
وَيلي لكّفٍ لم تجِدْ
عَضُدأً تصولُ به وزَنْدا
وَيلي لمن كانَتْ لهم
أيّامُهم خَصْماً ألَدّا
من أين دارُوا واجهوا
نكبِاتها سُودا ورُبْدا
هَوَتِ العروشُ كأنما
بعضٌ بشَرِّ البعضِ يُعدَى
فَقَدَتْ " دِمشقٌ " زَهوهَا
وجمالُ " بغدادٍ " تَرَدَّى
وجزيرةُ " العُرب " ازدرَتْ
نُورَ " النبوة " فاستُرِدَّا
باتت بها أحقادُها
يوسِعْنَ خَرقاً لن يُسَدّا
ويلي لأمة يعرب
جِدُّوا فان الدهرَ جَدَّا
وتراكضُوا شِيباً ومُرْدا
وتحاشَدوا خَيرُ التسابق
للعُلى ما كانَ حَشْدا
صولوا بعزم ليس يصدأُ
حدُّه والسيفُ يصدأ
لا تَقعُدوا عن شحنِها
هِمَماً تَئِدُّ الدهرَ أدَّا
أوَلستُمُ خيرَ المواطنِ
موطناً وأعزَّ جُنْدا
فاز امرؤٌ عرف التقلُّبَ
في الليالي فاستعَدَّا
في لَوح ربِّك "آيةٌ "
خُطَّت على من كانَ جلْدا
لا ييأسَنْ من خاب ممسىً
أن ينالَ الأمر مَغدى
ذَلَّ امرؤٌ قعَدَت به
آمالهُ قَيْداً وَشدّا
بَينْا يُمَنِّي المرء خيراً
نفسَه اذ قيلَ أودَى
أينَ الذين اذا انحتْهم
شِدَّةٌ كانوا الأشَدّا
واذا الخطوبُ عَرَتْهُمُ
لم يضْرَعوا للخطب حَدّا
تَخذِوا الثباتَ سلاحَهُمْ
وتدَّرعوا حَزْماً وجِدّا
أبني مَعدَّ بلادُكم
لا تُغضِبوا فيها مَعَدا
وطنٌ مُفَدىً خيرُ ما
حَضَن الفَتى وطنٌ مُفدَّى
" الرافدان " بجانبيه
تجارَيا خمراً وشُهْدا
والزاهراتُ من الرياض
تضوَّعت أرَجاً ونَدّا
وكِسِتْ رُباه يد الطبيعة
من بديعِ الحُسْن بُردا
فَرْدُ الجمال وفي الغُلُّوِ بحبِّه
أصبحتُ فَرْدا
صبّاً نشأتُ وكلَّما
زادتْ سنيني زدتُ وَجْدا
وَطَنٌ اذا ذكروه لي
وبيَ الغليلُ وَجَدت بَرْدا
ولو استَفْفتُ ترابه
لوجدْتُ عيشي فيه رَغْدا
أعزِزْ بأني لا أطيقُ
لما دَهَى وطني مَرَدَّا
" الله " يَشهَد أنني
لم آلُهُ في النصح جُهْدا
لا تأسفَنْ وطني وكُنْ
ثَبْتاً على الأيام صَلْدا
ظُلمْ تَعدَّى حدَّه
والظلم يُردى إن تَعَدّى
" الله " يَجِزي خيرَ ما
جازَى به مولىً وَعبْدا
صِيداً " ليعرب " شَيِّدوا
عزاً وللأوطان مجدا
في ذمةِ الوطنِ الذي
بَذلوا له نَفْساً وَوُلْدا
رُوح بظلمٍ أُزِهقَت
وَدمٌ جَرَى ظُلْماً وَعَمدا
أفَكان عُقْبى مالَقوا
أن زادتِ النفقاتُ عَدّا
ويلي لغلِمة " يَعرُبٍ "
هدَّتْهم الأيامُ هَدّا
الجَور ألحَمَ بُردَة البَلوى
لَهم والضَيمُ سَدَّى
وَيلي لكّفٍ لم تجِدْ
عَضُدأً تصولُ به وزَنْدا
وَيلي لمن كانَتْ لهم
أيّامُهم خَصْماً ألَدّا
من أين دارُوا واجهوا
نكبِاتها سُودا ورُبْدا
هَوَتِ العروشُ كأنما
بعضٌ بشَرِّ البعضِ يُعدَى
فَقَدَتْ " دِمشقٌ " زَهوهَا
وجمالُ " بغدادٍ " تَرَدَّى
وجزيرةُ " العُرب " ازدرَتْ
نُورَ " النبوة " فاستُرِدَّا
باتت بها أحقادُها
يوسِعْنَ خَرقاً لن يُسَدّا
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:58 PM
كؤوسُ الدمعِ مُتْرَعةٌ دِهاقُ
وللحزنِ اصطباحٌ واغتباقُ
مضى " فرْعَوْنُ " لم تَفقِدْهُ مصرٌ
ولا " هارونُ " حنَّ له العراق
أُديف " الرافدان " فلن يرادا
ولا " بردى" من البلوى يُذاق
وكيف يَلَذُّ للوُرّادِ ماءٌ
عليهِ من بنيهِ دمٌ يُراق
ثباتاً يا دِمَشقُ على الرزايا
وتوطيناً وإن ضاق الخناق
وفوزاً بالسِّباق وليس أمراً
غريباً أن يكونَ لكِ السباق
دمشقُ وأنتِ غانيةٌ عروسٌ
أمشتبك الحرابِ لكِ الصََّداق؟
أذنباً تحسبون على البرايا
إذا ما ضويقوا يوماً فضاقوا
بعين اللهِ ما لقيتْ شعوب
لحد السيف مكرهةً تُساق
عجافاً أُطلقت ترعى ولكن
معاهدة القويّ لها وَثاق
وعيقَتْ مُذْ بَغَتْ حقاً مضاعا
وساموها الدمار فلمْ يُعاقوا
ذروا هذي الشعوبَ وما اشتهته
مذاقُهُمُ لهمُ ولكم مذاق
تحررتِ البلادُ سوى بلادٍ
ذُيولٍ شانهن الالتحاق
أبابُ الله يُفتح للبرايا
وعن هذي البلاد به انغلاق
وكيف تسير مطلقةً بلادٌ
عليها من احابيلٍ نطاق
فيا وطني ومن ذكراك روحي
إذا ما الروحُ أحرجها السياق
أُشاق إلى رُباكَ وأيُّ حرٍّ
أقَلَّتهُ رُباك ولا يُشاق
ويا جوَّ العراقِ وكنت قبلاً
مداواةُ المراض بك انتشاق
لقد خَبُثَتْ الأنفاسُ حتى
لروحي منك بالروح اختناق
على " مدنية " زهرت وفاقا
سلامٌ كلما ذُكرَ الوفاق
تولى أسّها الباني اعتناء
وشيد ذِكْرَها الحَسَنَ اتفاق
أُشاق لها اذا عنَّت خيامٌ
وأذكرها اذا حنَّت نِياق
تغشتها النزاهةُ لم تَشُبْها
أساليبٌ كِذابٌ واختلاق
كما شيّدتُمُ شِدْنا وزِدنا
ولكن ما لقينا لم تلاقوا
وما سِيانِ بالرفق امتلاكٌ
لمملكة وبالسيف امتشاق
سلوا التاريخَ عن شمس أُديلت
وعن قمر تَعاوَرَهُ المحاق
هل الأيامُ غيّرتِ السجايا
وهل خَشُنَتْ طباعُهُمُ الرِقاق
وهل إفريقيا شهِدت سَراةً
بها كالعرب مذ عُبِرَ الزُّقاق
غداةَ البحر تملِكه سفينٌ
لنا والبر تحرُسُهُ عتاق
و " طارقُ " ملؤُهُ نارٌ تَلَظَّى
وحشوُ دروعِه سمٌّ ذُعاق
بأنْدَلُسٍ لنا عرشٌ وتاجٌ
هوى بهما التخاذلُ والنفاق
هما شيئان ما اجتمعا لشعبٍ
فاما الملكُ فيهِ أو الشقاق
أولئك مَعشرٌ سَكرِوا زماناً
وناحُوا ملكَهُم لما أفاقوا
فانْ كُتِبَ الفراقُ لنا فصبراً
على كل الورى كُتِبَ الفراق
لنا شوق إذا ذكروا رباها
وإنْ نُذكَرْ لها فلها اشتياق
يُطاق تقلبُ الأيام فينا
وأما أنْ نَذلَّ فلا يُطاق
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:58 PM
حذِرتُ وماذا يُفيد الحذرْ
وفوقَ يميني يمينُ القَدَرْ
ومما يهوِّن وقَع الحِمام
أن ليس للمرء منه مفر
يُوَقِّعُ ما شاء عُودُ الزمان
ويبكي ويضحك منه الوتر
" فيومٌ علنا ويوم لنا
ويوم نُساء ويوم نُسر "
تعشقتُ من " عمرٍ " قوَلهُ
وكم حكمة في معاني عمر
أرى دهرنا مسرحاً كلُّنا
نروح ونغدو به كالصُّور
اقول وقد قيل جاء البريد
ينث اليك بهذا الخبر
عجِيب له كيف لم يوِهِه
فقالوا صدقتَ لهذا عثر
عَرَفت الكتاب بمضمونه
يُحَدّث : أن اليراع انكسر
خليليَّ ما انتما صانعان
بدمعٍ ترقرق ثم انحدر
تحير بين النُّهى والهوى
فهذا نَهاهُ وهذا أمر
هلُّما ننوح على دوحةٍ
ذوى الأصل منها وجفَّ الثمر
ولا ترغبا في اعتذار الزمان
متى زلَّ دهرُكُما فاعتذر
وهِّونَ من حُرقتي أن أرى
دَمَ الناس عند الليالي هدر
حَلَفْتُ لقد كنتَ عفَّ اللسان
وعف اليدين وعف النظر
جَنانُك لا تعتليه الشكوك
ونفسُك لا يزدهيها البَطَر
شباب مضى كنَتَ برّاً به
وشيخوخةٌ كنت فيها أبر
فلم تدر في صِغَر ما الصَّغار
ولم تدر ما الكِبْرُ عند الكِبَر
ونفسُك للنفع مخلوقة
فلو رُمت ، لم تدر كيف الضرر
لقد جلَّ خطبك عن أن يقاس
بما خلَّفته خُطوب أُخر
فتلك يُلامُ بها جازع
وهذا يلام به من صبر
بكيتُكَ للعلم مَحَّصْتَهُ
وابرزته نافعاً مختصر
كتاب ابيك ومن ذا يعيد
عليه ، وقد رحت عنه ، النظر
وللنفس تزهَد في عاجل
وترغب في الآجل المدخر
لفقد صيامك يبكي النهار
ويبكي لفقد القيام السحر
بكيتك للبيت عالي العماد
فخاراً نُعيِت اليه فَخَر
تعطَّل من حَلْيهِ جيدهُ
وعِقدُ الجواهر منه انتثر
رأيت من الناس ما دونه
يُفَلُ الحديد يُفَتُ الحجر
نُسيتَ لأنكَ رُمت الآله
وغيرُك رام الورى فاشتَهر
وعافتك دنياكَ إذ عِفتها
وما بك لو رُمتها من قِصَر
وأعظمُ ما جرّ خطب الزمان
ملائكةٌ تُبلى بالبشر
ثمَانينَ في الله قضيّيْتَها
ستُظْهر من فاز ممن خسر
على قدر ما اختلف الواردون
يكونَ اختلافهُمُ في الصَّدَر
ولو نَفَعتْ عِبرةٌ في الورى
لكانت حياتك أمَّ العبر
لقد كلمتك خطوب دهت
لو الصخرُ كابدهنَّ انفطر
شبابان كنا بلطفيهما
نباهي الخميلة أُمَّ الزهر
فقدتَهما لم يكن بين ذا
وذلك إلا كلمح البصر
أتعلم إذ شيعت نعشَه
لمن ذا تُشيِّع هذي الزمر
وهل عَرَف الموت إذ غاله
بما أيِّ عِلْقٍ نفيس ظفِر
ولو كنتَ تُرثى كما ينبغي
لكنت الجدير بأم السُّور
ولكن على قدْر ما أستطيعُ
أتيت أقابل طوداً بِذر
وما أنا إلا مُسئٌ أقر
وما أنت الا كريمٌ عذر
هو الحزن نَمَّ عليه البيان
أو الجمرُ نمَّ عليه الشرر
رأيت الهموم نَتاجَ الشعور
فلا يْفَرَحنَّ امرؤٌ عن شعر
ودونَ القصيد الذي تقرأون
اذا جاشت انفس وخزُ الابر
وما المرءُ إلا بآثاره
وذكرك بالخير نعم الأثر
أبا حسنٍ يا جواد النَّدى
اذا المَحْلُ عمَّ ، وصِنوَّ المطر
ويا نابغاً حينَ جَفَّ النُّبوغ
وضلت عن الفكر أهلُ الفكر
يَهشُّ لك السمع قبل العِيان
وتشتاقك البدو قبل الحضر
فلا تجزَعنْ ، نِعم عُقبى الفتى
تَحَّملُ ما لم يُطِقْ فاصْطَبر
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 06:59 PM
بهجة القلب جلاء البصرِ
هذه الأرياف غِب المَطَرِ
يا أصيلاً هاجَتْ الذكرى به
نسمةً أنسَتْ نسيمَ السحر
أنت هيَّجتَ شُعوري طَرَباً
أنا لو لم تحلُ لي لم أشعرُ
لطفُك اللهُمَّ ما أعظمَه
أفهذا كلُّه للبشَر
أبساطُ الورد ممدوٌ على
هذه الأقطارِ مَدَّ البصر
وبأنفاسٍ حِرارٍ خَبُثَتْ
تتلاشى نفحاتُ الزَهَر
يا خليليَّ أجيلا نَظَراً
تَرَيا الآفاقَ كُحلَ النظر
تريا " البقعةَ " من بعد العرا
تَكتسي نورَ بساطٍ أخضر
عَمِيت عيني َ أن أشغلَها
منظرٌ عن حُسن هذا المنظر
ألشيءٍ غيرَ أنَ تؤنسَني
تظهرُ الأرضُ بهذا المظهر
لستُ بالشاعر ان لم يُصْبنِي
أينما كان ، جمالُ الصُورَ
في الثرى ، في الروضِ ، في أفق السما،
في شأبيبِ الحيا ، في الحَجَر
واشكري يا أرضُ ألطافَ السّما
تُسلَبُ النعمهُ إن لم تشكري
واذكري الشدةَ في فرحِتها
واعرفي حُسنَ صنيعِ المطر
حَسُنَت باديةٌ فارهةٌ
هي أَنستْنيَ حُسنَ الحضَر
كم على أُمواهها تعريسةٌ
ومَقيلٌ تحت ظلِّ الشجر
ونهارٌ مشمِشٌ نَقْطَعُهُ
بالأحاديثِ كليلٍ مقمر
راقت الوحدةُ لي في غربتي
أنا لا أهوى ضجيج الزُمِر
شُغِل الناسُ بسُمّارِهُمُ
وأنا وحدي هواكم سَمَري
انا والروضُ وأشباحُكُمُ
نتناجى تحتَ نُور القمر
هيَّجوا أوتارَهم وانبعثت
هِزّةُ الحب فهاجت وَتَري
نَفسَ للشعر في تقطيعه
أثرٌ من نَفَسِ المحتضَر
يا أحبايَ وما أصبرَكم
أحسَنُ الأحباب من لم يَصبِر
طال إسهابي وما أشوقَني
لكتابٍ منكُمُ مختصَر
كم أرى منتظراً وعدَكمُ
ثَقُلَ الوعدُ على المنتظِر
أنا إنْ عَدُّوا عليكم عثرة
قلت : أيُ الناس من لم يعثُر
وإذا ما قيل : ظلمٌ هجرهُم
قلتُ : لا لو زلةٌ لم أهجُر
يطمع القلب بسُلوانِكُمُ
فاذا حاوَلَه لم يقدِر
تعتريهِ هزَّةُ الشوقِ لكم
ومن القسوة أن لا تَعتري
أتُرى ريحَ الصبا يُثقلها
خبرٌ تحمله عن جَعفَر
عن أديبٍ جَمَعَتْ أنفاسُه
صنعةَ " الفنِ " وطبعَ " العبقري "
أنا خاطرت بنفسي في الهوى
والهوى لذَّتهُ في الخَطَر
قد سَهِرْنا فوجدنا أنه
فوق طعم النوم طعمُ السَهَر
حب قلبي ذكركم تعويذةً
وأماناً من صروف القدر
~الفراشة الجميلة~
14/07/2010, 07:00 PM
هبَّ النسيم فهبتِ الأشواقُ
وهفا إليكمْ قلبه الخّفاقُ
وتوافَقا فتحالفا هو والأسى
وحَمامُ هذا الأيكِ والأطواق
عارٌ على أهل الهوى ان تُزدرى
هذي النفوسُ وتُشترى الأعلاق
ذَم الفراقَ معاشرٌ جهلوكُمُ
من أجلكم حتى الفراقُ يُطاق
ما شوقُ أهل الشوق في عُرفِ الهوى
نُكرٌ فقد خُلِقوا لكي يشتاقوا
أما الرفاقُ فلم يَسُؤْني هجرهمْ
إذ ليس في شرع الغرام رفاق
لو أُبرم الميثاقُ ما كَمَلَ الهوى
شرطُ الهوى ان يُنقَض الميثاق
كُتُبُ الاله تشّرفت في ذكره
وبذكركمْ تتشرفُ الأوراق
هذا القريض تكبَّرت بُرُآتهُ
إذ ضاق من ألم الفراق خناق
عَمَرت بذكركمُ اللذيذِ مجالسٌ
وازَّيَّنَتْ بهواكُمُ أسواق
ماذا أذُم من الهوى وبفضله
قد رق لي طبعٌ وصحَّ مَذاق
هي " فارسٌ " وهواؤها ريح الصَّبا
وسماؤها الأغصانُ والأوراق
وَلِعَتْ بها عُشّاقها وبليةٌ
في الشرق إنْ وَلِعَتْ بها العشاق
سالت بدفاق النُّضار بقاعُها
وعلى بنيها شحتِ الأرزاق
يا بنتَ " كومرثٍ " أقلَّى فكرةً
فلقد أضرَّ برأسك الإخفاق
وتطلَّعي تَتَبَيَّني الفجرَ الذي
تتوقعينَ وتنجلي الآفاق
لي في العراق عصابةٌ لولاهمُ
ما كان محبوباً الىّ عراقُ
لا دجلةٌ لولاهمُ ، وهي التي
عذُبت، تروق ولا الفراتُ يذاق
" شمرانُ " تُعجِبُني ، وزهرةُ روضها
وهواؤها ، ونميرُها الرَّقراق
متكسراً بين الصخور تمُدّهُ
فوقَ الجبال من الثُّلوج طِباق
وعليه من وَرَقِ الغُصونِ سُرادقٌ
ممدوةٌ ومن الظِلالِ رُواق
في كل غصْنٍ للبلايل ندوةٌ
وبكل عودٍ للغنا " إسحاق "
كانت منايّ فلم تُعَقْ وعجيبةٌ
أني أُحب منىً فلا تُعتاق
سرُّ الحياة نجاحُ آمالِ الفتى
أما المماتُ فسرُّه الإخفاق