لله ما أخذ ، بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على النبي الأمين سيدنا محمد أفضل الخلق والرُسل أجمعين ، فالحمد لله كل الحمد أننا ولِدنا لنجد أنفسنا مسلمين موحدين بالله تعالى راضيين بما قسمه الله لنا في هذه الدنيا، قانعين بقضاء الله وقدره خيره وشره ، فنحن لا نملك في أيدينا سوى أن نحمد الله تعالى على كل شئ ، أما بعد ...

أعلم أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يخلق شيئاً في هذه الدنيا إلا وأراد به سبحانه خيراً للإنسان حتى وإن رأى الإنسان ضيقاً أو تعباً في أحد أمور دنياه إلا أنه سيعلم حكمة رب العالمين ورحمته به فيما بعد ،

فالخير فقط لا يتمثل في مواقف الخير والسخاء والنعم التي يرزقنا الله بها في الحياة الدُنيا ، بل أن اختباره لك سُبحانه في بعض المواقف والأزمات أثناء حياتك دليلاً على حُبه لك ورغبته في تقريبك لصفوف المُحبين لله تعالى ورسوله الراضيين بقضاء الله وقدره خيره وشره .


فمن تمام الإيمان أن يؤمن الإنسان بكل ما يأتي من عند الله تعالى وأن يرى أن في قضاء الله وقدره سواء كان خيراً أم شراً حكمة بليغة وذلك اختباراً لمدي إيمان الفرد وتسليمه لأمور دينه ودنياه لله رب العالمين فلا تساوره أية شكوك او تساؤلات حول قدرة الله عز وجل في غدارة الكون كله .
وقد جاء في السُنة النبوية والأحاديث الصحابية عن صحابة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الإيمان بالقدر هو الركن السادس من أركان الإيمان وأنه لا يتم إيمان الإنسان إلا به حيثُ رويَ عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قد وصل إلى مسامعه أن بعض الناس ينكر القدر فقال :
" إذا لقيت هؤلاء فأخبرهم أني براء منهم وأنهم برآء مني ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر ( يقصد : أنه يحلف بالله ) لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ثم أنفقه ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر " صحيح مسلم.

ومن أحد أكثر مصائب وأمور الدهر التي تكشف عن مدي إيمان الفرد وتسليمه لقضاء الله وقدره هي مصيبة ، فاجعة الموت خاصة إن كان موت أحد الأحباب المقربين على قلبك ، فكلما صبرت وآمنت بحكة الله ومشيئته كلما ربط الله على قلبك والهمك الصبر والسكينة والرضا وجزاك عن ذلك خيراً من الدنيا وما فيها . حيث وعد الله الصابرين على مصائبهم في الدنيا بخيراً كثيراُ في قوله تعالى ـ " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ.الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "

ومن واجب المُسلمين الأخوة في الدين أن يقوموا بمواساة أهل المتوفي وتصبيرهم وشد أزرهم عند الحاجة والدعاء للميت بأن يرحمه الله تعالى ويجعله من أهل الجنة والدعاء لأهل المتوفى بالصبر والسلوان .

وقد ورد في السُنة النبوية الشريفة دعاء التعزية الواجب قوله في مثل هذه الأوقات حيثُ رويَ عن أسامة بن زيد قوله كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم
فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه وتخبره أن صبيا لها أو ابنا لها في الموت فقال للرسول ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب فعاد الرسول فقال إنها قد أقسمت لتأتينها قال فقام النبي صلى الله عليه وسلم وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل وانطلقت معهم فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع كأنها في شنة ففاضت عيناه فقال له سعد ما هذا يا رسول الله قال هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .
فاللهم إنا نشهدك إننا عبادك المخلصين راضيين بقضاءك يا الله وبرحمة قدرك علينا والحمد والشكر لك يا رب العالمين