الفحص الطبي قبل الزواج ضرورة ملحة لأجل مجتمع صحيلتكوين أسرة مستقرة ثابتة الأركان بين رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم الأسس الصحيحة لاختيار الزوجة أو الزوج الصالحين اللذين تقوم عليهما الأسرة السعيدة المستقرة وبالتالي الإسهام في بناء مجتمع صالح.
ومن أجل إعداد النشء الصالح أولت الشريعة اهتماماً بالغاً بالأسرة الإسلامية ونظمت أمورها كلها بما لا يوجد له مثيل في غيرها من الشرائع رحمة بالعباد وحفظاً لمصلحتهم الدينية والدنيوية فكانت كلها قائمة علي العدل والإنصاف وأحاطت تلك الأسرة بالعناية فبينت الأحكام التي تقوم عليها ووضعت الضوابط والأسس لحفظ استقرارها.
من هذه المباديء استمد قانون الأسرة القطري العناصر الأساسية التي تقوم عليها الأسرة.
والذي أريد الإشارة إليه في هذا المقام مسألة الشهادة الطبية قبل الزواج من أجل توثيق عقد الزواج، هذه المادة القانونية الجديدة في غاية الأهمية للمجتمع الصحي نظراً لانتشار زواج الأقارب في قطر والخليج بصفة عامة (والمقصود بها الفحص الطبي قبل الزواج).
ويعزو أهل الطب الإعاقة في الخليج إلي زواج الأقارب، فيلعب زواج الأقارب دوراً كبيراً في الإصابة بالأمراض الوراثية الناتجة عن الوراثة المتنحية كفقر الدم وأنيميا البحر المتوسط ولكن هذا لا يعني أن عدم الزواج من إحدي القريبات يضمن أن تكون الذرية سليمة من أي مرض وراثي ولا جيني من الأمراض الوراثية المتنحية، ولذلك من المهم القيام بتحاليل لكشف إذا ما كان الشخص حاملاً للمرض بغض النظر عن صلة القرابة بين العروسين لذلك ففحوصات ما قبل الزواج هي مهمة للأقارب وغير الأقارب. وتكون أكثر أهمية للأقارب إذا كان هناك أمراض وراثية.
فالغرض من إجراء الفحص الطبي هو لمعرفة الأشخاص الحاملين للأمراض الوراثية ولذلك هؤلاء الأشخاص لا يحتاجون علاجاً بل هم أصحاء ولكن الخوف علي ذريتهم، أيضاً يؤكد الأطباء أن الهدف من فحص المقبلين علي الزواج الكشف المبكر عن الأمراض وتقديم العلاج أو الوقاية وحماية الأطفال من الإصابة أثناء الحمل والولادة وما حولهما وتقديم المشورة فيما له علاقة بالزواج والإنجاب من منظور صحي واجتماعي ونفسي وديني.
وقد افتتحت دولة قطر في مؤسسة حمد الطبية عيادة لاستشارات ما قبل الزواج والحمل، كما أنشأت مختبراً لتحاليل الجينات للكشف عن الأمراض الوراثية وهو أمر اختياري وليس إجبارياً.
ويشجع العالم حالياً إجراء الفحص الطبي للشاب والفتاة من المقبلين علي الزواج بهدف التقليل من الأمراض الوراثية بين الأجيال المقبلة، وقد سارعت دول بإصدار تشريعات أخري ملزمة لإجراء الفحص لكل عروسين وآخر هذه البلدان المملكة العربية السعودية ولا يزال غير ملزم في دول أخري.
والحقيقة لو عرف المقبلون علي الزواج أن الكثير من الأمراض الوراثية لا يوجد لها علاج أو يصعب علاجها وذات تكلفة عالية وقد يترتب في علاجها تناول الدواء طوال الحياة أو التغذية الخاصة أو نقل الدم بصفة منتظمة أو زرع الأعضاء لما تقاعسوا عن الفحص لا سيما في ظل توفير الدولة للعيادات والمختبرات الحديثة.
أما من الناحية الدينية والاجتماعية: يوضح فضيلة الشيخ البسيوني أن الشريعة الإسلامية حددت نوعية الأمراض التي تجيز التفريق بين الزوجين، كالأمراض المزمنة التي تصيب الزوجين قبل أو بعد الزواج في حين أن الأمراض المعدية الخطرة كالإيدز أو السل الرئوي أو الجذام أو البرص فإن هذه الأمراض يمكن معها التفريق بين الزوجين وفق قاعدة لا ضرر ولا ضرار .
ولكن فضيلة الشيخ يطرح من جانبه وجهة نظر أخري وفق الجانب الاجتماعي لمسألة الفحص الطبي قبل الزواج قائلاً: إن في إجراءات ونوعية الفحوصات الطبية من دون دواع طبية وجيهة أو لغير هدف السيطرة علي انتشار الأمراض في الأجيال القادمة فإن ذلك يحمل مخاطر اجتماعية في غني عنها.
وعبر هذه الإطلالة السريعة نقول لقد نجح المشرع القطري في استنباط المادة القانونية الكشف المبكر قبل الزواج تمشياً مع روح العصر وحرصاً علي صحة المجتع، ولكن يجب تفعيلها بشكلها الصحيح من خلال وسائل الإعلام المختلفة أيضاً من خلال التوعية من علماء الدين وإظهار الجانب الإيجابي في هذا الموضوع لأنه تبين أن مستوي الإقبال من قبل المقبلين علي الزواج لا يزال ضعيفاً علي المراكز المتخصصة.
منقول
رد مع اقتباس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة -%-سحابة حب-%-
