شمس البحرين
16/01/2003, 04:13 PM
:cool:مهر المرأة رمز لتكريمها وليس ثمناً لها
في الأزمنة الغابرة ، كان المال الذي يدفعه الزوج أو أقاربه للزوجة أو أقاربها يعد ثمناً للزوجة، لذلك اختلف مبلغه باختلاف مكانة الزوجة وصفاتها الجسمية والعقلية ومنزلة أسرتها والطبقة التي تنتمي إليها… ثم تطور هذا المقابل حتى فقد صفة الثمنية، وانتهى إلى الصورة التي نسميها الآن بالمهر أو الصداق، لكنه على الرغم من ذلك لايزال محتفظاً بكثير من صفات الثمنية القديمة، فمبلغه لا يزال يختلف باختلاف مكانة المرأة وصفاتها ومنزلة أسرتها.
وقد ساد المجتمع الإسلامي نظام المهر، وغايته أن يكون تكريماً للمرأة وإعلاء لمكانتها، وهو إجراء ينم عن الرغبة الأكيدة من جانب الزوج في الزواج بامرأة معينة، فالمهر في الإسلام ليس مقصوداً في حد ذاته، وليس تثميناً أو شراء للمرأة، بل هو دليل العزم على تحمل الأعباء وأداء الحقوق للأسرة الوليدة، فالأصل في المهر ألا يكون قيمته باهظة في بعض الأحوال، ولكي لا يكون المهر غاية في حد ذاته، فقد أوصت الأحاديث النبوية الشريفة بتيسير المهور وعدم المغالاة بها. إلا أن نظرة المجتمع في هذا العصر إلى المهر قد اختلفت عن منظور الإسلام، والمسلمون تاهوا عن الحكمة من فرضيته على الرجل وتباينوا في نظرتهم له.
فالبعض أخضع المهر لنسب طردية يتناسب مع جمال الفتاة وثقافتها ومركز أسرتها، فكلما كانت الفتاة أجمل ارتفع مهرها ! وإن جمعت مع جمالها علماً زاد أكثر، وإن جمعت معها نسباً زاد أكثر وأكثر!
والبعض جعله قيداً للرجل كما تقول السيدة هند معدللي عن ذلك: "كلما كبر هذا القيد وعظم التزم الرجل بحبسه داخل القفص الذهبي، وامتنع مستقبلاً من طلاق زوجته، لأنه لن يستطيع توفير المهر المؤجل، وهو إن فعل فلن يسهل عليه إخراجه من ملكه، وكأن في ذهن هؤلاء أن الرجل وإن التزم بمؤجل كبير فلن يمنعه من طلاق زوجته، وإن أراد ذلك فمن السهل عليه أن يضيق عليها ويسيء عشرتها بحيث تكره الحياة معه، وتطالب هي بطلاقها منه بعد أن تتنازل عن جميع حقوقها المالية، وإن كان يخاف الله تعالى وابتعد عن الإساءة إليها فإنه مع كرهه لها لن يبقى الزوج الذي تتمناه، وسيغدو صورة رجل لا تكاد تراه في المنزل، لأنه يقضي أوقاته خارج البيت، ويبحث عما يعوضه عن السعادة التي حرم منها برفقة زوجة ظنت أن المال يشتري الرجال ، ولايكترث إن وجد العزاء بصحبة صالحة أو طالحة، المهم أن يبتعد عن ذلك البيت الذي أضحى في نظره سجناً ".
أما السيدة فاطمة السمان فتقول عن ولدها الذي أراد الزواج ولم يستطع نتيجة غلاء المهر: "إن المبلغ الذي يطلب مهراً للعروس هو غير واقعي أبداً، وهو لا يتناسب مع أوضاع الشباب، وكما يقال في الأمثال الشعبية: (من لا يريد إعطاء ابنته، يزيد من مهرها) فهذا ولدي على سبيل المثال شاب تخرج من الجامعة وأنهى خدمة العلم وهو في الخامسة والعشرين، وبعدها بدأت رحلة السعي الجاد لتحقيق الهدف، ولما تحقق له المطلوب كان تعداد السنين قد وصل الثلاثين، وقد مارس عملاً بالإضافة إلى الدراسة، لكن ما حصل عليه لا يغطي نفقته الخاصة، وهو إلى الآن لا يستطيع تغطية جميع النفقات للزواج، فمن الذي يستطيع خلال سنوات أن يؤمن سكناً ويفرشه ويقدم حلياً ونفقات زفاف، ومهراً غاليا."
وهذه ليست فقط نظرة السيدة السمان، إذ أن مجمل الأسر السورية تعاني من المشكلات الاقتصادية، والمفارقة أن هنالك الكثير من الأسر تطالب بمهور مرتفعة، وقد اعتبره البعض مفخرة يتعاظم به إن كان كبيراً، ونسي هؤلاء أن التفاخر ما كان يوماً إلا بالعمل الصالح الذي يقوم به الإنسان المتسم بالأخلاق!.
وقد نلحظ من بين الناس من وجد في غلاء المهر امتهاناً للمرأة، والكلام به والنقاش حوله يحول الإيجاب والقبول إلى صفقة بيع وشراء، ولكن الشرائع السماوية لم توافق هؤلاء، ولم تؤيد نظرتهم تلك، فكيف يكرم الله الإنسان بقوله:" ولقد كرمنا بني آدم" (الإسراء : 70) ويشرع ما فيه امتهانه؟!
ولكن الحقيقة تقول إن المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج أضحت مشكلة، انعكست سلباً على الذكور والإناث، وبالتالي على المجتمع بشكل عام. إذ نجد أهل العروس يطلبون مهوراً مرتفعة يأخذون جزءاً منها، أو على الأقل يصرفونها كلها في تأمين مستلزمات زواج ابنتهم من أثاث وغيره، وقد يقتصدون جزءاً منها لمصلحتهم أو لمصلحة ابنتهم، ونجد هذه الظاهرة موجودة أولاً في الأرياف السورية ولاسيما في ريف الرقة، ثم ثانياً في ريف دير الزور والحسكة، وثالثاً في أرياف أخرى، حيث يغتصب بعض الأهل مهر ابنتهم أو جزءاً منه، وفي بعض المناطق السورية لا تنال المرأة من مهرها شيئاً، يأخذه الأب، وقد يزوج به أخاها أو قد يتزوج الأب نفسه بهذا المهر.
والمهر غالباً هو مال ، ولكن هنالك نوعا آخر يعتمد على المقايضة في الزواج ، ففي هذه الحالة لا نرى للمهر من أثر، يكون فيها أداء المهر على شكل زوجة مقابل زوجة، كأن يكون لدى الشخص الذي يرغب في الزواج أختاً أو ابنة يزوجها لشخص آخر له أخت أو ابنة بحيث لا يدفع أي منهما أي مبلغ كمهر معجل، وتوجد هذه العادة في البوادي والأرياف شبه البدوية، حيث تسود إلى هذا الحد أو ذاك العلاقات العشائرية وطريقة الزواج بالمقايضة هي شكل من أشكال بيع وشراء المرأة ، [ ويسمى هذا النوع من الزواج " زواج الشغار " ، وقد نهى عنه الشرع المطهر] .
إذاً لمن المهر، وماذا عن غلائه؟
يقول الشيخ محمد الرفاعي: الأصل في المهر في شريعة الله أن يكون للزوجة، إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً* وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ". (سورة النساء آية 20-21)
ونجد أن الإسلام شرع المهر منحة من الزوج للزوجة، وتعبيراً منه عن رغبته في الزواج منها.
الدليل على المهر
والدليل على المهر قوله تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ".(النساء آية 4) أي عطية، والمخاطب بذلك الأزواج عند الأكثرين، وقيل الأولياء. وقوله تعالى:"فآتوهن أجورهن" (النساء آية 24) .وقوله صلى الله عليه وسلم لمريد الزواج: "التمس ولو خاتماً من حديد"، (رواه البخاري و مسلم)
وقد أقر الإسلام نفسه الناس على ما تعارفوا عليه بصدد التفرقة بين المهور تبعاً لمكانة الزوجة وأسرتها، وأقام لهذه التفرقة وزناً في كثير من الحالات، فمن ذلك مثلاً أن المرأة إذا تزوجت بأقل من مهر مثلها، أي أقل من المهر الذي يدفع عادة لنساء طبقتها فلأوليائها الحق في الاعتراض على هذا الزواج، وإذا اعترضوا وجب على الزوج أن يتم لها مهر مثلها أو يفارقها، ومن ذلك أيضاً أنه إذا تزوج رجل من امرأة ولم يسم لها مهراً ودخل بها كان ملزماً أن يدفع لها مهر مثلها . ويترك تعيين قيمة المهر لاتفاق الطرفين ومكانتهما، وبعضهم يقيده بحدين لا يصح النزول عن أدناهما ولا تجاوز أعلاهما، وبعضهم يعين أحد الحدين فقط ويترك الطرفين طليقين في الحد الآخر. وفي الشريعة الإسلامية مذاهب تمثل الاتجاه الأول، كما أن فيها مذاهب تمثل الاتجاه الأخير، فبعض الفقهاء يذهب إلى عدم تقييد المهر بحد أدنى معتمداً على الأثر المشهور " تزوج ولو بخاتم من حديد ".
وبعضهم يذهب إلى أن الحد الأدنى للمهر عشرة دراهم معتمداً على ما رواه جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لامهر دون عشرة دراهم" ، لكن الشريعة الإسلامية لا تضع حداً أعلى للمهر الذي يدفعه الزوج لزوجه ولا للهدايا التي يقدمها إليها بل تترك ذلك لما يتراضى عليه الطرفان وتطيب عنه نفس الزوج ويجري به العرف.
ويروى أن عمر قد أراد أن يضع حداً أعلى للمهور فاعترضت عليه امرأة بقوله تعالى"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثما مبيناً " (سورة النساء آية 20). وبأن هذه الآية تفيد أنه من الجائز أن يبلغ المهر قنطاراً من الذهب ، فرجع عمر عما كان يريد إصداره من تشريع يحدد المهور، وقال في ذلك قولته المشهورة: أخطأ عمر وأصابت امرأة ". أو "كل الناس أفقه من عمر".
في الأزمنة الغابرة ، كان المال الذي يدفعه الزوج أو أقاربه للزوجة أو أقاربها يعد ثمناً للزوجة، لذلك اختلف مبلغه باختلاف مكانة الزوجة وصفاتها الجسمية والعقلية ومنزلة أسرتها والطبقة التي تنتمي إليها… ثم تطور هذا المقابل حتى فقد صفة الثمنية، وانتهى إلى الصورة التي نسميها الآن بالمهر أو الصداق، لكنه على الرغم من ذلك لايزال محتفظاً بكثير من صفات الثمنية القديمة، فمبلغه لا يزال يختلف باختلاف مكانة المرأة وصفاتها ومنزلة أسرتها.
وقد ساد المجتمع الإسلامي نظام المهر، وغايته أن يكون تكريماً للمرأة وإعلاء لمكانتها، وهو إجراء ينم عن الرغبة الأكيدة من جانب الزوج في الزواج بامرأة معينة، فالمهر في الإسلام ليس مقصوداً في حد ذاته، وليس تثميناً أو شراء للمرأة، بل هو دليل العزم على تحمل الأعباء وأداء الحقوق للأسرة الوليدة، فالأصل في المهر ألا يكون قيمته باهظة في بعض الأحوال، ولكي لا يكون المهر غاية في حد ذاته، فقد أوصت الأحاديث النبوية الشريفة بتيسير المهور وعدم المغالاة بها. إلا أن نظرة المجتمع في هذا العصر إلى المهر قد اختلفت عن منظور الإسلام، والمسلمون تاهوا عن الحكمة من فرضيته على الرجل وتباينوا في نظرتهم له.
فالبعض أخضع المهر لنسب طردية يتناسب مع جمال الفتاة وثقافتها ومركز أسرتها، فكلما كانت الفتاة أجمل ارتفع مهرها ! وإن جمعت مع جمالها علماً زاد أكثر، وإن جمعت معها نسباً زاد أكثر وأكثر!
والبعض جعله قيداً للرجل كما تقول السيدة هند معدللي عن ذلك: "كلما كبر هذا القيد وعظم التزم الرجل بحبسه داخل القفص الذهبي، وامتنع مستقبلاً من طلاق زوجته، لأنه لن يستطيع توفير المهر المؤجل، وهو إن فعل فلن يسهل عليه إخراجه من ملكه، وكأن في ذهن هؤلاء أن الرجل وإن التزم بمؤجل كبير فلن يمنعه من طلاق زوجته، وإن أراد ذلك فمن السهل عليه أن يضيق عليها ويسيء عشرتها بحيث تكره الحياة معه، وتطالب هي بطلاقها منه بعد أن تتنازل عن جميع حقوقها المالية، وإن كان يخاف الله تعالى وابتعد عن الإساءة إليها فإنه مع كرهه لها لن يبقى الزوج الذي تتمناه، وسيغدو صورة رجل لا تكاد تراه في المنزل، لأنه يقضي أوقاته خارج البيت، ويبحث عما يعوضه عن السعادة التي حرم منها برفقة زوجة ظنت أن المال يشتري الرجال ، ولايكترث إن وجد العزاء بصحبة صالحة أو طالحة، المهم أن يبتعد عن ذلك البيت الذي أضحى في نظره سجناً ".
أما السيدة فاطمة السمان فتقول عن ولدها الذي أراد الزواج ولم يستطع نتيجة غلاء المهر: "إن المبلغ الذي يطلب مهراً للعروس هو غير واقعي أبداً، وهو لا يتناسب مع أوضاع الشباب، وكما يقال في الأمثال الشعبية: (من لا يريد إعطاء ابنته، يزيد من مهرها) فهذا ولدي على سبيل المثال شاب تخرج من الجامعة وأنهى خدمة العلم وهو في الخامسة والعشرين، وبعدها بدأت رحلة السعي الجاد لتحقيق الهدف، ولما تحقق له المطلوب كان تعداد السنين قد وصل الثلاثين، وقد مارس عملاً بالإضافة إلى الدراسة، لكن ما حصل عليه لا يغطي نفقته الخاصة، وهو إلى الآن لا يستطيع تغطية جميع النفقات للزواج، فمن الذي يستطيع خلال سنوات أن يؤمن سكناً ويفرشه ويقدم حلياً ونفقات زفاف، ومهراً غاليا."
وهذه ليست فقط نظرة السيدة السمان، إذ أن مجمل الأسر السورية تعاني من المشكلات الاقتصادية، والمفارقة أن هنالك الكثير من الأسر تطالب بمهور مرتفعة، وقد اعتبره البعض مفخرة يتعاظم به إن كان كبيراً، ونسي هؤلاء أن التفاخر ما كان يوماً إلا بالعمل الصالح الذي يقوم به الإنسان المتسم بالأخلاق!.
وقد نلحظ من بين الناس من وجد في غلاء المهر امتهاناً للمرأة، والكلام به والنقاش حوله يحول الإيجاب والقبول إلى صفقة بيع وشراء، ولكن الشرائع السماوية لم توافق هؤلاء، ولم تؤيد نظرتهم تلك، فكيف يكرم الله الإنسان بقوله:" ولقد كرمنا بني آدم" (الإسراء : 70) ويشرع ما فيه امتهانه؟!
ولكن الحقيقة تقول إن المغالاة في المهور ومتطلبات الزواج أضحت مشكلة، انعكست سلباً على الذكور والإناث، وبالتالي على المجتمع بشكل عام. إذ نجد أهل العروس يطلبون مهوراً مرتفعة يأخذون جزءاً منها، أو على الأقل يصرفونها كلها في تأمين مستلزمات زواج ابنتهم من أثاث وغيره، وقد يقتصدون جزءاً منها لمصلحتهم أو لمصلحة ابنتهم، ونجد هذه الظاهرة موجودة أولاً في الأرياف السورية ولاسيما في ريف الرقة، ثم ثانياً في ريف دير الزور والحسكة، وثالثاً في أرياف أخرى، حيث يغتصب بعض الأهل مهر ابنتهم أو جزءاً منه، وفي بعض المناطق السورية لا تنال المرأة من مهرها شيئاً، يأخذه الأب، وقد يزوج به أخاها أو قد يتزوج الأب نفسه بهذا المهر.
والمهر غالباً هو مال ، ولكن هنالك نوعا آخر يعتمد على المقايضة في الزواج ، ففي هذه الحالة لا نرى للمهر من أثر، يكون فيها أداء المهر على شكل زوجة مقابل زوجة، كأن يكون لدى الشخص الذي يرغب في الزواج أختاً أو ابنة يزوجها لشخص آخر له أخت أو ابنة بحيث لا يدفع أي منهما أي مبلغ كمهر معجل، وتوجد هذه العادة في البوادي والأرياف شبه البدوية، حيث تسود إلى هذا الحد أو ذاك العلاقات العشائرية وطريقة الزواج بالمقايضة هي شكل من أشكال بيع وشراء المرأة ، [ ويسمى هذا النوع من الزواج " زواج الشغار " ، وقد نهى عنه الشرع المطهر] .
إذاً لمن المهر، وماذا عن غلائه؟
يقول الشيخ محمد الرفاعي: الأصل في المهر في شريعة الله أن يكون للزوجة، إذ قال الله تعالى في كتابه العزيز: "وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وأتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً* وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً ". (سورة النساء آية 20-21)
ونجد أن الإسلام شرع المهر منحة من الزوج للزوجة، وتعبيراً منه عن رغبته في الزواج منها.
الدليل على المهر
والدليل على المهر قوله تعالى: "وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ".(النساء آية 4) أي عطية، والمخاطب بذلك الأزواج عند الأكثرين، وقيل الأولياء. وقوله تعالى:"فآتوهن أجورهن" (النساء آية 24) .وقوله صلى الله عليه وسلم لمريد الزواج: "التمس ولو خاتماً من حديد"، (رواه البخاري و مسلم)
وقد أقر الإسلام نفسه الناس على ما تعارفوا عليه بصدد التفرقة بين المهور تبعاً لمكانة الزوجة وأسرتها، وأقام لهذه التفرقة وزناً في كثير من الحالات، فمن ذلك مثلاً أن المرأة إذا تزوجت بأقل من مهر مثلها، أي أقل من المهر الذي يدفع عادة لنساء طبقتها فلأوليائها الحق في الاعتراض على هذا الزواج، وإذا اعترضوا وجب على الزوج أن يتم لها مهر مثلها أو يفارقها، ومن ذلك أيضاً أنه إذا تزوج رجل من امرأة ولم يسم لها مهراً ودخل بها كان ملزماً أن يدفع لها مهر مثلها . ويترك تعيين قيمة المهر لاتفاق الطرفين ومكانتهما، وبعضهم يقيده بحدين لا يصح النزول عن أدناهما ولا تجاوز أعلاهما، وبعضهم يعين أحد الحدين فقط ويترك الطرفين طليقين في الحد الآخر. وفي الشريعة الإسلامية مذاهب تمثل الاتجاه الأول، كما أن فيها مذاهب تمثل الاتجاه الأخير، فبعض الفقهاء يذهب إلى عدم تقييد المهر بحد أدنى معتمداً على الأثر المشهور " تزوج ولو بخاتم من حديد ".
وبعضهم يذهب إلى أن الحد الأدنى للمهر عشرة دراهم معتمداً على ما رواه جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لامهر دون عشرة دراهم" ، لكن الشريعة الإسلامية لا تضع حداً أعلى للمهر الذي يدفعه الزوج لزوجه ولا للهدايا التي يقدمها إليها بل تترك ذلك لما يتراضى عليه الطرفان وتطيب عنه نفس الزوج ويجري به العرف.
ويروى أن عمر قد أراد أن يضع حداً أعلى للمهور فاعترضت عليه امرأة بقوله تعالى"وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً، أتأخذونه بهتاناً وإثما مبيناً " (سورة النساء آية 20). وبأن هذه الآية تفيد أنه من الجائز أن يبلغ المهر قنطاراً من الذهب ، فرجع عمر عما كان يريد إصداره من تشريع يحدد المهور، وقال في ذلك قولته المشهورة: أخطأ عمر وأصابت امرأة ". أو "كل الناس أفقه من عمر".