المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحمد شوقي



أمانيـــز
18/04/2010, 02:34 AM
ولد أحمد شوقي في القاهرة عام1868م، في أسرة ميسورة الحال تتصل بقصر الخديوي أخذته جدته لأمه من المهد ، وكفلته لوالديه.... وفي سن الرابعة أدخل كتاب الشيخ صالح بحي السيدة زينب... انتقل الى مدرسة المبتديان الابتدائية ، وبعد ذلك المدرسة التجهيزية الثانوية حيث حصل على المجانية كمكافأة على تفوقه...

أتم الثانوية..ودرس بعد ذلك الحقوق، وبعد ان أتمها..عينه الخديوي في خاصته..وأرسله بعد عام إلى فرنسا ليستكمل دراسته، وأقام هناك 3 أعوام..عاد بالشهادة النهائية سنة1893 م....

عاد شوقي إلى مصر أوائل سنة 1894 م فضمه توفيق إلى حاشيته

أصدر الجزء الأول من الشوقيات – الذي يحمل تاريخ سنة 1898 م وتاريخ صدوره الحقيقي سنة1890م

نفاه الإنجليز إلى الأندلس سنة 1914 م بعد أن اندلعت نيران الحرب العالمية الأولى ، وفرض الإنجليز حمايتهم على مصر 1920 م

أنتج فى أخريات سنوات حياته مسرحياته وأهمها : مصرع كليوباترا ، ومجنون ليلى ، قمبيز ، وعلى بك الكبير

توفى شوقي فى 14 أكتوبر 1932 م مخلفاً للأمة العربية تراثاً شعرياً خالداً.

أمانيـــز
18/04/2010, 02:36 AM
مرحباً بالربيع في ريعانِهْ
وبأَنوارِه وطِيبِ زَمانِهْ
رَفَّت الأَرضُ في مواكِب آذا
رَ، وشبَّ الزمانُ في مِهْرَجانِه
نزل السهلَ طاحكَ البِشْر يمشي
فيه مَشيَ الأمير في بُستانه
عاد حَلْياً بِرَاحَتيْهِ وَوَشْياً
طولُ أَنهارِهِ وعَرْضُ جنانه
لف في طيْلَسانِه طُرَرَ الأر
ضِ، فطاب الأَديمُ من طيلسانه
ساحرٌ فتنة ُ العيونِ مُبينٌ
فضل الماء في الربا بجمانه
عبقريُّ الخيالِ ، زاد على الطيْـ
ـف، وأَرْبَى عليه في أَلوانه
في مأتمٍ لم تخلُ فيـ
يَهْنِيكَ ما حرَّمتْ حين تنام
تبكي الكريمَ على العشـ
صِبْغَة ُ الله! أَين منها رفَائيـ
ـلُ ومنقاشه وسحرُ بنانه
رنم الروضُ جدولاً ونسيماً
وتلا طير أكيهِ غصنُ بانه
وشدَت في الرُّبا الرياحينُ هَمساً
كتغني الطروبِ في وجدانه
كلُّ رَيْحانة ٍ بلحنٍ كعُرْسٍ
أُلِّفَتْ للغناءِ شَتَّى قِيانه
ـمة ِ فالتفَّتا على صَوْلجانه
وعلمتُ أنك من يودُّ ومنْ يفي
فقف الغداة َ لو استطعتَ وفاءَ
نَغَمٌ في السماءِ والأَرضِ شتَّى
من معاني الربيع أو ألحانه
أين نور الربيع من زهر الشعـ
ـر إذا ما استوى على أفنانه؟
سرمد الحسن والبشاشة مهما
تلتمسْهُ تجِدْهُ في إبّانه
حَسَنٌ في أَوانِه كلُّ شيءٍ
وجمالُ القريض بعد أوانه
ملك ظله على ربوة الخلـ
ـدِ، وكُرسيُّه على خُلجانه
أَمَرَ الله بالحقيقة ِ والحكـم
لم تثر أمة ٌ إلى الحقِّ إلا
بهُدَى الشعرِ أَو خُطا شَيْطانه
ليس عَزْفُ النحاسِ أَوقَعَ منه
في شجاعِ الفؤادِ أَو في جبانه
فقدتك في العمر الطريـ
ـرِ، وفي زها الدنيا الكعاب
ورعاني ، رعى الإله له الفارو
ق طفلاً ، ويوم مرجو شانه
ملك النيل من مصبيه بالشـ
ـطِّ ، إلى منبعيه من سودانه
شيخٌ تمالكَ سنة ُ لم ينفجرْ
كالطفل من خوفِ العقابِ بكاءَ
هو في المُلك بَدْرُهُ المُتجَلِّي
حُفَّ بالهَالَتَيْنِ من بَرلمانه
زادهُ الله بالنيابة ِ عِزّاً
فوقَ عِزِّ الجلالِ من سلطانه
منبرُ الحقِّ في أَمانة ِ سعدٍ
وقِوامُ الأُمورِ في ميزانه
لم ير الشرق داعياً مثل سعدٍ
رَجَّه من بِطاحه ورِعانه
ذكَّرتْه عقيدة ُ الناسِ فيهِ
كيف كان الدخولُ في أديانه
نهضة ٌ من فتى الشيوخش وروحٌ
سريا كالشبابِ في عنفوانه
حركا الشرق من سكونٍ إلى القيـ
ـدِ، وثارا بهِ على أَرسانه
وإذا النفسُ أنهضتْ من مريض
دَرَجَ البُرءُ في قُوَى جُثمانه
يا عكاظاً تألفَ الشرقُ فيه
من فِلسطينِه إلى بَغْدانِه
افتقدنا الحجاز فيه ، فلم نعـ
حملت مصر دونه هيكل الدِّ
ينِ ، وروحَ البيانِ من فرقانه
وطدت فيكَ من دعائمها الفصْـ
ـحى ، وشُدَّ البيانُ من أركانه
إنما أنتَ حلبة ٌ لم يسخر
مثلُها للكلامِ يومَ رِهانه
تتبارى أَصائلُ الشامِ فيها
والمذاكي العتاقُ من لبنانه
قلدتني الملوك من لؤلؤ البحريـ
ـنِ آلاءَها ومن مَرْجانه
نخْلة لا تزال في الشرق معنًى
من بداواته ومن عُمرانه
حنَّ للشامِ حقبة ً وإليها
فاتحُ الغرب من بني مَرْوانه
المرضعاتُ سكبن في وجدانه
وحبتْني بُمْبَايُ فيها يَراعاً
أفرغَ الودُّ فيه من عقيانه
ليس تلقى يراعها الهند إلا
في ذرا الخلقِ أو وراءَ ضمانه
أَنْتَضِيه انتضاءَ موسى عصاه
يفرقُ المستبدُّ من ثعبانه
يَلْتَقِي الوحيَ من عقيدة ِ حُرٍّ
كالحواريِّ في مدَى إيمانه
غير باغٍ إذا تطلبَ حقاً
أو لئيم اللجاجِ في عدوانه
موكبُ الشعرِ حركَ المتنبي
في ثراهُ، وهزَّ من حَسّانه
شرُفَتْ مصرُ بالشموسِ من الشر
ق نجوم البيان من أعيانه
قد عرفنا بنجمة ِ كلَّ أفقٍ
واستبنا الكتاب من عنوانه
لست أنسى يداً لأخوانِ صدقٍ
منحوني جزاءَ ما لمْ أعانه
رُبَّ سامي البيانِ نَبَّهَ شأْني
أَنا أَسمو إلى نَباهة شانه
كان بالسبقِ والميادينِ أَوْلَى
لو جرى الحظُّ في سَواءِ عنانه
إنما أظهروا يدَ اللهِ عندي
وأَذاعوا الجميلَ من إحسانه
ما الرحيق الذي يذوقون من كرْ
مِي، وإن عِشْتُ طائفاً بدِنانه
وهبوني الحمامَ لذَّة َ سجعٍ
أَينَ فضلُ الحَمَام في تَحنانه؟
وَتَرٌ في اللّهاة ، ما للمغنِّي
من يدٍ في صَفائه ولِيانه
رُبَّ جارٍ تَلَّفتتْ مصرُ تُوليـ
ـه سؤالَ الكريمِ عن جيرانه
بَعثتْني معزِّياً بمآقي
وطني ، أو مهنئاً بلسانه
كان شعري الغناءَ في فرح الشر
قِ ، وكان العزاءَ في أحزانه
قد قضى الله أن يؤلِّفنا الجر
حُ، وأَن نلتقي على أَشجانه
كلما أَنّ بالعراقِ جريحٌ
لمس الشرقُ جنبه في عُمانه

وعلينا كما عليكم حديدٌ
تَتنزَّى اللُّيُوثُ في قُضبانه
نحن في الفقه بالديار سَواءٌ
كلُّنا مشفِقٌ على أَوطانه

سمو داعية
20/04/2010, 05:42 PM
أَتى نبيَّ الله يوماً ثعلبُ
فقال: يا مولايَ، إني مذنبْ
قد سوَّدتْ صحيفتي الذنوبُ
وإن وجدْتُ شافعاً أَتوب
فاسألْ إلهي عفوهُ الجليلا
لتائبٍ قد جاءهُ ذليلا
وإنني وإن أسأتُ السيرا
عملتُ شرَّا، وعملتُ خيرا
فقد أتاني ذاتَ يومٍ أرنبُ
يرتَعُ تحتَ منزلي ويَلعَبُ
ولم يكن مراقِبٌ هُنالكا
لكنَّني تَركتُهُ معْ ذلكا
إذ عفتُ في افتراسهِ الدناءهْ
فلم يصلهُ من يدي مساءهْ
وكان في المجلس ذاكَ الأرنبُ
يسمعُ ما يبدي هناكَ الثعلبُ
فقال لمَّا انقطعَ الحديثُ:
قد كان ذاكَ الزهدُ يا خبيث
وأنت بينَ الموتِ والحياة ِ
من تُخمة ٍ أَلقتْك في الفلاة ِ!

سمو داعية
08/05/2010, 02:50 AM
أرى شجراً في السماء احتجبْ
وشقّ العَنانَ بمَرْأَى عَجبْ

مآذنُ قامت هنا أو هناكَ
ظواهرها درجٌ من شذب

وليس يؤذِّنُ فيها الرجالُ
ولكن تصبح عليها الغرب

وباسقة ٍ من بناتِ الرمالِ
نَمتْ ورَبتْ في ظلالِ الكُثُب

كسارية ِ الفُلْكِ، أَو كالمِسـ
ـلَّة ِ، أَو كالفَنارِ وراءَ العَبَب

تطولُ وتقصرُ خلفَ الكثيبِ
إذا الريحُ جاءَ به أَو ذهب

تُخالُ إذا اتَّقدَتْ في الضُّحَى
وجرَّ الأصيلُ عليها اللهب

وطافَ عليها شعاع النهارِ
من الصحوِ، أو منْ حواشي السحب

وصيفة َ فرعونَ في ساحة ٍ
من القصر واقفة ً ترتقب

قد اعتصبتْ بفصوص العقيقِ
مُفصَّلة ً بِشُذورِ الذهب

وناطتْ قلائدَ مَرْجانِها
على الصدر، واتَّشَحَتْ بالقَصَب

وشَدَّتْ على ساقِها مِئْزَراً
تعقَّدَ من رأسها للذنب

أهذا هو النخلُ ملكُ الرياضِ
أَميرُ الحقولِ، عروسُ العزب؟

طعامُ الفقيرِ، وحَلوَى الغَنيِّ
وزادُ المسافِر والمُغْتَرِب؟

فيا نخلة َ الرملِ، لم تبخلي
ولا قصَّرتْ نخلاتُ الترب

وأعجبُ: كيف طوى ذكركنَّ
ولم يحتفلْ شعراءُ العرب؟!

أليس حراماً خلوُّ القصا
ئدِ من وصفكنّ، وعطلُ الكتب؟

وأنتنّ في الهاجراتِ الظِّلالُ
كأَنّ أَعالِيَكُنَّ العَبَب

وأنتنّ في البيد شاة ُ المعيلِ
جناها بجانبِ أخرى حلبَ

وأنتنّ في عرصاتِ القصورِ
حسانُ الدُّمى الزائناتُ الرّحب

جناكنّ كالكرمِ شتى المذاقِ
وكالشَّهدِ في كل لون يُحَبّ

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:23 PM
أَريدُ سُلوَّكم، والقلبُ يأْبَى
وعتبكُم ، وملءُ النفس عُتْبى
وأَهجركم، فيهجرني رُقادي
ويُضوِيني الظلامُ أَسًى وكرْبا
واذكركم برؤية ِ كلِّ حُسْنٍ
فيصبو ناظري، والقلب أصبى
وأَشكو من عذابي في هواكم
وأَجزيكم عن التعذيبِ حُبّا
وأَعلمُ أَن دَأْبكُمُ جَفَائي
فما بالي جعلتُ الحبَّ دأْبا؟
ورُبَّ مُعاتِبٍ كالعيش ، يشكى
وملءُ النفس منه هَوًى وعُتْبى
أتَجزيني عن الزُّلْفَى نِفاراً؟
عَتَبَتكَ بالهوى ، وكفاك عَتبا
فكلّ ملاحة ٍ في الناس ذنبٌ
إذا عُدّ النِّفارُ عليكَ ذنبا
أخذتُ هواك عن عيني وقلبي
فعيني قد دَعَتْ، والقلبُ لَبّى
وأَنتَ من المحاسن في مِثال
فديتكَ قالَباً فيه وقَلْبا
أُحِبُّكَ حين تثني الجيدَ تِيهاً
وأَخشى أَن يصيرَ التِّيهُ دَأْبا
وقالوا : في البديل رضاً ورووحٌ
لقد رُمتُ البديلَ، فرمتُ صَعبا
وراجعتُ الرشادَ عَساي أَسلو
فما بالي مع السُّلوانِ أَصْبى ؟
إذا ما الكأْسُ لم تُذْهِبْ همومي
فقد تَبَّتْ يدُ الساقي، وتَبّا
على أَني أَعَفُّ من احتساها
وأَكرمُ مِنْ عَذَارَى الدير شربا
ولي نفسٌ أُورَيها فتزمو
كزهر الورد نَدَّوْهُ فهبَّا

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:24 PM
رَوّعوه ؛ فتولَّى مغضِبا
أَعلِمتم كيف ترتاعُ الظِّبا؟
خُلِقت لاهِية ً ناعمة
رُبَّما رَوَّعها مرُّ الصَّبا
لي حبيبٌ كلَّما قيل له
صَدَّقَ القولَ ، وزكذَى الرِّيبا
كذاب العُذَالُ فيما زعمو
أَملي في فاتِني ما كذبا
لو رَأَوْنا والهوى ثالثُنا
والدُّجى يُرخي علينا الحُجُبا
في جِوار الليل، في ذمَّتِه
نذكر الصبحَ بأنَّ لا يقربا
مِلءُ بُرْدَينا عفافٌ وهوى
حفظ الحسنَ ، وصنتُ الأدبا
يا غزالاً أَهِلَ القلبُ به
قلبي السَّفْحُ وأَحْنى ملْعبا
لك ما أَحببت مِنْ حَبَّتِه
منَهلاً عذباً ، ومرعى ً طَيِّبا
هو عندَ المالِكِ الأوْلى َ به
كيفَ أشكو أنه قد سُلِبا؟
إن رأَى أَبْقَى على مملوكه
أَو رأى أتلفه واحتسبا
لكَ قدٌّ سجدَ البانُ له
وتمَّنت لو أقلَّتْه الرُّبى
ولِحاظٌ، من معاني سحره
جمع الجفنُ سهاماً وظُبى
كان عن هذا لقلبي غُنْيَة ٌ
ما لقلبي والهوى بعد الصِّبا؟
فِطرتي لا آخُذ القلبَ بها
خُلِقَ الشاعِرُ سَمحاً طَرِبا
لو جَلَوْا حُسْنَكَ أَو غَنَّوْا به
للبيدٍ في الثمانين صَبا
أيها النفسُ ، تجدّين سُدى ً
هل رأيتِ العيشَ إلا لَعِبا؟
جَرِّبي الدنيا تَهُنْ عندكِ، ما
أَهونَ الدنيا على من جرّبا!!
نلتِ فيما نِلْتِ من مَظهرها
ومُنِحْتِ الخلدَ ذكراً، ونَبَا

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:25 PM
لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا لحظها لَحظها، رُوَيْداً رُوَيْدا
كم إلى كم تكيد للروح كيْدا؟
كفَّ أو لا تكفَّ ؛ إن يجبني
لَسِهاماً أَرْسَلْتَها لن تُرَدّا
تصِلُ الضربَ ما أَرى لك حداً
فاتّقِ الله، والتزِمْ لك حدَّا
أو فضع لي من الحجارة قلبا
ثم صُغ لي من الحدائدِ كِبْدا
واكفِ جَفْنَيَّ دافقاً ليس يرْقا
واكفِ جَنْبَيَّ خافقاً ليس يَهْدا
فمن الغَبْنِ أَن يصير وعيداً
ما قطعت الزمانَ أرجوه وعْدا

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:25 PM
إن الوُشاة َ ـ وإن لم أَحْصِهم عددا ـ
تعلموا الكيدَ من عينيك والفندا
لا أَخْلفَ الله ظنِّي في نواظرِهم
ماذا رأَتْ بِيَ ممّا يبعثُ الحسدا؟
هم أَغضبوكَ فراح القدُّ مُنْثَنياً
والجفنُ منكسراً ، والخدُّ متقدا
وصادغوا أذُنا صعواءَ لينة ً
فأسمعوها الذي لم يسمعوا أحدا
لولا احتراسيَ من عينَيْك قلتُ: أَلا
فانظر بعينيك، هل أَبقَيْت لي جَلَدَا؟
الله في مهجة ٍ أيتمتَ واحدَها
ظلماً ، وما اتخذتْ غير الهوى ولدا
ورُوحِ صبٍّ أَطالَ الحبُّ غُرْبَتَها
يخافُ إن رجعتْ أن تكرَ الجسدَ
دع المواعيدَ ؛ إني مِتُّ مِنْ ظمإِ
وللمواعيد ماءٌ لا يَبُلُّ صَدى
تدعو ، ومَنْ لي أن أسعى بال كبدٍ ؟
فمن معيريَ من هذا الورى كبدا ؟

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:26 PM
يمدُّ الدُّجى في لوعتي ويزيدُ
ويُبدِىء ُ بَثِّي في الهوى ويُعيدُ
إذا طال واستعصى فما هي ليلة
ولكنْ ليالٍ ما لهنّ عَدِيدُ
أَرِقْتُ وعادتني لذكرى أَحِبَّتي
شجونٌ قيامٌ بالضلوع قعودُ
ومَنْ يَحْمِلِ الأَشواقَ يتعَب، ويَختلفْ
عليهِ قديمٌ في الهوى ، وجديد
لقيت الذي لم يلق قلبٌ من الهوى
لك الله يا قلبي ، أأنت حديد؟
لم أَخْلُ من وجْدٍ عليك، ورِقَّة ٍ
إذا حلَّ غِيدٌ، أَو ترحَّل غِيدُ
وروضٍ كما شاء المحبون ، ظلهُ
لهم ولأسرار الغرام مديدُ
تظللنا والطيرَ في جنباتِه
غصونٌ قيامٌ للنسيم سجود
تمِيل إلى مُضْنَى الغرامِ وتارة ً
يعارضها مُضْنَى الصَّبا فتَحيد
مَشَى في حوَاشيها الأَصيلُ، فذُهِّبَتْ
ومارتْ عليها الحلْيُ وهْيَ تَميد
ويَقْتُلنا لَحْظٌ، ويأْسِر جِيدُ
بأهلٍ ، ومفقودُ الأليفِ وَحيد
وباكٍ ولا دمعٌ، وشاكٍ ولا جوى ً
وجذلانُ يشدو في الرُّبَي ويشيد
وذي كبْرَة ٍ لم يُعْطَ بالدهر خِبْرَة ً
وعُرْيان كاسٍ تَزْدَهيه مُهود
غشيناه والأيامُ تندى شبيبة ً
ويَقْطُر منها العيشُ وهْوَ رَغيد
رأَتْ شفقاً يَنْعى النهارَ مُضَرَّجاً
فقلتُ لها: حتى النهارُ شَهيد
فقالت : وما بالطير ؟ قلت : سكينة ٌ
فما هي ممّا نبتغي ونَصيد
أُحِلَّ لنا الصيدان: يومَ الهوى مَهاً
ويومَ تُسَلُّ المُرْهَفاتُ أُسودُ
يحطِّم رمحٌ دوننا ومهندٌ
ويقلنا لحظٌ ، ويأسر جيدُ
ونحكم حتى يقبلَ الدهرُ حُكْمَنا
ونحن لسلطان الغرام عبيد
أقول لأيام الصبا كلما نأتْ :
أما لكَ يا عهدَ الشباب مُعيد؟
وكيف نأَتْ والأَمسُ آخرُ عهدِها؟
لأمسُ كباقي الغابرات عهيد
جزعتُ ، فراعتني من الشيبِ بسمة ٌ
كأَني على دَرْبِ المشيبِ لَبيد

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:26 PM
في مقلتيك مصارعُ الأَكبادِ
الله في جنبٍ بغير عماد
كانت له كبدٌ ، فحاق بها الهوى
قُهِرتْ، وقد كانت من الأَطواد
وإذا النفوسُ تطوحتْ في لذة ٍ
كانت جنايتُها على الأَجساد
نَشْوى ، وما يُسقيْنَ إلاَّ راحتي
وَسْنَى ، وما يَطْعَمْن غير رُقادي
ضعفي ، وكم أبلين من ذي قوة
مرضى وكم أفنينَ من عواد
يا قاتل اللهُ العيونَ ؛ فإنها
في حَرِّ ما نَصْلَى الضعيفُ البادي
قاتلن في أجفانهن قلوبنا
فصَرَعْنَها، وسلِمْنَ بالأَغماد
وصبغن من دمها الخدود تتصلاً
ولقينَ أرباب الهوى بسواد

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:27 PM
مضناك جفاهُ مرقده
وبكاه ورحمَ عودُهُ
حيرانُ القلبِ مُعَذَّبُهُ
مقروح الجفنِ مسهده
أودى حرفاً إلا رمقاً
يُبقيه عليك وتُنْفِدهُ
يستهوي الورق تاوهه
ويذيب الصخرَ تنهدهُ
ويناجي النجمَ ويتعبه
ويُقيم الليلَ ويُقْعِدهُ
ويعلم كلَّ مطوقة ٍ
شجناً في الدَّوحِ ترددهُ
كم مد لطفيكَ من شركٍ
وتادب لا يتصيدهُ
فعساك بغُمْضٍ مُسعِفهُ
ولعلّ خيالك مسعدهُ
الحسنُ حَلَفْتُ بيُوسُفِهِ
والسورة ِ إنك مفردهُ
قد وَدَّ جمالك أو قبساً
حوراءُ الخُلْدِ وأَمْرَدُه
وتمنَّت كلٌّ مقطعة ٍ
يدها لو تبعث تشهدهُ
جَحَدَتْ عَيْنَاك زَكِيَّ دَمِي
أكذلك خدَّك يحجده؟
قد عزَّ شُهودي إذ رمَتا
فأشرت لخدِّك أشهده
وهممتُ بجيدِك أشركه
فأبى ، واستكبر أصيده
وهزَزْتُ قَوَامَك أَعْطِفهُ
فَنَبا، وتمنَّع أَمْلَدُه
سببٌ لرضاك أمهده
ما بالُ الخصْرِ يُعَقِّدُه؟
بيني في الحبِّ وبينك ما
لا يَقْدِرُ واشٍ يُفْسِدُه
ما بالُ العاذِلِ يَفتح لي
بابَ السُّلْوانِ وأُوصِدُه؟
ويقول : تكاد تجنُّ به
فأَقول: وأُوشِكُ أَعْبُده
مَوْلايَ ورُوحِي في يَدِه
قد ضَيَّعها سَلِمتْ يَدُه
ناقوسُ القلبِ يدقُّ لهُ
وحنايا الأَضْلُعِ مَعْبَدُه
قسماً بثنايا لؤلُئِها
قسم الياقوت منضده
ورضابٍ يوعدُ كوثرهُ
مَقتولُ العِشقِ ومُشْهَدُه
وبخالٍ كاد يحجُّ له
لو كان يقبَّل أسوده
وقَوامٍ يَرْوي الغُصْنُ له
نَسَباً، والرُّمْحُ يُفَنِّدُه
وبخصرٍ أوهَنَ مِنْ جَلَدِي
وعَوَادِي الهجر تُبدِّدُه
ما خنت هواك ، ولا خطرتْ
سلوى بالقلب تبرده

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:28 PM
بالله يا نَسَماتِ النيل في السَّحَرِ
هل عندَكُنَّ عن الأَحباب مِنْ خبَر؟
عرفتكنَّ بعرفٍ لا أكيفه
لا في الغوالي ، ولا في النَّورِ والزَّهَر
من بعض ما مسح الحسنُ الوجوهَ به
بينَ الجبينِ، وبينَ الفَرْقِ والشَّعَر
فهل عَلِقْتُنَّ أَثناءَ السُّرَى أَرَجاً
من الغدائر ، أو طيبا من الطُّرر؟
هجتنَّ لي لوعة ً في القلب كامنة ً
والجُرْحُ إنْ تَعْتَرِضْه نَسْمَة ٌ يَثُر
ذكرت مصر ، ومن أهوى ، ومجلسنا
على الجزيرة بين الجسر والنَّهَر
واليومُ أَشْيَبُ، والآفاقُ مُذْهَبة ٌ
والشمسث مصفرة ٌ تجري لمنحدر
والنخلُ مُتَّشِحٌ بالغيم، تحسبُهُ
هِيفَ العرائسِ في بيضٍ من الأُزُر
وما شجانيَ إلاّ صوتُ ساقية ٍ
تستقبل الليلَ بين النَّوْح والعَبَر
لم يترك الوجدُ منها غيرَ أَضْلُعِها
وغيرَ دَمعٍ كصَوْب الغَيْثِ مُنْهَمِر
بخيلة بمآقيها ، فلو سئلتْ
جَفْناً يُعين أَخا الأَشواقِ لم تُعِر
في ليلة من ليالي الدهر طَيِّبَة ٍ
محا بها كلَّ ذنبٍ غيرِ مُغْتَفَر
عفَّتْ ، وعفَّ الهوى فيها ، وفاز بها
عَفُّ الإشارة ِ، والأَلفاظِ، والنظر
بتنا ، وباتت حناناً حولنا ورضاً
ثلاثة ٌ بين سمْعِ الحبِّ والبصر
لا أكذب اللهَ ، كان النجمُ رابعنا
لو يُذْكرُ النجمُ بعد البدر في خبر
وأَنصفَتْنا، فظُلمٌ أَن نُجازِيَها
شكوى من الطول، أَو شكوى من القِصَر
دَعْ بعد رِيقَة ِ مَنْ تَهْوَى ومَنْطِقِه
ما قيل في الكأْس، أَو ما قيل في الوتر
ولا تبالِ بكنزٍ بعد مبسمِه
أَغلى اليواقيت ما أُعْطِيتَ والدُّرَر
ولم يَرُعْنِي إلاَّ قولُ عاذِلة ٍ
ما بالُ أَحمدَ لم يَحلُمْ ولم يَقِر؟
هلا ترفَّع عن لَهْوٍ وعن لَعِبٍ؟

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:29 PM
َرَضوا الأَمانَ على الخواطرْ
واستعرضوا السُّمْرَ الخواطر
فوقفتُ في حذر ، ويأْ
بى القلبُ إلا ان يخاطِر
يا قلب شأْنك والهوى
هذي الغصونُ وأَنت طائر
إن التي صادتْك تسـ
ـعى بالقلوب لها النواظر
ييا ثغرها ، أمستُ كالـ
ـغوَّاص، أَحْلُم بالجواهر
يا لحظَها، مَنْ أُمُّها؟
أو مَنْ أبوها في الجآذر ؟
يا شعرها ، لا تسعَ في
هتكي، فشأْنُ الليلِ ساتر
يا قَدَّها، حتَّام تغـ
ـدو عاذِلاً وتروح جائر؟
وبأيِّ ذنبٍ قد طعنـ
ـتَ حشايَ يا قدَّ الكبائر؟

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:29 PM
في ذي الجفونِ صوارمُ الأَقدار
راعي البريّة َ يا رَعاكِ الباري
وكفى الحياة ُ لنا حوادثَ ، فافتني
مَلأَ النجومِ وعَالَمَ الأَقمار
ما أَنتِ في هذي الحلى إنْسِيَّة
إن أنت إلا الشمسُ في الأنوار
زهراء بالأفق الذي من دونه
وثْبُ النُّهى ، وتطَاوُلُ الأَفكار
تهتك الألباب خلف حجابها
مهما طلعتِ ، فكيف بالأبصار ؟
يا زينة الإصباح والإمساء ، بل
يا رَوْنَقَ الآصال والأَسحار
ماذا تحاول من تنائينا النوى ؟
أَنتِ الدُّنى وأَنا الخيالُ الساري
ألقى الضحى ألقاك، ثم من الدجى
سبل إليك خفية الأغوار
وإذا أنستُ بوحدتي فلانها
سببي إليك، وسلمي، ومناري
إيهٍ زماني في الهوى وزمانها
ما كنتما إلا النَّميرَ الجاري
مُتسَلْسلاً بين الصبابة والصِّبا
ومترقرقاً بمسارح الأقدار

~الفراشة الجميلة~
05/06/2010, 06:30 PM
لك أَن تلوم، ولي من الأَعذار
أن الهوى قدرٌ من الأقدار
ما كنت أسلمُ للعيون سلامتي
وأَبيحُ حادثة َ الغرام وَقاري
وطَرٌ تَعَلَّقَه الفؤادُ وينقضي
والنفسُ ماضية ٌ مع الأوطار
يا قلبُ، شأْنَك، لا أَمُدُّك في الهوى
لو أَنه بيَدِي فككْتُ إساري
جار الشبيبة ، وانتفع بجوارها
قبلَ المشيب، فما له من جار
مثل الحياة تحبّ في عهد الصِّبا
مثل الرياض تحبُّ في آذار
أبدأ فروقُ من البلاد هي المنى
ومنايَ منها ظبية ٌ بسِوار
ممنوعة ٌ إلا الجمالَ بأَسره
محجوبة ٌ إلا عن الأنظار
خطواتها التقوى ، فلا مزهوة ٌ
تمشي الدَّلال، ولا بذات نفار
مرّتْ بنا فوق الخليج، فأَسفرتْ
عن جَنّة ، وتلفتت عن نار
في نِسْوَة ٍ يُورِدْن مَن شِئْن الهوى
نظرا ، ولا ينظرن في الإصدار
عارضتهنّ ، وبين قلبي والهوى
أَمرٌ أُحاول كتْمَه وأُداري