روابط قد تهمك :
فساتين العروس | تسريحات | تنظيم الاعراس | زخرفة | عالم حواء


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 18

الموضوع: "أبو الطيب المتنبي"

  1. #1
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330

    "أبو الطيب المتنبي"

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

    أخواتي/إخواني

    أحببت أن أقدم لكم كل ما يتعلق بشاعري المفضل أبي الطيب المتنبي، الذي عشقت و أعشق أشعاره وقصائده ،وأمد بها عشاقه في كل بقاع العالم عبر منتدانا الرائع "عروس" الذي من خلاله نستفيد ونفيد.
    فتعالوا معي إلى هذه الواحة الأدبية، نرتوي بما جادت به قريحة شاعرنا من قصائد الرثاء والهجاء والمدح.
    ولنقترب أكثر من سيرة حياته:
    أبو الطيب المتنبي

    هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي. ولد في كندة بالكوفة سنة 303 هـ=915 م. وتقع حالياً على مسافة عشرة كيلومترات من النجف وخمسة وستين من كربلاء تقريباً. وفي نسب أبي الطيب خلاف، إذ قيل أنه ابن سقاء كان يسقي الماء بالكوفة، وقيل أنه ابن عائلة فقيرة، وقيل أن أصوله من كندة، وهم ملوك يمنيون. ودس خصومه في نسبه، لكن الأستاذ الشاعر محمد السويدي يرجح أن نسب أبي الطيب نسب شريف، واستدل على ذلك بالتحاقه في مدرسة الأشراف العلويين وهو صغير. يقال إن والده الحسين سماه أحمد و لقبه بأبي الطيب، ويقال إنه لم يعرف أمه لموتها وهو طفل فربته جدته لأمه. قضى طفولته في كندة (304-308 هـ= 916-920م)، اشتهر بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية باكراً، فقال الشعر صبياً، وهو في حوالي العاشرة، وبعض ما كتبه في هذه السن موجود في ديوانه. في الثانية عشر من عمره رحل إلى بادية السماوة، أقام فيها سنتين يكتسب بداوة اللغة العربية وفصاحتها، ثم عاد إلى الكوفة حيث أخذ يدرس بعناية الشعر العربي، وبخاصة شعر أبي نواس وابن الرومي ومسلم بن الوليد وابن المعتز. وعني على الأخص بدراسة شعر أبي تمام وتلميذه البحتري. انتقل إلى الكوفة والتحق بكتاب (309-316 هـ=921-928م) يتعلم فيه أولاد أشراف الكوفة دروس العلوية شعراً ولغة وإعراباً. اتصل في صغره بأبي الفضل في الكوفة، وكان من المتفلسفة، فهوسه وأضله. كان أبو الطيب سريع الحفظ، فقيل إنه حفظ كتاباً نحو ثلاثين ورقة من نظرته الأولى إليه.

    لم يستقر أبو الطيب في الكوفة، اتجه خارجاً ليعمق تجربته في الحياة وليصبغ شِعره بلونها، أدرك بما يتملك من طاقات وقابليات ذهنية أن مواجهة الحياة في آفاق أوسع من آفاق الكوفة تزيد من تجاربه ومعارفه، فرحل إلى بغداد برفقة والده، وهو في الرابعة عشرة من عمره، قبل أن يتصلب عوده، وفيها تعرف على الوسط الأدبي، وحضر بعض حلقات اللغة والأدب، ثم احترف الشعر ومدح رجال الكوفة وبغداد. غير أنه لم يمكث فيها إلا سنة، ورحل بعدها برفقة والده إلى بادية الشام يلتقي القبائل والأمراء هناك، يتصل بهم و يمدحهم، فتقاذفته دمشق وطرابلس واللاذقية وحمص. دخل البادية فخالط الأعراب، وتنقل فيها يطلب الأدب واللغة العربية وأيام الناس، وفي بادية الشام التقي القبائل والأمراء، اتصل بهم ومدحهم، وتنقل بين مدن الشام يمدح شيوخ البدو والأمراء والأدباء. قيل أنه تنبأ في بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد، فأسره وسجنه سنة 323-324 هجرية، حتى تاب ورجع عن دعواه. كان السجن علامة واضحة في حياته وجداراً سميكاً اصطدمت به آماله وطموحاته، فأخذ بعد خروجه منه منهك القوى يبحث عن فارس قوى يتخذ منه مساعداً لتحقيق طموحاته. عاد مرة أخرى يعيش حياة التشرد والقلق، فتنقل من حلب إلى أنطاكية إلى طبرية.

    وفيها التقى ببدر بن عمار سنة 328 هجرية، وهو أول من قتل أسداً بالسوط، فنعم عنده حقبة من الزمن، راضياً بما لقيه عنده من الراحة بعد التعب والاستقرار بعد التشرد، إلا أنه أحس بالملل في مقامه وشعر بأنه لم يلتق بالفارس الذي كان يبحث عنه والذي يشاركه في ملاحمه وتحقيق آماله. فعاوده الضجر الذي ألفه والقلق الذي لم يفارقه، فسقم من حياة الهدوء ووجد فيها ما يستذل كبرياءه. فهذا الأمير يحاول أن يتخذ منه شاعراً متكسباً كسائر الشعراء، وهو لا يريد لنفسه أن يكون شاعر أمير، وإنما يريد أن يكون شاعراً فارساً لا يقل عن الأمير منزلة. فلم يفقده السجن كل شيء لأنه بعد خروجه منه استعاد إرادته وكبرياءه. فالسجن أسهم في تعميق تجربته في الحياة، وتنبيهه إلى أنه ينبغي أن يقف على أرض صلبة لتحقيق ما يريده من طموح. لذلك أخذ يبحث عن نموذج الفارس القوي الذي يشترك معه لتنفيذ ما يرسمه في ذهنه. أما بدر فلم يكن هو ذاك، ثم ما كان يدور بين حاشية بدر من الكيد لأبي الطيب ومحاولة الإبعاد بينهما، جعل أبا الطيب يتعرض لمحن من الأمير ومن الحاشية تريد تقييده بإرادة الأمير. لقد رأى ذلك إهانة وإذلالاً، عبّر عنه بنفس جريحة ثائرة بعد فراقه لبدر متصلاً بصديق له هو أبو الحسن علي بن أحمد الخراساني في قوله : لا افتخار إلا لمن لا يضام. وعاد المتنبي بعد فراقه لبدر إلى حياة التشرد والقلق ثانية، وعبر عن ذلك أصدق تعبير في رائيته التي هجا بها ابن كروس الأعور أحد الكائدين له عند بدر.

    ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في إنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 ه، وعن طريقه اتصل بسيف الدولة بن حمدان، صاحب حلب، سنة 337 ه، انتقل معه إلى حلب فمدحه وحظي عنده. في مجلس هذا الأمير وجد أفقه وسمع صوته، وأحس أبو الطيب بأنه عثر على نموذج الفروسية الذي كان يبحث عنه، وسيكون مساعده على تحقيق ما كان يطمح إليه، فاندفع الشاعر مع سيف الدولة يشاركه في انتصاراته. ففي هذه الانتصارات أروع ملاحمه الشعرية، استطاع أن يرسم هذه الحقبة من الزمن وما كان يدور فيها من حرب أو سلم، فانشغل انشغالاً عن كل ما يدور حوله من حسد وكيد، ولم ينظر إلا إلى صديقه وشريكه سيف الدولة. فلا حجاب ولا واسطة بينهما. شعر سيف الدولة بهذا الاندفاع المخلص من الشاعر، واحتمل منه ما لا يحتمل من غيره من الشعراء، وكان هذا كبيراً على حاشية الأمير. ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة استطاع أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه مطمئن إلى إمارة عربية يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.
    وهذا ما كان يغري حساده به فيستغلونه ليوغروا صدر سيف الدولة عليه حتى أصابوا بعض النجاح. وأحس الشاعر بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر وصديقه الأمير، ولربما كان هذا الاتساع مصطنعاً إلا أنه اتخذ صورة في ذهن كل منهما. وأحس أبو الطيب بأن السقف الذي أظله أخذ يتصدع، وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالوية عليه بحضور سيف الدولة ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 ه ومنها: لا تطلبن كريماً بعد رؤيته. فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلباً، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة من مصر حتى كادت الصلة تعود بينهما.


    فارق أبو الطيب حلباً إلى مصر وفي قلبه غضب كثير، وكأنه يضع خطة لفراقها ثم الرجوع إليها كأمير عاملاً حاكماً لولاية يضاهي بها سيف الدولة، ويعقد مجلساً يقابل سيف الدولة. من هنا كانت فكرة الولاية أملا في رأسه ظل يقوي وأظنه هو أقوى الدوافع. دفع به للتوجه إلى مصر حيث كافور الذي يمتد بعض نفوذه إلى ولايات بلاد الشام. في مصر واجه بيئة جديدة ومجتمعاً آخر وظروفاً اضطرته إلى أن يتنازل في أول الأمر عما لم يتنازل عنه. ثم هو عند ملك لا يحبه، ولم يجد فيه البديل الأفضل من سيف الدولة إلا أنه قصده آملاً، ووطن نفسه على مدحه راضياً لما كان يربطه في مدحه من أمل الولاية، وظل صابراً محتملاً كل ذلك. وأخذ يخطط إلى أمله الذي دفعه للمجيء إلى هنا، ويهدأ كلما لاح بريق السعادة في الحصول على أمله، وهو حين يراوده نقيض لما يراه من دهاء هذا الممدوح الجديد ومكره يحس بالحسرة على فراقه صديقه القديم. في هذه البيئة الجديدة أخذ الشعور بالغربة يقوى في نفسه بل أخذ يشعر بغربتين غربته عن الأهل والأحبة، وعما كان يساوره من الحنين إلى الأمير العربي سيف الدولة. ويزداد ألمه حين يرى نفسه بين يدي غير عربي، إلا أنه حين يتذكر جرح كبريائه يعقد لسانه ويسكت. وغربته الروحية عمن حوله والتي كان يحس بها في داخله إحساساً يشعره بالتمزق في كثير من الأحيان. وظل على هذا الحال لا تسكته الجائزة، ولا يرضيه العطاء، وظل يدأب لتحقيق ما في ذهنه ويتصور أنه لو حصل عليها لحقق طموحه في مجلس كمجلس سيف الدولة تجتمع فيه الشعراء لمدحه، فيستمع لمديحه وإكباره على لسان الشعراء، بدلاً من أن يؤكد كبرياءه هو على لسانه. ولربما كان يريد إطفاء غروره بهذا. إلا أن سلوكه غير المداري وعفويته مثلت باباً سهلاً لدخول الحساد والكائدين بينه وبين الحاكم الممدوح، ثم حدته وسرعة غضبه وعدم السيطرة على لسانه. كان كل ذلك يوقعه في مواقف تؤول عليه بصور مختلفة وفق تصورات حساده ومنافسيه. وأكاد أعتقد أنه كان مستعداً للتنازل عن كل جوائزه وهباته لمن كان يتصور أنه كان يريد أن يتربع على عرش الشعر من أجل جائزة كافور وعطائه، ثم يصوره بصورة تشوه إحساسه وتزور مشاعره. وذلك هو الذي يغيظه ويغضبه ويدفعه إلى التهور أحياناً وإلى المواقف الحادة. كل ذلك يأخذ طابعاً في ذهن الحاكم مغايراً لما في ذهن الشاعر.
    بدأت المسافة تتسع بينه وبين كافور، وكلما اتسعت كثر في مجالها الحاسدون والواشون، وكلما أحس الشاعر ولو وهما بانزواء كافور عنه تيقظت لديه آفاق جديدة لغربته، وثارت نفسه وأحس بالمرارة إحساساً حاداً. لقد أحس بأنه لم يطلب فوق حقه ولم يتصرف بما هو خطأ، لأنه لم يصدر منه تجاوز على حق أحد. إلا أن هذا التصور البريء في ذهن الشاعر بعيد عن واقع الصورة التي في ذهن حاشية كافور. وما يصل إلى كافور من أقوال عن الشاعر، وعادة المتملقين من الوجهاء يتوصلون إلى الحاكم بواسطة حاشيته وإغراء بعض أفرادها بأن يكونوا جسوراً بينهم وبين سيدهم. هذه الجسور قد تقطع عند الحاجة بين الحاكم وبين خصومهم. أما أبو الطيب فلم يحسن هذا اللون من التظاهر ولم يفكر فيه، وإنما كان صريحاً بكل شيء في رضاه وسخطه صريحاً بما يرغب دون احتيال ولا محاورة، فما دام يشعر بالحق طالب به دون تأجيل. هذه الصراحة كثيراً ما أوقعته في مواقف حرجة، عند سيف الدولة، وهنا أيضاً عند كافور. لذا صارت للمتنبي صورة سلبية في نفس كافور، وخشي على ملكه إذا أعطاه ما يمكنه من ذلك. ظل أبو الطيب يرغب ويلح في طلبه، وظل كافور يداوره ويحاوره. كافور يحسن الاحتيال والمداورة وأبو الطيب صريح لا يحسن من ذلك شيئاً حتى وصل إلى حالة لم يستطع بعدها أن يبقى صامتاً. وشعر كافور برغبته في مغادرته فظن أن تشديد الرقابة عليه وإغلاق الحدود دونه سيخيفه ويمنعه من عزمه، ويخضعه كما يفعل مع غيره من الشعراء بالترهيب حيناً والذهب حيناً آخر. إلا أن أبا الطيب لم يعقه ذلك كله عن تنفيذ ما عزم عليه بعد أن أحس باليأس من كافور، وندم على ما فعل بنفسه في قصده إياه، وهو عند أكثر أصدقائه إخلاصاً وحباً. وظل يخطط إلى الهرب ويصر على تحدي كافور ولو بركوب المخاطر حتى وجد فرصته في عيد الأضحى. وخرج من مصر، وهجاً كافوراً بأهاجيه المرة الساخرة. إن تحديه لكافور في هروبه وركوبه كل المخاطر، ثم هذه الطاقة المتفجرة من السخط والغضب في هجائه يدل على مبلغ اليأس والندم في نفسه، ويبدو أنه كان حائراً حين فارق سيف الدولة، وحاول أن يمنع نفسه من التوجه إلى كافور. إلا أنه رجح أمر توجهه إلى مصر بعد إطالة فكر. ويبدو أنه فكر بهذه النتيجة اليائسة من ملك مصر أراد أن يتقدم من نفسه على ارتكابه خطيئة التوجه إليه واحتمالها مدحه، والتقيد بأوامره حينا. فهو حاول بأي وجه أن يشعر بالانتصار على هذه السلطة، عندما تحداه في هروبه، وفخره بالشجاعة والفروسية في اقتحام المخاطر في طريقه إلى الكوفة في مقصورته: ضربت بها التيه ضرب القمار.

    المدح:
    بعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات.
    ثم رحل إلى شيراز، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي.

    معركة العودة:
    ثم عاد من شيراز يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً. فاقتتل الفريقان حتى قتل أبو الطيب وابنه محسد وغلامه مفلح (354 هـ= 965 م) بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد. وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي. وكان التمس منه خفارة لبعض الرجالة ليسلكوا به الطريق ويحموا عنه فلم يفعل، وقال معي سيفي ورمحي أخفّر. ويقال إن الذين خرجوا عليه من بني كلاب مع ضبة بن محمد العيني لما هجاه به: ما أنصف اليوم ضبُ. وكان الفرسان نحو خمسين فارساً، فقتل منهم جماعة وجرح جماعة وأثخن فيهم عدة، وقدرت الحرب من ضحوة إلى الأولى، ثم كلّ أبو الطيب وولده ومملوكه، فلما تطاول الأمر استرسل وظفروا به. فقتلوه وولده والمملوك. وأخذ جميع ما كان معه، ودفنوه في الموضع، وكان له قيمة كثيرة، ولم يكن طلبهم ما معه سوى نفسه. والذي تولى قتله منهم فاتك بن فراس بن بداد وكان قرابة لضبّة. ويقال أنه لما قرب منه فاتك كان معه عبد يقال له سراج، فقال له: يا سراج أخرج إليّ الدرع، فأخرجها ولبسها، وتهيأ للقتال، ثم قال هذه القصيدة.
    أفرغ الدرع يا سراج وأبصر ما ترى اليوم ها هنا من قتال
    فلئن رحت في المكر صريعا فأنعَ للعالمين كل الرجال
    ثم قال له فاتك: قبحاً لهذه اللحية يا سبّاب. فقال فاتك ألست الذي تقول:
    الخيل والليل والبيداء تعرفني والطعن والضرب والقرطاس والقلم
    فقال أنا عند ذاك يابن اللخناء العفلاء. ثم قاتل وبطح نفساً أو نفسين، فخانته قوائم فرسه، فغاصت إحداها في ثقبة كانت في الأرض، فتمكن منه الفرسان وأحاطوا به وقتلوه واقتسموا ماله ورحله، وأخذوا ابنه المحسّد وأرادوا أن يستبقوه، فقال أحدهم لا تفعلوا، واقتلوه، فقتلوه. وحكى الشريف ناصر قال: عبرت على بدنه وكان مفروقاً بينه وبين رأسه، ورأيت الزنابير تدخل في فيه وتخرج من حلقه. أعاذنا الله من كل سوء ومكروه بمنّه وطوله. وكتب في سنة ثلث وثمانين وأربع مائة.

    أبو
    الطيب المتنبي، أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً باللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، صاحب كبرياء وشجاع طموح محب للمغامرات. في شعره اعتزاز بالعروبة، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، لتفجر أحاسيسه وامتلاكه ناصية اللغة والبيان، مما أضفى عليه لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لاسيما في قصائده الأخيرة التي بدأ فيها وكأنه يودعه الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني.


    عصر أبي الطيب:

    شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع، فمن انتظم في هذا المجلس أو ذاك من الشعراء أو العلماء يعني اتفق وإياهم على إكبار هذا الأمير الذي يدير هذا المجلس وذاك الوزير الذي يشرف على ذاك. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلاً يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعراً معروفاً استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته. في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب، وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلاً شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن في مستقبل الأيام أثمر عن عبقرية في الشعر العربي. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحاً وتصريحاً حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في اللاذقية، فلم يستمع له وإنما أجابه مصرا ً: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به
    الأمر إلى السجن.




  2. #2
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    شديد البعد من شرب الشمول

    شَديدُ البُعدِ من شرْبِ الشَّمولِ
    ***** تُرُنْجُ الهِنْدِ أوْ طَلْعُ النّخيـــــــلِ
    وَلكِنْ كُلّ شيءٍ فيهِ طِيـــــــــبٌ
    ***** لَدَيْكَ مِنَ الدّقيقِ إلى الجَليلِ
    وَمَيْدانُ الفَصاحَةِ وَالقَوافـــــــي
    ***** وَمُمْتَحَنُ الفَوَارِسِ وَ الخُيـــولِ
    أتَيْتُ بمَنْطِقِ العَرَبِ الأصِيــــــلِ
    ***** وَكانَ بقَدْرِ مَا عَايَنْتُ قِيلـــــي
    فَعَارَضَهُ كَلامٌ كانَ مِنْــــــــــــــهُ
    ***** بمَنْزِلَةِ النّسَاءِ مِنَ البُعُــــــــولِ
    وَهذا الدُّرُّ مَأمُونُ التّشَظّــــــي ***** وَأنْتَ السّيْفُ مأمُونُ الفُــلُــولِ
    وَلَيسَ يَصِحّ في الأفهامِ شيءٌ
    ***** إذا احتَاجَ النّهارُ إلى دَلـــــــــيلِ


    المصدر

    الشرح:

    الترنج : هو شجر الليمون الأصفر الكبير، مغطى بالأشواك،
    ويحمل أوراقاً طويلة مُستدقة الطرف خضراء ذات لون باهت.
    يُنتج أزهاراً كبيرة بيضاء عطرة الرائحة طوال العام، فيما عدا الشتاء.
    وترنج جمع ترنجة، ويقال له: أترُج، جمع: أترجة، وأترنج، جمع: أترنجة.


    المصدر

  3. #3
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    مـا أجـدر الأيـام والليالـي


    مـا أجـدر الأيـام والليالـي*****بأن تقول مـا لـه ومـا لـي

    لا أن يكـون هكـذا مقـالـي*****فتى بنيران الحـروب صـال

    منها شرابي وبهـا اغتسالـي*****لا تخطر الفحشاء لـي ببـال

    لو جذب الزراد مـن أذيالـي*****مخيرا لـي صنعتـي سربـال

    ما سمته سرد سوى سـروال*****وكيـف لا وإنمـا إدلالــي

    بفارس المجـروح والشمـا*****لأبي شجـاع قاتـل الأبطـال

    ساقي كؤوس الموت والجريال*****لما أصار القفص أمس الخالي

    وقتـل الكـرد عـن القـتـال*****حتى اتقت بالفـر والإجفـال

    فهالـك وطـائـع وجـالـي*****واقتنص الفرسـان بالعوالـي

    والعتـق المحدثـة الصـقـال*****سار لصيد الوحش في الجبال

    وفي رقاق الأرض والرمـال*****على دماء الإنس والأوصـال

    منفرد المهـر عـن الرعـال******من عظـم الهمـة لا المـلال

    وشـدة الضـن لا الاستبـدال*****ما يتحركـن سـوى انسـلال

    فهن يضربن علـى التصهـال*****كـل عليـل فوقهـا مختـال

    يمسـك فـاه خشيـة السعـال*****من مطلع الشمس إلى الـزوال

    فلم يئـل مـا طـار غيـر*****آلوما عدا فانغل فـي الأدغـال

    وما احتمى بالمـاء والدحـال*****من الحرام اللحـم والحـلال

    إن النفـوس عـدد الآجــال*****سقيا لدشـت الأرزن الطـوال

    بين المروج الفيـح والأغيـال*****مجـاور الخنزيـر والرئبـال

    داني الخنانيص مـن الأشبـال*****مستشرف الدب على الغـزال

    مجتمع الأضـداد والأشكـال*****كـأن فناخسـر ذا الإفضـال

    خاف عليهـا عـوز الكمـال*****فجائهـا بالفـيـل والفـيـال

    فقيـدت الأيـل فـي الحبـال*****طوع وهوق الخيل والرجـال

    تسير سيـر النعـم الأرسـال*****معتمـة بيـبـس الأجــذال

    ولدن تحـت أثقـل الأحمـال*****قـد منعتهـن مـن التفـالـي

    لا تشرك الأجسام في الهـزالإ*****ذا تلفتـن إلــى الأظــلال

    أرينهـن أشـنـع الأمـثـال*****كأنـمـا خلـقـن لــلإذلال

    زيـادة فـي سبـة الجـهـال*****والعضو ليس نافعا في حـال

    لسائر الجسـم مـن الخبـال

    وأوفت الفـدر مـن الأوعـال*****مرتديـات بقسـي الـضـال

    نواخـس الأطـراف للأكفـال*****يكـدن ينفـذن مـن الآطـال

    لها لحـى سـود بـلا سبـال*****يصلحن للإضحاك لا الإجلال

    كـل أثيـث نبتـهـا متـفـال*****لم تغذ بالمسـك ولا الغوالـي

    ترضى من الأدهان بالأبـوال*****ومن ذكـي المسـك بالدمـال

    لو سرحت في عارضي محتال*****لعدهـا مـن شبكـات المـال

    بين قضاة السـوء والأطفـال*****شبيهـة الإدبــار بالإقـبـال

    لا تؤثر الوجه علـى القـذال*****فاختلفـت فـي وابلـي نبـال

    من أسفل الطود ومن معـال

    قـد أودعتهـا عتـل الرجـال*****في كـل كبـد كبـدي نصـال

    فهـن يهويـن مـن الـقـلال*****مقلوبة الأظـلاف والإرقـال

    يرقلن في الجو على المحـال*****في طرق سريعـة الإيصـال

    ينمـن فيهـا نيمـة المكسـال*****على القفـي أعجـل العجـال

    لا يتشكيـن مــن الـكـلال*****ولا يحـاذرن مـن الضـلال

    فكان عنهـا سبـب الترحـال*****تشويـق إكثـار إلـى إقـلال

    فوحش نجد منـه فـي بلبـال*****يخفن في سلمى وفـي قيـال

    نوافـر الضـبـاب والأورال*****والخاضبات الربـد والرئـال

    والظبـي والخنسـاء والذيـال*****يسمعن مـن أخبـاره الأزوال

    ما يبعث الخرس على السؤال

    فحولهـا والعـوذ والمتـالـ*****يتـود لـو يتحفهـا بـوالـي

    يركبهـا بالخطـم والـرحـال*****يؤمنهـا مـن هـذه الأهـوال

    ويخمس العشـب ولا تبالـي*****ومـاء كـل مسبـل هـطـال

    يـا أقـدر السفـار والقفـاللو*****شئت صدت الأسد بالثعالي

    أو شئت غرقت العـدا بـالآلول*****ـو جعلـت موضـع الإلال

    لالـئـا قتـلـت بالـلآلـي

    لم يبـق إلا طـرد السعالـ*****يفـي الظلـم الغائبـة الهـلال

    على ظهـور الإبـل الأبـال*****فقـد بلغـت غايـة الآمــال

    فلم تدع منها سـوى المحـال*****في لا مكـان عنـد لا منـال

    يا عضـد الدولـة والمعالـي*****النسب الحلي وأنـت الحالـي

    بالأب لا بالشنـف والخلخـال*****حليـا تحلـى منـك بالجمـال

    ورب قبـح وحـلـى ثـقـال*****احسن منها الحسن في المعطال

    فخر الفتى بالنفـس والأفعـال*****مـن قبلـه بالعـم والأخـوال




    قصة القصيدة:


    قال في الطرد بدشت الأرزن، وقد خرج عضد الدولة ومعه من الكلاب والفهود والبزاة والشواهين وعدد الصيد، ما لم ير مثله كثرة. وكان يسير قدام الجيش يمنة وشأمة فلا يطير شيء إلا صاده، حتى وصل إلى دشت الأرزن، وهو موضع حسن على عشرة فراسخ من شيراز، كثير الصيد تحف به الجبال والأرزن، فيه غلب وماء ومروج، وكانت الأيائل تصاد به، وكانت الوعول تعتصم بالجبال، وتدور بها الرجال تأخذ عليها المضايق. فإذا أثخنتها النشاب التجأت إلى مواضع لا تحملها، فهوت من رؤوس الجبال إلى الدشت، فسقطت بين يديه، منها ما يطيح قرنه، ومها ما يذبح فتخرج نصول النشاب من كبده وقلبه. وأقام بها أياماً على عين حسنة وأبو الطيب معه. ثم قفل فقال أبو الطيب هذه القصيدة في رجب سنة أربع وخمسين وثلاثمائة.







    الشرح:


    الجريال:الخمر.

    الخنوص:ابن الخنزير.

    الاجفال:الاجتهاد في الهرب.

    دشت : موضع معروف في طبرستان كان يصيد فيه

    عضد الدولة بن بويه، تكثر فيه أشجار الأرزن،

    والدشت الصحراء أو الأرض الواسعة.

    العًتَّق : السيوف القديمة الصنعة.

    يرقلن : يسرعن.

    الآل :السراب وهو شبه الماء.

    صال : قاسى الشدائد.

    المجروح :اسم فرس لعضد الدولة بن بويه.

    الغيل : الغيل الشجر الملتف والجمع أغيال.

    كبدي بنصال : وسط الحديدة المركبة في السهم

    من الجهتين.

    الرئال : أولاد النعام.

    المحال : جمع محالة وهي فقارة الظهر.






















































  4. #4
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    غيري بأكثر هذا الناس ينخدع


    غَيرِي بأكْثرِ هذا النّاسِ يَنْخَدِعُ*****إنْ قاتَلُوا جَبُنوا أوْ حدّثوا شجُعُوا

    أهلُ الحَفيظَةِ إلاّ أنْ تُجَرّبَهُمْ*****وَفي التّجارِبِ بَعد الغَيّ ما يَزَعُ

    وَما الحيَاةُ ونَفسي بَعدَمَا عَلِمَتْ*****أنّ الحَياةَ كَما لا تَشتَهي طَبَعُ

    لَيسَ الجَمالُ لِوَجْهٍ صَحّ مارِنُهُ،*****أنْفُ العَزيزِ بقَطعِ العِزّ يُجْتَدَعُ

    أأطرَحُ المَجْدَ عَنْ كِتْفي وَأطْلُبُهُ*****وَأتْرُكُ الغَيثَ في غِمْدي وَأنْتَجعُ

    وَالمَشْرَفِيّةُ لا زَالَتْ مُشَرَّفَةً*****دَواءُ كلّ كَريمٍ أوْ هيَ الوَجَعُ

    وفارِسُ الخَيْلِ مَن خَفّتْ فوَقّرَهَا*****في الدّرْبِ والدّمُ في أعطافِهِ دُفَعُ

    فَأوْحَدَتْهُ وَما في قَلْبِهِ قَلَقٌ*****وَأغضَبَتْهُ وَمَا في لَفْظِهِ قَذَعُ

    بالجَيْشِ تَمْتنعُ السّاداتُ كُلّهُمُ*****وَالجَيشُ بابنِ أبي الهَيْجاءِ يَمتَنِعُ

    قَادَ المَقانِبَ أقصَى شُرْبِها نَهَلٌ*****على الشّكيمِ وَأدْنَى سَيْرِها سَرَعُ

    لا يَعْتَقي بَلَدٌ مَسراهُ عَنْ بَلَدٍ*****كالمَوْتِ لَيسَ لَهُ رِيٌّ وَلا شِبَعُ

    حتى أقامَ عَلى أرْباضِ خَرْشَنَةٍ*****تَشْقَى بهِ الرّومُ والصّلبانُ والبِيَعُ

    مُخْلًى لَهُ المَرْجُ مَنْصُوباً بصارِخَةٍ*****لَهُ المَنابِرُ مَشْهُوداً بهَا الجُمَعُ

    يُطَمّعُ الطّيرَ فيهِمْ طُولُ أكْلِهِمِ*****حتى تَكادَ على أحيَائِهِمْ تَقَعُ

    وَلَوْ رَآهُ حَوَارِيّوهُمُ لَبَنَوْا*****على مَحَبّتِهِ الشّرْعَ الذي شَرَعُوا

    لامَ الدُّمُستُقُ عَينَيْهِ وَقَدْ طَلَعَتْ*****سُودُ الغَمَامِ فَظَنّوا أنّها قَزَعُ

    فيها الكُماةُ التي مَفطومُها رَجُلٌ*****على الجِيادِ التي حَوْلِيُّهَا جَذَعُ

    يَذري اللُّقَانُ غُباراً في مَنَاخِرِهَا*****وَفي حَناجِرِهَا مِن آلِسٍ جُرَعُ

    كَأنّهَا تَتَلَقّاهُمْ لِتَسْلُكَهُمْ*****
    فالطّعْنُ يَفْتَحُ في الأجْوَافِ ما يسعُ
    تَهْدِي نَواظِرَهَا وَالحَرْبُ مُظلِمَةٌ
    *****مِنَ الأسِنّةِ نَارٌ وَالقَنَا شَمَعُ
    دُونَ السَّهَامِ وَدُونَ القُرّ طَافِحَةٌ
    *****عَلى نُفُوسِهِمِ المُقْوَرّةُ المُزُعُ
    إذا دَعَا العِلْجُ عِلجاً حالَ بَيْنَهُمَا
    *****أظْمَى تُفَارِقُ مِنهُ أُخْتَهَا الضِّلَعُ
    أجَلُّ مِنْ وَلَدِ الفُقّاسِ مُنكَتِفٌ
    *****إذْ فاتَهُنّ وَأمضَى منهُ مُنصَرِعُ
    وَمَا نَجَا مِنْ شِفارِ البِيضِ مُنفَلِتٌ
    *****نَجَا ومِنْهُنّ في أحْشَائِهِ فَزَعُ
    يُبَاشِرُ الأمْنَ دَهْراً وَهْوَ مُختَبَلٌ
    *****ويَشرَبُ الخَمْرَ حَوْلاً وهوَ ممتقَعُ
    كَمْ مِنْ حُشاشَةِ بِطْرِيقٍ تضَمّنَها
    *****للباتِراتِ أمِينٌ مَا لَهُ وَرَعُ
    يُقاتِلُ الخَطْوَ عَنْهُ حِينَ يَطلُبُهُ
    *****وَيَطرُدُ النّوْمَ عَنْهُ حينَ يَضْطَجعُ
    تَغدو المَنَايا فَلا تَنْفَكّ وَاقِفَةً
    *****حتى يَقُولَ لهَا عُودي فَتَنْدَفعُ
    قُلْ للدُّمُسْتُقِ إنّ المُسْلَمينَ لَكُم
    *****خانُوا الأميرَ فجازاهُمْ بما صَنَعُوا
    وَجَدْتُمُوهُمْ نِيَاماً في دِمائِكُمُ
    *****كأنّ قَتْلاكُمُ إيّاهُمُ فجَعُوا
    ضَعْفَى تَعِفّ الأيَادي عَنْ مِثالِهِمِ
    *****منَ الأعادي وَإنْ هَمّوا بهم نَزَعوا
    لا تَحْسَبُوا مَن أسرْتم كانَ ذا رَمَقٍ
    *****فَلَيْسَ يأكُلُ إلاّ المَيْتَةَ الضبُعُ
    هَلاّ على عَقَبِ الوادي وقد طَلَعَتْ
    *****أُسْدٌ تَمُرّ فُرادَى لَيسَ تجتَمعُ
    تَشُقّكُمْ بفَتَاهَا كُلُّ سَلْهَبَةٍ
    *****والضّرْبُ يأخذُ منكُم فوْقَ ما يدَعُ
    وَإنّما عَرّضَ الله الجُنُودَ بِكُمْ
    *****لكَيْ يَكونوا بلا فَسْلٍ إذا رَجعوا
    فكُلّ غَزْوٍ إلَيكُمْ بَعدَ ذا فَلَهُ
    *****وَكُلّ غازٍ لسَيْفِ الدّوْلةِ التّبَعُ
    تَمْشِي الكِرامُ على آثارِ غَيرِهِمِ
    *****وَأنتَ تَخْلُقُ ما تأتي وَتَبْتَدِعُ
    وَهَلْ يَشينُكَ وَقتٌ كنتَ فَارِسَهُ
    *****وَكانَ غيرَكَ فيهِ العاجِزُ الضَّرَعُ
    مَن كانَ فوْقَ مَحلّ الشّمسِ موْضِعُه
    *****فَلَيْسَ يَرْفَعُهُ شيءٌ وَلا يَضَعُ
    لم يُسلِمِ الكرُّ في الأعقابِ مُهْجَتَهُ
    *****إنْ كانَ أسلَمَها الأصْحابُ وَالشِّيَعُ
    لَيتَ المُلُوكَ على الأقدارِ مُعْطِيَةٌ
    *****فلَمْ يكُنْ لدَنيءٍ عندَهَا طَمَعُ
    رَضِيتَ مِنهُمْ بأنْ زُرْتَ الوَغى فرَأوْا
    *****وَأن قرَعتَ حَبِيكَ البَيضِ فاستَمَعوا
    لَقد أباحَكَ غِشّاً في مُعامَلَةٍ
    *****مَن كنتَ منهُ بغَيرِ الصّدقِ تَنتَفعُ
    الدّهْرُ مُعتَذِرٌ والسّيفُ مُنْتَظِرٌ
    *****وَأرْضُهُمْ لَكَ مُصْطافٌ وَمُرْتَبَعُ
    وَمَا الجِبَالُ لنَصْرانٍ بحَامِيَةٍ
    *****وَلَوْ تَنَصّرَ فيها الأعصَمُ الصَّدَعُ
    وَمَا حَمِدْتُكَ في هَوْلٍ ثَبَتَّ بِهِ
    *****حتى بَلَوْتُكَ وَالأبْطالُ تَمتَصِعُ
    فَقَدْ يُظَنّ شُجاعاً مَنْ بِهِ خَرَقٌ
    *****وَقَدْ يُظَنّ جَبَاناً مَنْ بِهِ زَمَعُ
    إنّ السّلاحَ جَميعُ النّاسِ تَحْمِلُهُ
    *****وَلَيسَ كلُّ ذواتِ المِخْلَبِ السَّبُعُ




    قصة القصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب وقد مر سيف الدولة في هذه الغزاة بسمندو وعبر آلس وهو نهر عظيم، ونزل على صارخة فأحرق ربَضها وكنائسها وربض خرشنة وما حولها، وأكثر القتل وأقام بمكانه أياماً. ثم رحل حتى عبر آلس راجعاً. فلما أمسى نزل السواد وأكثر الجيش، وسرى حتى جاز خرشنة وانتهى إلى بطن لقان في غد ظهراً فلقي الدمستق به. وكان الدمستق في ألوف من الخيل، فلما نظر إلى أوائل خيل المسلمين ظنها سريّة فثبت لها وقاتل أول الناس حتى هزمهم. وأشرف عليه سيف الدولة فانهزم، فقتل من فرسانه خلق وأسر من بطارقته وزرازرته ووجوه رجاله نيف على ثمانين، وأفلت الدمستق. وعاد سيف الدولة إلى عسكره وسواده وقفل غانماً. فلما وصل إلى عقبة تعرف بمقطعة الأثفار صافّه العدو على رأسها. وأخذ ساقة الناس يحميهم. فلما انحدر بعد عبور الناس ركبه العدو فخرج من الفرسان جماعة فنزل سيف الدولة على بردى وهي نهر عظيم، وضبط العدو عقبة السير، وهي عقبة طويلة فلم يقدر على صعودها لضيقها وكثرة العدو بها، فعدل متياسراً في طريق وصفه له بعض الأدلة. وأخذ ساقة الناس يحميهم، فكانت الإبل كثيرة معيية. وجاءه العدو أخر النهار من خلفه وقاتله إلى العشاء، وأظلم الليل وتسلل أصحاب سيف الدولة يطلبون سوادهم، فلما خف عنه أصحابه سار حتى لحق بالسواد تحت عقبة قريبة من بحر الحدث، فوقف وقد أخذ العدو الجبلين من الجانبين وجعل سيف الدولة يستنفر الناس فلا ينفر أحد. ومن نجا من العقبة نهاراً لم يرجع. ومن بقي تحتها لم تكن فيه نصرة. وتخاذل الناس وكانوا قد ملوا السفر. فأمر سيف الدولة بقتل البطارقة والزراورة وكل من كان في السلاسل، وكان فيها مئات. وانصرف سيف الدولة. واجتاز أبو الطيب بجماعة من المسلمين بعضهم نيام بين القتلى من التعب، وبعضهم يحركونهم فيجهزون على من تحرك منهم، فلذلك قال يصف الحال بعد القفول في جماد الآخر سنة تسع وثلاثين وثلاث مائة.

    المصدر
    الشرح:
    اللقان
    : جبل في جنوب تركيا قرب الحدود السورية بينه وبين نهر آلس مسيرة يومين.
    القنا
    : الرماح.
    الغمام
    : المطر.
    الوغى
    : الحرب.
    الأسنة
    : أطرف الرماح والمفرد سِنان.
    البيض
    : السيوف.
    الشفار
    : حد السيف.
    آلس
    : نهر في في جنوب تركيا قرب الحدود السورية بينه وبين جبل اللقان مسيرة يومين.
    الدمستق أراداس فوكاس
    : قائد جيش الروم الذي قاتل سيف الدولة، وهو لقب لكل من يتولى هذا المنصب في العهد البيزنطي. والمعني هنا أرداس (878- 968م)، مِنْ عائلةِ فوكاس، إحدى العوائلِ الإقطاعية الكبيرةِ للأناضول. في عام 945 عُيّنَ القائد الأعلى للجيوشِ البيزنطيةِ في الشرقِ مِن قِبل الإمبراطورِ قسطنطين السّابع بورفيروجينيتوس. ولكنه لَمْ يُحرزْ تقدّمَ كبيرَ ضدّ القواتِ العربيةِ، وقد مني بجُرِوحَ بالغة في 953 واستبدلَ بابنِه نيكيفوروز.

  5. #5
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    طوال قنا تطاعنها قصار


    طِوالُ قَناً تُطاعِنُها قِصَارُ*****وَقَطْرُكَ في نَدًى وَوَغًى بحارُ

    وَفيكَ إذا جَنى الجاني أنَاةٌ*****تُظَنّ كَرَامَةً وَهِيَ احتِقارُ

    وَأخْذٌ للحَواضِرِ وَالبَوادي*****بضَبْطٍ لَمْ تُعَوَّدْهُ نِزارُ

    تَشَمَّمُهُ شَميمَ الوَحْشِ إنْساً*****وَتُنْكِرُهُ فيَعْرُوهَا نِفَارُ

    وَمَا انْقادَتْ لغَيرِكَ في زَمَانٍ*****فتَدْريَ ما المَقَادَةُ وَالصَّغَارُ

    فَقَرّحَتِ المَقَاوِدُ ذِفْرَيَيْهَا*****وَصَعّرَ خَدَّهَا هذا العِذارُ

    وَأطْمَعَ عَامِرَ البُقْيَا عَلَيْهَا*****وَنَزّقَها احتِمالُكَ وَالوَقَارُ

    وَغَيّرَها التّرَاسُلُ والتّشاكي*****وَأعْجَبَهَا التّلَبُّبُ وَالمُغَارُ

    جِيادٌ تَعْجَزُ الأرْسانُ عَنْها*****وَفُرْسانٌ تَضِيقُ بها الدّيَارُ

    وكانَتْ بالتّوَقّفِ عَنْ رَداهَا*****نُفُوساً في رَداهَا تُسْتَشَارُ

    وكنتَ السّيفَ قائِمُهُ إلَيْهِمْ*****وَفي الأعداءِ حَدُّكَ وَالغِرارُ

    فَأمْسَتْ بالبَدِيّةِ شَفْرَتَاهُ*****وَأمْسَى خَلْفَ قَائِمِهِ الحِيارُ

    وَكانَ بَنُو كِلابٍ حَيثُ كَعبٌ*****فخافُوا أنْ يَصِيرُوا حيَثُ صارُوا

    تَلَقّوْا عِزَّ مَوْلاهُمْ بِذُلٍّ*****وَسَارَ إلى بَني كَعبٍ وَسارُوا

    فَأقْبَلَهَا المُرُوجَ مُسَوَّمَاتٍ*****ضَوَامِرَ لا هُزالَ وَلا شِيارُ

    تُثِيرُ عَلى سَلَمْيَةَ مُسْبَطِرّاً*****تَنَاكَرُ تَحْتَهُ لَوْلا الشّعَارُ

    عَجَاجاً تَعثُرُ العِقْبانُ فِيهِ*****كَأنّ الجَوّ وَعْثٌ أوْ خَبَارُ

    وَظَلّ الطّعْنُ في الخَيْلَينِ خَلْساً*****كأنّ المَوْتَ بَيْنَهُمَا اختِصارُ

    فَلَزَّهُمُ الطّرادُ إلى قِتَالٍ*****أحَدُّ سِلاحِهِمْ فيهِ الفِرارُ

    مَضَوْا مُتَسابِقي الأعْضاءِ فيهِ*****لأِرْؤسِهِمْ بأرْجُلِهِمْ عِثَارُ

    يَشُلّهُمُ بكُلّ أقَبَّ نَهْدٍ*****لِفَارِسِهِ عَلى الخَيْلِ الخِيارُ

    وكلِّ أصَمّ يَعْسِلُ جانِبَاهُ*****عَلى الكَعْبَينِ مِنْهُ دَمٌ مُمَارُ

    يُغادِرُ كُلَّ مُلْتَفِتٍ إلَيْهِ*****وَلَبّتُهُ لثَعْلَبِهِ وِجَارُ

    إذا صَرَفَ النّهارُ الضّوْءَ عَنْهُمْ*****دَجَا لَيْلانِ لَيْلٌ وَالغُبَارُ

    وَإنْ جِنْحُ الظّلامِ انجابَ عَنهُمْ*****أضَاءَ المَشْرَفِيّةُ وَالنّهَارُ

    وَيَبْكي خَلفَهُمْ دَثْرٌ بُكاهُ*****رُغَاءٌ أوْ ثُؤاجٌ أوْ يُعَارُ

    غَطَا بالعِثْيَرِ البَيْدَاءَ حتى*****تَحَيّرَتِ المَتَالي وَالعِشَارُ

    وَمَرّوا بالجَبَاةِ يَضُمُّ فيهَا*****كِلا الجَيْشَينِ مِنْ نَقْعٍ إزَارُ

    وَجاؤوا الصَّحصَحانَ بلا سُرُوجٍ*****وَقَدْ سَقَطَ العِمَامةُ وَالخِمارُ

    وَأُرْهِقَتِ العَذارَى مُرْدَفاتٍ*****وَأُوطِئَتِ الأُصَيْبِيَةُ الصّغارُ

    وَقَدْ نُزِحَ الغُوَيْرُ فَلا غُوَيْرٌ*****وَنِهْيَا وَالبُيَيْضَةُ وَالجِفَارُ

    وَلَيسَ بغَيرِ تَدْمُرَ مُسْتَغاثٌ*****وَتَدْمُرُ كاسمِهَا لَهُمُ دَمَارُ

    أرادوا أنْ يُديرُوا الرّأيَ فِيهَا*****فصَبّحَهُمْ برَأيٍ لا يُدارُ

    وَجَيْشٍ كُلّمَا حارُوا بأرْضٍ*****وَأقْبَلَ أقْبَلَتْ فيهِ تَحَارُ

    يَحُفّ أغَرَّ لا قَوَدٌ عَلَيْهِ*****وَلا دِيَةٌ تُساقُ وَلا اعْتِذارُ

    تُرِيقُ سُيُوفُهُ مُهَجَ الأعادي*****وَكُلُّ دَمٍ أرَاقَتْهُ جُبَارُ

    فَكانُوا الأُسدَ لَيسَ لهَا مَصَالٌ*****عَلى طَيرٍ وَلَيسَ لهَا مَطارُ

    إذا فَاتُوا الرّماحَ تَنَاوَلَتْهُمْ*****بأرْمَاحٍ مِنَ العَطَشِ القِفارُ

    يَرَوْنَ المَوْتَ قُدّاماً وَخَلْفاً*****فَيَخْتارُونَ وَالمَوْتُ اضْطِرارُ

    إذا سَلَكَ السّمَاوَةَ غَيرُ هَادٍ*****فَقَتْلاهُمْ لِعَيْنَيْهِ مَنَارُ

    وَلَوْ لمْ يُبْقِ لم تَعِشِ البَقَايَا*****وَفي المَاضي لمَنْ بقيَ اعتِبارُ

    إذا لمْ يُرْعِ سَيّدُهُمْ عَلَيْهِمْ*****فَمَنْ يُرْعي عَلَيْهِمْ أوْ يَغَارُ

    تُفَرّقُهُمْ وَإيّاهُ السّجَايَا*****وَيَجْمَعُهُمْ وَإيّاهُ النِّجَارُ

    وَمَالَ بهَا على أرَكٍ وَعُرْضٍ*****وَأهْلُ الرَّقّتَينِ لهَا مَزَارُ

    وَأجْفَلَ بالفُراتِ بَنُو نُمَيرٍ*****وَزَأْرُهُمُ الذي زَأرُوا خُوارُ

    فَهُمْ حِزَقٌ على الخَابُورِ صَرْعى*****بهِمْ منْ شُرْبِ غَيرِهِمِ خُمارُ

    فَلَمْ يَسرَحْ لهُمْ في الصّبحِ مالٌ*****وَلم تُوقَدْ لَهُمْ باللّيلِ نَارُ

    حِذارَ فَتًى إذا لم يَرْضَ عَنْهُمْ*****فلَيْسَ بنافِعٍ لَهُمُ الحِذارُ

    تَبيتُ وُفُودُهُمْ تَسْرِي إلَيْهِ*****وَجَدْواهُ التي سألُوا اغْتِفَارُ

    فَخَلّفَهُمْ بِرَدّ البِيضِ عَنْهُمْ*****وَهَامُهُمُ لَهُ مَعَهُمْ مُعَارُ

    هُمُ مِمّنْ أذَمّ لَهُمْ عَلَيْهِ*****كَرِيمُ العِرْقِ وَالحَسبُ النُّضَارُ

    فَأصْبَحَ بالعَوَاصِمِ مُسْتَقِرّاً*****وَلَيْسَ لبَحْرِ نَائِلِهِ قَرَارُ

    وَأضْحَى ذِكْرُهُ في كُلّ قُطْرٍ*****تُدارُ على الغِنَاءِ بِهِ العُقارُ

    تَخِرّ لَهُ القَبائِلُ ساجِداتٍ*****وَتَحْمَدُهُ الأسِنّةُ وَالشّفارُ

    كأنّ شُعاعَ عَينِ الشّمسِ فيهِ*****فَفي أبْصارِنَا مِنهُ انْكِسارُ

    فَمَنْ طَلَبَ الطّعانَ فَذَا عَليٌّ*****وَخَيْلُ الله وَالأسَلُ الحِرارُ

    يَرَاهُ النّاسُ حَيثُ رَأتْهُ كَعْبٌ*****بأرْضٍ ما لِنازِلِهَا استِتَارُ

    يُوَسّطُهُ المَفَاوِزَ كُلَّ يَوْمٍ*****طِلابُ الطّالِبِينَ لا الانْتِظارُ

    تَصَاهَلُ خَيْلُهُ مُتَجاوِبَاتٍ*****وَمَا مِنْ عادَةِ الخَيلِ السِّرَارُ

    بَنُو كَعْبٍ وَمَا أثّرْتَ فيهِمْ*****يَدٌ لمْ يُدْمِهَا إلاّ السّوَارُ

    بهَا مِنْ قَطْعِهِ ألَمٌ وَنَقْصٌ*****وَفيها مِنْ جَلالَتِهِ افتِخارُ

    لَهُمْ حَقٌّ بشِرْكِكَ في نِزَارٍ*****وَأدْنَى الشّرْكِ في أصْلٍ جِوارُ

    لَعَلّ بَنيهِمِ لِبَنيكَ جُنْدٌ*****فأوّلُ قُرّحِ الخَيلِ المِهَارُ

    وأنْتَ أبَرُّ مَنْ لَوْ عُقّ أفنى*****وَأعْفَى مَنْ عُقُوبَتُهُ البَوَارُ

    وَأقْدَرُ مَنْ يُهَيّجُهُ انْتِصارٌ*****وَأحْلَمُ مَنْ يُحَلّمُهُ اقتِدارُ

    وَمَا في سَطْوَةِ الأرْبابِ عَيْبٌ*****وَلا في ذِلّةِ العُبْدانِ عَارُ

    المصدر


    قصة القصيدة:
    شرح سيف الدولة لأبي الطيب أمر السرية التي وجهها لقتال بني عقيل وقشير وبني العجلان وبني كلاب حين عاثوا في عمله وخالفوا عليه ويذكر إجفالهم من بين يديه وظفره بهم، لأن أبا الطيب لم يشهدها وسأله أن يصفها، فقال أبو الطيب هذه القصيدة.


    الشرح:

    القنا : الرماح.
    الأَسَلُ : شجر دقيق الأغصان لا ورق له، له شوك طويل ينبت طوالاً مستوياً، من عيدانه تُعمل الحصر.
    المشرفية : من أسماء السيوف، نسبة إلى المشارف، وهي مواضع لصنعها أيام المتنبي.
    الثؤاج : صوت النعجة.
    الغوير : موضع فيه مورد ماء تتبع فيه سيف الدولة فلول بني كلاب الذي دارت بينه وبينهم معركة انتصر فيها عليهم انتصاراً ساحقاً.
    التلبب : التحزم للقتال ولبس الأسلحة.
    العذار : ما سال من اللجام على خد الفرس.
    الرسن : ما كان من الأزمة على الأنف تشد به الدابة والجمع أرسان.
    الردى : الإهلاك والقتل.
    الغرار : ما بين حد السيف إلى عيره الناشز في وسطه.

  6. #6
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    ليالي بعد الظاعنين شكول

    لَيَاليّ بَعْدَ الظّاعِنِينَ شُكُولُ*****طِوالٌ وَلَيْلُ العاشِقينَ طَويلُ
    يُبِنَّ ليَ البَدْرَ الذي لا أُريدُهُ
    *****وَيُخْفِينَ بَدْراً مَا إلَيْهِ سَبيلُ
    وَمَا عِشْتُ مِنْ بَعدِ الأحِبّةِ سَلوَةً
    *****وَلَكِنّني للنّائِبَاتِ حَمُولُ
    وَإنّ رَحِيلاً وَاحِداً حَالَ بَيْنَنَا
    *****وَفي المَوْتِ مِنْ بَعدِ الرّحيلِ رَحيلُ
    إذا كانَ شَمُّ الرَّوحِ أدْنَى إلَيْكُمُ
    *****فَلا بَرِحَتْني رَوْضَةٌ وَقَبُولُ
    وَمَا شَرَقي بالمَاءِ إلاّ تَذكّراً
    *****لمَاءٍ بهِ أهْلُ الحَبيبِ نُزُولُ
    يُحَرّمُهُ لَمْعُ الأسِنّةِ فَوْقَهُ
    *****فَلَيْسَ لِظَمْآنٍ إلَيْهِ وُصُولُ
    أما في النّجوم السّائراتِ وغَيرِهَا
    *****لِعَيْني عَلى ضَوْءِ الصّباحِ دَليلُ
    ألمْ يَرَ هذا اللّيْلُ عَيْنَيْكِ رُؤيَتي
    *****فَتَظْهَرَ فيهِ رِقّةٌ وَنُحُولُ
    لَقيتُ بدَرْبِ القُلّةِ الفَجْرَ لَقْيَةً
    *****شَفَتْ كَبِدي وَاللّيْلُ فِيهِ قَتيلُ
    وَيَوْماً كأنّ الحُسْنَ فيهِ عَلامَةٌ
    *****بعَثْتِ بهَا والشّمسُ منكِ رَسُولُ
    وَما قَبلَ سَيفِ الدّوْلَةِ کثّارَ عاشِقٌ
    *****ولا طُلِبَتْ عندَ الظّلامِ ذُحُولُ
    وَلَكِنّهُ يَأتي بكُلّ غَريبَةٍ
    *****تَرُوقُ عَلى استِغْرابِها وَتَهُولُ
    رَمَى الدّرْبَ بالجُرْدِ الجيادِ إلى العِدى
    *****وَما عَلِمُوا أنّ السّهامَ خُيُولُ
    شَوَائِلَ تَشْوَالَ العَقَارِبِ بالقَنَا
    *****لهَا مَرَحٌ مِنْ تَحْتِهِ وَصَهيلُ
    وَما هيَ إلاّ خَطْرَةٌ عَرَضَتْ لَهُ
    *****بحَرّانَ لَبّتْهَا قَناً وَنُصُولُ
    هُمَامٌ إذا ما هَمّ أمضَى هُمُومَهُ
    *****بأرْعَنَ وَطْءُ المَوْتِ فيهِ ثَقيلُ
    وَخَيْلٍ بَرَاهَا الرّكضُ في كلّ بلدةٍ
    *****إذا عَرّسَتْ فيها فلَيسَ تَقِيلُ
    فَلَمّا تَجَلّى مِنْ دَلُوكٍ وَصَنْجةٍ
    *****عَلَتْ كلَّ طَوْدٍ رَايَةٌ وَرَعيلُ
    على طُرُقٍ فيها على الطُّرْقِ رِفْعَةٌ
    *****وَفي ذِكرِها عِندَ الأنيسِ خُمُولُ
    فَمَا شَعَرُوا حَتى رَأوْهَا مُغِيرَةً
    *****قِبَاحاً وَأمّا خَلْقُها فَجَميلُ
    سَحَائِبُ يَمْطُرْنَ الحَديدَ علَيهِمِ
    *****فكُلُّ مَكانٍ بالسّيوفِ غَسيلُ
    وَأمْسَى السّبَايَا يَنْتَحِبنَ بعِرْقَةٍ
    *****كأنّ جُيُوبَ الثّاكِلاتِ ذُيُولُ
    وَعادَتْ فَظَنّوهَا بمَوْزَارَ قُفّلاً
    *****وَلَيسَ لهَا إلاّ الدّخولَ قُفُولُ
    فَخاضَتْ نَجيعَ القَوْمِ خَوْضاً كأنّهُ
    *****بكُلِّ نَجيعٍ لمْ تَخُضْهُ كَفيلُ
    تُسايِرُها النّيرانُ في كلّ مَنزِلٍ
    *****بهِ القوْمُ صَرْعَى والدّيارُ طُلولُ
    وَكَرّتْ فمَرّتْ في دِماءِ مَلَطْيَةٍ
    *****مَلَطْيَةُ أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ
    وَأضْعَفْنَ ما كُلّفْنَهُ مِنْ قُباقِبٍ
    *****فأضْحَى كأنّ الماءَ فيهِ عَليلُ
    وَرُعْنَ بِنَا قَلْبَ الفُراتِ كأنّمَا
    *****تَخِرُّ عَلَيْهِ بالرّجالِ سُيُولُ
    يُطارِدُ فيهِ مَوْجَهُ كُلُّ سابحٍ
    *****سَواءٌ عَلَيْهِ غَمْرَةٌ وَمسيلُ
    تَراهُ كأنّ المَاءَ مَرّ بجِسْمِهِ
    *****وَأقْبَلَ رَأسٌ وَحْدَهُ وتَليلُ
    وَفي بَطْنِ هِنريطٍ وَسِمْنينَ للظُّبَى
    *****وَصُمِّ القَنَا مِمّنْ أبَدْنَ بَدِيلُ
    طَلَعْنَ عَلَيْهِمْ طَلْعَةً يَعْرِفُونَها
    *****لهَا غُرَرٌ مَا تَنْقَضِي وَحُجُولُ
    تَمَلُّ الحُصُونُ الشُّمُّ طُولَ نِزالِنَا
    *****فَتُلْقي إلَيْنَا أهْلَهَا وَتَزُولُ
    وَبِتْنَ بحصْنِ الرّانِ رَزْحَى منَ الوَجى
    *****وَكُلُّ عَزيزٍ للأمِيرِ ذَلِيلُ
    وَفي كُلِّ نَفْسٍ ما خَلاهُ مَلالَةٌ
    *****وَفي كُلِّ سَيفٍ ما خَلاهُ فُلُولُ
    وَدُونَ سُمَيْساطَ المَطامِيرُ وَالمَلا
    *****وَأوْدِيَةٌ مَجْهُولَةٌ وَهُجُولُ
    لَبِسْنَ الدّجَى فيها إلى أرْضِ مرْعَشٍ
    *****وَللرّومِ خَطْبٌ في البِلادِ جَليلُ
    فَلَمّا رَأوْهُ وَحْدَهُ قَبْلَ جَيْشِهِ
    *****دَرَوْا أنّ كلَّ العالَمِينَ فُضُولُ
    وَأنّ رِمَاحَ الخَطّ عَنْهُ قَصِيرَةٌ
    *****وَأنّ حَديدَ الهِنْدِ عَنهُ كَليلُ
    فأوْرَدَهُمْ صَدْرَ الحِصانِ وَسَيْفَهُ
    *****فَتًى بأسُهُ مِثْلُ العَطاءِ جَزيلُ
    جَوَادٌ عَلى العِلاّتِ بالمالِ كُلّهِ
    *****وَلَكِنّهُ بالدّارِعِينَ بَخيلُ
    فَوَدّعَ قَتْلاهُمْ وَشَيّعَ فَلَّهُمْ
    *****بضَرْبٍ حُزُونُ البَيضِ فيهِ سُهولُ
    على قَلْبِ قُسْطَنْطينَ مِنْهُ تَعَجّبٌ
    *****وَإنْ كانَ في ساقَيْهِ مِنْهُ كُبُولُ
    لَعَلّكَ يَوْماً يا دُمُسْتُقُ عَائِدٌ
    *****فَكَمْ هارِبٍ مِمّا إلَيْهِ يَؤولُ
    نَجَوْتَ بإحْدَى مُهْجَتَيْكَ جرِيحةً
    *****وَخَلّفتَ إحدى مُهجَتَيكَ تَسيلُ
    أتُسْلِمُ للخَطّيّةِ ابنَكَ هَارِباً
    *****وَيَسْكُنَ في الدّنْيا إلَيكَ خَليلُ
    بوَجْهِكَ ما أنْساكَهُ مِنْ مُرِشّةٍ
    *****نَصِيرُكَ منها رَنّةٌ وَعَوِيلُ
    أغَرّكُمُ طولُ الجُيوشِ وَعَرْضُهَا
    *****عَليٌّ شَرُوبٌ للجُيُوشِ أكُولُ
    إذا لم تَكُنْ للّيْثِ إلاّ فَريسَةً
    *****غَذاهُ وَلم يَنْفَعْكَ أنّكَ فِيلُ
    إذا الطّعْنُ لم تُدْخِلْكَ فيهِ شَجاعةٌ
    *****هيَ الطّعنُ لم يُدخِلْكَ فيهِ عَذولُ
    وَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أبْصَرْنَ صَوْلَهُ
    *****فَقَدْ عَلّمَ الأيّامَ كَيفَ تَصُولُ
    فَدَتْكَ مُلُوكٌ لم تُسَمَّ مَوَاضِياً
    *****فإنّكَ ماضِي الشّفْرَتَينِ صَقيلُ
    إذا كانَ بَعضُ النّاسِ سَيفاً لدَوْلَةٍ
    *****فَفي النّاسِ بُوقاتٌ لهَا وطُبُولُ
    أنَا السّابِقُ الهادي إلى ما أقُولُهُ
    *****إذِ القَوْلُ قَبْلَ القائِلِينَ مَقُولُ
    وَما لكَلامِ النّاسِ فيمَا يُريبُني
    *****أُصُولٌ ولا للقائِليهِ أُصُولُ
    أُعَادَى على ما يُوجبُ الحُبَّ للفَتى
    *****وَأهْدَأُ وَالأفكارُ فيّ تَجُولُ
    سِوَى وَجَعِ الحُسّادِ داوِ فإنّهُ
    *****إذا حلّ في قَلْبٍ فَلَيسَ يحُولُ
    وَلا تَطْمَعَنْ من حاسِدٍ في مَوَدّةٍ
    *****وَإنْ كُنْتَ تُبْديهَا لَهُ وَتُنيلُ
    وَإنّا لَنَلْقَى الحادِثاتِ بأنْفُسٍ
    *****كَثيرُ الرّزايا عندَهنّ قَليلُ
    يَهُونُ عَلَيْنَا أنْ تُصابَ جُسُومُنَا
    *****وَتَسْلَمَ أعْراضٌ لَنَا وَعُقُولُ
    فَتيهاً وَفَخْراً تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلٍ
    *****فَأنْتِ لخَيرِ الفاخِرِينَ قَبيلُ
    يَغُمُّ عَلِيّاً أنْ يَمُوتَ عَدُوُّهُ
    *****إذا لم تَغُلْهُ بالأسِنّةِ غُولُ
    شَريكُ المَنَايَا وَالنّفُوسُ غَنيمَةٌ
    *****فَكُلُّ مَمَاتٍ لم يُمِتْهُ غُلُولُ
    فإنْ تَكُنِ الدّوْلاتُ قِسْماً فإنّهَا
    *****لِمَنْ وَرَدَ المَوْتَ الزّؤامَ تَدُولُ
    لِمَنْ هَوّنَ الدّنْيا على النّفسِ ساعَةً
    *****وَللبِيضِ في هامِ الكُماةِ صَليلُ
    المصدر
    قصةالقصيدة:
    رحل سيف الدولة من حلب إلى ديار مضر لاضطراب البادية بها. فنزل حرّان فأخذ رهائن بن عُقيل وقُشير والعجلان. وحدث له بها رأى في الغزو فعبر الفرات إلى دلوك إلى قنطرة صنجة إلى درب القلة فشن الغارة على أرض عرقة وملطية. وعاد ليعبر من درب موزار فوجد العدو قد ضبطه عليه، فرجع وتبعه العدو، فعطف عليه فقتل كثيراً من الأرمن. ورجع إلى ملطية. وعبر قُباقب، وهو نهر، حتى ورد المخاض على الفرات تحت حصن يعرف بالمنشار، فعبر إلى بطن هنزيط وسمنين ونزل بحصن الران، ورحل إلى سُميساط، فورد عليه بها من خبّره أن العدوّ في بلد المسلمين، فأسرع إلى دلوك وعبرها، فأدركه راجعاً على جيحان، فهزمه وأسر قسطنطين بن الدمستق وجرح الدمستق في وجهه. فقال أبو الطيب هذه القصيدة يصف ما كان في جمادي الآخرة سنة اثنتين وأربعين وثلثمائة هجرية ( أكتوبر 953 ميلادي ).


    الشرح:
    درب القُلَّة : موضع.
    المَلا : الأرض الواسعة.
    تَليل : العُنق وما يليها من الصدر.
    شُكولُ : متشابهة.
    ذُحولُ : الحمرة التي تظهر من الشفق بسبب
    وميض النيران الكثيفة المشتعلة في الليل فتحيله إلى صبح.
    الزؤام : السريع.
    أَرعَن : جيش عظيم.
    غلول : الخيانة في الغنيمة.
    عَرَّسَت : نزلت آخر الليل.
    مسيل : المكان الذي يسيل فيه الماء.
    أَرعَن : جيش عظيم.
    نَجيع : دم.
    الظُبى : السيوف.
    حجول
    : بياض في قوائم الخيل.
    رزحى : تعبة معيبة، ومفردها: رازح.
    الوَجى : وجع بحافر الفرس.
    هُجول : جمع هجل، وهو المطمئن من الأرض،
    وقيل: هو الأرض البعيدة الأطراف.

  7. #7
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم


    عُقْبَى اليَمينِ على عُقبَى الوَغَى ندمُ*****ماذا يزيدُكَ في إقدامِكَ القَسَمُ
    وَفي اليَمينِ عَلى ما أنْتَ وَاعِدُهُ
    *****مَا دَلّ أنّكَ في الميعادِ مُتّهَمُ
    آلى الفَتى ابنُ شُمُشْقيقٍ فأحنَثَهُ
    *****فتًى منَ الضّرْبِ تُنسَى عندَه الكَلِمُ
    وَفاعِلٌ ما اشتَهَى يُغنيهِ عن حَلِفٍ
    *****على الفِعْلِ حُضُورُ الفعل وَالكَرَمُ
    كلُّ السّيوفِ إذا طالَ الضّرَابُ بهَا
    *****يَمَسُّهَا غَيرَ سَيفِ الدّوْلَةِ السّأمُ
    لَوْ كَلّتِ الخَيْلُ حتى لا تَحَمَّلُهُ
    *****تَحَمّلَتْهُ إلى أعْدائِهِ الهِمَمُ
    أينَ البَطارِيقُ وَالحَلْفُ الذي حَلَفوا
    *****بمَفرِقِ المَلْكِ وَالزّعمُ الذي زَعَموا
    وَلّى صَوَارِمَهُ إكْذابَ قَوْلِهِمِ
    *****فَهُنّ ألْسِنَةٌ أفْوَاهُها القِمَمُ
    نَوَاطِقٌ مُخْبِرَاتٌ في جَمَاجِمِهِمْ
    *****عَنهُ بما جَهِلُوا مِنْهُ وَما عَلِمُوا
    ألرّاجعُ الخَيلَ مُحْفَاةً مُقَوَّدَةً
    *****من كُلّ مثلِ وَبَارٍ أهْلُهَا إرَمُ
    كَتَلّ بِطْرِيقٍ المَغرُورِ سَاكِنُهَا
    *****بأنّ دَارَكَ قِنِّسْرِينُ وَالأجَمُ
    وَظَنّهِمْ أنّكَ المِصْباحُ في حَلَبٍ
    *****إذا قَصَدْتَ سِوَاها عادَها الظُّلَمُ
    وَالشّمسَ يَعنُونَ إلاّ أنّهم جَهِلُوا
    *****وَالمَوْتَ يَدْعُونَ إلاّ أنّهُم وَهَموا
    فَلَمْ تُتِمّ سَرُوجٌ فَتحَ نَاظِرِهَا
    *****إلاّ وَجَيشُكَ في جَفْنَيْهِ مُزْدَحِمُ
    وَالنّقْعُ يأخُذُ حَرّاناً وَبَقْعتَهَا
    *****وَالشّمسُ تَسفِرُ أحياناً وَتَلْتَثِمُ
    سُحْبٌ تَمُرّ بحصْنِ الرّانِ مُمسِكةً
    *****وَمَا بها البُخلُ لَوْلا أنّها نِقَمُ
    جَيْشٌ كأنّكَ في أرْضٍ تُطاوِلُهُ
    *****فالأرْضُ لا أَمَمٌ وَالجَيشُ لا أمَمُ
    إذا مَضَى عَلَمٌ منها بَدا عَلَمٌ
    *****وَإنْ مَضَى عَلَمٌ مِنْهُ بَدَا عَلَمُ
    وَشُزَّبٌ أحمَتِ الشّعرَى شكائِمَهَا
    *****وَوَسّمَتْها على آنَافِها الحَكَمُ
    حتى وَرَدْنَ بِسِمْنِينٍ بُحَيرَتَهَا
    *****تَنِشُّ بالمَاءِ في أشْداقِهَا اللُّجُمُ
    وَأصْبَحَتْ بقُرَى هِنريطَ جَائِلَةً
    *****تَرْعَى الظُّبَى في خصِيبٍ نَبتُه
    فَمَا تَرَكنَ بها خُلْداً لَهُ بَصَرٌ
    *****تَحْتَ التّرَابِ وَلا بازاً لَهُ قَدَمُ
    وَلا هِزَبْراً لَهُ مِنْ دِرْعِهِ لِبَد
    *****وَلا مَهَاةً لهَا مِنْ شِبْهِهَا حَشَمُ
    تَرْمي على شَفَراتِ البَاتِراتِ بهِمْ
    *****مكامنُ الأرْضِ وَالغيطانُ وَالأكَمُ
    وَجاوَزُوا أرْسَنَاساً مُعصِمِينَ بِهِ
    *****وكيفَ يَعصِمُهُمْ ما ليسَ يَنعَصِمُ
    وَما يَصُدُّكَ عَنْ بَحرٍ لهمْ سَعَةٌ
    *****وَمَا يَرُدُّكَ عن طَوْدٍ لهُمْ شَمَمُ
    ضرَبْتَهُ بصُدورِ الخَيْلِ حامِلَةً
    *****قَوْماً إذا تَلِفوا قُدماً فقد سَلِمُوا
    تَجَفَّلُ المَوْجُ عن لَبّاتِ خَيلِهِمِ
    *****كمَا تَجَفَّلُ تحتَ الغارَةِ النَّعَمُ
    عَبَرْتَ تَقْدُمُهُمْ فيهِ وَفي بَلَدٍ
    *****سُكّانُهُ رِمَمٌ مَسكُونُها حُمَمُ
    وَفي أكُفّهِمِ النّارُ التي عُبِدَتْ
    *****قبل المَجوس إلى ذا اليوْم تَضْطَرِمُ
    هِنْدِيّةٌ إنْ تُصَغّرْ مَعشَراً صَغُرُوا
    *****بحَدّها أوْ تُعَظّمْ مَعشراً عَظُمُوا
    قَاسَمْتَها تَلّ بِطْرِيقٍ فكانَ لَهَا
    *****أبطالُهَا وَلَكَ الأطْفالُ وَالحُرَمُ
    تَلْقَى بهِمْ زَبَدَ التّيّارِ مُقْرَبَةٌ
    *****على جَحافِلِها من نَضْحِهِ رَثَمُ
    دُهْمٌ فَوَارِسُهَا رُكّابُ أبْطُنِها
    *****مَكْدودَةٌ وَبِقَوْمٍ لا بها الألَمُ
    منَ الجِيادِ التي كِدْتَ العَدُوّ بهَا
    *****وَمَا لهَا خِلَقٌ مِنها وَلا شِيَمُ
    نِتَاجُ رَأيِكَ في وَقْتٍ عَلى عَجَلٍ
    *****كَلَفْظِ حَرْفٍ وَعَاهُ سامعٌ فَهِمُ
    وَقَدْ تَمَنّوْا غَداةَ الدّرْبِ في لجَبٍ
    *****أنْ يُبصِرُوكَ فَلَمّا أبصرُوكَ عَمُوا
    صَدَمْتَهُمْ بخَميسٍ أنْتَ غُرّتُهُ
    *****وَسَمْهَرِيّتُهُ في وَجْهِهِ غَمَمُ
    فكانَ أثْبَتُ ما فيهِمْ جُسُومَهُمُ
    *****يَسقُطْنَ حَوْلَكَ وَالأرْواحُ تَنهَزِمُ
    وَالأعوَجيّةُ مِلءُ الطُّرْقِ خَلفَهُمُ
    *****وَالمَشرَفِيّةُ مِلءُ اليوْمِ فَوْقَهُمُ
    إذا تَوَافَقَتِ الضّرْباتُ صَاعِدَةً
    *****تَوَافَقَتْ قُلَلٌ في الجَوّ تَصْطدِمُ
    وَأسْلَمَ ابنُ شُمُشْقيقٍ ألِيّتَهُ
    *****ألاّ انثنى فَهْوَ يَنْأى وَهيَ تَبتَسِمُ
    لا يأمُلُ النّفَسَ الأقصَى لمُهجَتِهِ
    *****فيَسْرِقُ النّفَسَ الأدنَى وَيَغتَنِمُ
    تَرُدّ عَنْهُ قَنَا الفُرْسان سابِغَةٌ
    *****صَوْبُ الأسِنّةِ في أثْنائِها دِيَمُ
    تَخُطّ فيها العَوَالي لَيسَ تَنفُذُهَا
    *****كأنّ كلّ سِنَانٍ فَوْقَهَا قَلَمُ
    فَلا سَقَى الغَيثُ ما وَاراهُ من شجَرٍ
    *****لَوْ زَلّ عَنهُ لوَارَتْ شخصَهُ الرّخَمُ
    ألهَى المَمَالِكَ عن فَخرٍ قَفَلْتَ بهِ
    *****شُرْبُ المُدامةِ وَالأوْتارُ وَالنَّغَمُ
    مُقَلَّداً فَوْقَ شكرِ الله ذا شُطَبٍ
    *****لا تُستَدامُ بأمضَى منهُما النِّعَمُ
    ألقَتْ إلَيكَ دِماءُ الرّومِ طاعَتَهَا
    *****فَلَوْ دعَوْتَ بلا ضَرْبٍ أجابَ دَمُ
    يُسابِقُ القَتلُ فيهِمْ كلَّ حَادِثَةٍ
    *****فَمَا يُصِيبُهُمُ مَوْتٌ وَلا هَرَمُ
    نَفَتْ رُقادَ عَليٍّ عَنْ مَحاجِرِهِ
    *****نَفْسٌ يُفَرّحُ نَفساً غَيرَها الحُلُمُ
    ألقائِمُ المَلِكُ الهادي الذي شَهِدَتْ
    *****قِيَامَهُ وَهُداهُ العُرْبُ وَالعَجَمُ
    ابنُ المُعَفِّرِ في نَجْدٍ فَوَارِسَهَا
    *****بسَيْفِهِ وَلَهُ كُوفانُ وَالحَرَمُ
    لا تَطْلُبَنّ كَريماً بَعْدَ رُؤيَتِهِ
    *****إنّ الكِرامَ بأسخاهُمْ يَداً خُتِمُوا
    وَلا تُبَالِ بِشِعْرٍ بَعْدَ شاعِرِهِ
    *****قد أُفْسِدَ القوْلُ حتى أُحمِدَ الصّممُ
    المصدر

    قصةالقصيدة:
    تحدث بحضرة سيف الدولة أن البطريق أقسم عند ملكه أنه يعارض
    سيف الدولةفي الدرب ويجتهد في لقائه، وسأله انجاده ببطارقته
    ففعل، فخيب الله ظنه وأتعس جده، فقال أبو الطيب هذه القصيدة
    وأنشده بحلب سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.



    المصدر

    الشرح:
    اللمم : الشعر الذي يلمّ بالمنكب وواحدها لمة.
    الضراب : المبارزة.
    العوالي : الرماح.
    النعم : الإبل المملوكة للناس.

  8. #8
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    إلام طماعية العاذل



    إلامَ طَماعِيَةُ العاذِلِ*****ولا رأيَ في الحُبّ للعاقِلِ
    يُرادُ مِنَ القَلْبِ نِسْيانُكُمْ*****وتأبَى الطّباعُ على النّاقِلِ
    وإنّي لأعْشَقُ مِنْ أجْلِكُمْ*****نُحُولي وكلَّ امرىءٍ ناحِلِ
    ولَوْ زُلْتُمُ ثُمّ لمْ أبْكِكُمْ*****بكَيْتُ على حُبّيَ الزّائِلِ
    أيُنكِرُ خَدّي دُموعي وقَدْ*****جرَتْ منهُ في مَسلَكٍ سابِلِ
    أأوّلُ دَمْعٍ جرَى فَوْقَهُ*****وأوّلُ حُزْنٍ على راحِلِ
    وهَبْتُ السّلُوّ لِمَنْ لامَني*****وبِتُّ منَ الشّوْقِ في شاغِلِ
    كأنّ الجُفُونَ على مُقلَتي*****ثِيابٌ شُقِقْنَ على ثاكِلِ
    ولوْ كنتُ في أسرِ غَيرِ الهَوَى*****ضَمِنْتُ ضَمانَ أبي وائِلِ
    فَدَى نَفسَهُ بضَمانِ النُّضارِ*****وأعطَى صُدورَ القَنَا الذّابِلِ
    ومَنّاهُمُ الخَيْلَ مَجْنُوبَةً*****فَجِئْنَ بكُلّ فَتًى باسِلِ
    كأنّ خَلاصَ أبي وائِلٍ*****مُعاوَدَةُ القَمَرِ الآفِلِ
    دَعا فسَمِعتَ وكمْ ساكِتٍ*****على البُعدِ عِندَكَ كالقائِلِ
    فَلَبّيْتَهُ بِكَ في جَحْفَلٍ*****لَهُ ضامِنٍ وبِهِ كافِلِ
    خَرَجنَ منَ النّقْعِ في عارِضٍ*****ومنْ عرَقِ الرّكضِ في وابِلِ
    فَلَمّا نَشِفْنَ لَقِينَ السِّياطَ*****بمِثْلِ صَفَا البَلَدِ الماحِلِ
    شَفَنَّ لخَمْسٍ إلى مَنْ طَلَبنَ*****قُبَيْلَ الشُّفُونِ إلى نازِلِ
    فَدانَتْ مَرافِقُهُنّ الثّرَى*****على ثِقَةٍ بالدّمِ الغاسِلِ
    وما بَينَ كاذَتَيِ المُسْتَغِيرِ*****كمَا بَينَ كاذَتَيِ البائِلِ
    فَلُقِّينَ كُلَّ رُدَيْنِيّةٍ*****ومَصبُوحَةٍ لَبَنَ الشّائِلِ
    وجَيشَ إمَامٍ على ناقَةٍ*****صَحيحِ الإمامَةِ في الباطِلِ
    فأقْبَلْنَ يَنْحَزْنَ قُدّامَهُ*****نَوافِرَ كالنّحْلِ والعاسِلِ
    فلَمّا بدَوْتَ لأصْحابِهِ*****رَأت أُسْدُها آكِلَ الآكِلِ
    بضَرْبٍ يَعُمّهُمُ جائِرٍ*****لَهُ فيهِمِ قِسمَةُ العادِلِ
    وطَعْنٍ يُجَمِّعُ شُذّانَهُمْ*****كمَا اجتَمَعَتْ دِرّةُ الحافِلِ
    إذا ما نَظَرْتَ إلى فارِسٍ*****تَحَيّرَ عَنْ مَذْهَبِ الرّاجِلِ
    فظَلّ يُخَضِّبُ مِنها اللّحَى*****فَتًى لا يُعيدُ على النّاصِلِ
    ولا يَسْتَغيثُ إلى ناصِرٍ*****ولا يَتَضَعْضَعُ مِنْ خاذِلِ
    ولا يَزَعُ الطِّرْفَ عَنْ مُقدَمٍ*****ولا يرْجعُ الطَّرْفَ عنْ هائِلِ
    إذا طَلَبَ التَّبْلَ لم يَشْأهُ*****وإنْ كانَ دَيْناً على ماطِلِ
    خُذُوا ما أتاكمْ بهِ واعذِرُوا*****فإنّ الغَنيمَةَ في العاجِلِ
    وإنْ كانَ أعجَبَكُم عامُكُمْ*****فعُودوا إلى حِمْصَ في القابِلِ
    فإنّ الحُسامَ الخَضيبَ الذي*****قُتِلْتُمْ بهِ في يَدِ القاتِلِ
    يَجودُ بمِثْلِ الذي رُمْتُمُ*****فلَمْ تُدْرِكوهُ على السّائلِ
    أمامَ الكَتيبَةِ تُزْهَى بِهِ*****مَكانَ السّنانِ منَ العامِلِ
    وإنّي لأعْجَبُ مِنْ آمِلٍ*****قِتالاً بكُمٍّ على بازِلِ
    أقالَ لَهُ الله لا تَلْقَهُمْ*****بماضٍ على فَرَسٍ حائِلِ
    إذا ما ضرَبْتَ بهِ هامَةً*****بَراها وغَنّاكَ في الكاهِلِ
    ولَيسَ بأوّلِ ذي هِمّةٍ*****دَعَتْهُ لِمَا لَيسَ بالنّائِلِ
    يُشَمّرُ لِلُّجِّ عَنْ ساقِهِ*****ويَغْمُرُهُ المَوْجُ في السّاحِلِ
    أمَا للخِلافَةِ مِنْ مُشْفِقٍ*****على سَيفِ دَوْلَتِها الفاصِلِ
    يَقُدّ عِداها بِلا ضارِبٍ*****ويَسْري إلَيهِمْ بِلا حامِلِ
    ترَكْتَ جَماجِمَهمْ في النَّقَا*****وما يَتَحَصّلْنَ للنّاخِلِ
    وأنْبَتَّ مِنْهُمْ رَبيعَ السّباعِ*****فأثْنَتْ بإحسانِكَ الشّامِلِ
    وعُدْتَ إلى حَلَبٍ ظافِراً*****كَعَوْدِ الحُليّ إلى العاطِلِ
    ومِثْلُ الذي دُسْتَهُ حافِياً*****يُؤثّرُ في قَدَمِ النّاعِلِ
    وكَمْ لَكَ مِنْ خَبَرٍ شائعٍ*****لَهُ شِيَةُ الأبْلَقِ الجائِلِ
    ويَوْمٍ شَرابُ بَنيهِ الرّدَى*****بَغيضِ الحُضورِ إلى الواغِلِ
    تَفُكّ العُناةَ وتُغْني العُفاةَ*****وتَغفِرُ للمُذْنِبِ الجاهِلِ
    فَهَنّأكَ النّصْرَ مُعْطيكَهُ*****وأرْضاهُ سَعْيُكَ في الآجِلِ
    فَذي الدّارُ أخونُ من مُومِسٍ*****وأخدَعُ مِن كَفّةِ الحابِلِ
    تَفَانَى الرّجالُ على حُبّها*****وما يَحْصُلُونَ على طائِلِ
    المصدر
    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب في مدح سيف الدولة ويذكر استنقاذه أبا وائل تغلب بن داود بن حمدان لما أسره الخارجي في كلب، وكان أبو وائل قد ضمن لهم، وهو في الأسر خيلاً طلبوها منه، منها العروس وابن العروس، وما لا اشترطوه عليه، فأقاموا ينتظرون وصول الخيل والمال، صبحهم الجيش وأبادوهم، وقتل الخارجي في شعبان سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.

    المصدر

    الشرح:
    الحائل : الأنثى من أولاد الإبل.
    الحابل : الذي ينصب الحبال ليصيد بها.
    الجحفل : الجيش العظيم.
    النضار : الخالص.

  9. #9
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    الرأي قبل شجاعة الشجعان

    الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ*****هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني
    فإذا همَا اجْتَمَعَا لنَفْسٍ حُرّةٍ
    *****بَلَغَتْ مِنَ العَلْياءِ كلّ مكانِ
    وَلَرُبّما طَعَنَ الفَتى أقْرَانَهُ
    *****بالرّأيِ قَبْلَ تَطَاعُنِ الأقرانِ
    لَوْلا العُقولُ لكانَ أدنَى ضَيغَمٍ
    *****أدنَى إلى شَرَفٍ مِنَ الإنْسَانِ
    وَلما تَفَاضَلَتِ النّفُوسُ وَدَبّرَتْ
    *****أيدي الكُماةِ عَوَاليَ المُرّانِ
    لَوْلا سَميُّ سُيُوفِهِ وَمَضَاؤهُ
    *****لمّا سُلِلْنَ لَكُنّ كالأجْفانِ
    خاضَ الحِمَامَ بهنّ حتى ما دُرَى
    *****أمِنِ احتِقارٍ ذاكَ أمْ نِسْيَانِ
    وَسَعَى فَقَصّرَ عن مَداهُ في العُلى
    *****أهْلُ الزّمانِ وَأهْلُ كلّ زَمَانِ
    تَخِذُوا المَجالِسَ في البُيُوتِ وَعندَه
    *****أنّ السّرُوجَ مَجالِسُ الفِتيانِ
    وَتَوَهّموا اللعِبَ الوَغى والطعنُ في الـ
    *****ـهَيجاءِ غَيرُ الطّعْنِ في الميدانِ
    قادَ الجِيَادَ إلى الطّعانِ وَلم يَقُدْ
    *****إلاّ إلى العاداتِ وَالأوْطانِ
    كُلَّ ابنِ سَابقَةٍ يُغيرُ بحُسْنِهِ
    *****في قَلْبِ صاحِبِهِ عَلى الأحزانِ
    إنْ خُلِّيَتْ رُبِطَتْ بآدابِ الوَغَى
    *****فدُعاؤها يُغني عنِ الأرْسانِ
    في جَحْفَلٍ سَتَرَ العُيُونَ غبارُهُ
    *****فكأنّمَا يُبْصِرْنَ بالآذانِ
    يَرْمي بهَا البَلَدَ البَعيدَ مُظَفَّرٌ
    *****كُلُّ البَعيدِ لَهُ قَرِيبٌ دانِ
    فكأنّ أرْجُلَهَا بتُرْبَةِ مَنْبِجٍ
    *****يَطرَحنَ أيديَها بحِصْنِ الرّانِ
    حتى عَبرْنَ بأرْسَنَاسَ سَوَابحاً
    *****يَنْشُرْنَ فيهِ عَمَائِمَ الفُرْسانِ
    يَقْمُصْنَ في مثلِ المُدَى من بارِدٍ
    *****يَذَرُ الفُحُولَ وَهنّ كالخصْيانِ
    وَالماءُ بَينَ عَجاجَتَينِ مُخَلِّصٌ
    *****تَتَفَرّقانِ بِهِ وَتَلْتَقِيَانِ
    رَكَضَ الأميرُ وَكاللُّجَينِ حَبَابُهُ
    *****وَثَنى الأعِنّةَ وَهْوَ كالعِقيانِ
    فَتَلَ الحِبالَ مِنَ الغَدائِرِ فوْقَهُ
    *****وَبَنى السّفينَ لَهُ منَ الصّلْبانِ
    وَحَشاهُ عادِيَةً بغَيرِ قَوَائِمٍ
    *****عُقُمَ البطونِ حَوَالِكَ الألوَانِ
    تأتي بما سَبَتِ الخُيُولُ كأنّهَا
    *****تحتَ الحِسانِ مَرَابضُ الغِزْلانِ
    بَحْرٌ تَعَوّدَ أنْ يُذِمّ لأهْلِهِ
    *****من دَهْرِهِ وَطَوَارِقِ الحِدْثَانِ
    فتَرَكْتَهُ وَإذا أذَمّ مِنَ الوَرَى
    *****رَاعَاكَ وَاستَثنى بَني حَمدانِ
    ألمُخْفِرِينَ بكُلّ أبيَضَ صَارِمٍ
    *****ذِممَ الدّرُوعِ على ذوي التّيجانِ
    مُتَصَعْلِكينَ على كَثَافَةِ مُلكِهم
    *****مُتَوَاضِعِينَ على عَظيمِ الشّانِ
    يَتَقَيّلُونَ ظِلالَ كُلّ مُطَهَّمٍ
    *****أجَلِ الظّليمِ وَرِبْقَةِ السِّرْحانِ
    خَضَعتْ لمُنصُلكَ المَناصِلُ عَنوَةً
    *****وَأذَلّ دِينُكَ سَائِرَ الأدْيانِ
    وَعلى الدّروبِ وَفي الرّجوعِ غضَاضَةٌ
    *****وَالسّيرُ مُمْتَنِعٌ مِنَ الإمْكانِ
    وَالطّرْقُ ضَيّقَةُ المَسَالِكِ بالقَنَا
    *****وَالكُفْرُ مُجتَمعٌ على الإيمَانِ
    نَظَرُوا إلى زُبَرِ الحَديدِ كأنّمَا
    *****يَصْعَدْنَ بَينَ مَناكِبِ العِقْبانِ
    وَفَوَارِسٍ يُحيي الحِمامُ نُفوسَها
    *****فكأنّهَا لَيستْ مِنَ الحَيَوَانِ
    مَا زِلتَ تَضرِبهُم دِرَاكاً في الذُّرَى
    *****ضَرْباً كأنّ السّيفَ فيهِ اثْنانِ
    خصّ الجَماجمَ وَالوُجوهَ كأنّمَا
    *****جاءتْ إليكَ جُسُومُهمْ بأمانِ
    فرَمَوْا بما يَرْمونَ عَنْهُ وَأدْبَرُوا
    *****يَطَأونَ كُلّ حَنِيّةٍ مِرْنَانِ
    يَغشاهُمُ مَطَرُ السّحاب مُفَصَّل
    *****بمُهَنّدٍ وَمُثَقَّفٍ وَسِنَانِ
    حُرِموا الذي أمَلُوا وَأدرَكَ منهُمُ
    *****آمَالَهُ مَنْ عادَ بالحِرْمانِ
    وَإذا الرّماحُ شَغَلنَ مُهجَةَ ثائِرٍ
    *****شَغَلَتْهُ مُهْجَتُهُ عَنِ الإخْوَانِ
    هَيهاتِ عاقَ عنِ العِوادِ قَوَاضِبٌ
    *****كَثُرَ القَتيلُ بها وَقَلّ العَاني
    وَمُهَذَّبٌ أمَرَ المَنَايَا فِيهِمِ
    *****فأطَعْنَهُ في طاعَةِ الرّحْمانِ
    قد سَوّدتْ شجرَ الجبالِ شُعُورُهم
    *****فكأنّ فيهِ مُسِفّةَ الغِرْبانِ
    وَجَرَى على الوَرَقِ النّجيعُ القَاني
    *****فكأنّهُ النّارَنْجُ في الأغصانِ
    إنّ السّيُوفَ معَ الذينَ قُلُوبُهُمْ
    *****كقُلُوبهنّ إذا التَقَى الجَمعانِ
    تَلْقَى الحُسامَ على جَرَاءَةِ حدّهِ
    *****مثلَ الجَبانِ بكَفّ كلّ جَبَانِ
    رَفعتْ بكَ العرَبُ العِمادَ وَصَيّرَتْ
    *****قِمَمَ المُلُوكِ مَوَاقِدَ النّيرانِ
    أنسابُ فَخرِهِمِ إلَيْكَ وَإنّمَا
    *****أنْسَابُ أصْلِهِمِ إلى عَدْنَانِ
    يا مَنْ يُقَتِّلُ مَنْ أرَادَ بسَيْفِهِ
    *****أصْبَحتُ منْ قَتلاكَ بالإحْسانِ
    فإذا رَأيتُكَ حارَ دونَكَ نَاظرِي
    *****وَإذا مَدَحتُكَ حارَ فيكَ لِساني
    المصدر

    قصةالقصيدة:
    غزا سيف الدولة من حلب وأبو الطيب معه، وقد أعد الآلات لعبور أرسناس، فاجتاز بحصن الران وهو في يده. ثم اجتاز ببحيرة سمنين ثم بهنزيط. وعبرت الروم والأرمن أرسناس. وهو نهر عظيم لا يكاد أحد يعبره سباحة إلا جره وذهب به لشدته وشدة برده، فسبح الخيل حتى عبرته خلفهم إلى تل بطريق. وهي مدينة لهم. فغرق جماعة. وأحرق تل بطريق وقتل من وجد بها. وأقام أياماً على أرسنساس وعقد بها سماريات يعبر السبي فيها.
    ثم قفل، فاعترضه البطريق في الدرب بالجيش. وارتفع في ذلك الوقت سحاب عظيم. وجاء مطر جود. ووقع القتال تحت المطر، ومع البطريق نحو ثلاثة آلاف قوس. فابتلت أوتار القسى فلم تنفع. وانهزم أصحابه، ثم انهزم بعد أن قاتل وأبلى، وعلقت به الخيل فجعل يحمي نفسه حتى سلم.
    فقال أبو الطيب هذه القصيدة وأنشدها لسيف الدولة بآمد، وكان دخوله إليها منصرفاً من بلاد الروم في آخر نهار يوم الأحد لعشر خلون من صفر سنة خمس وأربعين وثلاثمائة.


    الشرح:
    قواضب : قواطع الحديد ومفردها قاضب.
    الحِمام : الموت.
    مطهم : حسن.



  10. #10
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    أوه بديل من قولتي واها

    أوْهِ بَدِيلٌ مِنْ قَوْلَتي وَاهَا*****لمَنْ نَأتْ وَالبَديلُ ذِكْراهَا
    أوْهِ لِمَنْ لا أرَى مَحَاسِنَها
    *****وَأصْلُ وَاهاً وَأوْهِ مَرْآهَا
    شَامِيّةٌ طَالَمَا خَلَوْتُ بهَا
    *****تُبْصِرُ في ناظِري مُحَيّاهَا
    فَقَبّلَتْ نَاظِري تُغالِطُني
    *****وَإنّمَا قَبّلَتْ بهِ فَاهَا
    فَلَيْتَهَا لا تَزَالُ آوِيَةً
    *****وَلَيْتَهُ لا يَزَالُ مَأوَاهَا
    كُلُّ جَرِيحٍ تُرْجَى سَلامَتُهُ
    *****إلاّ فُؤاداً رَمَتْهُ عَيْنَاهَا
    تَبُلُّ خَدّيّ كُلّمَا ابتَسَمَتْ
    *****مِنْ مَطَرٍ بَرْقُهُ ثَنَايَاهَا
    مَا نَفَضَتْ في يدي غَدائِرُهَا
    *****جَعَلْتُهُ في المُدامِ أفْوَاهَا
    في بَلَدٍ تُضْرَبُ الحِجالُ بهِ
    *****عَلى حِسَانٍ وَلَسْنَ أشْبَاهَا
    لَقِينَنَا وَالحُمُولُ سَائِرَةٌ
    *****وَهُنّ دُرٌّ فَذُبنَ أمْوَاهَا
    كُلُّ مَهَاةٍ كأنّ مُقْلَتَهَا
    *****تَقُولُ إيّاكُمُ وَإيّاهَا
    فيهِنّ مَنْ تَقْطُرُ السّيُوفُ دَماً
    *****إذا لِسَانُ المُحِبّ سَمّاهَا
    أُحِبّ حِمْصاً إلى خُناصِرَةٍ
    *****وَكُلُّ نَفْسٍ تُحبّ مَحْيَاهَا
    حَيثُ التَقَى خَدُّها وَتُفّاحُ لُبْـ
    *****ـنَانَ وَثَغْري عَلى حُمَيّاهَا
    وَصِفْتُ فِيها مَصِيفَ بَادِيَةٍ
    *****شَتَوْتُ بالصّحصَحانِ مَشتاهَا
    إنْ أعشَبَتْ رَوْضَةٌ رَعَيْنَاهَا
    *****أوْ ذُكِرَتْ حِلّةٌ غَزَوْنَاهَا
    أوْ عَرَضَتْ عَانَةٌ مُقَزَّعَةٌ
    *****صِدْنَا بأُخْرَى الجِيادِ أُولاهَا
    أوْ عَبَرَتْ هَجْمَةٌ بنا تُرِكَتْ
    *****تَكُوسُ بَينَ الشُّرُوبِ عَقرَاهَا
    وَالخَيْلُ مَطْرُودَةٌ وَطارِدَةٌ
    *****تَجُرّ طُولى القَنَا وَقُصْرَاهَا
    يُعْجِبُهَا قَتْلُهَا الكُماةَ وَلا
    *****يُنظِرُهَا الدّهْرُ بعدَ قَتْلاهَا
    وَقَدْ رَأيْتُ المُلُوكَ قاطِبَةً
    *****وَسِرْتُ حتى رَأيْتُ مَوْلاهَا
    وَمَنْ مَنَايَاهُمْ بِرَاحَتِهِ
    *****يأمُرُهَا فيهِمِ وَيَنْهَاهَا
    أبَا شُجاعٍ بِفارِسٍ عَضُدَ الدّوْ
    *****لَةِ فَنّاخُسْرُواً شَهَنْشَاهَا
    أسَامِياً لم تَزِدْهُ مَعْرِفَةً
    *****وَإنّمَا لَذّةً ذَكَرْنَاهَا
    تَقُودُ مُسْتَحْسَنَ الكَلامِ لَنَا
    *****كما تَقُودُ السّحابَ عُظْمَاهَا
    هُوَ النّفِيسُ الذي مَوَاهِبُهُ
    *****أنْفَسُ أمْوَالِهِ وَأسْنَاهَا
    لَوْ فَطِنَتْ خَيْلُهُ لِنَائِلِهِ
    *****لم يُرْضِهَا أنْ تَرَاهُ يَرْضَاهَا
    لا تَجِدُ الخَمْرُ في مَكارِمِهِ
    *****إذا انْتَشَى خَلّةً تَلافَاهَا
    تُصَاحِبُ الرّاحُ أرْيَحِيّتَهُ
    *****فَتَسْقُطُ الرّاحُ دونَ أدْنَاهَا
    تَسُرُّ طَرْبَاتُهُ كَرَائِنَهُ
    *****ثمّ تُزِيلُ السّرُورَ عُقْبَاهَا
    بكُلّ مَوْهُوبَةٍ مُوَلْوِلَةٍ
    *****قَاطِعَةٍ زِيرَهَا وَمَثْنَاهَا
    تَعُومُ عَوْمَ القَذاةِ في زَبَدٍ
    *****مِن جُودِ كَفّ الأميرِ يَغشَاهَا
    تُشْرِقُ تِيجَانُهُ بِغُرّتِهِ
    *****إشْرَاقَ ألْفاظِهِ بمَعْنَاهَا
    دانَ لَهُ شَرْقُهَا وَمَغْرِبُهَا
    *****وَنَفْسُهُ تَسْتَقِلّ دُنْيَاهَا
    تَجَمّعَتْ في فُؤادِهِ هِمَمٌ
    *****مِلْءُ فُؤادِ الزّمَانِ إحْداهَا
    فإنْ أتَى حَظُّهَا بأزْمِنَةٍ
    *****أوْسَعَ مِنْ ذا الزّمانِ أبْداهَا
    وَصَارَتِ الفَيْلَقَانِ وَاحِدَةً
    *****تَعْثُرُ أحْيَاؤهَا بمَوْتَاهَا
    وَدارَتِ النّيّرَاتُ في فَلَكٍ
    *****تَسْجُدُ أقْمَارُهَا لأبْهَاهَا
    ألفَارِسُ المُتّقَى السّلاحُ بِهِ الـ
    *****ـمُثْني عَلَيْهِ الوَغَى وَخَيْلاهَا
    لَوْ أنْكَرَتْ منْ حَيَائِهَا يَدُهُ
    *****في الحَرْبِ آثَارَهَا عَرَفْنَاهَا
    وَكَيفَ تَخْفَى التي زِيادَتُهَا
    *****وَنَاقِعُ المَوْتِ بَعضُ سِيمَاها
    ألوَاسعُ العُذْرِ أنْ يَتِيهَ على الـ
    *****ـدّنْيَا وَأبْنَائِهَا وَمَا تَاهَا
    لَوْ كَفَرَ العالَمُونَ نِعْمَتَهُ
    *****لمَا عَدَتْ نَفْسُهُ سَجَايَاهَا
    كالشَمسِ لا تَبتَغي بما صَنَعَتْ
    *****مَعْرِفَةً عِنْدَهُمْ وَلا جَاهَا
    وَلِّ السّلاطِينَ مَنْ تَوَلاّهَا
    *****وَالجَأْ إلَيْهِ تَكُنْ حُدَيّاهَا
    وَلا تَغُرّنّكَ الإمَارَةُ في
    *****غَيرِ أمِيرٍ وَإنْ بهَا بَاهَى
    فإنّمَا المَلْكُ رَبّ مَمْلَكَةٍ
    *****قَدْ أفْعَمَ الخافِقَينِ رَيّاهَا
    مُبْتَسِمٌ وَالوُجُوهُ عَابِسَةٌ
    *****سِلْمُ العِدى عِندَهُ كَهَيْجاهَا
    ألنّاسُ كالعَابِدِينَ آلِهَةً
    *****وَعَبْدُهُ كالمُوَحِّدِ اللّهَ
    المصدر

    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب في مدح عضد الدولة.
    الشرح:
    بغرته : بوجهه.
    الحلة : جماعة بيوت الأعراب والجمع حلل.

  11. #11
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    في الخد أن عزم الخليط رحيلا


    في الخَدّ أنْ عَزَمَ الخَليطُ رَحيلا*****مَطَرٌ تَزيدُ بهِ الخُدودُ مُحُولا
    يا نَظْرَةً نَفَتِ الرُّقادَ وغادَرَتْ*****في حَدّ قَلبي ما حَيِيتُ فُلُولا
    كَانَتْ مِنَ الكَحْلاءِ سُؤلي إنّما*****أجَلي تَمَثّلَ في فُؤادي سُولا
    أجِدُ الجَفَاءَ على سِواكِ مُرُوءَةً*****والصّبرَ إلاّ في نَواكِ جَميلا
    وأرَى تَدَلُّلَكِ الكَثيرَ مُحَبَّباً*****وأرَى قَليلَ تَدَلُّلٍ مَمْلُولا
    حَدَقُ الحِسانِ من الغواني هِجنَ لي*****يَوْمَ الفِراقِ صَبابَةً وغَليلا
    حَدَقٌ يُذِمّ مِنَ القَواتِلِ غيرَها*****بَدْرُ بنُ عَمّارِ بنِ إسْماعِيلا
    ألفَارِجُ الكُرَبَ العِظامَ بمِثْلِها*****والتّارِكُ المَلِكَ العزيزَ ذَليلا
    مَحِكٌ إذا مَطَلَ الغَريمُ بدَيْنِهِ*****جَعَلَ الحُسامَ بمَا أرَادَ كَفيلا
    نَطِقٌ إذا حَطّ الكَلامُ لِثامَهُ*****أعْطَى بمَنْطِقِهِ القُلُوبَ عُقُولا
    أعْدَى الزّمانَ سَخاؤهُ فَسَخا بهِ*****ولَقَدْ يكونُ بهِ الزّمانُ بَخيلا
    وكأنّ بَرْقاً في مُتُونِ غَمامةٍ*****هِنْدِيُّهُ في كَفّهِ مَسْلُولا
    ومَحَلُّ قائِمِهِ يَسيلُ مَواهِباً*****لَوْ كُنّ سَيْلاً ما وَجَدْنَ مَسيلا
    رَقّتْ مَضارِبُهُ فَهُنّ كأنّمَا*****يُبْدينَ مِنْ عِشقِ الرّقابِ نُحُولا
    أمُعَفِّرَ اللّيْثِ الهِزَبْرِ بسَوْطِهِ*****لمَنِ ادّخَرْتَ الصّارِمَ المَصْقُولا
    وَقَعَتْ على الأُرْدُنّ مِنْهُ بَلِيّةٌ*****نُضِدَتْ بها هامُ الرّفاقِ تُلُولا
    وَرْدٌ إذا وَرَدَ البُحَيرَةَ شارِباً*****وَرَدَ الفُراتَ زَئِيرُهُ والنّيلا
    مُتَخَضّبٌ بدَمِ الفَوارِسِ لابِسٌ*****في غِيلِهِ مِنْ لِبْدَتَيْهِ غِيلا
    ما قُوبِلَتْ عَيْناهُ إلاّ ظُنّتَا*****تَحْتَ الدُّجَى نارَ الفَريقِ حُلُولا
    في وَحْدَةِ الرُّهْبَانِ إلاّ أنّهُ*****لا يَعْرِفُ التّحْرِيمَ والتّحْليلا
    يَطَأُ الثّرَى مُتَرَفّقاً مِنْ تِيهِهِ*****فكأنّهُ آسٍ يَجُسّ عَلِيلا
    ويَردّ عُفْرَتَه إلى يَأفُوخِهِ*****حتى تَصِيرَ لرَأسِهِ إكْليلا
    وتَظُنّهُ مِمّا يُزَمْجِرُ نَفْسُهُ*****عَنْها لِشِدّةِ غَيظِهِ مَشْغُولا
    قَصَرَتْ مَخَافَتُهُ الخُطى فكأنّما*****رَكِبَ الكَميُّ جَوادَهُ مَشْكُولا
    ألْقَى فَريسَتَهُ وبَرْبَرَ دونَهَا*****وقَرُبْتَ قُرْباً خالَهُ تَطْفِيلا
    فتَشابَهَ الخُلُقانِ في إقْدامِهِ*****وتَخالَفَا في بَذْلِكَ المأْكُولا
    أسَدٌ يَرَى عُضْوَيهِ فيكَ كِلَيْهِما*****مَتْناً أزَلَّ وساعداً مَفْتُولا
    في سرْجِ ظامِئَةِ الفُصوصِ طِمِرّةٍ*****يأبَى تَفَرُّدُها لهَا التّمْثيلا
    نَيَّالةِ الطَّلِبَاتِ لَوْلا أنَّهَا*****تُعْطي مَكانَ لِجامِها مَا نِيلا
    تَنْدَى سَوالفُها إذا استَحضَرْتَها*****ويُظَنّ عَقْدُ عِنانِها مَحْلُولا
    ما زالَ يَجْمَعُ نَفْسَهُ في زَوْرِهِ*****حتى حَسِبْتَ العَرْضَ منه الطّولا
    ويَدُقّ بالصّدْرِ الحِجارَ كأنّه*****يَبْغي إلى ما في الحَضِيضِ سَبيلا
    وكأنّهُ غَرّتْهُ عَيْنٌ فادّنَى*****لا يُبْصِرُ الخَطْبَ الجَليلَ جَليلا
    أنَفُ الكَريمِ مِنَ الدّنيئَةِ تارِكٌ*****في عَينِهِ العَدَدَ الكَثيرَ قَليلا
    والعارُ مَضّاضٌ ولَيسَ بخائِفٍ*****مِنْ حَتْفِهِ مَنْ خافَ ممّا قِيلا
    سَبَقَ التِقاءَكَهُ بوَثْبَةِ هاجِمٍ*****لَوْ لم تُصادِمْهُ لجازَكَ مِيلا
    خَذَلَتْهُ قُوّتُهُ وقَدْ كافَحْتَهُ*****فاستَنْصَرَ التّسْليمَ والتّجْديلا
    قَبَضَتْ مَنِيّتُهُ يَدَيْهِ وعُنْقَهُ*****فَكَأنّما صادَفْتَهُ مَغْلُولا
    سَمِعَ ابنُ عَمّتِهِ بهِ وبحالِهِ*****فنَجا يُهَرْوِلُ أمسِ منكَ مَهُولا
    وأمَرُّ مِمّا فَرّ مِنْهُ فِرارُهُ*****وكَقَتْلِهِ أنْ لا يَمُوتَ قَتيلا
    تَلَفُ الذي اتّخَذَ الجراءَةَ خُلّةً*****وعَظَ الذي اتّخَذَ الفِرارَ خَليلا
    لَوْ كانَ عِلْمُكَ بالإلهِ مُقَسَّماً*****في النّاسِ ما بَعَثَ الإل؟هُ رَسُولا
    لَوْ كانَ لَفْظُكَ فيهِمُ ما أنزَلَ الـ*****ـفُرْقانَ والتّوْراةَ والإنْجيلا
    لَوْ كانَ ما تُعطيهِمُ من قبلِ أنْ*****تُعْطيهِمُ لَمْ يَعرِفُوا التّأمِيلا
    فلَقَدْ عُرِفْتَ وما عُرِفتَ حَقيقَةً*****ولقد جُهِلْتَ وما جُهِلْتَ خُمُولا
    نَطَقَتْ بسُؤدُدِكَ الحَمامُ تَغَنّياً*****وبما تُجَشّمُها الجِيادُ صَهيلا
    ما كلّ مَنْ طَلَبَ المَعالي نافِذاً*****فيها ولا كُلّ الرّجالِ فُحُولاَ
    المصدر


    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب لما خرج بدر بن عمار، صاحب طبرية، إلى أسد فهرب الأسد، وكان خرج قبله إلى أسد فهاجه عن بقرة افترسها بعد أن شبع، وثقل فوثب على كفل فرسه فأعجله عن استلال سيفه فضربه بسوطه، ودار الجيش به فقتل.

    الشرح:
    نواك : فراقك والبعد عنك.
    الصارم : السيف.
    بدر بن عمارِ : هو الأمير أبو الحسين، بدر بن عمار بن إسماعيل الأسدي الطبرستاني،
    أمير صور وصيدا ومرجعيون، وقيل أمير طبرية، ذكره المتنبي في أشعاره، وامتدحه.
    وكان بدر عامل الأمير أبو الحسن رائق بن الخضر الغساني أمير الجنوب من طرابلس
    إلى طبرية،وعامل ابنه من بعده الأمير محمد بن رائق المعروف بأمير الأمراء.

  12. #12
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    إثلث فإنا أيها الطلل


    إثْلِثْ! فإنّا أيّهَا الطّلَلُ*****نبْكي وَتُرْزِمُ تَحْتَنَا الإبِلُ
    أوْ لا فَلا عَتْبٌ عَلى طَلَلٍ
    *****إنّ الطّلُولَ لمِثْلِهَا فُعُلُ
    لَوْ كُنْتَ تَنْطِقُ قُلتَ مُعتَذِراً
    *****بي غَيرُ ما بكَ أيّهَا الرّجُلُ
    أبكاكَ أنّكَ بَعضُ مَن شَغَفُوا
    *****لم أبكِ أنّي بَعضُ مَن قَتَلُوا
    إنّ الذينَ أقَمْتَ وَارْتَحَلُوا
    *****أيّامُهُمْ لِدِيَارِهِمْ دُوَلُ
    الحُسْنُ يَرْحَلُ كُلّمَا رَحلوا
    *****مَعَهُمْ وَيَنْزِلُ حَيثُمَا نَزَلُوا
    في مُقْلَتيْ رَشَإٍ تُديرُهُمَا
    *****بَدَوِيّةٌ فُتِنَتْ بهَا الحِلَلُ
    تَشكُو المَطاعِمُ طولَ هِجرَتِها
    *****وَصُدودَها وَمَنِ الذي تَصِلُ
    ما أسْأرَتْ في القَعْبِ مِن لَبَنٍ
    *****تَرَكَتهُ وَهوَ المِسكُ وَالعَسَلُ
    قالَتْ ألا تَصْحُو فَقُلتُ لَهَا
    *****أعْلَمْتِني أنّ الهَوَى ثَمَلُ
    لَوْ أنّ فَنّاخُسْرَ صَبّحَكُمْ
    *****وَبَرَزْتِ وَحْدَكِ عاقَهُ الغَزَلُ
    وَتَفَرّقَتْ عَنكُمْ كَتَائِبُهُ
    *****إنّ المِلاحَ خَوَادِعٌ قُتُلُ
    مَا كُنتِ فَاعِلَةً وَضَيْفُكُمُ
    *****مَلِكُ المُلُوكِ وَشأنُكِ البَخَلُ
    أتُمَنّعِينَ قِرىً فتَفْتَضِحي
    *****أمْ تَبْذِلينَ لَهُ الذي يَسَلُ
    بَلْ لا يَحِلّ بحَيْثُ حَلّ بِهِ
    *****بُخْلٌ وَلا خَوَرٌ وَلا وَجَلُ
    مَلِكٌ إذا مَا الرُّمحُ أدرَكَهُ
    *****طَنَبٌ ذَكَرْنَاهُ فَيَعْتَدِلُ
    إنْ لم يَكُنْ مَن قَبلَهُ عَجَزُوا
    *****عَمّا يَسُوسُ بهِ فَقد غَفَلُوا
    حتى أتَى الدّنْيَا ابنُ بَجدَتِهَا
    *****فَشكَا إلَيْه السّهلُ وَالجَبَلُ
    شكوَى العَليلِ إلى الكَفيلِ لَهُ
    *****أنْ لا تَمُرَّ بجِسْمِهِ العِلَلُ
    قالَتْ فَلا كَذَبَتْ شَجاعَتُهُ
    *****أقْدِمْ فنَفْسُكَ مَا لهَا أجَلُ
    فَهُوَ النّهَايَةُ إنْ جَرَى مَثَلٌ
    *****أوْ قيلَ يَوْمَ وَغىً منِ البَطَلُ
    عُدَدُ الوُفُودِ العَامِدينَ لَهُ
    *****دونَ السّلاحِ الشُّكلُ وَالعُقُلُ
    فَلِشُكْلِهِمْ في خَيْلِهِ عَمَلٌ
    *****وَلِعُقْلِهِمْ في بُخْتِهِ شُغُلُ
    تُمْسِي على أيْدي مَوَاهِبِهِ
    *****هِيَ أوْ بَقِيّتُهَا أوِ البَدَلُ
    يُشْتَاقُ مِنْ يَدِهِ إلى سَبَلٍ
    *****شَوْقاً إلَيْهِ يَنْبُتُ الأسَلُ
    سَبَلٌ تَطُولُ المَكْرُماتُ بِهِ
    *****وَالمَجْدُ لا الحَوْذانُ وَالنَّفَلُ
    وَإلى حَصَى أرْضٍ أقَامَ بهَا
    *****بالنّاسِ مِنْ تَقبيلِهِ يَلَلُ
    إنْ لم تُخَالِطْهُ ضَوَاحِكُهُمْ
    *****فَلِمَنْ تُصَانُ وَتُذخَرُ القُبَلُ
    في وَجْهِهِ مِنْ نُورِ خَالِقِهِ
    *****غُرَرٌ هيَ الآيَاتُ وَالرّسُلُ
    فإذا الخَميسُ أبَى السّجودَ لهُ
    *****سَجَدَتْ لَهُ فيهِ القَنَا الذُّبُلُ
    وَإذا القُلُوبُ أبَتْ حُكُومَتَهُ
    *****رَضِيَتْ بحُكمِ سُيُوفِهِ القُلَلُ
    أرَضِيتَ وَهشُوذانُ ما حكَمَتْ
    *****أمْ تَسْتَزِيدَ لاُِمّكَ الهَبَلُ
    وَرَدَتْ بِلادَكَ غيرَ مُغْمَدَةٍ
    *****وَكَأنّهَا بَينَ القَنَا شُعَلُ
    وَالقَوْمُ في أعيانِهِمْ خَزَرٌ
    *****وَالخَيْلُ في أعيانِهَا قَبَلُ
    فأتَوْكَ لَيسَ بمَنْ أتَوْا قِبَلٌ
    *****بهِمِ وَلَيسَ بمَنْ نَأوْا خَلَلُ
    لم يَدْرِ مَنْ بالرّيّ أنّهُمُ
    *****فَصَلُوا وَلا يَدري إذا قَفَلُوا
    وَأتَيْتَ مُعْتَزِماً وَلا أسَدٌ
    *****وَمَضَيْتَ مُنهَزِماً وَلا وَعِلُ
    تُعْطي سِلاحَهُمُ وَرَاحَهُمُ
    *****مَا لمْ تَكُنْ لِتَنَالَهُ المُقَلُ
    أسخَى المُلُوكِ بِنَقْلِ مَملَكَةٍ
    *****مَنْ كادَ عَنْهُ الرّأسُ يَنتَقِلُ
    لَوْلا الجَهَالَةُ مَا دَلَفْتَ إلى
    *****قَوْمٍ غَرِقْتَ وَإنّمَا تَفَلُوا
    لا أقْبَلُوا سِرّاً وَلا ظَفِرُوا
    *****غَدْراً وَلا نَصَرَتْهُمُ الغِيَلُ
    لا تَلْقَ أفرَسَ منكَ تَعْرِفُهُ
    *****إلاّ إذا ما ضاقَتِ الحِيَلُ
    لا يَسْتَحي أحَدٌ يُقَالُ لَهُ
    *****نَضَلُوكَ آلُ بُوَيْهِ أوْ فَضَلُوا
    قَدَرُوا عَفَوْا وَعدوا وَفَوْا سُئلوا
    *****أغنَوْا عَلَوْا أعْلَوْا وَلُوا عَدَلوا
    فَوْقَ السّمَاءِ وَفَوْقَ ما طلَبوا
    *****فإذا أرادوا غايَةً نَزَلُوا
    قَطَعَتْ مكارِمُهُمْ صَوَارِمَهمْ
    *****فإذا تَعَذّرَ كاذِبٌ قَبِلُوا
    لا يَشْهَرُونَ عَلى مُخالِفِهِمْ
    *****سَيْفاً يَقُومُ مَقَامَهُ العَذَلُ
    فأبُو عَليٍّ مَنْ بهِ قَهَرُوا
    *****أبُو شُجَاعٍ مَنْ بِهِ كمَلُوا
    حَلَفَتْ لِذا بَرَكاتُ غُرّةِ ذا
    *****في المَهْدِ أنْ لا فَاتَهُ أمَلُ
    المصدر

    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب في عضد الدولة وقد ورد عليه الخبر بهزيمة وهشوذان.



    الشرح:
    الذُبُل : الطوال الصلاب.
    إثلث : كن لنا ثالثاً.
    قِرى : ما يتكلف للضيف من الطعام وغيره.
    طَنَب : اعوجاج في الرمح.
    بَجدَتَها : علمها بالأمر.
    بخته : إبله، والبُخت جمع بُختة وهي الجمال الخرسانية.
    يَلَل : قصر الأسنان مع إقبالها وانعطافها إلى باطن الفم.
    وَهشُوَذان : ابن محمد الذي هزمه أبو عضد الدولة بالطرم،
    وهو موضع في عراق العجم.
    الهَبَل : الثكل.
    قَبَل : القَبلَ في الخيل أن تقبل إحدى عينيه على الأخرى،
    وإنما تفعل ذلك الخيلُ لعزّة أنفسها.


  13. #13
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    مغاني الشعب طيبا في المغاني


    مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني*****بمَنْزِلَةِ الرّبيعِ منَ الزّمَانِ
    وَلَكِنّ الفَتى العَرَبيّ فِيهَا
    *****غَرِيبُ الوَجْهِ وَاليَدِ وَاللّسَانِ
    مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا
    *****سُلَيْمَانٌ لَسَارَ بتَرْجُمَانِ
    طَبَتْ فُرْسَانَنَا وَالخَيلَ حتى
    *****خَشِيتُ وَإنْ كَرُمنَ من الحِرَانِ
    غَدَوْنَا تَنْفُضُ الأغْصَانُ فيهَا
    *****على أعْرافِهَا مِثْلَ الجُمَانِ
    فسِرْتُ وَقَدْ حَجَبنَ الحَرّ عني
    *****وَجِئْنَ منَ الضّيَاءِ بمَا كَفَاني
    وَألْقَى الشّرْقُ مِنْهَا في ثِيَابي
    *****دَنَانِيراً تَفِرّ مِنَ البَنَانِ
    لهَا ثَمَرٌ تُشِيرُ إلَيْكَ مِنْهُ
    *****بأشْرِبَةٍ وَقَفْنَ بِلا أوَانِ
    وَأمْوَاهٌ تَصِلّ بهَا حَصَاهَا
    *****صَليلَ الحَلْيِ في أيدي الغَوَاني
    وَلَوْ كانَتْ دِمَشْقَ ثَنى عِنَاني
    *****لَبِيقُ الثّرْدِ صِينيُّ الجِفَانِ
    يَلَنْجُوجيُّ ما رُفِعَتْ لضَيْفٍ
    *****بهِ النّيرانُ نَدّيُّ الدّخَانِ
    تَحِلُّ بهِ عَلى قَلْبٍ شُجاعٍ
    *****وَتَرْحَلُ منهُ عَن قَلبٍ جَبَانِ
    مَنَازِلُ لمْ يَزَلْ منْهَا خَيَالٌ
    *****يُشَيّعُني إلى النَّوْبَنْذَجَانِ
    إذا غَنّى الحَمَامُ الوُرْقُ فيهَا
    *****أجَابَتْهُ أغَانيُّ القِيانِ
    وَمَنْ بالشِّعْبِ أحْوَجُ مِنْ حَمامٍ
    *****إذا غَنّى وَنَاحَ إلى البَيَانِ
    وَقَدْ يَتَقَارَبُ الوَصْفانِ جِدّاً
    *****وَمَوْصُوفَاهُمَا مُتَبَاعِدانِ
    يَقُولُ بشِعْبِ بَوّانٍ حِصَاني:
    *****أعَنْ هَذا يُسَارُ إلى الطّعَانِ
    أبُوكُمْ آدَمٌ سَنّ المَعَاصِي
    *****وَعَلّمَكُمْ مُفَارَقَةَ الجِنَانِ
    فَقُلتُ: إذا رَأيْتُ أبَا شُجاعٍ
    *****سَلَوْتُ عَنِ العِبادِ وَذا المَكانِ
    فَإنّ النّاسَ وَالدّنْيَا طَرِيقٌ
    *****إلى مَنْ مَا لَهُ في النّاسِ ثَانِ
    لَقد عَلّمتُ نَفسِي القَوْلَ فيهِمْ
    *****كَتَعْليمِ الطّرَادِ بِلا سِنَانِ
    بعَضْدِ الدّوْلَةِ امتَنَعَتْ وَعَزّتْ
    *****وَلَيسَ لغَيرِ ذي عَضُدٍ يَدانِ
    وَلا قَبضٌ على البِيضِ المَوَاضِي
    *****وَلا حَطٌّ منَ السُّمْرِ اللّدَانِ
    دَعَتْهُ بمَفْزَعِ الأعْضَاءِ مِنْهَا
    *****لِيَوْمِ الحَرْبِ بِكْرٍ أوْ عَوَانِ
    فَمَا يُسْمي كَفَنّاخُسْرَ مُسْمٍ
    *****وَلا يَكْني كَفَنّاخُسرَ كَانِ
    وَلا تُحْصَى فَضَائِلُهُ بظَنٍّ
    *****وَلا الإخْبَارِ عَنْهُ وَلا العِيانِ
    أُرُوضُ النّاسِ مِنْ تُرْبٍ وَخَوْفٍ
    *****وَأرْضُ أبي شُجَاعٍ مِنْ أمَانِ
    يُذِمّ على اللّصُوصِ لكُلّ تَجْرٍ
    *****وَيَضْمَنُ للصّوَارِمِ كلَّ جَانِ
    إذا طَلَبَتْ وَدائِعُهُمْ ثِقَاتٍ
    *****دُفِعْنَ إلى المَحَاني وَالرِّعَانِ
    فَبَاتَتْ فَوْقَهُنّ بِلا صِحابٍ
    *****تَصِيحُ بمَنْ يَمُرُّ: ألا تَرَاني
    رُقَاهُ كلُّ أبيَضَ مَشْرَفيٍّ
    *****لِكُلّ أصَمَّ صِلٍّ أُفْعُوَانِ
    وَمَا تُرْقَى لُهَاهُ مِنْ نَدَاهُ
    *****وَلا المَالُ الكَريمُ مِنَ الهَوَانِ
    حَمَى أطْرَافَ فارِسَ شَمّرِيٌّ
    *****يَحُضّ على التّبَاقي بالتّفاني
    بضَرْبٍ هَاجَ أطْرَابَ المَنَايَا
    *****سِوَى ضَرْبِ المَثَالِثِ وَالمَثَاني
    كأنّ دَمَ الجَماجِمِ في العَناصِي
    *****كَسَا البُلدانَ رِيشَ الحَيقُطانِ
    فَلَوْ طُرِحَتْ قُلُوبُ العِشْقِ فيها
    *****لمَا خافَتْ مِنَ الحَدَقِ الحِسانِ
    وَلم أرَ قَبْلَهُ شِبْلَيْ هِزَبْرٍ
    *****كَشِبْلَيْهِ وَلا مُهْرَيْ رِهَانِ
    أشَدَّ تَنَازُعاً لكَرِيمِ أصْلٍ
    *****وَأشْبَهَ مَنظَراً بأبٍ هِجَانِ
    وَأكثرَ في مَجَالِسِهِ استِمَاعاً
    *****فُلانٌ دَقّ رُمْحاً في فُلانِ
    وَأوّلُ رَأيَةٍ رَأيَا المَعَالي
    *****فَقَدْ عَلِقَا بهَا قَبلَ الأوَانِ
    وَأوّلُ لَفْظَةٍ فَهِمَا وَقَالا:
    *****إغَاثَةُ صَارِخٍ أوْ فَكُّ عَانِ
    وَكنْتَ الشّمسَ تَبهَرُ كلّ عَينٍ
    *****فكَيفَ وَقَدْ بَدَتْ معَها اثنَتَانِ
    فَعَاشَا عيشةَ القَمَرَينِ يُحْيَا
    *****بضَوْئِهِمَا وَلا يَتَحَاسَدَانِ
    وَلا مَلَكَا سِوَى مُلْكِ الأعَادي
    *****وَلا وَرِثَا سِوَى مَنْ يَقْتُلانِ
    وَكَانَ ابْنا عَدُوٍّ كَاثَرَاهُ
    *****لَهُ يَاءَيْ حُرُوفِ أُنَيْسِيَانِ
    دُعَاءٌ كالثّنَاءِ بِلا رِئَاءٍ
    *****يُؤدّيهِ الجَنَانُ إلى الجَنَانِ
    فَقد أصْبَحتَ منهُ في فِرِنْدٍ
    *****وَأصْبَحَ منكَ في عَضْبٍ يَمَانِ
    وَلَوْلا كَوْنُكُمْ في النّاسِ كانوا
    *****هُرَاءً كالكَلامِ بِلا مَعَانِ

    المصدر

    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب في عضد الدولة ويصف شعب بوان.

  14. #14
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    أود من الأيام ما لا توده

    أوَدُّ مِنَ الأيّامِ مَا لا تَوَدُّهُ*****وَأشكُو إلَيهَا بَيْنَنَا وَهْيَ جُنْدُهُ
    يُباعِدْنَ حِبّاً يَجْتَمِعْنَ وَوَصْلُهُ
    *****فكَيفَ بحِبٍّ يَجْتَمِعنَ وَصَدُّهُ
    أبَى خُلُقُ الدّنْيَا حَبِيباً تُديمُهُ
    *****فَمَا طَلَبي مِنهَا حَبيباً تَرُدّهُ
    وَأسْرَعُ مَفْعُولٍ فَعَلْتَ تَغَيُّراً
    *****تَكَلفُ شيءٍ في طِباعِكَ ضِدّهُ
    رَعَى الله عِيساً فَارَقَتْنَا وَفَوْقَهَا
    *****مَهاً كُلها يُولَى بجَفْنَيْهِ خَدُّهُ
    بوَادٍ بِهِ مَا بالقُلُوبِ كَأنّهُ
    *****وَقَدْ رَحَلُوا جِيدٌ تَنَاثَرَ عِقدُهُ
    إذا سَارَتِ الأحداجُ فَوْقَ نَبَاتِهِ
    *****تَفَاوَحَ مِسكُ الغانِياتِ وَرَنْدُهُ
    وَحالٍ كإحداهُنّ رُمْتُ بُلُوغَهَا
    *****وَمِنْ دونِها غَوْلُ الطريقِ وَبُعدُهُ
    وَأتْعَبُ خَلْقِ الله مَنْ زَادَ هَمُّهُ
    *****وَقَصّرَ عَمّا تَشتَهي النّفس وَجدُهُ
    فَلا يَنحَلِلْ في المَجدِ مالُكَ كُلّهُ
    *****فيَنحَلَّ مَجْدٌ كانَ بالمالِ عَقدُهُ
    وَدَبِّرْهُ تَدْبيرَ الذي المَجْدُ كَفُّهُ
    *****إذا حارَبَ الأعداءَ وَالمَالَ زَنْدُهُ
    فَلا مَجْدَ في الدّنْيَا لمَنْ قَلّ مَالُهُ
    *****وَلا مالَ في الدّنيا لمَنْ قَلّ مَجدُهُ
    وَفي النّاسِ مَنْ يرْضَى بميسورِ عيشِهِ
    *****وَمَرْكوبُهُ رِجْلاهُ وَالثّوْبُ جلدُه
    وَلَكِنّ قَلْباً بَينَ جَنْبَيّ مَا لَهُ
    *****مَدًى يَنتَهي بي في مُرَادٍ أحُدُّهُ
    يَرَى جِسْمَهُ يُكْسَى شُفُوفاً تَرُبُّهُ
    *****فيَختارُ أن يُكْسَى دُرُوعاً تهُدّهُ
    يُكَلّفُني التّهْجيرَ في كلّ مَهْمَهٍ
    *****عَليقي مَرَاعِيهِ وَزَاديَ رُبْدُهُ
    وَأمْضَى سِلاحٍ قَلّدَ المَرْءُ نَفْسَهُ
    *****رَجَاءُ أبي المِسْكِ الكَريمِ وَقصْدُهُ
    هُما ناصِرَا مَنْ خانَهُ كُلُّ ناصِرٍ
    *****وَأُسرَةُ مَنْ لم يُكثِرِ النّسلَ جَدُّهُ
    أنَا اليَوْمَ مِنْ غِلْمانِهِ في عَشيرَةٍ
    *****لَنَا وَالِدٌ مِنْهُ يُفَدّيهِ وُلْدُهُ
    فَمِنْ مَالِهِ مالُ الكَبيرِ وَنَفْسُهُ
    *****وَمِنْ مَالِهِ دَرُّ الصّغِيرِ وَمَهْدُهُ
    نَجُرّ القَنَا الخَطّيّ حَوْلَ قِبَابِهِ
    *****وَتَرْدي بِنا قُبُّ الرّباطِ وَجُرْدُهُ
    وَنَمْتَحِنُ النُّشّابَ في كلّ وَابِلٍ
    *****دَوِيُّ القِسِيّ الفَارِسِيّةِ رَعْدُهُ
    فإنْ لا تَكُنْ مصرُ الشَّرَى أوْ عَرِينَه
    *****فإنّ الذي فيهَا منَ النّاسِ أُسدُهُ
    سَبَائِكُ كافُورٍ وَعِقْيانُهُ الذي
    *****بصُمّ القَنَا لا بالأصَابعِ نَقْدُهُ
    بَلاهَا حَوَالَيْهِ العَدُوُّ وَغَيْرُهُ
    *****وَجَرّبَهَا هَزْلُ الطّرَادِ وَجِدّهُ
    أبو المِسْكِ لا يَفْنى بذَنْبِكَ عفوُهُ
    *****وَلَكِنّهُ يَفْنى بعُذْرِكَ حِقدُهُ
    فَيَا أيّها المَنْصُورُ بالجَدّ سَعْيُهُ
    *****وَيَا أيّها المَنْصُورُ بالسّعيِ جَدّهُ
    تَوَلّى الصِّبَى عَنّي فأخلَفتَ طِيبَهُ
    *****وَمَا ضَرّني لمّا رَأيْتُكَ فَقدُهُ
    لَقَدْ شَبّ في هذا الزّمانِ كُهُولُهُ
    *****لَدَيْكَ وَشابَتْ عندَ غَيرِكَ مُرْدُهُ
    ألا لَيْتَ يَوْمَ السّيرِ يُخبرُ حَرُّهُ
    *****فَتَسْألَهُ وَاللّيْلَ يُخْبرُ بَرْدُهُ
    وَلَيْتَكَ تَرْعاني وَحَيرَانُ مُعرِضٌ
    *****فتَعْلَمَ أنّي من حُسامِكَ حَدّهُ
    وَأنّي إذا باشَرْتُ أمراً أُريدُهُ
    *****تَدانَتْ أقاصِيهِ وَهَانَ أشَدُّهُ
    وَمَا زَالَ أهلُ الدّهرِ يَشْتَبِهونَ لي
    *****إلَيْكَ فَلَمّا لُحْتَ لي لاحَ فَرْدُهُ
    يُقالُ إذا أبصَرْتُ جَيْشاً وَرَبَّهُ
    *****أمامكَ رَبٌّ رَبُّ ذا الجيشِ عبدُهُ
    وَألْقَى الفَمَ الضّحّاكَ أعلَمُ أنّهُ
    *****قَريبٌ بذي الكَفّ المُفَدّاةِ عهدُهُ
    فَزَارَكَ مني مَنْ إلَيْكَ اشتِياقُهُ
    *****وَفي النّاسِ إلاّ فيكَ وَحدَكَ زُهدُهُ
    يُخَلِّفُ مَنْ لم يَأتِ دارَكَ غَايَةً
    *****وَيأتي فيَدري أنّ ذلكَ جُهْدُهُ
    فإنْ نِلْتُ ما أمّلْتُ منكَ فرُبّمَا
    *****شَرِبْتُ بمَاءٍ يُعجِزُ الطّيرَ وِرْدُهُ
    وَوَعْدُكَ فِعْلٌ قَبلَ وَعْدٍ لأنّهُ
    *****نَظيرُ فَعَالِ الصّادِقِ القوْلِ وَعدُهُ
    فكنْ في اصْطِناعي مُحسِناً كمُجرِّبٍ
    *****يَبِنْ لَكَ تَقرِيبُ الجَوَادِ وَشَدُّهُ
    إذا كنتَ في شَكٍّ من السّيفِ فابْلُهُ
    *****فإمّا تُنَفّيهِ وَإمّا تُعِدّهُ
    وَمَا الصّارِمُ الهِندِيُّ إلاّ كَغَيرِهِ
    *****إذا لم يُفارِقْهُ النِّجادُ وَغِمْدُهُ
    وَإنّكَ لَلْمَشْكُورُ في كُلّ حالَةٍ
    *****وَلَوْ لم يكُنْ إلاّ البَشاشَةَ رِفْدُهُ
    فكُلُّ نَوَالٍ كانَ أوْ هُوَ كائِنٌ
    *****فلَحظَةُ طَرْفٍ منكَ عنديَ نِدّهُ
    وَإنّي لَفي بَحْرٍ منَ الخَيرِ أصْلُهُ
    *****عَطَاياكَ أرْجُو مَدّهَا وَهيَ مَدُّهُ
    وَمَا رَغْبَتي في عَسْجَدٍ أستَفيدُهُ
    *****وَلَكِنّها في مَفْخَرٍ أسْتَجِدّهُ
    يَجُودُ بِهِ مَن يَفضَحُ الجودَ جودُهُ
    *****وَيحمَدُهُ مَن يَفضَحُ الحمدَ حمدُهُ
    فإنّكَ ما مرّ النُّحُوسُ بكَوْكَبٍ
    *****وَقَابَلْتَهُ إلاّ وَوَجْهُكَ سَعدُهُ
    المصدر

    قصةالقصيدة:
    قصيدة قالها أبو الطيب في مدح كافور الإخشيدي.
    المصدر
    الشرح:
    الشرى : موضع في المملكة العربية السعودية يقع شرق جبال
    سلمى بعالية نجد تكثر فيه الأسد وتوصف بالجرأة.
    المها : بقر الوحش، من إحدى فصائل عائلة البقريات،
    له جسد متناسق و عينين كبيرتين واسعتين حالكة السواد.
    سمي بالمها لبياض ظهرها. والمها العربية،
    وتسمى الوضيحي، تعد أصغر أنواع المها جميعها.

  15. #15
    تاجرة الصورة الرمزية *.*.*مريومة*.*.*
    تاريخ التسجيل
    13/04/2012
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    330
    أجاب دمعي وما الداعي سوى طلل

    أجابَ دَمعي وما الدّاعي سوَى طَلَلِ*****دَعَا فَلَبّاهُ قَبلَ الرَّكبِ وَالإبِلِ
    ظَلِلْتُ بَينَ أُصَيْحابي أُكَفْكِفُهُ
    *****وَظَلّ يَسفَحُ بَينَ العُذْرِ وَالعَذَلِ
    أشكُو النّوَى ولهُمْ من عَبرَتي عجبٌ
    *****كذاكَ كنتُ وما أشكو سوَى الكِلَلِ
    وَمَا صَبابَةُ مُشْتاقٍ على أمَلٍ
    *****مِنَ اللّقَاءِ كمُشْتَاقٍ بلا أمَلِ
    متى تَزُرْ قَوْمَ مَنْ تَهْوَى زِيارَتَهَا
    *****لا يُتْحِفُوكَ بغَيرِ البِيضِ وَالأسَلِ
    وَالهَجْرُ أقْتَلُ لي مِمّا أُراقِبُهُ
    *****أنَا الغَريقُ فَما خَوْفي منَ البَلَلِ
    مَا بالُ كُلّ فُؤادٍ في عَشيرَتِهَا
    *****بهِ الذي بي وَما بي غَيرُ مُنتَقِلِ
    مُطاعَةُ اللّحْظِ في الألحاظِ مالِكَةٌ
    *****لمُقْلَتَيْها عَظيمُ المُلْكِ في المُقَلِ
    تَشَبَّهُ الخَفِراتُ الآنِسَاتُ بهَا
    *****في مَشيِهَا فيَنَلنَ الحُسنَ بالحِيَلِ
    قَدْ ذُقْتُ شِدّةَ أيّامي وَلَذّتَهَا
    *****فَمَا حَصَلتُ على صابٍ وَلا عَسَلِ
    وَقَد أراني الشبابُ الرّوحَ في بَدَني
    *****وَقد أراني المَشيبُ الرّوحَ في بَدَلي
    وَقَدْ طَرَقْتُ فَتَاةَ الحَيّ مُرْتَدِياً
    *****بصاحِبٍ غَيرِ عِزْهاةٍ وَلا غَزِلِ
    فَبَاتَ بَينَ تَراقِينَا نُدَفّعُهُ
    *****ولَيسَ يَعلَمُ بالشّكوَى وَلا القُبَلِ
    ثمّ اغْتَدَى وَبِهِ مِنْ دِرْعِهَا أثَرٌ
    *****على ذُؤابَتِهِ وَالجَفْنِ وَالخِلَلِ
    لا أكْسِبُ الذّكرَ إلاّ مِنْ مَضارِبه
    *****أوْ مِنْ سِنانِ أصَمِّ الكَعْبِ مُعتَدِلِ
    جادَ الأميرُ بهِ لي في مَوَاهِبِهِ
    *****فَزانَهَا وَكَسَاني الدّرْعَ في الحُلَلِ
    وَمِنْ عَليّ بنِ عَبْدِالله مَعْرِفَتي
    *****بحَمْلِهِ، مَنْ كَعَبدِ الله أوْ كَعَلي
    مُعطي الكواعبِ وَالجُرْدِ السّلاهبِ وَالـ
    *****ـبيضِ القَواضِبِ وَالعَسّالَةِ الذُّبُلِ
    ضاقَ الزّمانُ وَوَجهُ الأرْض عن ملِكٍ
    *****مِلءِ الزّمانِ ومِلءِ السّهْلِ وَالجبَلِ
    فنَحنُ في جَذَلٍ والرّومُ في وَجَلٍ
    *****وَالبَرّ في شُغُلٍ والبَحرُ في خَجَلِ
    من تَغلِبَ الغالِبينَ النّاسَ مَنصِبُهُ
    *****وَمِن عَديٍّ أعادي الجُبنِ وَالبَخَلِ
    وَالمَدْحُ لابنِ أبي الهَيْجاءِ تُنجِدُهُ
    *****بالجاهِلِيّةِ عَينُ العِيّ وَالخَطَلِ
    لَيْتَ المَدائحَ تَسْتَوْفي مَنَاقِبَهُ
    *****فَما كُلَيْبٌ وَأهْلُ الأعصُرِ الأُوَلِ
    خُذْ ما تَراهُ وَدَعْ شَيْئاً سَمِعْتَ بهِ
    *****في طَلعَةِ البَدرِ ما يُغنيكَ عن زُحَلِ
    وَقد وَجدتَ مكانَ القَوْلِ ذا سَعَةٍ
    *****فإنْ وَجَدْتَ لِساناً قائِلاً فَقُلِ
    إنّ الهُمَامَ الذي فَخْرُ الأنَامِ بِهِ
    *****خيرُ السّيوفِ بكَفّيْ خيرَةِ الدّوَلِ
    تُمسِي الأمانيُّ صَرْعَى دونَ مَبْلَغه
    *****فَمَا يَقُولُ لشيءٍ لَيتَ ذلكَ لي
    أُنْظُرْ إذا اجتَمَعَ السّيْفانِ في رَهَجٍ
    *****إلى اختِلافِهِمَا في الخَلْقِ وَالعَمَلِ
    هذا المُعَدُّ لرَيْبِ الدّهْرِ مُنْصَلِتاً
    *****أعَدّ هذا لرَأسِ الفارِسِ البَطَلِ
    فالعُرْبُ منهُ معَ الكُدْرِيّ طائرَةٌ
    *****وَالرّومُ طائِرَةٌ منهُ مَعَ الحَجَلِ
    وَمَا الفِرارُ إلى الأجْبالِ مِنْ أسَدٍ
    *****تَمشِي النّعَامُ به في معقِلِ الوَعِلِ
    جازَ الدّروبَ إلى ما خَلْفَ خَرْشَنَةٍ
    *****وَزَالَ عَنْها وذاكَ الرّوْعُ لم يَزُلِ
    فكُلّما حَلَمَتْ عذراءُ عِندَهُمُ
    *****فإنّمَا حَلَمَتْ بالسّبيِ وَالجَمَلِ
    إن كنتَ تَرْضَى بأنْ يعطوا الجِزَى بذلوا
    *****منها رِضاكَ وَمَنْ للعُورِ بالحَوَلِ
    نادَيتُ مَجدَكَ في شعري وَقد صَدَرَا
    *****يا غَيرَ مُنتَحَلٍ في غيرِ مُنتَحَلِ
    بالشّرْقِ وَالغَرْبِ أقْوامٌ نُحِبّهُمُ
    *****فَطالِعاهُمْ وَكُونَا أبْلَغَ الرّسُلِ
    وَعَرّفَاهُمْ بأنّي في مَكارِمِهِ
    *****أُقَلّبُ الطَّرْفَ بَينَ الخيلِ وَالخَوَلِ
    يا أيّها المُحسِنُ المَشكورُ من جهتي
    *****وَالشكرُ من قِبَلِ الإحسانِ لا قِبَلي
    ما كانَ نَوْميَ إلاّ فَوْقَ مَعْرِفَتي
    *****بأنّ رَأيَكَ لا يُؤتَى مِنَ الزَّلَلِ
    أقِلْ أنِلْ أقْطِعِ احملْ علِّ سلِّ أعدْ
    *****زِدْ هشِّ بشِّ تفضّلْ أدنِ سُرَّ صِلِ
    لَعَلّ عَتْبَكَ مَحْمُودٌ عَوَاقِبُهُ
    *****فرُبّمَا صَحّتِ الأجْسامُ بالعِلَلِ
    وَلاَ سَمِعْتُ وَلا غَيرِي بمُقْتَدِرٍ
    *****أذَبَّ مِنكَ لزُورِ القَوْلِ عن رَجُلِ
    لأنّ حِلْمَكَ حِلْمٌ لا تَكَلَّفُهُ
    *****ليسَ التكحّلُ في العَينَينِ كالكَحَلِ
    وَمَا ثَنَاكَ كَلامُ النّاسِ عَنْ كَرَمٍ
    *****وَمَنْ يَسُدّ طَريقَ العارِضِ الهطِلِ
    أنتَ الجَوادُ بِلا مَنٍّ وَلا كَدَرٍ
    *****وَلا مِطالٍ وَلا وَعْدٍ وَلا مَذَلِ
    أنتَ الشّجاعُ إذا ما لم يَطأ فَرَسٌ
    *****غَيرَ السَّنَوّرِ وَالأشلاءِ وَالقُلَلِ
    وَرَدَّ بَعضُ القَنَا بَعضاً مُقارَعَةً
    *****كأنّها مِنْ نُفُوسِ القَوْمِ في جَدَلِ
    لا زِلْتَ تضرِبُ من عاداكَ عن عُرُضٍ
    *****بعاجِلِ النّصرِ في مُستأخِرِ الأجَلِ

    المصدر

    قصةالقصيدة:
    دخل أبو الطيب على سيف الدولة بعد تسع عشرة ليلة، فتلقاه الغلمان وأدخلوه إلى خزانة الكسوة فخلع عليه وطيب. ثم دخل إلى سيف الدولة فسأله عن حاله وهو مستح. فقال له أبو الطيب: رأيت الموت عندك أحب إليّ من الحياة بعدك. فقال له: بل يطيل الله بقاءك. ودعا له. ثم ركب أبو الطيب وسار معه خلق كثير إلى منزله، وأتبعه سيف الدولة طيباً كثيراً وهدية، فقال أبو الطيب يمدحه بهذه القصيدة، وأنشدها في شعبان سنة احدى وأربعين وثلاثمائة.
    المصدر

    الشرح:
    الهمام : السيد العظيم الهمة

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. """كيش جبنات """بيتزا"""فطاير هشة جدا"""من مطبخي واكيد بالصور"""
    بواسطة poosy cat في المنتدى المقبلات والمعجنات
    مشاركات: 195
    آخر مشاركة: 13/05/2013, 12:43 AM
  2. مشاركات: 39
    آخر مشاركة: 09/03/2013, 05:14 PM
  3. """""""""مساعده حروق او بقع من آثار الشمع جزاكم الله خير""""""
    بواسطة ورد" في المنتدى استفسارات العناية بالبشرة والجسم
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 15/01/2012, 05:02 PM
  4. ابسئلكم عن مستشفى اليمامه """""""""""""""""""""""""""""""""""""&a
    بواسطة مكمك 120 في المنتدى إستفسارات النساء و الحمل و الولادة
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 17/05/2008, 12:47 AM