روابط قد تهمك :
فساتين العروس | تسريحات | تنظيم الاعراس | زخرفة | عالم حواء


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: البوصيرى

  1. #1
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8

    البوصيرى




    سأبحر معكم في بحر الشعراء وسأختار الشاعر الكبير - البوصيري:

    التعريف به

    شاعرنا اسمه كاملاً : محمد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري المصري شرف الدين أبو عبد الله، ولد عام 1212م – 608 هـ، بقرية دلاص إحدى قرى بني سويف في صعيد مصر، وترجع أصوله إلى إحدى قبائل البربر التي استوطنت جنوب المغرب الأقصى، ونشأ البوصيري وترعرع بقرية بوصير والتي استمد منها لقبه.

    كان أول تعليم البوصيري القرآن الكريم الذي حفظه في طفولته، ثم تتلمذ على يد عدد من علماء عصره، نظم البوصيري الشعر صغيراً، وجرب أنواعاً من الشعر إلا انه مال إلى الزهد والتصوف فأتجه إلى المدائح النبوية، والشعر الصوفي.
    بلغت شهرة البوصيري الأفاق في نظم الشعر في المدائح النبوية، فظهرت قصائده مغلفة بالروح العذبة والمعاني الصادقة مع روعة التصوير والتعبير والتي أستلهمها من حبه للنبي الكريم "صلى الله عليه وسلم"، فجاءت ألفاظه دقيقة بديعة السبك والنظم، فكانت قصائده بمثابة مدرسة لشعراء المدائح النبوية.
    وأمتاز شعر البوصيري بالرصانة والجزالة وأجاد في استعمال البديع، والبيان وغلبت على قصائده المحسنات البديعية، كما تميز شعره بالقوة والرصانة، وتأتي قصيدة البردة للبوصيري على رأس قصائد المدائح النبوية، والتي عارضها أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدته "نهج البردة ".
    انكب البوصيري على مذهب الصوفية، فاطلع على سير عدد من أربابها قديماً وحديثاً وغاص فيها، وتلقى الصوفية على يد أبي الحسن الشاذلي، ومدح الشاذلية في شعره، وقد غلب على الشعر في العصر المملوكي والذي ينتمي إليه البوصيري، المدائح النبوية والموضوعات الدينية، ومنظومات الزهد والتصوف.

    أعمال البوصيرى نثراً وشعراً

    ترك البوصيري عددًا كبيرًا من القصائد والأشعار ضمّها ديوانه الشعري الذي حققه "محمد سيد كيلاني"، وطُبع بالقاهرة سنة (1374 هـ= 1955م)، وقصيدته الشهيرة البردة "الكواكب الدرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "المضرية في مدح خير البرية"، والقصيدة "الخمرية"، وقصيدة "ذخر المعاد"، ولامية في الرد على اليهود والنصارى بعنوان: "المخرج والمردود على النصارى واليهود"، وقد نشرها الشيخ "أحمد فهمي محمد" بالقاهرة سنة (1372 هـ= 1953م)، وله أيضا "تهذيب الألفاظ العامية"، وقد طبع كذلك بالقاهرة.

    عدد القصائد : اكثر من 81 قصيدة

    وهذه اسماء بعض القصائد:
    -----------------------------
    [BACKGROUND="70 #CCCCFF"]أزمعوا البين وشدوا الركابا
    بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ
    وافاك بالذنبِ العظيمِ المذنبُ
    أريحُ الصبا هبتْ على زهرِ الربا
    لاتظلموني وتظلموا الحسبه
    أمدائح لي فيكَ أم تسبيحُ
    جَنابكِ منه تُسْتَفَادُ الفَوائدُ
    إلهي عَلَى كلِّ الأمورِ لَكَ الحمْدُ
    كَتَبَ المَشِيبُ بأَبْيَضٍ في أسْوَدِ
    أهلُ التُّقَى والعِلم أهلُ السُّؤْدُدِ ف
    ما لِلنَّصارى إليَّ ذَنْبٌ
    حَيَّ بُلْبَيْسَ مَنْزِلاً في العِمارهْ فص
    قد خُصَّ بالفضلِ قطليجا وأيدمرُ
    جِوَارُكَ منْ جَوْرِ الزَّمانِ يُجِيرُ
    ذُو يَراعٍ يَرُوعُ كالسَّيْفِ إمَّا
    ثناؤكَ من روضِ الخمائلِ أعطرُ
    يا أيها المَوْلَى الوزِيرُ الذي
    يَهُودُ بُلْبَيْسَ كُلَّ عِيدٍ
    إنْ تُحْيَ آمالي بِرُؤْيَة ِ عيسى
    فُزْتَ بِأَهْلِ الفَضْلِ
    ما أكلنا في ذا الصيامِ كُنافه
    أخبروني غضبة ً وصلفا ف
    أسَمِعْتُمُ أنَّ الإلَه لحَاجَة ٍ
    أسَمِعْتُمُ أنَّ الإلَه لحَاجَة ٍ
    أوْ جَلَّ مَنْ جَعَلَ اليَهُودُ بِزَعْمِكُمْ
    ضلَّ النَّصارى واليهودُ فلا تكنْ
    وبِأنهمْ سَمِعُوا كلامَ إلهِهِمْ
    وَبأنَّ إبراهيمَ حاولَ أكْلَهُ
    وبأنهمْ لم يَخْرِجُوا مِنْ أَرْضِهِمْ
    وجنوا على هارونَ بالعجلِ الذي
    ورضوا لموسى أن يقولَ فواحشاً
    لُعِنَ الذينَ رأوا سبيلَ محمدٍ
    عجباً لهم والسَّبْتُ بيعٌ عندهمْ
    أفيأنفُ الُفَّارُ أنْ يستدركوا
    لو يصدقون لما أتت رسلٌ لهمْ
    واستَخبِرُوا الإنجيلَ عنه وحاذِرُوا
    إنْ يدْعُهُ الإنجيلُ فارقليطهُ
    وهوَ الذي منْ بعدِ يحيى جاءهم
    وكتابُ شعيا مخبرٌ عن ربهِ
    جَعَلوا الكَرامَة َ لِلإلهِ فَأُكْرِمُوا
    وَالغَرْسُ في البَدُوِ المُشار لِفضلِهِ
    وسَلَنَّ حَبْقُوقَ المُصَرِّحَ باسْمِهِ
    واسمعْ برِؤيا بُختنصَّرَ والتمسْ
    وارمِ العِدا ببشائرٍ عنْ أرميا
    وَنَأَتْ عَنِ الظُّلْمِ الذِي لا يَبْتَغِي
    وَكَلاَمُ شَمْعُونَ النبيِّ تَخالُه
    شَهِدَتْ لهُ الرُّسْلُ الكِرامُ وَأشْفَقَوا
    إلى متى أنتَ باللذاتِ مشغولُ
    اليَوْمَ قد حَكَم الهَوَى بالمَعْدَلَهْ
    إنَّ خُلْقَ الشهودِ والعمالِ
    إنَّ النَّصارَى واليَهودَ مَعاشِرٌ
    يا أيُّها السَّيِّدُ الذي شَهِدَتْ
    أمِنْ تذَكُّرِ جيرانٍ بذي سلمِ
    عَرِّجْ بِرامَة َ إنها لمَرامِي
    أرى المستخدمينَ مشوا جميعاً
    كُونُوا مَعِي عَوناً عَلَى الأيَّامِ
    ما فِي الزَّمانِ جوَادٌ
    سارتِ العِيسُ يُرجعْنَ الحنينا
    لَيْتَ شِعْرِي ما مُقْتَضَى حِرْماني
    انظر بحقكَ في أمرِ الدواوينِ
    ثكلت طوائفَ المستخدمينا
    قُلْتُ لَكُمْ عِنْدَ السُّرَّاقِ مُبَلِّغٌ
    غَدا جَامعُ ابنِ العاصِ كهفَ أَئِمَّة ٍ
    يا رَبِّ صَلِّ عَلَى المُخْتارِ مِنْ مُضَرٍ
    مُحَمَّدٌ أَشْرَفُ الأعْرَابِ والعَجَمِ
    الصُّبْحُ بدَا مِنْ طَلْعَتِهِ
    سَمَّوْهُ عَمْراً فَصَحَّفْنَا اسْمهُ غَمَراً
    أهوى والمشيبُ قد حال دونه
    قلْ لعليِّ الذي صداقتهُ
    انظرْ بحمد اللهِ في
    لقد عاب شعري في البَريَّة ِ شاعرٌ
    فداؤكَ من إذا رُمت امتنانا
    أَمَّا المَحَبَّة ُ فَهِيَ بَذْلُ نُفُوسِ
    تجنبْ أحاديثَ الحسودش فواجبٌ
    بِقُبَّة ِ قَبْرِ الشَّافِعِيِّ سَفِينَة ٌ
    قد أخذ المسلمون عكا
    نَمْ هَنِيئاً مُحَمَّدَ بْنَ عَليٍّ
    عاشَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ البُوصِيرِيْ
    أنشأتَ مدرسة ً ومارستانا
    كم قُلتُ للأكرمِ الحشاءِ أنصحهُ
    مسافرٌ سارت أحاديثه[/BACKGROUND]

    ----------------------------------------

  2. #2
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8
    [BACKGROUND="80 #CCCCFF"]بسم الله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه
    هانحن عدنا والعود أحمد
    ومعنا قصيدة بمدح خير خلق الله محمد

    كتبها عاشق ومحب للرسول أحمد
    فإننا نشكر الله والله نحمد

    ____________________________

    أمن تذكــــــر جيــــــرانٍ بذى ســــــلم
    مزجت دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــــدم

    َأمْ هبَّــــت الريـــــحُ مِنْ تلقاءِ كاظمــةٍ
    وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضم

    فما لعينيك إن قلت اكْفُفاهمتــــــــــ ـــــا
    وما لقلبك إن قلت استفق يهـــــــــم

    أيحسب الصب أن الحب منكتـــــــــــم
    ما بين منسجم منه ومضطــــــــرم

    لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـــــللٍ
    ولا أرقت لذكر البانِ والعلــــــــــمِ

    فكيف تنكر حباً بعد ما شـــــــــــــهدت
    به عليك عدول الدمع والســـــــــقمِ

    وأثبت الوجد خطَّيْ عبرةٍ وضــــــــنى
    مثل البهار على خديك والعنــــــــم

    نعم سرى طيف من أهوى فأرقنـــــــي
    والحب يعترض اللذات بالألــــــــمِ

    يا لائمي في الهوى العذري معـــــذرة
    مني إليك ولو أنصفت لم تلــــــــــمِ

    عدتك حالي لا سري بمســــــــــــــتتر
    عن الوشاة ولا دائي بمنحســـــــــم

    محضتني النصح لكن لست أســـــمعهُ
    إن المحب عن العذال في صــــــممِ

    إنى اتهمت نصيح الشيب في عـــــذلي
    والشيب أبعد في نصح عن التهـــتـمِ

    ******************** ******************** *******

    فإن أمارتي بالسوءِ ما أتعظــــــــــــــت
    من جهلها بنذير الشيب والهــــرم

    ولا أعدت من الفعل الجميل قــــــــــرى
    ضيف ألم برأسي غير محتشــــــم

    لو كنت أعلم أني ما أوقـــــــــــــــــ ـــره
    كتمت سراً بدا لي منه بالكتــــــــمِ

    من لي برِّ جماحٍ من غوايتهــــــــــــــ ـا
    كما يردُّ جماح الخيلِ باللُّجـــــــــُم

    فلا ترم بالمعاصي كسر شهوتهــــــــــا
    إن الطعام يقوي شهوة النَّهـــــــــم

    والنفس كالطفل إن تهملهُ شبَّ علــــى
    حب الرضاعِ وإن تفطمهُ ينفطــــم

    فاصرف هواها وحاذر أن توليــــــــــه
    إن الهوى ما تولى يصم أو يصـــــم

    وراعها وهي في الأعمالِ ســــــــائمةٌ
    وإن هي استحلت المرعى فلا تسم

    كم حسنت لذةً للمرءِ قاتلــــــــــــــــ ــة
    من حيث لم يدرِ أن السم فى الدسم

    واخش الدسائس من جوعٍ ومن شبع
    فرب مخمصةٍ شر من التخـــــــــــم

    واستفرغ الدمع من عين قد امتـــلأت
    من المحارم والزم حمية النـــــــدمِ

    وخالف النفس والشيطان واعصهمــا
    وإن هما محضاك النصح فاتَّهِـــــم

    ولا تطع منهما خصماً ولا حكمـــــــــاً
    فأنت تعرف كيد الخصم والحكـــــم

    أستغفر الله من قولٍ بلا عمـــــــــــــلٍ
    لقد نسبتُ به نسلاً لذي عُقــــــــــُم

    أمْرتُك الخير لكن ما ائتمرت بــــــــــه
    وما اســـــتقمت فما قولى لك استقمِ

    ولا تزودت قبل الموت نافلــــــــــــــةً
    ولم أصل سوى فرض ولم اصـــــم

    ******************** ******************** ***********

    ظلمت سنة من أحيا الظلام إلــــــــــى
    أن اشتكت قدماه الضر مــــــن ورم

    وشدَّ من سغب أحشاءه وطــــــــــوى
    تحت الحجارة كشحاً متـــــرف الأدم

    وراودته الجبال الشم من ذهــــــــــبٍ
    عن نفسه فأراها أيما شـــــــــــــــمم

    وأكدت زهده فيها ضرورتـــــــــــــــ ه
    إن الضرورة لا تعدو على العصــــم

    وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة مـــن
    لولاه لم تخرج الدنيا من العـــــــــدمِ

    محمد ســـــــــــــــيد الكونين والثقليـ
    ن والفريقين من عرب ومن عجـــــمِ

    نبينا الآمرُ الناهي فلا أحـــــــــــــــــد ٌ
    أبر في قولِ لا منه ولا نعـــــــــــــــــم

    هو الحبيب الذي ترجى شــــــــفاعته
    لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــــــــــــــم

    دعا إلى الله فالمستسكون بــــــــــــه
    مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــــــــــم

    فاق النبيين في خلقٍ وفي خُلــــــــُقٍ
    ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــــــــــــــرم

    وكلهم من رسول الله ملتمـــــــــــسٌ
    غرفاً من البحر أو رشفاً من الديـــــمِ

    وواقفون لديه عند حدهـــــــــــــــــ م
    من نقطة العلم أو من شكلة الحكـــــم

    فهو الذي تـ ــــــم معناه وصورتـــــــه
    ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســــــــــــم

    منزهٌ عن شريكٍ في محاســـــــــــنه
    فجوهر الحسن فيه غير منقســـــــــم

    دع ما ادعثه النصارى في نبيهـــــم
    واحكم بماشئت مدحاً فيه واحتكــــــم

    وانسب إلى ذاته ما شئت من شــرف
    وانسب إلى قدره ما شئت من عظــــم

    فإن فضل رسول الله ليس لـــــــــــه
    حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــــــــــــــ م

    لو ناسبت قدره آياته عظمـــــــــــــاً
    أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمــم

    لم يمتحنا بما تعيا العقول بــــــــــــه
    حرصاً علينا فلم نرْتب ولم نهــــــــمِ

    أعيا الورى فهم معناه فليس يـــــرى
    في القرب والبعد فيه غير منفحـــــم

    كالشمس تظهر للعينين من بعُـــــــدٍ
    صغيرةً وتكل الطرف من أمـــــــــــم

    وكيف يدرك في الدنيا حقيقتــــــــــه
    قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحلــــــــــــــم ِ

    فمبلغ العلم فيه أنه بشــــــــــــــــــ ـرٌ
    وأنه خير خلق الله كلهـــــــــــــــــ ـمِ

    وكل آيٍ أتى الرسل الكرام بهـــــــــا
    فإنما اتصلت من نوره بهـــــــــــــم

    فإنه شمس فضلٍ هم كواكبهـــــــــــا
    يظهرن أنوارها للناس في الظلـــــم

    أكرم بخلق نبيّ زانه خلــــــــــــــــقٌ
    بالحسن مشتمل بالبشر متســـــــــم

    كالزهر في ترفٍ والبدر في شــــرفٍ
    والبحر في كرمٍ والدهر في همــــــم

    كانه وهو فردٌ من جلالتـــــــــــــــ ــه
    في عسكر حين تلقاه وفي حشــــــم

    كأنما اللؤلؤ المكنون فى صـــــــدفٍ
    من معدني منطق منه ومبتســــــــم

    لا طيب يعدل تُرباً ضم أعظمــــــــــهُ
    طوبى لمنتشقٍ منه وملتثــــــــــــــم ِ

    ******************** ******************** ***************

    أبان موالده عن طيب عنصـــــــــره
    يا طيب مبتدأ منه ومختتــــــــــــــم

    يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهـــــــــــــم
    قد أنذروا بحلول البؤْس والنقـــــــم

    وبات إيوان كسرى وهو منصــــدعٌ
    كشمل أصحاب كسرى غير ملتئـــم

    والنار خامدة الأنفاس من أســــــفٍ
    عليه والنهر ساهي العين من سـدم

    وساءَ ساوة أن غاضت بحيرتهـــــا
    ورُد واردها بالغيظ حين ظمــــــــي

    كأن بالنار ما بالماء من بــــــــــــلل
    حزناً وبالماء ما بالنار من ضــــرمِ

    والجن تهتف والأنوار ساطعـــــــــةٌ
    والحق يظهر من معنى ومن كلــــم

    عموا وصموا فإعلان البشائر لـــــم
    تسمع وبارقة الإنذار لم تُشــــــــــَم

    من بعد ما أخبره الأقوام كاهِنُهُـــــــمْ
    بأن دينهم المعوجَّ لم يقــــــــــــــــمِ

    وبعد ما عاينوا في الأفق من شهـب
    منقضةٍ وفق ما في الأرض من صنم

    حتى غدا عن طريق الوحى منهــزمٌ
    من الشياطين يقفو إثر منـــــــــهزم

    كأنهم هرباً أبطال أبرهــــــــــــــــ ــةٍ
    أو عسكرٌ بالحصى من راحتيه رمـى

    نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمــــــــــــــ ا
    نبذ المسبِّح من أحشاءِ ملتقـــــــــــم

    ******************** ******************** *************
    جاءت لدعوته الأشجار ســــــاجدة
    تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــــــــدم

    كأنَّما سطرت سطراً لما كتــــــــــبت
    فروعها من بديع الخطِّ في اللقـــــم

    مثل الغمامة أنَّى سار سائـــــــــــرة
    تقيه حر وطيسٍ للهجير حَـــــــــــم

    أقسمت بالقمر المنشق إن لــــــــــه
    من قلبه نسبةً مبرورة القســــــــــمِ

    وما حوى الغار من خير ومن كــرم
    وكل طرفٍ من الكفار عنه عــــــــم

    فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يرما
    وهم يقولون ما بالغار مــــــــن أرم

    ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت علــى
    خير البرية لم تنسج ولم تحــــــــــم

    وقاية الله أغنت عن مضاعفـــــــــةٍ
    من الدروع وعن عالٍ من الأطـــــُم

    ما سامنى الدهر ضيماً واستجرت به
    إلا ونلت جواراً منه لم يضـــــــــــم

    ولا التمست غنى الدارين من يــــده
    إلا استلمت الندى من خير مســـتلم

    لا تنكر الوحي من رؤياه إن لـــــــه
    قلباً إذا نامت العينان لم ينــــــــــــم

    وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــــــــــــه
    فليس ينكر فيه حال محتلـــــــــــــم

    تبارك الله ما وحيٌ بمكتســــــــــــبٍ
    ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــــــــــــم

    كم أبرأت وصباً باللمس راحتــــــــه
    وأطلقت أرباً من ربقة اللمـــــــــــم

    وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـــــــــه
    حتى حكت غرة في الأعصر الدهـم

    بعارضٍ جاد أو خلت البطاح بهـــــا
    سيبٌ من اليم أو سيلٌ من العــــرمِ

    ******************** ******************** ************
    دعني ووصفي آيات له ظهـــــــرت
    ظهور نار القرى ليلاً على علـــــم

    فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــــــــــمٌ
    وليس ينقص قدراً غير منتظــــــم

    فما تطاول آمال المديح إلــــــــــــى
    ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـــــم

    آيات حق من الرحمن محدثــــــــــةٌ
    قديمةٌ صفة الموصوف بالقــــــدم

    لم تقترن بزمانٍ وهي تخبرنــــــــــا
    عن المعادِ وعن عادٍ وعــــن إِرَم

    دامت لدينا ففاقت كلَّ معجــــــــــزةٍ
    من النبيين إذ جاءت ولم تـــــــدمِ

    محكّماتٌ فما تبقين من شبــــــــــــهٍ
    لذى شقاقٍ وما تبغين من حكــــم

    ما حوربت قط إلا عاد من حَـــــــرَبٍ
    أعدى الأعادي إليها ملقي الســلمِ

    ردَّتْ بلاغتها دعوى معارضهــــــــا
    ردَّ الغيور يد الجاني عن الحـــرم

    لها معانٍ كموج البحر في مــــــــددٍ
    وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ

    فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــــــــــا
    ولا تسام على الإكثار بالســـــــأمِ

    قرَّتْ بها عين قاريها فقلت لـــــــــه
    لقد ظفرت بحبل الله فاعتصـــــــم

    إن تتلها خيفةً من حر نار لظـــــــى
    أطفأت حر لظى من وردها الشــم

    كأنها الحوض تبيض الوجوه بـــــه
    من العصاة وقد جاؤوه كالحمـــــم

    وكالصراط وكالميزان معدلـــــــــــةً
    فالقسط من غيرها في الناس لم يقم

    لا تعجبن لحسودٍ راح ينكرهــــــــــا
    تجاهلاً وهو عين الحاذق الفهـــــم

    قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
    وينكر الفم طعم الماءِ من ســــــقم

    ******************** ******************** *****

    يا خير من يمم العافون ســــــــاحته
    سعياً وفوق متون الأينق الرســــم

    ومن هو الآية الكبرى لمعتبــــــــــرٍ
    ومن هو النعمةُ العظمى لمغتنـــــم

    سريت من حرمٍ ليلاً إلى حــــــــــرمٍ
    كما سرى البدر في داجٍ من الظـلم

    وبت ترقى إلى أن نلت منزلــــــــــةً
    من قاب قوسين لم تدرك ولم تــرم

    وقدمتك جميع الأنبياء بهـــــــــــــــا
    والرسل تقديم مخدومٍ على خـــــدم

    وأنت تخترق السبع الطباق بهــــــم
    في مركب كنت فيه صاحب العلــــم

    حتى إذا لم تدع شأواً لمســـــــــتبقٍ
    من الدنوِّ ولا مرقى لمســــــــــــتنم

    خفضت كل مقامٍ بالإضـــــــــــافة إذ
    نوديت بالرفع مثل المفردِ العلــــــم

    كيما تفوز بوصلٍ أي مســـــــــــتترٍ
    عن العيون وسرٍ أي مكتتــــــــــــم

    فحزت كل فخارٍ غير مشـــــــــــتركٍ
    وجزت كل مقامٍ غير مزدحــــــــــم

    وجل مقدار ما وليت من رتــــــــــبٍ
    وعز إدراك ما أوليت من نعــــــــمِ

    بشرى لنا معشر الإسلام إن لنـــــــا
    من العناية ركناً غير منهــــــــــدم

    لما دعا الله داعينا لطاعتــــــــــــــه
    بأكرم الرسل كنا أكرم الأمــــــــــم

    ******************** ******************** ******

    راعت قلوب العدا أنباء بعثتــــــــــه
    كنبأة أجفلت غفلا من الغنــــــــــمِ

    ما زال يلقاهمُ في كل معتـــــــــــركٍ
    حتى حكوا بالقنا لحماً على وضـم

    ودوا الفرار فكادوا يغبطون بــــــــه
    أشلاءَ شالت مع العقبان والرخــم

    تمضي الليالي ولا يدرون عدتهـــــا
    ما لم تكن من ليالي الأشهر الحُرُم

    كأنما الدين ضيفٌ حل ســــــــاحتهم
    بكل قرمٍ إلى لحم العدا قــــــــــــرم

    يجر بحر خميسٍ فوق ســــــــــابحةٍ
    يرمى بموجٍ من الأبطال ملتطـــــم

    من كل منتدب لله محتســـــــــــــــب ٍ
    يسطو بمستأصلٍ للكفر مصــــطلمِ

    حتى غدت ملة الإسلام وهي بهــــم
    من بعد غربتها موصولة الرحـــم

    مكفولةً أبداً منهم بخــــــــــــــير أبٍ
    وخير بعلٍ فلم تيتم ولم تئـــــــــــمِ

    هم الجبال فسل عنهم مصادمهــــــم
    ماذا رأى منهم في كل مصــــطدم

    وسل حنيناً وسل بدراً وسل أُحـــــداً
    فصول حتفٍ لهم أدهى من الوخم

    المصدري البيض حمراً بعد ما وردت
    من العدا كل مسودٍ من اللمـــــــمِ

    والكاتبين بسمر الخط ما تركـــــــت
    أقلامهم حرف جسمٍ غير منعجــمِ

    شاكي السلاح لهم سيما تميزهــــــم
    والورد يمتاز بالسيما عن الســلم

    تهدى إليك رياح النصر نشرهـــــــم
    فتحسب الزهر في الأكمام كل كــم

    كأنهم في ظهور الخيل نبت ربـــــــاً
    من شدة الحَزْمِ لا من شدة الحُزُم

    طارت قلوب العدا من بأسهم فرقـــاً
    فما تفرق بين الْبَهْمِ وألْبُهــــــــــُمِ

    ومن تكن برسول الله نصــــــــــرته
    إن تلقه الأسد فى آجامها تجــــــمِ

    ولن ترى من وليٍ غير منتصـــــــرٍ
    به ولا من عدوّ غير منفصــــــــم

    أحل أمته في حرز ملتـــــــــــــــــ ــه
    كالليث حل مع الأشبال في أجـــــم

    كم جدلت كلمات الله من جــــــــــدلٍ
    فيه وكم خصم البرهان من خصـم

    كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ معجــــــــــزةً
    في الجاهلية والتأديب في اليتـــــم

    ******************** ******************** **********
    خدمته بمديحٍ استقيل بـــــــــــــــــه
    ذنوب عمرٍ مضى في الشعر والخدم

    إذ قلداني ما تخشي عواقبـــــــــــــه
    كأنَّني بهما هديٌ من النعـــــــــــــم

    أطعت غي الصبا في الحالتين ومـــا
    حصلت إلا على الآثام والنــــــــــدم

    فياخسارة نفسٍ في تجارتهــــــــــــا
    لم تشتر الدين بالدنيا ولم تســـــــم

    ومن يبع آجلاً منه بعاجلـــــــــــــــ هِ
    يَبِنْ له الْغَبْنُ في بيعٍ وفي ســــــلمِ

    إن آت ذنباً فما عهدي بمنتقـــــــض
    من النبي ولا حبلي بمنصـــــــــرم

    فإن لي ذمةً منه بتســــــــــــــــم يتي
    محمداً وهو أوفى الخلق بالذمـــم

    إن لم يكن في معادي آخذاً بيــــــدى
    فضلاً وإلا فقل يا زلة القــــــــــــدمِ

    حاشاه أن يحرم الراجي مكارمــــــه
    أو يرجع الجار منه غير محتــــرمِ

    ومنذ ألزمت أفكاري مدائحــــــــــــه
    وجدته لخلاصي خير ملتـــــــــــزم

    ولن يفوت الغنى منه يداً تربــــــــت
    إن الحيا ينبت الأزهار في الأكـــــم

    ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفــــت
    يدا زهيرٍ بما أثنى على هــــــــــرمِ

    ******************** ******************** ***********

    يــــارب بالمصطفى بلغ مقاصدنـــا
    واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

    يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ بــــــه
    سواك عند حلول الحادث العمـــــم

    ولن يضيق رسول الله جاهك بــــــي
    إذا الكريم تحلَّى باسم منتقــــــــــم

    فإن من جودك الدنيا وضرتهـــــــــا
    ومن علومك علم اللوح والقلـــــم

    يا نفس لا تقنطي من زلةٍ عظمـــــت
    إن الكبائر في الغفران كاللمـــــــــم

    لعل رحمة ربي حين يقســـــــــــمها
    تأتي على حسب العصيان في القسم

    يارب واجعل رجائي غير منعكـــسٍ
    لديك واجعل حسابي غير منخــــرم

    والطف بعبدك في الدارين إن لـــــه
    صبراً متى تدعه الأهوال ينهــــــزم

    وائذن لسحب صلاةٍ منك دائمــــــــةٍ
    على النبي بمنهلٍ ومنســـــــــــــجم

    ما رنّحت عذبات البان ريح صـــــبا
    وأطرب العيس حادي العيس بالنغم

    ثم الرضا عن أبي بكرٍ وعن عمــــرٍ
    وعن عليٍ وعن عثمان ذي الكــرم

    والآلِ وَالصَّحْبِ ثمَّ التَّابعينَ فهــــــم
    أهل التقى والنقا والحلم والكـــــرمِ

    يا رب بالمصطفى بلغ مقاصـــــــدنا
    واغفر لنا ما مضى يا واسع الكرم

    واغفر إلهي لكل المسلميـــــــن بمــــا
    يتلوه في المسجد الأقصى وفي الحرم

    بجاه من بيتـــــه في طيبـــــــةٍ حرمٌ
    واسمُهُ قسمٌ من أعظــــــم القســــم

    وهذه بُــــردةُ المُختــــار قد خُتمــــت
    والحمد لله في بــــدء وفي ختـــــم
    [/BACKGROUND]

  3. #3
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8
    [BACKGROUND="80 #CCCCFF"]
    شرح بعض الابيات من قصيدة البردة ::

    -------------------------------------------------------------------------------------------

    البوصيري محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم صادق في محبته.
    وشاعرٌ قوي الوجدان لا يضارعه غيره في شاعريته. أخذ قلمه وكتب يتغنى بذكر
    محبوبه الأعظم صلى الله عليه وسلم. ينوع الذكر فقال: وقد سالت دموعه وزاد
    لهيب شوقه يُسائل نفسه أو متصورا شخصاً يسأله عن داعي حزنه وبكائه. أمن
    تذكر الخ...

    أمنْ تذكر جيرانٍ بذي سلمٍ *** مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بدمِ

    أتذكرت أملك ومنتهى ما تصبو إليه نفسك بتلك الأماكن النائية التي عجزت عن
    الوصول إليها فبكيت هذا البكاء الحار الذي امتزج فيه دمعك بدمك؟

    أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمةٍ *** وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضمِ

    أم هبت الريح من جهة هذه الديار فشممت شذا أنفاس الحبيب. أومض البرق فذكرت بريق ثغر. فيه ماء حياتك ومنبع ارتوائك؟

    فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتا *** وما لقلبك إن قلت استفق يهمِ

    ما لك لا تجيب، أتظن أن سكوتك هذا يخفي ما عندك من
    حب. وإذا سلمنا أنك غير محب فما لعينيك أن زجرتهما عن البُكاء لا تكفان.
    وما لقلبك إن قلت له ارجع إلى طريق الهدى يعصك ويظل هيمان؟

    أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتمٌ *** ما بين منسجم منه ومضْطَّرمِ

    أحسبت أن حبك يخفى على الناس، وقد ظهر بهذا الدمع المُنسكب والقلب المُلتهب؟

    لولا الهوى لم ترق دمعاً على طللٍ *** ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلمِ

    لولا الهوى يا صاح لم ترق هذه الدموع ، ولا حُرمت لذيذ النوم لذكرى ديار نائية ليست لك بوطن، ولا كنت في واد وعقلك في واد.

    فكيف تنكر حباً بعد ما شهدتْ *** به عليك عدول الدمع والسقمِ

    فيا عجباً من إنكارك الحب، وقد شهد به عليك شاهد عدل إن أصررتَ على
    الكتمان، كان فيهما ما ينفي كل شك، هما الدمع والسقم، وفوق هذا لدينا حجة
    أُخرى، هي أن دمعك سبق سقمك، ولو سبق الضعف الدمع لتوهمنا أن الدمع نتيجة
    الألم، فما فائدة كتمانك وقد قامت عليك الحجة ولزمك الدليل؟.

    وأثبت الوجد خطى عبرة وضنى *** مثل البَهار على خديك والعنم

    وزيادة عن كلّ ما تقدم من أدلة فقد أكد لنا وجدَك
    علامتان محسوستان هما اصفرار وجهك واحمرار دمعك وهما من علامات العشاق،
    فأولى بك الاعتراف لعل الله الذي ابتلاك أن يهدينا إلى مداواتك بما يزيل
    علاتك.

    نعم سرى طيف من أهوى فأرَّقني *** والحبُّ يعتَرضُ اللّذات بالألم


    أما وقد ظهر حبي بما لا سبيل معه إلى الإنكار، فنعم يا صاح، سرى خيال
    حبيبي فنبهني من سبات الفكر فيه إلى يقظة الحرمان منه إذ فرحتُ بإقباله
    فأسرعت للقائه، فإذا أنا في مكاني وهو حيث أعلم فما أشأم عجلتي التي قطعت
    لذيذ أحلامي ولكن هي سنة الحب فإن من طبعه أن يقطع أسباب اللذات بسيف
    الألم، وهكذا كان معي إذ حرصت على التَّمتُّع بجماله، فحال بيني وبين
    خياله.


    يا لائمي في الهوى العُذري معذرة *** مني إليك ولو أنصفت لم تَلُم

    لما أقر بحبه أحس بخطئه في إذاعته سره فوجه معذرته إلى من يتوقع منه اللوم
    على الحب فقال يا لائمي في اعترافي بهواي البريء من كل شين إني أعتذر إليك
    فيما فرط مني. ولو أنصفتني ما وجهت إلي أي لوم.

    عدتك حالي لا سرّي بمُستَتر *** عن الوُشاة ولا دائي بمُنحَسم

    لأن سري قد أفشاه الدمع، ودائي لا دواء له إلا بالوَصل، وهو بعيد الحصول لعُلُو مقام المحبوب وبعد داره، فحالي تتطلب الرحمة.

    محضتَني النُّصحَ لكنْ لستُ أسمعه *** إنَّ المُحبَ عن العُذّال في صَمَم

    أنت أخلصت لي النصيحة إذ خطأتني في اعترافي بحبي، أو استرسالي في طريق
    هلاكي ، غير أنني مع علمي بحُسن نيتك أعتبر نُصحك عذلاً ما دام ينهاني عن
    التَّفوه بذكر من أحببت فلن اسمع لك لأنني محب وأُذُن المحب عن العُذال صمَّاء .

    إنّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّيب في عَذل *** والشَّيبُ أبعدُ في نُصح عن التُّهَم

    فلا يسؤك إعراضي عن نُصحك فقد اتهمت ما هو بعيد عن كل شبهة في نصيحة منك
    وهو الشيب فقد أنذرني بقرب الأجل وحثني على ترك الأمل ورغَّبني في صالح
    العمل فتماديت في الغرور ولازمت الشرور اعتمادا على أن الله غفور.

    في التحذير من هوى النفس


    فإنَّ أمَّارتي بِالسّوءِ ما اتَّعَظَتْ *** مِنْ جَهلِها بِنَذيرِ الشَّيْبِ والهَرَمِ

    وماذا أصنع بنفسي التي تأمر بالشرّ وتنهى عن الخير حتى مع تذكيرها بالموت ببياض الشعر. وضعف الجسم والبصر.

    ولا أَعَدَّتْ مِنَ الفِعل الجَميلِ قِرى *** ضيْفٍ ألمَّ بِرأسي غيرَ مُحتَشِمِ

    فها هي لم ترجع عن المحرمات، ولم تَرعَوِ لقرب الممات
    ولا أعدّت من فعل الخير والطاعة ما يليق بإكرام هذا الضيف الذي نزل برأسي
    بغير استئذان.

    لو كنتُ أعلمُ أنّي ما أُوَقِّرُهُ *** كَتَمْتُ سِرّاً بدا لي منهُ بالكَتمِ

    ولو كنت أعلم أنني سأهينه هذه الإهانة، ولا أحترمه بالإقبال على الله
    واتباع أوامره واجتناب نواهيه لواريته عن العيون بالسواد احتراماً له
    وحفظاً لِكرامته، ولكنه عمي الشباب وضلال الغرور.

    من لي بِردِّ جِمَاحٍٍ مِن غَوايَتِها *** كما يُرَدُّ جِماحُ الخَيْلِ باللُّجُمِ

    فلا تَرُم بالمَعاصي كَسْرَ شَهْوَتِها *** إنَّ الطّعامَ يُقَوّي شَهوَةَ النَّهِمِ

    فمن هذا الذي يرشدني إلى من يرد نفسي عن فيافي الظلم
    إلى حظيرة الهدى ولو استعمل في سبيل ذلك ما يستعمله الفارس في إزالة
    اعوجاج فرسه من العُنف والشِّدة. من هذا الذي يفعل ذلك حتى ألجأ إليه
    وألقي أزمتي بين يديه؟ أأتركها تهيم في وادي المعاصي حتى تسأمها فتعود إلى
    الطاعة مستعذبة موردها غير منحرفة عنها أمّاذا أفعل؟ ومن يضمن لي رجوعها
    والطعام يقوي شهوة الشره إلى الإكثار منه؟

    والنُّفس كالطِّفلِ إن تُهملهُ شَبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإن تَفطِمهُ ينفطِمِ

    وما ذلك إلا لأن نفس الإنسان كالطفل الصغير إن
    أهملتَها سارت في طريق الشَّر الذي يُلائم طبعها وإن زجرتها ومنعتها
    امتنعت كما أنك إذا طاوعت الطفل كلما طلب الرضاع كبر وهو مُكِبٌّ عليه وإن
    فطمته انفطم ورجع.

    فاصرِفْ هواها وحاذِر أن تُوَلّيَهُ *** إن الهوى ما تولَّى يُصْمِ أو يَصِمِ

    فلا تُجِب طلباتها فمن سار وراء هوى نفسه هلك أو ضاع شرفه وكلاهما أمرٌ عظيم وخطبٌ جسيم.

    وراعِها وهي في الأعمال سائمةٌ *** وإنْ هي استَحلَتِ المرعى فلا تسمِ

    وكن معها على الدوام كالراعي مع ماشيته بمنعها عن أكل ما لا يُباح، وإن هي
    استحلَت الشَّرّ فلا تُطل لها الحبل بل قيدها بقيد من قيود خوف الله
    الحديدية.

    كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّةً للمرءِ قاتلةً *** من حيثُ لَم يَدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ

    ولا تغتر ببلاغتها وقوة حجتها عند مخاصمتها فكم حسنت القبيح وقبحت الحسن حتى وقع في هاوية الهلاك من غره معسول قولها وعظيم دهائها.

    واخَش الدَّسائِس مِن جوعٍ ومن شبَعٍ *** فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ من التُّخَمِ

    وهي ماكرة مخادعة إذا رأت منك الشدة عليها دسّت لك ما يُخادعك ويلين من
    شدتك كالجوع الداعي إلى الإقدام على ارتكاب المحرمات كالسرقة والغدر،
    والشبع المؤدي إلى البطر والكبر والزنا وشرب الخمر.

    واستَفرِغ الدَّمعَ من عين قد امتَلأت *** مِنَ المَحارِمٍ والزَمْ حِميَةَ النَّدَمِ

    فإذا غلبت النفس وقهرت دسائسها فارجع إلى الله بالتوبة واذرف الدمع من عين طالما نظرت إلى المحرمات ولم تخش بارئ السماوات.

    وخالف النَّفس والشيطان واعصهما *** وإن هما محَّضاك النُّصح فاتّهِمِ


    ولا تنسى شريك النفسِ الذي يُغريها إذا تهاونت،
    ويحثها إذا تباطأت وهو الشيطان. فنصيحتي إليك أن لا تركن إلى واحدٍ منهما
    وأن تهمهما في كلِّ نصيحةٍ يُقدمانها إليك مهما ظهر لك صلاحها.

    ولا تُطِع منهما خصماً ولا حكما *** فأنت تعرفُ كيدَ الخصم والحَكَمِ

    وأسيء الظنَّ بهما على الدوام، سواء من ظهر منهما
    بمظهر الخصومة لك ومن تظاهر بالورع والتقوى واحتلال منصة العدالة، فكلاهما
    غير مؤتمن، لأنهما تحالفا على الإيقاع بك.

    أستغفرُ الله من قولٍ بِلا عملٍ *** لقد نَسَبتُ به نسلاً لِذي عُقُم ِ

    هنا يتذكَّر النَّاظم رحمه الله تعالى قوله تعالى {كَبُرَ مَقْتاً
    عِنْدَ اللهِ أنْ تَقولوا ما لا تَفْعَلون} فأستغفر الله وقال ما نسبة هذه
    النَّصائح الغالية والأقوال الجميلةِ إليّ إلا كنسبة ولدٍ لِعَقيم لا يلد
    وكبر مقتاً عند الله أن يلحق الإنسان ولدا بغير أبيه وأمه.

    أمرتُكَ الخير لكن ما ائتمرتُ به *** وما استقمتُ فما قولي لك استقِمِ

    وكيف لا أستغفر الله وقد أمرتك بفعل الخير وأنا بعيد عنه، وحثثتك على لزوم
    الاستقامة وأنا لم أستقم بعد، وما زلت حائداً عن سبيل الرَّشاد.

    ولا تزوَّدتُ قبل الموت نافلةً *** ولم أصلِّ سوى فرضٍ ولم أصُمِ

    وأين أنا من الاستقامة وما تزودت قبل موتي بِنافلةٍ من الصلاة والصيام، إذ لم أصلِّ ولم أصُم سوى ما فرض الله عليَّ.


    في مدح النبيّ صلى الله عليه وسلم


    ظَلَمْتُ سنةَ من أحيَى الظلامَ إلى *** أنِ اشتكَت قدماهُ الضُّرَّ من وَرَمِ

    يقول: نعم ما صليت ولا صمت سوى ما فرضه الله علي، فظلمت سنَّة من أحيى
    الظلام راكعاً ساجداً إلى أن اشتكت قدماه ضر الورم، مع أنه منزه عن
    النقائص محلى بالنفائس ومع هذا أدعي محبته صلى الله عليه وسلم وأرجو
    شفاعته.

    وشَدَّ من شَغَبٍ أحشائَهُ وطوى *** تَحتَ الحِجارةِ كَشحاً مُتْرَفَ الأَدَمِ

    ولا أدري كيف يكون ذلك وأنا أنام ليلا وألهو نهاراً وأتثاقل في تأدية
    الواجبات اغتراراً. أتناول ما لذَّ وطاب، وكم من جائع ليس له من يدي سوى
    الطعان والضراب، والذي أدّعي حبه قد شدّ من الجوع أحشائه، وضغط بالحجر
    الصلب أمعائه لا من قلة ولا لبخل أو علة، ولكن ليسن لنا سنة الزهد في
    الدنيا حتى لا تلهينا بزخرفها، فنعرض عن الآخرة ونقبل عليها فنكون من
    الهالكين، وحب الدنيا رأس كل خطيئة.

    وراوَدَتهُ الجِبالُ الشُّمَّ مِنْ ذَهَبٍ *** عن نَفسِهِ فأراها أيَّما شَممِ

    والدليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يرد غير الزهد في الدنيا، أن
    الجبال عرضت عليه أن تكون له ذهباً فأبى وما كان عليه في الإجابة من حرج
    غير أن العصمة وهي من أخص صفاته تمنع صاحبها من المباحات.

    وأكَّدَتْ زُهدَهُ فيها ضَرورتُهُ *** إنَّ الضرورة لا تَعْدُو على العِصَمِ

    ومما يؤكد أنه ما فعل ذلك إلا زهداً أنه أبى قبول
    أن تكون الجبال له ذهبا وهو لا يملك درهما واحدا يمكنه من مشترى ما يزيل
    به جوعه، وشدة الجوع ضرورة قصوى، ولكن الضرورة لا تتغلب على العصمة التي
    منحه الله إياها.

    محمدٌ سيّدُ الكونَيْنِ والثقل *** نِ والفريقينِ مِن عُربٍ ومن عَجَمِ

    ومن ذا الذي تحلى بهذه الصفات وجمع هذه الكمالات وطبع على هذه المكارم؟ هو
    محمد سيد الإنس والجن والعرب والعجم مبعث الهدي والنور لسائر الأُمَم صلى
    الله عليه وسلَّم.

    نَبِيُّنا الآمِرُ الناهي فلا أحَدٌ *** أبَرَّ في قولٍ لا مِنْهُ ولا نَعَمِِ

    هو نبينا الذي صدقنا برسالته وأمرنا بالعمل بشريعته واقتفاء سيرته الآمر
    بالمعروف، والناهي عن المنكر، الصادق الوعد الذي لا يوجد في الخلق أوفى
    منه إذا قال لا أو نعم.

    هو الحبيبُ الذي تُرجى شفاعتهُ *** لِكٌلِّ هَوْلٍ مِنَ الأهوالِ مُقتَحَمِ

    وهو حبيبنا الذي لا يصل إلى مركز حبه أحد سواه، وكيف لا وهو هادينا وشفيعنا وملجؤنا في حياتنا.

    دعا إلى اللهِ فالمُستَمسِكونَ بهِ *** مُسْتَمسِكونَ بِحَبلٍ غيرِ مُنْفَصِمِ

    جاءته الرسالة فدعا الخلق إلى الله، فمن أجاب دعوته وعمل بشريعته وسار على سنته تمسك بسبب قوي من أسباب النجاة لن يضيع من تمسك به.

    فاقَ النَّبيينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ*** ولم يُدانوهُ في عِلمٍ ولا كَرَمٍ

    فاق النبيين في الخلقِ والخُلُق وهم مع تحليهم بصفة
    النبوة والرسالة لم يقاربوه لا فيما منحهُ الله من علمٍ ولا فيما خصَّه
    الله من كرم فهو أعلم الخلقِ وأكرمهم على الإطلاق.

    وكُلُّهُم من رسولِ اللهِ مُلتَمِسٌ*** غَرفاٌ من البحرِ أو رشفاً من الدِّيَمِ

    وكيف يدانونه في صفةٍ من صفاته وكلهم من فيض بحرٍ
    معرفته وغناه مقتبس كلٌّ على قدر ما وهبه الله جلَّ وعلا غرفاً من البحرِ
    أو رشفاً من مياه الأمطار أي كثيرا أو قليلاً.

    وواقفون لديهِ عندَ حَدِّهِم*** من نُقطَةِ العِلمِ أو من شكلَةِ الحِكَمِ

    فجميعهم واقفون بالنسبةِ إليه عند حدِّهم مُعتَرفون له بالتَّقَدُّم والفضلِ، ومن أولى منهم بالاعتراف بالفضلِ لِصاحبه.

    فهوَ الذي تَمَّ معناهُ وصورَتُهُ*** ثُمَّ اصطفاهُ حبيباً بارئ النَّسَمِ

    فهو الوحيد في المخلوقين الذي كمَّلهُ الله ذاتاً وصِفات. وأدباً وكمالاً
    ثُمَّ اختاره حبيباً ورسولاً واسطة بينه وبين خلقه يُخرجهم من الظُّلمات
    إلى النُّور فهو عين الكمال ونبراس الهدى ومهبط الوحي فلو تمثلت جميع
    الكمالات صورة لما تعدَّت ذاته.

    منزَّهٌ عن شريكٍ في محاسِنِهِ*** فَجَوهَرُ الحُسنِ فيهِ غيرُ مُنْقَسِمِ

    فهو المخلوق الوحيد الذي نزَّهه الله عن مشاركة مخلوق له في مميِّزاته ومحاسنه.

    دَعْ ما ادَّعَتْهُ النصارى في نبيِّهمِ *** واحكم بِما شِئْتَ مَدحاً فيهِ واحتَكمِ

    فيا من تريد وصفه كف عما لا قدرة لك عليه. لأنك لن
    توفيه بعض ما يجب له من الوصف الذي يليق بمكانته عند ربه. ولكن إذا أصررت
    على المدح فلا تجعله لله شريكاً كما فعل النصارى مع سيدنا عيسى، وبالغ في
    وصفه بما شئت فلست بموفيه حقه عليك ولو أفنيت البحار مدادا والأشجار
    أقلاماً. وكيف لا وهذه آياته البينات ما زالت تهدي الأمم إلى ما لم تكن
    تعلم خاضعة لقول الله تعالى (أولم يتفكروا في ملكوت السموات والأرض وما
    خلق الله) وقوله (ويخلق ما لا تعلمون).

    وانسب إلى ذاتِهِ ما شئت من شَرَفٍ *** وانسُبْ إلى قَدرِهِ ما شِئتَ مِنْ عِظَمِ

    فانسب كل شرف علمته وكل عظم في القدر والجلال والفضل أدركته إلى ذاته الشريفة، فليس بعد ذاته وقدره ما يصح إسناد كل شرف وعظم إليه.

    فإنَّ فضلَ رسول الله ليسَ لَهُ *** حدٌّ فَيُعْرِبُ عنهُ ناطقٌ بفَمِ


    كرر في المدح ما شئت ونوِّع في المعاني وتلاعب بالألفاظ على قدر ما وهبك
    الله من علم وفهم فستعترف في النهاية بالعجز عن بلوغ فضل لا حد له حتى
    يعبر عنه ناطق بفم. لأن فضله فوق مدارك العقول البشرية.

    لو ناسَبَتْ قَدرَهُ آياتُهُ عِظماً *** أحي اسمُهُ حينَ يُدعى دارِسَ الرَّممِ

    ولئن بهرت العالم معجزاته وحيرت العقول آياته فكل ذلك
    صغير بالنسبة إليه لأن الله سبحانه وتعالى لو أعطاه من المعجزات ما يناسب
    قدره لأحي اسمه الأجساد البالية حين ينادي به عندها.

    لم يَمْتَحِنَّا بما تَعيَى العقولُ بهِ *** حِرصاً علينا فَلَمْ نَرتَبْ وَلَم نَهِمِ

    يقول: غير أنَّ الله سبحانه وتعالى فضلاً منه تكريماً لهذه الأمّة لطف بنا
    فلم يُعطِهِ من المُعجزات ما يكون سبب فتنتنا. كما افتتن قوم عيسى بإحيائه
    للموتى فجعلوه لله شريكا. فالحمد لله على نعمائه. والشكر له على أن جعلنا
    من اتباعه.

    أعيَى الوَرى فَهْمُ معناه فليسَ يُرى *** للقُربِ والبُعدِ فيهِ غيرُ مُنفَحِمِ

    فهو صلى الله عليه وسلَّم معنى غامض استأثر الله بمعرفة حقيقته فأعيى جميع
    الخلق فهمه فما سعى أحد وراء الوقوف على حقيقته إلا وعاد بعد الجهد مقراً
    بالعجز معترفاً بالجهلِ.

    كالشَّمسِ تظهَر للعَيْنينِ مِن بُعُدٍ *** صَغيرَةً وتكِلُّ الطَّرفَ منْ أَمَمٍ

    وذلك انه يظهر بداهة بشر مثل سائر البشر امتاز
    بالرسالة وأكرم بالنبوة ولكن متى شرع الإنسان في تحليل أخلاقه ومطالعة
    سيرته وجده بشراً غير البشر الذي درس أخلاقه وعلم طباعه فهو شيء عظيم
    استأثر الله بعلم ما حوى من جلال وجمال وكمال.

    وكيفَ يُدرِكُ في الدُّنيا حقيقَتَهُ *** قَومٌ نِيامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالحُلُمِ

    فمن العبث وهو كما وصفنا أن يسعى إلى الوصول إلى فهم حقيقته قومٌ نِيام عن
    التفكير في ملكوت السموات والأرض. فلم تصف نفوسهم من أدران البشرية
    الخاطئة ولم تشتمل بنيران الملكية المعصومة.

    فَمَبْلَغُ العِلْمِ فيهِ أنَّهُ بَشَرٌ *** وأنَّهُ خَيْرُ خَلْقِ اللهِ كُلِّهِمِ

    فغاية علم البشر فيه أنه بشر مثلهم وأنه خير خلق الله على الإطلاق.

    وكلُّ آيٍ أتى الرُّسلُ الكرامُ بها *** فإنما اتصلَتْ مِن نورهِ بِهِمِ

    يقول: وكل معجزات باهرات أيّد الله بها الأنبياء السابقين في دعواهم إنما هي مقتبسة من نوره صلى الله عليه وسلم.

    فانه شمسُ فضلٍ هُم كواكِبُها *** يُظهِرنَ أنوارها للنَّاسِ في الظُّلَمِ

    لأنه شمس الكون الحقيقية وهم كواكبها. ولهذا كان صلى الله عليه وسلم فضل الهداية من لدن آدم حتى قيام الساعة.

    أكرِم بِخُلْقِ نبيٍّ زانَهُ خُلُقٌ *** بالحُسنِ مشتَمِلٍ بالبِشرِ مُتَّسِمِ

    فأكرِم به من نبيّ تحلى بالحُسن خَلقاً وخُلُقا ولم يفارقه البِشْر يسرا وعسرا.

    كالزَّهْرِ في تَرَفٍ والبَدرِ في شَرَفٍ *** والبَحرِ في كَرَمٍ والدَّهرِ في هِمَمِ

    فهو كالزهر ليناً ورِقّة، وكالبدر شرفاً وعلوا
    وارتفاعا. وكالبحر كرما وعطاء. وكالدهر قوة وبطشا. والغرض من هذا التشبيه
    تقريب المعنى للأذهان كالتشبيه في قوله تعالى: {مثلُ نوره كمشكاة فيها
    مصباح * المصباح في زجاجة * الزجاجة كأنها كوكب درّيٌّ يوقَدُ من شجرة
    مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يُضيء ولو لم تمسسه نار *
    نور على نور}، لأن قدر النبي أعلى من أن يشبه بالزهر والبدر والبحر والدهر.

    كأنَّهُ وهْوَ فَردٌ من جلالتِهِ *** في عسكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَمِ

    وهو مع هذه الصفات التي لابدَّ من الجرأة لمن يتحلى
    بها من البشر. إذا لقيته فردا خاله ملكا في حشمه وجنده، لما وهبه الله من
    هيبة وجلال.

    كأنَّما اللُّؤلُؤُ المكنونُ في صَدَفٍ *** مِن مَعدِنَيْ منطِقٍ مِنْهُ ومُبتَسِمِ


    ومع هيبته هذه التي تخِرّ أمامها الجبابرة فهو إذا تكلَّم خِلت الدُّرَّ
    يتناثر من فمه حلاوة ورقة وإذا سكت نظرت اللؤلؤ المكنون مستقراً بين شفتيه
    صفّاً ولمعانا. فما لآليء الصدف المكنون إذا قيست بلآليء حكمه البالغة إلا
    خزف فسبحان من كوَّنه وجمَّل

    لا طيبَ يَعدِلُ تُرباً ضَمَّ أعظُمَهُ *** طوبى لِمُنتشِقٍ منهُ وَمُلتَثمِ

    ومن الخصائص التي ميزه الله بها أن جعله طيبا بحيث لا
    يوجد في العالم طيبٌ يوازي زكاء رائحة تراب مكان حوى ذاته الشريفة لأن
    طيبه عليه السلام طيبٌ إلهي مستمر غير منقطع وقد أكرم الله من استنشق طيبه
    فجعل جزاءه الجنة.


    في مولده عليه الصلاة والسلام
    أبانَ مولِدُهُ عن طيبِ عُنصرِهِ *** يا طيبَ مبتدأ منهُ ومُختَتَمِ

    وقد كشف مولده عليه السلام عن قدره وجليل خطره بما حدث عند ولادته من
    هُويِّ الأصنام وإرعاب الأعجام فما أطيب بدأه وختامه. إذ بدأ بسيدنا
    إسماعيل وخُتِم بعبد الله وكلاهما ذبيح طاهر محترم من الجميع فلم يزل عليه
    السلام منذ آدم يتنقل من طهر إلى طهر ومن ظهر إلى ظهر. بعيداً عن سفاح
    الجاهلية حتى تشرفت الكائنات بظهور بدر محياه وإشراق شمس علاه.

    يومٌ تَفَرَّسَ فيهِ الفُرسُ أنَّهُمُ *** قَدْ أُنذِروا بِحُلولِ البؤسِ والنِّقَمِ

    ففي يوم مولده فهم الفرس فراسة بما حلَّ ببلادهم من النوائب الجسام
    والصدمات التي حيرت الأفهام أنهم أُنذروا بالويل والثبور وعظائم الأمور
    فتأهبوا لِمُلاقاة النوائب بالعزم والقوة. فلم ينفعهم عزة ولا قوة ولا عدة
    ولا عدد عندما ظهر من سيذهب ملكهم ويهدّ جبروتهم.

    وباتَ إيوانُ كِسرى وَهْوَ مُنصَدِعٌ *** كَشَملِ أصحابِ كِسرى غير مُلتَئِمِ

    وها هي بوادر فشلهم قد بدأت بتصدُّع إيوان كسرى القوي البنيان الثابت
    الأركان إذ لم يقو ما شيدته يد الطغيان على البقاء أمام جلال صاحب البرهان
    كما تشتت شمل كسرى الكثير العدد القوي العدة ذعراً ورعباً من هول ما رأى
    من آيات بينات.

    والنار خامدة الأنفاس من أسفٍ *** عليهِ والنَّهر ساهي العين من سَدَمِ

    وظهرت جلية واضحة من خمود النار التي يعبدونها وهي لم تطفأ منذ آلاف
    السنين. وما ذلك إلا إيذاناً بانطفاء دولتهم. فوا أسفاه على من يعبدون
    النار من دون الواحد القهار. ووقف نهرهم عن جريانه إجلالاً لمولود بشرت به
    حيتانه. وحزنا لبعده عن دار هذا الذي غيَّر معالم الكفر ظهوره فأضاء ظلمات
    الجهالة نوره.

    وساء ساوة أن غاضتْ بُحيرتُها *** ورُدَّ واردها بالغيظ حين ظَمي

    وقد عم الحزن آل ساوة لما حلّ بهم البلاء بجفاف
    بحيرتهم التي عليها تتوقف حياتهم حتى رجع كل قاصد الري منها والغيظُ يأكل
    قلبه خيبة أمله وسوء منقلبه.

    كأنَّ بالنَّار ما بالماء من بللٍ *** حُزناً وبالماء ما بالنَّارِ من ضَرَمِ

    كأن الحال تبدل غير الحال فصار طبع النار البلل والري والانطفاء فخمد
    لهبها.... وصار طبع الماء الإحراق وإزالة الرطوبة فجف وزال.... أو حزن
    الماء والنار لعدم إسراع الفرس إلى اغتنام الخير بالتصديق بمن بشَّر
    الجماد بمولده.

    والجِن تهتِف والأنوار ساطِعةٌ*** والحقُّ يظهرُ من معنىً ومن كَلِمِ

    ماذا أصابهم حتى لم ينتبهوا إلى كل هذه الآيات وها هي الجنُّ تهتف مبشِّرة
    بظهور سيد الكائنات وفوق هذا كله فأنوار هذا البدر الذي انبثق في أُفق
    بطحاء مكة لا تخفى والبراهين الدالّة على علو كعبه وفضله متعددة قولا
    وفعلا فلِمَ لا تتدبرون أيها الفُرس ولِمَ لا تعقلون؟

    عَموا وصمُّوا فإعلانُ البشائرِ لم*** تُسمع وبارقَةُ الإنذار لم تُشَمِ

    سرت البشر بمولد هذا العظيم في جميع الأقطار بواسطة
    الطير في الهواء والحيتان في الماء. والوحوش في الفضاء والجن في جميع
    الأرجاء ومع كل هذا فقد صمت آذان هؤلاء القوم عند سماع بشرى المبشرين.
    وعميت أعينهم فلم يروا سواطع النذر المتكررة. والله يهدي من يشاء إلى صراط
    مستقيم.

    من بعدِ ما أخبرَ الأقوامَ كاهنَهُمْ*** بأنَّ دينهُم المُعوَجَّ لَمْ يَقُمِ

    كل هذا قد حدث من بعد ما أخبرهم كاهنهم بأن دينهم قد
    انهار فلن تقوم له قائمة ولن يقر له بعد اليوم قرار فلم يفدهم شيء من هذا
    كما لم تفدهم من كاهنهم النصيحة وهو لديهم الصادق الأمين.

    وبعدما عاينوا في الأُفْقِ من شُهُبٍ*** مُنقضَّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ

    حتى بعدما عاينوا الشهب تنقض على الأصنام التي يعبدونها وبأيديهم يصنعونها فتبتلعها.

    حتى غدا عن طريق الوحيِ مُنْهَزِمٌ *** من الشَّياطينِ يقفو إثرَ مُنهَزِمِ

    ورأوا من الشياطين هارباً إثر هارب فراراً من الشهب المُحرقة التي حالت
    بينهم وبين استراق السمع إذ كانوا يُولون الأدبار واحداً بعد واحد عن طريق
    الوحي والشهب تتبعهم إلى حيث يتجهون حتى بعد كل هذا لم يرجعوا عن إعراضهم
    ويتدبروا في مستقبلهم.

    كأنهم هرباً أطفالُ أبرَهَةٍ *** أو عسكرٍ بالحصى من راحتَيْهِ رُمِى

    مع أن الشياطين في هربهم كانوا من الكثرة بحيث أشبهوا أبطال أبرهة الذي
    جاء بجيشٍ عظيم لهدم الكعبة حين شتت الله شملهم وأهلكهم دفاعاً عنها. أو
    جيش الكفار في غزوة بدر وحنين حين رماه المصطفى بالحصى فكانوا من
    المهزومين.

    نبذاً بهِ بعد تسبيحٍ ببطنِهِما *** نبذَ المُسَبِّح من أحشاءِ مُنْتَقِمِ

    حيث كان الحصى يُسبِّحُ بِراحتيه عليه السلام. فكان نبذه الحصى من كفه وهو
    يُسبح كإلقاء الحوت سيدَنا يونُس عليه السلام من جوفه وهو يقول: لا اله
    إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.


    في معجزاته صلى الله عليه وسلم



    جاءت لدعوته الأشجار ساجدةً *** تمشي إليه على ساقٍ بِلا قَدَمِ

    لما بلغ المولود الذي شرَّفَه الله بما تقدم من الدَّلائل الساطعة
    الدّاَلّة على عِظم منزلته عند ربه أربعين سنة اصطفاه الله نبياً وبعثه
    رسولا وأمره بدعوة الخَلْقِ إلى عبادة الله وحده لا يُشركون به شيئاً مع
    التَّصديق برسالته فامتثل الأمر ودعا الناس سِراً ثم جهراً فآمن من سبقت
    سعادته وأبى من حقَّت عليه شقاوته فأيده الله في أثناء ذلك بآياتٍ
    بيِّناتٍ تصديقاً لهُ لِئلاّ يكون للجاحدين حُجَّةً يعتمدون عليها. وهي
    كثيرة لا تُحصى عدداً منها دعوته الشجرة التي أتت إليه تشُقُّ الأرض شقّا
    حتى وصلت إليه وشهِدت برسالته إجابة له.

    كأنما سطرت سطراً لما كتبت *** فروعها من بديعِ الخط باللَّقَمِ

    ولِئلا يكون في هذه المعجزة مجال لِدعوى السحر. ظهرت
    خطوط فروعها على وجه الأرض ظهور خط الكاتب في الصحيفة البيضاء. فرقاً بين
    المعجزة والسحر إذ السحر خيال لا يُرى له من الأثر الحقيقي شيء.

    مِثل الغمامةِ أنّى سارَ سائرةً *** تقيه حرَّ وطيسٍ للهَجيرِ حَمىِ

    ولا غرابة في سعي الشجرة إليه. إذ لا فرق بين سعي الشجرة إليه وتظليل
    الغمامة إياه وقاية من الشمس المحرقة في وسط الصحراء القفرة فكلاهما معجزة
    خارقة للعادة وقد اعترفوا بتظليل الغمامة قبل الرسالة فلم لا يعترفون بسعي
    الشجرة بعدها!



    أقسمتُ بالقمرِ المُنشَقِّ إنَّ لَهُ *** من قلبه نِسْبَةً مبرورة القَسَمِ

    وإني لأُقسم بالقمر الذي انشق له انشقاقاً محسوسا كما شق جبريل صدره
    الشريف شقاً حقيقيا، أقسم أنَّ بين انشقاق قلبه وانشقاق القمر نسبة لا
    مماراة فيها ولا إيهام.

    وما حوى الغار من خيرٍ ومن كَرَمٍ *** وكُلُّ طرْفٍ من الكُفّار عنهُ عَمِي

    وأقسم بما حوى الغار من خير ومن كرم عميت عيون الكفار عن الاهتداء إليه.

    فالصِّدْقُ في الغار والصّدِّيقُ لَم يَرما *** وهُم يقولون ما بالغار مِن أرِمِ

    إن النبي صلى الله عليه وسلم والصدّيق أبا بكر في الغار لم يبرحاه. وعمي الأبصار والبصائر ممن يبحثون عنهما يقولون ما بالغار أحد.

    ظنّوا الحمامَ وظنّوا العنكبوتَ على *** خيرِ البرِيَّةِ لَمْ تَنْسُجْ وَلَمْ تَحُمِ

    كبر على عقولهم الناقصة أن يُمكن الله العناكب من نسج
    خيوطها والحمام من طرح بيضها في بعض يوم. دفاعا عنه وصديقه إذ هما في
    الغار. فينصرهما العزيز القهار. وهما ضعيفان أعزلان لا حول لهما إلا
    بالله. وما هي إلا آية أيده الله بها لإنكارهم سعي الشجرة وانشقاق القمر،
    حقا إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

    وقاية الله أغنت عن مُضاعفةٍ *** مِن الدُّروعِ وعن عالٍ من الأُطُم

    فيا أيها الأغبياء البلهاء، لا تعدوا ذلك مستحيلا لأنَّ العناكب والحمام
    سببان ظاهريان والفاعل في الحقيقة هو الله بقدرته العلية. وما إسناد الفعل
    لهذه المخلوقات الضعيفة إلا استهزاء بجبروتكم وتعجيزاً لقوتكم وحطّاً
    لكرامتكم التي تدعونها. وليس تصديق هذا بكبير عليكم لو رجعتم إلى العقل
    وخالفتم الشيطان لأنكم شاهدتموه بأعينكم ولمستموه بأيديكم... وإنه ليسير
    علينا التصديق به على السماع دون المشاهدة فما لكم لا تؤمنون؟ فبعدا للقوم
    الكافرين.. اللهم إني آمنت وصدقت بأن وقاية الله بهذين الحيوانين الضعيفين
    أشد وأعظم من وقاية الحصون المنيعة والدروع المضاعفة.

    ما سامني الدهرُ ضيماً واستجرتُ بِهِ ***إلاّ ونِلتُ جِواراً مِنهُ لَمْ يُضَمِ

    أقسمت بما مرّ جميعه أنني ما وقعت في شدة ولا ضرني أمر
    واستجرت بهذا الرسول إلا ونلت ما رجوت ونجوت مما خفت بما له عند الله من
    مكانة. حتى ازددت إيماناً به ويقيناً بصدق دعوته. إن كان بعد تصديق المؤمن
    ويقينه مزيد.

    ولا التمسْتُ غنى الدّارينِ من يَدِهِ *** إلاّ استَلَمْتُ النَّدى مِنْ خيرِ مُسْتَلَمِ

    ولا عضني الدهر وجردني الفقر وأزعجتني المعاصي والتمست غنى الدارين منه
    صلى الله عليه وسلم إلا استلمت عطاء جما وخيرا عميما من كريم، وتلك شيمة
    العرب العرباء فما بالك بسيد الأنبياء.

    لا تُنكرِ الوَحيَ من رؤياهُ إنَّ لهُ*** قلباً إذا نامتِ العينانِ لَمْ يَنَمِ

    فمتى علمت ما وهبه الله في صِغره من جميل الخصال كالأدب في اليتم والعلم
    مع الأُمية وتظليل الغمام وإزعاج الأعجام وتكسير الأصنام. فلا تُنكر أن
    رؤياه وحي من عند الله إذ هو ليس مثلي ومثلك لأنه إذا نامت عيناه فقلبه لا
    ينام. فما يراه في منامه حق لا خيال فيه ولا إيهام.

    وذاك حين بلوغٍ من نبوتِهِ*** فليس يُنكر فيه حال مُحتلمِ

    خصوصاً وأن هذه الرؤيا كانت بعد بلوغه السن التي أهلته لان يكون نبياً
    ورسولا وهاديا وواسطة بين الله وبين خلقه حيث تمت مداركه وحيث لا تنكر
    رؤيا راءٍ.



    تبارك اللهُ ما وحيٌ بِمُكتَسَبٍ*** ولا نبيٌّ على غيبٍ بِمُتَّهَمِ

    تنزه الله عن أن يجعل وحيه تحت سلطان أية قوة روحية حتى يكتسبه من يريده
    بالرياضة والعبادة وتنزه عن أن يتخذ نبياً كذوبا حتى يتهم فيما يخبر به من
    الأمور الغيبية.

    كم أبرَأَتْ وَصباً باللمسِ راحتُهُ*** وأطلقَتْ أَرِباً من رِبْقَةِ اللّمَمِ

    وكيف يتهم فيما ادعاه؟ وكم أبرأت مريضا باللمس راحته. وأطلقت مخبولا مسه
    الجن من أسر شيطان مارد فعاد إليه عقله ورد إليه صوابه بعد الجنون.

    وأحيتِ السَّنةَ الشَّهباءَ دعوتُهُ*** حتّى حَكَتْ غُرَّةً في الأعصُرِ الدُّهُمِ

    وناهيك بدعوة أنقذت العرب من سنة مجدبة أهلكت الحرث والنسل. إذ جف الضرع
    واحترق الزرع. وكثرت الشكوى. وعظم البلاء. فإذا بغيث هاطل يأتي بدعة منه
    وماء منهمر يلجئ طالب الماء إلى الإسراع بالعودة إليه لطلب رفعه خوف الغرق
    وخشية التلف فيفعل النبي ذاك رحمة بهم وعطفا عليهم.

    بِعارضٍ جادَ أو خِلتُ البطاحَ بِها *** سيبٌ من اليمِّ أوْ سيلٌ من العَرِمِ

    أجاب الله دعوة الرسول بطلب
    الماء. فأرسل سحاباً ممطراً لم يزل يجود بماء منهمر حتى خُيل للرائي أن
    بمسيل الماء في الأراضي الواسعة سيباً من بحر عظيمٍ أو سيلا كسيل العرم.


    في شرف القرءان ومدحه



    دعني ووصفِيَ آياتٍ لهُ ظَهَرَتْ *** ظهور نارِ القرى ليلاً على علمِ

    أما وقد وقفت على كثير من معجزاته الباهرة فدعني أصِفُ لك معجزة من
    معجزاته التي ظهرت ظهور نارٍ عظيمة على قمة جبل عالٍ. فعمَّ الكون نورها
    فانتفع بها من آمن بها ومن جحدها. فهي المُعجزة الخالدة التي بقيت تفقأ
    عين الجاحدين وتفضح المتفلسفين. ألا وهي القرءان المبين.

    فالدُّرُّ يزداد حُسناً وهو منتظمٌ *** وليس يَنقُصُ قدراً غير مُنتظمِ

    فإنَّ اجتماع هذه الآيات يزيد في حسنها وإن كان في كل
    واحدة بمفردها من الحُسن ما لا يمكن وصفه ولا تُقدَّر قيمته كالدُّرِّ
    يزداد حسناً إذا انتظم عقداً ويظلُّ حافظاً قيمته وهو غير منظوم.

    فما تطاول آمال المديح إلى *** ما فيه من كرمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ

    إذ ليس في مقدور أحد الوصول إلى حقيقة ما فيه من
    الأخلاق الكريمة والصفات الجميلة وكيف يُمكن أن يصِل إلى حقيقته مخلوقٌ
    بعد أن مدحه الله في كتابه ووصفه بآياته. فقال تعالى: {لقد جاءكم رسولٌ من
    أنفسِكم عزيزٌ عليه ما عَنِتُّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}. وقال:
    {وإنك لعلى خلق عظيم}، وقال: {إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً
    إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا}. وقال في ذم من ذمه: {إنا أعطيناك الكوثر،
    فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر}. وقال: {تبت يدا أبي لهب وتب * ما
    أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب * وامرأته حمالة الحطب * في
    جيدها حبل من مسد}. وقال يهدىء روعه عندما توقف الوحي من النزول لفترة
    إليه: {والضحى * والليل إذا سجى * ما ودعك ربك وما قلى * وللآخرة خير لك
    من الأولى * ولسوف يُعطيك ربكَ فترضى}.. إلى غير ذلك الكثير الكثير.

    دامت لدينا فقامت كُلَّ مُعجِزَةٍ *** من النَّبيين إذ جاءت ولَمْ تَدُمِ

    فهي الآيات الحقَّة القديمة المعنى التي أُنزلت على سيدنا محمد صلى الله
    عليه وسلم فصارت جديدة اللفظ. صالحة لكلِّ زمان ومكان لا فرق بين قطر وقطر
    ونوع من بني آدم ونوع وكيف لا وهي من عند من خلق الجميع ونوَّع معاشهم
    وفاوت بين عقولهم وعلم مستقبل حياتهم حتى تقوم الساعة وتنتهي الدنيا.

    لَمْ تَقْتَرِن بزمانٍ وهيَ تَخْبِرُنا *** عنِ المَعادِ وعَنْ عادٍ وعَنْ إرَمِ

    لم تظهر في غير زمن النبي مع أنها أخبرت عن الآتي
    المعاد وعن الماضي كقصة عاد وإرم ذات العماد. حتى لا يتهمها متهم في الآتي
    لصدقها في الماضي الذي خفي أمره إلا على قليل من أهل الكتاب. وقد جاءت هي
    على لسان أُمي لا يقرأ المكتوب ولا يكتب بعيد عن العلماء والرهبان فسبحان
    من أنطق كل لسان.

    آيات حقٍّ من الرحمنِ مُحدَثَةٌ *** قديمةٌ صِفةُ المَوصوفِ بِالقِدَمِ

    وقد فاقت معجزة القرءان كل معجزة جاء بها النبيون أممهم لأن معجزاتهم
    انتهت بموتهم أما هذه فدائمة تكر السنون وتمر العصور وتتبدل الدول. وهي هي
    لم تتغير ولم تتبدل. محافظة على كأنها الأول من قوة الحجة وإصابة
    المحجة.....{إنّا نحنُ نزَّلنا الذكر وإنّا لهُ لحافظون}.

    مُحكماتٌ فما تُبْقِيَن مِن شُبَهٍ *** لِذي شِقاقٍ وما تبْغينَ من حِكَمِ

    آيات محكمة تنفي كل شبهة عن شديد الخصومة قوي الجدل.
    المتعصب لغير ما أمرت به فهي غير محتاجة إلى قاض يحكم بينها وبين من
    يجادلها. لأنها الحجة الواضحة والحكم العدل البعيد عن الهوى المنزه عن الغرض.

    ما حورِبَتْ قَطُّ إلاّ عادَ من حَربٍ *** أعدى الأعادي إليها مُلْقِيَ السَّلَمِ

    ما اعتدى عليها عدو من أشد أعدائها إلا عاد بعد التعب مغلوباً معترفاً
    بتفوقها على كل حجة وغلبتها لكل مجادل واعترف بأنها منزهة عن كلام البشر
    وبلاغته.

    رَدَّتْ بلاغتُها دعوى مُعارِضِها *** رَدَّ الغيور يَدَ الجاني عَنِ الحُرَمِ

    وما عارضها معارض من المفترين الذين كذبوا فادعوا أنها
    من كلام البشر وادعوا قدرتهم على الإتيان بمثلها. إلا وردته بلاغتها
    مقهوراً مقرأً بالعجز كما يرد البطل المقدام يد المعتدي التي امتدت إلى ما
    في حمايته من الحرم والمال.

    لها معانٍ كموجِ البحر في مَدَدٍ *** وفوْقَ جوهَرِهِ في الحُسْنِ والقِيَمِ

    أما معانيها فكموج البحر لا تعد ولا تحصى ولا تستقصى.
    وكيف لا وقد مر على ظهورها زهاء ألف وأربعمائة عام وجبابرة العقول من
    العلماء يعرضون لها فيشرحونها. كل على قدر ما وهبه الله من فهم. والى الآن
    لم يصل أحد إلى ساحل بحرها. فكيف يقدر بشر على إخراج أسرارها. لا سيما أن
    بحرها عظيم الغور كبير الخطر لا يصل إليه إلا من اصطفاه الله لفيض نور
    إلهامه من النبيين والصديقين والصالحين. كل على قدر منزلته عند ربه.

    فما تُعدُّ ولا تُحصى عجائبها *** ولا تُسام على الإكثار بالسأمِ

    ولكل باحث عليم في فهم معانيها طرق تظهر فيها عجائب.
    من حسن في التركيب وجمال في التشبيه. وإبداع في الاستعارة. وإصابة في
    الحكم. مما دل على أن عجائبها لا تحصى. وهي مع كثرة معانيها وتنوع مرامي
    بلاغتها. لا يسأم متتبعها وتاليها، لحلاوة مذاقها وعذوبة ألفاظها وغرابة
    ما فيها من جمال يتجلى للمتأمل البصير. وإتقان يحير كل فطن خبير.

    قَرَّت بها عينُ قاريها فقلت لهُ *** لقد ظفرتَ بحبل الله فاعتصم

    قرت بها عين القارىء المتدبر الحريص على فهم ما حوت
    من أمر ونهي وترغيب وترهيب ووعد ووعيد فقلت له لقد ظفرت بباب النجاة فاعمل
    بما فيها تعتصم من كل ما تخشى وتخاف. فهي مفتاح السعادة ودليل الخيرات.

    إن تتلُها خيفةً من حر نار لظى *** أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِمِ

    لأنك إذا تلوتها خوفاً من النار وُقيت شر النار لأنها مخلوق الهي تتلاشى
    أمامها كل حرارة مهما عظمت قوتها واشتد خطرها. وان تلوتها طلبا للثواب
    ورضاء الواحد الوهاب. بلغت المراد وما تعدت السداد.

    كأنها الحوض تبيَضُّ الوجوه به *** من العصاة وقد جاؤوهُ كالحُمَمِ

    ولا غرابة في ذلك. فهي كالحوض الموعود به في الآخرة. إذ يخرج العصاة من
    النار محترقين كالفحم فيغتسلون به فتبيض وجوههم وتعود أجسامهم إلى حالتها
    الطبيعية، فهكذا هي. يتذكر المتدبر أثناء تلاوتها زلاّته فيندم ويقبل على
    الله تائباً نادماً على ما مضى. يطلب العفو والرضا. وهي التوبة الحقة
    الصادقة التي تزيل سواد القلوب وتغسل الذنوب عمن يتوب.

    وكالصراط وكالميزان مُعْدَلَةً *** فالقِسطُ من غيرها في الناس لَمْ يَقُمِ

    وكالصراط وكالميزان تميز الخبيث من الطيب والتام من الناقص تقول لمن رجحت
    كفة خطاياه ويل لك على ما فرّط في حقوق الله فيرجع عن طريق الخسران من
    كتبت له السعادة. وتقول لمن اتبع الأوامر واجتنب النواهي. طوبى لك فهي
    جزاء المتقين.

    لا تعجَبَنْ لحسودٍ راحَ يُنكرها *** تجاهُلاً وَهْوَ عينُ الحاذِقِ الفَهِمِ

    فلا تعجب بعد كل هذا من تجاهل حاسد لها وإنكاره
    إياها وهو يعلم ما تضمنته من حِكَم غَوالٍ وهدي بيّن فإن هذا من لوازم
    الحسد وهو لا يحط من قدرها لأنه لا يُحسد إلا من تمّت نعمته وبلغ العلى في
    كماله.

    قد تُنكِرُ العَيْنُ ضوْءَ الشمسِ مِنْ رَمَدٍ *** ويُنكِرُ الفَمُ طَعْمَ الماءِ من سَقَم

    نعم لا تعجب، فالعين قد تُنكر ضوء الشمس وهي طالعة لألم ألمّ بها لا تقوى
    معه على رؤية النور. والفم ينكر طعم الماء العذب الصافي لمرض حل به. ولا
    يحط من قدر الشمس والماء هذا الإنكار الذي ينكره الذوق والعيان. فلا غرابة
    في إنكار معجزة القرءان إذاً ممن ختم الله على قلبه وتسيطر الشيطان على
    حواسه.


    في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم




    يا خير من يمَّمَ العافونَ ساحتَهُ *** سعياً وفوق مُتونِ الأينُقِ الرُّسُمِ

    يا خير من قصد المحتاجون حرمه مشاة وركبانا طلبا لما عجزوا عن الوصول إليه من غيرك.

    ومَنْ هوَ الآيَةُ الكُبرى لِمُعتَبِرٍ*** ومن هو النِّعْمَةُ العُظمى لِمُغتَنم

    ويا من هو المعجزة العظيمة للمتعظ الذي يُحكّم العقل فيما جاء على يده من
    معجزات مشاهدات باهرات. ويا من هو النعمة العظيمة لمن يريد اغتنام القربات
    المنجيات.

    سَرَيْت من حرمٍ ليلاً إلى حَرَمٍ *** كما سرى البَدْرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ

    لقد سرت من الحرم المكي إلى بيت المقدس ثم عدت في بعض ليلة. كما سرى البدر في الليلة الظلماء من المشرق إلى المغرب.

    وبِتَّ ترقى إلى أنْ نِلْتَ مَنْزِلَةً *** من قابِ قوسَيْنِ لَمْ تُدرَكْ وَلَمْ تُرَمِ

    وفي هذا الزمن اليسير عرجت إلى السموات العلا حتى صرت قاب قوسين أو أدنى
    كما أخبر الله تبارك وتعالى بذلك في القرءان الكريم، وقد قالت السيدة
    عائشة رضي الله عنها أنا أول من سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن هذه
    الآية: {ثُمَّ دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى}. فقال لي: هو جبريل يا
    عائشة.

    وَقَدَّمَتْكَ جميعُ الأنبياءِ بِها *** والرُّسْلِ تقديمَ مخدومٍ على خَدَمِ

    وقدمتك جميع الأنبياء والرسل حيث صليت بهم إماما في المسجد الأقصى فكان
    تقديمك تقديم السيد وهو أكبر دليل على علو مقامك عن مقامات الأنبياء
    والمرسلين أجمعين.

    وأنتَ تَخْترِقُ السَّبعَ الطِّباقَ بِهم *** في موكِبٍ كُنْتَ فيهِ صاحبَ العَلَمِ

    حيث صعدت تخترق السموات السبع بهم في موكب عظيم كنت أنت فيه القائد الأعظم صاحب العلم الأكبر.

    حتى إذا لم تدَعْ شأواً لِمُستبقٍ *** من الدنوِّ ولا مَرقىً لِمُستنِمِ

    حتى إذا وصلت إلى مقام لا ينبغي لأحد سواك اعتلاؤه تأخر الجميع وتقدمت حتى دنوت مقام الشرف.

    خفضتَ كلَّ مقامٍ بالإضافةِ إذ *** نوديتَ بالرفعِ مثل المُفردِ العَلَمِ

    فكان كل مقام من مقامات الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين بالنسبة
    إلى مقامك أصغر وإذ سمعت صرير الأقلام. نوديت من قبل العلي القدير بيا
    محمد.

    كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مُستتِرٍ *** عن العيونِ وسِرٍ أيِّ مُكتتمِ

    نوديت لتتمتع بحب الله المنزه عن الكيف. ولتُمنح من لدنه تعالى عظيمات الأسرار الإلهية.

    فحُزتَ كلَّ فَخارٍ غير مُشترَكٍ *** وجُزتَ كل مقامٍ غَيْرِ مزدَحَمِ

    فحزت بهذا التفضل الإلهي فخراً لا يشاركك فيه أحد وتعديت كل مقام حتى صرت فردا لا يزاحمك مزاحم.

    وجل مقدارُ ما وُليتَ من رُتبٍ *** وعزَّ إدراك ما أُتيتَ من نِعَمِ

    فما أعظم ما أولاك الله من المراتب العلية. وما أعز على غيرك إدراك بعض ما أولاك الله من نعم سنية.

    بُشرى لنا معشر الإسلام إنّ لنا *** من العناية ركناً غير مُنهَدِمِ

    فبشرى لنا بك يا أشرف الخلق فإن لنا بك من عناية الله ورحمته وغفرانه ركنا
    قوياً لا تزعزعه عواصف المعاصي. ولا تؤثر فيه زلازل الخطايا.


    [/BACKGROUND]

  4. #4
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8
    [BACKGROUND="80 #CCCCFF"]والآن مع قصيدة ::----------

    أزمعوا البين وشدوا الركابا

    أزمعوا البين وشدوا الركابا**فاطلبِ الصبرَ وخَلِّ العِتابا
    ودنا التَّودِيع مِمَّنْ وَدِدْنا**أنَّهم داموا لدينا غِضابا
    فاقْرِ ضَيْفَ البَيْنِ دمعاً مُذالاً**يا أخا الوجدة قلباً مذابا
    فمَنِ اللائِمُ صبّاً مَشُوقاً** أَنْ بَكى أحْبابَهُ والشَّبابا
    إنما أغرى بنا الوجد أنا**ما حسبنا لفراق حسابا
    وَعُرِيْبٌ جَعَلُوا بالمَصَلَّى**كل قلب يوم ساروا نهابا
    عَجَباً كيف رضُوا أنْ يَحلُّوا**مِنْ قلوبٍ أحرقوها قِبابا
    أضْحَتِ الأرضُ التي جاوَرُوها**يَحْسُدُ العَنْبَرُ منها الترابا
    لاتكذب خبراً أن سلمى** سَحَبَتْ بالتُّرْبِ ذَيْلاً فَطابا
    وَكَسَتْهُ حُلَلَ الرَّوْضِ حتى**تَوَّجَتْ منها الرُّبَا وَالهِضابا
    ابْتَسَمَتْ عَنْ مِثْلِ كأْسِ الحُمَيَّا**نَظَمَ الماءُ عليها حَبابا
    سُمْتُها لَثْمَ الثنايا فقالتْ** إنَّ مِنْ دُونِكَ سُبْلاً صِعابا
    حرست عقرب صدغي خدي**وَحَمَتْ حَيَّة ُ شَعْري الرُّضابا
    وَيْحَ مَنْ يَطْلُبُ مِنْ وَجْنَتَيَّ الـ**ـوَرْد أوْ مِنْ شَفَتَيَّ الشَّرابا
    حق من كان لهحب سلمى**شُغُلاً أنْ يَسْتَلِذَّ العذابا
    ولمن يمدح خير البرايا** أَنْ يَرَى الفَقْرَ عَطءً حِسابا
    وَكفاني باتِّباسثعِي طَرِيقاً**رغب المختار فيها رغابا
    كلما أُوتِيتُ منها نَصِيباً** قُلْتُ إني قدْ مَلكْتُ النِّصابا
    يا حَبيباً وَشَفِيعاً مُطاعاً** حَسْبُنَا أنَّ إليك الإيابا
    لم نقل فيك مقال النصارى**إذ أضلوا في المسيح الصوابا
    إنما أنت نذير مبين**أنزل الله عليك الكتابا
    بلسان عربي بليغ**أفحم العرب فعيَّت جوابا
    يطمع الأسماع فيه بياناً**وسنا طبه على العقل يابا
    حَوَتِ الكُتْبُ لُبَاباً وَقِشْراً**وهو حاو من اللباب لبابا
    يَجْلِبُ الدُّرَّ إلى سامِعِيه** كلمٌ لم ير فيه اجتلابا
    أشرقت أنواره فرأينا الرأ**سَ رَأْساً وَالذُّنابِي ذُنابا
    وَرأَى الكُفَّارُ ظِلاَّ فَضَلُّوا**وَيْحَهُمْ ظَنُّوا السَّرابَ الشَّرابا
    وإذا لم يصح باعلم ذوق**وجد الشهد من الجهل صابا
    كيف يهدي الله منهم عنيداً**كلما أَبْصَرَ حقّاً تَغَابى
    وَإذا جِئْتَ بآياتِ صدْقٍ** لم تَزِدْهم بِكَ إلاَّ ارْتيابا
    عاقب ماحٍ محا الله عنك**بك ما نحذر منه العقابا
    خصه الله بخلق كريم**ودعا الفضل له فاستجابا
    وله من قاب قوسين ما شر**ف قوسين بذكر وقابا
    مِنْ دُنُوٍّ وَشُهُودٍ وَسِرٍّ**بانَ عنه كلُّ وَاشٍ وغابا
    وَعلومٍ كَشَفَتْ كلَّ لَبْسٍ** وجلتْ عن كل شمسٍ ضبابا
    لم ينلها باكتسابٍ وفضلُ اللــهِ ماليس ينالُ اكتسابا
    وإذا زار حبيبٌ محباً**لاتسل عن زائر كيف آبا
    كل من تابعه نال منه**نَسَباً مِنْ كلِّ فضل قِرابا
    شرف الأنساب طوبى لأصلٍ**وَلِفَرْعٍ حازَ منه انتسابا
    دِينه الحقُّ فدَعْ ما سِواه**وخذ الماء وخلِّ السرابا
    جعل الزهد له والعطايا** والتقى والبأسَ والبرَّ دَابا
    أنقذَ الهلكى وربى اليتامى**وفَدَى الأسرَى وفَكَّ الرِّقابا
    بصر العمى فياليت عيني**مُلِئَتْ مِنْ أَخمَصيَه تُرابا
    أَسْمَعَ الصُّمَّ فَمنْ لي بِسَمْعِي**لو تَلَقَّى لفْظَهُ المُستطابا
    ودعا الهيجاء فارتاحت السـ**ـمر اهتزازاً والسيوف انتدابا
    تطربُ الخيلُ برقع فتختا**لُ إلى الحربِ وتَعْدوا طِرابا
    مِنْ عِتَاقٍ رَكِبَتْها كُماة** ٌ لم يخافوا للمنون ارتكابا
    كلُّ نَدْبٍ لوْ حَكَى غَرْبَهُ السَّيْـ**ـفُ لَمَا اسْتصحبَ سَيْفٌ قِرَابا
    قاطعَ الأهلِينَ في الله جَهْراً**لَمْ يَخَفْ لَوْماً ولم يَخْشَ عتابا
    لم يبالِ حين يغدو مصيباً**في الوغى أو حِين يَغْدوا مُصابا
    مِنْ حُمَاة ٍ نَصَروا الدِّينَ حتى**أصبح الإسلام أحمى جنابا
    رَفعُوا الإسلامَ مِنْ فوقِ خيْلٍ**أَرْكَبَتْ كلَّ عُقَابٍ عُقابا
    خضبوا البيض من الهام حمراً**ما تَزالُ البِيضُ تَهْوَى الخِضابا
    لم يريدوا بذكورٍ جلوها** لِلحُرُوبِ العُونِ إلاّ الضِّرَابا
    أَرْغَمَ الهادي أُنُوفَ الأَعادي**برضاهم وأذلَّ الرقابا
    فأطاعته الملوك اضطراراً**وأجابته الحصونُ اضطرابا
    وصناديدُ قُرَيْش سَقاها**حَتْفَها سَقْيَ اللِّقاحِ السِّقابا
    حَلَبُوا شَطْرَيْهِ في الجودِ والبَأْ**سِ فأَحْلَى وأَمَرَّ الحِلابا
    وجَدُوا أخْلاَفَ أخْلاَقِهِ في الخِصْـ**ـبِ والجدبِ تعاف الخصابا
    درُّها أطيبُ درٍّ فإن أمـ** ـكنك الحلبُ فراعِ العِطابا
    جَيَّشَ الجَيْشَ وسرى السرايا**ودعا الخيلَ عقاقا عرابا
    وهْوَ المَنْصُورُ بالرُّعْبِ لو شا**ءَ لأغنى الرعب عنها ونابا
    لو تَرى الأَحزابَ طاروا فِراراً**خلتهم بين يديه ذبابا
    أَوَلَم تَعجبْ له وهوَ بَحْرٌ**كيف يَسْتَسْقِي نَدَاهُ السَّحابا
    كانتِ الأرض مواتاً فأحيا**بالحيا منها المواتَ انسكابا
    نزعتْ عنها من المحلِ ثوباً**وكَستْها مِنْ رِياضٍ ثيابا
    سَيِّدٌ كيفَ تأَمَّلْتَ معنا**هُ رَأتْ عَيْناكَ أَمراً عُجابا
    من يزرهُ مثقلاً بالخطايا**عادَ مَغْفُورَ الخطايا مُثابا
    ذكره في الناسِ ذكرٌ جميلٌ**قال للكونينِ طيبا فطابا
    وسِعَ العَالمَ عِلْماً وجُوداً**فدعا كلاً وأرضى خطابا
    فَتَحَلَّتْ منه قَوْمٌ عُقُوداً**وتحلَّت منه قومٌ سِخابا
    ليتني كنتُ فيمن رآهُ**أتقى عنهالأذى والسِّبابا
    يومَ نالتهُ بإفكٍ يهودٌ**مثلما استنبحَ بدرٌ كِلابا
    فادْعُني حَسَّانَ مَدْحٍ وزِدْني**إنني أحسنت منه المنابا
    يارسول الله عذراً إذا هِبْـ**ـتُ مقاماً حقه أن يهابا
    إنني قُمْتُ خَطيباً بِمَدْحِيـ** ـك ومن يملك منه الخطابا
    وتَرَامَيْتُ به في بِحارٍ**مُكْثراً أمواجَها والعُبابا
    بقوافٍ شُرِعتْ لأعادي** وجَدُوها في نفوسٍ حِرَابا
    هي أمضى من ظبي البيض حداً**في أعادِيكَ وأنْكَى ذُبابا
    فارضه جهدَ محبٍ مقلٍّ** صانهُ حبك من أن يُعابا
    شابَ ففي الإسلام لكن له فيـ**ـكَ فؤادٌ حبه لن يُشابا
    يَتهَنَّى بالأمانيِّ إنَّهُ** قبلَ مماتٍ أنابا
    كلما أوسعه الشيبُ وعظا**ضيَّقَ الخوفُ عليه الرحابا
    ضَيَّعَ الحَزْمَ وفيه شباب**وأتى معتذرا حين شابا
    وغدا من سوءِ ماقد جناهُ**نادِماً يَقْرَعُ سِنَّاً وَنابا
    أفلا أرجو لذنبي شفيعاً**مارجاه قط راجٍ فخابا
    أحمد الهادي الذي كلما جئـ**ـتُ إليه مُسْتَثِيباً أثابا
    فاعذِروا في حُبِّ خيرِ البرايا**إن غبطنا أو حسدنا الصحابا
    إن بدا شمساً وصاروا نجوماً**وطمى بحراً وفروا ثغابا
    أقلَعَتْ سُحْبُ سُفْنِهِمْ سِجالا**من علوم ووردنا انصبابا
    وَغَدَوْنا بينَ وَجْدٍ وَفَقْدٍ**يَعْظُم البُشْرَى به وَالمُصابا
    وَتَبَارَأْنَا من النَّصْبِ وَالرَّفْـ**ـضِ وأوجبنا لكل جنابا
    إن قوماً رضى الله عنهم**مالنا نلقى عليهم غضابا
    إنني في حُبِّهم لا أُحابي** أحداً قط ومن ذا يُحابى
    صلوات الله تَتْرَى عليه** وعليهم طيباتٌ عذابا
    يفتحُ اللهُ علينا بها من**جودهِ والفضلِ بابا فبابا
    ماانتضى الشرقُ من الصبحِ سيفاً**وَفَرَى مِنْ جُنْحِ لَيلٍ إهابا

    [/BACKGROUND]

  5. #5
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8
    [BACKGROUND="80 #CCCCFF"]
    اما قصيدة بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ فهي قصيدة راااااااائعة

    ---------------------------------------------------------------------------------------------------

    بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ

    بِمَدْحِ المصطفى تَحيا القلوبُ**وتُغْتَفَرُ الخطايا والذُّنُوبُ
    وأرجو أن أعيشَ بهِ سعيداً**وَألقاهُ وَليس عَلَيّ حُوبُ
    نبي كامل الأوصافِ تمت**محاسنه فقيل له الحبيبُ
    يُفَرِّجُ ذِكْرُهُ الكُرُباتِ عنا**إذا نَزَلَتْ بساحَتِنا الكُروبُ
    مدائحُه تَزِيدُ القَلْبَ شَوْقا**ًإليه كأنها حَلْيٌ وَطيبُ
    وأذكرهُ وليلُ الخطبِ داجٍ**عَلَيَّ فَتَنْجلِي عني الخُطوبُ
    وَصَفْتُ شمائلاً منه حِساناً**فما أدري أمدحٌ أمْ نسيبُ
    وَمَنْ لي أنْ أرى منه محَيًّا**ًيُسَرُّ بحسنِهِ القلْبُ الكئِيبُ
    كأنَّ حديثَه زَهْرٌ نَضِيرٌ** وحاملَ زهرهِ غصنٌ رطيبُ
    ولي طرفٌ لمرآهُ مشوقٌ**وَلِي قلب لِذِكْراهُ طَروبُ
    تبوأ قاب قوسين اختصاصا**ًولا واشٍ هناك ولا رقيبُ
    مناصبهُ السنيّة ليس فيها**لإنسانٍ وَلاَ مَلَكٍ نَصِيبُ
    رَحِيبُ الصَّدْرِ ضاقَ الكَوْنُ عما**تَضَمَّنَ ذلك الصَّدْرُ الرحيبُ
    يجدد في قعودٍ أو قيام**ٍله شوقي المدرس والخطيبُ
    على قدرٍ يمد الناس علما**كما يُعْطِيك أدْوِيَة ً طبيبُ
    وَتَسْتَهْدِي القلوبُ النُّورَ منه**كما استهدى من البحر القليبُ
    بدت للناس منه شموسُ علم**ٍطَوالِعَ ما تَزُولُ وَلا تَغِيبُ
    وألهمنا به التقوى فشقتْ**لنا عمَّا أكَنَّتْهُ الغُيُوبُ
    خلائِقُهُ مَوَاهِبُ دُونَ كَسْبٍ**وشَتَّانَ المَوَاهِبُ والكُسُوبُ
    مهذبة ٌ بنور الله ليست** كأخلاق يهذبها اللبيبُ
    وَآدابُ النُّبُوَّة ِ مُعجزاتٌ** فكيف يَنالُها الرجُلُ الأديبُ
    أَبْيَنَ مِنَ الطِّباعِ دَماً وَفَرْثا**ًوجاءت مثلَ ما جاء الحليبُ
    سَمِعْنا الوَحْيَ مِنْ فِيه صريحا**ًكغادية عزاليها تصوبُ
    فلا قَوْلٌ وَلا عَمَلٌ لَدَيْها** بفاحِشَة ٍ وَلا بِهَوى ً مَشُوبُ
    وَبالأهواءُ تَخْتَلِفُ المساعي**وتَفْتَرِق المذاهب وَالشُّعوبُ
    ولما صار ذاك الغيث سيلاً**علاهُ من الثرى الزبدُالغريبُ
    فلاتنسبْ لقول الله ريباً** فما في قولِ رَبِّك ما يَرِيبُ
    فإن تَخُلُقْ لهُ الأعداءُ عَيْبا**ًفَقَوْلُ العَائِبِينَ هو المَعيبُ
    فَخالِفْ أُمَّتَيْ موسى وَعيسى**فما فيهم لخالقه منيبُ
    فَقَوْمٌ منهم فُتِنُوا بِعِجْلٍ**وَقَوْماً منهمْ فَتَنَ الصَّليبُ
    وَأحبارٌ تَقُولُ لَهُ شَبِيهٌ**وَرُهْبَانٌ تَقُولُ لَهُ ضَرِيبُ
    وَإنَّ محمداً لرَسولُ حَقٍّ**حسيبٌ فينبوته نسيبُ
    أمين صادقٌ برٌّ تقيٌّ**عليمٌ ماجِدٌ هادٍ وَهُوبُ
    يريك على الرضا والسخط وجها**تَرُوقُ به البَشَاشَة ُ وَالقُطوبُ
    يُضِيءُ بِوَجْهِهِ المِحْرابُ لَيْلا**ًوَتُظْلِمُ في النهارِ به الحُروبُ
    تقدمَ من تقدمَ من نببيّ**ٍ نماهُ وهكذا البطلُ النجيبُ
    وصَدَّقَهُ وحَكَّمَهُ صَبِيّا**ًمن الكفار شبانٌ وشيبُ
    فلما جاءَهم بالحقِّ صَدُّوا**وصد أولئك العجب العجيبُ
    شريعتُهُ صراطٌ مُستقيم**ٌ فليس يمسنا فيها لغوبُ
    عليك بها فإن لها كتابا**ً عليه تحسد الحدق القلوبُ
    ينوب لها عن الكتب المواضي**وليست عنه في حال تنوبُ
    ألم تره ينادي بالتحدي
    **عن الحسن البديعِ به جيوبُ
    وَدَانَ البَدْرُ مُنْشَقّاً إليه**وأفْصَحَ ناطِقاً عَيْرٌ وَذِيبُ
    وجذع النخلِ حنَّ حنينَ ثكلى**لهُ فأَجابهُ نِعْمَ المُجِيبُ
    وَقد سَجَدَتْ لهُ أغصانُ سَرْحٍ**فلِمَ لا يؤْمِنُ الظَّبْيُّ الرَّبيبُ
    وكم من دعوة في المحلِ منها**رَبَتْ وَاهْتَزَّتِ الأرضُ الجَدِيبُ
    وَروَّى عَسْكراً بحلِيبِ شاة** ٍفعاودهم به العيش الخصيبُ
    ومخبولٌ أتاهُ فثاب عقلٌ** إليه ولم نخلهُ له يثوب
    وما ماءٌ تلقى وهو ملحٌ**أُجاجٌ طَعْمُهُ إلاّ يَطِيبُ
    وعينٌ فارقَتْ نظراً فعادت**كما كانت وردّ لها السليبُ
    ومَيْتٌ مُؤذِنٌ بِفِراقِ رُوحٍ**أقام وسرِّيَتْ عنه شعوبُ
    وثَغْرُ مُعَمِّرٍ عُمراً طويلا**ًتُوفي وهو منضودٌ شنيب
    ونخلٌ أثمرتْ في دون عام**ٍفغارَ بها على القنوِ العسيبُ
    ووفى منه سلمانٌ ديونا**ًعليه ما يوفيها جريب
    وجردَ من جريدِ النخلِ سيفاً**فقيل بذاك للسيفِ القضيب
    وهَزَّ ثَبِيرُ عِطْفَيْهِ سُرورا**ًبه كالغصنِ هبتهُ الجنوبُ
    ورَدَّ الفيلَ والأحزابَ طَيْرٌ**وريحٌ مايطاقُ لها هبوبُ
    وفارسُ خانها ماءٌ ونارٌ**فغيِضَ الماءُ وانطفَأَ اللَّهيبُ
    وَقد هَزَّ الحسامَ عليه عاد**ٍبِيَومٍ نَوْمُه فيه هُبوبُ
    فقام المصطفى بالسيفِ يسطو**على الساطي به وله وثوبُ
    وريعَ له أبو جهلٍ بفحل**ٍ ينوبُ عن الهزبرِله نيوبُ
    وشهبٌ أرسلتْ حرساً فخطت**ْعلى طرسِ الظلامِ بها شطوبُ
    ولم أرَ معجزاتٍ مثل ذكر**ٍإليه كلُّ ذِي لُبٍّ يُنِيبُ
    وما آياته تحصى بعدّ**ٍفَيُدْرِكَ شَأْوَها مني طَلوبُ
    طفقتُ أ‘دُّ منها موجَ بحرٍ**وَقَطْراً غَيْثُهُ أَبداً يَصُوبُ
    يَجُودُ سَحابُهُنَّ وَلا انْقِشَاعٌ**وَيَزْخَرُ بَحْرُهُنَّ ولا نُضُوبُ
    فراقك من بوارقها وميضٌ**وشاقك من جواهرها رسوبُ
    هدانا للإله بها نبيٌّ**فضائله إذا تحكى ضروبُ
    وأَخبَرَ تابِعِيِه بِغائِباتٍ**وليس بكائن عنه مَغيبُ
    ولا كتبَ الكتابَ ولا تلاه**فيلحدَ في رسالته المريبُ
    وقد نالوا على الأمم المواضي**به شرفاً فكلهم حسيبُ
    وما كأميرِنا فيهم أمير**ٌ ولا كنقِيبنا لهمُ نقيبُ
    كأن عليمنا لهم نبيّ**ٌلدعوتِهِ الخلائقُ تستجيبُ
    وقد كتبتْ علينا واجبات**ٌ أشَدُّ عليهمُ منها النُّدوبُ
    وما تتضاعفُ الأغلالُ إلا**َّإذا قستِ الرقابُ أو القلوبُ
    ولما قيلَ للكفارِ خُشْب**ٌتحكَّمَ فيهم السيفُ الخشيبُ
    حَكَوْا في ضَرْبِ أمثلة ٍ حَمِيرا**ًفوَاحِدُنا لألْفِهِمُ ضَرُوبُ
    وما علماؤنا إلا سيوفٌ** مواضٍ لاتفلُّ لها غروبُ
    سَراة ٌ لم يَقُلْ منهم سَرِيُّ**لِيَومِ كَرِيهَة ٍ يَوْمٌ عَصِيبُ
    ولم يفتنهمُ ماءٌ نميرٌ**من الدنيا ولا مرعى ً خصيبُ
    ولم تغمضْ لهم ليلاً جفونٌ**ولا ألفتْ مضاجعها جنوبُ
    يشوقكَ منهم كل ابنِ هيجا**على اللأواء محبوبٌ مهيبُ
    له مِنْ نَقْعِها طَرْفٌ كَحِيلٌ**ومِنْ دَمِ أُسْدِها كَفٌّ خَضِيبُ
    وتنهالُ الكتائبُ حين يهوى**إليها مثلَ ما انهال الكثيبُ
    على طرق القنا للموتِ منه**إلى مهجِ العدا أبداً دبيبُ
    يُقَصِّدُ في العِدا سُمْرَ العَوالي**فيَرْجِعُ وهْوَ مسلوبٌ سَلوبُ
    ذوابلُ كالعقودِ لها اطراد**ٌفليس يشوقها إلا التريبُ
    يخرُّ لرمحهِ الرُّوميُّ أني**تيقنَ أنه العودُ الصليبُ
    ويَخْضِبُ سَيفَهُ بِدَمِ النَّواصي**مخافة َ أن يقالَ به مشيبُ
    له في الليل دمعٌ ليس يرقا**وقلبٌ ما يَغِبُّ له وجِيبُ
    رسول الله دعوة َ مستقيل**ٍمن التقصيرِ خاطرهُ هبوبُ
    تعذَّر في المشيبِ وكان عيا**ًوبُردُ شبابه ضافٍ قشيبُ
    ولا عَتْب على مَنْ قامَ يَجْلو**محاسِنَ لا تُرَى معها عيوبُ
    دعاك لكلِّ مُعْضِلة ٍ أَلَّمتْ**به ولكلِّ نائبة ٍ تَنُوبُ
    وللذَّنْبِ الذي ضاقَتْ عليه**به الدنيا وجانبُها رَحيبُ
    يراقبُ منه ما كسبت يداه**فيبكيه كما يبكي الرقوبُ
    وأني يهتدي للرشدِ عاصٍ**لغاربِ كل معصية ٍ ركوبُ
    يَتُوبُ لسانُهُ عَنْ كلِّ ذَنْبٍ**وَلم يَرَ قلبَهُ منه يَتُوبُ
    تقاضتهُ مواهبكَ امتداحاً**وَأوْلَى الناسِ بالمَدْحِ الوَهوبُ
    وأغراني به داعي اقتراحٍ**عليَّ لأمرهِ أبداً وجوبُ
    فقلتُ لِمَنْ يَحُضُّ عَلَى َّ فيه**لعلَّكَ في هواهُ لي نَسيبُ
    دَلَلْتَ عَلَى الهَوَى قلبي فَسَهْمي**وَسَهْمُكَ في الهَوَى كلٌّ مُصيبُ
    لجودِ المصطفى مُدَّت يدانا**وما مدتْ له أيدٍ تخيبُ
    شفاعَتهُ لنا ولكلِّ عاصٍ**بقدرِ ذنوبه منها ذنوبُ
    هُوَ الغَيْثُ السَّكُوبُ نَدًى وَعِلْماً**جَهِلْتُ وما هُوَ الغَيْثُ السَّكوبُ
    صلاة ُ الله ما سارت سَحابٌ**عليه ومارسا وثوى عسيبُ

    [/BACKGROUND]

  6. #6
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    03/09/2012
    الدولة
    الاردن
    المشاركات
    8
    [BACKGROUND="80 #CCCCFF"]وافاك بالذنبِ العظيمِ المذنبُ
    ( البوصيري )


    وافاك بالذنبِ العظيمِ المذنبُ
    خجلاً يعنفُ نفسهُ ويؤنبُ
    لم لا يشوبُ دموعهُ بدمائه
    ذو شيبة ٍ عوراتها ماتخضبُ
    لَعِبَتْ به الدنيا ولولا جَهْلُه
    ما كان في الدنيا يخوضُ ويَلعَبُ
    لَزمَ التَّقَلُّبَ في معَاصي رَبِّهِ
    إذْ باتَ في نَعْمائِه يَتَقلَّبُ
    يستغفرُ الله الذنوبَ وقلبه
    شرهاً على أمثالها يتوثبُ
    يُغْرِي جَوَارِحَهُ عَلَى شَهَوَاتِهِ
    فكأَنَّه فيما استَبَاحَ مُكلِّبُ
    أضْحَى بِمُعْتَرَكِ المَنايا لاهِياً
    فكأَنَّ مُعْتَرَك المنايا مَلْعَبُ
    ضاقت مذاهبه عليه فما له
    إلاّ إلى حرم بطيبة َ مهربُ
    مُتَقَطِّعُ الأسبابِ مِنْ أعمالِهِ
    لكنه برجائه متسببُ
    وقفت بجاه المصطفى آماله
    فكأَنه بذُنوبه يَتَقَرَّبُ
    وَبدا له أنَّ الوُقُوفَ بِبابِهِ
    بابٌ لِغُفْرانِ الذُّنوبِ مُجَرَّبُ
    صلَّى عليه الله إنَّ مَطامِعي
    في جُودِهِ قد غارَ منها أشعَبُ
    لمَ لا يغار وقد رآني دونه
    أدركْتُ مِنْ خَيْرِ الوَرَى ما أَطلُبُ
    ماذا أخافُ إذا وَقَفْتُ بِبابِهِ
    وصَحائِفي سُودٌ ورَأْسيَ أشْيَبُ
    والمصطفى الماحي الذي يمحو الذي
    يحصي الرقيبُ على المسيء ويكتبُ
    بشرٌ سعيدٌ في النفوسِ معظمٌ
    مِقْدارُه وإلى القلوبِ مُحبَّبُ
    بجمالِ صُورَتِهِ تَمَدَّحَ آدَمٌ
    وبيان ِمنطقهِ تشرّفَ يعربُ
    مصباحُ كلِّ فضيلة ٍة إمامها
    وَلِفَضْلِهِ فَضْلُ الخَلائِقِ يُنسَبُ
    ردْ واقتبسْ من فضلهِ فبحارهُ
    ما تَنْتَهي وشُموسُهُ ما تَغرُبُ
    فلكلٍّ سارٍ مِنْ هُداهُ هِدَايَة ٌ
    ولكا عافٍ من نداهُ مشربُ
    وَلكلِّ عَيْنٍ منه بَدْرٌ طالعٌ
    ولكلِّ قلبٍ منه لَيْثٌ أَغْلَبُ
    مَلأَ العوالِمَ عِلْمُهُ وثَنَاءُهُ
    فيه الوجودُ منوَّرٌ ومُطَيَّبُ
    وهبَ الإلهُ لهُ الكمالَ وإنهُ
    في غيرهِ من جنسِ مالا يوهبُ
    كُشِفَ الغِطاءُ لهُ وقد أُسرِي به
    فعُلومُهُ لا شيء عنها يَعْزُبُ
    ولقاب قوسين انتهى فمحلهُ
    من قاب قوسين المحل الأقربُ
    ودَنَا دُنُوّاً لا يُزَاحِمُ مَنْكِباً
    فيه كما زَعَمَ المكَيِّفُ مَنْكِبُ
    فاتَ العبارَة َ والإشارَة َ فضلُهُ
    فعليكَ منه بما يُقالُ ويُكْتَبُ
    صَدِّقْ بما حُدِّثْتَ عنه فَفي الوَرَى
    بالغيبِ عنه مصدقٌ ومكذبُ
    واسمع مناقب للحبيبِفإنها
    في الحسنِ من عنقاءَ مُغربَ أغرب
    مُتَمَكِّنُ الأخلاقِ إلاَّ أنه
    في الحكم يرضى للإله ويغضبُ
    يشفي الصدورَ كلامهُ فداواؤهُ
    طَوْراً يَمُرُّ لها وطَوراً يَعْذُبُ
    فاطْرَبْ لتَسْبيحِ الحَصَى في كَفِّهِ
    وَيَلَذُّ منْ كَرَمٍ لهم أن يَسْغَبُوا
    والجِذْعُ حَنَّ لهُ وباتَ كمُغرَمٍ
    قَلِقِ بِفَقَدِ حَبيبهِ يَتَكَرَّبُ
    وسعتْ له الأحجارُ فهي لأمرهِ
    تأتي إليه كما يشاءُ وتذهبُ
    واهْتَزَّ مِنْ فَرَحٍ ثَبِيرٌ تَحْتَهُ
    وَمِنَ الجِبالِ مُسَبِّحٌ ومُؤَوِّبُ
    والنَّخْلُ أَثْمَر غَرْسهُ في عامِهِ
    وَبَدا مُعَنْدَمُ زَهْوِهِ والمَذْهبُ
    وَبَنانُهُ بالماءِ أَرْوَى عَسْكراً
    فكأنه من ديمة ٍ يتصببُ
    والشَّاة ُ إذْ عَطَشَ الرَّعِيلُ سَقَتْهُمُ
    وهم ثلاثُ مئينَ مما يحلبُ
    وشَفى جميعَ المُؤْلِمَات بِرِيقه
    يا طِيبَ ما يَرْقي به ويُطَيِّبُ
    ومشى تظلله الغمامُ لظلها
    ذَبْلٌ عليه في الهواجِر يُسْحبُ
    وتَكَلَّم الأطفالُ والمَوْتى لَهُ
    بعجائبٍ فليعجب المتعجبُ
    والجَذْلُ مِنْ حَطَبٍ غَدا لِعُكاشَة ٍ
    سيفا وليس السيف مما يُحطبُ
    وعَسِيبُ نَخْلٍ صارَ عَضْباً صارِماً
    يَومَ الوَغَى إذْ كل عَيْنٍ تُقلَبُ
    وأضاءَ عُرْجُونٌ وسَوْطٌ في الدُّجى
    عنْ أمرِهِ فكأَنَّ كُلاًّ كَوْكَبُ
    وكأن دعوته طليعة قول كنْ
    ما بَعْدَها إلا الإجابة َ مَوْكِبُ
    تَحْظَى بها أبناءُ مَنْ يدعو لَهُ
    فكأَنها وقْفٌ عَلَى مَنْ يُعْقِبُ
    للناس فيها وابلٌ وصواعقٌ
    نفسٌ بها تحيا ونفسٌ تعطبُ
    والمحلُ إذْ عمَّ البلادَ بلاؤهُ
    والريحُ يُشْمِلُ بالسَّمُومِ ويُجْنِبُ
    واستسلمَ الوحشُ المروعُ لصيدهِ
    جُوعاً وصَرَّ مِنَ الحَرورِ الجُنْدبُ
    والذئبُ من طولِ الطوى يبكي على
    رِمَمِ المَواشي وابنُ دايَة ينعَبُ
    والناسُ قد ظنُّوا الظُّنونَ كأَنَّما
    سَلَبَتْ قلوبَهم الرياحُ القُلَّبُ
    لم تبكِ للأرضِ السماءُ ولا
    رقتْ لشائمها البروق الخلبُ
    فدعوك مخبوءاً لكل كريهة ٍ
    جَلَّتْ كما يُخْبا الحُسامُ ويُنْدَبُ
    فَرَفَعْتَ عَشْراً مِنْ أنامِلَ داعياً
    فانهلَّ أسبوعاً سحابٌ صببُ
    فطغى على بنيانِ مكة َ ماؤهُ
    أو كادَ يَنْبُتُ في البيُوتِ الطُّحُلبُ
    لولاَ سألتَ الله سُقيا رَحْمَة ٍ
    ماتت به الأحياءُ ممايشربوا
    فإذا البلاد وكل دارٍ روضة ٌ
    فيما يَرُوقُ وكلُّ وادٍ مُعْشِبُ
    قد جئتُ أستسقي مكارمكَ التي
    يحيا بها القلب المواتُ ويخصبُ
    يا مَنْ يُرَجَّى في القيامة ِ حيث لا
    أمٌّ تُرَجَّى للنَّجاة ِ ولا أبُ
    يا فارِجَ الكُرَبِ العِظامِ وَوَاهِبَ الـ
    ـمِنَنِ الجِسام إليكَ منك المهرَبُ
    هَبْ لي مِنَ الغُفْرانِ رَبِّ سعادة ً
    ما تستعادُ ونعمة ً ماتسلبُ
    أيَضيقُ بي أمرٌ وبابُ المصطفى
    في الأرضِ أوسَعُ للعُفاة ِ وأرحَبُ
    لاتقنطي يانفسُ إنَّ توسلي
    بالمصطفى المختارِ ليسَ يُخيَّبُ
    أَنَّى يَخِيبُ وقد تَعَطَّرَ مَشْرِقٌ
    بِمَدائِحِي خيرَ الأنامِ ومَغرِبُ
    آلَ البيتِ ومن لهم بالمصطفى
    مجدٌ على السبعِ الطباقِ مطنبُ
    حزتمْ عظيماً من تراثِ نبوة ٍ
    ما كان دونكُم لها مَنْ يَحجُبُ
    الله حَسْبُكُمُ وَحَسْبي إنني
    في كلِّ مُعْضِلَة ٍ بِكُم أتحَسَّبُ
    ياسادتي حبي لكم ما تنقضي
    أعماره وحبالهُ ما تقضبُ
    مِنْ مَعْشَرٍ نَزَلوا الفَلا فُحصونُهُمْ
    بيدٌ بأطرافِ الرماحِ تؤشَّبُ
    ما فيهمُ لسنانِ عَيْبٍ مَطْعَنٌ
    كلاَّ ولا لحسامٍ ريبٍ مضرب
    وعلى الخصاصة ِ يؤثرونَ بزادهم
    ويلذ من كرمٍ لهم أن يسبغوا
    لا تَنْزع اللُّوَّامُ أثْوابَ النَّدى
    عنهم ويُخْصِبُ جُودُهم أنْ يُجْدِبوا
    جُبِلوا على سِحْرِ البَيان فجاءهم
    حَقُّ البيانِ عَنِ الرِّسالة ِ يُعْرِبُ
    فاستسلَموا للعَجْزِ عنه وذو النُّهَى
    تأبى نهاه قتالَ من لا يغلبُ
    جاءت عجائبهم أمامَ عجائبٍ
    أمُّ الزَّمانِ بِهِنَّ حُبلَى مُقْرِبُ
    مابال من غضبَ الإلهُ عليهم
    حادوا عن الحق المبينِ ونكبوا
    كَفَرَتْ عَلَى عِلمٍ بهم علماؤهم
    جَرِبَ الصَّحيحُ ولَمْ يَصِحَّ الأجربُ
    هَلاَّ تَمَنَّى المَوتَ منهمْ معشرٌ
    جحدُوه فامتحنوا الدواء وجرَّبوا
    أفيؤمنون به وممن جاءهم
    بالبَيِّناتِ مُقَتَّلٌ ومُصلَّبُ
    عَبَدوا وموسى فيهمُ العجلَ الذي
    ذُبحوا به ذبحَ العجولِ وعُذِّبوا
    وصبوا إلى الأوثانِ بعد وفاتهِ
    والرُّسْلُ مِنْ أَسَفٍ عليهم تَنْدُبُ
    وَإذا القلوبُ قَسَتْ فليس يُلينها
    خلٌّ يلومُ ولا عدوٌ يعتبُ
    وَأخو الضَّلالَة ِ قالَ عيسى ربُّه
    وَنَبِيُّهُ فأخو الضَّلالِ مُذَبْذَبُ
    ويقول خالقهُ أبوهُ وإنهُ
    ربٌّ وإنسا،ٌ ألا فتعجبوا
    أبِهَذه العَوراتِ جاءتْ كُتبُهُم
    أم حرفوا منها الصوابَ ووربوا
    فاعوجَّ منها مااستقامَ طلوعهُ
    فكأنها بين النجومِ العقربُ
    عجباً لهم ماباهلوه ولم أبتْ
    أحْبارُ نَجرانَ الذينَ تَرَهَّبُوا
    ولقد تَحَدَّى بالبيانِ لِقَومِهِ
    وإليهمُ يُعزى البيانُ وينسبُ
    فتهيبوهُ وما أتوهُ بسورة ٍ
    مِنْ مِثله وبيانُهُم يُتَهِيَّبُ
    مَنْ لم يؤهلهُ الإلهُ لحالة ٍ
    فاتَتْهُ وهوَ لِنَيْلِها مُتَأَهِّبُ
    عجباً لهم شهدوا له بأمانة ٍ
    حتى إذا أَدَّى الأمانة كذَّبوا
    فَرْضٌ عَلَى كلِّ الأنامِ مُرَتَّبُ
    بالصِّدْقِ عند المشركينَ يُلَقَّبُ
    جحدوا النبي وقد أتاهم بالهدى
    لَوْلا القضاءُ سأَلتَهُمْ ما المُوجَبُ
    لله يومُ خروجِه من مكة ٍ
    كخروجِ موسى خائفاً يترقبُ
    والجنُّ تنشدُ وحشة ً لفراقهِ
    شِعراً تَفِيضُ به الدُّموعُ وتُسْكَبُ
    والغارُ قد شنَّتْ عليه غارة ً
    أعْداؤُه حِرْصاً عليه وأجلبُوا
    أرأَيتَ مَنْ يَجْفو عليه قَوْمُه
    تحنو عليه العنكبوتُ وتحدبُ
    إن يكفروا بكتابهِ فكتابهُ
    فلكٌ يدورُ على الوجودِ مكوكبُ
    قامت لنا وعليهمُ حُجَجٌ به
    فبدا الصباحُ وجنَّ منه الغيهبُ
    فتصادمَ الحقُّ المبينُ وإفكهمْ
    فإذا النُّفُوسُ عَلَى الرَّدَى تتَشَعَّبُ
    فدعوا نزالِ فأوقدتْ نيرانها
    سمرُ القنا والعادياتُ الشرَّب
    فإذا بِدِينِ الكُفْرِ يَنْدُبُ فَقْدهُ
    ذُرِّيَّة تُسْبَى وَمالٌ يُنْهَبُ
    أظفارها في كلِ صيدٍ تنشبُ
    حتى بكى عَمْراً هِشامٌ في الثَّرَى
    من ذلة ٍ ونعى حيياً أخطبُ
    لاتنكروا بغضي عدو المصطفى
    إني ببغضهم له أتحببُ
    أبداً عَلَى أعدائه تَتَلَهَّبُ
    هذا وَنُطْقِي دائماً بمدِيحِهِ
    أذكى من الوردِ الجنيِّ وأطيبُ
    أُهْدِي له طِيبَ الثَّناءِ وإنه
    ليحبُّ أن يهدى إليه الطيبُ
    أثني عليه تشوقاً وتعبداً
    لاأنني لصفاته أستوعبُ
    مُسْتَصْحِباً حُبِّي وإيماني لهُ
    وكلاَهُما مِنْ خَيْرِ ما يُسْتَصْحَبُ
    أشتاقُ للحرمِ الشريفِ بلوعة ٍ
    في القلبِ تحدو بي إليه وتجذبُ
    ما لي سِوَى ذِكْرِي لهُ في رِحْلَتي
    زَادٌ وَلا غَيرُ اشتياقي مَرْكَبُ
    وتحية ٍ مني إليهِ يردها
    منه عليَّ مُسَلِّمٌ ومُرَحِّبُ
    صلَّى عليه الله إنَّ صلاتَهُ
    ما حنَّ مشتاقٌ إلى أوطانهِ
    مثلي وراحَ بوصفها يتشببُ
    [/BACKGROUND]

  7. #7
    عروس جديدة
    تاريخ التسجيل
    12/01/2014
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    44

  8. #8
    عروس نشيطة
    تاريخ التسجيل
    06/01/2014
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    101