عن عُقْبَةَ بْن عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مَثَلَ الَّذِي يَعْمَلُ السَّيِّئَاتِ ثُمَّ يَعْمَلُ الْحَسَنَاتِ: كَمَثَلِ رَجُلٍ كَانَتْ عَلَيْهِ دِرْعٌ ضَيِّقَةٌ قَدْ خَنَقَتْهُ, ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ, ثُمَّ عَمِلَ حَسَنَةً أُخْرَى فَانْفَكَّتْ حَلْقَةٌ أُخْرَى حَتَّى يَخْرُجَ إِلَى الأَرْضِ)(1).



شرح المفردات(2):

(السيئات): جمع سيئة، وهي ما يسيء صاحبه في الآخرة أو الدنيا.

(الحسنات): جمع حسنة، ويدخل فيها سائر الأعمال الصالحة.

(دِرع ): بالكسر: الحديد، وجمعه:أدرع، وأدراع، ودروع، تصغيرها دريع.

(خنقته): لزقته ولصقت به، أي عصرت حلقه وترقوته من ضيق تلك الدرع.

(انفكت حلقة): تخلصت, أي انحلت حلقة، وفكّ الشيء خلّصه، وكل مشتبكَين فصلهما فقد فكّهما.

(إلى الأرض): أي: فضاء واسع.



شرح الحديث:

في الحديث الحث على المبادرة إلى التوبة إذا ارتكبت خطيئة، وعمل الصالحات بعدها لأن الحسنات يذهبن السيئات؛ كما قال تعالى: (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ)[سورة هود: 114]. فالذي عمل سيئة ثم أتبعها بحسنة كأنه خرج من ضيق شديد إلى فضاء واسع بالحسنات.

يقول المناوي: يعني عمل السيئات يضيق صدر العامل ورزقه, ويحيره في أمره فلا يتيسر له في أموره, ويبغضه عند الناس, فإذا عمل الحسنات تزيل حسناته سيئاته, فإذا زالت انشرح صدره, وتوسع رزقه, وسهل أمره, وأحبه الخلق(3).



فوائد الحديث:

1- فضل فعل الحسنات، وأنها سبب لرفع الدرجات وتكفير السيئات.

2- رحمة الله تعالى بخلقه فإنه لما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، وغيرها، فعلى المسلم أن يستكثر من الحسنات لتدفع عنه آثار المعاصي والسيئات وتبعاتها.

3- أن الحسنات وهي الأعمال الصالحة، لا يحصل المقصود بها إلا إذا كانت خالصةً وصواباً؛والخالص من الأعمال أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنة.





(1) أخرجه الإمام أحمد في مسنده، 28/ 543، برقم: (17307), وصححه الألباني، ينظر: السلسلة الصحيحة, 7/ 55, برقم: (2854).

(2) ينظر: فيض القدير للمناوي، 2/ 520.

(3) ينظر: فيض القدير للمناوي، 2/ 520.