⁂ قصـة صعـود دولـة : كيـف نهضـت سنغـافورة ⁂


 




لم تكن النهضة السنغافورية وليدة اللحظة بل كانت نتائج جهود جبارة من قبل بطل الدولة السنغافورية "لي كوان يو" ، فقد عانت كثيراً سنغافورة من الفساد الإداري والمالي والأمني حيث كانت تصنف سنغافورة آن ذاك كواحد من أخطر الأماكن في العالم لتعرضها للجرائم والسرقات فقد كان يسودها انفلات أمني بشكل كبير جداً.


وبعد رحيل المستعمر البريطاني من منطقة جنوب شرق آسيا شهدت البلاد وضعاً متردياُ جدا يسوده الفوضى والبطالة والفقر وعدم الاستقرار بعد أن كانوا يعتمدون على مواردهم من بلدان أخرى، فقد كان يأتون بالأتربة بالقوارب والسفن ليبنوا بها داخل الجزيرة لانعدام تلك المواد بداخلها. وقد كان من ضمن المشاكل الكبرى فيها قلة وشح المياه ،  فقد كانت مصادر المياه فيها تستورد من ماليزيا.


 كان التخلف والثقافة المنحطة طابع يعكس مدى تدهور هذه الدولة الصغيرة فكانت الشوارع مليئة بالمخلفات الطبيعية والضارة ومخلفات الصرف الصحي وبقايا الأكل .


ويتلخص إنجاز سنغافورة في الخروج من مصاف دول العالم الثالث إلى العالم الأول في رؤيةٍ وضعها لها منذ فترة طويلة زعيمها المؤسس «لي كوان يو».


فلقد أدرك السيد «لي» والمؤسسون لهذه الدولة أن هناك شروطًا لابد من توافرها ، وآليات وخططًا لابد من العمل على تنفيذها لتحقيق هذه النهضة، وهذه هي الأسباب الرئيسية لنهضة سنغافورة:


  • زرع معاني الوحدة الوطنية، وإلغاء الفوارق بين الأعراق والأجناس والديانات داخل سنغافورة.


  • وضع قوانين صارمة وضمان سيادتها بتطبيقها الفعلي وعدم التساهل في ذلك، مع العمل على استقرار أجهزة الدولة واتصافها بالكفاءة والنزاهة والانضباط، والحرص على استقلال القضاء وتطبيق أحكامه بعدالة من غير خضوع للضغوط الداخلية أو الخارجية.


  • وضع سياسات عديدة للقضاء على الفساد، حيث أنشأت الحكومة دائرة التحقيق في الممارسات الفاسدة، ومحاسبة الفاسد أياً كانت وظيفته أو انتماؤه، والفصل بين الوزارات وإدارات التنفيذ، والتعيين في الوظائف وفقاً للكفاءة وليس المحسوبية.


  • وضع العديد من الإستراتيجيات التي ساهمت في تحقيق سنغافورة المركز الأول في جودة التعليم على مستوى العالم طبقًا لتقرير التنافسية عن عام 2015، حيث اهتمت بالمعلم بشكل كبير وركزت على تطوير المناهج التربوية، كما قامت بإنشاء مدارس ذكية مجهزة بتقنيات حديثة وشبكات اتصال واسعة مع مدارس ومراكز تعليم وتدريب داخلية وخارجية تخدم المعلمين والطلبة في آن واحد، وكان والشعار المعلق على المدارس هو "مدرسة تفكر.. وطن يتعلم"


  • القيام بالعديد من التسهيلات التجارية، حيث تم تطوير قطاع الخدمات، منح إعفاء من الضرائب يصل إلى عشر سنوات مما جعل بعض الشركات الأجنبية تقبل على الاستثمار، تذليل العقبات التي تعترض المستثمرين الأجانب، التركيز على أربع صناعات أساسية هي بناء السفن وصناعتها، وهندسة المعادن، والكيماويات، والأدوات الكهربائية.


  • اعتمدت سنغافورة ٣ محاور رئيسية، من أجل تحقيق النهضة باقتصادها، هي:-

  1. الاعتماد على خطة تسويق تجارتها وترويجها بشكل يتيح وجود وارداتها وصادراتها بالأسواق بشكل دائم.
  2. الاتجاه نحو تأسيس قاعدة من العلاقات التجارية القوية مع مناطق التجارة الحرة وطرق الاستثمار بين البلاد الأخرى.
  3. تأسيس بنية تحتية تجارية قوية للغاية استغلتها لتعزيز قدرتها التنافسية.



  • اختيار القيادات التي تتسم بأنها ذات فكر ورؤية، نظافة اليد، الإبداع، حب البلاد والاستعداد للتضحية، القدرة على التعامل مع الأحداث بإيجابية.


  • بناء مجتمع العدالة الاجتماعية عن طريق عدة إجراءات منها: التعيين في مختلف الوظائف عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع، نظام شامل للضمان الاجتماعي الممول ذاتيًا، دعم الثقة بالمسؤولين والموظفين الشباب الذين تمتعوا بالاستقامة والأمانة والذكاء والطاقة، حصول موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى.


  • التركيز على النهضة الصناعية من خلال إنشاء مناطق صناعية، ذات بنى تحتية وبأسعار دعم عالية مع السماح بحرية دخول السلع وإعفائها من الرسوم الجمركية، استيراد أحدث التطورات التكنولوجية العالمية لزيادة إنتاجية رأس المال والعمالة، صعود سلّم القيمة المضافة منتقلة من الصناعات الخفيفة مثل النسيج والملابس والمواد البلاستيكية إلى صناعات متطورة كالإلكترونيات والمواد الكيميائية والهندسة الدقيقة وعلوم الطب الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، مضى هذا التطور جنبًا إلى جنب مع زيادة كبيرة في الخدمات، وخاصة الخدمات المصرفية.


  • تحقيق القوة الإعلامية من خلال إنشاء مؤسسات إعلامية متقدمة تتمثل في 9 محطات راديو و3 شبكات تلفزيون و8 صحف محلية، نشر مواد مقروءة ومسموعة ومرئية توضح إنجازات قادة سنغافورة، استقطاب الرموز والمشاهير لزيارة سنغافورة للتعرف على تجربتها والتحدث عنها بشكل جيد في كل مكان.