المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صورتك في المرآة هل أنت راضية عنها ؟



الباسقة
18/06/2003, 10:39 PM
صورتك في المرآة هل أنت راضية عنها ؟ :shy::shy::shy:



حبيبتي الصغيرة مريم كبرت، هي الآن على أعتاب سنوات المراهقة، جسدها أصبح غضا وأكثر امتلاء، وجدتها تقف أمام المرآة وتتأمل جسدها وما به من بروزات، علامات التعجب والامتعاض تبدو واضحة وجلية على وجهها، وكان قرارها: الحل هو الحمية الغذائية أو "الرجيم"، لا بد أن يصبح جسدي مثل أجساد فتيات الإعلانات وملكات الجمال.

تصورت أنها ستنظم طعامها وتقلل من الكميات التي تتناولها، وستتوقف عن الإكثار من الأطعمة الدسمة والأكل بين الوجبات، ولكنني فوجئت بها وقد أصيبت بهوس الرجيم؛ فهذا رجيم كيميائي من مجلة كذا، وهذه وصفة أخذتها من صديقتها.

امتنعت تقريبا عن الأكل، وإذا خانتها إرادتها وضعفت أمام الطعام وجدتها تهرع إلى الحمام وتتعمد أن تتخلص مما أكلته بالاستقاء، أخذت تلهث وتجرب كل يوم وصفة جديدة، جسمها يزداد هزالا وضعفا، ووجهها يزداد اصفرارا، فقدت قدرتها على بذل أي مجهود، وكأنها أصبحت في الستين من عمرها، ورغم ذلك فإنها لا تصل إلى الصورة التي تريدها، ودائما تتمنى أن ينخفض وزنها أكثر من ذلك.

أصيبت هي بالاكتئاب، وأصابني أنا الهم والغم، وفارق النوم عيني وأنا أرى حبة القلب تذوى أمام عيني، أعيتني الحيل معها؛ فتارة أعتمد أسلوب المحايلة، وتارة أخرى أحاول أن أضغط عليها أو أن أعنفها، وكلما ازداد إلحاحي زاد إصرارها على الوصول إلى ما تريده، لم أستطع الصبر أكثر من ذلك، وقلقي عليها يزداد يوما بعد يوم.

وتصورت أنه من الأفضل أن أتصل بصديقتها المقربة ياسمين؛ فهي تحبها وتسمع كلامها، وعند اتصالي ردت على والدتها، وعلمت منها أن ياسمين بالخارج، كما علمت منها أن ياسمين وباقي زميلاتها يتبعن نفس الأسلوب.

تناقشنا كثيرا، واستقر رأينا على أن أدعوهن مع أمهاتهن لحفل صغير يتم فيه مناقشة هذا الأمر معهن، واقترحت والدة ياسمين أن تدعو زميلتها الدكتورة بسمة إخصائية التغذية، وأعددت للحفل، ولم أنس المائدة العامرة بأطايب الطعام، ودعوت ياسمين وسمر وعلا وجهاد وأمهاتهن، وعندما حان وقت الطعام رفضت جميع الفتيات تناول أي من الأطعمة الموجودة بحجة الرجيم، قالت سمر: أريد أن أصبح في قوام يسرا، وقالت علا: لقد فقدت أكثر من 20 كيلوجراما في شهر واحد وأنا سعيدة جدا بذلك، وكررت مريم وجهاد وياسمين أقوالا وحججا مشابهة.

والتقطت الخيط الدكتورة بسمة فقالت: أنتن الآن في سنوات بناء الجسم، وأجسادكن تحتاج للتغذية السليمة والمتوازنة؛ فما هي النظم الغذائية التي تتبعْنها؟ قالت مريم: أنا أتبع نظاما كيميائيا وصفه لى الطبيب. وقالت جهاد: أنا أتبع رجيم البيض. بينما قالت ياسمين: وأنا أتبع رجيم الخيار. أما علا فقد قالت: إنني أتناول أعشاب التخسيس التي أحضرتها من عند العطار، وأكدت على أن مفعول هذه الأعشاب مؤكد وسريع جدا.

ردت الدكتورة بسمة: هل تعلمن أنكن مثل البيضة التي تبيض ذهبا لهؤلاء الأطباء والعطارين؛ فأنتن تردن الوصول للصورة التي رسمتها لكن وسائل الإعلام ومسابقات ملكات الجمال على أنها الصورة المثالية، ولكن هل تعلمن كم من النساء يمكنهن الوصول إلى هذه الصورة؟ 5% فقط يمكنهن الوصول إلى هذه الصورة، وباقي النساء لا يمكنهن الوصول إلى هذه الصورة المثالية مهما فعلن! وفي سعيكن الدؤوب لهذه الصورة يمكنكن فعل أي شيء، ولكن هل فكرتن في مضار الفقدان السريع للوزن؟ الفقدان السريع للوزن يلعب بكيميائية الجسم، ويسارع باحتراق الدهون الموجودة به، واحتراق هذه الدهون بكثرة ينتج أحماضا ضارة بالجسم، والجسم لا يستطيع التخلص منها، وتحرك الدهون الموجودة حول الكلى التي تشكل نوعا من الدعامات لها يتسبب في سقوطها وانثناء الحالب، وهذا يؤثر على وظائف الكلى.

سكتت البنات، وشعرن أن الأمر خطير، وتعلقت أنظارهن بالدكتورة بسمة يتابعن حديثها بشغف شديد، قالت لهن: لو كان عندكن قطة، وتقدمن لها الطعام بصورة منتظمة؛ فإنها لا تقدم على تناول الطعام إلا وهى جائعة، ولكن تصورن أنكن منعتن عنها الطعام لعدة أيام، ثم قدمتن لها الكثير منه؛ فماذا يحدث؟ إنها ستقبل على الطعام بنهم شديد، ولن تتوقف حتى لو شعرت بالشبع، نفس الوضع يحدث معنا؛ ففي الظروف العادية لا تمتص أجسامنا إلا ما تحتاجه، ولكن مع تكرار دورات الرجيم يصبح الجسم أكثر خوفا من المجاعة، ويدفعه هذا لامتصاص كل ذرة من الغذاء، والنتيجة أن كميات الأكل التي لم تكن تسبب لنا أي زيادة في الوزن في الماضي تصيبنا بزيادة غير متوقعة في الوزن، ويصبح الإنسان وكأنه يدور في حلقة مفرغة من المجاعة والسمنة، ثم مجاعة أخرى وسمنة أكثر! وهذا يصيب الإنسان بالإحباط؛ لأنه لا يصل إلى الصورة المرجوة أبدا، وبالعكس فالوضع يصبح أكثر سوءا مع الوقت.

تعجبت مريم وقالت: إذن ما الحل؟ كيف نصل إلى الصورة المبهرة والموجودة على شاشات وسائل الإعلام؟ ردت عليها الدكتورة بسمة بقولها: لقد قلت إن الصورة مبهرة، والحقيقة أنها ليست فقط صورة مبهرة ولكنها أيضا صورة وهمية وغير واقعية، ولقد كنت أسجل حديثا مع إحدى المذيعات الشهيرات منذ عدة أيام، ولاحظت أن صورتها في الواقع -رغم المكياج والأضواء- تختلف تماما عن صورتها التي تصنعها الكاميرا على الشاشة؛ فهي تبدو في الحقيقة أكبر سنا وأقل جمالا وإبهارا، ولكن المشكلة أن هذه الصورة المصنوعة والوهمية تصبح هي المثال المطلوب من الفتيات والرجال على السواء؛ فكل رجل يطمع في زوجة بنفس الجمال، وكل امرأة تتمنى أن تكون بهذا البهاء.

ولقد وجدت البنات في حالة صمت شديد وكأن على رؤوسهن الطير، وكانت أسرعهن استجابة علا التي قالت: معنى هذا أننا لن نصل إلى هذه الصورة الجميلة أبدا؛ فما الحل إذن؟ ردت الدكتورة بسمة وبمنتهى السلاسة: الحل أن نرضى عن صورة أجسادنا كما هي، وأن يقتنع كل منا بما منَّ الله عليه، ولن يخلو جسد من جمال طبيعي ورائع فهو منحة ربانية، ويكفينا أن نتبع هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي وصفنا بأننا "قوم لا نأكل حتى نجوع، وإذا أكلنا لا نشبع"، وأن نحرص على تنظيم الطعام، وتجنب الأكل بين الوجبات، ونحرص كذلك على التركيز عند تناول الطعام؛ فلا نتناول الطعام مع القراءة أو أثناء مشاهدة التليفزيون، وأن نعتمد على الأغذية الطبيعية، ونكثر من الفاكهة والخضراوات أكثر من اعتمادنا على الأغذية المصنعة التي تعرف بالأغذية السريعة أو junk foods.

وأكملت الدكتورة بسمة بقولها: إنه إذا كان الغرب قد نجح في فرض نموذجه للجمال؛ فإن التحدي أمامنا الآن أن نعيد لأنفسنا القدرة على الشعور بالرضا عن شكل أجسادنا كما هي؟! وطالت السهرة، والتساؤلات تنهمر على الدكتورة بسمة، وهى تجيب بكل سلاسة، وفى نهاية الحديث قامت كل منهن، وتوجهت نحو مائدة الطعام لتتناول ما يحلو لها. وبعد انتهاء السهرة نمت قريرة العين ولأول مرة منذ شهور بدون قلق على حبة القلب الصغيرة.

[ALIGN=RIGHT]منقول

لا تنسونني بالدعاء

اسماءفتحى
23/01/2008, 01:27 PM
شكرا غاليتى