قصة ذو القرنين قصة قصيرة ، من قصص القرآن العظيمة التي قصها الله علينا في كتابه قصة ذي القرنين قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا * إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا * ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا [الكهف: 83-89]، عروس يقدم لك أحد أهم قصص القرآن الكريم والتي جاءت في نص الآية السابقة في سورة الكهف، وهي قصة ذو القرنين.

قصة ذو القرنين قصة قصيرة

اختلف أهل التفسير في ذي القرنين:

  • فقيل: كان نبيًا، وهذا ضعيف، وقيل: كان ملكًا. واستغربه ابن كثير رحمه الله، فهو قول غريب جداً، قال ابن كثير: "والصحيح أنه كان ملكًا من الملوك العادلين". [البداية والنهاية: 2/103].
  • قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان ذو القرنين ملكًا صالحًا، رضي الله عمله، وأثنى عليه في كتابه". [البداية والنهاية: 2 /103].
  • وسئل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن ذي القرنين؟ فلم يقل: لم يكن نبيًا ولا رسولاً ولا ملكًا، ولكن كان عبدًا صالحًا. [تفسير ابن كثير: 5/189].
  • وصحح الحافظ ابن حجر رحمه الله إسناد هذا الأثر في فتح الباري. [فتح الباري: 6/383].
  • ثم إن بعض الناس قالوا: إنه هو الإسكندر المقدوني الذي بنى مدينة الإسكندرية، ولكن هذا قول باطل.
  • قال ابن كثير رحمه الله: "وإنما نبهنا عليه -يعني على هذا القول- لأن كثيرًا من الناس يعتقدون أنهما واحد، وأن المذكور في القرآن هو الذي كان أرطاطاليس وزيره" أرسطو الفيلسوف، "فيقع بسبب ذلك خطأ كبير، وفساد عريض طويل كثير، فإن الأول ذو القرنين كان عبدًا مؤمنًا صالحًا وملكًا عادلاً، وأما الثاني: فكان مشركًا، وكان وزيره فيلسوفًا" فإذًا أرسطو كان كافرًا، قال: "فأين هذا من هذا" أين ذي القرنين من الإسكندر المقدوني الذي كان وزيره أرسطو، "لا يستويان ولا يشتبهان إلا على غبي لا يعرف حقائق الأمور"، هكذا قال ابن كثير رحمه الله. [البداية والنهاية: 2/106].
  • وكذلك رجح الحافظ ابن حجر أنه ليس الإسكندر، فقال: الحق أن ذا القرنين غير الإسكندر، واستدل بعدة وجوه: منها: إيمان هذا وكفر ذاك. [فتح الباري: 6/382].
  • إذا عرفنا أنه عبد صالح ملك عادل، وليس هو الإسكندر المقدوني، لماذا سمي بذي القرنين؟
  • قيل: لأنه كان له في رأسه شبه القرنين.
  • وقال وهب بن منبه: كان له قرنان من نحاس في رأسه، قال ابن كثير: "وهذا ضعيف".
  • وقال بعض أهل الكتاب: "سمي بذي القرنين؛ لأنه ملك فارس والروم، فلقب بهذا.
  • وقيل: لأنه بلغ قرني الشمس شرقًا وغربًا، وملك ما بينهما من الأرض، قال ابن كثير: "وهذا أشبه من غيره" يعني هذا أقرب إلى الصواب من غيره من الأقوال، وهو قول الزهري رحمه الله. [البداية والنهاية: 2/103].
  • إذًا اتسع ملك ذي القرنين يمينا وشمالًا، أو شرقًا وغربًا فسمي بذي القرنين، قيل: إنه ملك الأرض أربعة: اثنان مسلمان: سليمان عليه السلام، وذو القرنين، واثنان كافران: إسكندر المقدوني، وبختنصر، والله أعلم.
  • أما بالنسبة لهذه القصة فإن الله سبحانه وتعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ [الكهف: 83]، إذًا حصل سؤال من أهل الكتاب للنبي عليه الصلاة والسلام وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا [الكهف: 83]، "من" للتبعيض.
  • وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا * فَأَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ [الكهف:84-86] نهاية الأرض من جهة المغرب، وهل لها نهاية من جهة المغرب؟ نعم اليابسة التي بعدها محيط، نهاية اليابسة التي بعدها المحيط من جهة الغرب، هذه النهاية هنا في هذا المكان لما نظر في تلك الجهة وصل إلى أقصى اليابسة من الجهة التي ما وراءها إلا الماء، ونظر في البحر وجد الشمس وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:83-89] حامية ، حمئة قراءتان، فمعنى: كلمة حَمِئَةٍ كثيرة الحمئة وهو الطين الأسود، وكذلك فإننا نقول: أيضاً إن هذا الغروب للشمس في العين الحمئة في نظر العين البشرية، يعني العين البشرية ترى الشمس تنزل في الماء إذا غربت، لكن هي في الحقيقة لا تنزل في البحر، لكن إذا نظرت إليها وهي تغرب في جهة البحر يتراءى لك أنها تنزل في الماء، فهذا معنى: وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ [الكهف:86] يعني فيما يتبادر للعيان، فيما يراه الشخص في المشاهدة البشرية في عينه المجردة، سيراها كأنها تغييب في الماء، وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا [الكهف:86] في تلك الجهة من أقصى المغرب إمام للعين، كانوا كفارًا فخيره الله بين أن يعذبهم وبين أن يتركهم، فقال: إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا [الكهف:86]، عذبهم بالقتل إن أردت، أو اتخذ فيهم أمرًا حسنًا بدعوتهم إلى الحق، وتعليمهم الشرائع، فاختار ذو القرنين دعوتهم إلى الله، لكن الذي يتمرد أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ [الكهف: 87]، بالقتل في الدنيا ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ [الكهف: 87]، فيها عَذَابًا نُكْرًا [الكهف: 87] منكرًا فظيعًا بنار جهنم، وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا [الكهف: 86].
  • أمة من الأمم الأرض العظيمة، وكان الله قد مكنه فيهم، وحكمه فيهم، وأظفره عليهم، وخيره بين أن يقتل ويسبي، أو يمن ويفدي، فاختار الدعوة بالحسنى أولاً، لكن الذي لا يستجيب سيكون مصيره القتل، وَأَمَّا مَنْ آمَنَ [الكهف: 88]، تابعنا على الدعوة، ودخل في الدين، ووحد الله عبده لا شريك له، فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى [الكهف: 88]، الدار الآخرة بدخول الجنة، وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا [الكهف: 88].
  • بالنسبة لنا في الدنيا معروفًا وهذا يدل على أن ذا القرنين كان ملكًا، عادلاً، صالحًا، مؤمنًا بالبعث والحساب والجزاء، وأنه يعرف بأن القضية عند الله في النهاية عذاب أو نعيم، وهذا معناه أنه يسعى في مرضاة ربه ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا [الكهف: 89-90].
  • قوم متخلفين جداً ما عندهم لا بيوت تقيهم من الشمس، ولا ملابس، عراة، وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترًا، فليس عندهم أي تمدن، لا يعرفون البيوت، ولا صناعة الملابس، كذلك معناه ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا [الكهف: 89]، كذلك، حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ [الكهف: 90].
  • فهو إذًا أتبع سببًا حتى بلغ مطلع الشمس، كما أتبع سببًا حتى بلغ مغربها، وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا [الكهف: 91] أحطنا بما عند مطلع الشمس علمًا، لا يخفى علينا علمًا بالخلق وأحوالهم، والناس الموجودين هناك، والأمم وأنواع البشر.
  • ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا * حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا [الكهف: 92-93]، أتبع طريقًا ثالثًا معترضًا بين المشرق والمغرب، لا هو في الشرق، ولا في الغرب، لا في أقصى الشرق ولا في أقصى الغرب، حتى بلغ الجبلين العظيمين اللذين سد ما بينهما، وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا [الكهف: 93]، من وراء هذين الجبلين أمة لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا [الكهف: 93].
  • عندهم قلة فطنة، وقلة حيلة، وقلة تدبير، لغة غريبة أمة مجهولة، قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ [الكهف: 89-97]، اشتكوا إليه شكوا حالهم، إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا [الكهف: 94-95].
  • فلما بلغ هذين الجبلين المتناوحين، بينهما ثغرة يخرج منها يأجوج ومأجوج على هذه البلاد فيعيثون فيها فسادًا، يهلكون حرثهم ونسلهم، كما ثبت في الصحيحين عن الأعداد الهائلة ليأجوج ومأجوج أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إن الله تعالى يقول: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فيقول: أخرج بعث النار، فيقول: وما بعث النار؟ فيقول الله عز وجل: من كل ألف تسع مائة وتسعة وتسعين إلى النار، وواحد إلى الجنة، فحينئذ يشيب الصغير وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا [الحج:2]، [رواه البخاري: 3348، ومسلم: 222].