[GRADE="00008B 4B0082 0000FF 800080 4169E1"]
يعتبر العلماء حالة الطفل الأيسر طبيعيةً. وفي حين لا تتجاوز نسبة الأشخاص الذين يستخدمون يدهم اليسرى 10 % من مجموع أفراد المجتمع، إلا أن الدراسات تؤكد أن حوالي50 % منهم يمثّلون قطاعاً كبيراً من المشاهير والسياسيين، وأنهم ذوو تركيبة بيولوجية تتميز بالذكاء. وهم لا يميلون إلى الانطواء والعدوانية، بل يتميزون بطلاقة في الحديث والخطابة وبمقدرة عالية على مواجهة الصعاب..
توضح الإختصاصية في علم النفس والتقويم التربوي مريم شريف «أن العوامل التي تؤدي إلى الإختلاف بين الطفل الأيسر والطفل الأيمن هي جينية وراثية متعلقة بـ «الكروموسومات» وعصبية متعلقة بالمخ والجهاز العصبي». وتضيف: «ترتبط المناطق الخاصّة بحركة اليدين بالجزء المسيطر من المخ. فإذا كان الطفل يستخدم اليد اليمنى فإن شق المخ الأيسر يكون مسيطراً، والعكس في حالة الطفل الذي يستخدم يده اليسرى، فالتحكّم يأتي من الجهة المعاكسة لليد».
إعتقاد خاطئ
يمكن التعرّف على الطفل الأيسر منذ الأشهر الأولى من عمره، إذ نجده يلتقط أي شيء بيده اليسرى تلقائياً، ومع الإلحاح عليه في استخدام يده اليمنى يفقد اهتمامه بهذا الشيء. ويُلاحظ أنه يستخدم يده اليسرى أفضل من اليمنى عندما يمسك بألعابه ويحرّكها. ونظراً إلى تفوّق الذين يكتبون بيدهم اليمنى من حيث الكم، سرى اعتقاد خاطئ أن هذا هو الوضع الأسلم والأمثل، وأن الكتابة باليد اليسرى تعتبر عيباً أو نقصاً لتلجأ الأسرة إلى وسائل عديدة منها الترغيب والترهيب للحيلولة دون استخدام طفلها ليده اليسرى. وفي الموازاة، يتعرّض الطفل الأيسر إلى ضغوط كثيرة تلزمه باستخدام يده اليمنى حتى يصل الأمر لدى بعض الأهالي إلى ربط يد ابنهم اليسرى خلف ظهره لإلزامه على أن يستخدم يده اليمنى. وهذا خطأ فادح يحوّل حياته إلى جحيم! وتكون نتائج الضغوط التي يلاقيها هذا الطفل جملة من المشكلات الصحية والنفسية.
عواقب وخيمة
معلوم أن الطفل الأيسر لا يستطيع التحوّل إلى استخدام يده اليمنى مهما كانت وسائل الإقناع وقوة الضغط عليه لأنه غير مهيأ وظيفياً أو تشريحياً إلى استخدام الناحية اليمنى من جسده. والبارز أن إلزامه، في هذه الحالة، لا يمكن أن يُحدث أي تغيير بل سيأتي بنتائج سلبيّة كتأخره في الكلام أو التأتأة أثناء الحديث أو التلعثم. وقد يصاب الطفل بالتردّد، وتظهر عليه علامات القلق الشديد نتيجة عدم قدرته على التكيّف أو إرضاء الآخرين كالوالدين والمدرسين، فيفقد ثقته بنفسه إذ يظن دائماً أنه المسؤول عن أي فشل يتعرّض له في حياته، وتتكوّن لديه نظرة دونية عن نفسه، ويعتقد أنه عاجز وغير قادر على النجاح!
طفل مميّز
أشارت دراسة إلى أن التركيبة البيولوجية للطفل الأيسر تجعله من المتفوّقين دراسياً، إذ تفيد التقارير إلى أن 50 % من الأطفال الذين يستخدمون اليد اليسرى بارعون في المواد التي تتطلب جهداً ذهنياً وجسمانياً. ويتميّز هذا الطفل في مجالات الموسيقى وعلوم الرياضيات، ولوحظ أنه يتفوّق على أقرانه من مستخدمي اليد اليمنى في المجالات الرياضية، ولديه استعداد كبير للبروز في مجالات الخطابة والإرتجال وتعلم اللغة. فرغم أن مركز اللغة يقع في الجانب الأيسر إلا أنه في بعض الأحيان يلجأ للإستعانة بنصف الدماغ الأيمن لتطوير مهاراته اللغوية والتعبير عن أفكاره.
خطوات هاّمة
» على الأهل إدراك أن الطفل الأيسر لا يختلف عن أقرانه، وأن تكوينه طبيعي ولا يمثل أي ضرر أو خطورة على حياته.
» مساعدته وتقديم العون له للتكيّف مع هذه الحالة المختلفة كتنظيم غرفته بما يتناسب واستخدامه ليده اليسرى.
» ينصح، عند دخوله المدرسة، بتنبيه المدرسين إلى هذه الحالة، مع التوصية بعدم إلزامه استخدام يده اليمنى لضمان استقراره النفسي، وإتاحة الفرصة له للإبداع.
» يجب ألا يرضى الوالدان أو يسمحان لسواهما بتوجيه أي نوع من اللوم أو الضغط على الإبن الأيسر لاستخدام اليد اليمنى، وعليهما أن يقدّما له كل الدعم المعنوي إذا تعرّض لنقد من قبل الآخرين.
» يستطيع الطفل الأيسر أن يستخدم يده اليسرى في أداء كل مهامه، فلا تسمحي لأحد بالإستخفاف به أو التقليل من قدراته.
[/GRADE]