المقدار الواجب في نصاب عروض التجارة هو العُشر ، هل هذه العبارة صح أم خطأ، حيث أن الزكاة هي واحدة من أهم أركان الإسلام وهي الركن الثالث، وهي واجبة على كل مسلم بالغ عاقل، حيث يوجد العديد من الأدلة والتي جاءت على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان”، لذلك هي فرض على كل مسلم ومسلمة.

المبلغ المطلوب في نصاب العروض التجارية هو العُشر

المطالب الغير صحيحة حيث يعتبر المبلغ الواجب دفعه في نوع من البضائع التجارية هو ربع عُشر، وليس مثل ما تدوله الكثير أنه عشرًا كاملاً، أي ما يعادل اثنين ونصف بالمائة من جملة الأرباح التي هي نصيب الفرد بعد وصوله إلى حد النصاب، وهنا يعني النصاب القانوني للتجارة، والذي يتم تقديره ما يقارب من خمسة وثمانين جراما من الذهب، ويجب أن تمر سنتان على النصاب، أي مضى عام.
حيث قال الله تعالى “إلا صدقة للفقراء والمسكين والعاملين الذين على قلوبهم وفي عنقهم والمدينين في سبيل الله وعبد السبيل الذي أمره الله، والله عليم بحكمة".
وأيضًا لا تتم أي نوع من أنواع الصدقة للأغنياء بشهادة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه بقوله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” الصدقة هي. لا إذن لرجل غني، أو لمرة واحدة فقط، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حصنوا ثروتكم بالزكاة.

إثبات وجوب زكاة البضائع التجارية

يحتوي القرآن الكيم والسنة النبوية على العديد من النصوص القانونية التي تتحدث بكل مباشر عن الصدقة، والتي تحث على وجوب أخذها من كافة المسلمين وكلم بشروط معينة من بين هذه النصوص ما يلي :
قال الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام: “من خلق حدائق مروّكات وليس مروّكات ونخيل وزرع مختلف الثمار والزيتون وما شابهها وما شابهها من رمان يأكل بعض الثمار إذا كانت الثمار تؤتي في اليوم المناسب، يحصد ويضيع لا لأجل. الحب الضال “
قال رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة و السلام: “حصنوا أموالكم بالزكاة”.
قال الله تعالى في سورة الانعام “وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”
قال تعالى سبحانه وتعالى في سورة البقرة “يمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ”.
وقال تعالى عز وجل في سورة البقرة” يَا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ”
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فيما سقت الأنهار والغيم العشور وفيما سقي بالساقية نصف”.
قال الله عز وجل في كتابه العزيز: “أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ ۚ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.
وقال الله سبحانه وتعالى: “الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ”.

مطالب الزكاة من كتاب بلوغُ النِّصاب
المطلب الأوَّل: مقدارُ نِصابِ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِ
نِصابُ زكاةِ عُروضِ التِّجارةِ، هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّةِ، وهو قولُ عامَّةِ العُلَماء
وذلك للآتي:
أولا: لأنَّ نِصابَ الذَّهَبِ والفضَّة لا يختَلِفُ، والواجِبُ فيهما أيضًا لا يختَلِفُ، فنِصابُ الفضةِ مائتا دِرهَمٍ على كلِّ حالٍ، ونِصابُ الذَّهَبِ عشرونَ مثقالًا على كلِّ حالٍ، والواجِبُ فيها رُبُعُ العُشرِ على كلِّ حالٍ
ثانيًا: لأنَّ الذَّهَبَ والفِضَّةَ أصولُ جملةِ هذه الأموالِ؛ لأنَّ هذه الأموالَ في الغالِبِ تحصُلُ بهما، فكان إلحاقُ هذه الأموالِ بالذَّهَب والفِضَّةِ أولى .
المطلب الثاني: كيفيَّةُ تقويمِ نِصابِ عُروضِ التِّجارة
نِصابُ عُرُوضِ التِّجارةِ هو نِصابُ الذَّهَبِ والفضَّة، وتُقوَّمُ بالأحظِّ للمَساكينِ منهما، فإنْ كان إذا قوَّمَها بأحدِهما لا تبلُغُ نِصابًا، وبالآخرِ تبلُغُ نِصابًا؛ تعيَّنَ عليه التَّقويمُ بما يبلُغُ نِصابًا (4) ، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة (5) ، والحَنابِلَة (6) ، وبه صَدَرَت فتوى اللَّجنةِ الدَّائمةِ (7) ، وهو اختيارُ ابنِ عُثيمين (8) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: احتياطًا لحقِّ أهلِ الزَّكاة؛ فإنَّ تقويمَ الزَّكاةِ كان لحظِّهم، فلا بدَّ مِن مراعاتِه (9) .
ثانيًا: أنَّ قيمتَه بلغتْ نِصابًا، فتجِبُ الزَّكاة فيه، كما لو اشتراه بعَرْضٍ، وفي البلد نَقْدانِ مستعمَلانِ، تبلغُ قيمةُ العُروضِ بأحَدِهما نِصابًا (10) .
المطلب الثالث: ضمُّ قيمةِ عُروضِ التِّجارةِ إلى النَّقدينِ في تكميلِ النِّصابِ:
تُضمُّ قيمةُ العُروضِ إلى الذَّهَبِ أو الفضَّةِ- وفي حُكمِهما العُملةُ النقديَّةُ- ويُكمَّلُ بها نِصابُ كلٍّ منهما.
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ذلك: الخطَّابيُّ (11) ، وابنُ قُدامةَ (12) ، والكمالُ ابنُ الهُمامِ (13) .
ثانيًا: أنَّ زكاةَ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ؛ فهُما جنسٌ واحدٌ، فيجِبُ ضمُّهما إليه (14) .
ثالثًا: أنَّ السِّلعَ التِّجاريَّةَ تُقوَّمُ بالنَّقدِ، ونِصابُها نِصابُ النَّقدِ؛ فلهذا تُضَمُّ إلى النَّقدِ في النِّصابِ والحَوْل (15) .
المطلب الرابع: وقتُ اعتبارِ كمالِ النِّصَابِ
اختلف أهلُ العِلم في وقتِ اعتبارِ كمالِ النِّصابِ على ثلاثةِ أقوالٍ:
القول الأوّل: اعتبارُ النِّصابِ في آخِرِ الحَوْلِ فقط، وهو مذهَبُ المالكيَّة (16) ، والشافعيَّة (17) ، واختاره القَرَضاويُّ (18) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ هذا ما كان يحدُثُ في عهدِ النبوَّةِ والرَّاشدينَ؛ فقد كان السُّعاةُ يأخذونَ الزَّكاةَ ممَّا حضَرَ مِنَ المالِ إذا بلغ نِصابًا، ولا يسألونَ متى تمَّ هذا النِّصابُ؟ وكم شهرًا له؟ ويكتفون بتمامِه عند أخْذِ الزَّكاةِ، ثم لا يأخذونَ منه زكاةً إلَّا بعد عامٍ قَمَريٍّ كاملٍ (19) .
ثانيًا: أنَّ زكاةَ عُروضِ التِّجارةِ تتعلَّقُ بالقيمةِ، وتقويمُ العَرضِ في كلِّ وقتٍ يشقُّ؛ لكثرةِ اضطرابِ القِيَمِ، فاعتُبِرَ حالُ الوُجوبِ، وهو آخِرُ الحَوْلِ، بخلافِ سائِرِ الزَّكواتِ؛ لأنَّ نِصابَها مِن عَيْنِها، فلا يشقُّ اعتبارُه (20) .
القول الثاني: اعتبارُ النِّصابِ في جميعِ الحَوْلِ، فمتى نقَصَ النِّصابُ في لحظةٍ منه، انقطَعَ الحَوْلُ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلَة (21) ، وهو قولُ ابنِ سُريجٍ من الشافعيَّة (22) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه مالٌ يُعتبَرُ له النِّصابُ والحَوْلُ، فوجب اعتبارُ كمالِ النِّصابِ في جميع أيَّامِ الحَوْل كسائِرِ الأمورِ التي يُعتبَرُ فيها ذلك (23) .
ثانيًا:القياسُ على زكاةِ الماشِيَةِ وزكاةِ النَّقدينِ (24) .
القول الثالث: اعتبارُ النِّصابِ في أوَّلِ الحَوْلِ وآخِرِه، ولا يضرُّ نقصُه بينهما، وهذا مذهَبُ الحنفيَّة (25) ، وهو وجهٌ للشَّافعيَّة (26) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ تقويمَ العَرْضِ في كلِّ لحظةٍ مِنَ الحَوْل؛ ليُعلَم أنَّ قيمَتَه فيه تبلُغُ نِصابًا يشقُّ، فاعتُبِرَ بطَرَفيه (27) .
ثانيًا: أنَّ اشتراطَ النِّصابِ في الابتداءِ للانعقادِ، وفي الانتهاءِ للوُجوبِ، وما بينهما بمعزِلٍ عنهما جميعًا فلا يكونُ كلُّ جزءٍ من الحَوْل بمعنى أوَّلِه وآخِرِه