حبس النظرات أيسر من دوام الحسرات
يقول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) (النور)العين مرآة القلب، فإذا غض العبد بصره غض القلب شهوته وإرادته وقد روي في الصحيح : عنه صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ (صحيح البخاري – رقم الحديث 6122 )
فبدأ بزنى العين؛ لأنه أصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج. وهذا الحديث من أبين الأشياء التي تدل على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها ففيه الرد على من أباح النظر مطلقاً. وثبت عنه صلى الله عليه وسلم عَنْ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ يَا عَلِيُّ إِنَّ لَكَ كَنْزًا مِنْ الْجَنَّةِ وَإِنَّكَ ذُو قَرْنَيْهَا فَلَا تُتْبِعْ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّمَا لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ (مسند أحمد )
من أقوال السادة العلماء في غض البصر :
أولا: أن الله سبحانه أمر بغض البصر ولم يجعل شفاء القلب فيما حرمه على العبد ، قال تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ(30) (النور)
ثانيا : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن نظر الفجأة، وقد علم أنه يؤثر في القلب فأمر بمداواته بصرف البصر لا بتكرار النظر، كما سلف في حديث علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-.
ثالثاً : أنه ربما رأى ما هو فوق الذي في نفسه فزاد عذابه.
رابعا : أن إبليس عنده قصد المسلم للنظرة الثانية يقوم في ركابه فيزين له ما ليس بحسن لتتم البلية، كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد :" النظرة سهم مسموم من سهام إبليس فمن غض بصره عن محاسن امرأة أورث الله قلبه حلاوة يجدها إلى يوم يلقاه".
وفي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ ؛ يقول الإمام شمس الدين بن القيم : بدأ بزنى العين لأنه أصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج،... وهذا الحديث من أبين الأشياء على أن العين تعصي بالنظر وأن ذلك زناها، ففيه رد على من أباح النظر مطلقاً.
ويقول الإمام شمس الدين :
ولما كان النظر من أقرب الوسائل إلى المحرم اقتضت الشريعة تحريمه، وأباحته في موضع الحاجة، وهذا شأن كل ما حرم تحريم الوسائل فإنه يباح للمصلحة الراجحة، ...
و عن جرير البجلي قال : سألت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري (صحيح مسلم، سنن أبي داود، والترمذي)، ونظرة الفجأة هي النظرة الأولى التي تقع بغير قصد من الناظر، فما لم يتعمده القلب لا يعاقب عليه، فإن نظر الثانية تعمداً أثم، فأمره النبي –صلى الله عليه وسلم- عند نظرة الفجأة أن يصرف بصره ولا يستديم النظر فإن استدامه كتكريره....
ومن فوائد غض البصر تخليص القلب من ألم الحسرة، فإن من أطلق نظره دامت حسرته، فأضر شيء على القلب إرسال البصر، فإنه يريه ما يشتد طلبه ولا صبر له عنه ولا وصول له إليه، وذلك غاية ألمه وعذابه. ...
هذا قليل مما ورد من أقوال العلماء والسلف الصالح في غض البصر...
أدعو الله أن ينفع به كل من يقرأه ، وأن يجعله في ميزان حسناتنا يوم القيامة...
والسلام عليكم